برنامج أضواء القرآن

أضواء القرآن – الحلقة 23 – الاجماع عند المفسرين

اسلاميات

الحلقة 23

عنوان الحلقة: الإجماع عند المفسرين .

ضيف الحلقة د. محمد بن عبدالعزيز الخضيري ، الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود .

يدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري ، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود .

*******************************

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي “أضواء القرآن”. في هذه الحلقة بإذن الله تعالى سوف نخصص الحديث لموضوع من موضوعات أصول التفسير المهمة التي لا يستغني عنها الباحثون والمتخصصون في الدراسات القرآنية ولا يستغني عنها أيضاً المعنيون بمعرفة تفسير القرآن الكريم والقراءة في كتب أهل التفسير وهو موضوع “الإجماع عند المفسرين ومعرفة الآيات التي أجمع المفسرون على تفسيرها بوجه واحد أو على قول واحد”. ويسعدني باسمكم جميعاً أيها الإخوة المشاهدون أن أرحب بأخي العزيز فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، حياكم الله يا دكتور محمد وأهلاً وسهلاً ومرحباً بك.

الشيخ محمد الخضيري: حياك الله والمشاهدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيها الإخوة المشاهدون الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري قد صنف كتاباً في موضوع الحلقة وهو “الإجماع عند المفسرين” وهو رسالته للماجستير وقد ناقشها من أكثر من خمسة عشر عاماً وهي مطبوعة وتباع في الأسواق من فترة ولعلنا إن شاء الله في هذه الحلقة نحظى بخلاصة هذا البحث وهذا الكتاب القيم الذي فتح به الدكتور محمد باب الحديث عن الإجماع عند المفسرين وهو موضوع هام وقيم. أكرر الترحيب بك يا دكتور محمد وأسأل الله أن ينفع بك وأن يفتح عليك ودعنا نبدأ أولاً قبل أن ندخل في الموضوع ما الذي دفعك يا دكتور محمد لاختيار هذا الموضوع للكتابة فيه؟ وأنا بالمناسبة أهنئك حقيقة على اختيار هذا الموضوع موضوع رائع جداً.

الشيخ محمد الخضيري: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا. أولاً يا دكتور عبد الرحمن تعرف متطلبات الدراسة الجامعية أو الدراسات العليا أن يحضِّر الإنسان رسالة فكنت أُزمع على أن أبحث أنا والدكتور مساعد موضوعاً واحداً ودخل معنا أيضاً الدكتور محمد فوزان العمر الذي هو رئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين حالياً فكنا نريد أن نأخذ موضوعاً ونحاول أن نلم شتاته سويةً فاخترنا تفسير ابن القيم رحمه الله تعالى ثم قدّمناه على الجامعة ولكن الجامعة رفضوا -تعرف الحجج أحياناً- اجمعوا التفسير بعد ذلك نوافق لكم عليه، قلنا جمعه هو المقصود أصلاً قالوا طيب أعطونا مثلاً كمية منه لننظر أعطيناهم ولكنهم لم يوافقوا. ولعل الأمر كان خيراً لكن تفسير ابن القيم بقي لم يُجمع جمعاً علمياً مدروساً تحت مظلة أكاديمية بحيث يخرج للناس موثقاً فتفرقنا بعد ذلك وكنت مهموماً بالبحث عن موضوع للماجستير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كشأن طلاب الدراسات العليا.

الشيخ محمد الخضيري: كشأن كل طلاب الدراسات العليا ولذلك أنا أرى أن إعانتهم على هذا الأمر وإعداد بعض الموضوعات لهم أو فتح السبيل لهم أنه من المهمات حقيقة وينبغي خصوصاً للإخوة الذين انتهوا من هذه المراحل أن يلتفتوا لهذا الأمر ويدونوا ما يعنّ لهم من مسائل تحتاج إلى بحث ليكلَّف بها هؤلاء الطلاب وهو باب من أبواب الخير وباب من أبواب أيضاً فتح العلم لمن يأتي من هؤلاء الشباب. فكنت مهموماً فذات يوم كنت ذاهباً للعمرة وأنا أفكر في الموضوع الذي ينبغي أن أبحث فيه – فأذكر أني حتى هذا المشهد لا زال عالقاً في ذهني وأذكر حتى الموطن الذي مر بي أو أُلقي في روعي ذلك الموضوع- وأنا داخل الحرم ولما وصلت إلى قرب الصحن وإذا بي أجد موضوع الإجماع في التفسير هل أحد كتب فيه؟ هل أحد تحدث عنه؟ فأخذت أطوف أذكر وأنا ألملم شتات هذا الموضوع وتحدثني نفسي به صليت طبعاً الفريضة وبعد ذلك خرجت وبدأت أكتب بعض الأفكار والنقاط في الموضوع ثم على العادة صار بيني وبين الشيخ مساعد والدكتور محمد الفوزان وبعض الزملاء بعض التواصل في الموضوع وبالفعل اكتشفت الموضوع لم يبحث وأذكر أنني زرت الدكتور عبد الرحمن المحمود وهو شيخنا كان في الجامعة فأخبرته بالموضوع فأذكر أنه قال لي سبحان الله!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف غفل عنه الباحثون.

الشيخ محمد الخضيري: إيه هذا الموضوع القريب البعيد وقال لي أنت مثل أحد الطلاب في الأسبوع الماضي مر بي وقال إن عنده موضوع في الدعوة اسمه “أثر الفتوى على الدعوة” قال وهذا موضوع قريب وأيضاً لم يلتفت له أحد قال لي ابدأ على بركة الله وبالفعل قدّمت الموضوع بعد أن استشرت عدد من مشايخي فوافقوا على الموضوع وقدمته. العجيب في الموضوع يا دكتور عبد الرحمن أني بعد مضي يمكن ستة أشهر ما شعرت إلا وأحد من الزملاء يطرق علي الباب وهو الأخ الشيخ الفاضل فيصل البعداني وكان بيني وبينه صداقة من أيام المتوسط لأننا كنا زملاء هو بعدي بدفعة لكننا كنا زملاء وإخوة ورفقاء فجاء إلي وعلى عادته كان يستشيرني في بعض ما يهم به فقال لي أبو عبد الله أنا جايك أستشيرك في موضوع قلت خير إن شاء الله؟ قال عندي موضوع الإجماع في التفسير أريد أقدّمه قلت له أنت تهزر جالس تضحك علي جالس تسوي حاجة معينة قال لي ليش؟ قلت أنا والله سجلته وأنا جالس أشتغل فيه قال أسألك بالله، قلت والله هذا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي حصل.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم لكن أنت من أين جئت بالموضوع لا تكون سامعه مني وبعدين جيت ترده علي قال والله أنا رايح العمرة وأنا داخل الحرم حصل كذا قلت أسألك بالله أو أنت تمثل علي؟ قال لا والله هذي هي الحقيقة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله العظيم.

الشيخ محمد الخضيري: قلت والله يا أبا معاذ إنه حصل لي إني اخترت هذا الموضوع بهذه الطريقة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لو إنه قبلك بأسبوع يمكن يسجل الموضوع، طيب جميل جداً القصة طريفة. دعنا نعود يا دكتور الإجماع عند المفسرين ماذا تقصد به حتى نبين للإخوة المشاهدين ما المقصود بالإجماع عند المفسرين؟

الشيخ محمد الخضيري: ما هو هذا الموضوع؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا لأننا نحن يا دكتور وأتكلم عن نفسي عندما يذكر الإجماع بالعادة ينصرف الذهن إلى أصول الفقه وإجماع الفقهاء أنت نقلت الآن الإجماع إلى المفسرين وهذه فكرة جميلة.

الشيخ محمد الخضيري: الحقيقة أنا أصلاً دراستي في الفقه وأصوله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في البكالوريوس.

الشيخ محمد الخضيري: في البكالوريوس أنا خريج كلية الشريعة ولست خريج كلية أصول الدين. لما تخرجت كنت أتمنى أن أجد موضوعاً أتذكر به العلم السابق وأدخله على العلم الجديد الذي بدأت الآن أدرج في مدارجه. فكنت أبحث لكن كان ذلك بعيداً علي حتى جاء هذا الموضوع وبدأت بالفعل. الحقيقة أني اكتشفت أنه موضوع يعتبر أصلاً من أصول الاستدلال عند المسلمين وهو الإجماع لأنه بعد الكتاب والسنة الإجماع. وهذا الأصل موجود في كتب التفسير بكثرة بمعنى أن المفسرين ينقلون الإجماعات بشكل كبير، لما تنظر إلى الإجماعات الموجودة عند المفسرين تجدها على قسمين:

  • إجماعات في علوم الإسلام كالفقه خصوصاً الفقه أجمع العلماء على وجوب الصلاة أجمع العلماء على وجوب الزكاة أجمع العلماء على وجوب الجهاد إلى آخره من خلال الآيات التي تمر في هذه الموضوعات.
  • الثاني إجماعاتهم فيما يتصل ببيان الآيات أو قل بالأحرى في علوم القرآن بشكل عام فينقلون الإجماعات في أسباب النزول ينقلون الإجماعات في المكي والمدني ينقلون الإجماعات في عدّ الآي ينقلون الإجماعات في القراءات ينقلون الإجماعات في الناسخ والمنسوخ وكل هذه من علوم القرآن وينقلون إجماعات في التفسير وهو أن يحكي المفسر الإجماع على أن معنى هذه الآية أو هذه اللفظة كذا وكذا.

فهذا أنا لما بدأت استقرأ كتب التفسير وأنظر وجدت أنهم ينصون عليه فقلت هذه فرصة إذاً المفسرون لهم عناية أو يذكرون الإجماع في كتبهم ما الذي يمنع أن ننقل هذه الإجماعات نجعل منها مستودعاً بحيث يرجع إليها طالب العلم حتى لا يخالف هذا الإجماع أو إذا أراد أن يحتج على إنسان يقول هذه مما أجمع المفسرون عليه. وكنت أظن أن هذا كثير جداً يعني الذي ينصون عليه بأنه قد أُجمع عليه ولكني تفاجأت أنه ليس كثيراً طبعاً ما السبب؟ هذا سيأتي في الحديث بشكل مفصل لكني سأذكره الآن لأهميته. الأصل نحن عندنا يا دكتور عبد الرحمن أنه الخلافات التي عندنا هي خلافات من باب التنوع وخلاف التنوع لا يضر أصلاً في الإجماع وأن خلاف التضاد وهو الخلاف الذي لا يمكن اجتماع الأقوال فيه في الآية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إما هذا وإما هذا.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم قليلة في التفسير ليست هي الأكثر بخلاف إجماع الفقهاء رحمهم الله فإنهم يختلفون اختلاف تضاد وهذا هو الأصل. يعني واحد يقول واجب والثاني يقول محرم أو واجب ومستحب والمستحب مختلف تماماً عن الواجب، الواجب يأثم الإنسان بتركه والمستحب لا يأثم الإنسان بتركه. فهنا لا بد من حسم الموضوع بالنسبة لهم أما بالنسبة لنا فالمفسرون مثلاً يقولون في آية ما الحمد هو كذا أو كذا، العالمين هم كذا أو كذا، تجد أن الخلافات كلها اختلافات تنوع (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ما هو الرحمن؟ الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء والرحيم الرحمة الخاصة بالمؤمنين أو الرحمن هذا ما يدل على اتصافه بالرحمة الرحمن وصفه والرحيم الموصل لهذه الرحمة، هذا خلاف لكنه في الحقيقة لا مانع من اجتماعه أنت تقول بهذا وأنت تقول بهذا. وغالب أقوال المفسرين هي من هذا النوع ولذلك لا يضطر المفسرون إلى حكاية الإجماع ومن حقي أن أدّعي أنه الإجماع بهذا يكون كثيراً في التفسير ولذلك المفسرون لا ينقلونه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن لا ينصون عليه.

