بينات – رمضان 1433 هـ
الحلقة 24
سورة المائدة – الآية 2 –
الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام وعلى رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام مرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم بينات. وقد وصلنا فيها إلى قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) وقد بيّنا معنى هذا النهي من ربنا سبحانه وتعالى عندما قال (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا). ثم نستأنف اليوم بقية هذه الآية من قوله (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) معي في هذا البرنامج كما هو المعتاد فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري وفضيلة الدكتور مساعد الطيار لنبدأ بك يا أبا عبد الملك فتفضل (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) ما معناها؟
الشيخ مساعد الطيار: “إذا حللتم” يعني إذا انتهيتم من عمرتكم أو من حجكم ولبستم ثيابكم وانتهت أعمال الحج والعمرة فقد أباح لهم الصيد في غير منطقة
الشيخ محمد الخضيري: الحرم.
الشيخ مساعد الطيار: الحرم، منطقة الحرم لا تزال أيضاً يمنع فيها الصيد.
الشيخ محمد الخضيري: إذاً ما المعنى الأول الذي ذكرناه في الآية الأولى في قول الله عز وجل
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَأَنتُمْ حُرُمٌ).
الشيخ محمد الخضيري: (وَأَنتُمْ حُرُمٌ) يشمل الاثنين حقيقة وهو إذا حللتم من إحرامكم وإذا حللتم خرجتم إلى الحِلّ ويعلم الإخوة المشاهدون أن الحرم له علامات ومكان محدد لا يجوز لمن دخله أن يصيد فيه صيداً ولا يعضد فيه شجرة ولا يلتقط فيه لُقَطَة إلى آخر ما هنالك من الخصائص التي اختص بها هذا المكان المعظم.
الشيخ مساعد الطيار: الأمر بعد النهي إذا كان قبل مباحاً فنُهي ثم عاد فأمر يقول مجاهد: هي رخصة وكأنها إشارة إلى ما يقوله الأصوليون
الشيخ محمد الخضيري: الأمر بعد الحظر
الشيخ مساعد الطيار: بعد الحظر للإباحة وليس المراد (فَاصْطَادُوا) الوجوب (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) فتصور أو تخيّل لو كان كل من حلّ وجب عليه الصيد.
الشيخ محمد الخضيري: صعبة هذه.
الشيخ مساعد الطيار: لا شك.
الشيخ محمد الخضيري: إذاً نحن نقول للإخوان إن الأمر بعد الحظر لا يدل على الوجوب يعني الأمر بعد الحظر
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بعد النهي
الشيخ محمد الخضيري: بعد النهي لا يدل على الوجوب فافهم بأنه ليس كل أمر في القرآن دال على الوجوب مثلاً في قول الله عز وجل (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) [فصلت:40] هذا أمر لكن هل يدل على
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا، هو تهديد.
الشيخ محمد الخضيري: تهديد فالفعل فعل أمر وكذلك هنا (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) هذا أمر جاء بعد الحظر فلا يدل على الوجوب. وتحقيق المسألة عند الأصوليين منهم من يقول الأمر بعد الحظر يدل على الإباحة وأدقّ منه في العبارة أن يُقال الأمر بعد الحظر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، قبل التحريم، إذا كان واجباً عاد إلى الوجوب، إذا كان مستحباً عاد إلى الاستحباب، إذا كان مباحاً عاد إلى الإباحة. ولنضرب مثلاً يا إخواني إذا قلت لابنك لا تأكل أو لا تتحرك مثلاً ثم جلس لم يتحرك امتثل أمرك ثم قلت له كُل الآن لا تقصد بقولك كُل أنه يجب عليه أن يأكل وإنما تقصد أني رفعت الحظر الذي كان عليك فهذا معروف في العرف ومعروف عند العرب وجاء القرآن على هذا العرف.
الشيخ مساعد الطيار: هذا صحيح، مجاهد يقول: خمس في كتاب الله رخصة وذكر منها قال وليست بعزمة وذكر منها (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) قال من شاء فعل ومن شاء لم يفعل. وفي رواية أخرى عنه قال أنه كان لا يرى الأكل من هدي المتعة واجباً وكان يتأوّل هذه الآية (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)، (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) [الجمعة:10] قال كان يتأوّلها يعني على أنها من باب الرخصة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في المقطع الذي قبل هذه الآية فيه فائدة في قوله (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) فيها رحمة من الله سبحانه وتعالى بعباده أنه رعى هذه الفطرة التي في نفوس الناس وهي الرغبة في الربح، الرغبة في التجارة، فهنا بالرغم من أن الحج أو العمرة هي في الأصل
الشيخ مساعد الطيار: أمر دين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في المقام الأول هي من أجل الحج ومن أجل العمرة يعني لكنه بالرغم من ذلك قدّم مصلحة العبد الدنيوية حتى في الآية فقال (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) قال (فَضْلًا) قدّمها وهي ما يكسبه من الخير ومن التجارة والرضوان ما يرجوه من طاعته لربه في العبادة التي جاء من أجلها.
