برنامج التفسير المباشر

برنامج التفسير المباشر 1433هـ – سورة الطلاق

اسلاميات

الحلقة 159

ضيف البرنامج في حلقته رقم (159) يوم الأربعاء 6 رمضان 1433هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود .

وموضوع الحلقة هو :

علوم سورة الطلاق .

——————–

د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حيّاكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم اليومي التفسير المباشر في هذا اليوم السادس من رمضان من علم ألف وأربعمئة وثلاث وثلاين للهجرة ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن العاملين به والمتدبرين له وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام والدعاء في هذا الشهر الكريم. وصلنا إلى سورة الطلاق سوف نتحدث إن شاء الله مع ضيفنا الكريم في هذه الحلقة عن سورة الطلاق وموضوعها وما يتعلق بها من مسائل كما تعودنا في الحلقات الماضية. باسمكم جميعاً أيها المشاهدون أرحب بضيفي في هذا اللقاء فضيلة الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار، أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المركز العلمي لمركز تفسير للدراسات القرآنية فحيّاكم الله يا أبا عبد الملك وأهلاً وسهلاً بكم.

د. مساعد: حياكم الله وأهلاً بكم.

د. الشهري: منوّر

مساعد: نوّر الله قلبك

د. الشهري: اليوم سوف ندخل في سورة الطلاق وهي مليئة بالأحكام الفقهية والمسائل ونبدأ باسم السورة سورة الطلاق هل هذا اسمها الوحيد؟ ما هي الأسماء الأخرى إذا كان هناك أسماء؟

د. مساعد: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وأصلي واسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. هذا الاسم الذي ذكرته هو الذي اشتهرت به السورة وأيضاً تسمى في بعض الكتب “يا أيها النبي إذا طلقتم النساء” حكاية لأول الآية وكذلك سماها ابن مسعود بسورة النساء القُصرى مقابل سورة النساء الطولى. ورد في هذا أثر عنه -لعله يأتي إن شاء الله- أنه قابلها بسورة النساء الطولى والمراد بها البقرة، الأثر الذي ورد عند ابن مسعود لما قال سورة النساء القُصرى يقصد هذه وقال نَسَخت ما في الطولى يقصد ما في البقرة التي هي السورة الطويلة وليس المراد سورة النساء. لكن أيضاً سورة النساء تسمى سورة النساء الطولى مقابل سورة النساء القصرى

د. الشهري: إذن هذه الأسماء التي وردت ولكن المشهور هو الطلاق

د. مساعد: أشهر اسم لها هو الطلاق. وطبعاً سميت بهذا الاسم لأن أغلب السورة تتحدث عن أحكام الطلاق وبه تفصيلات في أحكام الطلاق ليست موجودة في سورة البقرة التي ورد فيها أيضاً مسائل الطلاق ونحوه.

د. الشهري: هل لها سبب نزول مباشر هذه السورة؟

د. مساعد: ذُكِر حديث ابن عمر في تطليقه لزوجته فحكى عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن ابنه طلّق زوجه وهي حائض فقال الرسول صلى الله عليه وسلم مُره ليراجعها. طبعاً هذه المراجعة خلاف بين العلماء هل وقعت الطلقة أم لم تقع ، هذا خلاف خارج الإطار المراد عندنا لكن المقصود بعضهم حكى أنه سبب النزول وبعضهم قال لا، إنا ما فعله ابن عمر ليس له علاقة بالآية والرسول صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية بعد فعل ابن عمر

د. الشهري: هل هي نزلت في مكة أو نزلت في المدينة؟

د. مساعد: طبعاً هذه لا شك أنها نزلت في المدينة لعدة شواهد وشواهدها واضحة جداً، أولاً أنها في تفصيل أحكام وتفصيل الأحكام إنما كان في المدينة

د. الشهري: هذا من الضوابط

د. مساعد: وإذا قلنا أنها مرتبطة بابن عمر فزواج ابن عمر إنما كان في المدينة لأنه كان من صغار الصحابة

د. الشهري: فهي مدينة النزول مكاناً وزماناً

د. مساعد: مكاناً وزماناً

د. الشهري: هل ظهر لك مقصد رئيسي لسورة الطلاق؟

د. مساعد: المقصد الظاهر هو قضية أحكام الطلاق، بيان أحكام الطلاق لكن هناك ملحظ في هذا المقصد وهو تكرار موضوع التقوى في موضوعات الطلاق ولعلنا نأتي إليها ونشير إليها لأن الملاحظ أن السورة يمكن أن نقسمها إلى قسمين

د. الشهري: كمقطعين

د. مساعد: كمقطعين، المقطع الأول تحدث عن الطلاق والمقطع الثاني من قوله (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ (8)) والآيات التي بعدها. فتكون مقطعين الأول أشبه ما يكون بأحكام الطلاق وما يترتب عليها وقضية الرضاع بعده هذه كلها مرتبطة بقسم واحد ثم (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) موضوع مستقل وستجد في كل موضوع من هذه الموضوعات موضوع التقوى حاضراً فيها.

