برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 6- تأملات في سورة النساء آية 145-148

اسلاميات

الحلقة 6

بينات – رمضان 1433 هـ

الآيات 145 – 148

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم بينات والذي نستعرض فيه آيات من سورة النساء نسأل الله سبحانه وتعالى الكريم من فضله أن ينفعنا وإياكم بها. كنا وصلنا الحقيقة في المجلس الماضي إلى قول الله عز وجل (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)) قبل أن ندخل في بيان أو بقية معاني هذه الآية الكريمة أحب أن أذكر بأمرين من كان يشاهدنا فأنا أوصيه أن يفتح المصحف ليستحضر الآيات ويستعين بذلك على الفهم لأن هذا مما يجمع القلب ويحد من الشتات. والأمر الثاني أبين أن طريقة المدارسة التي نقوم بها بكل إن شاء الله عفوية واجتهاد أيضاً هي الطريقة المثلى لفهم كثير من معاني هذا الكتاب العظيم لأن المدارسة تستنطق وتستخرج وتعين على الوصول إلى كثير من هذه الدقائق والمعاني الجميلة المذكورة في كتاب الله عز وجل، لعلي أبدأ بك يا أبا عبد الله الدكتور عبد الرحمن الشهري في هذه الحلقة حول قول الله عز وجل (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) تفضل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. أريد أن أشير إلى مسألة وهي أن الله سبحانه وتعالى ذكر صفات المنافقين وعددنا في إحدى الحلقات الصفات في قوله سبحانه وتعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وقال (وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142))، (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى).

الشيخ محمد الخضيري: (يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) الدوائر إلى آخره.

الشيخ محمد الخضيري: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك أنها كلها صفات في غاية الخطورة وأنه ينبغي على كل واحد منا أن يراقب نفسه وأن يحذر منها غاية الحذر ولكن الذي يستمع إلى هذه الصفات وإلى هذه الأوصاف القبيحة التي وصف الله بها المنافقين يظن أن الله لا يغفرها وأنه لو تاب هذا المنافق الذي بهذه الأوصاف فإن الله لن يتوب عليه، ولكن رحمة الله سبحانه وتعالى أوسع والله سبحانه وتعالى كريم ورؤوف ورحيم فإذا تاب من فيه هذه الصفات كلها أو بعضها فإن الله يتوب عليه. ولكن لاحظوا معي أنه في الآية التي بعدها عندما قال الله سبحانه وتعالى (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) يعني الكافر الآن ذكر الله سبحانه وتعالى لتوبته شرطاً واحداً (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) [الأنفال:38] المنافق ذكر الله له أربعة شروط قال (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ).

الشيخ محمد الخضيري: لماذا هذه الشروط الأربعة؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه الصفات التي فيه والأعمال التي قام بها لا يمكن أنها تتأكد من ذهابها إلا بهذه الشروط فقوله (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) هذه أول التوبة.

الشيخ مساعد الطيار: للجميع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: للجميع لكن لأنه كان يُبطن هذا الكفر قال (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا) لأنه ترتّب على صفاته هذه فساد عظيم في المجتمع الإسلامي يعني مثلاً هذا الجاسوس الذي قد أفشى أسرار المسلمين كيف يُصلح؟ لا بد أن يبين يقول ترى أنا تجسست وتراني فعلت وتراني سلمت الوثائق الفلانية.

الشيخ محمد الخضيري: ويأتي بما يقابلها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) مما يدلك حتى هذه الشروط التي ذكرها الله سبحانه وتعالى على التوبة فيها إشارة واضحة إلى أن النفاق أشد خطورة من الكفر الصريح.

الشيخ مساعد الطيار: وحاجته للتوبة أكبر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم لأنه ذكر له أربعة شروط حتى يصلح ما أفسد.

