برنامج أضواء القرآن

أضواء القرآن – الحلقة 24 – تفسير السلف للقرآن الكريم

اسلاميات

الحلقة (24)

عنوان الحلقة: تفسير السلف: مصادره ومنهجه وحجيته .

ضيف الحلقة: الشيخ الدكتور يحيى عبدالله أحمد، رئيس منظمة الرشاد للتنمية في تشاد بالعاصمة أنجمينا، والمتخصص في الدراسات القرآنية، حيث تخرج في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، وعنوان رسالته للدكتوراه “تفسير السلف: مصادره ومنهجه وحجيته”

ويدير اللقاء الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري.

*****************************

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في هذه الليلة المباركة في برنامجكم “أضواء القرآن” وسوف نخصص هذه الحلقة بإذن الله تعالى عن موضوع مهم جداً لمن يريد أن يعرف تفسير القرآن الكريم على وجهه الصحيح وهو موضوع “تفسير السلف الكرام للقرآن الكريم رضي الله عنهم من حيث منهجه ومصادره وحجيته وأهميته”. سوف نتعرف على المقصود بتفسير السلف، من هم هؤلاء السلف؟ لماذا نتشدد بالعناية بتفسير هؤلاء السلف؟ ما هي طبقاتهم؟ ما هي مصادرهم في التفسير؟ ما هي الكتب التي ننصح بها في التفسير الموثوق لهذه الطبقات الثلاث؟ وقد استضفت لهذا الموضوع عالِماً متخصصاً في هذا الموضوع ورسالته للدكتوراه هي هذه الرسالة التي على يساري وهي بعنوان ” تفسير السلف مصادره ومنهجه وحجيّته” وهو أخي فضيلة الشيخ الدكتور يحيى بن عبد الله بن أحمد أستاذ القرآن وعلومه بجمهورية تشاد ورئيس منظمة الرشاد للتنمية في العمل الخيري في جهورية تشاد. فحياكم الله يا دكتور يحيى.

الشيخ يحيى أحمد: أهلاً وسهلاً الله يحييكم وبارك الله فيكم، الله يكرمكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأهلاً وسهلاً أنا سعيد لأن هذه أول مرة يشارك معي ضيف من تشاد بل ربما من أفريقيا بشكل عام وهذه فرصة طيبة إن شاء الله.

الشيخ يحيى أحمد: إن شاء الله تكون فاتحة خير للناس تأتيك تترا إن شاء الله بإذن الله عز وجل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قبل أن نبدأ يا دكتور يحيى في موضوع “تفسير السلف” وهو موضوع مهم جداً وقد أفردنا له هذه الحلقة لأهميته، أريد أن نأخذ فكرة والإخوة المشاهدون ربما في شوق أنهم يعرفون العناية أو صور العناية بالقرآن الكريم في تشاد يا دكتور يحيى بإيجاز قبل أن نبدأ في الحلقة إن شاء الله.

الشيخ يحيى أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اختطّ سبيله واتبع هداه، أما بعد. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح وأن يوفقكم إن شاء الله للقيام بهذه المهمة العظيمة وهي مهمة البلاغ المبين لكتاب الله سبحانه وتعالى. فحقيقةً القرآن هو اعتنى به المسلمون في كل مشارق الأرض ومغاربها وعناياتهم تختلف من مكان إلى آخر وكلٌ على ثغر إن شاء الله. في تشاد قضية الاهتمام بالقرآن هذه كانت اهتمام الناس كلهم في السابق أذكر لك بعض الأشياء قد تتعجب منها يعني في بعض المناطق يصعب على الشاب أن يجد امرأة كفؤ له ويتزوجها وهو غير حافظ وهذا يصعب عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم يصعب عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يعتبر شرطاً من شروط الموافقة على الزواج بالشخص.

الشيخ يحيى أحمد: لأنه الإنسان أصلاً الذي ما حفظ القرآن كان يُلقَّب بألقاب قد لا أذكرها الآن فلذلك كان هذه من الأشياء البارزة الموجودة، بل إن الطفل في الغالب يُختَن بعد أن يحفظ القرآن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني معناه أنه يختن في سن صغيرة أو يحفظ عفواً.

الشيخ يحيى أحمد: يحفظ في سن صغيرة ونحن ممن انطبق علينا هذا الشرط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كم تحفظون القرآن في سن السابعة مثلاً أو الخامسة؟

الشيخ يحيى أحمد: يعني أنا حفظته في التاسعة. فكان هكذا الناس يعتنون وتجد في الغالب أن الناس الذين أعمارهم كبيرة ثلاثين أربعين خمسين من النادر تخرج منهم ثلاثة أربعة غير حافظين لكتاب الله عز وجل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله! هذا من جانب الحفظ حفظ القرآن.

الشيخ يحيى أحمد: هذا من جانب حفظ القرآن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأظنهم أيضاً ما زالوا يكتبونه

الشيخ يحيى أحمد: وطريقة الحفظ الكتابة على الألواح يعني في الغالب كل الذين يحفظون يكتب ثلاث مرات على اللوح على الرسم العثماني طبعاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنا أعرف أنهم في أفريقيا يعتنون بالرسم عناية لا نعتني بها نحن المشارقة.

الشيخ يحيى أحمد: من مظاهر العناية الطالب في المرة الثالثة عندما يكتب اللوح ويطّلع عليه الشيخ وطبعاً في الغالب في المرة الثالثة ما يكون فيه أخطاء أبداً أحياناً إذا حصل خطأ يرجع يبدأ من الأول فلذلك بعد ما يطلع عليه الشيخ وما يجد أخطاء بعد ذلك يكتب له النظائر مثلاً عندما جاء (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)) يعني يأتي وكلّ كلمة يأخذها ويذكر نظائرها يكتب له في طرف اللوح مثلاً (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) هذا يكون ألف أسود يعني ليس محذوفاً إنما هو ألف ثابت (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ومثله (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، (لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (رُؤْيَاكَ).

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم (وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)، (وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ)، (إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهكذا.

الشيخ يحيى أحمد: (إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ)، (وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ) يعطيك النظائر كلمة كلمة كلمة هكذا إلى أن ينهي النظائر فتحفظه وتسمعه بعد ذلك تكتب المرة القادمة وهكذا هذا في البدايات يعني ممكن يعطوك الكلمتين أو الثلاث أو العشر أو كذا تصل في مراحل معينة بالمئات الحساب يكون بالمئات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: النظائر.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صدقت بعض الكلمات متكررة بشكل كبير.

الشيخ يحيى أحمد: بعض الناس حتى يقضي أكثر من عشرين سنة في قضية ضبط رسم القرآن وضبطه فقط فلذلك كان فيه عناية شديدة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإلى اليوم.

الشيخ يحيى أحمد: وإلى اليوم صحيح العناية التي كانت في السابق أصبحت أقلّ من الأول بمجيء المدارس والأشياء هذه. وبالمناسبة الناس عندما جاءت المدارس وكذا كان يقولون أنها هذه مدارس الكفار جاؤوا بها ضد القرآن فلذلك كانوا يهربون بأولادهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله! سؤال يا دكتور يحيى هل هذه العناية تشمل علوم القرآن وأصول التفسير والتفسير نفسه وإلا مقتصرة فقط على الحفظ والضبط والرسم؟

الشيخ يحيى أحمد: والله في الغالب كان الاقتصار على الحفظ والرسم والضبط لكن في بعض المدن وفي بعض المناطق مثل مدينة أبشا تعتبر هي المدينة العلمية بالنسبة لتشاد في مثل هذه لا شك أنه فيه عناية بأيضاً علوم القرآن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والتفسير

الشيخ يحيى أحمد: وتفسير القرآن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه لعلها تكون مقدمة إن شاء الله يا دكتور يحيى لحلقة نخصصها لهذا الموضوع.

الشيخ يحيى أحمد: إن شاء الله وإلى يومنا هذا كتابة المصاحف بالرسم العثماني إلى الآن موجودة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يكتب باليد.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا لا تستفيدون من المطبوع الآن؟

الشيخ يحيى أحمد: والله بعض المناطق حتى ما يعرفون القراءة في

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المصاحف.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم أبداً ما وصلهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لازم يكتب بيده.