د. الشهري: هذا بالنسبة للقمصد الرئيسي. إذن نقول مقصد سورة الطلاق هو بيان أحكام الطلاق. ما رأيك لو ندخل في السورة ونتحدث عنها بشكل أدق وأكثر تفصيلاً. في أول السورة في قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء) وتوجيه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ما دلالته؟

د. مساعد: إذا سمحت لي قبل أن نبتدئ بدلالة الخطاب موضوع التشريع يعني هذه الآيات هي موضع تشريع ومن قدر الله كنت أبحث في اليوتيوب عن تفسير سورة الطلاق أستمع إليها في وقت فراغي فمن لطائف القدر أني وقعت على نصراني يتكلم عن الطلاق في الاسلام فوجدت عجباً وشيء في الحقيقة مضحك لكن هذا دعاني إلى مسألة مهمة جداً وإن كان لا يعنيني ماذا قال وسذاجة ما يقول والأخطاء الكثيرة في فهم التشريع الاسلامي لكن أقول للمسلمين دائماً في مثل هذه الأمور يجب أن ننظر إلى الاسلام باعتباره شريعة متكاملة وهو كلٌ لا يتجزأ وحينما جاء الفقهاء ودرسوا أحكام الشريعة مفصلة لتنزيل الأحكام على تلك الحوادث فقط لكن القرآن له منهج آخر في عقائد الشريعة ولهذا سيأتينا قوله (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ) حينما ينظر إليها الناظر سيجد أن الموضوع انتقل من موضوع التشريع إلى موضوع آخر بعيد عنه وإذا تأملنا نقول الحقيقة أن الشريعة كلٌ متكامل لا يتجزأ فتجد أحكام الشريعة تأتي وفيها من المواعظ ومن الأخلاق ومن الآداب والطلاق من أكبر ما يبين هذا الموضوع. ما علاقة التشريع بالأخلاق؟ الطلاق مثال له. علاقة التشريع بالتربية والتزكية ستجد الطلاق نموذجاً له. هل الطلاق شرٌ محض دائماً؟ الجواب لا، فإذن هناك جوانب تربوية جوانب تربية النفس من خلال الطلاق. كيف نستطيع أن نلتمس هذه ننظر فيها؟ حينما ننظر في الموضوعات التفصيلية التي ذُكرت في الطلاق سواء في سورة البقرة أو في سورة الأحزاب أو حتى في سورة الطلاق لأن سورة الأحزاب فيها إشارات لموقف النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته. يمكن أن نتلمس جوانب كثيرة جداً من تزكية النفوس من خلال موضوع الطلاق الذي هو في حقيقته النظرة الأولى إليه هو شر محض وإن كان هو ليس شرا ًمحضاً بل فيه خير كما سيرد في الآيات التي معنا. هذه فكرة عامة في موضع له وقفات أخرى لكن نكتفي بهذا لأجل الوقت.

الخطاب في قوله (يا أيها النبي) هذا فيه نوع من التشريف لهذه الأمة ومعروف أن القوم إذا خوطبوا برئيسهم فهو نوع من التشريف لهم لأنه في الغالب الرئيس يحبه مرؤسوه فحينما يُخاطَب القوم يخاطبون برئيسهم والرسول صلى الله عليه وسلم ليس شيء أحبَّ إلينا منه صلى الله عليه وسلم فحين يأتي الخطاب موجهاً إلينا مبتدءاً بالنب صلى الله عليه وسلم يقول (يا أيها النبي) فهذا من الخطابات التي وجهت للعامة لكن عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم فهذا تشريف للأمة. كذلك تشريف للنساء المطلقات ورعاية لحالهنّ أن الذي يشرّع لهنّ هو الله سبحانه وتعالى وأن الذي يوصل هذا التشريع هو النبي صلى الله عليه وسلم فإذن هذه في الحقيقة نحن المسلمين نعتبرها نوعاً من التكريم لنا في أن يكون الله سبحانه وتعالى يخاطبنا من جهة هذا النبي بهذا الأسلوب. لأنه قد ترد أحياناً أوامر (يا أيها الذين آمنوا) مباشرة أو تأتي خطابات للنبي خاصة به لكن هذا خطاب عام وابتدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم

د. الشهري: وخاصٌ بموضوع النساء

د. مساعد: بموضوع النساء والدليل على أن الخطاب عام أنه قال (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) هذا دلّ على أن المراد عموم الأمة

د. الشهري: ومثلها قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ (59) الأحزاب) في موضوع النساء وهذه لفتة مهمة ودقيقة جداً.

د. مساعد: أيضاً في قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي طلِّقوهنّ لوقت العدة. وقت العدة كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يُطلّق إلا إذا كانت المرأة في طهر لم يجامعها فيه فإذا كانت في طهر جامعها فيه أو كانت حائضاً فلا يجوز الطلاق يعني يأثم. ثم اختلف العلماء هل يقع أم لا يقع هذه مسألة فقهية ليس محلها ولكن المقصود أن الطلاق السُنّي الذي أمر الله به هو أن يطلق المرء زوجته في طهر لم يجامعها فيه. ولو تأملت من الحكم في هذا الأمر أن حالة الحيض تختلف طبعاً عدتها عند النساء لكن سبحان الله حالة الحيض لو كل زوج تأمل حال زوجته يجد أن المرأة سبحان الله عندها تغيرات في طبيعتها وفي نفسيتها، الزوج الذي لا يعرف هذه التغيرات قد يقع منه خاصة إذا كان عنده في خلقه شيء من الحدّة قد لا يراعي شعور المرأة فيقع بينه وبينها مخاطبة من عدم مراعاة لشعورها وهي في واد وهو في واد آخر. فمثل هذه الحالات قد يكون من الأسباب التي تدعو الإنسان للطلاق. فهذه الحال تكون المرأة فيها في حالة ضعف نفسي وبدني ليست مستعدة لأن تقوم بجميع واجباتها على الوجه الأكمل ولهذا الله سبحانه وتعالى خفف عنها الصلاة وهذا من حِكَم الله سبحانه وتعالى في تشريعه تخفيف الصلاة على المرأة الحائض. في مثل هذه الحالة لو وقع الطلاق في هذا الوقت ليس هناك ما يمكن للمرأة أن تفعله لتحبب بنفسها لزوجها المسلك الذي تستطيع أن تفعله ليس جاهزاً لكن لو طلقها في حال الطهر فقد تعمل المرأة ما يرغِّب زوجها بها فيندم على ما فعل ويعود إليها كما سيأتي بعد قليل من خلال التشريع الذي جعله الله سبحانه وتعالى وهو أحد مقاصد التشريع الطلاق ليس مراداً لذاته والدليل على أنه ليس مراداً لذاته أن الله سبحانه وتعالى قال (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ)

د. الشهري: وهذا سؤال من إحدى الأخوات سألت كيف يقول الله (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ) في الطلاق ومجتمعنا الآن الأصل فيه لو أن واحدة فكرت في الطلاق أصلاً أو طُلِّقت الطلقة الأولى تأخذ أغراضها وتذهب لبيت والدها، للأسف هذا هو الموجود.