الشيخ محمد الخضيري: تفضل يا أبو عبد الملك.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً من تأكيد موضوع النفاق تجد لفظة (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ) المنافقون المنافقين تكرر دون أن يعود إليهم بالضمير لم يقل (إنهم) يعني تكرر هذا الاسم مرة بعد مرة تأكيداً عليه وتنبيهاً على قبح هذا الأمر لأنه رتّب عليه عقوبات كما قلنا في ترتيب علة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً هذا الاسم يا دكتور مساعد هو من الأسماء الإسلامية إن صح التعبير في القرآن الكريم ما كان فيه في الجاهلية شيء اسمه منافق ما كانوا يعرفون يقولون والله فلان منافق لأنه ما كان هذا معروف بل حتى في مكة ما كان فيه أحد منافق ما كان فيه إلا مسلم صحيح أو كافر. لكن بعد أن انتقل الرسول للمدينة وأصبح للإسلام قوة وشوكة ظهر هذا النوع من الناس الذين هم يخافون قوتك ولا يريدون منهجك فيحرصون على منافقتك ومجاملتك ويُظهرون لك ما تريد من الإيمان ولكن يُبطنون لك الكيد فلم يظهر المنافقون وينتشروا إلا في المدينة وهذه الكلمة في القرآن الكريم جديدة على الناس.

الشيخ محمد الخضيري: الساحة العربية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: على الساحة العربية.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً هناك فائدة أخرى وهي مسألة الاستطراد في هذا المقام يعني مقام البيان والتفصيل والاستطراد، إطناب في ذكر صفات هؤلاء المنافقين لا يكتفى فقط بالإشارات أو بالرموز وإنما يذكر شيئاً مفصلاً واضحاً عنهم بحيث أنك لا تكاد تخطئ من تكون هذه صفته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع أنه ما ذكر أشخاصاً.

الشيخ مساعد الطيار: لم يذكر أشخاصاً لكنه ذكر كما ذكرنا سابقاً أن منهج القرآن “ذكر الأوصاف”.

الشيخ محمد الخضيري: حتى تنطبق على كل أحد في كل زمان وتصلح أن تطبق في كل حال. هناك قضية الحقيقة أنا ظننت أبو عبد الله سيشير إليها لما ذكر فائدته الأولى في التفصيل في قضية التوبة وهي أن كل من كان ذنبه في شيء فإن توبته لا تتم إلا بمنافاته لذلك الشيء ولذلك قال هنا (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) لأن كان مشكلتهم في الرياء وإلى آخره وقال لا بد من الإخلاص. هناك مثال آخر قول الله عز وجل في سورة البقرة (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) [البقرة:159] لاحظ

الشيخ مساعد الطيار: (يَكْتُمُونَ).

الشيخ محمد الخضيري: (يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (تَابُوا).

الشيخ محمد الخضيري: ما قال (تَابُوا) وتوقف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا).

الشيخ محمد الخضيري: (وَبَيَّنُوا) لماذا “بينوا”؟

الشيخ مساعد الطيار: قال كتموا.

الشيخ محمد الخضيري: الأولى كتموا إذاً لا تتم توبتك حتى تبيّن ولذلك كل من ارتدّ بشيء لا يصح رجوعه عن ردّته وتقبل توبته إلا بنقيضه إذا قال والله أنا مثلاً ما أؤمن بالملائكة ثم إن الناس استتابوه وبيّنوا له الحق لا بد عندما يتوب

الشيخ مساعد الطيار: أن ينصّ على الإيمان بالملائكة.

