برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 25- تأملات في سورة المائدة -الآية 3

اسلاميات

الحلقة 25

بينات – رمضان 1433 هـ

سورة المائدة – الآية 3

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في هذه الحلقة من برنامجكم (بينات) والتي نتحدث فيها بإذن الله تعالى ونواصل حديثنا عن المحرّمات في سورة المائدة في قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ) [المائدة:3]. وكنا تحدثنا في الحلقة الماضية مع الدكتور مساعد الطيار والدكتور محمد الخضيري حول هذه الآية وطال الحديث وتفرّع حول كل محرّم من هذه المحرّمات في الآية. وكنا توقفنا مع المشايخ عند قوله (وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ) [المائدة:3] وتشعّب بنا الحديث للحديث عن تحريم كل وجه من أوجه إدعاء معرفة الغيب سواءً كان استقساماً بالأزلام أو كان ضرباً بالكفّ أو كان قراءة للفنجان أو غير ذلك من وسائل إدّعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ونبّهنا على خطورة هذا الأمر لأن كثيراً من الناس وخاصة السُّياح الذين يرتادون أماكن السياحة وقد رأيت هذا بنفسي ولعلكم رأيتموه تجد أنهم يكثرون هؤلاء في هذه المواطن لعلمهم بأن الناس يأتون للسياحة وهم لديهم أوقات فراغ طويلة ولديهم أموال أيضاً فيرى أن هذا شيء بسيط حتى أني لقيت بعضهم وسألني كثيرون في مواطن السياحة التي ذهبت إليها هل هذا يجوز؟ ودخلت يوماً مطعم من مطاعم الفنادق فوجدت هذا الذي يقرأ الفنجان يلف على الناس الجالسين وهات تبغى أقرأ لك الفنجان يا شيخ؟ والناس يرون هذا نوعاً من التسلية، ما فيه مانع! ما تم ذكره في الحلقة الماضية من «من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» الكفر بالله سبحانه وتعالى والإيمان، الإيمان بكلمة والكفر بكلمة فلا ينبغي للمسلم أن يتساهل في دينه وفي عقيدته وينبغي أن يكون على حذر شديد في هذه المسألة.

الشيخ مساعد الطيار: لكن سؤال إذا كان فيه خبر ما قصة الفنجان؟

الشيخ محمد الخضيري: أنا الذي يظهر لي أنه وسيلة للعبث فقط.

الشيخ مساعد الطيار: على الأقل الكفّ فيه شيء.

الشيخ محمد الخضيري: لا لا والطاقية نفس الشيء يبحث عن شيء معين كأنه يقرأ الغيب من ورائه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يأخذ فنجان فاضي (ثم ينظر فيه) ويقول أنت حظك حلو، ونادراً ما يقول للواحد أنت حظك سيء دائماً يقول له أنت حظك حلو ولك مستقبل ويعطيه.

الشيخ مساعد الطيار: وإلا يتصل عليك بالتليفون ويقول: يا شيخ أنت مسحور.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً لاحظوا في بعض المجلات تجدون أيضاً أنهم يجعلون مثل هذا قراءة النجوم وقراءة الطوالع كلها تدخل في هذا الباب.

الشيخ محمد الخضيري: والأبراج.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والأبراج هذه كلها تدخل في هذا الباب باب الاستقسام بالأزلام لأن فيها محاولة لمعرفة الغيب والله سبحانه وتعالى قد أغلق هذا الباب كل من يدعي أنه يعرف الغيب فهو يدخل في هذه الآية.

الشيخ مساعد الطيار: أنا مرة واحد اتصل علي مرعوب وقال لي يا شيخ أنا واحد اتصل علي وقال لي إنك مسحور وإنك وإنك

قلت له: لماذا أنت خائف؟

قال: يا شيخ ماذا أفعل؟

قلت: لا تفعل، استعذ بالله من الشيطان الرجيم أنت ضعيف ما ترد عليه اقرأ المعوذات ولا يأتيك أي شيء إن شاء الله.

قال: صحيح؟

قلت: غريب إن كنت شاكّاً في الأمر، والله غريب مسلم وتعرف دين الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه يا دكتور مساعد يتهاون فيها كثير من الناس إما بسبب الجهل وإما بسبب قلة العلم أو قلة الدين فيظن أنها أشياء سهلة ما تؤثر على دينه ولا على عقيدته لكن إذا نبه أن هذه ستخرجك من الدين عندما يأتي العراف والكاهن ويصدقه بهذا.