د. مساعد: ولهذا (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ) تتعلق بمثل هذه الأخطاء التي نقع فيها (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا) ذلك العقاب الذي كره الله سبحانه وتعالى لتلك القرية هو إشارة إلى أنها تعدّت حدّاً من حدود الله فهو تخويف لنا لتعدّينا حداً من حدود الله. وأنا عندي يقين أن بسبب تعدينا لحدود الله في الطلاق في الجتمع المسلم هو أحد أسباب أشياء كثيرة جداً

د. الشهري: تفكك المجتمع نفسه

د. مساعد: تفكك المجتمع وأشياء كثيرة جداً. لكن قبل هذا في قوله (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) جمع بين اسم الألوهية والربوبية، اسم الله يعطي المهابة ويعطي الوقف على حدوده سبحانه وتعالى تقول (اتق الله) فيها نوع من التخويف ثم قال (ربكم) أي الذي يربيكم، يرشدكم ويصلحكم. فإذن جانب الطلاق فيه جانبان فيه جانب تقوى الله وفيه جانب تزكية الباري سبحانه وتعالى لعباده في هذه المرحلة العصيبة جداً التي يمر بها البيت المسلم. أول أمر من أوامر التزكية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ) ابتدأ بالرجل لأن الرجل في تلك الحالة في حالة غضب وفي حالة نشوز عن زوجته وكره لها وبغض فهو يريد أن يُبعدها اس شكل كان فالله سبحانه وتعالى ما قال لا تخرجها من بيتك

د. الشهري: نسب البيت لها

د. مساعد: لأنه بيت السُكنى وليس بيت ملك وإنما هو بيت سُكنى فلاحظ أنه ابتدأ بالزوج الذي هو محط الأمر، هو الذي طلق وعليه أن ينفّذ الأمر لا يجوز له أن يُخرج زوجته من بيته تبقى الزوجة في البيت

د. الشهري: وهو يخرج

د. مساعد: لا، هو جلس لأن البيت بيته. أيضاً قال (وَلَا يَخْرُجْنَ) تأكيد للطرفين أن هذا الأمر الله سبحانه وتعالى يقول للمطِّلق والمطلَّقة هذا حُكمي لا تتعدوا حدود الله – كما سيأتي- ماذا تريد منا يارب؟ إذا طلقت زوجتك الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية الذي هو الطلاق الرجعي لا تخرج من البيت، تبقى في البيت على خلاف في الثالثة لكن هنا تبقى في البيت. ما الحكمة أنها تبقى في البيت؟ ستأتي بعد قليل. ولهذا قال سبحانه وتعالى افترض أنها أتت بفاحشة مبينة، ما هي الفاحشة المبينة؟ اختلف العلماء من قولهم أنه السب والاقذاع للزوج أو لأهله إلى الوقوع في الزنى وهو في الحقيقة يشمل كل هذه بمعنى أنها إذا أتت ما يسيء إساءة بالغة للزوج استحقت أن يُخرجها في تلك الحال

د. الشهري: ويكون معنى الفاحشة المبينة العمل القبيح

د. مساعد: العمل القبيح الظاهر الذي لا يختلف عليه أحد بحيث أنه لو حكم القاضي لقال نعم، هذه أساءت له. إذن ليس مطلوباً من المرأة في تلك الحال أن تناشز الزوج وأن تعانده قال الله (إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) إذن ما هو المطلوب من الزوجة؟ المطلوب أمر آخر سيأتي بعد قليل. قال (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) سواء من الزوج أو الزوجة. ولاحظ أيضاً هنا قال (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) جاء بلفظ الجلالة لأن الموقفموقف إلزام بأوامر الله سبحانه وتعالى. ثم قال بعد ذلك (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) تعقيب وختم الآية بأمر يفتح للتفس نوع من التفكير