الشيخ محمد الخضيري: أن ينصّ على الإيمان بالملائكة ولذلك نحن مثلاً إذا أدخلنا النصارى في الإسلام نقول له قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن عيسى عبد الله ورسوله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه كان يعتقد أنه إله.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك الآن يا إخواني بعض من يتوب من بعض المقالات يحاول يغمغم في التوبة، أنا تراجعت وخلاص لن أرجع لهذا الكلام، لا، ما يصلح حتى تبين، حتى تكون على نقيض الحال التي كنت عليها إذا كان معصيتك أو ذنبك أو ردتك في شيء تأتي بنقيض ذلك الشيء ومنه مثلاً لو أن الرافضي دخل في دين الله عز وجل الحق وترك ما هو عليه من الباطل يجب عليه أن يعلن أنه يُجلّ أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ويؤمن بأن هذا القرآن الذي بين أيدينا تام كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه وإلا فلا يقبل منه ذلك لأنه إذا غمغم ما صار للتوبة معنى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه فائدة مهمة.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً في الاستثناء في قوله (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) سواء كان بمعنى الاستثناء المتصل أو المنفصل هو مشعر بسعة رحمة الله سبحانه وتعالى وهذه الحقيقة من الأشياء التي يحسن بالمسلم أن يتأملها ويتدبرها. الله سبحانه وتعالى في غير ما آية ذكر سعة رحمته وأيضاً طلب من جميع عباده التوبة إليه (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ) [النور:31] وأيضاً لما قال (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) [البروج:10] فجعل هذا الاعتراض بين هذين الأمرين للدلالة على فتح باب التوبة فإذاً المقصود ونحن نكرر هذا الكلام قد يقول قائل أنا سمعت هذا الكلام قبل ذلك منكم فلماذا تكررونه؟ لأن المقام التوبة ومقام المغفرة من المقامات المحببة لله سبحانه وتعالى فضلاً عن العبد فإذا علِم العبد أن له رباً يغفر الذنب كما قال الله سبحانه وتعالى «علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب فإني قد غفرت له» حتى يحصل له الختم فيقول يُشهد الملائكة ويقول «أشهدكم أني قد غفرت لعبدي افعل ما شئت فأشهدكم أني قد غفرت لعبدي» ففتح باب الرجاء، فتح باب التوبة للمذنبين وكلنا ذاك الرجل هذه من مقامات الإسلام العظيمة والكبيرة. لو ذهبت إلى اليهودية أو إلى النصرانية أو إلى البوذية أو غيرها وقلنا أن النصرانية التي طغت وعمّت تجد أن النصراني إذا أراد أن يستغفر من ذنوبه يذهب إلى بشر مثله ويفضح نفسه عند بشر مثله والمسلم لا،

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كرسي الاعتراف!.

الشيخ مساعد الطيار: كرسي الاعتراف المسلم أبداً ما يحتاج أكثر من أن يرفع يديه إلى السماء أو يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله ويلقي بين يديه الأعمال التي قدمها ويستبيح الله سبحانه وتعالى منها فيغفر له يعني ليس هناك واسطة. فنقول من المهم جداً أن نذكّر في هذه المقام مرة بعد مرة هذا مع أناس عملوا أعمالاً فظيعة فظائع.

الشيخ محمد الخضيري: النفاق يكفي.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم وفتح الله لهم باب التوبة فكيف بعبد مسلم ولله الحمد والمنة ثم يعصي مرة بعد مرة ثم يتوب. ولهذا نقول من المهم جداً أن لا يمسكك الشيطان من باب القنوط كما قال الله سبحانه وتعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) أسرفوا (عَلَى أَنْفُسِهِمْ) يعني أكثروا وولغوا في الذنوب (لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر:53].

الشيخ محمد الخضيري: مما يستتبع هذا الكلام يا أبا عبد الملك هو أننا نجد في القرآن عندما تُذكر الرحمة والوعد يفصّل فيه وعندما يذكر الوعيد يُجمل فيه حتى لو ذُكرت بعض تفاصيل وعيد الله عز وجل للكفار في القيامة تجد يُذكر مشهد مشهدان ويكتفي بهما.

الشيخ مساعد الطيار: يعني مقام النعيم أكثر تفصيلاً.