الشيخ يحيى أحمد: يكتب إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جزاك الله خيراً. دعنا نعود يا شيخنا إلى “تفسير السلف” وموضوع “تفسير السلف” يا دكتور يحيى موضوع مهم جداً وخاصة في ظل تهاون كبير يا دكتور يحيى الآن بموضوع “تفسير السلف” بعضهم ينظر إلى تفسير السلف أنه تفسير بسيط وساذج وأن التفسير العميق هو التفسير المعاصر الآن، قراءة جديدة ربما أو تفسير علمي أو إعجاز علمي إلى آخره. دعني أولاً أسألك يا دكتور يحيى لماذا اخترت موضوع “تفسير السلف مصادره ومنهجه وحجيته” للكتابة فيه في رسالتك للدكتوراه؟ ما سبب اختيارك لهذا الموضوع؟

الشيخ يحيى أحمد: سبب اختياري لهذا الموضوع أولاً لعلمي بأن السلف أعلم الناس بكتاب الله عز وجل السبب في هذا أنهم عايشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاهدوا التنزيل ولا شك أن الإنسان الذي عايش التنزيل وعرف الأسباب التي من أجلها نزلت آية كذا أو نزلت سورة كذا هو أدرى بالمعنى من غيره ممن نُقِل إليه لأن ليس الخبر كالمعاينة لذلك الذين كتبوا في علوم القرآن في أسباب النزول قالوا العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، لماذا؟ لأنه كان شاهداً وكان يعاين فحصلت قضية معينة بناء على هذه القضية نزلت هذه الآية لتعالج هذه القضية (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) فبناء عليه أن السلف أدرى بفهم القرآن الكريم لكونهم عايشوا التنزيل. الأمر الثاني شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبيّن للناس ما نُزِّل إليهم (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) فكان صلى الله عليه وسلم يبيّن للناس كلام الله بأقواله وبأفعاله وبإقراراته وهم شاهدون فلا شك أن هذا يكسبهم العلم بدقة. كذلك أن السلف يفهمون القرآن أكثر من غيرهم لكونهم عربٌ أقحاح يفهمون مرامي اللغة ودلالاتها من غير أن يحتاجوا إلى معلِّم يعلمهم هذه الكلمة معناها كذا أو كذا فلذلك من الأسئلة التي جاءت منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم نحو كلمات معينة ما هي إلا قليلة نادرة لأن بسليقتهم وطبيعتهم ولغتهم يفهمون كتاب الله عز وجل فهذه أسباب من الأسباب التي اخترت أن أبحث فيها في تفسير السلف. أيضاً لما أتكلم عن تفسير السلف مصادره ومنهجه لأن هذا الكلام ينصب في مناهج العلوم فلا شك أن مناهج العلوم هي أهم بكثير من الانشغال بالجزئيات التي هي لا تتناهي أبداً لأن المناهي هي التي تضبط مسيرة العلم وكيف الإنسان يسير على الطريق الصحيح. كذلك في علوم القرآن يُذكر من القواعد في القواعد يذكر إن تفسير الصحابة مقدّمٌ على غيره وإن كان يخالف ظاهر السياق كما يُذكر تفسير السلف هو مقدَّم على غيرهم عموماً إذاً هذا يحتاج إلى أن تتوقف ما هو التفسير الذي يكون مقدّماً على غيره بإطلاق؟ وهل تفسير السلف بإطلاق مقدم أم الذين قالوا بهذه القواعد يقصدون نوعاً ما ولوناً معيناً في تفسير السلف؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا سيأتي معنا بإذن الله في الحوار. عندما جئت إلى بحثك هذا الموضوع يا دكتور يحيى هل وجدت دراسات سابقة في هذا الموضوع؟ أم أنك وجدته لم يبحث بشكل أو بنفس المنهجية التي كتبت بها بحثك؟

الشيخ يحيى أحمد: حقيقة قد يكون كتبوا ولكن أنا ما وقفت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بحثت ولكن

الشيخ يحيى أحمد: ما وجدت من كتب في “تفسير السلف مصادره ومنهجه وحجيته” بهذا العنوان أو شيء من هذا القبيل أنا ما وقفت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل ولذلك رأيت أنه جدير بأن يكتب فيه، متى نوقشت الرسالة يا دكتور يحيى؟

الشيخ يحيى أحمد: نوقشت قبل عشر سنوات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قبل عشر سنوات جميل جداً. دعنا نعود يا دكتور إلى كثير من الإخوة الذين يشاهدون الآن يريد أن يفهم ماذا نقصد بالسلف؟

الشيخ يحيى أحمد: السلف إطلاقي في هذا البحث لكلمة السلف قصدت به من ناحيتين: السلف بمفهوم تاريخي وسلف بمفهوم منهجي. السلف بمفهوم تاريخي الذين عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة والتابعون الذين عايشوا الصحابة وأتباع التابعين الذين عايشوا التابعين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثلاث طبقات.

الشيخ يحيى أحمد: ثلاث طبقات كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» الحديث في البخاري عمران بن حصين قال هل قال مرتين أو ثلاث، كما هو معلوم عند الجميع. فأقصد السلف بالمفهوم التاريخي هؤلاء الناس الذي عاشوا في هذه الفترة الزمنية الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية. المفهوم الثاني المفهوم المنهجي هؤلاء الناس لما شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الشهادة ليس مجرد ضمّهم هذا الوقت لأن هناك من الناس من عاشوا في ذاك الوقت وإنهم من أهل النار لأنهم ما آمنوا بالله ولا آمنوا برسوله صلى الله عليه وسلم وناصبوا العداء للدعوة فعيشهم في هذه الفترة ما نفعهم بشيء! إذاً هؤلاء الناس الذين كانوا في تلك الفترة مُدِحوا بهذا المدح لكونهم التزموا بشيء معين الذي جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «الذين كانوا على ما أنا عليه وأصحابي» إذاً عاشوا في فترة معينة وكانوا على منهج معين فبالمفهوم التاريخي يقتصر على الفترة الزمنية. بالمفهوم المنهجي يمتد يعني كل من كان على هذا الخط واتبع سبيلهم وكان على نمطهم فهو ينسب إليهم وإن تباعدت بهم الأزمان ولذلك أنا تعاملت بهذا المفهوم بالمفهوم التاريخي وبالمفهوم المنهجي أيضاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالنسبة لما جئت يا دكتور يحيى إلى المادة العلمية لتفسير السلف يعني ولنقل الصحابة والتابعين بالذات، هل وجدت مادة علمية صحيحة أو مقبولة في تفسير السلف عن الصحابة وعن التابعين تغطي مساحة كبيرة من القرآن الكريم؟ أم أنه كما تفضلت كانت أسئلتهم قليلة ولذلك تفسيراتهم باعتبار أنهم أهل اللغة وإلى آخره؟

الشيخ يحيى أحمد: هو لا شك أننا نجد الأسئلة التي قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت قليلة إلا أن كلامهم في التفسير موجود بكثرة، لماذا؟ لأن الذين ما شاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين تأخروا وجاؤوا كانوا يسألون الصحابة لأنهم مهما كانوا وإن كانوا فصحاء بلغاء إلا أنهم فاتهم ما أدركه الصحابة وهو “مشاهدة التنزيل” فلذلك حديث الصحابة عن القرآن موجود بكثرة ونجد مادة غزيرة من أقوال الصحابة والتابعين عن تفسير آيات القرآن الكريم بكثرة، الذي يميز تفسيرهم أنهم ما يتكلمون كلاماً أدبياً مسهباً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مختصر وجيز.

الشيخ يحيى أحمد: كلام مختصر وفي الصميم يعني ما يكثرون الحديث يعني يؤتى بلفظة أو بكلمة تبين هذه اللفظة جملة السياق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولعلنا نشير إلى هذا أثناء ذكر مزايا تفسير السلف. هنا يظهر لي يا دكتور يحيى أننا عندما ندعو إلى الاعتناء أو العناية بتفسير السلف ليست مسألة عاطفية أننا نتعصّب للصحابة لأنهم صحابة أو نتعصّب للتابعين لمجرد التعصّب وإنما المنهج العلمي يقتضي قبول أقوالهم في التفسير لمشاهدتهم ولغتهم وسبقهم.

الشيخ يحيى أحمد: لو تعصّبنا لهم لأنهم يستحقون أن يُتعصَّب لهم لا لذواتهم إنما لما امتازوا به من هذه المزايا الكثيرة ليس مجرد تعصّب

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالضبط هو منهج علمي.