د. الشهري: وهذا يحدث كثيراً

د. مساعد: نعم، لما قال (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) بمعنى أيها الزوج وأيها الزوجة إذا بقيت الزوجة في بيت الزوجية لم تخرج ولم تُخرِجها لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً، ما هو الأمر؟ أمر الوفاق والمصالحة. الآن إذا جلست الزوجة في بيت الزوجية عليها جميع حقوق الزوجة إلا الفراش فقط لأنه إذا وقع الفراش وقعت المراجعة كما هو معلوم. فالمرأة إذن في هذه الحال وهي تشتغل وهي تخدم أبناءها تخدم زوجها وإن كانت لا تكلمه وإن كانت تبتعد عنه يبدأ بالمراجعة وهو أيضاً كذلك نفس القضية لكن لو كانت بعيدة عنه كما يقولون طول البعد يزيد في الجفاء. فاليوم الأول والثاني والثالث والرابع وقد أيضاً تجد من يؤججها من مجتمع الناس وهذا الذي يحدث فهي تكون بين أناس لا يحسّون بحرقتها ولا يحسون بألمها الحقيقي ولذا تجد أنهم يقولون لها: ما فيه خير، لو كان فيه خير ما فعل كذا، تذكرين يوم فعل كذا؟ افعلي وافعلي واتركي، لا ترجعين له، وهذا الكلام المعروف المعتاد وهذا خطأ لأن الله عندما شرع الطلاق وقال (الطلاق مرتان) يعني ليس مرة واحدة ولا في مجلس واحد كما يقع من بعض الناس، لا، الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق للتأديب وليس تأديباً للمرأة بل حتى قد يكون تأديباً للزوج لأن الزوج قد يُخطئ فيوقع الطلاق فيكون تأديباً له. وقد يكون أيضاً تأديباً للمرأة. فالطلاق إذن هو نوع من التربية والتأديب وليس نوعاً من التهديد كما يظن بعض الرجال أو تظن بعض النساء. بعض النساء تهدد الزوج بالطلاق فتقول له طلِّقني، أو بعض الرجال يقول والله أطلقك، هذا ليس من الأدب في الزواج. لم يشرع الزواج أنه كلما حصلت مشكلة يأتي الزوج أو الزوجة بهذه اللفظة ويتعاركا على هذه اللفظة، هذا خلل كبير جداً. ولهذا يجب على الزوج والزوجة الابتعاد عن هذه الكلمة بكل معانيها وبكل أحوالها لأنها كلمة مكروهة قد توقع فيما يحبه الشيطان ولا يحبه الله سبحانه وتعالى. فإذن إذا بقيت الزوجة في بيت الزوجية معنى ذلك سيكون هناك من المراجعات والنظر، تنظر إلى أبي أولادها يمر يميناً ويساراً وهو ينظر إلى زوجته فسيكون هناك نوع من الرحمة واللطف والشفقة ما الله به عليم. ثم ينرون إلى الأولاد كيف سيكون حالهم إذا افترقوا فهذا إذن مهم جداً أن نعرف أن حدود الله إذا نحن اتبعناها فإننا سنصل إلى ما يحبه الله سبحانه وتعالى لكن افترض

د. الشهري: وتضيق مساحة الخلاف

د. مساعد: لكن افترض أنه الخلاف ما يزال موجوداً، إذن أنا صار أمامي فرصة هذه الأشهر القروء التي أمر الله بها وكان أمام الزوج فرصة لكن (إمساك  بمعروف أو تسريح بإحسان) معنى ذلك إذن الزواج بدايته رحمة ونهايته رحمة كيف يكون بدايته رحمة ونهايتة نقمة؟!! هذا لا يكون إلا عند من يتعدى حدود الله لكن عند من لا يتعدى حدود الله نجد أنه حينما يطلق زوجته بالطلاق الشرعي الزوجة ستجد نفسها مرتاحة من جهة والزوج مرتاحاً من جهة وإن كان هذا الأمر مكروهاً لأن الله سبحانه وتعالى وعد في هذه الآية بوعود للزوج والزوجة. قال (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) جعل الامساك بمعروف والمفارقة بمعروف مثلاً يمكن تقول الزوجة إذا نظرت إلى حالها أن تتنازل عن حقوقها من أجل البقاء مع أولادها قد يكون ذلك وقد يكون أن الزوج إذا كان مخطئاً يعترف بخطئه ويعيد زوجته، أشياء كثيرة يمكن أن تحصل لكن الله سبحانه وتعالى نبّه على المعروف في الأمرين، لا بد أن يكون المعروف موجوداً امسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف. لمفارقة بمعروف هو أنه إذا طلق زوجته الطلاق الشرعي يُمسك عنها لا يذكر عيوبها لأنها تكون غيبة وتكون أجنبية عنه الآن فلا يجوز له أن يتكلم فيها بأي شيء. ثم قال تعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر) الإشهاد وقع إشكال بين العلماء هل هو واجب أو ليس بواجب لكن أن يكون الإشهاد على الطلاق والإشهاد على المراجعة طبعاً المراجعة تكون بأن يقول بأي لفظ من الألفاظ: إني رددتك إلى عصمتي أو أن يجامعها لأن الجماع في مقام المراجعة. فإذا حصل طلاق أشهَد وإذا حصل مراجعة أشهَد لأن هذا أضمن للحقوق. بعض الأزواج يتصل على المفتين ويقول والله ما أدري كم طلقة، طلقت أو ما طلقت، يكون شاكّاً، لو كان قيّد وهذه حدود الله لأنه لو لا سمح الله كان بعد الطلقة الثالثة فإن يكون بحال زنى مع زوجته وهي ليست زوجة له بعد ذلك فلا بد من أن ينتبه الأزواج إلى قضية تقييد هذه الأمور وكتابتها

د. الشهري: لا أقل من توثيقها

د. مساعد: ولهذا قال سبحانه وتعالى (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) لأن هذا أيضاً من حقوق الله سبحانه وتعالى على العباد سواء الشهادة أو المراجعة. ثم قال (ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر) هنا نبه على اليوم الآخر وهو مرتبط بالتقوى لأنه من تذكر اليوم الآخر فإنه سيكون من أهل التقوى فالله سبحانه وتعالى يذكر باليوم الآخر ونحن مساكين لو كنا نتصور اليوم الآخر في كل تصرفاتنا لقلّت مساحة العصيان لله سبحانه وتعالى ولكن الإنسان يرجئ ويكون من المرجئةفيعمل معاصي ولا يأبه لذلك ويعمل كثيراً من الذنوب.

د. الشهري: لعلي أستأذنك يا دكتور نواصل بعد الفاصل. فاصل أيها الإخوة المشاهدون نشاهد فيه سؤال الحلقة ثم نواصل حديثنا حول سورة الطلاق مع الدكتور مساعد الطيار.