الشيخ محمد الخضيري: أكثر تفصيلاً ولعل من الأدلة على ذلك خذ سورتي الرحمن والواقعة المتجاورتين عندما ذُكر عذاب الكافرين (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)) [الرحمن] ثلاث آيات أو أربع بعدها ثم إطنابه بعدها في مقام من خافوا مقام الله (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)) [الرحمن] ثم ذكر صفات المؤمنين بتفصيل واسع ودقيق في الزوجات، في الفرش، في المأكولات، في المشروبات، في المجالس. في سورة الواقعة قال (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)) مفصل ثم (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)) وفصّل ثم جاء إلى أصحاب الشمال وذكر مشهداً واحداً قال (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)) ثم ذكر الأسباب ركّز على الأسباب. هذا يبين الحقيقة أو يؤكد على المعنى الذي أسلفه الدكتور مساعد في أن العباد بحاجة إلى أن نفصّل لهم في أبواب رحمة الله عز وجل وفي الرجاء ونُكثر لهم من أوصاف الجنة وكيف إن الله يعفو عن عباده وأن الله يتفضل عليهم ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار وبالنهار ليتوب مسيء الليل وأنه يفرح بعبده وبتوبته أشد من فرح ذلك الرجل الذي أضلّ ناقته وعليها طعامه وشرابه حتى أيس منها ثم نام ينتظر الموت فأصبح وإذا بالناقة مربوطة على رأسه فقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح! يعني فرح الله بتوبتك أيها العبد أشد من فرح هذا بناقته وما عليها مع أنها هي مصيره. سبحان الله هذا بالفعل نقول هذا درس للدعاة وللواعظين أن لا يكون التكثير والتأكيد على جانب العقاب والتخويف منه على الرحمة وإن كان يلزم أن يكون الاثنان متساوقين لكن هذا ينبغي أن يكون أكثر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لاحظوا الآن في الآيات التي طبعاً تأكيد على ما ذكرته يا شيخ محمد بعد هذه الأوصاف التي ذكرها الله على المنافقين

الشيخ مساعد الطيار: منفرة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم امتلأ قلب المؤمن كرهاً وبغضاً لهؤلاء المنافقين فبعد هذا لا يتوقع أنه يأتي حديث عن الرحمة وعن العفو وعن الصفح وعن التوبة لكن انظر حتى بالرغم من هذه الأفعال التي لا يمكن أن عدو للإسلام يقوم بأكثر من هذا هؤلاء هم الطبقة العليا في أعداء الإسلام الذين يطعنونهم من الخلف وجزاؤهم في الآخرة هو (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ) ثم يأتي بعد ذلك الحديث بهذا الأسلوب الذي يفتح باب الأمل على مصراعيه للتوبة ولكنه يضع لها شروطاً هي شروط موضوعية.

الشيخ مساعد الطيار: متناسبة مع الحدث.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم متناسبة مع الحدث يعني ليس هذا تشديداً يعني الله سبحانه وتعالى برغم رحمته سبحانه وتعالى إلا أنه جعل شروطاً لهذه التوبة قال (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا) أصلحوا ما أفسدوا بسبب نفاقهم وكل واحد يُصلح بحسب ما أفسد كل واحد يصلح غلطته (وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ) مما يدل على أنهم كانوا أثناء نفاقهم لا يعتصمون بالله وإنما يعتصمون بأعدائه.

الشيخ محمد الخضيري: جميلة هذه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال (وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ).

الشيخ مساعد الطيار: لأنهم كانوا أهل رياء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيوه حلوة جداً لكن لاحظوا سبحان الله العظيم بعدها أيضاً أن الله ذكر قال (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ) الله سبحانه وتعالى ليس كملوك الدنيا يثأر وينتقم لا ينفعه طاعة الطائع ولا تضره معصية العاصي.

الشيخ مساعد الطيار: لكن انظر أيضاً إلى قيمة المؤمنين قال (فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا يؤيد الكلام الذي ذكره الدكتور محمد عندما قال الوصف (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)) فعلّق وصف الأجر

الشيخ مساعد الطيار: بالإيمان.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: على الإيمان.

الشيخ مساعد الطيار: وكرر الإيمان في مقام الإضمار في التأكيد على هذا الوصف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً وصدقت يعني مقام المؤمنين عندما قال (فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) يعني الآن أصبحتم دخلتم في صف المؤمنين قبلها ما كنتم.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا يدل على ماذا؟ على أن المسلم أو أن الصادق يجب أن يسعى بكل ما أوتي في أن يكون مع المؤمنين        حتى ولو كان وحده لو كان على جبل أو في صقع من الأرض يجب أن تكون مع جماعة المؤمنين في منهجهم وهديهم تسأل الله دائماً (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)) [النمل] يقولها سليمان، ما حاجتك يا سليمان أن تدخل في عباده؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقال أيضاً (إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)) [فصلت].