الشيخ يحيى أحمد: إنما هو لسبب منهج علمي وليس

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعني أذكر لك شيئاً يا دكتور يحيى ذات يوم في أحد المؤتمرات سمعت أحدهم وهو يفسر آية من الآيات تفسيراً علمياً فإذا به يستبعد تفسيرات ابن عباس وعلي بن أبي طالب ويردّها ويقول هذا تفسير ساذج، طيب والتفسير الصحيح؟ فإذا به التفسير الذي جاء به هو فقلت طيب وتفسير السلف الذين لم يخالفهم فيه أحد هذا ابن مسعود وهذا عبد الله بن عباس وهذا علي بن أبي طالب لا يعرف لهم مخالف؟ فقال أبداً ما هو الجديد الذي يضيفه هذا المعنى؟ وأخذ يهوِّن من شأن تفسيرهم ولذلك أنا أسأل هذا السؤال.

الشيخ يحيى أحمد: هي كلمة التفسير العلمي إطلاقه على هذا اللون من التفسير فقط أيضاً فيه تجنّي لأن كلمة العلمية هذه تعني أن هذا الشيء حقيقة ووصل لدرجة العلم والعلم ليس طريقه التجربة فقط والسبر إنما مجيء الخبر من جهة لا يأتي منها إلا الصدق فهذا غاية العلم. مجيء الخبر من النبي صلى الله عليه وسلم هذا لا شك علم سواء كان علمنا العلّة أو لم نعلم العلّة لأنها جهة صادقة. إلحاق الشيء بنظيره علم، معرفة الشيء بعينه علم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وليس مجرد ما أثبته العلم التجريبي.

الشيخ يحيى أحمد: ليس مجرد إدخال الشيء في المختبرات فقط هذا هو العلم أبداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعل هذا يا دكتور سببه الحضارة الغربية إن صح التعبير رسخت هذا المفهوم وهو أنها تطلق العلم على العلم التجريبي الذي يثبت في المعامل أما ما يسمونها بميتافيزيقا وما وراء المادة ربما لا يعطونه أي اهتمام.

الشيخ يحيى أحمد: لأنهم لا يؤمنون إلا بالماديات والمحسوسات فكيف نحن نجري على هذا والله عز وجل يقول (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أستأذنك معنا على الهاتف شيخنا الدكتور خالد بن عثمان السبت حياكم الله يا دكتور خالد.

الشيخ خالد السبت: الله يحييك ويبارك فيك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً نحن يا دكتور خالد نتحدث في موضوع تفسير السلف من حيث مصادره وأهميته وحجيته فيا حبذا يا دكتور خالد ونحن ما زلنا في بداية الحديث لماذا العناية بتفسير السلف برأيك؟.

الشيخ خالد السبت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد. فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله.

الشيخ خالد السبت: أحييك وأحيي ضيفك فضيلة الشيخ يحيى عبد الله والشيخ عرفته قديماً في الجامعة الإسلامية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما عرفت أنه من طلابك يا دكتور خالد.

الشيخ خالد السبت: الشيخ جاءنا وهو عالم ودرّسته في السنة الأولى وأظن ذلك كان في حدود سنة ألف وأربع مئة وتسعة وهو من نوادر من رأيت من طلاب الجامعة وكان يدرِّس الطلاب وهو في السنة الأولى يأتون إليه في غرفته ويدرسهم الأصول واللغة وغير ذلك، فأسأل الله عز وجل له التوفيق وأن ينفع به وأن يبارك جهوده وله جهود مباركة في السودان حينما كان هناك ثم بعد ذلك في بلده تشاد ونحن نأمل من مثله أن يكون شمساً مشرقة ليس فقط على بلاده وإنما عموم البلاد الإسلامية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نسأل الله لك التوفيق يا شيخنا.

الشيخ خالد السبت: فنسأل الله أن ينفع به وأن يبارك جهوده. السلف رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم كما تعلمون أن ذلك يقال بإطلاق ضيق على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فحسب، ولا شك أن الصحابة هم أعلم الناس بكلام الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل جيل عرفته البشرية وقد كانوا أهل فصاحة وبلاغة وكانوا أيضاً أهل صدق وإخلاص ونيّة كذلك أيضاً اختارهم الله لصحبة النبي عليه الصلاة والسلام وشاهدوا أحواله ونزول القرآن وفيما نزل فهم أعلم الناس. ولهذا إذا قلنا مثلاً كما يقول الشاطبي تُحمَل نصوص الكتاب على معهود الأميين في الخطاب فالذين خوطبوا بالقرآن هم الصحابة رضي الله عنهم. ويُطلق بإطلاق أوسع من هذا يعبِّر عنه بعض أهل العلم يقولون تفسير أو كلام أو السلف هم الصحابة والتابعون، وبعضهم يفصِّل فيقول أصحاب القرون الثلاثة والواقع أنه لا اختلاف لأنه إذا قيل الصحابة والتابعون فالتابعون كما هو معلوم طبقات وليس ذلك بقول مستقل يعني من قال الصحابة والتابعون أو من قال الصحابة والتابعون وأتباع التابعين فذلك يرجع إلى شيء واحد ويكفينا في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم «خير الناس قرني – كما تعلمون – ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» ثم بعد ذلك ذكر من يأتي بعدهم «قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته» الشاهد أنه لم يذكرهم بالثناء والمدح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا دكتور خالد الآن نسمع أو نقرأ في كتابات كثيرة الآن منتشرة من يهوِّن من العناية بأقوال السلف ويرى أن هذا ارتهان للماضي ورجوع إلى الخلف، فما تعليقك على هذا يا دكتور؟

الشيخ خالد السبت: طبعاً نحن حينما نقول بأن هؤلاء القرون الثلاثة ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم ونصّ عليهم ونجد في كلام بعض الأئمة من السلف رضي الله عنهم من يقول معلِّقاً على بعض الانحرافات في فهم كلام الله عز وجل يقولون مثلاً “أهلكتهم العُجمة” فهنا عُجمة في القلوب وعُجمة أيضاً في الأفهام وعُجمة في الألسن فهؤلاء الذين يقولون نحن نفهم كما يفهمون. أنا كثيراً ما أتأمل أحوال الطوائف وكيف انحرفوا وكتاب الله عز وجل محفوظ؟! واسمح لي قليلاً طالما أنك طرقت هذه القضية أن أنبّه إلى هذا الجانب لأهميته لكثرة من نرى في هذه الأيام يشربون على هذا الجانب. فتأملت في أحوال هؤلاء الناس وجدت أن الخوارج حينما خرجوا كفّروا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء قطعوا الطريق على أنفسهم ومن ثمّ فإنهم سيردّون السنة وسيكتفون بالقرآن ويفهمونه بفهمهم هم ومن ثم وقعت لهم هذه الانحرافات العظيمة. ثم إذا نظرت إلى الذين انتحلوا التشيّع وغلوا في ذلك وجدت أنهم أيضاً ضللوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا نفراً يسيراً وزعموا أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد ارتدوا على أدبارهم، ارتدوا على أعقابهم ومن ثمّ فإنهم ردوا السنة وادّعوا العصمة لمن ليس لهم عصمة ومن ثمّ فإنهم سيفهمون القرآن بفهم آخر. وإذا نظرت إلى الصوفية وغُلاة الصوفية وجدت أنهم يستغنون عن هذا كله ويقولون تأخذون علمكم ميتاً عن ميت ونحن نأخذ العلم عن الحيّ الذي لا يموت، الإلهام والكشف الصوفي وما إلى ذلك فهؤلاء أنّى لهم يهتدون؟! وإذا نظرت إلى طوائف المتكلمين عفواً من المعتزلة ونحوهم تجد أن هؤلاء قدّسوا العقل وتكلموا في حق سلف الأمة من الصحابة فمن بعدهم بالتجهيل ورموهم بأقبح الأوصاف واجترأوا عليهم كما نرى في هذه الأيام لأولئك الذين يزعمون أنهم يقدّسون العقل ويقولون للآخرين لا تؤجِّر عقلك لا تُسلم قيادك لهؤلاء أعطاك الله عقلاً، نحن نفهم كما يفهمون نحن نستطيع أن نفهم كما فهموا من غير أي قواعد ولا ضوابط ولا أصول ينطلقون منها ولا يعرفون إجماعاً ولا خلافاً ولا أقوال أهل العلم ولا أقوال السلف ولا يعرفون أسباب نزول ولا يعرفون شيئاً، إنما غاية ما هنالك أنه قرأ كتاباً مترجماً أو بعض الكتب لبعض المنحرفين كالجابري وأركون وأمثال هؤلاء أو رواية من هذه الروايات وظن أنه صار يلمس الثريا بيديه واحتقر السلف واحتقر أهل العلم وصار بزعمه يزاحم هؤلاء بأكتافه. فهذه جناية وانحراف كبير وهو أصل كبير من أصول الضلال فإذا كان الإنسان يزعم أنه يفهم كما يحلو له من غير أصول ولا ضوابط ولا قواعد فهذه مصيبة. ولذلك تفطّن بعضهم لهذا بعض كبار المنحرفين في هذا العصر كالترابي مثلاً فصاروا يطالبون بما يسمى بتجديد أصول الفقه ليضعوا لهم أصولاً ينطلقون منها ولهذا نحن ندعو في مثل هذه الأيام أن تُبين أصول هؤلاء وأن تُربط بأصول من قبلهم أولئك الذين قدسوا العقل كالمعتزلة مثلاً فهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالتنويريين ومن يتأثر بهم من الشباب هداهم الله هؤلاء في الواقع ينطلقون من أصول ينبغي أن تُبيَّن هذه الأصول وأن تُبطل وأن تُناقش وأن يُبين أنه لا يمكن للناس أن يفهموا كتاب الله عز وجل وكلامه بعيداً عن معرفة ملابسات النزول وأسباب النزول وكلام من شاهدوا التنزيل فهذا أصل كبير من أصول الانحراف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا دكتور خالد وشكر الله لك على هذه اللفتة الجميلة جداً وإن شاء الله نتمنى إنك في حلقة قادمة تكون معنا هنا يا دكتور خالد.