———–

فاصل: سؤال الحلقة:

قوله تعالى (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ (6)) ما هو تفسير كلمة (وجدكم)؟

1.      عسركم

2.      وسعكم

3.      حبكم

—————

د. الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا مع ضيفنا الدكتور مساعد الطيار حول سورة الطلاق. توقفنا عند الآيات الثانية من السورة لعلنا نكمل الحديث

د. مساعد: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) ربطه بالتقوى وهذه قوله (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) لو نظرنا بالآيات التي سبقت نلاحظ سبحان الله أن وقت الطلاق وقت النفس مشحونة وكل واحد من نفسه على الآخر سيئة وغير مرتاح له فالله سبحانه وتعالى يأمرهم بالتقوى لو حقق هذا الأمر بالفعل فكما ذكر الله سبحانه وتعالى من يتق الله في طلاقه من يتق الله في رجوعه من يتق الله في فراقه يجعل له مخرجاً فتكفل الله سبحانه وتعالى أن من عمل بحدوده سبحانه وتعالى أن يجعل له مخرجاً ولهذا أنا

د. الشهري: واضحة يا دكتور (يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) واضح أنه كان في ضيق

د. مساعد: في ضيق لا شك، وحتى الرجل إذا طلّق في ضيق والمرأة إذا طلقت في ضيق فأنا أقول أنا على ثقة أن الأزواج لو اتبعوا شرع الله في هذا أن يجعل لهم مخرجاً سواء ببقائهم مع بعضهم أو بمفارقتهم لكن ما نجده اليوم من الطلاق الذي ليس على ما يريد الله سبحانه وتعالى فإن كثيراً مما يأتي بعده بسبب تعدي حدود الله

د. الشهري: وكثيرة المشاكل فيه

د. مساعد: والمشاكل كثيرة فيه بسبب تعدي حدود الله. إذن لا بد على المسلمين أن ينتبهوا إلى هذه الجزئيات التي ذكرها الله سبحانه وتعالى وهي واضحة وضوحاً لا يحتاج إلى تبيين

د. الشهري: وأيضاً قوله (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)

د. مساعد: قوله (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) هذه يمكن أن تقول تنبيه أنها إضافة لأن الطلاق الرجل سيقول أنا أنفقت مالي وهذه المراة إذا طلقتها ذهب مالي فمن أين أحصل على مال؟ ليس كل الناس أغنياء، فالله سبحانه وتعالى يقول لو حصل هذا الأمر فإن الله سبحانه وتعالى يرزقك من حيث لا تحتسب

د. الشهري: وأيضاً كما ذكر في سورة النساء قال (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ (130))

د. مساعد: أيضاً جعل الغنى له وللمرأة

اتصال من الأخت زهرة من الرياض: كأنكم أجبتم على سؤالي قبل أن أطرحه وهو ما حكمة ورود الآية تحديداً (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) في وسط آيات الطلاق؟ جزاكم الله خيراً

د. الشهري: سؤالها أجبت عليه قضية يرزقه من حيث لا يحتسب في قضية الطلاق. نواصل

د. مساعد: في قوله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) لماذا؟ لأن هذه الأوامر أوامر غيبة أنت تفعل هذه الأشياء وأنت تترقب فالمترقب عادة قد يصيبه شيء من اليأس فالله سبحانه وتعالى يريد من العبد أن يكون ذا ثقة بربه ولهذا قال (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) فإذن حينما تحصل لك هذه الأمور بعدها عليك أن توكل الأمر إلى الله سبحانه وتعالى قد يتأخر عند الرزق لكنه سيأتيك الله سبحانه وتعالى قال (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)

د. الشهري: الغريب يا دكتور تلاحظ في قضايا الطلاق الآن الرجل يقع في ضائقة إذا طلق زوجته خاصة من جهة الأولاد كيف يربي الأولاد بعد ذهاب زوجته والزوجة في العادة تترك الأولاد أيضاً ثم الزوجة تفكر كيف ستعول نفسها ومن أثقل الأشياء على الزوجة أن تعود لبيت والدها بعد أن ذهبت وتزوجت ورزقت بأولاد ثم رجعت إلى بيت والدها وأحياناً بعض الآباء أو الأسر تستثقل وجود ابنتهم. يعني مليئة بمثل هذه المعاني التي تحتاج إلى فتح باب الأمل أن الله هو الرزاق وأنه هو الذي يكفي الإنسان. أستأذنك في اتصال

اتصال من أبو عبد الرحمن من الرياض: ملاحظة بودي أن الضيف يستكمل عناصر الموضوع والسورة. وأتمنى أن تؤجل الاتصالات لما بعد انتهاء الضيف من عناصر الموضوع ثم في النصف ساعة الثانية تؤخذ الاتصالات ليت الضيف يكمل ما لديه حتى نستفيد ثم الاتصالات

د. مساعد: لم أسمع السؤال

د. الشهري: يقول أتمنى قبل أن تدخلوا في التفاصيل ذكرتم المحور الرئيسي والمقاطع فقلت أنك ذكرت المحور الرئيسي وهو بيان أحكام الطلاق ثم ماذا بقي لدينا؟ حتى المقاطع أنت ذكرت أنها مقسومة إلى مقطعين المقطع الأول فيما يتعلق بالطلاق والمقطع الثاني فيما يتعلق أو يبدأ من قوله (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ) أحياناً بعض السور يكون ظاهراً فيها أنها مقسمة إلى مقطعين أو ثلاثة فتتحديث فيها وأحياناً ما يظهر هذا فننتقل مباشرة إلى التفاصيل. نواصل

د. مساعد: قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) وفي قرآءة (بالغٌ أمره) (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) إن الله بالغ أمره أي أن قدره أو أنه سيصل إلى ما يريده سبحانه وتعالى لخلقه مما شرع ولذا قال (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) بمعنى قدرا يصل إليه ما أراد الله سبحانه وتعالى به ولهذا في قوله (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الحقيقة حملها على على كل ما سبق محتمل يعني قد جعل الله لكل شيء قدرا تقدير العدّة، قد جعل الله لكل شيء قدرا في الشهادة، قد جعل الله لكل شيء قدرا في الرزق متى تُرزق، قد جعل الله لكل شيء قدرا في قضية الطلاق فكلها محتملة أن تعود إليها في قوله (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) إلى كل هذه.