الشيخ محمد الخضيري: قال (إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)) إذاً يا مسلم يا عبد الله إياك أن تتوقع أنك تنجو وحدك لا، ما تنجو حتى تكون مع جماعة المؤمنين. أنا في بلد ليس فيه مؤمنون كن معهم بقلبك وانتمائك بحبك وولائك هذا مهم جداً إذا سمعت بمصيبة على مسلمين في بورما تتألم وإن كنت لا تستطيع أن تصنع لهم شيئاً وإذا حصل لهم خير تفرح وكأن الخير وصل إليك في بيتك هذا يدل على أنك

الشيخ عبد الرحمن الشهري: صادق الإيمان.

الشيخ محمد الخضيري: إيه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولعل هذا فيه أيضاً إشارة إلى أن من أسباب النفاق أو قد يكون من عوامله الخلوة والانفراد عن الجماعة وترك جماعة المؤمنين لا تصلي معهم ولا تشهد معهم المشاهد أن هذا قد يؤدي بالإنسان إلى النفاق وقد تتسلل إليك الشبهات فتقع فيها ينبغي إنك تكون دائماً مع المؤمنين ومع الجماعة.

الشيخ محمد الخضيري: وهذه يا أبا عبد الله سبحان الله جاءت الإشارة إليها في قول الله عز وجل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)) [الفاتحة] ونقف الآن لهذا الفاصل ثم نواصل بعد ذلك.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نعود إلى ما كنا نتحدث فيه في قول الله عز وجل (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) وبيّن المشايخ جزاهم الله خيراً كيف أن التوبة في هذه الآية جاءت مفصّلة لماذا؟ لأن الذنب كان مفصّلاً فيحتاج إلى توبة أيضاً مفصّلة قال (تَابُوا) من نفاقهم (وَأَصْلَحُوا) ما أفسدوه في نفاقهم وما سعوا به من الفساد (وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ) كنت الحقيقة قبل هذا المجلس أقول ما مناسبة مجيء الاعتصام لكنكما أو الدكتور عبد الرحمن أشار قبل قليل أن الاعتصام في مقابل ولايتهم للكفار الآن أنا فهمت فجزاك الله عني خيراً (وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ) بدل ما كانوا يعتصمون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اتخاذ أولئك أولياء.

الشيخ محمد الخضيري: أولئك أولياء وأخصلوا لله بعد ريائهم ونفاقهم وعملهم العمل الصالح يريدون به وجوه الناس (فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ). ثم بيّن المشايخ الفضلاء أهمية أن يكون المؤمن مع جماعة المؤمنين يعني ممكن يتوب لكن يقول لا أنا لست من هؤلاء وأنا أعبد الله وحدي وما عليّ الذي يفوز ينتصر يهزم يقتل لا يهمني أنا سأكون أصلي، لا، كن مع المؤمنين في صلاتهم، في مبادئهم، في فرحهم، في ترحهم، حتى تنجو بنجاتهم وهذا من أعظم ما يميز المؤمن عن غيره.

الشيخ مساعد الطيار: فيه رواية ذكرها الإمام الطبري لطيفة جداً روى إبراهيم لعله التيمي قال حذيفة: ليدخلنّ الجنة قوم كانوا منافقين، فقال عبد الله بن مسعود: وما علمك بذلك؟ يعني كأنه يستنكر عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما أدراك؟

الشيخ مساعد الطيار: طبعاً حذيفة هو كان

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أمين سر النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: قال: فغضب حذيفة ثم قام فتنحى يعني كأنه لم يرتضي من ابن مسعود هذا الاستنكار قال: فلما تفرقوا مر به علقمة آسف إبراهيم لعله النخعي قال فدعاه يعني دعا حذيفة علقمة من كبار تلاميذ ابن مسعود فقال أما إن صاحبك يعلم الذي قلت ثم قرأ (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ثم قال (وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا حذيفة يكلّم علقمة.