الشيخ خالد السبت: نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يفتح عليك شكراً دكتور خالد بن عثمان السبت أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الدمام شكراً جزيلاً لك. حياك الله يا شيخ يحيى مرة أخرى وسمعت ما ذكره الدكتور خالد السبت وقد أثنى عليك خيراً وأسأل الله أن يبارك في علمك وأن يوفقك وسمعت ما قاله عن قضية العناية بتفسير السلف. ولذلك نحن يا دكتور يحيى نريد أن نؤكد على مسألة أننا عندما ندعو للعناية بتفسير السلف والاهتمام به والرجوع له والاعتماد عليه ليس هذا تعصباً وليس هذا رجعية وإنما هو منهج علمي منضبط بالأصول لأنهم هم الذين شاهدوا التنزيل وهم أهل اللسان وشاهدوا أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبين القرآن الكريم بأفعاله وبأقواله وبتقريراته كما تفضلتم في بداية الحلقة هل لك من تعليق على كلام الشيخ خالد؟

الشيخ يحيى أحمد: طبعاً شيخنا خالد جزاه الله خيراً أنا ما أخرّب كلامه ما أُعلِّق حتى أخرب على كلامه جزاه الله خيراً طبعاً الرجل أستاذي ومن أستاذتنا الذين يحبوننا كثيراً فنسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما سمعنا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اللهم آمين. وضحنا الآن للإخوة للمشاهدين أن نقصد بالسلف طبقة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعه وسار على منهجه. وذكرت لي أن هذه الطبقات الثلاث يوجد تفسيرها وكلامها في التفسير محفوظاً في كتب أهل العلم، هل تذكر لنا يا دكتور يحيى مصدر أو مصدرين أو ثلاثة من المصادر التي نقلت لنا تفسير هذه الطبقات ويعتمد عليها؟

الشيخ يحيى أحمد: لا شك أن كثيراً من المفسرين نقلوا هذا على رأسهم إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري ما من آية أو ما من جزئية إلا ويذكر أقوال الصحابة والتابعين ومن تبعهم بأسانيده فلذلك هو يعتبر من أكبر المصادر التي يمكن أن نتلقى منها تفسير الصحابة والتابعين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وغيره من الكتب؟

الشيخ يحيى أحمد: غيره من الكتب مثل تفسير ابن أبي حاتم، كذلك تفسير البغوي وغيره كذلك تفسير ابن كثير طبعاً كأن هو يأخذ كثيراً من ابن جرير

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ابن جرير الطبري.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم والسيوطي رحمة الله عليه جمع في كتابه “الدر المنثور في التفسير بالمأثور” إنه نقل كلام الصحابة والتابعين وأتباعهم بغض النظر عن دراسة الأسانيد أو نحو ذلك إلا أنه جمع كمية كبيرة من كلام السلف رضوان الله عليهم أجمعين فتفسير السلف منثور وموجود إن شاء الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في هذه المصادر.

الشيخ يحيى أحمد: في هذه المصادر وغيرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً. دعنا نعود يا دكتور يحيى إلى مصادر السلف في التفسير ولنبدأ بالصحابة رضي الله عنهم من أين كانوا يستقون تفسيراتهم للقرآن الكريم؟

الشيخ يحيى أحمد: لا شك أن المصادر لما توقفتُ وقرأتُ بعض ما يمكن أن أقراه في هذا الباب الصحابة يتلقون تفسيرهم إما تفسير آية بآية أخرى وهذا نجده كثيراً في كلامهم يعني يُسألون عن شيء معين أو عن آية معينة فيقرأون آية أخرى كأنه تنظير وتوضيح لتلك الآية فمن هنا أننا نجد أنهم يفسرون القرآن بالقرآن كما تعلم أن خير ما فسرته بالوارد

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك صحيح.

الشيخ يحيى أحمد: والله سبحانه وتعالى إذا أجمل في موضع قد بيّن في موضع آخر والقرآن هو تبيان لكل شيء ويبين بعضه بعضاً فالصحابة من مصادرهم أنه يفسرون كتاب الله بكتابه عز وجل. كما أنهم يعتمدون في مصدر آخر وهو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يفسرون القرآن بما جاء وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي عليه الصلاة والسلام هذه وظيفته (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وإقراره وكانوا يشاهدون ذلك فلذلك إنهم يفسرون القرآن الكريم بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الموضع نذكر كلام أهل التفسير أن منهم من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم ما فسّر إلا آيات قلائل تُعدّ بالأصابع ومنهم من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر القرآن كله وأرى أن ليس هناك تعارض بين القولين أن من يقول إنه ما فسر إلا آيات معدودات يقصد به التفسير المباشر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: القولي.

الشيخ يحيى أحمد: القولي، أما الذي يقول فسّر القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان خُلُقُه القرآن. الآيات التي تتحدث عن الصلاة النبي صلى الله عليه وسلم صلى وقال «صلّوا كما رأيتموني أصلي» فهذه الصلاة التي كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن للناس أنهم فليصلّوا كما رأوه يصلي فهي شرح تفسير وبيان للآيات التي كانت تتحدث عن الصلاة. لما نجد آيات تتحدث عن الحج والنبي صلى الله عليه وسلم يحج ويقول «خذوا عني مناسككم» والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يوثِّقون حركة النبي صلى الله عليه وسلم للحج من لما تحرك من المدينة إلى أن يرجع كما في حديث جابر رضي الله عنه فإذاً هذا تفسير للآيات التي تتحدث عن الحج. لما النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناس سواء كان مع أهله أو مع أصحابه أو مع جيرانه أو مع الناس أجمعين فإن هذا تفسير وبيان للآيات التي تتحدث عن علاقة الناس بعضهم ببعض (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا). عندما يتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع من يعاديه من الكفار والمشركين والذين يقاتلونه أيضاً يتعامل معهم معاملة معينة، حتى في الحروب عنده أسلوب معين وطريقة معينة للتعامل لأصحابه عندما كانوا يذهبون إلى السرايا يوصيهم اِعملوا كذا ولا تعملوا كذا، فهذا تفسير وبيان للآيات التي تتحدث عن العلاقة بين المؤمنين وغيرهم. فلذلك أم المؤمنين عائشة سُئلت عن خُلُقه فقالت كان خُلُقه القرآن. إذاً الصحابة ينطلقون من هذا أن حركات النبي صلى الله عليه وسلم وسكناته وإقراراته وحديثه وتصرفاته كل ذلك بيان لما جاء عن الله عز وجل ولذلك هذا أيضاً مصدر من مصادرهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويبدو لي أن هذين المصدرين هما من أهم المصادر.

الشيخ يحيى أحمد: لا شك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: القرآن نفسه وكلام النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره. والمصادر الاجتهادية إن صح التعبير؟

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم هناك مصادر اجتهادية. أنا في حديثي قسمت البحث إلى قسمين فقط: نقلي واجتهادي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني المصادر.

الشيخ يحيى أحمد: إي قسمت المصادر إلى اثنين مصادر نقلية ومصادر اجتهادية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ماذا تقصد بالنقلية؟

الشيخ يحيى أحمد: النقلية حصرتها في تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير القرآن بأسباب النزول الذي عنونت له بقولي “واقع الحال والأسباب المقارِنة لنزول الآيات” مع أن أسباب النزول لا تخرج عن التفسير بالسنة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح.