الشيخ مساعد الطيار: لو أُخُّر لفُهِم تنقّصه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنه غير مرغوب فيه.
الشيخ مساعد الطيار: أو غير مرغوب فيه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله قال لا أبداً، هذا حلال زلال لك هذا الربح وهذه التجارة ولكن ليس على حساب العبادة بالتأكيد فانظر إلى مراعاة نفسية التجار الذي يأتي بهذا الغرض أيضاً.
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك أنا أقول يا أبا عبد الله ليس في ديننا ولله الحمد تعارض بين طلب الدنيا وطلب الدين يعني يمكن للإنسان أن يطلب الدين ويطلب معه الدنيا بشرط ألا تكون الدنيا هي المحرّك والباعث في الأمر الديني بل تكون تبعاً ولذلك قد يجاهد الإنسان يطلب ما عند الله من الأجر الأخروي والشهادة وغير ذلك لكن لو وقع في قلبه أنه يريد الغنيمة فلا شيء في ذلك لكن لا تكون الغنيمة هي الباعث له للخروج والمقاتلة في هذا الجهاد. قال النبي صلى الله عليه وسلم «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم» لاحظ «الأجر والمغنم» وقال في الحديث الآخر الذي رواه البخاري «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» يعني أن يأخذ الإنسان أجراً على تعليم
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تعليم كتاب الله.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم أو طباعته أو غير ذلك فلا بأس بذلك لأن هذا مما يدعو إلى نشر هذا الكتاب وإلى العمل به.
الشيخ مساعد الطيار: قوله (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ).
الشيخ محمد الخضيري: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا) ما معنى هذه الآية يا أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا سلام! وهذا هو مقتضى الوفاء بالعقود يعني الله سبحانه وتعالى يقول هؤلاء المشركون الذين صدّوكم عن المسجد الحرام لا شك أن في نفوسكم عليهم من الغضب ومن المؤاخذة عليهم ما يدفعكم لمقاتلتهم لأنهم صدّوكم عن المسجد الحرام لكن
الشيخ محمد الخضيري: ومنعهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم
الشيخ محمد الخضيري: مقاتلتهم أو منعهم عن الحرم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقال الله سبحانه وتعالى لا يحملكم هذا الموقف الذي اتخذوه وهو صدّكم عن المسجد الحرام أن تصدّوهم عن المسجد الحرام إذا قصدوه. (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا) عليهم بأي وجه من أوجه الاعتداء لأن هذا هو من تمام الوفاء بالعقد الذي ذكره الله في أول السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). وسبحان الله العظيم هذا من كمال هذا الدين يعني يحفظك ويحفظ حق خصمك يعني كما أن لك حقوق فإن غيرك له حقوق أيضاً وهذا سبحان الله العظيم يحفظ المجتمع كله يعني حتى عدوك يأمنك وأنت أيضاً يجب عليك أن تفي بهذا العهد الذي أخذه الله عليك وهذا من مصداق اختيار المفسرين أن العقود هنا مطلقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) كل العقود التي تعقدونها بينكم وبين الله أو بينكم وبين البشر سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لأنه هناك خلاف بين المفسرين كما مرّ معنا في العقود حتى قال بعضهم أن المقصود بالعقود هنا عقود الجاهلية التي أُبرِمت في الجاهلية.
الشيخ محمد الخضيري: تُحتَرم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يجب عليكم أن تحترموها حتى في الإسلام وقال الطبري: والصحيح أنها عامة تشمل كل العقود التي عقدها الإنسان بينه وبين ربه أو بينه وبين المخلوقين. وهذا الحقيقة أنه لو لم يكن من الدين لكان من مكارم الأخلاق.
الشيخ محمد الخضيري: لا شك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الوفاء بالعهد أنه من مكارم الأخلاق حتى كان يتفاخر به الناس قبل الإسلام أنه لا يغدر ولا يخون وإنما يفي ولذلك كان يفتخر بها وهي أبيات مشهورة للسموأل بن عاديا اليهودي كان يُضرب به المثل في الوفاء بالعهد حتى أنه قيل أنه جاءه امرؤ القيس عندما أراد أن يسافر امرؤ القيس إلى أنقرة لكي يطالب بمُلك والده من بني أسد فجاء بأدرع وجاء ببعض الأشياء الثمينة امرؤ القيس وأودعها عند السموأل بن عاديا فيقولون أنه جاءه خصوم امرؤ القيس وأرادوا أنهم يأخذوا هذه الأمانة فرفض قالوا فأدركوا يوماً ابنه خارج الحصن ابن السموأل بن عاديا خارج الحصن وقالوا له إما أن تعطينا أدرع امرؤ القيس وإما أن نقتل ابنك فضحى وقتلوا ابنه ولا يقال أنه أخلف بعهده ولذلك يقول في القصيدة يقول
بنى لي عاديا حصناً حصيناً وبئراً كلما شئت استقيت
وفيت بأدرع الكندي إني إذا ما خان خوان وفيت
فانظر هذا في الجاهلية فكيف وقد منّ الله علينا بالإسلام؟! لا شك أنه ينبغي علينا أن نكون أكثر حرصاً على الوفاء بالعهد.