الشيخ محمد الخضيري: الآن نحن نشاهد في هذا الزمن مع كثرة العلوم والمعارف وما يسمى بالانفجار المعلوماتي أن الناس بدأوا يعرفون ما لا ينفعهم في دينهم ولا دنياهم ويجهلون أهم المهمات في دينهم ومنها هذه المسألة التي تنبّهون عليها الآن يقع فيها بعض المسلمين الذين آباؤهم كانوا على التوحيد الخالص وعاشوا في بيئات موحِّدة ولله الحمد والمنّة يقعون في هذا الأمر الذي تذكرونه يا أبا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صحيح.

الشيخ محمد الخضيري: وهو كونهم يذهبون إلى هؤلاء السحرة أو يصدقون والكهان والعرافين أو يستمعون لمثل هذه الأشياء البرامج أو القنوات التي كانت تمارس مثل هذا النوع قبل سنتين أو ثلاث.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحسنت نعم.

الشيخ محمد الخضيري: كانت علناً على الهواء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تُعلِّم السحر.

الشيخ محمد الخضيري: تُعلِّم السحر والكهانة وأشياء من هذا القبيل ولولا فضل الله سبحانه وتعالى ووقوف عدد من الجهات العلمية والعلماء والدعاة ومطالبة الدول والحكومات والشركات بإيقاف مثل هذه القنوات لبقيت إلى اليوم وهي بالمناسبة يأتيها اتصالات يا أبا عبد الله من بلادنا ومن بلاد المسلمين بشيء لا يتصور وتدر أموالاً طائلة ممن؟ من سُذّج المسلمين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صدقت نعم.

الشيخ محمد الخضيري: أنت متى مولود؟ في برج الحوت أو برج التيس أو برج العنز، اسمع بعد ذلك يكون لك كذا وستكون كذا وتزوج كذا وتعيش كذا وهذا كله كذب، المقصود من هذا أن كل من يدّعي يا مسلم يا عبد الله أنه يعلم شيئاً من الغيب فهو كاذب يجب أن تتيقن يقيناً لا يخالطه شكّ بأنه كذاب وأنه مفترٍ على الله وأن علم الغيب خاص بالله وأن الله لم يضعه عند أحد من عباده فيجب أن نعلم هذا (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ (65) النمل)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقد يفتن بعضهم أنه يقع ما يُخْبَر به قد يخبره بعضهم فيقول، أذكر واحد سألني أيضاً سؤالاً في هذا وقال لي: أنا جربت هذا الرجل وهو صادق فقلت هذا من زيادة الفتنة.

الشيخ محمد الخضيري: أي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنا أقول لك هذا باب مغلق ما يمكن أن يناقش فيه هذا باب كفر وهذا خروج. صَدَق، وقع ما وقع هذه مسألة أخرى.

الشيخ مساعد الطيار: تتمة لحديث أبي عبد الله في قضية الغيب طبعاً الغيب غيبان هناك غيب مطلق وغيب نسبي. طبعاً الغيب المطلق هو الذي كان أبو عبد الله يتحدث عنه لا يعلم الغيب إلا الله لكن الغيب النسبي إذا نزل إلى بعض العباد فهذا يتفاوت العلم به لكن نلاحظ أن بعض العرافين والكهنة والسحرة يتعرفون على شيء من الغيب النسبي فيُذهَل منهم المتقدم إليهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيصدقه بغيرها.

الشيخ مساعد الطيار: مثل ما ذكرت قبل قليل أنه يقول له إذا أقبل عليه قال ما شاء الله أنت فلان وأمك فلانة وأنت أتيت من المكان الفلاني وأتيت بالوسيلة الفلانية ويستغرب كيف عرف؟ والمسألة سهلة هؤلاء يستخدمون الجن والجن الذي معه يستخدم القرين الذي معك والقرين الذي معك يعرف تاريخك بالتفصيل فيعطيه هذه المعلومات ولذا لاحظ بعض البرامج التي يكون فيها ما يسمى بالخدع وغيره يأتي هذا الذي على المسرح فيقول أي أحد يقوم أنا أعرف الذي معه مثلاً فيقوم هذا المسكين ويقول أنا فيقول أخرج محفظتك التي لونها اللون الفلاني فيها كذا وفيها كذا وهذا يستغرب كيف يعرف؟! أنت لا تعرف أنه يستخدم وسيلة بينه وبينك مخفي عنك، هو يستخدم الجن فقرينه يوسوس إليه بما يخبره القرين الآخر بطريقة أنت لا تعلمها وإلا كيف يستطيعون اللعب على الناس؟!