الشيخ يحيى أحمد: ولكن أفردت ذلك لأنني ربطته بقولي “واقع الحال والأسباب المقارنة لنزول الآيات” قصدت بذلك أن الواقع ينقسم إلى قسمين واقع قبل نزول الآيات وهذا هو المرتبط مباشرة بتفسير وبيان الآيات. وواقع آخر هو ما عليه الناس بعد نزول القرآن وإن كان هذا ليس له علاقة مباشرة بالتفسير إلا أن له علاقة من ناحية أخرى لأن التأويل إما تأويل وتفسير وبيان للآيات وإما تنزيل على واقع الناس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعني يا دكتور يحيى أفهم هذه النقطة هل تقصد بقولك المقارِن للنزول والسابق له أو واقع الحال مثلاً على سبيل المثال عندما جاء الواحدي وقال إن سبب نزول سورة المسد هي قصة أصحاب الفيل عفواً سورة الفيل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) وقال سبب نزول هذه السورة هي قصة الفيل ومجيء أبرهة لهدم الكعبة فاعترض عليه السيوطي وقال هذا خطأ لأن سبب النزول هو ما نزل القرآن بشأنه وقت نزوله كحادثة أو سؤال وهذا لم يكن وقت النزول إنما قد سبقه بأربعين سنة. كلامك رائع جداً الآن لأنه رأيت أنا كلام للفراهي رحمه الله ورأيت كلاماً للدكتور محمد عبد الله دراز يرى إدخال هذه المدّة المقاربة للنزول التي تتحدث عن واقع النزول وواقع الحال أن تدخل في أسباب النزول ولو لم تكن مباشرة فيبدو أن كلامك يصب في هذه النقطة؟

الشيخ يحيى أحمد: ليس بالضبط ولكن ليس بعيداً منه لأنه هذا الذي يقوله مثلاً سورة الفيل نزلت لسبب مجيء أبرهة أحياناً عندما يطلقون سبب النزول لا يقصدون به السبب المباشر إنما هو كل ما يندرج تحت هذا الحكم. إذا كان نظرنا من هذا الباب لأن السبب هذا كأنه هو علّة عند الأصوليين في القياس إذا كان هذا هو العلّة كل ما ينطبق عليه فينطبق عليه الحكم، لكن أنا أقصد بأسباب النزول قبل نزول القرآن كان واقع معين موجود والقرآن يتنزل، يتنزل إما بإقرار واقع معين لأنه حسن وإما بإبطال هذا الواقع المعيّن فمثل هذا يعتبر سبباً مباشراً أما واقع الحال الذي عليه الناس فإنه ليس سبباً مباشراً ولكن لما نريد إنزال حكم شرعي على واقع معين نحتاج إلى تحقيق المناط. إذاً تحقيق المناط ومحاولة تنزيل ما يتناسب في هذا المناط نوع من التأويل لأن التأويل ليس مقصوراً على التفسير، التأويل بمعنى التفسير وتأويل بمعنى تحقيق المناط وإنزال الحكم الذي يتناسب مع هذا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع الأخذ بالاعتبار كل هذه الملابسات.

الشيخ يحيى أحمد: نعم بناء على هذا نقول أنا عنونت له بـ “واقع الحال والأسباب المقارنة لنزول الآيات”.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا تعبير لطيف غير مشتهِر في كتب علوم القرآن. أستأذنك يا دكتور يحيى أعطيك فرصة ترتاح قليلاً وأستأذنكم أيها الإخوة المشاهدون فاصل قصير ثم نعود إلى مواصلة حديثنا بإذن الله تعالى.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام في هذه الحلقة التي نتحدث فيها عن “تفسير السلف للقرآن الكريم من حيث أهميته وحجيته ومصادره” وأرحب مرة أخرى بضيفي فضيلة الشيخ الدكتور يحيى بن عبد الله بن أحمد أستاذ الدراسات القرآنية ورئيس منظمة الرشاد للتنمية في جهورية تشاد. حياكم الله يا دكتور يحيى مرة أخرى.

الشيخ يحيى أحمد: أهلاً وسهلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنا نتحدث قبل الفاصل عن المصادر النقلية لتفسير السلف رضي الله عنهم من أين يستقون تفسيرهم وذكرت أنهم يأخذونه من القرآن الكريم نفسه ثم من السنة النبوية ومفهوم السنة النبوية الذي شاهدوه هم وعايشوه. اللغة العربية يا دكتور يحيى هي مصدر من مصادرهم هل أدخلتها في التفسير النقلي عفواً المصادر النقلية وإلا المصادر الاجتهادية برأيك؟

الشيخ يحيى أحمد: أنا أدخلت اللغة العربية من المصادر النقلية لأنه اللغة أيضاً هي تُحفظ وتُنقل كما هي من العرب الفصحاء لذلك أهل اللغة حددوا زمن الاحتجاج بفترة معينة. بعد ذلك ما جاء من الكلام لا يحتجون به إلا إذا وجدوا له أصلاً عند هؤلاء. فإذاً من هذه الحيثية نظرت إلى أن اللغة نقل فلذلك أدرجته مع المصادر النقلية وليست المصادر الاجتهادية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه الحقيقة ميزة مهمة جداً لتفسير السلف هذه الطبقات الثلاث لأنك عندما تقول الصحابة والتابعون وأتباع التابعين هؤلاء كلهم في عصور الاحتجاج يعني لما تقارن الآن أو توازن بين عبد الله بن عباس مثلاً وبين ابن جرير الطبري عبد الله بن عباس لغته التي يتحدثها حُجّة بخلاف ابن جرير فهو يبحث عن الحُجّة أما هذا فحجته على طرف لسانه.

الشيخ يحيى أحمد: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا فرق جوهري كبير

الشيخ يحيى أحمد: لا شك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل بقي هناك مصادر أخرى يعني جعلتها لتفسير هؤلاء السلف رضي الله عنهم؟

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم من المصادر التي تحدثت عنها المقاصد مقاصد الشريعة هذه أيضاً مصدر من المصادر وإن كنت أدرجته في الجانب الاجتهادي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مقاصد الشريعة.

الشيخ يحيى أحمد: مقاصد الشريعة نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا الحقيقة مصدر غريب لكن أستأذنك أن آخذ هذا المصدر بعد اتصال من الأخ أبو عبد الرحمن من العراق حياكم الله يا أبا عبد الرحمن تفضل.

الأخ أبو عبد الرحمن: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأخ أبو عبد الرحمن: حياك الله يا شيخ وحيا ضيفك الكريم الدكتور يحيى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يحييك.

الأخ أبو عبد الرحمن: نورتم قناة دليل جزاكم الله خيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اللهم لك الحمد الله يبارك فيك تفضل يا أبا عبد الرحمن تفضل

الأخ أبو عبد الرحمن: شوقتمونا إلى هذه الرسالة العلمية الجميلة للدكتور يحيى نتمنى أن تكون قد طبعت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله للأسف أنا أول مرة أعلم بها في هذا الأسبوع ولكن إن شاء الله سأسعى في طباعتها بإذن الله

الأخ أبو عبد الرحمن: والله هذا أملنا فيكم وإن لم تطبع يا ليت يأذن لنا الدكتور يحيى أن تنشر على ملتقى أهل التفسير وغيره لعلنا نطلع عليها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جزاك الله خيراً بإذن الله، أبشِر. هل لديك سؤال يا أبا عبد الرحمن؟.

الأخ أبو عبد الرحمن: جزاكم الله خيراً، لا والله هذا طلبي الوحيد جزاكم الله خيراً نستمتع بالاستماع إليكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يفتح عليك شكراً وشكراً لمتابعتك الأسبوعية يا أبا عبد الرحمن، الله يفتح عليه، معنا الأخ أسامة من الجزائر تفضل يا أخ أسامة.

الأخ أسامة: السلام عليكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله.

الأخ أسامة: كيف حالك شيخ عبد الرحمن؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يبارك فيك حياكم الله وبياكم.

الأخ أسامة: نحبك في الله يا شيخ بارك الله فيك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحبك الله الله يطول عمرك ويحفظك.