الشيخ مساعد الطيار: نعم يكلم علقمة.

الشيخ محمد الخضيري: هذا يدل يا أبا عبد الملك على أنه بعض الناس يتوقع أن من نافق فإنه لا يمكن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انتهى أمره.

الشيخ محمد الخضيري: إي انتهى أمره، الله عز وجل قد فتح له باب التوبة وفتح له باب الرجاء ولذلك نحن يعني الكلمة التي تشاع وتقال إن الرافضي لا يهتدي إلى السنة ما ينبغي أن تقال. بل قال لي بعض الباحثين إن الذي يشيع هذه الكلمة هم بعض الرافضة يريدون بذلك تيئيس أهل السنة عن دعوة هؤلاء إلى المنهج الحق نقول ما الذي يمنع؟ بل الوقائع أثبتت يا أبا عبد الله أن هناك قرى وهناك أناس كبار وآيات وملالي دخلوا في منهج أهل السنة وتركوا المنهج هذا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من يغلق باب التوبة؟!

الشيخ محمد الخضيري: لا يستطيع أحد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أؤيدك فعلاً جزاك الله خيراً بعضهم فعلاً وهذه تكرر كثيراً في أدبياتنا خاصة في الحديث عن الرافضة أو المنافقين أو اليهود أنهم لا يهتدون وقلّ أن يسلم منهم أحد وهذه حتى مذكورة حتى عند بعض المتقدمين وأن المفروض هذا باب

الشيخ مساعد الطيار: هذا من أمر الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا باب فتحه الله.

الشيخ مساعد الطيار: ولا نُسأل عنه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فتح الله باب التوبة لليهودي وللنصراني ولكل أحد ولذلك الرجل الذي قتل تسعة وتسعين ألم يكمل المئة بمن قال مثل هذا الكلام؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال ما لك توبة يعني أنت ما تركت أحداً ولا تركت موبقة إلا ارتكبتها فلا توبة لك، فقال من يغلق باب التوبة؟ الرجل العالم قال: من يحول بينك وبين التوبة؟ هذا المفترض إنه ما يتحدث فيها أحد فعلاً صدقت. لكن نعود إلى فكرة أن الله سبحانه وتعالى في ختام هذه الآيات الله سبحانه وتعالى لا يعادي المنافقين لذات المنافقين.

الشيخ مساعد الطيار: وإنما؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإنما هذا مقتضى الكفر الذي كانوا يعتنقونه ومقتضى النفاق الذي كان يعتنقونه أنهم يعاقبون بهذا العقاب فإذا تابوا وأخلصوا وأصلحوا واعتصموا بالله انتهت هذه المبررات ولذلك الله قال في الآية التي بعدها (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) وكأن هذا والله أعلم رد كأن هذه الآية رد على سؤال استنكاري قد يقوله البعض وهو لماذا هذه الصعوبات يعني أنت وضعت أربعة شروط للتوبة يعني كأنك متشائم تريد تعذيب هؤلاء لذات التعذيب، فقال الله لا، وإنما مقتضى هذا النفاق هذه الشروط حتى يسلم ويؤمن ويتوب توبة صادقة. ثم قال الله (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) مما يلاحظ فعلاً أيضاً أن النفاق هو جحود لنعمة الله سبحانه وتعالى والكفر في اللغة هو الجحود والتغطية وتغطية نعمة الله.

الشيخ محمد الخضيري: سترها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فالله سبحانه وتعالى يرى أن الإيمان هو شكر لنعمته سبحانه وتعالى على العبد وعلى الإنسان أنه أعطاه ورزقه وكفاه إلى آخره.