الشيخ محمد الخضيري: هذه تلخص هذه القصة ذكرها المؤرخون وهو أن أحد الخلفاء كان عنده جمع من الناس وكان فيهم رجل قالوا إنه يعرف ما في جيوب الناس، فقال له الخليفة اخرج فخرج فكل واحد تفقّد ما في كمه أو ما في جيبه ودخل الرجل مرة أخرى فقال: أنت معك كذا وأنت معك كذا وأنت معك كذا فكان الناس يتعجبون كيف يعرف وهو الآن خارج الغرفة؟! فجاء أحد العلماء فقال له الخليفة : ألا تعجب أيها الشيخ من هذا الرجل يفعل كيت وكيت؟ قال العالم: وما الذي يدعوه إلى أن يخرج أنا الآن سأريكم أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك وهو معنا، قالوا: كيف؟ قال: أعطوني الدراهم فأعطوه الدراهم فأخذ شيئاً منها بجُمع يده هكذا قال: كم معي؟ قال: هاه هاه ولم يُجب، فتعجب الناس مرة أخرى قبل قليل كانوا يتعجبون من علمه والآن يتعجبون من جهله فقال الخليفة للشيخ: ماذا صنعت؟ قال: كنتم تحصون فيحصي القرين فيُخبر شيطانه والآن القرين الذي معي هذا ما استطاع يحصي ما عرف العدد فلم يُجب فالقضية أسلاك متشابكة عملية اتصال لاسلكي متقدم.

الشيخ مساعد الطيار: لا يدركها المشاهد وبعض الناس قد يستغرب كيف يكون هذا؟ طبعاً هذه مسألة اتصال الجني بالإنسي والموضوع يطول.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو باب واسع للضحك على السفهاء والسُذَّج الذين قلّ علمهم وحظّهم من علم الدين وللأسف الشديد حدثني أحدهم يوماً من الذين يقع في مشاكل مثل هذا قال: النساء أكثر وقوعاً في هذه القضايا من الرجال يعني المرأة دائماً مولعة بمعرفة زوجها هل سيتزوج عليها؟ هل سيفعل؟ وضرّتها فيقعون في كوارث وتخرج الواحدة من الدين وهي تظن أنها لم تصنع شيئاً نسأل الله العافية ونسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وعقائدنا.

نعود إلى المحرّمات في قوله (وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ) [المائدة:3] المحرّم هو هذه الصورة وهي محاولة معرفة الغيب بواسطة هذه الأسهم أو هذه القداح وكل ما يدخل فيها من الصور الجديدة. (ذَلِكُمْ فِسْقٌ) [المائدة:3] في قوله (ذَلِكُمْ) يعود على كل

الشيخ محمد الخضيري: من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام أحد عشر نوعاً كلها محرّمة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي يستحلّ هذه المحرمات ففعله هذا فسق وخروج عن الإسلام وعن الدين. ثم يقول الله سبحانه وتعالى (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) [المائدة:3] (اليوم) المقصود بالضمير هنا الذي نزلت فيه.

الشيخ محمد الخضيري: أي نعم تسمى أل هنا أل العهد الحضوري اليوم هذا الحاضر الذي نزلت فيه الآية وليس المقصود أي يوم فهو يوم معهود حاضر، اليوم هو يوم عرفة هذا الذي ذكرنا قبل ثلاث حلقات تقريباً أن هذه الآية نزلت في يوم عرفة وكان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم كان بين يدي الناس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يمكن أن نحدده تاريخياً بأنه يوم 9/12/10هـ السنة العاشرة من الهجرة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه مات عليه الصلاة والسلام في شهر ربيع الأول عام أحد عشر بعدها مباشرة. (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ) بمعنى أنهم قد يئسوا أن يردّوكم عن دينكم، انتشر الإسلام وتم الدين ووصل لمرحلة اللاعودة فلم يعد الآن المشركون يطمعون في أنهم يكبتوا هذا الدين ولا شك أنه منذ ذلك اليوم وحتى اليوم وهو في ظهور وفي انتشار في كل مكان.

الشيخ محمد الخضيري: بل إنه كلما كاده الأعداء من أجل أن يطمسوه من أجل أن يطفئوا نور الله يزداد ظهوره وانتشاره ولعل أحداث سبتمبر التي مرت قبل عشر سنوات تقريباً كان يراد منها إطفاء نور الله عز وجل، وسبحان الله يقولون لنا من يعيشون في تلك المناطق من إخواننا المسلمين يقولون ما حدثت حركة إسلام في وقت من الأوقات التي عشناها في تلك البلاد مثل ما حدث بعد أحداث سبتمبر امتلأت المراكز الإسلامية بمن يسأل عن الإسلام ولعل الذين عندهم مواقع إسلامية باللغات الأخرى يشاهدون ذلك حركة الداخلين على مواقعهم من السائلين والقارئين من الغربيين كثيرة جداً. بل قال لي أحد الإخوة من المندوبين للدعوة في أمريكا أو في كندا يقول: كانت عندنا مستودعات مليئة بالكتب والمصاحف والله ما خَلَت من بالكتب والمصاحف في مشهد مثل ما خلت منه بعد أحداث سبتمبر، جاء الأمريكان والكنديون وبدأوا يطلبونها بشكل عجيب وصرفناها جميعاً يقول: أفرغنا كل المستودعات بسبب هذه الحادثة.

