البشائر

البشائر – الحلقة 22

اسلاميات

البشارة الثانية والعشرون:

 من البشائر العظيمة التي تُعدّ نفحة من نفحات الله تعالى والنفحة هي الهدية الثمينة الخاصة التي نفعها عظيم قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) كيف؟ بهذه السهولة أن تتوضأ في الماء البارد المنعش ثم يعطيك الله عز وجل على هذا الوضوء عطاء قد لا تجده في أي عبادة أخرى. وفي الحديث عن الرسول r :” إذا توضأ المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل الذنوب التي نظر اليها مع الماء فإذا غسل يديه خرجت منه كل الذنوب التي بطش بها بيديه مع الماء فإذا غسل قدميه خرجت منه كل الذنوب التس مشى اليها برجليه مع الماء.” فما عليك إلا أن تتوضأ بهذا الماء المنعش بسهولة ثم تأخذ كل هذا العطاء وهناك فرق بين آيتين: (ويحب المتطهرين) وقوله تعالى (ويحب المطّهرين) فالمتطهرون هم الذين إذا أحدثوا توضأوا للصلاة هذا المتطهر أما المطّهر فهو الذي يبقى على طهور دائم من ساعة ما يستيقظ الى ساعة ما ينام هو على وضوء كما قال r: ولا يحافظ على الوضوء الا مؤمن. فالمحافظة على الوضوء عبادة جليلة إذا تعوّد عليها العبد صعب عليه أن يتركها بل إذا تعوّد عليها العبد المؤمن فلا يلذّ له طعام أو حديث أو سلام إلا إذا كان متوضأً. وفضل الوضوء يوم القيامة قال r: دخلت الجنة فسمعت خشخشة نعال بلال قبلي في الجنة فسألته بم سبقتني قال ليس بشيء إلا أني كلما أحدثت أحدثت وضوءاً قال r ذلك هو ذلك هو. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن توضلأ وضوءاً جيداً قال: رأيت النبي r يتوضأ في هذا المجلس وقال من توضأ مثل وضوئي هذا غفر الله له مل تقدم من ذنبه. وأحاديث الوضوء الصحيحة تنتهي بنهايات متعددة فهناك حديث : ما توضأ بمثل هذا الا رفع الله درجاته وحديث : إلا عاد من ذنوبه كهيئة ولدته أمه. وأحاديث كثيرة في هذا الباب تدل على أن هذا الوضوء نفحة من نفحات الله تعالى يعطيها للمتوضئين الذين يحافظون على وضوئهم بوضوء طاهر نقي يستعدون به إما لصلاة فهم المتطهرون وإما على الدوام فهم المطهّرون.

أي بشارة هذه؟ ما عليك إلا أن تتوضأ وتحسن الوضوء بالكامل ثلاث مرات غسل يدين واشتنشاق ومضمضة وغسل وجه ورجلين ولا تترك سُنّة إلا وتفعلها بشرط أن تسمي على الوضوء فإذا بدأت الوضوء بدون تسمية تكون حُرمت من هذا الفضل. بشارات عظيمة أن المسلم يتوضأ خمس مرات في اليوم جبراً للصلاة وقد يتوضأ أكثر من ذلك وهؤلاء يدخلون فيمن أدخل الوضوء على الوضوء. هذا الدين يحثك على الطهارة والنظافة حقاً وقد أجزل الله تعالى العطاء حتى لا تجد في نفسك تقاعساً عن ذلك من أحسن وضوءه سواء كان المتكرر مع أوقات الصلاة أو الدائم فليعلم أن الله تعالى وهبه كرماً عظيماً وقد اشترط النبي r بقوله “ولا يغترّ أحدكم” هذه العبارة هي الفيصل في الأمر وعندما تسمع أن الوضوء يعطيك كل هذا الفضل من درجات رفيعة وذنوب تغفر وخطايا تخرج وترجع كهيئة ولدته أمه فعليك أن لا تغترّ معنى هذا أن هذا العطاء الإلهي اللامتناهي الذي وهبه الله تعالى للمتطهرين والمطهرين لا ينبغي أن يدفعك بغباء أو سذاجة لتفعل ما تشاء من معاصي ما دمت متوضأً وضوءاً جيداً وتقول أن الله تعالى يغفر لك هذا ليس المقصود والمقصود أن الله تعالى يعطيك ثواباً عظيماً ويغفر لك الذنوب غير المتعمّدة أما إذا حدث بك شيئاً من السذاجة والغباء فتقول أفعل ما أشاء ثم أتوضأ وضوءاً جيداً فتغفر ذنوبي حينئذ تكون قد أخطأت الطريق والسبيل وبقيت عليك خطاياك ولا ينفعك وضوءك في هذه الحالة لأنك قصرت به مقصداً ليس على وجهه. فلنعلم أن هذه البشائر للمتوضئين الملتزمين الذين لا يبيّتون المعصية ولا يتحدّون الله عز وجل ولكن إذا وقعت منهم الذنوب عرضاً وكل ابن آدم خطّاء لا يبقى مع هذا الوضوء ذنب.