الشيخ محمد الخضيري: لا ينصون عليه إلا لداعي ولذلك ستأتي قضية ما هي الدواعي التي تدعو المفسرين إلى أن يقولوا قف هنا إجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هنا سؤال يا دكتور محمد وهو هل شعرت أن إرثك -إن صح التعبير- الفقهي والأصولي ونقل المصطلح وهو مصطلح أصولي مصطلح الإجماع نقلته إلى ميدان آخر يعني نقل هذا المصطلح من ميدان أصول الفقه إلى ميدان التفسير هل هو نفس المعنى معنى الإجماع الآن عند الأصوليين هو نفسه الإجماع عند المفسرين؟ أم أن هناك فروقاً؟

الشيخ محمد الخضيري: هذه الحقيقة دكتور عبد الرحمن من الأشياء التي سببت لي ربكة وإشكالاً كبيراً في بداية الأمر لأني أردت أن أنقل إجماعات الفقهاء وطريقتهم في نقل الإجماع وتحريره إلى ميدان التفسير فكان من ضمن الأشياء لماذا المفسرون لا يذكرون الإجماعات في آيات يتضح فيها الإجماع؟ لماذا المفسرون يحكون الإجماع في شيء لا يحتاج أن يحكى في الإجماع؟ كيف نحكي الإجماع وكيف ننقضه؟ إذا أردنا أن نناقش مسألة قد حكي فيها الإجماع طيب هناك من حكى الخلاف سبحان الله هؤلاء الذين حكوا الخلاف هل هم نقضوا الإجماع؟ الحقيقة أنهم ما نقضوا الإجماع وإنما يرون أن هذا الخلاف لا يضر هذا الإجماع. فالحقيقة عندما ترجع إلى الأصول تجد أن الأصل متفق عليه لكن طريقة التشكيل والقولبة تختلف بين المفسرين وتحتاج إلى أن الإنسان يتمرس ويتدرب وبالمناسبة يا دكتور عبد الرحمن أنا أحمد الله سبحانه وتعالى أني بعد ما قدمت هذه الرسالة انفتح هذا الموضوع على مصراعيه أمام طلاب الدراسات العليا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا مقصد بحد ذاته.

الشيخ محمد الخضيري: جداً فكتب في الإجماعات إجماعات ابن عبد البر، إجماعات شيخ الإسلام ابن تيمية، إجماعات النووي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في التفسير.

الشيخ محمد الخضيري: لا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الفقه.

الشيخ محمد الخضيري: وجيء بإجماعات اللغويين، إجماعات القراء، إجماعات في علوم القرآن، إجماعات في أصول الفقه، في أبواب الشريعة عامة كُتِب إجماعات كثيرة جداً رسائل الإجماع بفضل الله كثرت بعدما فتحنا هذا الباب بفضل الله سبحانه تعالى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تقبل الله منك. نأتي إلى موضوع منزلة الإجماع يا دكتور محمد الآن منزلة الإجماع عند المفسرين يعني نحن نعرف أن منزلة الإجماع عند الفقهاء أنه يأتي في المرتبة الثالثة بعد الكتاب والسنة ثم يأتي الإجماع عند المفسرين أين يقع دليل الإجماع؟ وهل هو يعتبر دليلاً أو أصلاً من أصول التفسير التي يعتمد عليها؟

الشيخ محمد الخضيري: لا شك أن المفسرين لا يختلفون في هذا عن علماء الشريعة لأن الشريعة شيء واحد إن تحدثت في القرآن أو تحدثت في السنة أو تحدثت في مسائل الفقه فهو شيء واحد لا يختلف. كل ما في الأمر أن هؤلاء قد يكثرون منه وهؤلاء قد يقلّون منه أو يكون لهؤلاء أسلوب في حكايته أو أسباب تدعو إلى حكايته أو نقله ولهؤلاء أسباب أخرى لكن في الجملة الشروط والمعنى والحقيقة التي ينطلقون منها هي واحدة ولذلك المفسرون يعدون الإجماع أصلاً من أصول العلم التي يُحتجّ بها وأنه متى ثبت الإجماع لا تجوز مخالفته وأن مخالف الإجماع مضلَّل لأن أمة محمد لا يمكن أن تجتمع على ضلالة وأن الإجماع أحد المصادر في الفهم لأنه أحياناً تُشكل علينا الآية يا دكتور عبد الرحمن يمكن أن تحمل على أكثر من معنى ولعلي أمثل بمثال: قال الله عز وجل (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) له أخ أو أخت يحتمل أن يكون شقيقاً أو يكون لأب أو لأم هذه الثلاثة محتملة وليس في الآية ما ينفي احتمال أيّ واحد منهم ما الذي يزيل هذا الاحتمال؟ إجماع العلماء على أن المراد بالأخ هنا في هذه الآية هو الأخ لأم ويستدلوا على ذلك بقراءة سعد بن أبي وقاص وإن كانت قراءته طبعاً تعتبر شاذة لكن لاحظ معي هنا يأتي أثر الإجماع وفضل الإجماع، ما هو فضل الإجماع؟ أن العلماء قد يجمعون على دليل يخفى عن عامة الأمة ويبقى الإجماع نحن عندنا طبعاً من الأصول المهمة أنه لا إجماع إلا بمستند.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مستند شرعي الكتاب أو السنة.

الشيخ محمد الخضيري: الكتاب أو السنة لكن أحياناً قد يخفى الدليل ويبقى الإجماع أو يكون الدليل ضعيفاً ويأتي الإجماع فيقويه ويعتبر حجة في تقوية ذلك الدليل. العلماء يكونوا احتجوا على معنى ذلك الدليل وبقي ذلك حجة فلو قلنا مثلاً “وله أخ أو أخت من أم” في قراءة سعد بن أبي وقاص هذه قراءة شاذة يا أخي ما يمكن نحتج بها في هذه الآية أجمع العلماء على الاحتجاج بها في هذا الموطن وعلى أنها حجة نازعة للخلاف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعلى أن الأخ هنا هو الأخ لأم فقط.

الشيخ محمد الخضيري: مثلاً. مثال ثاني في نفس الآيات (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) الإخوة من هم؟ إما أن يكونوا أخوين فأكثر كما هو قول جميع العلماء وإما أن يكون الإخوة ثلاثة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: باعتبار أن الثلاثة أقل الجمع.

الشيخ محمد الخضيري: أقل الجمع عند من يقول بذلك. طيب العلماء مجمعون على أن الإخوة هنا اثنان فأكثر وإن كان ابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه وهو حبر الأمة أشكل عليه هذا الأمر في بداية الأمر فهو جاء إلى عثمان رضي الله تعالى عنه قال كيف تحرم الأم من الثلث إلى السدس بوجود اثنين والله عز وجل قال (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ) والإخوة هم الثلاثة فأكثر فقال عثمان كيف وقد قيل هذا الأمر انتهى يعني أجمع الناس عليه فردّ ابن عباس بالإجماع هنا كلمة إخوة تحتمل الثلاثة وتحتمل الاثنين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من حيث اللغة.

الشيخ محمد الخضيري: من حيث اللغة طيب من يرفع هذا الإشكال؟ جاء الإجماع ورفع الخلاف فإن قيل إن ابن عباس قد قال بهذا القول قلنا نعم قال به وهذه مسألة في الأصول دقيقة هل استقر الخلاف في هذه المسألة حتى نقول اختلف الصحابة وبقي خلافهم فيمن يأتي بعدهم؟ هنا لم يستقر الخلاف بدليل أن عثمان قال كيف وقد قيل؟ يعني هذه المسألة قد انتهت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مضت في الناس.

الشيخ محمد الخضيري: مضت في الناس وأجمعوا عليها وقومك وهم قومك يا ابن عباس هم أئمة اللغة قد أقروا بذلك فلا مجال لرفع ذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب جميل أستأذنك يا دكتور محمد معنا أستاذنا الأستاذ الدكتور محمد بن حسين الجيزاني، الدكتور محمد حياكم الله.

الدكتور محمد الجيزاني: الله يحييكم وبارك الله فيكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً بكم الأستاذ الدكتور محمد بن حسين الجيزاني أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية حياكم الله وبياكم.

الدكتور محمد الجيزاني: الله يحييكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نحن نناقش موضوعاً يا دكتور محمد من صلب تخصصكم في أصول الفقه ويتبادر إلى ذهني سؤال وهو أن الذي يقرأ في كتب أصول الفقه أو كتب الفقه وحتى ربما في كتب التفسير يتصور أنه لا يكاد يوجد مسألة إلا وفيها خلاف فهل هذا التصور صحيح؟ أم أنه هناك إجماعات كثيرة جدير بالباحث وبطالب العلم وحتى بالعلماء أن يبرزوها للناس حتى يعرفوا كما أن هناك خلافات في بعض المسائل هناك اتفاقات وإجماعات في غيرها؟.

الدكتور محمد الجيزاني: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. الاحتجاج بالإجماع هذا ولله الحمد مفخرة من مفاخر هذا الأمة وهو خاصية من خصائص هذه الأمة الإسلامية وهذا على الصحيح أنه لم يكن موجوداً في الأمم السابقة. هذا الإجماع والاحتجاج به والرجوع إليه والاعتماد عليه هذا ربطه الرسول صلى الله عليه وسلم بجانب آخر أيضاً تمتاز فيه هذه الأمة وهو أنها إذا اجتمعت واتفقت على أمر فإن هذا الأمر إنما يكون صواباً وحقاً كما قال صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة «لم يكن الله ليجمع أمتي على خطأ». فهذه الأحاديث بمعناها تصل إلى درجة القطع والتواتر والأمة تمتاز بهذا الأمر بالإجماع والعصمة في هذا الإجماع كما أن هذا في باب الرأي كما أنها في باب الرواية خصها الله بالإسناد وتجد الآن عندنا الروايات واضحة كالشمس والأسانيد والرجال واتصال الإسناد وانقطاعه واضح لمن أراد أن يتحرى وأن يتثبت من صحة السند. وبالنسبة للإجماع هو معظم هذه الشريعة وأحكامها من المسائل المُجمع عليها إلا أنه بحكم بعض المعاني والأسباب التي حصلت في تدوين هذا العلم في تدوين العلوم الشرعية حصل تركيز على القضايا الخلافية والمسائل الخلافية وإلا فإنه ما من مسألة وقع فيها الخلاف إلا وتجد أن هذه المسألة يحتف بها نقاط كثيرة مجمع عليها. فمهما وجدنا مسألة مختلفاً فيها فحتماً ويقيناً أن هنالك ضعفها أو ضعفيها من المسائل المُجمع عليها. فمسائل الإجماع لها النصيب الأكبر وهذا يدخل تحت قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) فالمسائل المجمع عليها الواضحة المتفق عليها هذه المحكمة هذه هي أكثر ومعظم مسائل الشريعة ومعظم القرآن خاصة في مسائل التفسير ولذلك أنا أوصي الباحثين والذين يبحثون ويتكلمون في تفسير القرآن أوصيهم أن يركزوا على مقاصد القرآن وهي قضايا واضحة وهي قضايا متفق عليها مجمع عليها وألا يُغرقوا أو يُدخلوا الناس في معمعة الخلاف، الخلاف يوجد أحياناً في قضايا لغوية أو في مسائل فقهية ليس لها علاقة متينة وأصيلة بتفسير الآية وفهم معناها. فهناك أمور كثيرة متفق عليها مجمع عليها مسألة المعنى ومسألة المقصود والغاية من هذا وأيضاً الحكم الشرعي إجمالاً كل هذه أمور ينبغي أن تأخذ حظاً ونصيباً من التركيز. هناك جانب آخر في الإجماع في التفسير وهو يتعلق بأصول التفسير أو بعلوم القرآن ولعل هذه أيضاً تأخذ نصيباً من النظر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: النقاش إن شاء الله.