الشيخ مساعد الطيار: سبحان الله.

الشيخ محمد الخضيري: فهم يريدون أن يطفئوا نور الله ولكن يأبى الله سبحانه وتعالى إلا أن يتم هذا النور.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فالمقصود باليوم (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ) وما بعد ذلك اليوم من باب أولى لأن الإسلام منذ ذلك الحين إلى اليوم وهو في انتشار وفي ظهور وإن كان يقع للمسلمين أحياناً انكسارات ويمرون بمراحل ضعف لكن الدين الإسلامي في ظهور وفي انتشار.

الشيخ محمد الخضيري: لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل عزّاً يعزّ الله به الإسلام وأهله وذلا يذل الله به الكفر” أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ولي ملاحظة يا أبا عبد الله اليوم في عصر نقول فيه إن المسلمين في غاية الضعف وكذا لكن الله جاء بهذه القنوات وهذه الشاشات التي الآن إخواننا في أقصى بلاد الله عز وجل يشاهدوننا ويسمعون تفسيرنا لكلام الله عز وجل ويسمعون البرامج الإسلامية والآن القنوات الفضائية باللغات الأخرى أصبحت تدخل القرى والأرياف والغابات والبحار والمحيطات ولا تدع بيتاً ولا مكاناً إلا دخلته، اليوتيوب يا أبا عبد الله الآن أين المكان الذي تقول ما فيه يوتيوب؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحمد لله.

الشيخ محمد الخضيري: سبحان الله!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه نعمة ولذلك أذكر أن أحد الباحثين الأمريكان يقول أنتم أيها الإسلاميون أكثر من استفاد من الانترنت، الإسلام استفاد كثيراً من انتشار وسائل التواصل ومن الانترنت في إيصال كلمة الحق بالرغم من الضعف لكن الحمد لله بالرغم من ذلك.

الشيخ محمد الخضيري: يقصد هذا الرجل يا أبا عبد الملك أن الغربيين ماذا قدموا؟ قدموا الشهوات للناس رقص وزنا وخنا وموسيقى وتمثيليات وغير ذلك لكن ما قدّموا شيئاً من الحق للروح، للحياة الآخرة، للحق بينما نحن نقدم شيئاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ترى الحياة المادية المعاصرة الروح في غاية الفقر الروحي يعني هي تقدّم لك ملذات الحياة ولذلك في سويسرا والسويد وهي دول تعتبر من حيث المستوى المعيشي من أفضل دول العالم لكن الانتحار فيها يعتبر من أعلى النسب في العالم وتجد البلاد الإسلامية من أفقر البلاد في العالم ربما بعض البلاد الإسلامية ولكن الانتحار غير موجود لأن الناس يرضون بالقضاء والقدر بل أذكر حتى على سبيل المثال الآن السجناء الذين يدخلون السجن من الغربيين كما حصل مع الأمريكان عندما بقوا رهائن في إيران تذكرون في ووترغيت وبقوا سنة وأكثر فلما خرجوا من السجن احتاجوا تأهيل نفسي أكثر من المدة التي اعتقلوا فيها لأن عندهم خواء روحي وبعض المسلمين يبقى في السجن عشر سنوات عشرين سنة ويخرج من السجن وهو أحسن حالاً لأنه رجل مؤمن بقضاء الله وقدره ويقضي وقته في الصلاة وقراءة القرآن فالجانب الروحي جانب فقير جداً في الحضارة المعاصرة.