الشيخ محمد الخضيري: لا شك.
الشيخ مساعد الطيار: كلمة “لا يَجرِمَنَّكم” من الكلمات المشكلة في الدلالة وأذكر قرأت فيها لكي تصل من أين أخذت مادة جرم هذه؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جرم بمعنى حمل
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم فبعضهم قال لا يحملنكم وهذا أورده الطبري عن ابن عباس قال لا يحملنّكم شنآن قوم وآخرون قالوا لا يُحِقَّنَّ لكم يعني “لا يجرمنكم” أي لا يُحِقَّنَّ لكم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يجعله حقاً.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم أو لا يعدينكم وذكر الطبري عن بعض البصريين وبعض الكوفيين هذه المعاني وقال: أنه يُقَالَ: “جَرَمَنِي فَلانٌ عَلَى أَنْ صَنَعَتُ كَذَا وَكَذَا” أَيْ حَمَلَنِي عَلَيْهِ. واستدل البصريون البصري والكوفي ببيت كلهم استدلوا بنفس البيت فسروا البيت واختلفوا في تفسير دلالته
وَلَقَدْ طَعَنْتَ أَبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً جَرَمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا
فتأول ذلك كل فريق منهم على المعنى الذي تأوله من القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جَرَمَتْ فَزَارَةُ يصير معناته
الشيخ مساعد الطيار: فَزَارَةُ.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني حملت قبيلة فزارة أن يغضبوا.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم فقال الذين قالوا: “لا يجرمنكم”، لا يحقن لكم معنى قول الشاعر: “جرمت فزارة”، أحقت الطعنة لفزارة الغضب. وقال الذين قالوا: معناه: لا يحملنكم معناه في البيت: “جرمت فزارة أن يغضبوا”، حملت فزارة على أن يغضبوا. ثم ذكر رأياً آخر للكوفيين بعد ذلك قال ختم قالوا: وهذه الأقوال التي حكيناها عمن حكيناها عنه متقاربة المعنى وذلك أن من حمل رجلاً على بغض رجلٍ، فقد أكسبه بُغضه، ومن أكسبه بغضه، فقد أحقّه له يعني حُقّ له كذا “لا يجرمنكم”. والشنآن هو أشد البغض وإلا لا؟
الشيخ محمد الخضيري: بلى.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.
الشيخ محمد الخضيري: يعني لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تقوموا بالعدل معهم فإن المؤمن يعدل مع من يبغض ومع من يحب ولا يحمله بغضاؤه لقوم على أن لا يقوم بحقهم الذي أوجبه الله عز وجل لهم في العدل وهذه ميزة للمؤمن. قال “وأسألك العدل في الغضب والرضا” تعدل في حالة غضبك وفي حالة رضاك بعض الناس إذا رضي تجاوز الحدّ في الرضا وأعطى أكثر مما ينبغي وإذا غضب منع الإنسان حقّه فيكون الإنسان عدلاً إذا غضب وعدلاً إذا رضي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال لي يوماً أحد الطلاب نحن المسلمون ضعفاء لماذا نحن نلتزم بالعهود والمواثيق التي نتفق عليها مع اليهود وهم لا يلتزمون بها؟ لماذا لا نغدر كما يغدرون؟ ويرى أن هذا من ضعف المسلمين، فقلت بالعكس هذا من قوة المسلمين وإنما هو من ضعف اليهود يعني لا يمكن أننا نجعل خيانتهم وغدرهم سبباً للغدر والخيانة ولكن نحن نقول لهم العهد الذي بيننا وبينكم نحن في حِلٌّ منه فنعلن الحرب إن صح التعبير ونكون في حلّ أما أن نعد العهود والمواثيق ثم نغدر ونعتبر هذا قوة فهذا لا شك أنه ليس من القوة في شيء وإنما هو من الخيانة ومن الغدر ومن اللوم.
الشيخ مساعد الطيار: أليس هذا من أعدل العدل؟ يعني العادة طبيعة الإنسان أنه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعامل بالمثل.
الشيخ مساعد الطيار: يعامل بالمثل أو قال (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هم الآن قدموا مبرراً لأن ترد عليهم بالمثل أو تزيد ومع ذلك الله سبحانه وتعالى يأمرك بماذا؟
الشيخ محمد الخضيري: أن تعدل.