الدكتور محمد الجيزاني: هناك مسائل أُجمع عليها في مسائل وقضايا علوم القرآن ينبغي أن يركز عليها وأن تبرز مقدمة التفسير لابن تيمية هناك مسائل متفق عليها وواضحة ينبغي أن تبرز وأن تكون معالم يهتدى بها وينظر فيها. وأريد أن أختم هذه المداخلة ببيان أن الاحتجاج بالإجماع والرجوع إليه هو منهج علمي متين رصين وهو مذهب سلف هذه الأمة وهو مذهب أهل السنة والاتباع يقابل هذا مذهب أهل البدع. فأهل البدع يناوئون الإجماعات ويحاولون التملص منها والتجافي عنها لأن إجماع السلف غصة في حلوق المبتدعة، إجماع السلف من الصحابة والتابعين يعكر عليهم مراداتهم ويفسد عليهم مذاهبهم ومقالاتهم هذا ما أحببت

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يفتح عليك يا دكتور وشكر الله لك يا دكتور وأنا أعرف أنَّ لو استطردنا كان فيه تفاصيل كثيرة وربما نقولات عن بعض العلماء كالشاطبي بالذات وابن تيمية في هذه المسائل بالذات ولكن لعلها يكون لها وقت أوسع بإذن الله دكتور محمد، الأستاذ الدكتور محمد بن حسين الجيزاني أستاذ أصول الفقه بالجامعة الإسلامية شكراً جزيلاً له. هل عندك تعقيب يا دكتور محمد على ما تفضل به؟

الشيخ محمد الخضيري: تعقيبات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل.

الشيخ محمد الخضيري: أولاً أنا أريد أن أشيد الحقيقة بجهود الدكتور في مجال التأليف عامة وإظهار منهج أهل السنة في أصول الفقه ورسالته في الدكتوراه اسمها “معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة” هذه الرسالة الحقيقة رسالة ماتعة وجميلة ورائعة جداً خصوصاً أن الدكتور قد وفق بقلم يلخص الأفكار بطريقة بديعة وسهلة وواضحة ولا يطيل بكثرة النقول والتشبيبات التي تشتت ذهن القارئ ولذا أنا أوصي الحقيقة بكتبه وهذه أقولها ديانة والله وليس مراعاة للدكتور بما أنه داخل معنا في هذه الحلقة. الشيء الثاني أنا استفدت مما كتب في رسالته للدكتوراه عندما كنت أحضّر هذه الرسالة كان قبل أن يناقشها فاطلعت عليها والحقيقة أعجبني ما حرر فيها من مسائل فاستأذنته أن أنتفع بها فأذن لي علماً بأنه كان في موطن خطر كيف يُعطي رسالته لواحد يستفيد منها وهو لم تُعتمد بعد، لكن جزاه الله خير ثقته بي وأيضاً بالإخوة التي بيننا جزاه الله خيراً منحني إياها. الأمر الثالث الموضوع الذي ذكره الدكتور بالفعل هو موضوع خطير كثير من الناس يقول العلماء مختلفون في كل شيء ولا نكاد نجد مسألة إلا وفيها خلاف، الكلام هذا غير صحيح هم يختلفون في بعض التفاصيل لكن الحقائق الأصلية تجدهم مجمعون عليها. وأنا أذكر يا دكتور عبد الرحمن أني تقدمت لجامعة الملك سعود قبل أن أنضم إليها من أجل أن أغير المكان وألتحق بالجامعة فأذكر أني التقيت بعد من وكلاء الجامعة للمقابلة وكان فيهم ما شاء الله حوالي ثمانية يقابلونني فقالوا ما رسالتك في الماجستير؟ قلت الإجماع في التفسير قالوا لكن الإجماع قليل جداً والأكثر المسائل المختلف فيها قلت ما هو صحيح نحن يتميز ديننا بالإجماع – كما ذكر الدكتور قبل قليل – قالوا كيف؟ قلت سأسألكم الآن خلونا نأخذ الصلاة، الآذان مجمع عليه، الإقامة مجمع عليها، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عدد الركعات.

الشيخ محمد الخضيري: عدد الركعات، القيام، الركوع، السجود، الجلسة بين السجدتين، الرفع من الركوع، قراءة الفاتحة، التحيات، التسبيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الاختلاف في أشياء لا تكاد

الشيخ محمد الخضيري: فإذا به الاختلافات تكون هل يضع المصلي يديه بهذا الشكل وإلا بهذا الشكل؟ هل يضع اليدين على الصدر وإلا تحت السرة؟ لكن القيام متفق عليه، استقبال القبلة متفق عليه، الطهارة متفق عليها، ستر العورة متفق عليه، كلها محلات إجماع يختلفون في حد العورة عند الرجل البالغ وعند غير البالغ أشياء من هذا القبيل، لكن أصول ديننا بفضل الله محفوظة بالإجماع. وهذا يجعلنا يا أخي الدكتور عبد الرحمن نعتز بهذا الدين إن أصوله وقضاياه الكلية وحقائقه والمعلوم من الدين بالضرورة وغيره كثير من أعمال المسلمين من المُجمَع عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واضح، واضح.

الشيخ محمد الخضيري: ومن المجمع عليه إنما يختلف العلماء في الصفات، بعض المواصفات، الشروط، بعض الموانع، بعض القضايا التي تحتف بالمسألة لكن أصل المسألة ثابت في الدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بل حتى إن هذه الاختلافات تدل على التدقيق الشديد هذا واحد يعني نفس الاختلاف يدل على قوة الحفظ والعناية والضبط.

الشيخ محمد الخضيري: مما يؤكد هذا يا دكتور عبد الرحمن انظر إلينا نحن في المذاهب الأربعة مختلفون صح وإلا لا؟ بيننا خلافات معروفة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بلى نعم.

الشيخ محمد الخضيري: لكن ألسنا في الحرمين نصلي خلف بعض؟ الإمام قد يكون حنبلياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنفياً وأمة محمد كلها تصلي لا أحد يقول هذا الإمام يصلي بخلاف الصلاة المشروطة في مذهبي ومع ذلك نحن متفقون على طهارتها وآذانها ووقتها وعلى استقبال قبلتها وعلى ركوعها وسجودها وقيامها وسلامها إذاً معنى ذلك نحن والحمد لله في ديننا خير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً هي لفتة مهمة جداً لماذا ضخمت مسائل الخلاف؟ قال لأن العلماء في التصنيف ركزوا عليها للتدقيق فيها وإبرازها أما مواطن الإجماع فربما لم يظهر عليها أثرها.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا ظاهر معنا في موضوع الإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا الذي نريد أن نعود إليه الآن أهم فوائد الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: كأن الدكتور قدم بهذا الحقيقة. الإجماع على المعلوم من الدين بالضرورة يُظهر حجم الأمور التي اتفقت فيها الأمة الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، العقيدة، أشياء كثيرة جداً الأمة متفقة عليها منتهية اختلفوا في صلاة التسابيح هل هي صلاة مشروعة أو غير مشروعة ثم ماذا؟ ما يضر، لكن ليست معلومة من الدين بالضرورة وهذا يا أخي يمنع أهل الزيغ والفساد أن يحرفوا ديننا أو ينقضوا شيئاً من أصوله. الأمر الثاني العلم بالقضايا المجمع عليها يعطي الثقة التامة لأفراد هذه الأمة بأن دينهم محفوظ. الأمر الثالث أن النص قد يخفى على كثير من الناس ويحفظ الإجماع فأنا لو قلت لك يا دكتور عبد الرحمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما حكمه؟ تقول لي واجب، أقول لك ما الدليل؟ يمكن تغيب عنك الآية أو الحديث الذي يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن تقول هذا مجمع عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معروف مشهور.

الشيخ محمد الخضيري: الجهاد الآن يشككونا في الجهاد إلى آخره لكن تجد كل علماء المسلمين أئمة المسلمين طلاب العلم في المسلمين يقولون الجهاد واجب أصله واجب يختلفون في تفاصيله جهاد الطلب، جهاد الدفع لكن أصل الجهاد واجب، ما الدليل الموجب له؟ قد يغيب هذا على آحاد طلاب العلم لكن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبقى الإجماع وظهوره في الأمة.

الشيخ محمد الخضيري: الأمر الرابع أن السند الذي يقوم عليه الإجماع قد يكون ظنياً كما أسلفت لك قبل قليل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قراءة سعد.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم فيأتي الإجماع لينقل هذا الظني من مرحلة أو من نقطة الظنية إلى القطعية خلاص تصبح المسألة مقطوع بها. أيضاً النصوص يا دكتور عبد الرحمن تحتمل التأويل والنسخ والتخصيص لما يأتي الإجماع ما عاد يصبح فيه احتمال لأن النص المعين قد يحتمل أن يكون المراد به شيئاً غير الذي أنت تدعيه نقول لا، أجمع العلماء على أن المعني بهذا هو كذا وكذا مثلاً (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) محتمل أن اليقين يأتيك العلم اليقيني يحتمل أن اليقين هو الموت مثلاً نقول أجمع العلماء على أن اليقين في هذه الآية هو الموت، خلاص زالت المعاني الأخرى ولا يجوز لأحد أن يحرف النص إلى معنى آخر يحتمله. أيضاً من فوائد الإجماع وهي فائدة مهمة التشنيع على المخالِف يعني عندما نقول مخالف أنت خالفت الآية قال أنا ما خالفت الآية، الآية تدل على كذا وهذا القاموس المحيط هذا لسان العرب نقول أجمع العلماء على ذلك وأنت شققت الإجماع خرقت الإجماع وخرق الإجماع ضلالة وهذه الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة ولا يخالف إجماع الأمة إلا ضالّ فهنا يرتعب الإنسان الذي يريد أن يشق عصا المسلمين ويحدث أقوالاً من عند نفسه. وهذه بالمناسبة يجب أن تكون عصا بأيدينا لنضرب بها على رؤوس

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهي عصا علمية منهج علمي ليست المسألة مسألة إرهاب علمي.

الشيخ محمد الخضيري: لا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا هذا منهج علمي.