الأخ أسامة: شيخنا فقط نريد منكم تنبيه من الشيخ حفظه الله تنبيه على بعض كتب المفسرين التي اعتمدوا فيها أو اعتمد أصحابها في تفسير القرآن الكريم على عقولهم وأهملوا نقول السلف الصالح رضي الله عنهم خواطر تفسيرية أو غير ذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني تقصد يا أسامة من باب التحذير منها مثلاً أو شيء؟

الأخ أسامة: الكتب التي اعتمدت في تفسيرها على نقول السلف يعني ينبّه على الكتب الأخرى التي اعتمدوا على عقولهم أو على علم الكلام أو غير ذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل لديك سؤال آخر؟ شكراً جزيلاً له. هل بقي اتصالات معنا يا أشرف؟ نعود يا شيخنا الحبيب إلى هذا المصدر الذي ذكرته هذا المصدر رائع جداً أن من مصادر السلف في التفسير مقاصد الشريعة اشرح لنا الفكرة هذه يا شيخ.

الشيخ يحيى أحمد: لا شك أن المقاصد هذه من الأدلة وأصلاً الشرع جاء لتحقيق المصالح دنيا وأخرى ودرء المفاسد عن الناس والمقاصد أصلاً هي منتزعة من عدة أدلة وليس من دليل جزئي إنما هو كُلّي لأنه منتزع من عدة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المقاصد في الغالب هي كلية.

الشيخ يحيى أحمد: نعم كلية لأنها منتزعة من عدة أدلة. إذاً هذه المعاني المنتزعة من أدلة كثيرة هي تصير قطعية أصلاً ليست ظنية طالما هي قطعية تصبح مرجعاً لما يعارضها من المعاني، أيّ معنى جزئي آخر إذا جاء يعارض هذا المعنى الكلي فإن المرجع إلى الكلي. فبالتالي المقاصد أصلاً هي موجِهة للأدلة، نعم، لأن التفسير هو بيان والمقاصد مبينة موجِهة حتى في قضية باب التعارض والترجيح من المرجحات الرجوع إلى المقاصد. هذا المعنى إذا كان يتلاءم مع مقاصد الشريعة وذاك المعنى يبعد عنه فإن المعنى الذي يتلاءم مع المقاصد مقدّم على غيره فإذن فَسر لنا النصوص التي يظهر أنها كأنها تعارضت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا دكتور يحيى هل تفرق بين مقاصد الشريعة بصفة عامة ومقاصد القرآن بصفة خاصة في هذا الكلام الذي تقوله الآن؟

الشيخ يحيى أحمد: نعم هو القرآن فعلاً له مقاصد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل مقاصد عامة في القرآن الكريم.

الشيخ يحيى أحمد: مقاصد عامة في القرآن الكريم وبعض من أهل التفسير تعرضوا لمحاولة حصرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه المقاصد.

الشيخ يحيى أحمد: أمثال الشيخ الطاهر ابن عاشور وأمثال وليّ الله الدهلوي في كتابه “الفوز الكبير في أصول التفسير” حاولوا ذكر مقاصد كلية للقرآن الكريم من أهمها تصحيح الاعتقاد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من أعظم المقاصد القرآنية.

الشيخ يحيى أحمد: لا شك في ذلك. لذلك القرآن في سوره وفي آياته لا يُهمل هذه القضية، ما من آية تمر عليها إلا وتجد فيها هذا المعنى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل تأذن لنا يا شيخ نأخذ اتصالات؟

الشيخ يحيى أحمد: تفضل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبدو أحبابك كثر يا شيخ.

الشيخ يحيى أحمد: جزاكم الله خيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معنا الأخ مشعل من السعودية تفضل يا أخ مشعل. يبدو أنه انقطع، معنا الأخ هاشمي من الجزائر تفضل.

الأخ هاشمي: السلام عليكم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعليكم السلام ورحمة الله.

الأخ هاشمي: مرحباً بشيخنا عبد الرحمن وبضيفك الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مرحباً بك الله يحييك تفضل.

الأخ هاشمي: شيخنا عندي تنبيه ومداخلة إذا أمكن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل.

الأخ هاشمي: شيخنا بالنسبة للتنبيه حفظكم الله هذا البرنامج المبارك أنتم لا تعلنون عن عنوان الحلقة القادمة وهذا مما يضطرنا أن نسأل أسئلة أو تكون مداخلتنا خارج موضوع الحلقة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نحن للأسف نعلن يا شيخ في موقع البرنامج على الانترنت ونكتفي بذلك ثم إنني أيضاً لا أحدد الضيوف إلا أثناء الأسبوع فاعذرني على عدم الإعلان عنها في هذه الحلقة. السؤال يا هاشمي؟

الأخ هاشمي: عندي مداخلة إذا أمكن خارج الموضوع إذا تأذن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: خارج الموضوع؟

الأخ هاشمي: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل ما هي؟

الأخ هاشمي: إذا أمكن نستفيد منكم ومن ضيفك الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أشوف.

الأخ هاشمي: بخصوص الوقف على رؤوس الآية. تأذن شيخنا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل يالله بسرعة.

الأخ هاشمي: شيخنا الوقف على رؤوس الآية من المسائل التي اختلف فيها العلماء اختلفوا فيها على أربع أقوال القول الأشهر من طلاب العلم وبالأخص عندنا في الجزائر أنه يُسنّ الوقوف مطلقاً أنه مذهب الداني وغيره من أهل العلم إلى هنا ما فيه إشكال. الإشكال شيخنا أن بعضهم يقول بلسان حاله وبعضهم يصرِّح أنه لا يجب الخروج عن هذا القول لأنه ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويستدلون بحديث أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ القرآن معروف الحديث.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم معروف.

الأخ هاشمي: قطع القراءة آية، آية، شيخنا مع أن الذي يظهر من حديث أم سلمة أنه نقل لفعل من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتمل أن يكون قُربى ويحتمل لمجرد لبيان رؤوس الآي يعني يفيد إيضاحها فقط

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واضح، واضح.

الأخ هاشمي: أرجو التعليق على هذا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واضح أبشر ستسمع كلام الشيخ إن شاء الله حول هذه النقطة هل لديك أي شيء آخر يا هاشمي؟ بارك الله فيك شكراً جزيلاً. هل تجيب عليه يا شيخنا قبل أن ننسى الأخ هاشمي وأيضاً الأخ الذي سبقه من الجزائر سأل سؤالاً عن الكتب التي لا تعتني بأقوال السلف من كتب التفسير فهل تجيب على هذا السؤال ولو باختصار؟

الشيخ يحيى أحمد: هو حقيقة معرفة الحق تغنى عن البحث عن الباطل لأنه ماذا بعد الحق إلا الضلال، فلذلك نحن أهم شيء عندنا أن نحرص على فهم التفسير على منهج السلف الصالح فإذا عرفناه نعلم ما يُضاده من الأقوال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً هو لو أراد مثلاً تفسير الرازي وتفسير الكشاف هي من هذا لكنها لم تخلو من تفسير السلف.

الشيخ يحيى أحمد: ما تخلو.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: موجودة.

الشيخ يحيى أحمد: ما تخلو لا أبداً يعني كلام قاله سلف وهؤلاء يتجاهلونه أمثال الرازي يتجاهلون عنه تماماً هذا لا يوجد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يوجد.

الشيخ يحيى أحمد: وإن كان وجد فيه أشياء أخر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هاشمي يقول الوقف على رؤوس الآي ما هو القول العدل فيه؟

الشيخ يحيى أحمد: الوقوف على رؤوس الآي علماء القراءات يتكلمون أنه سُنة يعني الوقوف على رؤوس الآي ولكنهم نفسهم علماء القراءات لا يمنعون من يوصل الآيات بعضها ببعض إذا كان نَفَسُه يمتد لهذا فلذلك طالما الوقوف ما يؤثر على معنى من المعاني ويراعي فيه الإنسان المعاني لا إشكال في أن يقف على رؤوس الآي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو ذكر يقول إن الناس في الجزائر أو بعضهم لا أظن أن الناس يقولون بهذا جميعاً لكن أنهم يرون أن من لا يقف على رؤوس الآي فإنه يخطّأ إن صح التعبير.

الشيخ يحيى أحمد: طبعاً الذي يُخطّئ هو الذي يحتاج إلى أن يستدل على تخطئة الناس لأن هذا هو المعلوم المنقول عن علماء القراءات أن الوقوف على الآيات هذه سُنّة يمكن أن يقف الإنسان على هذه الآيات وإذا وصل بعضها فلا إشكال في ذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فالأمر فيه سعة.