الشيخ مساعد الطيار: بالعدل فإذا كان يأمر بالعدل في مثل هذه الحالة التي قد تفسر لنفسك أن فعلك فيهم طبيعي ومباح يأمرك الله بالعدل فكيف بغيره؟!
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا نلاحظ كيف ختم الآية ختاماً جميلاً وهذه تعتبر من الكليات القرآنية (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) لأن البعض قد يتهاون في الإخلاف بالوعد فيقول الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) هنا يعني ليأمر بعضكم بعضاً وليتعاون بعضكم بعضاً على الوفاء بالعهود فإن حاول أحد منكم أن يُخِلُ يوقَف عند حده (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) لا ينصر بعضكم بعضاً على الإثم والعدوان من الإخلاف بالعقود والإخلال بها مما يدل على أنها فعلاً أشياء يقع فيها النزاع في الصفوف.
الشيخ محمد الخضيري: لكن أبا عبد الله هؤلاء يهود لا يستحقون وأخلفوا عشر مرات معنا العهد المفروض نحن نؤدبهم ونخلف بالعهد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولهذا قالوا إنما نحن نعاملهم بأخلاقنا ولا نتعامل معهم بأخلاقهم.
الشيخ محمد الخضيري: ويأتي هنا الدور في أنه يجب أن نتعاون على البر والتقوى أنت تعينني أن تقول لا يا أخي انتظر ما أمرني الله بهذا تقول يا أخي لكن، يقول ولو ولكن
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالضبط.
الشيخ محمد الخضيري: الله أمرنا أن نفي بالعهود وأن لا يجرمن شنآن قوم على أن نعتدي. “تعاونوا على البر والتقوى” أنا أرى أن هذه الآية أصل في الأعمال الجماعية يعني إن المسلمين يفوزون دائماً إذا تعاونوا وأن المسلم يحرص على أن لا يكون عمله فردياً مرتبطاً بوجوده فهذا العمل يقوم ما دام هو قائماً فإذا ذهب ذهبت هذه الأعمال ينبغي أن يكون مبدأ التعاون مبدأ إسلامي أصيل في إقامة كل الأعمال التي تكون للأمة. يعني إذا كان عندك عمل قرآني أو مشروع نفترض عندك يا دكتور عبد الرحمن مؤتمر عندك مركز تفسير عندك أيّاً كان حتى درس في مسجد أن يكون هذا قائم على مبدأ التعاون أنت يا فلان عندك كذا وأنت يا فلان عندك كذا وأنت يا فلان عندك كذا وهذه الخطة أو هذه الدراسة موجودة في المكان الفلاني لو تخلف أحدنا أو غاب أو انحسر عن المكان غيره يقوم مقامه ويبقى هذا العمل في الأمة ما بقيت فأقول هذه الآية تدل على ماذا؟ على هذا الأصل الأصيل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح وهي الآن دليل يعني لو تستمع إلى المفتين الآن وهم يفتنون تجد هذه الآية يستدلون بها كثيراً في إجابتهم على كثير من الأسئلة.
الشيخ محمد الخضيري: صحيح هي أصل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم ما حكم مثلاً المشاركة في الكشافة في الحج؟ قال لا شيء (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى). ما حكم؟ لا بأس بذلك فهي فعلاً أصل من أصول هذا الدين التعاون على البر والتقوى والتناهي (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) يعني لا تعاونوا يعني بالعكس تناهوا عنه تناهوا عن الإثم والعدوان وهذا من التعاون أن ينهى بعضنا بعضاً عن الإثم وعن العدوان.
الشيخ مساعد الطيار: لكن أيضاً يشير أن قوماً يتعاونون على الإثم والعدوان وأيضاً البر والتقوى البر كأنه جاء
الشيخ محمد الخضيري: لو جعلتها بعد الفاصل، فاصل مشاهدي الكرام ثم نواصل بإذن الله عز وجل.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير
– إعلان جوال تفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشاهدي الكرام كنا قبل الفاصل نتحدث عن قول الله عز وجل في الآية الثانية من سورة المائدة (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وبيّنا أن هذه الآية تدل على أصل عظيم من أصول هذا الدين وهو التعاون وهو أن يقوم المسلمون بأعمالهم متعاونين على البر والتقوى وقلنا إن هذه أصل في الأعمال الجماعية وفي مأسسة الأعمال وهو أن تكون الأعمال مؤسسية بحيث لا تذهب بذهاب من أقاموها أو أسسوها. ثم كان الدكتور مساعد يريد أن يحدثنا عن الفرق بين البر والتقوى أليسا شيئاً واحداً أبا عبد الملك.
الشيخ مساعد الطيار: الذي يظهر والله أعلم أن البر كما يقولون أن القاعدة إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا. إذا اجتمعا افترقا يعني هذا صار له معنى وهذا له معنى مغاير وإذا افترقا ذكر البر مفرداً بأنه يشمل التقوى وإذا ذكر التقوى مفرداً تشمل البر ويبدو والله أعلم بأن البر هو الجانب الإيجابي العملي والتقوى الجانب الاحترازي.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم يعني البر في الطاعات.