الشيخ محمد الخضيري: نعم هذه جملة الفوائد التي نستفيدها من موضوع الإجماع عامة وفي باب التفسير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفي باب التفسير وأنا أريد أن نخصص هذا يعني الآن يا دكتور وأنت تتحدث الآن عن قضية أهمية الإجماع في الموضوع بصفة عامة، موضوع في التفسير بالذات الآن عندما نقول هذه المسائل أو هذه الآيات أجمع المفسرون على هذا القول فيها في الحقيقة نحن نريح حتى طالب العلم والباحث والذي يقرأ وأنت تعلم يا دكتور محمد الآن ما أكثر ما نسأل عن تفسير مختصر واضح بسيط بحيث أن الإنسان المسلم العادي يصل إلى المعنى بسهولة ولا يتشتت بين اختلافات المفسرين. فعندما يقال له (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) هذا أجمع المفسرون على أن اليقين هنا الموت خلاص انتهى الموضوع حتى لا يبقى فيه خلاف يعني الإجماع مستقر وهكذا. الحقيقة أنا وهذا سؤال ربما أيضاً يلتصق به وهو ألا ترى يا دكتور محمد أن ما يكتب في الكتب التفسير الميسر مثلاً أو الكتب المختصرة أنه في الغالب يكون له نصيب كبير من الإجماعات مركزة في هذه الكتب المختصرة؟

الشيخ محمد الخضيري: يا دكتور عبد الرحمن تتميماً لكلامك الطيب أن المفسرين الكثير والغالب عليهم هو الإجماع حتى ما يقع من خلاف هو من باب اختلاف التنوع لا يضر الإجماع بمعنى أصل المعنى متفق عليه لكن هذا يزيد عبارة أو هذا يشير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعبر بتعبير مختلف والمعنى واحد.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم أو يشير إلى شيء مثال لهذا المعنى لم يشر إليه الآخر معروف التفسير بالمثال معروف عند المفسرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً فيما يظهر لي يا دكتور محمد

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك لو سمحت لي يا دكتور عبد الرحمن أقول لو أقيم مشروعاً في الأمة وكنت والله أفكر به لكن قد لا ينشط الإنسان سبحان الله لبعض الأشياء أو لا تتاح له الفرصة لكني أتمنى أن تقوم في الأمة فرقة أو مجموعة من طلاب العلم يأتون إلى التفسير لفظة، لفظة، ويقولون هذه لفظة لم نجد أحداً من المفسرين خالف في أن معناها كذا يحصونها إحصاءً وهذا ما يسمى عندنا بالإجماع الاستقرائي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وجدير والله به.

الشيخ محمد الخضيري: جدير يعني الإجماع عندنا إما صريح وهو أن يصرِّح المفسرون بالإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأظنك أنت قد نصصت على الاقتصار عليه في كتابك.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم اقتصرت عليه لأنه هذه المرحلة الأولى. الثاني إجماع سكوتي وهو أن ينقل أحدهم الإجماع الأول أن يصرح العلماء بالإجماع. الثاني أن يصرح أحدهم ويسكت البقية وينقضي الزمان ولا أحد قال بخلاف هذا يعتبر هذا إجماعاً سكوتياً. النوع الثالث وهو نوع من الإجماع السكوتي الإجماع الاستقرائي أني أنا آتي للمسألة وأبحث هل فيه أحد تكلم بغير ما هو موجود فيها؟ هذا عندنا في التفسير كثير جداً وهو أنك تستقرأ أقوال المفسرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فلا ترى خلافاً.

الشيخ محمد الخضيري: فلا ترى خلافاً مثل لو أقول لك (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِه) موسى من هو؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: موسى بن عمران.

الشيخ محمد الخضيري: ما فيه خلاف؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أبداً.

الشيخ محمد الخضيري: أنت راجعت المسألة هذه؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما راجعتها بعينها لكن ما عندي فيها شك.

الشيخ محمد الخضيري: ما عندك فيها شك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: وأنا متأكد أنه لو رجع لكتب التفسير أننا سنجد أن موسى هنا لا يمكن أحد يقول

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنه موسى بن.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك في قصة موسى مع الخضر نوف البكالي قال: إن موسى المذكور هنا ليس موسى بني إسرائيل فابن عباس لما بلغه ذلك قال كذب نوف يعني من أين جاء بالعلم هذا؟ ورد عليه برد شنيع أظنه حتى قال أدركته اليهودية أو قال كلمة نحوها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: باعتبار أنه أصلها.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم فقال كلمة شنيعة من أين جئت بهذا؟ موسى لا يُعرف في القرآن كله من أوله إلى آخره إلا هذا الموسى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: موسى بن عمران.

الشيخ محمد الخضيري: نعم هذا محل إجماع فأنا لو جئت استقراء أنا بهذه الطريقة سأحصر الخلاف في مسائل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في زوايا ربما كما قال الدكتور محمد أنها زوايا ربما غير مؤثرة في المعنى.

الشيخ محمد الخضيري: غير مؤثرة وبالمناسبة يا دكتور وهذا يفيدنا في الرد على الكثير من الفرق الضالة وعلى كثير من الكتاب الذين الآن تسنّموا مع الأسف منابر والله لا يصلحون لشيء منها في منابر صحفية أو إعلامية يكتبون فيها ويريدون أن يشوشوا على الناس في معاني كتاب ربهم أو سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم مثلاً في قول الله عز وجل (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) يقولون هذا تخيير. هل يفهم العربي يا دكتور عبد الرحمن وأنت أدرى بهذه اللغة هل يفهم العربي أن هذا أسلوب تخيير التي يقول الله بعدها (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) هل يمكن هذا وقبلها يقول (وَقُلِ الْحَقُّ)؟ يقولون هذا تخيير تأخذ هذا أو تأخذ هذا الإسلام ليس فيه إجبار، إلا فيه يا أخي وفيه حق واحد لا يتعدد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا تهديد.

الشيخ محمد الخضيري: تهديد معروف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن كما قال السلف رحمهم الله عندما ظهر بعض المبتدعة يفهمون القرآن على غير وجهه فقالوا إنما أوتيت من العجمة.

الشيخ محمد الخضيري: وهؤلاء أتوا من العجمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهؤلاء أتوا من العجمة والبعد عن معاني القرآن الكريم ولغته.

الشيخ محمد الخضيري: وأساليب العرب وطرائقه (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) هذه لا يمكن أحد يفهم منها من العرب أنه اعمل ما شئت تحذير لهم وأمر لهم بأن يفعلوا ما شاؤوا (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) يعلمون أنها تهديد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب تعال يا دكتور عندنا أقسام الإجماع هل يمكن أن نقسمه؟

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً الأصوليين يذكرون أقساماً كثيرة جداً للإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنت ذكرت في أثناء حديثك قبل قليل الإجماع السكوتي والإجماع الصريح.

الشيخ محمد الخضيري: هم يقسّمون الإجماع باعتبار ذات الإجماع إلى إجماع صريح وإجماع سكوتي. الإجماع الصريح هو أن ينصّ العلماء يجتمع أهل بدر وإلا يجتمع الصحابة في عهد أبي بكر أو عمر أو غير ذلك وهذا كثير كان في عهد الصحابة وقلّ فيمن بعدهم أن يجتمعوا على قول ويقولوا به وخلاص ويعتبر هذا إجماعاً صريحاً والآن قد يمكن أن يقال أن المجامع الفقهية مثلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تقوم بهذا الدور.

الشيخ محمد الخضيري: أو المجامع العلمية قد تقوم بهذا الدور لأنها لا تجمع مع الأسف كل العلماء وإنما تجمع أبرزهم أو أحياناً الموافقون للآراء السياسية أو الجو السياسي العام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لظروف يعني.

الشيخ محمد الخضيري: لظروف معينة. النوع الثاني وهو الأكثر الإجماع السكوتي وهو أن يقول عالم من علماء الأمة المعتبرين المجتهدين قولاً فلا يقول أحد من العلماء قولاً بخلافه ويمضي العصر على ذلك فيسمى هذا إجماعاً سكوتياً. باعتبار أهل الإجماع فيه إجماع عامة وإجماع خاصة إجماع العامة هو الإجماع الذي يكون من عامة علماء الأمة على أمر معين كإجماعهم على وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج إلى آخره، وإجماع خاصة كإجماع أهل التفسير أو أهل علوم القرآن أو أهل الناسخ والمنسوخ في القرآن أو أصول الفقه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل أستأذنك يا دكتور معنا اتصال معنا الأخت أسماء تفضلي.

الأخت أسماء: السلام عليكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله.

الأخت أسماء: أشكركم على البرنامج.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله تفضلي.

الأخت أسماء: سؤالي أريد أن أسأل الأستاذ سؤالي هو ما دام أن منهج المسلمين هو القرآن الكريم والسنة النبوية لماذا يختلف العلماء في بعض القضايا؟ وعندما يختلف العلماء من هو العالم الذي نعمل برأيه مثلاً؟. سؤال آخر عندي أريد أن أفسر آية ممكن؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إي تفضلي.

الأخت أسماء: يقول الله عز وجل في القرآن الكريم (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) ما معنى هذه الآية؟ أشكركم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكراً، شكراً بارك الله فيك. هل تريد أن تجيب على السؤال وإلا نكمل.

الشيخ محمد الخضيري: نجيب على السؤال حتى ننتهي منه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب تفضل هي تسأل سؤالين تقول ما دام أن المنهج هو القرآن والسنة فلماذا يقع الخلاف؟

الشيخ محمد الخضيري: الخلاف طبعاً سنة يعني بمعنى أنه شيء قدّره الله عز وجل ليبتلي به العباد فالعلماء رحمهم الله تعالى يختلفون لأن أحدهم بلغه الحديث والآخر لم يبلغه الحديث أو أحدهم فهم الآية على نحو الآخر لم يفهمها على ذلك النحو، أو أن أحدهم عنده حديث في المسألة يصححه والآخر هذا الحديث يضعّفه ولذلك لا يقول به ومثل مثلاً ما قلنا قبل قليل صلاة التسابيح وردت في حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وأرضاه لكن من العلماء من يصحح الحديث أو يحسنه فيقول بمقتضى ذلك الحديث والآخر يقول لا، هذا الحديث ضعيف أو موضوع فلا يقول بمقتضى هذه الصلاة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وربما يا دكتور عفواً فيه مثال يمكن حتى يكون أوضح للأخت أسماء وهو في التفسير مثلاً في تفسير قوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) العلماء يذكرون حديث سعيد بن المعلّى وهو في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له «أم القرآن أو الفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» لكنك تجد في كتب التفسير أن هناك من يقول أنها السبع الطوال، طيب كيف يخالفون؟ قطعاً أنهم لم يبلغهم الحديث.

الشيخ محمد الخضيري: لو بلغهم لوقفوا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم هذا من أسباب الاختلاف وهذا شيء طبيعي.

الشيخ محمد الخضيري: وبالمناسبة أنا أرشد الأخت إلى بعض الكتب المناسبة في أسباب اختلاف العلماء وبعضها كتب ميسرة وهو باب من أبواب أصول الفقه لو راجعته لوجدت أنه سهل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو سهل ميسر يمكن فهمه.

الشيخ محمد الخضيري: فأنا أنصحها بأن تراجعها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا؟ مثل كتاب “رفع الملام عن أئمة الأعلام”؟

الشيخ محمد الخضيري: هذا للشيخ ابن تيمية وإن كان صعباً عليها، فيه رسالة الحقيقة للدكتور صالح ابن حميد في الخلاف بين العلماء أو موقفنا من الخلاف بين العلماء وأسباب الخلاف، فيه رسالة أخرى للدكتور ناصر العمر أيضاً في الخلاف بين العلماء، رسائل في هذا الباب، الدكتور الشيخ عبد الله بن بيّه العالم الموريتاني.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وللشيخ عبد الله التركي أسباب اختلاف الفقهاء وهو أيضاً يصلح وصاغ فكرة رائعة عن الموضوع. طيب السؤال الثاني في قوله سبحانه وتعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) ما معنى هذه الآية؟

الشيخ محمد الخضيري: قال الله عز وجل (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ) أي هذا القرآن (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) وهذا يدل على أن هؤلاء المختلفون أو أن هؤلاء المختلفين المذكورين في الآية كلهم من هذه الأمة (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) قالوا بدأ بالظالم لنفسه ترجية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله أكبر! يعني يعطيه أمل.