وعندما يأتي الإسلام ببساطته ونقاوته يُشبع هذه الحاجة حاجة الروح وهي الحياة الحقيقية ولذلك يُقبلون عليه ويدخلون فيه أفواجاً والمراكز الإسلامية كما ذكرت يا دكتور محمد في الغرب الآن تجد الآن مشقة في تغطية الاحتياجات. حدثني الدكتور يحيى بن عبد الله وهو من تشاد يقول أذهب إلى بعض القرى أحياناً من بعد الفجر حتى آخر الليل وأنا فقط ألقِّن الشهادة من كثرة من يدخلون في الإسلام، فالناس يُقبلون على الدين لو أحسنّا نحن عرضه للناس. أستأذنكم في فاصل يا مشايخ. فاصل قصير أيها الإخوة المشاهدون ثم نواصل حديثنا حول هذه الآية.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– إعلان جوال تفسير

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حيّاكم الله أيها الأخوة المشاهدون مرةً أخرى ولا زال حديثنا متصلاً حول هذه الآيات في سورة المائدة. في قوله سبحانه وتعالى (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) يعني أن الله سبحانه وتعالى يُخبر المؤمنين بأنه قد استتب أمر الإسلام فلم يعد هناك قدرة للكفار على كبته والإجهاز عليه فيقول الله سبحانه وتعالى فلا تخشوا هؤلاء الكافرين (وَاخْشَوْنِ) فأنا أحقّ بالخشية من هؤلاء الكافرين.

الشيخ محمد الخضيري: إذا خشينا الله سبحانه وتعالى حق الخشية خشينا الكفار وإذا خشينا الكفار سبحان الله ذللنا عندهم وتمكنوا من اِيصال الضر إلينا وهذا هو الذي يقع الآن بالمسلمين.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً هناك ملمح بسيط جداً لما قال (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ) هم يئسوا من دينكم ويئسوا من أن ترجعوا عند دينكم فقال يئسوا من دينكم وهم بالفعل لا يزالون إلى اليوم عندهم يأس من هذا الدين لأن الدين يقوم بأهله فلما قال (فَلَا تَخْشَوْهُمْ) أشار إلى أن رجاءهم قد انقطع فإذاً كان يوجد شيء من الخشية والخوف قبل هذا أما اليوم فأعرف الإسلام ظاهر وعالٍ وانقطعت الخشية التي كانت موجودة ولكن تبقى الخشية من الله دائمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لاحظوا الآن هذه الآية والظروف التي نزلت فيها النبي صلى الله عليه وسلم تذكرون في معركة بدر عندما تصدى النبي صلى الله عليه وسلم كانت حرب محاولة استرداد بعض الحقوق وكانت حرباً للضغط على قريش وعلى المشركين فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل المعركة كان يدعو ويلح في الدعاء فكان مما دعاء به عليه الصلاة والسلام أنه قال “اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد” فكانت هناك خشية من أن يموت هذا الدين في مهده أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فكان في هذا الموقف وهو لاحظ متى كان هذا الموقف بعد ربما

الشيخ مساعد الطيار: ثمان سنوات تقريباً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثمان سنوات أو تسع سنوات من تلك الحادثة.

الشيخ مساعد الطيار: 2 رمضان

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني لاحظ أول شيء جاء بعدها عدة معارك وانتشر الإسلام وجاء فتح مكة وقبل فتح مكة كان هناك صلح الحديبية وانتشر الإسلام ودخل فيه الناس أفواجاً فهنا في هذا الموقف يُطمئن الله النبي صلى الله عليه وسلم يا محمد لا تخشى ظهر أمر دينك وأمر الإسلام الآن ويئس المشركون من أن يكبتوا هذا الدين. نحن نقول الآن بالعكس الآن هو أكثر ظهوراً الإسلام من أي زمنٍ مضى فالخشية الآن ليست خشية على أن الدين يذهب ولكن نحن الآن نحزن على ذهاب وقتل كثير من المسلمين وانتهاك حقوق المسلمين في كثير من دول العالم الآن تلاحظون حروب إبادة تقام ضد المسلمين الآن في التاريخ القريب وفي التاريخ المعاصر الآن إخواننا الآن في بورما في أركان أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقتلون الآن من البوذيين قتلاً لمجرد إنهم مسلمين ويذبحون ذبحاً. أيضاً إخواننا المسلمين في سوريا يقتلون لأنهم مسلمين في بعض المناطق يقتلهم هؤلاء النصيريون والرافضة لمجرد أنهم مسلمون فهذا الذي يحزننا أما أن الإسلام نفسه مهدد بأنه يضمحل فهذا قد انتهى منذ زمن بدلالة هذه الآية (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ). ثم تأتي الآية التي بعدها وهي من أعظم الآيات التي تكلمنا عنها وذكرنا أن حَبراً من أحبار اليهود قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لو علينا معشر اليهود       نزلت لاتخذنا هذا اليوم عيداً وهي قول الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).

الشيخ مساعد الطيار: أل نعُدّ هذا تدبر من يهودي؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً.

الشيخ مساعد الطيار: هذا الفعل من فهم مغزى هذه الكلمات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإن كانت ليست هي آخر آية نزلت.