الشيخ مساعد الطيار: في الطاعات، والتقوى البعد عن المعاصي ويبدو هذا والله أعلم ولهذا مقابل له قال (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) والإثم أيضاً لو نظرنا إليه كل عدوان حقيقة هو إثم ولكن ليس كل إثم عدواناً لأن العدوان يلتزم منك تعدي الإثم إلى الغير فمثلاً على سبيل المثال لو قلنا إن إنسان شرب الخمر في بيته نقول هذا آثم لم يخرج من بيته يعني عمل بينه وبين الله هذا الفعل المشين وانتهى لكن لو أخذ الخمر وذهب به إلى صاحبه نقول أنه
الشيخ محمد الخضيري: تعدى.
الشيخ مساعد الطيار: صار فيه تعدي لأنه أشرك غيره معه صار فيه تعدي الفعل الواحد مرةً يكون إثم ومرةً يكون ماذا؟.
الشيخ محمد الخضيري: عدوان.
الشيخ مساعد الطيار: عدوان فإذا النظر فيه إلى قضية أنه كل إثم جاوز صاحبه بسبب صاحبه فهو عدوان كما أنه قد يطلق العدوان على أمر آخر نقول مثلاً التعدي ما أباح الله وهو نوع من العدوان فمثلاً يجوز للرجل أن يتزوج أربع فإذا تزوج خمس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا عدوان.
الشيخ مساعد الطيار: أصل الزواج مباح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم لكن إذا تجاوز.
الشيخ مساعد الطيار: لكن إذا تجاوز المسموح فصار عدوناً إذاً هناك أكثر من صورة للعدوان.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه لفظة عامة تشمل كل صور العدوان.
الشيخ مساعد الطيار: تشمل كل صور العدوان لكن ما دام اجتمع الإثم والعدوان فنقول إن الإثم ما كان لا يتعدى صاحبه والعدوان ما تعدّى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صاحبه.
الشيخ مساعد الطيار: صاحبه نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحقيقة إنها آية جامعة مانعة.
الشيخ محمد الخضيري: لا شك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه الآية (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) يا سلام يعني تفتح الباب على مصراعيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر وعلى الخير وعلى مشروعات الخير وعلى الدعوة وعلى الإكرام وعلى كل برّ وكل معروف.
الشيخ محمد الخضيري: في قوله الحقيقة “تعاونوا على البر والتقوى” من كلام الدكتور مساعد قبل قليل أن البر الطاعات والتقوى يعني اتقاء المعاصي، أنا أقول هذه لفتة مهمة جداً للأمة الإسلامية في أنها لا يكون لا يقتصر تعاونها على أمور الطاعات وفعل الخيرات تتعاون على هذا وتتعاون على ترك المنكرات بمعنى أنه يمكن أن نقيم جمعية خيرية لطعام الفقراء والمساكين وكفالة الأيتام أو أو إلى آخره هذا جانب برّ لكن جانب التقوى يجب أن نقيم جمعيات مثلاً لمكافحة الزنا، لمكافحة الخمور.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التدخين.
الشيخ محمد الخضيري: مكافحة التدخين نتعاون على هذا الأمر ونجتهد في إقامته لأجل أن نعصم أنفسنا ويعصم بعضنا بعضاً من الوقوع فيما يُسخط الله سبحانه وتعالى. إذاً لازم مراعاة الجانبين ولذلك من يدعي أنه يمكن أننا إذا أكثرنا أعمال الخير في جانب الطاعات أن ذلك يكفي لا ما يكفي، بل لا بد من نفوس قد تفعل الطاعة لكنها لا تترك المعصية نحتاج إلى من يعيننا على ترك المعصية. قال (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا ختام عجيب.
الشيخ محمد الخضيري: لماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني أولاً فيها أمر بتقوى الله سبحانه وتعالى باتقاء كل ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وكما قال بعض العلماء في تعريف التقوى قال هي “أن يجدك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك” والتقوى هي “أن تجعل بينك وبين عذاب الله سبحانه وتعالى وقاية” وهذا لا يكون إلا باجتناب ما نهى عنه وبإتيان ما أمر به يعني هذه التقوى وكلمة عامة شاملة تشمل هذا كله. ثم قال (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)) هذا تعليل وتهديد وتحذير لكل من تسوّل له نفسه
الشيخ محمد الخضيري: ألا يتقي الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ألا يتقي الله فإن الله سبحانه وتعالى يتوعده بأنه شديد العقاب وأن الله سبحانه وتعالى إذا أخذ الظالم لم يفلته.