إتصال من الأخ سعد من ليبيا: هل كثرة كثرة الصلاة على النبي تذهب الهمّ والغم وهل كثرة الاستغفار تفتح باب الرزق؟

د. الشهري: يسأل هل كثرة الاستغفار تذهب الهم والغم وهل أيضاً كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الاستغفار تفتح باب الرزق؟ كأنه تعليق على قوله (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)

د. مساعد: يستدل بقوله سبحانه وتعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) نوح) هذا فيه إشارة إلى أن من آثار الاستغفار سعة الرزق كما ذكر نوح عليه الصلاة والسلام. لما ذكر المطلقة النوع الأول من المطلقة التي أغلب المطلقات عتكون لى حالها ذكر نوع المطلقات الأخريات فقال (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ) يعني إذا طلقتم النساء وإذا طلقتم اللآئي يئسن من المحيض

د. الشهري: وفي العادة أنه يكون لكبر سنّهنّ

د. مساعد: اليائس من المحيض في الغالب أنه لكبر السنّ والآيس من المحيض هي التي انقطع عنها الحيض لكن قال سبحانه وتعالى (  وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ) ولما قال (مِن نِّسَائِكُمْ) إشارة إلى ما أشرت منذ قليل أنها كبيرة لأن لفظة النساء في الغالب تأتي مع الكبيرة. (إِنِ ارْتَبْتُمْ) هل إذا ارتبتم في العدة؟ لا تعرفون ما عدّتهن، هذا قول. أو ارتبتم في حيضهن صار يحصل عندها فوات فقد تجلس أشهراً ثم تحيض مرة، مضطرب الحيض فيحتمل (إِنِ ارْتَبْتُمْ) يعود للعدّة أو يعود للحيض طبعاً إن عاد للعدّة في قوله (إِنِ ارْتَبْتُمْ) فالخطاب واضح للرجال لكن استشكل بعضهم (إِنِ ارْتَبْتُمْ) إن كان للحيض وقيل إن المراد هو التغليب لأن قوله (ارتبتم) يعني ارتبتم وارتبنا أيضاً يعني الريب وقاع منكم ومنهن فهذا يكون على التغليب.

د. الشهري: أستأذنك معنا اتصال من الأخت أسماء من المغرب

أسماء من المغرب: في قوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا (31) النور) هل المقصود هنا الوجه والكفين؟. والسؤال الثاني قوله تعالى (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) مريم) ما معنى جثيا؟

د. الشهري: الأخت أسماء تسأل سؤالين: السؤال الأول في قوله (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) المقصود كا ظهر منها الوجه والكفين؟

د. مساعد: وقع بعض الخلاف في (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) والعلماء على أن ما ظهر منها أمام الزوج أو من يحل لها النظر إليه غير ما ظهر منها لغيره. وعمل المسلمين بدءاً من الصحابيات والأنصاريات وغيرهنّ هو على ستر الوجه والكفين وهذا شواهد التاريخ فيه كثيرة جداً والواقع وإنما كانت التي تظهر وجهها إنما كانت الأَمَة يعني ما كان يُظهر الوجه إلا الأمة. أما ما نراه  اليوم من الخلاف المعاصر وإن كان له شبهة دليل لا يعني ليس له دليل البتة، لا، له سبهة دليل لكن ليس القول الراجح بل الصواب أن يقال إن الحجاب الكامل للمرأة وليس فقط لنساء النبي كما ذكر بعضهم هو الحجاب الكامل الذي يستر جميع بدنها.

د. الشهري: ويكون المقصود ما ظهر منها من الزينة وهو ظاهر ثيابها لأنه لا يمكن أن تلبس فوق اللبس لباساً. في قوله (جِثيا) أو جُثيا؟

د. مساعد: قرآءتان، يعني جاثين على الركب من الجثو

د. الشهري: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً (28) الجاثية)

د. مساعد: جاثي على ركبته ومرتفع من الخلف

د. الشهري: نعود إلى قوله (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ) وقلنا أن المقصود بها

د. مساعد: قلنا الارتياب أنه على قولين. قال (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) هذه عدة اليائس، تعتد ثلاثة أشهر ثم قال (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) يعني واللآئي لم يحضن أيضاً عدتهن ثلاثة أشهر. المطلقة التي قبل عدتها

د. الشهري: عفواً يا دكتور هنا قد يتساءل أحد ويقول اليائسة من المحيض واضح أنها كبيرة في السن لكن اللآئي لم يحضن كيف؟ هل هي متزوجة أصلاً حتى يقال من لم تحض عدتها ثلاثة أشهر، كيف نفهم هذا؟

د. مساعد: قالوا اللآئي لم يحضن هي للصغيرة لأنها هي ذات حيض ولمّا تحض بعد وهي متزوجة معناه هي متزوجة قبل الحيض

اتصال من مهدي من الجزائر: عندي سؤالين أولهما ما مناسبة ذكر عبادة التوكل في موضوع سورة الطلاق؟ والسؤال الثاني في قوله تعالى (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (11) الطلاق) لما لم يأتي (ندخله) بصيغة الجمع كما أتى في ىيات أخرى في القرآن؟ في هذه السورة قال (يُدْخِلْهُ)؟