الشيخ مساعد الطيار: لكنها قالوا هنا يقول الطبري رحمه الله تعالى ولم ينزل عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من الفرائض لا تحليل شيء ولا تحريمه وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني شهرين وثلاثة إلا أقل من ثلاثة أشهر.

الشيخ مساعد الطيار: لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه كما ذكرت أنت 9/12/10هـ وتوفي شهر ربيع الثاني.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: 12/3/11هـ.

الشيخ مساعد الطيار: 12/3/11هـ فالمدة واضحة وقصيرة في هذه الفترة لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيء من التحليل ومن التحريم فلو قيل أنها هي آخر آية نزلت أشار إلى هذا المعنى لكان.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يمكن يقال يا أبا عبد الملك أن آيات الربى نزلت بعدها في قوله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [ سورة البقرة : 275 ] هناك من ذكر أن هذه الآيات متصلة إلى قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)) [ البقرة : 281 ] أنها هي آخر الآيات نزولاً على الإطلاق فكيف يوجه كلام ابن الطبري برأيك عندما يقول أنه لم ينزل فريضة ولا التحريم ولا تحليل؟

الشيخ مساعد الطيار: وليس كلام الطبري وإنما اعتمد على مجموعة من الروايات في أنه لم ينزل احتمال إنه تكون نزلت هذه قبل.

الشيخ محمد الخضيري: أو يقال أيضاً شيئاً آخر وهو أن الله عز وجل ذكر هنا كمال الدين ولم يذكر تمامه لاحظ قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) ما قال اليوم أتممت لكم دينكم. كمال الدين بمعنى ظهوره وعلوه وانتشاره وأيضاً كماله من جهة أن أصوله وأركانه قد ظهرت الآن تمّت مثل الحج.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وبقاء لو واحد بالمئة أو أقل من القرآن لم ينزل.

الشيخ محمد الخضيري: أما هذه الأشياء فليست هي من الأصول التي يقال إنه لا يكون الدين إلا بها أما النعمة فقد تمّت عليكم بكمال الدين بظهور أمر الإسلام، بالفتح فتح مكة، بحجّ النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الجمع الغفير من أصحابه من أقطار جزيرة العرب جاءوا يحجون ذلك العام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تمّت النعمة بذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والحقيقة أنها آية جامعة عظيمة في قوله سبحانه وتعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) هذه نعمة عظيمة حقيقة وكأني بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد انشرح صدره فرحاً وسعادة بهذه الآية وبهذا الكمال وبإتمام النعمة وأن الله سبحانه وتعالى يُعلن في هذا المشهد المهيب وهذه تليت على الناس في المجمع في الحج أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) لا شك حقيقة هذا إعلان عالمي إن صح التعبير باكتمال دين الإسلام ورضى الله سبحانه وتعالى عن هذا الدين.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً الطبري رحمه الله تعالى ذكر معنىً أن بعضهم وهو المراد بإكمال الدين الذي هو كون الحج في هذه السنة كان خالصاً للمؤمنين لا يوجد فيه مشرك.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا معنى قوي لأنه كونه يقول أكملت في ذلك اليوم يوم عرفة الذي هو الحج يدل على ذلك أو يؤيده.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مشهد

الشيخ مساعد الطيار: يقول الطبري يقول إن الله عز وجل أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بأنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام وإجلائه عنه المشركين حتى حجّه المسلمون دونهم لا يخالطهم مشرك أما الفرائض والأحكام فإنه قد اختُلف فيها هل أكملت ذلك اليوم أم لا، فروي عن ابن عباس والسدّي ما ذكرت أنه ما قبله وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية أنزلت من القرآن (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ) [ النساء : 176] ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قبض بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعاً فإذا كان كذلك وكان قوله (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ) [ النساء : 176] آخرها نزولاً وكان ذلك من الأحكام والفرائض كان معلوماً أن معنى قوله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) على خلاف وجه الذي تأوّله من تأوّله وأن عُني به كمال العبادات والأحكام والفرائض فإن قال قائل فما جعل قول من قال قد نزل بعد ذلك فرض أو لا من قول من قال لم ينزل قيل لأن الذي قال لم ينزل مخبرٌ أنه لا يعلم نزول فرض والنفي لا يكون شهادةً والشهادة قول من قال نزل وغير جائز دفع الخبر الصادق بما أمكن أن يكون فيه صادقاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يرحم الطبري ما أجمل أسلوبه وأيضاً الحقيقة.