الشيخ محمد الخضيري: في هذه القضية (إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) قدّم الشكر على الإيمان والحقيقة أن الإيمان يتقدّم على الشكر، هذا منهج قرآني وهو أن يقدم في المكان المناسب شيء ما قد لا يكون هو الأهم لكنه في ذلك الموطن هو الأهم لإبرازه وللدلالة على أنه هو نقص من هؤلاء القوم حتى يسددوه أو أنه هو الذي يُحتاج إليه حتى يقوموا به. وأؤكد هذه القاعدة ببعض الأمثلة مثلاً قول الله عز وجل (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [آل عمران:110] بدأ بماذا؟ (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

الشيخ مساعد الطيار: مع أن مقتضى الإيمان.

الشيخ محمد الخضيري: مقتضى الإيمان مع أن المطلوب من الإنسان أن يؤمن أولاً.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم ومن مقتضى الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الشيخ محمد الخضيري: فلماذا قدمهما؟ قدمهما لأن الخيرية لا تتحقق إلا بهما لا تتحقق بالإيمان فقط، الإيمان لا تتحقق به الخيرية تتحقق به النجاة من عذاب الله عز وجل أما الخيرية فتحققها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقدمهما.

الشيخ محمد الخضيري: فقدمهما كذلك في قول الله عز وجل في سورة التوبة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [التوبة:71] لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على طاعة الله ورسوله وعلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع أن هذه الثلاثة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: منها من طاعة الله.

الشيخ محمد الخضيري: لا وأهم أيضاً هذه أهم في كون الإنسان ينجو من عذاب الله لأن من أعظم مقومات الولاية للمؤمنين إنك تأمرني بالمعروف وتنهاني عن المنكر ولذلك قدمت ليست لأنها أهم منها بإطلاق ولكن في هذا الموطن هي أهم منها. واضح؟.

الشيخ مساعد الطيار: واضح.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك قال هنا (إِنْ شَكَرْتُمْ) الدكتور عبد الرحمن قال أنتم أيها المنافقون عندما نافقتم لم تشكروا الله عز وجل على نعمته عليكم على أن بعث فيكم هذا الرسول، أنزل فيكم هذا الكتاب، جعلكم أقوياء، ترون، تسمعون، تبصرون، أين الشكر؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني أتيحت لكم فرصة لم تتيح لغيركم.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم مع ذلك نافقتم إذاً اشكروا الله وآمنوا.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً في هذه الآية قتادة رحمه الله تعالى في قوله (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)) قال: وإن الله لا يعذب شاكراً ولا مؤمنا قال (شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) قال بعدها (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)) فقال إن الله لا يعذب شاكراً ولا مؤمنا لأنه قال (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) فإذاً لازم ذلك أو المفهوم منه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنك إن شكرت وآمنت فإن الله لا يعذبك.

الشيخ مساعد الطيار: لا يعذبك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا قتادة؟

الشيخ مساعد الطيار: هذا قتادة.

الشيخ محمد الخضيري: في قوله (شَاكِرًا) هذا اسم من أسماء الله عز وجل الشاكر والشكور من أسماء الله عز وجل نجد بعض المؤولين يقول (شَاكِرًا) يعني يريد إثابتكم، الشاكر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يؤول صفة الشكر.

الشيخ محمد الخضيري: يؤول صفة الشكر بلازم من لوازمها وهو إرادة الثواب ولا شك أن إرادة الثواب لون أو لازم من لوازم الشكر ولكن نقول إن تفسير الصفة بلازم من لوازمها إذا أريد منه نفي الصفة عن الله عز وجل فهو باطل وإذا لم يرد نفي الصفة كما يقوله بعض السلف بمعنى أن بعض السلف قد يفسّر الصفة بلازمها لكنه لا يريد إنكار معناها الصحيح فإن هذا لا يُعدّ تأويلاً فينبغي لنا أن نفرّق بين الموطنين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وما دام أن الله أثبتها لنفسه فأنت لن تكون أحرص

الشيخ محمد الخضيري: وفيه كلمة بالمناسبة يقولها بعض الناس يقولون لا شكر على واجب أذكر أن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله كان يقول: هذا غير صحيح لأن الله عز وجل أوجب على المؤمنين أشياء وشكرهم عليها ففيه الشكر على الواجب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وحتى والله لما تفكر فيها فعلاً إنها ما هي مستقيمة.