الشيخ محمد الخضيري: يعطيه أمل إي نعم ويبين سعة رحمة الله عز وجل. الظالم لنفسه يقول العلماء هو الذي يقع في ترك الواجبات أو يفعل المحرمات لكن مع بقاء أصل الدين والمقتصد هو الذي يفعل الواجبات ويدع المحرمات والسابق بالخيرات هو الذي يفعل الواجبات ويزيد عليها بفعل النوافل والمستحبات ويترك المحرمات ويزيد عليها بترك المكروهات فهذا سابق بالخيرات نمثل لذلك بمثال من ترك الزكاة أو أخل بها هذا ظالم لنفسه، من جاء بالزكاة ولم يزد عليها بالصدقات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مقتصد.

الشيخ محمد الخضيري: مقتصد، من زكى وتصدق بأنواع الصدقات هذا سابق بالخيرات ومثله في الصلاة والصوم والحج وغيرها من أعمال الدين هذا هو الأرجح في تفسيرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وانظر إلى الجميل فيها أنهم كلهم وصفهم الله من أنهم ممن اصطفاهم (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) أكرمك الله، أستأذنك يا دكتور محمد في فاصل.

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أستأذنكم أيها الإخوة المشاهدون في فاصل قصير ثم نعود لإكمال حوارنا حول موضوع “الإجماع عند المفسرين” مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا متصلاً حول “الإجماع عند المفسرين” تحدثنا عن تعريف الإجماع عند المفسرين وقيمته مع فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك سعود حياكم الله دكتور مرة أخرى.

الشيخ محمد الخضيري: حياك الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنا قبل الفاصل تحدثنا عن أقسام الإجماع وقسمته باعتبار العصر، بقيت بعض الأقسام لعلك تكملها دكتور

الشيخ محمد الخضيري: ذكرنا أقسام باعتبار ذاته ثم ذكرنا أقسام باعتبار أهله إجماع عام أو إجماع خاص.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنا أتوقع يا دكتور إجماع المفسرين هو من إجماع الخاصة أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بإجماع فئة معينة من العلماء.

الشيخ محمد الخضيري: نعم. الثالث باعتبار عصره طبعاً إجماع الصحابة له قيمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ومن خالفوا في بعض مسائل الإجماع مثلاً لم يخالفوا في إجماع الصحابة وأنه له مزية في دين الله ليس لغيره مما جاء بعد الصحابة فهناك إجماع الصحابة وهناك إجماع من جاء بعدهم. وهناك أيضاً تقسيم باعتبار طريق نقله إلينا فيه إجماعات منقولة بالتواتر وهناك إجماعات لا لم تنقل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دون ذلك.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم بطرق أحادية هناك أيضاً باعتبار القوة، هناك إجماع قطعي مقطوع به لا يتطرق إليه الشك وهناك إجماعات مظنونة يعني نقلها أحد العلماء في الإجماع السكوتي في الغالب يعتبر نوعاً يعتبر من الإجماع الظني لماذا؟ لأن الذي ينقله عالم ويسكت البقية ولا ندري هل هناك أحد خالف أو لا؟ لكن نقول يغلب على الظن أن لا مخالف لأنه لا يكاد يوجد في الأمة عالم يسمع كلاماً يرى أنه من الباطل ثم لا ينكره.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً أستأذنك معنا شقيقك الدكتور علي، الدكتور علي بن عبد العزيز الخضيري حياكم الله دكتور علي.

الشيخ علي الخضيري: أهلاً وسهلاً حياك الله دكتور عبد الرحمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مساك الله بالخير.

الشيخ علي الخضيري: حياك الله وأبقاك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الدكتور علي بن عبد العزيز الخضيري الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية والأستاذ المتعاون بجامعة الملك سعود وهو متخصص في دراسة مسائل الإجماع في الفقه أنا أعرف يا دكتور “مسائل الإجماع في عقود المعاوضات المالية” هو عنوان رسالتك للدكتوراه.

الشيخ علي الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لدي مسألتان يا دكتور علي أتمنى أنك تسلط عليها الضوء المسألة الأولى هي قضية نشأة الإجماع يعني نشأة الإجماع دعنا نقول في الاستدلال بصفة عامة سواء عند الأصوليين أو عند غيرهم والمسألة الأخرى قضية أهمية دراسة مناهج العلماء في تناول مسائل الإجماع.

الشيخ علي الخضيري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد. بادئ ذي بدء أشكر لكم إتاحة الفرصة يا شيخ عبد الرحمن وضيفك الكريم أيضاً وأسأل الله عز وجل أن ينفع بكم وأن يبارك في برنامجكم. المسألة التي أشرت إليها وهي مسألة نشأة كلمة الإجماع عند العلماء كيف نشأت أو كيف بدأت عند العلماء في الحقيقة الإجماع إنما يكون بعد زمن النبوة كما لا يخفى لأنه في تعريف الإجماع اتفاق مجتهدي الأمة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فالنشأة في الحقيقة هي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عفواً انقطع الاتصال لعلهم يعيدون الاتصال إن شاء الله به لو تعيدونه يا شيخ أشرف، نواصل الحديث يا دكتور محمد حول أقسام الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: ذكرنا هذه الأقسام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انتهيت منها.

الشيخ محمد الخضيري: انتهينا منها لكن خلنا نعلق على هذه الكلمة الذي ذكرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التعريف الذي ذكره.

الشيخ محمد الخضيري: نعم هو بالفعل كما ذكر ما نشأ الإجماع إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لأننا لسنا بحاجة إليه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في حياته.

الشيخ محمد الخضيري: عندنا الدليل الأصلي القرآن والسنة ولسنا بحاجة إلى أقوال الناس جميعاً ما دام فينا ذلك النبي الذي يوحى إليه فلما توفي عليه الصلاة والسلام وغادرنا إلى عالم الآخرة هنا هل هناك دليل نستدل به عوضاً عن ذلك الدليل بحيث يكون سبباً مبيناً للحق وموضحاً له العلماء رحمهم الله تعالى تبينوا أن الإجماع يعني إجماع الأمة المحمدية دليل، كيف دليل؟ لأن هذه الأمة قد ثبت في أدلة القرآن والسنة أنها مهدية (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى) لاحظ يشاقق الرسول هذه واحدة، الثانية يتبع غير سبيل المؤمنين هذا يدل على أن سبيل المؤمنين هادٍ إلى الحق ودالٍ عليه فالذي يشق هذا السبيل الذي يجتمع عليه المؤمنون معنى ذلك أنه داخل في وعيد هذه الآية وهذه أول آية احتج بها الإمام الشافعي على حجية الإجماع والآيات طبعاً التي استدل بها العلماء بعد ذلك على حجية الإجماع كثيرة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه تدل على حجية الإجماع في كل أبواب العلم.

الشيخ محمد الخضيري: في كل أبواب العلم ومنها حديث أيضاً الذي ذكره الدكتور محمد الجيزاني «لا تجتمع أمتي على ضلالة» الأحاديث الدالة على لزوم الجماعة وأن من أراد البحبوحة في الجنة فليلزم الجماعة كلها تؤكد أن هذه الأمة في اجتماعها الحق وأن الله لا يمكن أن يجمعها على الباطل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل أستأذنك معي اتصال من العراق أخي أبو عبد الرحمن حياكم الله يا أبا عبد الرحمن.

الأخ أبو عبد الرحمن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو عبد الرحمن: أحييك يا شيخ وأحيي الدكتور محمد الخضيري الذي نفعنا الله كثيراً ببرنامج بينات جزاكم الله خيراً وفي هذا البرنامج أيضاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يبارك فيك، الله يحييك.

الأخ أبو عبد الرحمن: نشهد الله على حبكم فيه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحبك الله.

الأخ أبو عبد الرحمن: سؤالي يا شيخ جزاك الله خيراً حول أي كتاب من كتب التفسير حرص على ذكر الإجماع في مسائل التفسير؟ أكْثَر من ذكر الإجماع؟ هذا سؤالي الأول، سؤالي الثاني عن كيفية قراءة كتب التفسير والانتفاع منها هل هناك تسلسل لكتب معينة لقراءة التفسير بحيث أنتفع منها أم أنه آخذ السورة اقرأها ثم اقرأ كتب التفسير واحداً بعد الآخر لانتفع؟ ما هي الطريقة الصحيحة للانتفاع من كتب التفسير؟ جزاكم الله خيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكراً يا أبا عبد الرحمن حياكم الله. معنا الأخ الهاشمي من الجزائر تفضل يا أخ هاشمي.

الأخ الهاشمي: السلام عليكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله.

الأخ الهاشمي: مرحباً بشيخي الشيخ محمد والشيخ عبد الرحمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً بك الله يحييك.

الأخ الهاشمي: شيخاي أنا عندي موضوع بحث لم أضع له خطة بعد وهو الإعراب الأصولي للقرآن الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ماذا تقصد الإعراب الأصولي؟

الأخ الهاشمي: يعني الغرض من هذا البحث هو قراءة القرآن ومحاولة استخراج واستنباط الأحكام الشرعية بيسر يعني تسهيل لاستخراج الأحكام على الطلاب مثل ما يتمتعون بالإعراب النحوي يتمتعون أيضاً بالإعراب الأصولي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن يعني أحس أن العنوان فيه لفّة “الإعراب الأصولي” يعني أنت تريد أنك تبين قواعد الاستنباط مثلاً.

الأخ الهاشمي: يعني مثل شيخي محمد دراستي أصولية والآن أحب أن أدرس دراسات قرآنية يعني فيه انجذاب بين أصول فقه وعلوم قرآن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما فيه مشكلة إنك تحبه وتنجذب لكن الفكرة بس الموضوع نفسه يعني الإعراب هذه مسألة نحوية وما يتعلق بالإعراب لكن الأصولي ما أدري كيف تأتي؟ ما رأيك يا شيخ محمد؟

الشيخ محمد الخضيري: نفس الإشكال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيه مشكلة صح.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم لو قال الاستدلال الأصولي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إي كذا ممكن.

الشيخ محمد الخضيري: للقرآن الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو الإعراب وأثره في المعنى في التفسير.

الشيخ محمد الخضيري: أما الإعراب الأصولي مثل لو قال الإعراب الفقهي هذه مشكلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما تعليقك يا الهاشمي؟

الأخ الهاشمي: هو أقرب للاقتباس يا شيخنا كأنه اقتباس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: على كل حال يا الهاشمي أنت تريد أنك تستشير في هذا الموضوع.

الأخ الهاشمي: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو الحقيقة أنا عن نفسي وأتوقع الشيخ مثلي ما فهمنا الفكرة لكن لو شئت أن تتواصل معنا عن طريق الايميل وهو موجود في موقع ملتقى أهل التفسير فنحن نرحب بك أنا والدكتور محمد، نسعد بك ونتشرف.

الشيخ محمد الخضيري: نتشرف بهذا يا أخي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياك الله يا شيخ شكراً لاتصالك الله يحفظك، نعود يا شيخنا الحبيب إلى موضوعنا

الشيخ محمد الخضيري: طيب بالنسبة للشروط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: للشروط شروط الإجماع هل هناك فرق يا دكتور بين شروط الإجماع في الفقه أو في التفسير أو هي واحدة؟.