د. الشهري: نعود للآيات في عدم حيض الصغيرة هي متزوجة ولم تحضبعد معناه يجوز تزويج الصغيرة قبل الحيض

د. مساعد: طبعاً في الإسلام هذا جائز وخاصة الشرع وهذه قضية مهم جداً ننتبه لها، من الذي يشرٍّع؟ قد يأتي أناس ويتكلمون على قضية زواج الصغيرة، هنا يجب قبل أن نتكلم عن قضية مصلحة أو مفسدة أن نقول من الذي شرّع؟ الله، ما دام الذي شرّع الله وهذه قضية مهمة نلتفت لها وهو أنه دائماً في التشريع في القرآن نجد أن التشريع مرتبط بالله سبحانه وتعالى ويأتي اسم الجلالة كثيراً في هذا المقام. مثل المقام الذي أمامنا الآن فإذن المشرِّع والذي حدّ هذه الحدود هو الله سبحانه وتعالى فلا اعتراض على الشرع من هذه الجهة ونقول إن الصغيرة يجوز زواجها. قضية البلوغ وعد البلوغ هذه قضية أخرى وأيضاً اختلاف عادات الناس ليس لها علاقة بالتشريع بعض الناس يقول هذه خاصة بجزيرة العرب لأن شباب الصغيرات عندهم البلوغ عندهم سريع والمرأة نقول هذا ليس كذلك، حكم الله ليس لجزيرة العرب حكم الله سبحانه وتعالى لجميع الناس وما شرعه الله إلا وفيه خير كوننا نحن ندهل هذا الخير ونجهل ما وراءه لا يعني أن نعترض على شرع الله سبحانه وتعالى. فإذن القضية مهمة جداً أي واحد يناقش في هذا فهو لا يناقشني أنا أو أنت وإنما يناقش الله سبحانه وتعالى

د. الشهري: يردّ شرع الله سبحانه وتعالى. أستأذنك في فاصل قصير ثم نعود نواصل بعده حديثنا.

————-

إعلان مركز تفسير – لقاء أهل التفسير (لقاء شهري في الدراسات القرآنية)

—————-

د. الشهري: حياكم الله أيها الأخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا في التفسير المباشر عن سورة الطلاق مع ضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود. ولعلنا قبل ذلك نشاهد الفائز في سؤال حلقة الأمس

الفائزة في مسابقة حلقة الأمس: الأخت أماني محمد عبدة هوساوي من مكة المكرمة. نعود للسورة

د. مساعد: بقي القسم الثالث وهي أولات الأحمال قال (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)

د. الشهري: إذن عندنا القسم الأول المرأة العادية الحائض

د. مساعد: المرأة العادية الحائض عدتها ثلاثة قروء

د. الشهري: والثانية اليائسة

د. مساعد: والثانية اليائسة من المحيض عدتها ثلاثة أشهر

د. الشهري: والحامل

د. مساعد: والحامل أجلها أن تضع حملها. طبعاً اختلفوا في مسائل تفصيلية في هذه لكن ليس هذا محلها. المقصود أن الله سبحانه وتعالى بيّن جميع أنواع النساء المرأة الحائض التي وقع طلاقها لعدتها هذه ثلاثة قروء طبعاً على خلاف القروء هل هي أطهار أم حيض؟ مع أن هذه الآية تشير إلى أنها الأطهار لأنه قال (لِعِدَّتِهِنَّ) وهو الطهر الذي لم يجامعها فيه فيبتدئ العدة من بداية الطلاق من الطهر الذي لم يجامعها فيه. أو المرأة التي يئست من المحيض هذه ثلاثة أشهر أو الصغيرة ثلاثة أشهر وذات الحامل أجلها أن تضع حملها فإذا طُلِّقت وهي حامل – وهذا يدل على جواز تطليق الحامل- فإذا طلقت الحامل أجلها أن تضع الحمل سواء كان يوماً أو تسعة أشهر.

د. الشهري: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) أيضاً كرر موضوع التقوى ولعل هذا يكون فيه إجابة على سؤال الأخ مهدي عن التوكل في هذه الآيات

د. مساعد: كرر موضوع التقوى. التوكل في الأول ذكر بعد الرزق لأن الطلاق مظنة الافتقار وأن الرجل يحتاج أن يكوّن نفس مرة أخرى كي يتزوج فكأن الله سبحانه وتعالى قال له إن أنت طلقت الطلاق الذي حددته لك فإن رزقك عليّ توكل على الله فياتيك رزقك. فهذه لا شك وعد من الله سبحانه وتعالى

د. الشهري: واضح الدلالة والارتباط

د. مساعد: قوله (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) أيضاً رد الأمر للتقوى مما يدل على أننا بحاجة إلى أمر التقوى في جميع جزئيات الحياة وتتأكد في مثل هذه الحالات التي ذكرناها قبل قليل. يعني من يتق الله في طلاق اليائس، من يتق الله في طلاق الصغيرة، من يتق الله في طلاق الحامل فإن الله يجعل له من أمره يسراً يعني ييسر له أموره وليس فقط أمر الطلاق ولكن ييسر له جميع أموره. الله سبحانه وتعالى تكفّل لعباده ممن يأخذون بشرعه أن يجعل أمورهم كلها يسيرة فأيّ خلل يقع فلأننا خالفنا حدود الله

د. الشهري: ولا يلوم الانسان إلا نفسه

د. مساعد: قال سبحانه وتعالى (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) أعاد مرة أخرى الأمر بالتقوى