الشيخ مساعد الطيار: حج’.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حجته نعم سواء اقتنعت بما يقول أو اعترضت معه إلا أنك تحترم أصوله التي يسير عليها دائماً وأيضاً فيه ميزة الطبري أنه يطرح الأسئلة التي قد تعرض للمخالِف “وإن قال قائل أن قولكم هذا لا حجة عليه قلنا إن الحجة كذا” فتجد أسلوبه فعلن هو.

الشيخ مساعد الطيار: يعني لم يقل عنه أمام المفسرين عبثاً ولهذا أنا دائم أنصح الطلاب في أن يقرأوا في كلامه وفي احتجاجاته لأنه يصدر عن عقل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن مشكلته يا دكتور مساعد إن أسلوبه عالي فلا يفهمه القارئ بسهولة يحتاج أنه يكرر ويتعود على أسلوب الطبري وأنا لاحظت أن مثله عبد القاهر الجرجاني أيضاً أساليبهم رفيعة فتحتاج أنك تكرر وتتعود على أسلوبه حتى تفهم كلامه فهماً صحيحاً ولذلك كان محمود شاكر رحمه الله ذكر كلاماً جميلاً ويقول أني وجدت بعد ما قرأت تفسير الطبري وتمعنت في قرأته ومحمود شاكر من القراء المميزين للتراث ولأساليب العلماء المتقدمين قال وجدت أن معظم الاعتراضات التي يعترض بها على الطبري سببها عدم فهم كلامه فهماً صحيحاً فيبادر المعترض إلى الاعتراض عليه وقد وقع في ذلك الإمام ابن كثير فاستدرك على ابن جرير الطبري أشياء الصواب فيها مع الطبري وليس مختلفاً مع ابن كثير لكن ابن كثير اعترض عليه لأنه فهم كلامه فهماً على غير وجهه فأعترض عليه ولو أحسن الفهم كان نفس كلامه متفق معه.

الشيخ محمد الخضيري: نعود إلى الآية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) هنا الاستثناء الذي في الأخير

الشيخ مساعد الطيار: لكن قبل يا شيخ قوله (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) الحقيقة الآية هذه هي تحتاج إلى جلسة طويلة فلو أعطيتنا فرصة فيها أبو عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل.

الشيخ مساعد الطيار: قوله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) لاحظ (رضيتُ) نسب الرضا له سبحانه وتعالى يعني رضيه الله لنا ديناً فهل نحن رضينا ما رضي الله سبحانه وتعالى؟ هذه قضية مهمة جداً. الحال أننا أفراد لا نتكلم عن تحكيم الشريعة وهل الدول الإسلامية تحكم الشريعة لا، أصلاً أنت كفرد هل رضيت لك الإسلام ديناً؟ يعني أنظر مثلاً في عمل من الأعمال قد تقع عندنا نحن المسلمين كأفراد الله سبحانه وتعالى رضي لك الإسلام ديناً معنى ذلك أنك تلتزم بالإسلام الذي رضيه الله (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [ آل عمران: 19] فلو رجعنا إلى حياتنا كأفراد نجد أننا لم نرضى هذا الدين الذي رضيه الله لنا في أفراد وأجزاء منه. ماذا يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) [الطلاق: 1] ثم قال (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ) [الطلاق: 1] هذا أمر للأزواج وللزوجات (وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) الآن أنا لا أعرف بل أقول نادر أن يفعل ذلك مسلم ومسلمة إذا قال لها أنت طالق طبعاً الطلاق الرجعي قال لها أنت طالق إما أن يأمرها بالخروج وإما هي أن تأخذ عفشها وتخرج وهذا خطأ كبير جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مخالف لهذه الآية.