الشيخ محمد الخضيري: شروط واحدة ولا يمكن تختلف لأن هذا أصلاً أصل يحتج به في الفقه وفي الحديث وفي التفسير وفي العقيدة وفي غيرها طبعاً من الشروط التي ذكرها العلماء أن يكون الإجماع على مستند من كتاب أو سنة وقد يخفى هذا المستند على كثير من الناس لكن يبقى الإجماع دالاً عليه أو مشيراً إليه. أيضاً من الشروط أن يكون المجمعون من العلماء المجتهدين لأنه لا يجوز أن يؤخذ في هذا من يكون مقلِّداً أو يكون من طلاب العلم لأن العبرة إنما هو بالمجتهد سواء كان مجتهد مطلق وهذا قليل في الأمة أو مجتهد جزئي كأن يكون رجل مثلاً متبحِّر في باب البيوع فإذا قال كلمة في هذا الباب ووافق العلماء عُدّ كلامه مع كلامهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب في التفسير هل يعتبر اجتهاد جزئي؟

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم لو كان رجلاً مشهوراً بالتفسير وحكى هذا الإجماع ولم نرى مثلاً من خالف فإننا نعد هذا من الإجماع الجزئي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عاد إلينا الدكتور علي بن عبد العزيز الخضيري، عفواً يا دكتور علي حياكم الله.

الشيخ علي الخضيري: أهلاً وسهلاً حياك الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معذرة يبدو خط الهاتف صار فيه انقطاع كنت تتحدث عن نشأة فكرة الإجماع بعد النبي صلى الله عليه وسلم تفضل تكمل جزاك الله خيراً.

الشيخ علي الخضيري: نعم بسم الله والحمد لله نعم أقول مسألة نشأة الإجماع عند العلماء إنما كانت أو الإجماع إنما يكون أصلاً بعد زمن النبوة لأنه كما لا يخفى أن تعريف الإجماع اتفاق مجتهدي الأمة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام تأتي نشأة الإجماع في الحقيقة حينما يأتي عالم من العلماء ينظر في أقوال العلماء ثم إذا اتحدت أو وجد أن الأقوال اتحدت في مسألة من المسائل ولم يعلم فيها مخالفاً يأتي وينطق بالإجماع ويقول اتفقت أقوال العلماء على كذا أو اتفق العلماء على كذا وهذا يؤيد مقولة من يقول إلى أن أصل الإجماع القولي في الحقيقة هو إجماع سكوتي ينتشر القول ويظهر، ويظهر بين العلماء في زمن من الأزمان ولا يُعلَم له مخالف يخالف في هذه المسألة فيأتي عالم في الزمن الذي بعده فينطق بالإجماع فيكون حينئذ إجماعاً قولياً. ولهذا بناء على ذلك لا تجد في الحقيقة إجماعات لفظية يحكيها الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومثلهم أيضاً لو نظرنا في زمن التابعين بعد الصحابة رضي الله تعالى عنهم تجد أن حكاية الإجماع اللفظي قليلة ونادرة جداً ثم بعده أو الزمن الذي بعده وأتباع التابعين هو الذي بدأت فيه حكايات الإجماع بدأت في الانتشار حتى أتى زمن التدوين وانتشار الكتابة للمسائل العلمية سواء كان ذلك في علم الفقه أو علم الحديث أو غيرها أو التفسير أو غيرها من العلوم. بعدها انتشرت حكاية الإجماع وكثرت وكثر الاهتمام بها والعناية بها وانتشر ذلك وهذا يؤيد أيضاً مسألة ربما مر الحديث فيها معكم وهي أن أكثر الإجماعات الحقيقة إجماعات ظنية لأنها هي أصل الإجماع من عالم واحد يحكيه لا يعلم في المسألة خلافاً أو يعلم أن قولاً انتشر وذاع ولم يعلم له مخالف، فهو في الحقيقة إجماع ظني ليس قطعياً، الإجماعات القطعية هي التي تكون في أصول الدين أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة هذه هي الإجماعات القطعية وتوفرت فيها الشروط الأخرى المعلومة. هذا يجرنا للحديث إلى المسألة الأخرى التي ذكرتها أيضاً وهي مسألة ضرورة فهم كلام العلماء في تعاملهم مع الإجماع، العلماء في الحقيقة ليسوا على درجة واحدة في تعاطي قضية الإجماع بعضهم المتساهل في حكاية الإجماع وبعضهم غير ذلك. بعضهم أيضاً يحتاط في حكاية الإجماع إلى درجة أنه لا يتلفظ به صراحة بل يتأدب في هذه أو في التعامل مع الإجماع إلى درجة أنه يقول لا أعلم خلافاً في هذه المسألة أو بغير خلاف نعلمه وهذا ممن اشتهر بهذا ابن قدامة رحمه الله ولعله أو لعل مقولته هذه جاءت من مقولة الإمام أحمد التي قالها حينما قال من ادّعى الإجماع فقد كذب وهو في الحقيقة لا يقصد إنكار الإجماع على وجه العموم لأنه لم ينكر الإجماع إلا بعض الطوائف المبتدعة الإمام أحمد حكي عنه أو نقل عنه إجماعات وإنما المقصود الاحتياط في حكاية الإجماع وبعض العلماء من الدقة في حكاية الإجماع أن ألفاظ الإجماع عنده متفاوتة ففرق بين أن يقول مثلاً اتفق الصحابة أو يقول اتفق الخلفاء الأربعة أو يقول أيضاً اتفق الفقهاء أو يقول اتفق أو أجمع العلماء قاطبة كل هذه الألفاظ عنده بينها فرق كبير ولذا من لم يفهم كلام العلماء في التعامل مع الألفاظ والنظر فيها أو مناهجهم أيضاً في التعامل مع الإجماع نفسه ربما يقع في الزلل في حكاية الإجماع يقول حكى الإجماع مثلاً فلان من العلماء، ابن عبد البر وهو الذي ينسب إليه أحياناً التساهل في الإجماع وهو في الحقيقة هذه الكلمة جاءت من عدم فهم أو معرفة منهجه أصلاً في التعامل مع الإجماع لأنه فرق بين ألفاظه التي يحكيها يقول أجمع العلماء قاطبة واتفق العلماء أو اتفق الفقهاء هذه لفظة أخصّ من اللفظة الأولى أو اتفق الصحابة أيضاً هذه لفظة أخصّ من الألفاظ السابقة وهكذا. إذا فهم طالب العلم والعالم منهج العالم استطاع أن يحمي نفسه من الوقوع أو من حكاية إجماع في المسألة نقلاً عن عالم من غير أن يكون هناك نسبة للقول من غيرهم يكون هناك نسبة للقول غير صحيحة في هذه المسألة. ولذا تجد أنه أحياناً بعض العلماء إلى درجة أن بعض العلماء أحياناً يقول أو يحكي الإجماع في مسألة ويبين أن هذا منهجه ويتبين أنه يقصد بمنهجه مدرسته التي تتلمذ فيها فقط. مثلاً إبراهيم النخعي وهو متقدم من أتباع التابعين مدرسة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان دائماً له مقولات كثيرة يقول “كانوا يستحبون” هذه يفرح بها طالب العلم يظن أنه يحكي الإجماع عن الصحابة أو عن التابعين بهذه الكلمة أو يحكي حكاية الفعل الذي كان عليه زمن الصحابة أو زمن التابعين وهو أيضاً أكّد هذه العبارة بعبارة تدل على هذا المعنى جاء عنه أنه قال ما قلت لكم كانوا يستحبون فهو الذي أجمعوا عليه. جاء بعده العلماء وقالوا النخعي رحمه الله لا يقصد بذلك حكاية الإجماع على وجه العموم وإنما يقصد بها مدرسته التي تتلمذ فيها وهي مدرسة ابن مسعود فقط وتلاميذه. هذا يدل على أنه هذه العبارة لا يقصد بها النخعي رحمه الله مسألة حكاية الإجماع على وجه العموم وإنما يقصد بها حكاية إجماع مدرسته التي تتلمذ فيها وهي مدرسة ابن مسعود رحمه الله ورضي عنه. أخيراً ينبغي لطالب العلم وهي مسألة أختم بها أن يحترم كلمة “إجماع العلماء” حتى وإن كان الإجماع فيه نظر أو لم يصح الإجماع لماذا؟ لأنه في الغالب أن هذا هو قول جمهور العلماء أو جماهير العلماء وينبغي أن يكون في قلب طالب العلم هيبة واحترام وتقدير لقول جماهير العلماء فلا يجرؤ على المخالفة إلا ببينة وبرهان صريح وواضح يكون بينه وبين هذا القول الذي يخالف فيه قول جمهور العلماء حتى أن بعض العلماء عدّ قول الجمهور حجة ابن الحاجب رحمه الله في مختصره يعتبر قول جمهور العلماء ليس إجماعهم قول الجمهور حجّة فكيف بالإجماع ولذا ينبغي لطالب العلم دائماً أن يحترم حكاية الإجماع في المسائل حتى وإن لم تكن صحيحة أو كان فيها نظر أو وجد فيها مخالف أيّاً كانت المخالفة صحيحة أو غير صحيحة شاذة أو غير شاذة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكراً، شكراً جزيلاً نقاط مهمة جداً يا دكتور علي سلطت الضوء عليها جزاك الله خيراً وشكر الله لك، الدكتور علي بن عبد العزيز الخضيري الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية والأستاذ المتعاون بجامعة الملك سعود شكراً جزيلاً له. طبعاً شكر الله لشقيقك الدكتور علي الحقيقة أثناء كلامه وسؤالي امتداد لكلام الدكتور علي وهو الطبري رحمه الله دائماً نعرف أنه يقول أجمع

الشيخ محمد الخضيري: أهل التأويل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهل التأويل ويقال أن الطبري يقصد بالإجماع معنى محدداً ليتك توضح لنا هذه الفكرة.

الشيخ محمد الخضيري: الحقيقة الدكتور علي أشار إلى هذا في جانب أهل الفقه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهل الفقه نعم.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ونحن نقتبس هذا المعنى من كلامه إلى واقعنا نحن في التفسير. الحقيقة التفطن لكلام العلماء وتدقيقهم في العبارات ضروري جداً وهذا الحقيقة من فوائد هذه الدراسات المتخصصة والدقيقة في هذا العلم دائماً الواحد قد يحكي القول على عواهله دون تدقيق لكن عند التدقيق والنظر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والتحميص.

الشيخ محمد الخضيري: ستجد أن هناك شيئاً مختلفاً مثلاً يا دكتور عبد الرحمن أنا لما اخترت في رسالتي اخترت ستة كتب رأيت أنها تكثر من

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ذكر الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: ذكر الإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً أنا هذا سؤال سأله الأخ أبو عبد الرحمن من العراق وقال ما هي أبرز كتب التفسير التي تكثر من ذكر الإجماعات؟

الشيخ محمد الخضيري: وجدت مثلاً تفسير الطبري رقم واحد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جامع البيان.