الشيخ مساعد الطيار: أيضاً تكرر معنا التقوى تكررت مرتين وتعاونوا على البر والتقوى واتقو الله ما يدل على التكرار يدل على التأكيد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما مرّ في سورة (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران:28].
الشيخ محمد الخضيري: التقوى الحقيقة مصدرها ومنشؤها الخوف من الله ولذلك تلاحظ أنه إذا جاءت التقوى إما أن تأتي المنهيّات أو يأتي ذكر عقوبة الله وعذابه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)) [الحشر:18] فمنشأ التقوى هو خوف في القلب يدفع الإنسان ويحفزه إلى أن يمتثل أمر الله ويجتنب نهي الله يعني باعثه هو الخوف الذي يقع في القلب فيمنع الإنسان من التمادي في المعاصي أو من الترك للطاعات ولذلك قال (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)) و(إنّ) يؤتى بها كثيراً في القرآن يراد بها التعليل اتقوا الله لأن الله شديد العقاب إذا لم تتقوه. ثم انتقل إلى بعد ذلك إلى جمله من المحرمات جمعتها آية واحدة وهي بدأت بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا الذي ورد في أول آية (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ).
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا بعض البلاغيين يقول هذه استئناف بياني كأن سائلاً سأل ما الذي حُرِّم علينا قال (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).
الشيخ محمد الخضيري: دعوني أوضحها لأنكم يمكن ما أوضحتوها كانت في حلقة سابقة قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) ما هو الذي يتلى عليكم؟ هو هذه الآية التي ذكرتم وهي قول الله عز وجل (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ). دعونا أولاً نعدد المحرّمات على أساس نكون على بينة فيها تفضل يا أبا عبد الله لو عددتها لنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً هي ليست مقصورة على هذه الآيات
الشيخ محمد الخضيري: هذه أجمعها
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ) هذه عشرة؟
الشيخ محمد الخضيري: أنا والله كأني أنا عديتها إحدى عشر تريد أن نعدها مرة ثانية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المهم عشرة عندي أنا (وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) كل هذا. نرجع من الأول (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ما المقصود بالميتة هنا؟.
الشيخ محمد الخضيري: قبل هذا حُرِّمت.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً ويقال في (حُرِّمَتْ) مثل ما قال في أحلت أنها بُنيت هنا للمجهول لأن الذي يملك حق التحليل والتحريم هو الله سبحانه وتعالى فهو معلوم يبنى للمجهول وهو معلوم لأنه الله سبحانه وتعالى. ثم قال (الْمَيْتَةُ) الميتة هنا المقصود المحرم هو أكل الميتة صح؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) المقصود أكلها.
الشيخ مساعد الطيار: لكن فقط في قضية الأفعال مرة يأتي في التحليل والتحريم الفعل مبني للمعلوم ومرة يأتي مبني للمفعول مثل (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة:275] هذه مبينة للمعلوم ظاهر الفاعل لكن لاحظ (حُرِّمَتْ) و (أُحِلَّتْ) قد تأتي بهذا وبهذا لكن أيها أكثر؟ هذا يحتاج إلى استقراء ما هو الأكثر في القرآن؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الظاهر أن (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة:275] نادرة تصريح نادرة هذه بل لا يوجد في القرآن الكريم آية فيها هذا التصريح أحلّ الله كذا وحرم كذا إلا هذا (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة:275] أما غيرها فهي.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا نقول أن الأغلب عليها.
الشيخ محمد الخضيري: تبنى للمجهول.
الشيخ مساعد الطيار: إيه نعم تبنى للمفعول.
الشيخ محمد الخضيري: أو للمفعول.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه بالمناسبة من آداب الإعراب في القرآن الكريم أنهم يحتاطون في مثل هذه العبارات فمثلاً عندما تقول (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) هي في الصناعة الإعرابية نقول مبني للمجهول صح لكن تأدباً لأن الفاعل هنا الله سبحانه وتعالى فيقال مبني للمفعول وأيضاً في مفعول به عندما يأتي لفظ الجلالة مفعول به فيتأدبون النحويون ويقولون هو منصوب على التعظيم وأذكر ابن عبد الرب الشنقيطي يقول في سألت الله للتعليم نقول منصوب على التعظيم حتى لا نقول مفعول به.
الشيخ محمد الخضيري: ممثلاً أيضاً في أي اسم لله تقول إلى الله تقول إلى حرف جر ولفظ الجلالة مجرور، ما تقول الله مجرور.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كل هذا من الأدب.
الشيخ مساعد الطيار: ابن عطية رحمه الله تعالى كان.
الشيخ محمد الخضيري: من الأدب ومن تعظيم شعائر الله.
الشيخ مساعد الطيار: ابن عطية كان يستخدم لفظة المكتوبة مرة كنت أقرأ فيه قال والمكتوبة في محل نصب، ما المكتوبة؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو أدباً.