الشيخ مساعد الطيار: جداً. أنا اتصل بي أخ سوري أسأل الله أن يحفظه ويحفظ السوريين فقال لي يا شيخ أنا وقعت في مشكلة وأنا الآن طلقت زوجتي وتعرف ظروفنا الآن وتعرف صار عندنا، هم يعيشون هنا وقال أنا طلقت زوجتي والمشكلة وهي الآن أهلها في سوريا هل آثم إذا بقيت عندي؟ الآن غير فاهم وهل تأثم هي الآن في غرفة وأنا في غرفة؟ هو متحرج الآن وقلت له لماذا تأثم؟ قال أنا طلقتها والصراحة أنا أريد أرجع إليها وهي تريد أن ترجع إلي ونحن، قلت أما قضية ترجع إليك وترجع إليها هذه قضية تسمى قضية قضائية يعني حكمها ليس عندي أنا أعطيك العلم ولكن الحكم والشرع القضية هذه لا بد توثق لكن من يمنعك من أن تبقى عندك زوجتك وأنا معك إنك تراجع زوجتك وتلوت عليه الآيات من أول سورة الطلاق وقلت اذهب واقرأها إذا عندك أيّ تفسير وأنا ودي إذا كان عندك تفسير ابن سعدي لأنه له لفتات في هذا جميلة اقرأ التفسير وستعرف أن فعلك هو الصواب الذي أنت تتحرج منه هو الصواب. قال لي صحيح يا شيخ؟ قلت نعم هذا هو الصحيح لا تخرجها ولا يجوز إنك تخرجها ولا يجوز أن تخرج وأما المراجعة والعدّة فهذه لها كذا وكذا وكذا فشرحت له الحال. يعني هو الآن لم يعرف أصلاً هذا هو حكم الله وأتوقع ما قال أنت طالق إذاً هي تخرج. فأنا قصدي من ذلك أنا الله لما رضي لنا هذا الدين معنى ذلك لا بد أن تعرف على هذا الدين أن نعرف ماذا في الإسلام من محاسن ومزايا كيف نطبق هذا الإسلام؟ نسأل، الجاهل يسأل، فإذا نحن علمنا فأنا عندي ثقة ويقين بأننا بإذن الله سنعيش عيشة هنيئة وعيشة رضية. ولهذا حتى سبحان الله حينما تخطئ ويذكرك واحداً بالله أو أن تقع في محذور ويذكرك بالله ما تستطيع أنك تكابر صعبة إنك تكابر المكابرة صعبة لا يكابر إلا إنسان قد امتلأ والعياذ بالله بالكبر وبعدم الرضا بشرع الله أما إذا وقعت في خطأ ونبهك إليه ما لك إلا أن تذعن وتحس براحة وأنت تذعن لن فلان خبرك لأنك أنت خالفت شرع الله خالفت أمر الله فنقول هذه الآية الحقيقة آية كبيرة جداً وأيضاً وإن كنت أخذت عنكم الحديث لكن فكرة أخرى ذكرها الإمام ابن الشاطبي ذكرها وأيضاً ابن تيمية وابن القيم مجموعة من العلماء ذكروا هذه وهي أن كمال الدين وإتمام هذه النعمة علينا لا يلزم أنه قد أُكمل بتفاصيل الشرائع وإنما أُكمل بأصول الشرائع التي تندرج تحتها تفاصيل إلى يوم القيامة. ولهذا نحن المسلمين ولله الحمد والمنة لا يمكن أن تنزل بنا نازلة إلا نجد لها حلاً من كتاب الله أو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يمكن. الخلل يقع عندنا نحن أننا لم نستفصل ونستوضح من هذين المصدرين وإلا فالنوازل قد مرت على أمة الإسلام كثيرة جداً مثل أرض الخراج في عهد عمر بن الخطاب كانت نازلة ماذا يفعل بها؟ رجع إلى كتاب الله ووجد فيه الجواب. وقس على ذلك أيضاً فأقصد من ذلك أنه لا نشكك في ديننا أنه كيف استعملوا التجارات تقوم شرقاً وغرباً والمعاملات المالية كثيرة، نقول أبداً، نحن ليس عندنا في ديننا أي حرج وأي ضيق إن بحثنا سنجد حلولاً لكل هذه القضايا ونحن شاهدنا الغرب تقرّب إلينا لما حصلت كارثتهم في الأموال تقرّب إليه بأفكاره وكل الحلول التي يطرحونها هي تقرّبهم إلى حلول الإسلام وإن كان بعضهم يأبى ويستكبر أن يقول: نرجع إلى المسلمين.

الشيخ محمد الخضيري: العجيب أنه في هذه السورة يا أبا عبد الله نجد أن الله عز وجل ذكر في أولها (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) في وسطها قال (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)،(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥))،(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)) لماذا؟ لأن الله قد أكمل لنا الدين وأتمّ علينا النعمة وكما قال أبو عبد الملك قبل قليل ورضي لنا هذا الدين وهو رضي نفسه سبحانه وتعالى الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فكيف لا نرضى نحن فنتحاكم إلى غير شرع الله عز وجل؟! المسألة الثانية أن الإنسان إذا رضي ما رضيه الله أرضاه الله وهذه مهمة من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً كان حقاً على الله أن يرضيه. ما الذي ترضى به يا أبا عبد الله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً.

الشيخ محمد الخضيري: من أذكار الصباح والمساء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم من الأذكار نسأل الله أن يرزقنا الرضى بدينه وأن يعيننا على الالتزام به. انتهى وقت هذا اللقاء نكمل إن شاء الله في الحلقة القادمة، نراكم على خير أيها الأخوة المشاهدون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.