الشيخ محمد الخضيري: جامع البيان، وجدت المحرر الوجيز لابن عطية يكثر من ذكر الإجماعات، وجدت الواحدي رحمه الله في الوسيط يكثر من ذكر الإجماعات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والبسيط هل أيضاً؟

الشيخ محمد الخضيري: لا، البسيط أقلّ لأنه عني بالتوجيه باللغة وتوجيه القراءات عناية كبيرة جداً ولم تكن عنايته منصبة إلى التفسير. وجدت أيضاً القرطبي رحمه الله تعالى عُني بذكر الإجماع وبتحريره، هؤلاء جملة من المفسرين. الحقيقة كان من الناس الذين شدوني إلى الإجماع الإمام الطبري رحمه الله فإنه كثيراً ما يحكي الإجماع ويردُّ به أقوال آخرين من أهل العلم لأنهم خالفوا الإجماع، قد يردّ به قول صحابي أو تابعي. فكنت أقول سبحان الله لماذا الطبري يحكي الإجماع ثم يقول وقال ابن عباس وإلا قال ابن مسعود؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يذكر خلاف.

الشيخ محمد الخضيري: يذكر خلافه، وإذا به رحمه الله أولاً له مذهب وهو أنه لا يرى أن مخالفة الواحد والاثنين تقدح في الإجماع هذا مذهب مشهور عن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الطبري.

الشيخ محمد الخضيري: الطبري رحمه الله وقد حكي أيضاً المنذر وبعض العلماء الثاني الطبري مع مذهبه ذلك يحتاط في الألفاظ فإذا قال “وأهل التأويل مجمعون أو أجمع أهل التأويل أو لإجماع أهل التأويل على ذلك” فإنه يقصد به جمهور أهل التأويل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا كلهم.

الشيخ محمد الخضيري: لا كلهم. لكن إذا قال وأجمع أهل التأويل قاطبة لا خلاف بينهم، هنا قف، لا يمكن ينخرم هذا الإجماع عند الطبري. هذه القضية ما اكتشفتها إلا بعد النظر الطويل في ألفاظه وعباراته وهو توفيق من الله سبحانه وتعالى أني انتبهت لطريقته في حكاية الألفاظ.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا يؤكد أهمية منهج العلماء تدرس منهج العالم.

الشيخ محمد الخضيري: منهج العالم في التعبير وإذا بالطبري رحمه الله يدقق في عباراته ما وجدت له مكاناً قال أجمع أهل التأويل قاطبة لا خلاف بينهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم تجد خلاف.

الشيخ محمد الخضيري: أو غيرها من العبارات ثم تجد خلافاً ينخرم به هذا الإجماع لكن إذا قال وأهل الحجة مجمعون وأهل التأويل المحتج بهم مجمعون أو أجمع أهل التأويل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو أجمع الحجة من أهل التأويل.

الشيخ محمد الخضيري: أو أجمع أهل الحجة من أهل التأويل أو غيرها من العبارات في هذا السياق فإنه يقصد بذلك الجمهور أو الأكثر منهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والحقيقة أنه معنى معتبر.

الشيخ محمد الخضيري: معنى معتبر لا إشكال فيه وكما ذكر الدكتور علي قبل قليل كلمة مهمة جداً ينبغي لطالب العلم ما ترى الجمهور في كفة أن يحترم هذا الجمهور لا يمكن يا أخي أن علماء الإسلام يكونون على اختلاف مذاهبهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعلى علمهم وعلى فضلهم.

الشيخ محمد الخضيري: وعلمهم وأزمانهم يأخذون بهذا القول ويدعون هذا القول الذي قال به فلان وفلان إلا ولهم حجة طبعاً نحن هنا لا نُحجِّر ونقول إن الحق دائماً مع هذا الجمهور ولكن نقول كما قال الدكتور علي كلمة مهمة ينبغي أن تكون في هيبة، لا تتقحم هذا الخلاف إلا ومعك جيوش الأدلة. فإذا لم تجد هذه الجيوش فالأصل أنه في أهل القبلة وفي أهل الإسلام وعلماء الملة أن جمهورهم إذا اجتمعوا في شيء أو أكثرهم في شيء أن الحق مع هؤلاء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب هنا تأتينا مسألة يا دكتور ما أريد أن تفوتنا لأنه ما بقي معنا إلا ربما خمسة عشر دقيقة. قضية دواعي حكاية الإجماع عند المفسرين هذه مهمة.

الشيخ محمد الخضيري: الحقيقة يا أخي أنا لما جئت إلى كتب التفسير وجدت أن الإجماعات في التفسير قليلة وقد ذكرت قبل أن الأصل في التفسير هو أنه قريب من المُجمع عليه وأن الخلافات المذكورة كما ذكر شيخ الإسلام في مقدمة أصول التفسير التي أشار إليها الدكتور محمد الجيزاني قال والخلاف في التفسير قليل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قليل.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم وهو في الأحكام أكثر. وبالفعل نحن نرى وأنت تعلم يا دكتور عبد الرحمن أن خلافات المفسرين غالبها اختلافات تنوّع يصح في الآية أن تقول بهذا، وبهذا، وبهذا، وإنما أشار هذا إلى معنى، وأشار هذا إلى معنى أو مثال وهكذا أنا لما رأيت هذا الحقيقة قلت ما السبب

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لحكاية الإجماع أو لذكره؟.

الشيخ محمد الخضيري: إيه لماذا العلماء يذكرون الإجماع في مواطن لا يستحق فيها ذكر الإجماع؟ فوجدت ما يلي: أن هناك دواعي لذكر الإجماع تجعل المفسرين يذكرون الإجماع في آية معينة فمن دواعيهم مثلاً وجود الاشتراك في المعنى أن يكون اللفظ محتملاً لأكثر من معنى فيذكرون الإجماع في ذلك اللفظ ليزيلوا الاشتراك. فمثلاً في سورة البقرة (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) كلمة (فَبَلَغْنَ) بلغن تُطلق على البلوغ بمعنى الوصول للنهاية وتطلق أيضاً يراد بها المقاربة هذا محتمل وهذا محتمل بدليل أن الآية التي بعدها وهذا هو موطن ذكر الإجماع الآية التي بعدها قال (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) ما معنى بلغن هنا؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني انتهوا من العدة.

الشيخ محمد الخضيري: يعني انتهت من العدة وجاء زوجها يريد أن يعقد عليها مرة أخرى فإياكم أن تمنعوه من الزواج بها (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) الذين طلقوهن وانتهين هنّ من العدة التي كانت لهم عليهن: لاحظت معي وإلا لا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إلا واضح.

الشيخ محمد الخضيري: طيب الآية الأولى (فَبَلَغْنَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: محتملة.

الشيخ محمد الخضيري: محتملة ولذلك يأتي العلماء ويقولون (فَبَلَغْنَ) هنا أي قاربن البلوغ بالإجماع لأنها إذا كانت بلغت بمعنى انتهت كيف يقول (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)؟ لا يمكن هذا إذاً فلوجود الاشتراك يأتي العلماء رحمهم الله تعالى ويحكون الإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من دواعي ذكر الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا من دواعي ذكر الإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب تسمح لي نأخذ السبب الثاني بعد أن نأخذ جديد الدراسات القرآنية.

الشيخ محمد الخضيري: تفضل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الشيخ فهد الجريوي السلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ فهد الجريوي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله يا أبا عبد الله.

الشيخ فهد الجريوي: يا مرحبا حياك الله يا شيخ عبد الرحمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أرحنا بجديد الدراسات القرآنية.

الشيخ محمد الخضيري: كأنه كان في عناء ويقول أرحنا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم تفضل يا شيخ.

الشيخ فهد الجريوي: أولاً أرحب بشيخنا الجليل الشيخ محمد وفقه الله، حياكم الله شيخ محمد.

الشيخ محمد الخضيري: أنت شيخي يا أخي.

الشيخ فهد الجريوي: الله يرفع قدرك.

الشيخ محمد الخضيري: أنا استفيد منك كثيراً ومن النكات واللطائف والكتب التي تجمعها ونحن عالة عليك في هذا.

الشيخ فهد الجريوي: سلمك الله يا شيخ، طيب يا شيخ عبد الرحمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل.

الشيخ فهد الجريوي: نبدأ بالكتاب الأول وهو تقريباً قريب من موضوع الحلقة فيما يتعلق بعلاقة علم أصول الفقه بالتفسير،

الكتاب الأول بعنوان “محمول صيغة الأمر افعل دراسة نظرية تطبيقية على آيات الأحكام” الاستاذ الدكتور عبد اللطيف بن سعود الصرامي. يقول المؤلف وفقه الله في مقدمته: فإن مباحث الأمر والنهي من أهم موضوعات علم أصول الفقه وأعظمها قيمة علمية وأجلها ثمرة عملية فإن بإدراكهما تتم معرفة الأحكام ويتميز الحلال من الحرام كما أنه يحصل بهما الابتلاء وعليهما مدار التكليف والجزاء. ثم ذكر المؤلف حفظه الله أنه مع كثرة الدراسات وتنوعها عن صيغة الأمر فإنه لم يقف على دراسة أصولية متخصصة عُنيَ فيها بتتبع ودراسة صيغة الأمر         في آيات القرآن الكريم من جهة دلالتها على الأحكام الشرعية. وقال وفقه الله ولما كانت صيغ الأمر الواردة في القرآن كثيرة جداً فهي تزيد على ألف وثمان مئة وثمانين صيغة رأيت أن اقتصر في دراستي على ما ورد منها في آيات الأحكام وذكر المؤلف حفظه الله أن الدراسات التي سبقت هذه الدراسة وجهت للعناية بالأمر وصيغته من الجانب النظري ولم تتعرض للشق الآخر التطبيقي إلا على سبيل التمثيل أو في بعض أبواب الفقه أو في بعض سور القرآن أما هذه الدراسة فسيعني فيها بالجانب التطبيقي بتتبع صيغة افعل الواردة في آيات الأحكام من فاتحة القرآن إلى خاتمته وقد أتى الجانب التطبيقي في مئة وستين آية.

أما الكتاب الثاني فهو بعنوان “نظرات في كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للشيخ أبي بكر جابر الجزائري” بقلم الشيخ عبد العزيز الرومي رحمه الله. وكتب المؤلف في مقدمته: “فإن كتاب “أيسر التفاسير” للشيخ الفاضل أبي بكر الجزائري – متعه الله بالصحة والعافية – من الكتب النافعة المشتهرة، وقد ظهر لي عليه بعض التنبيهات فأردت وضعها بين يدي القارئ لتتم الفائدة، علماً بأن النسخة التي بين يدي هي الطبعة الأولى الصادرة عام ألف وأربع مئة وسبعة. وقد بلغت التنبيهات مئة وخمسة وثمانين تنبيهاً وقد جاء الكتاب في مئتين وست صفحات”. وبالمناسبة يا شيخ عبد الرحمن رجعت لتفسير أيسر التفاسير لفضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري – أمد الله في عمره على طاعته – والطبعة التي رجعت إليها السادسة التي صدرت في عام ألف وأربع مئة وثلاثة وعشرين فوجدت أن جملة من التنبيهات التي أوردها الشيخ الرومي رحمه الله قد تداركها الشيخ أبو بكر في طبعات الكتاب الجديدة وبعض الملاحظات غيّر في العبارات يعني فزال الإشكال فنلفت انتباه القارئ الكريم لمثل هذا ومع هذا فهذا لا يقلل من قيمة كتاب الشيخ الرومي ففيه ملاحظات جديرة بالنظر والعناية رحم الله الجميع.