الشيخ مساعد الطيار: هو أدباً.
الشيخ محمد الخضيري: المكتوبة الصلاة المكتوبة.
الشيخ مساعد الطيار: لم يسبق لفظة مكتوبة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما تلتفت إليها.
الشيخ مساعد الطيار: فما تنتبه فلما تأملت وإذا هو يريد إعراب لفظ الجلالة.
الشيخ محمد الخضيري: التي كتبت بين يدي كذا. (الْمَيْتَةُ) ما هي؟
الشيخ مساعد الطيار: قلنا الميتة هي
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما مات حتف أنفه.
الشيخ مساعد الطيار: حتف أنفه.
الشيخ محمد الخضيري: أو مات بغير الصفة الشرعية لو أن شيئاً ذبح بغير الصفة الشرعية
الشيخ مساعد الطيار: مثل الصَعق.
الشيخ محمد الخضيري: مثل الصَعق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعتبر ميتة.
الشيخ محمد الخضيري: إيه يعتبر ميتة فيسمى ميتةً كذلك أبا عبد الله لو مات مذبوحاً لكن بطريقة غير مشروعة كأن قال بسم السيد البدوي وذبحها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تعتبر ميتة.
الشيخ محمد الخضيري: ميتة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع أن دمها يخرج بشكل نفس الطريقة المذبوحة بشكل شرعي.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ننتبه لهذا وهو أن الشيء إذا ذُبح بغير الصفة الشرعية الواجبة فإنه يكون ميتة.
الشيخ مساعد الطيار: وغالب الميتة تطلق على ما ينحبس فيها الدم في الغالب.
الشيخ محمد الخضيري: غالباً هكذا صحيح. (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)؟
الشيخ مساعد الطيار: الذي هو شرب الدم
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الدم المسفوح ذكره الله سبحانه وتعالى الدم المسفوح وهو تناول الدم محرّم.
الشيخ محمد الخضيري: لكن الدم المسفوح الذي ينسفح عند الذبح والتذكية
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالضبط هذا هو.
الشيخ محمد الخضيري: فهذا دم محرم الانتفاع به
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني حتى يخرج الدم الذي هو أُحلت لنا ميتتان ودمان وذكر الكبد والطحال أنها تعتبر دماً ولكنها ليست مسفوحة أليس كذلك؟
الشيخ محمد الخضيري: كذلك الدم الذي يكون في الذبيحة بعد الدم المسفوح فإن العلماء بإجماعهم يرون أن هذا الدم حلال حتى وإن غلت به القدور وبدأ على جوانب القدر وهذا يحدث كثيراً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح.
الشيخ محمد الخضيري: الذبيحة تقدم لك أحياناً ولما تقطع اللحم ترى الدم من تحتها هذا الدم جائز بالإجماع لأن الدم المحرّم هو شيء معين قاله الله عز وجل في سورة الأنعام (قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) [الأنعام:145].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك هنا الآن (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) الدم هنا عام صح؟ لكنه
الشيخ مساعد الطيار: مطلق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مطلق لكنه في سورة الأنعام
الشيخ مساعد الطيار: مقيد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قيده بأن يكون دماً مسفوحاً فهذا مما يُحمل فيه المطلق على المقيد.
الشيخ محمد الخضيري: لأنهما اتفقا. قال (وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ) الخنزير ما هو؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحيوان المعروف.
الشيخ محمد الخضيري: ما نفسّره بأكثر من هذا وهو حيوان قبيح الشكل قبيح الصفات.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تصدق هذه المسألة يا دكتور والدكتور مساعد يشاركني في هذا هذه من المشاكل الموجودة في كتب اللغة خاصة المعاجم كثيراً يعني مثلاً يأتي إلى الخنزير فيقول حيوان معروف، معروف عند من؟ إذا كنت أنا ما رأيته بحياتي كيف أعرفه؟ أو مثلاً يقول الرمان فاكهة معروفة وأذكر أحد الإخوان من أهل النماص قديماً يقول والله كنا ندرس الفاكهة الموز والبرتقال والله ما نعرفها نقرأها في الكتب لكن ما نعرفها ولا عمرنا رأيناها وهي فواكه معروفة عند غيرهم فالشاهد إن المفروض الآن في كتب المعاجم لو تُخدم وإن كانت موجودة الآن أن يوضع بجانب الفاكهة يوضع صورة الفاكهة حتى يعرفها الإنسان الذي يراها وأيضاً في أسماء المواضع تصدق موجودة في كتب معاجم البلدان الكوفة موضع معروف، اسم موضع المفروض أن يُحدد.
الشيخ محمد الخضيري: يحدد في خرائط.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن يحدد.
الشيخ مساعد الطيار: لا حتى التحديد في الكتب كان بالأميال.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تعليقاً على قولك “لحم الخنزير” الخنزير حيوان معروف.