الشيخ يحيى أحمد: الأمر فيه سعة من يقول إن هذا خطأ فهو الذي يبين وجه الخطأ.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود يا شيخنا إلى قضية المقاصد وأنت ذكرت وهذه مسألة مهمة أن تكون من مصادر السلف في التفسير أنهم كانوا يرجعون إلى المقاصد الكلية سواء كانت مقاصد الدين بصفة عامة أو مقاصد القرآن بصفة خاصة لو تكمل إيضاح هذه النقطة.

الشيخ يحيى أحمد: نعم لأن قضية المقاصد هي المعاني الكليّة المقصودة من الخطاب يعني الخطاب الإلهي لما يأتي ويبين للناس أشياء معينة وراءه مقاصد تتحقق بهذا الخطاب من تحقيق مصالح ودرء مفاسد. أيضاً من المقاصد المعاني المرادة من الألفاظ يعني اللفظ هذا عندما يأتي من المقاصد أن يُعرَف معناه لأن المصالح الكلية الذي يراد من الخطاب لا تفهم إلا بواسطة فهم المعاني إذاً المعاني المقصودة من الخطاب المقاصد الكلية المقصودة من مجيء الأحكام كما أن هناك مقصد ثالث وهو الامتثال. الله عز وجل عندما يذكر لنا اِفعلوا كذا، وكذا، وكذا من أفعال الخير، من المقاصد أنه يريد منا نمتثل، عندما ينهانا عن شيء ما يريد منا أن نجتنب، فإذاً المقاصد مجموع هذه الأشياء المعاني الكلية معاني الكلمات امتثال المأمورين لما تكون هذه عندما نفهمها فهماً صحيحاً فإنها تعيننا على فهم القرآن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والصحابة والسلف كانوا يعتنون بهذا.

الشيخ يحيى أحمد: لا شك لأنه قضية السلف رضوان الله عليهم أجمعين ما كانوا يتكلمون في مسائل اللغة أو مسائل الأصول أو مسائل كذا لأن هذا سليقتهم وجبلّتهم، بناءً عليه هم يتحدثون وهم مصطحبين هذه المعاني.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما رأيك يا دكتور يحيى فيمن يأتي الآن يعني أردّ عليك هذا الكلام وهو أن بعضهم يا دكتور يأتي الآن ويقول يردّ تفسير السلف، لماذا رديت تفسير السلف؟ قال والله هذا التفسير لا ينسجم مع المقاصد الكبرى للإسلام. فهو يزعم أن تفسير السلف مع صحته وصوابه وعدم وجود اختلاف بينهم أنه مخالف لمقاصد الشريعة كيف نرد عليه؟

الشيخ يحيى أحمد: ينظر إلى هذا الكلام من زاويتين: من زاوية أن هل تفسير السلف يقصد به أن شخصاً ما من السلف قال هذه الكلمة، نحن نفرّق في تفسير السلف بين ما هو مرفوع وبين ما هو اجتهادي. إذا كان فسر آية بآية أو فسر آية بحديث النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا طبعاً مرفوع لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُعتَرض عليه. إذا قال هو باجتهاد ووافقه الآخرون صار إجماعاً لا يمكن أن يُنقَض. إذا قال كلاماً وخالفه غيره فهو قابل للأخذ والرد لأنه يخضع للأدلة، الأدلة هي التي تأتي الأدلة الأخرى الخارجية مما تكلم هو به هي التي تؤيده أو تخالفه. إذا يقصد بتفسير من نوع هذا الأخير أنه خالف مقصداً أو خالف كذا فهذا يَحتمل حتى وإن كان إنسان من السلف الخطأ يرد في كلامه إذا قصد مثل هذا لا إشكال في هذا. أما إذا قصد التفسير الذي فسره السلف آية تبين آية بالدلالات القرآن الواضحة أو تفسير منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أجمع عليه السلف فهذا لا يمكن أن يُناقِض مقاصد الدين. المقاصد الذي يقول هو مناقض قد يكون مقاصد البشر ليس مقاصد القرآن لأن مقاصد القرآن لا يمكن أن تتعارض مع ما دلّ عليه القرآن أو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني مثلاً على سبيل المثال عندما يردّون آيات الحجاب يا دكتور يحيى ويقولون (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وإلى آخره أكثر المفسرين على أن المقصود بها تغطية المرأة لوجهها وللباسها الحجاب السابغ الساتر إلى آخره فيقولون هذا يتعارض مع مقاصد الإسلام في إكرام المرأة وفي تكريم المرأة وفي حرية المرأة، يعني الخلل هنا في المقصد الذي يدّعونه؟ أم الخلل في الفهم الذي فهمه السلف؟

الشيخ يحيى أحمد: المقصد الذي يدّعيه الإنسان ينبغي أن ينضبط لأنه نحن نتكلم عن مقاصد الشريعة ولا نتكلم عن مقاصد المكلَّفين والشاطبي رحمة الله عليه تفطن لهذا المعنى في كتابه “الموافقات” فقال ينبغي أن تنطبق مقاصد المكلَّفين مع مقاصد الشارع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وليس العكس.

الشيخ يحيى أحمد: حتى يكونوا عبيداً لله اختياراً كما هم عبيداً لله اضطراراً. عبيد لله خلقهم ولم يستشرهم فنريد أن يكونوا أيضاً عبيداً لله باختيارهم بأن يطيعوا الله سبحانه وتعالى فتنضبط مقاصدهم بمقاصد الدين. إذاً مقاصد الدين الحقيقية لا يمكن أن تتعارض مع مثل هذا فلذلك أنا أقول الذي يقول أن هذا يتعارض مع مقاصد الدين ليس مقاصد الدين بالضوابط التي تُذكَر في باب المقاصد إنما هو مقاصد مكلَّفين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل جداً. من خلال خبرتك يا دكتور يحيى، وبقي معنا وقت يسير في الحلقة، في دراسة هذا الموضوع وجمع مصادر السلف وأقوال السلف إلى آخره هل وجدت اختلافاً كبيراً بين السلف في التفسير؟ وهل معظم الاختلاف هل هو من اختلاف التنوع أم اختلاف التضاد؟

الشيخ يحيى أحمد: في التوصيات الأخيرة التي أنا ذكرتها اختلاف السلف في الغالب اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اختلاف تنوع.

الشيخ يحيى أحمد: اختلاف تنوع حتى قلت أن هذا الموضوع ينبغي أن يكتب فيه رسالة علمية في هذا الموضوع فقط لأن الإنسان لو دخل ونظر إلى الاختلاف الذي يُذكر من السلف لو أمعنت النظر فيه تجد في النهاية مآله إلى الاتفاق لأن السلف غالباً أحياناً يذكرون للشيء الذي يندرج تحت الكلي يفسرون بجزئية من الجزئيات التي تندرج تحت المقسم، المقسم الكلي الذي يندرج فيه كل الجزئيات بدل أن يُفسَّر بهذا أحياناً يفسر بجزئية من الجزئيات التي تندرج في هذا الكلي لسبب من الأسباب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالمناسبة أحد زملائنا في ملتقى أهل التفسير وهو الأخ محمد صالح سليمان كتب رسالة في هذا الموضوع بعنوان “اختلاف السلف في التفسير بين التنظير والتطبيق”.

الشيخ يحيى أحمد: جزاه الله خيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وطبعناها له في مركز تفسير لعلي أعطيك نسخة منها إن شاء الله.

الشيخ يحيى أحمد: إن شاء الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنا كنت حريص أن يداخل معنا بالهاتف لكن كان مغلقاً فلم نتمكن.

الشيخ يحيى أحمد: إذاً تفسير السلف في الغالب اختلافهم اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد. في ظاهر الأمر عندما يقول الصراط المستقيم هو القرآن، الصراط المستقيم هو رسول الله، الصراط المستقيم أبي بكر الصديق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثال.

الشيخ يحيى أحمد: ليس هذا تناقضاً أبداً، الصراط المستقيم هو القرآن نعم (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) الصراط المستقيم هو الرسول لأن الرسول هو الذي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يدلنا عليه.

الشيخ يحيى أحمد: دلنا على هذا القرآن، أبي بكر الصديق على منهج النبي صلى الله عليه وسلم. عندما يذكرون مثل هذا الناظر في أول وهلة يرى أنه اختلاف لكن في الحقيقة لا اختلاف وهناك أمثلة كثيرة جداً أنا ضربتها في

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا دكتور فيه مسألة لفتت نظري وأنا أقرأ في الرسالة أنت أشرت إلى العموم المعنوي في كلام السلف ماذا تقصد به؟

الشيخ يحيى أحمد: العموم المعنوي حقيقةً العلماء عندما تحدثوا في علوم القرآن وفي أصول الفقه تحدثوا في العموم اللفظي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: العموم اللفظي.