د. الشهري: موضوع التقوى ظاهر في سورة الطلاق

د. مساعد: جداً ظاهر ولهذا هو محور

د. الشهري: رأيت بعض الباحثين يقول محور سورة الطلاق هو التقوى

د. مساعد: هذا صحيح من جهة، هو محور واضح جداً فدراسته وتأثير التقوى على موضوع الطلا هذا أحد الموضوعات التي ذكرناها من قبل في بداية الحديث عن التزكية الإلهية للعباد. قال هنا (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) وهذه على قاعدة التخلية قبل التحلية تكفير السيئات هذا من باب التخلية فكأن الله سبحانه وتعالى يزيل عنه كل السيئات ثم بعد ذلك يحلّيه بالأجر وليس أجرا وإنما قال (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) يعني يجعل له أجرا عظيماً فهذه لا شك أيضاً من نعم الله على عباده حال التقوى. ثم انتقل الآن إلى أمور مستتبعة للطلاق،

د. الشهري: موضوع السكنى

د. مساعد: السكنى فقال (أَسْكِنُوهُنَّ) أي المطلقات الرجعيات (مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)

د. الشهري: من وجدكم ما معناها؟

د. مساعد: مما تجدونه

د. الشهري: يعني من قدرتكم واستطاعتكم

د. مساعد: إنسان فقر على قدر حاله، إنسان متوسط عل قدر حاله، إنسان غني على قدر حاله، ما ياتي الغني يسكنها سكن فقراء أو متوسط الحال يسكنها سكن فقراء ولا هي أيضاً تشترط على الفقير أن يسكها سكن الأغنياء والمتوسطين ولا أيضاً المتوسطة تشترط عليه أن يسكنها سكن الأغنياء بل كلٌ على قدره.

د. الشهري: وهنا يبدو لي العرف يدخل في هذا

د. مساعد: العرف يدخل فيه. عنا فائدة أحببت أن أشير إليها لكن نسيتها والمفترض أن تكون في أول الحديث عن قضية الطلاق. الله سبحانه وتعالى جعل الطلاق بيد الرجل لكن جعل المخرج بيد المرأة هو الخُلع. المرأة إذا كرهت زوجها وغاضبته وكرهته لا تطيقه فلم يجعل الله سبحانه وتعالى الأمر لزاماً عليها كما فعل النصارى في أنفسهم فجعلوا الزواج ضربة لازم لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته ولا المرأة تستطيع أن تطلق زوجها. فالله سبحانه وتعالى جعل للمرأة مخرجاً بالخلع والخلع على قدر الذي يتراضى به الزوج مع الزوجة أن تخلع نفسها وإن عفا عنها فهذا لا شك يدل على كرمه وجوده لكن قد يكون بعض الأزواج يطالب بهذا لكنه ليس من كمال المروءات. يعني مخالعة الزوجة إذا أرادت أن تخالع وطالبها بمطالبات هذا ليس من كرامات النفوس لكنه جائز له، هذا الذي نسيت أن أذكره ويُنبته له في حال الحديث عن قضية سعة الاسلام في مشروعية الطلاق

د. الشهري: أنه ليس معنى وضع الطلاق بيد الرجل أن المرأة لا تستطيع أن تفارق زوجه إلا بإذنه هو وأن لها أن تخلعه والقاضي يحكم بينهم

د. مساعد: وقصة بريرة مشهورة. نعود إلى السكنى قال (وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ) الآن أولات الحمل عندها قضية أخرى وهي أن هناك حمل تبع الزوج فماذا تفعل؟ قال (وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) مرتبطة هي بمدة الحمل. الآن إذا وضعت، المولود ما حكمه؟ قال (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) إذن الآن بعد الطلاق الحليب لا يكون للرجل وتكون المرأة هي المتصرفة به فتصير مأجورة

د. الشهري: يدفع لها مقابل الارضاع

د. مساعد: بخلاف ما إذا كانت زوجة. قال (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) إن تعاسرتم يعني إن رفضت المرأة وقالت صرّف نفسك أنت ولدك! وهذا ليس من المروءات أيضاً، (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) أباح الشرع له أن يسترضع مرضعا أخرى. الآيات التي بعدها كلها من باب التعقيب (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) لاحظ كثرة الوعود في الطلاق كم يغفل عنها المطلق والمطلقة! هي كثرة الوعود لو طبقنا الطلاق كل هذه الوعود بإذن الله ستتحقق. قال بعد ذلك (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ)

د. الشهري: لعلنا نختم بهذه الآية

د. مساعد: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا) هذا نربطه بالطلاق، كما لاحظنا الطلاق فيه أشكال وفيه أشياء مما يأتي فقد يتعدى فيها حد الله سبحانه وتعالى فيضرب الله سبحانه وتعالى مثالاً لنا فيمن تعدى حدود الله وإن تعدينا حدود الله سيصنع بنا ليس مثله بالضبط ولكن مثل المشكلة التي وقعت عند هؤلاء قال سبحانه وتعالى (فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا) ولهذا لاحظ أحوال المطلقين الذين يطلقون ولا يطبقون شرع الله تجد أحوالهم بالفعل أحوال شبيهة بهذه القرية التي ذكرها الله سبحانه وتعالى

د. الشهري: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منك. انتهى وقت الحلقة دكتور مساعد وأرجو أن يكون فيما تفضلتم به كفاية للإخوة المشاهدين في إلماحة عن سورة الطلاق وموضوعها وأهم المسائل التي تناولتها هذه السورة العظيمة. أسأل الله لنا ولك التوفيق في كتابه وأشكركم أيها الإخوة المشاهدون على متابعتكم وإنصاتكم وأرجو أن يكون ذلك عوناً لكم على فهم كتاب الله تعالى والعمل به. باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الدكتور مساعد بن سليمان الطيار الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود على ما تفضل به وأراكم إن شاء الله غداً وأنتم على خير وبخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.