الشيخ محمد الخضيري: طبعاً المحرم بنص الآية لحم الخنزير فما حكم بقية أعضاء الخنزير غير اللحم؟ العلماء مجمعون على إلحاق ذلك به وقالوا إنما نصّ على اللحم لأنه هو الذي
الشيخ مساعد الطيار: يُنتفع به.
الشيخ محمد الخضيري: الأكثر في الطلب والقصد والانتفاع وليس المقصود به أن غيره مباح. ولذلك ما روي أن داوود بن علي كان يرى
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الظاهري.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم أن التحريم خاص بلحم الخنزير دون شحمه أنكره العلماء وإن كنت أنا بعد تتبعي لم أجد أن داوود بن علي
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال هذا.
الشيخ محمد الخضيري: قد قاله لكن نُسِب هذا القول إليه. وعلى كل حال المحرم بإجماع العلماء كل أعضاء الخنزير اللحم والشحم والدم والأعضاء والأحشاء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كله على بعضه.
الشيخ محمد الخضيري: نعم.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا نقول انطلاقاً من هذه الآية يحذر المسلم حقيقة مما يأتي من بلاد النصارى لأنهم يبيحون الخنزير وقد لا يتورعون في خلطه ببعض ما يأتي
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تصدق يا أبو عبد الملك أنا رأيت هذا كثيراً يعني لكن أظن الشاي يمكن هو الوحيد الذي ما يحطونه بلحم الخنزير كل شيء يخلطونه بلحم الخنزير حتى البيض الذي يسوونه
الشيخ مساعد الطيار: شحم.
الشيخ محمد الخضيري: الزيت.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم يعني يخلطونه في الحلويات ويضعونه في الطعام ويضعونه، الخنزير عندهم يأكلونه سبحان الله بشكل بشع فلذلك ما عاد الواحد يأمن أي شيء يأتي منهم.
الشيخ محمد الخضيري: ولكثرة ما يُذبح منه عندهم هذه الفضلات والمخلّفات والشحوم والمتصلات بهذا الخنزير يحاولون الاستفادة منها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صح.
الشيخ محمد الخضيري: فيحولونها إلى مواد تدخل في كثير من صناعة الطعام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح.
الشيخ محمد الخضيري: على سبيل المثال الأسبوع الماضي اتصل بي أحد الزملاء في بريطانيا هو يحب نوع من الحلوى ويأكلها باستمرار قال فذهبت في محلها الأساسي لأخذ منها نوعاً أنا وأولادي أنا لن أذكر اسمها لأني ما أحب
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تسوي دعاية للحلوى.
الشيخ محمد الخضيري: ما أسوي دعاية لها ولا أيضاً أحدث إشكالاً فيها حتى نتأكد من صحة ما قيل يقول فدخلت واخترت نوعين أو ثلاثة منها ولما جئت أحاسب قال لي المحاسب أنت مسلم؟ قلت نعم، قال هذه الحلوى اللون من مادة مصنوعة من الخنزير لون الحلوى قلت نحن نأكلها من زمان، قال نحن أهل المصنع ونعرف هذه المعلومة وهي تُخفى عليكم يقول فأنا شككت أن الرجل يريد أن يمنعني منها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا جالس أشتري.
الشيخ محمد الخضيري: وهم في المصنع أصلاً فسألت اثنين قالوا نعم المادة هي من الشوكولاتة أصلاً لكن المثبت مثبت اللون من مادة من الخنزير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا حول ولا قوة إلا بالله.
الشيخ محمد الخضيري: قال فقلت سبحان الله وحنا داغين فيها داغين بمعنى منهمكين فيها من زمان ونحن غير عارفين هذه القضية العجيب من كيدهم لأنهم لما كانوا يكتبون إن هذا المنتج مثلاً فيه مادة كذا من الخنزير كان المسلمون يتعففون عن ذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صح.
الشيخ محمد الخضيري: ماذا فعلوا؟ راحوا وسووا مواد مختصرة E440، E320، وخلاص وانطلت هذه على المسلمين ولذلك نزل بعض الأطباء والصيادلة جملة من المختصرات والأرقام التي تدل على مواد مستخلصة من الخنزير.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كلام صحيح وأيضاً أمر آخر فوق الخنزير وهو الخمر wine عند النصارى هؤلاء يصنعون كل شيء حتى لو تذهب عند المطاعم تقول سوي بيض يحط لك شوية خمر على المقلاة ويقلي لك بالخمر يعني أنت فيك، فيك أحسن شيء إنك.
الشيخ محمد الخضيري: لعلنا بهذا نحن الآن ذكرنا ثلاثة (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ) ونأتي بعد ذلك إلى الرابع في الحلقة القادمة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهني وإياكم في الدين وأن يعلّمنا تأويل الكتاب المبين وأن يجعلنا جميعاً من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، ونقول في ختام مجلسنا سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.