الكتاب الأخير يا شيخنا هو بعنوان “السبع المعاني في السبع المثاني” لأبي يحيى عبد الباقي بن الطاهر المناعي من بلاد المغرب الإسلامي والكتاب كما هو واضح من عنوانه في تفسير سورة الفاتحة وبالمناسبة قبله بأسبوعين صدر كتاب بعنوان “الأزهار الفائحة بذكر مسائل الفاتحة” لمحمد بن صالح البراك وبالمناسبة أقترح على من عنده جهد في البحث أن يؤلف لنا كتاباً في جهود العلماء في تفسير سورة الفاتحة فعلى حسب ما أعرف أنه قد أُلِّف في سورة الفاتحة تحديداً أكثر من مئة كتاب. أسأل الله لكم التوفيق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بارك الله فيك. شكراً للشيخ فهد الجريوي وافانا بجديد الدراسات القرآنية خلال الأسبوعين الماضيان شكراً جزيلاً له. نعود يا دكتور محمد إلى موضوع الدواعي التي تدعو المفسرين للإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: الثاني من الدواعي تحرير محال النزاع. وأنا أحب أن أقول لطلاب العلم ولمن يشاهدنا تحرير محال النزاع قضية مهمة جداً عندما تأتي مسألة متنازع عليها لا يظن الإنسان أن المسألة المتنازع عليها برمتها قد تنازع العلماء وإنما هناك مسائل في نفس هذه المسألة قد اتفقوا فيها وهناك مسألة اختلفوا فيها فهذا ما يسمى تحرير محال النزاع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني بيانه وتحديده بدقة.

الشيخ محمد الخضيري: تحديده بدقة. فمثلاً في قول الله عز وجل (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) طبعاً لما جاؤوا يحكون الكتاب قالوا الكتاب التوراة بالإجماع لماذا قالوا الكتاب التوراة بالإجماع؟ لأنه اختلف في الفرقان هل هو الكتاب ويكون من باب عطف التفسير؟ أو الفرقان الآيات الأخرى التي أوتيها موسى من العصا واليد ونحوها؟ فلماذا ذكروا أن الكتاب هو التوراة هذا كان يشكل علي الكتاب التوراة معروف إنه التوراة لأن الفرقان اختلفوا فيه هل الفرقان عطف تفسير على الكتاب فيكون هذا من باب وصف الكتاب أو يكون الفرقان المقصود به الآيات؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأخرى.

الشيخ محمد الخضيري: التي أوتيها موسى؟ وكذلك لما جاء في إنزال المن والسلوى على بني إسرائيل ما هو السلوى؟ اختلف فيه فقيل طير كالسُمانة وقيل كذا وقيل كذا المهم يأتي ابن عطية رحمه الله قال والمفسرون مجمعون على أن السلوى طير واختلفوا بعد ذلك في

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نوعه.

الشيخ محمد الخضيري: نوعه إي نعم. الثالث أيضاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من دواعي ذكر الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: من دواعي ذكر الإجماع الرد على المخالفين وهذه عندما تأتي طائفة منحرفة فتفسر الآية تفسيراً منحرفاً عن الجادة التي كان عليها العلماء فإن العلماء

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يذكرون الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: يذكرون الإجماع ليقطعوا دابر هذا الخلاف. وهنا أقول يا دكتور عبد الرحمن ينبغي على العلماء في هذا العصر عندما يحتج الليبراليون وغيرهم ببعض الآيات على غير ما هي عليه من التأويل المعروف عند الصحابة أن ينبري المفسرون لحكاية الإجماع على أن هذا القول لا يُعرف وأن العلماء مجمعون على القول بكذا وكذا. أيضاً من الدواعي يا دكتور عبد الرحمن وذكرت مثالاً قبل قليل (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) قالت إحدى طوائف الصوفية الغالية (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) اليقين مرتبة من بلغها سقطت عنه التكاليف ونحن نقول اليقين هو الموت بدليل قول الله عز وجل في سورة المدثر (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45)).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (حَتَّى أَتَانَا).

الشيخ محمد الخضيري: (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47))، (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) اليقين الموت بالإجماع. ومثلها قول الله عز وجل في سورة الليل (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)) حملها بعض الرافضة على أن الأتقى هنا علي بن أبي طالب نقول لهم نزلت في علي بن أبي طالب بعض الآيات وليس بحاجة إلى أن نأوّل هذه الآية أو نحملها عليه وهو داخل في عمومها لا شك في ذلك ولكن الآية أصلاً نزلت في أبي بكر الصديق وهذا بإجماع المفسرين. أيضاً من الدواعي أن يُذكر الإجماع في تفسير آية للاحتجاج به في تفسير آية أخرى وهذا مثال قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا) ما معنى (أَوْ) هنا هل هي للتخيير؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: للتخيير نعم.

الشيخ محمد الخضيري: أو أنها بمعنى ثم لعدم التخيير؟ للترتيب، فبعض العلماء قال إنها هنا للتخيير بدليل أنها في آية الحج وهي قول الله عز وجل (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) أنهم مجمعون على

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنها للتخيير.

الشيخ محمد الخضيري: أنها للتخيير. قال فيحتج بتلك على هذه الآية. أيضاً من الدواعي دفع توهم معنى فاسد أحياناً قد يتوهم في الآية معنى فاسداً فلدفع هذا المعنى الفاسد

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يذكر الإجماع.

الشيخ محمد الخضيري: يذكر الإجماع مثلاً في قوله عز وجل (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) هل السجود لآدم لعبادته؟ لا، السجود تحية واحترام وهو طاعة لله عز وجل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واستجابة.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم فيقولون وهذا السجود ليس للعبادة بالإجماع لأن السجود لا يكون عبادة إلا لله عز وجل. ومثله في قصة يوسف قال (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) خروا وهذا لأن هؤلاء كان من تحيتهم الخرور لمن يريدون احترامه لكن ليس على وجه العبادة. ومن أيضاً الدواعي مخالفة تأويل الآية للظاهر أحياناً قد يكون ظاهرها يدل على شيء والمعنى الصحيح فيها أنه ليس هو الظاهر فيحكى الإجماع. مثلاً (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُم) هل المقصود أن كل واحد منهم يأخذ سكيناً فيقتل نفسه؟ لا، (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُم) أي ليقتل بعضكم بعضاً مثل قول الله عز وجل (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) يعني لا يلزم بعضكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني نزّل الأخ منزلة النفس.

الشيخ محمد الخضيري: نزل الأخ منزلة النفس فهذا مخالف للظاهر لما خالف الظاهر احتجنا إلى حكاية الإجماع فيه. ومن ذلك أيضاً قول الله عز وجل (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا) الخرور لا يكون إلا للسجود فالمقصود بالآية الخرور هنا الركوع هنا هو السجود لقوله (وَخَرَّ) ولذلك يحكون الإجماع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا).

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بقي معنا ثلاث دقائق ربما أقل أريد أنا في ذهني سؤال وهو أنت الآن بعد دراستك يا دكتور محمد وبعد سنوات طويلة من انتهائك من البحث ما هي أبرز الملاحظات التي اجتمعت لديك من دراسة الإجماع في كتب المفسرين؟ وهل لديك أي نتيجة ممكن تذكرها للباحثين أو مقترح لإكماله في التفسير يا دكتور؟.

الشيخ محمد الخضيري: أنا الحقيقة أدعو إلى أن تستقرأ كتب التفسير كلها من أولها إلى آخرها ليجمع الإجماع كله في مسائل العلم كلها في التفسير والحديث والفقه إلى آخره هذا واحد. اثنين تجمع مسائل التفسير بشكل خاص طبعاً ما نص المفسرون عليه هذا بالدرجة الأولى. الثاني لو كان هناك مشروع في الأمة يقوم به جماعة من أهل العلم ويبدؤون بقراءة التفسير من أوله إلى آخره وكل لفظة لم يختلف فيها المفسرون يحكون فيها الإجماع يقولون هذه لم نجد فيها خلافاً هذا واحد، لو وجدوا خلافاً يبينوا لنا إن كان خلاف تنوع يقولون وجدنا فيه خلاف تنوع وهذا خلاف لا يضر العلماء مجمعون على أن المعنى هو في هذا أو هذا. الثالث يا دكتور عبد الرحمن أن يقولون لنا وجدنا في هذه الآية خلافاً مكوناً من قولين فلا يجوز لمن يأتي بعدهم من الأمة أن يستحدث قولاً ثالثاً يعني مما ذكرته من مسائل وأكدت عليه وهو مما ينبغي التأكيد عليه خصوصاً في هذا العصر عصر الإعجاز العلمي أنه لا يجوز إذا علمنا أن العلماء قد اختلفوا في آية على قولين أن نأتي ونزيد قولاً ثالثاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبطل هذين القولين.

الشيخ محمد الخضيري: يبطل هذين القولين أما إذا كان قولاً ثالثاً لا يعود عليهما بالإبطال فلا بأس. كما لو أننا احتججنا بالآية على مسألة لم يحتج بها الأولون جاز ذلك لأن الأولين قد يحتجون بالآية على مسألة وتأتي مسائل جديدة نحتج بالآية في تلك المسائل. فنحن نقول لهؤلاء أيضاً حكاية الإجماع في هذا على أن العلماء قد اختلفوا على قولين فلا يجوز إحداث قول ثالث مضاداً لهذين القولين وخارج عنهما هذه أيضاً تحتاج إلى من يحررها ويقوم بها لئلا يأتي من يزيد لأنه الآن اكتشفنا إنه بعض الناس يقول والله أنا فهمت الآية غير فهم الصحابة والتابعين وما فيه مانع إني أفهم الآية كما أبغى نقول لا، يا حبيبي أو يقول والله أنا وجدت فلان من الناس نقول الصحابة والتابعون ما فهموا هذا الفهم. فنقول له أنت إذا قلت بهذا أتدري ماذا يلزم على ذلك؟ يلزم على ذلك منكر عظيم الآن لو قلته لأحد من الناس يقف شعر رأسه أن هذه الأمة ضالة منذ أربعة عشر قرناً حتى جئت يا مجدد يا أستاذ الأستاذين وإمام الأئمة لتأتي بهذا القول الذي غاب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي والطبري وابن كثير وأبي حيان وغيرهم والقرطبي وأئمة الإسلام الجهابذة كلهم قد غفلوا عن القول وجئت أنت يا هذا الصعلوك في آخر الزمان لتأتي بهذا القول الذي تقول

الشيخ عبد الرحمن الشهري: غاب عن الأمة.

الشيخ محمد الخضيري: هذا غاب عن الأمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويرد أقوالهم.

الشيخ محمد الخضيري: ويرد أقوالهم نقول أنت ضال بهذا مخالف للإجماع، كيف مخالف للإجماع وهم قد اختلفوا؟ نقول نعم خلافهم إجماع على عدم الزيادة على أقوالهم وهذه مسألة مهمة لم يتسنى الوقت لها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل بارك الله فيك يا دكتور محمد وشكر الله لك الحقيقة أنا سعيد جداً أنا أول مستفيد من هذا اللقاء وقد أثرت مسائل مهمة جداً وبيّنت أهمية دراسة مسائل الإجماع عند المفسرين وأن الغالب على مسائل التفسير الإجماع وهذه لو لم نخرج من الحلقة إلا بهذه الفائدة لكانت فيها البركة. شكر الله لك يا دكتور محمد وتقبل الله منك. أيها الإخوة المشاهدون الكرام باسمكم جميعاً أشكر فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك سعود وعضو مجلس إدارة الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم على ما تفضل به في هذه الحلقة عن موضوع “الإجماع عند المفسرين” وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا وأن يرزقنا وإياكم الفقه في كتابه والعمل به على الوجه الذي يرضيه عنا. ألقاكم إن شاء الله في الأسبوع القادم وأنتم على خير أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.