الشيخ يحيى أحمد: العموم اللفظي وذكروا ألفاظ العموم صيغ العموم يعني يذكروها كذا وكذا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كُلّ والألف و..

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم لكنهم ما تحدثوا عن العموم المعنوي بتفصيل وإن كان تجد في ثنايا كلام المتقدمين تجد إشارات ولكنهم ما أفردوه بالذكر إلا فيما أعلم الإمام الشاطبي تحدث فيه كلاماً جميلاً ففرّق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي. العموم اللفظي هو يسميه العموم القياسي أو الحقيقة اللغوية يطلق يقول العموم اللفظي أو العموم القياسي أو يسميه الحقيقة اللغوية. للمقابل يسميه العموم المعنوي أو يسميه الحقيقة العُرفية أو حقيقة الاستعمال أو العُرْف الاستعمالي. لما نقول العموم المعنوي مثلاً معنى من المعاني تضافرت فيه النصوص فصار مقطوعاً به مثل عصمة الانبياء هذا معنى عام إذا جاء دليل جزئي يخدش في هذا المعنى الثابت فإنه لا يُقبَل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما مثلاً في (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) ونحو ذلك.

الشيخ يحيى أحمد: أشد من هذا (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) وكما في قوله (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) ما الذي يخفيه في نفسه؟ المفسرون تكلموا كلاماً لا يليق أصلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يردّه هذا العموم المعنوي.

الشيخ يحيى أحمد: يردّه هذا العموم المعنوي. مثلاً في سورة النجم النبي صلى الله عليه وسلم قرأ لما وصل إلى السجدة سجد وسجد الكفار معه وقالوا ما ذكر آلهتنا بخير إلا في هذا اليوم وأنه جرى في لسانه تلك الغرانيق العُلَا وإن شفاعتهنّ لَتُرْتَجَى. العموم المعنوي النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً دعوته ورسالته منصبّة في محاربة هذا الشرك والباطل فكيف يأتي هو ويقوله أو يجريه الشيطان على لسانه أو، أو، أو؟؟!! إذاً العموم المعنوي مهم جداً في تفسير الآيات يعني لا نتوقف عند العموم اللفظي فقط فلذلك مثلاً عندما يقولون في (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (كل) هذه من صيغ العموم وذاته تعالى

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من هذا.

الشيخ يحيى أحمد: من هذا. الشاطبي يقول الذي يقول مثل هذا الكلام الذي لا ينتبه إلى العموم المعنوي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف؟

الشيخ يحيى أحمد: لأن العموم المعنوي يُراعى فيه واقع الخطاب، هل المخاطِب عندما يتكلم بهذا الكلام هل يقصد ذاته؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأصل لا يفعل ذلك

الشيخ يحيى أحمد: نعم (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) يجعلونه من العام، السماء موجودة ما دُمّرت، الأرض، قال ما انتبهوا للعموم المعنوي لأن الآيات الأخرى تأتي وتبين إن هذا العموم ليس عموماً لفظياً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا دكتور يحيى عفواً نعرف العموم اللفظي له أدوات يعني لفظة “كل” لفظة “جميع”، “الألف واللام” التي تدل على الاستغراق وهكذا كيف نعرف العموم المعنوي؟

الشيخ يحيى أحمد: العموم المعنوي من أهم الأدوات التي تعرفنا بالعموم المعنوي “سياق الكلام” عندما نقرأ في قوله سبحانه (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) طيب (كُلَّ) من صيغ العموم (شَيْءٍ) نكرة خلاص، أصحاب العموم اللفظي يتمسكون بهذا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تحققت يعني شروطهم.

الشيخ يحيى أحمد: لكن فلننظر إلى اللاحق للآية (فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى) أو (لَا تَرَى) (إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ). إذاً انظر إلى السابق واللاحق حتى تقول أنه عام أم غير عام. آية أخرى تقول (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)، (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) الذي ما أتت عليه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما يدخل.

الشيخ يحيى أحمد: ما يدخل أصلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا شيخ بقي معنا دقائق معدودة أريد أن توجه كلمة يا دكتور أنت درست تفسير السلف وعرفت قيمة تفسير السلف وعمق تفسير السلف ودقة تفسير السلف ماذا تقول للإخوان والزملاء الذين يبحثون في الإعجاز العلمي ويبالغون فيخرجون على أصول التفسير ويردّون تفسير السلف بحجة أن التفسير العلمي الذي وصلوا إليه أفضل وأجود وأكثر إقناعاً للغربيين من تفسير السلف؟

الشيخ يحيى أحمد: لا شك أن التفسير العلمي التجريبي أنا ذكرته من المصادر من مصادر التفسير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عند السلف.

الشيخ يحيى أحمد: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف؟

الشيخ يحيى أحمد: ذكرته من المصادر واستدليت لهذا بقوله سبحانه وتعالى (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) معناه آيات الله في الأنفس والآفاق تبيّن آياته

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في القرآن.

الشيخ يحيى أحمد: آياته في القرآن والتفسير بيان، التفسير أصلاً بيان. إذاً كل ما هو مبيِّن هو مفسِّر فلذلك أنا ذكرت هذا وذكرت اعتراضات المعترضين وحاولت أن أجيب عليها. من ضمن الاعتراضات الواردة أن الناس أحياناً تأتي نظرية معينة ويستعجلون ويقولون أن هذه ارتبطت أنها صارت علماً يفسرون بها وفي يوم الأيام يطرأ أنه غير صحيح وبناء عليه فيكون تلاعب أو تشكيك في كتاب الله سبحانه وتعالى. هذا الكلام وإن كان ظاهره يُرى أنه كلام جيد إلا أن الإشكالية هذه تنطلي على كل مصادر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التفسير.

الشيخ يحيى أحمد: التفسير حتى تفسير القرآن بالقرآن فيه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اجتهاد.

الشيخ يحيى أحمد: اجتهاد أيضاً يدخله الاجتهاد. فلذلك الإشكالية هذه تكون على المفسِّر وليس على التفسير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التفسير أو على الأدوات.

الشيخ يحيى أحمد: نعم وأيضاً من الأشياء التي ذكرتها في هذا الباب الناس الآن في الغالب بدل أن يكون تفسيرهم تفسير مقاصدي يكون تفسير تبرير، بدل ما نحن نلاحظ آيات كما أمرنا الله بالتفكير والتدبر في كتابه وفي الكون ننظر إلى آية معينة نستشعر بأن وراءها شيء إذا سعينا يمكن أن نصل إليه، ما نضع أمامنا هذه المعاني ونسعى ونجتهد ونأخذ الوسائل التي توصلنا إليه، نجلس هكذا والناس يطلعون مخترعات معينة ونهرع ثم نأتي بهذا ونبحث في القرآن الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل ذُكِرت أو لا؟

الشيخ يحيى أحمد: هل ذُكِرت أو لا؟ ونقول القرآن سبقكم بهذا بكذا حقيقة أنا أسمي هذا فقه التبرير وليس فقه مقاصدي أبداً، فقه المقاصد نحن نتدبر القرآن الكريم على أساس المعطيات التي تؤهلنا لأن نفهم الآيات نهتدي بما جاء في كتاب الله وبما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن السلف الصالح نحتكم بتلك القوانين والضوابط ثم هذه تقودنا لنصل إلى حقائق علمية. عند ذلك نكون قد حققنا مراد القرآن الذي يأمرنا بالتأمل والتدبر أما يقوله الناس ونأتي ونحاول نوفق هذا حقيقة فقه مخارج ولا ينبغي أن نجري وراءه أبداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا دكتور يحيى انتهى وقتنا والحديث ما زال في أوله.

الشيخ يحيى أحمد: جزاكم الله خيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيها الإخوة المشاهدون الكرام باسمكم جميعاً أشكر فضيلة الشيخ الدكتور يحيى عبد الله أحمد أستاذ القرآن وعلومه ورئيس منظمة الرشاد للتنمية والعمل الخيري في تشاد على ما تفضل به وبإذن الله تعالى أن رسالة الدكتور “تفسير السلف مصادره ومنهجه وحجيته” ستُطبَع بإذن الله وستكون في المكتبات إن شاء الله حتى يستفاد منها. الموضوع طويل وفي غاية الأهمية ولكن أرجو أن يكون فيما قاله الشيخ الدكتور يحيى إثارة لهذا الموضوع وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالعلم وأشكركم على متابعتكم مع أن الوقت متأخر. أراكم إن شاء الله في الأسبوع القادم وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.