الشيخ محمد الخضيري: ما هي مستقيمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالعكس الإنسان يحب إنه يُشكر حتى على العمل الذي هو واجب عليه يكون هذا تشجيع له ويكون هذا رفع لمعنويته. وبعضهم تقول له شكراً قال الشكر لله.

الشيخ محمد الخضيري: من لم يشكر الناس لم يشكر الله أنا أقول هذا أيضاً من أسباب بعض المشاكل التي تقع بين الرئيس والمرؤوس أو بين الحاكم والمحكومين أو بين الزوج وزوجته أن الزوجة تقدم أشياء كثيرة مثلاً في البيت فما يشكرها الزوج لماذا؟ يقول هذا واجبها فهي لما تشعر بأن الزوج يتجاهل هذا منها تبدأ تطلب وتتخلف عن هذه الأمور ويكون المؤدى أن هذا المثل سبب في إيجاد هذه العلاقة المضطربة يعني بالعكس ينبغي على الإنسان أن يشكر على ما يجب وعلى ما لا يجب لأن الله شاكر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لاحظ حتى هنا قال (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ) يعني مما يدلك على أن من أسباب العذاب عدم الشكر والجحود والنكران.

الشيخ مساعد الطيار: وأيضاً من اللطائف أن الله سبحانه وتعالى ذكر صفة العلم هنا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)).

الشيخ مساعد الطيار: (شَاكِرًا عَلِيمًا (147)) فالشاكر هو الذي يثيب العامل بعمله يعني (إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) هذا عمل فيقابله الله بالشكر (شَكَرْتُمْ) فيشكر الله لكم عملكم، يشكر لكم عملكم لعلمه بما في قلوبكم من حسن عملكم وهذا مقابل أيضاً لقضية النفاق وأن الله مطلع على سرائركم عالمٌ بها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من صدق توبته.

الشيخ مساعد الطيار: فمن صدق التوبة بأن الله سبحانه وتعالى يثيبه.

الشيخ محمد الخضيري: وفيه أيضاً ثانية دائماً نحن نقول قاعدة أن اجتماع اسمين من أسماء الله في ختام آية يدل على أن بينهما ارتباطاً أو أن هناك معنى إضافياً يؤخذ من اجتماعهما.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دلالة الاقتران.

الشيخ محمد الخضيري: دلالة الاقتران فطبعاً شاكر لها دلالة وعليم لها دلالة وشاكر عليم لها دلالة إضافية وهي أن شكر الله بعلم وعلمه

الشيخ مساعد الطيار: أورث الشكر.

الشيخ محمد الخضيري: أورث الشكر. لاحظ هذا فهو قد يشكر الإنسان أحداً وهو عدو وهو يحقد وهو يحفر لك فأنت ما تعلم وهو لا يستحق الشكر يعني واحد آخذ بيدك من أجل أن يذهب بك إلى والعياذ بالله حفرة وأنت تقول شكراً وجزاك الله خيراً وما قصرت وهو يأخذك إلى حفرة!!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنت ما تلام لأنك ما تدري عن الغيب.

الشيخ محمد الخضيري: ما تدري لكن الله يشكر بعلم هذا معنى جديد أو معنى يضاف إلى كون الله شاكر وكونه عليم.

الشيخ مساعد الطيار: هذا يمكن يدخل في المعاني الخاصة المرتبطة بالسياق. قول (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) كأنه مقطع جديد (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)) كأن الحديث عن المنافقين انتهى أو لا؟ يعني هو بداية الجزء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو في الحقيقة طبعاً هو بداية جزء هو؟

الشيخ محمد الخضيري: هو بداية جزء هذا.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: لكن أظن التجزيء هذا أو التحزيب.

الشيخ مساعد الطيار: (كلمة غير واضحة) عن الآية (كلمة غير واضحة) لكن (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)) هل انتهى الحديث الآن عن المنافقين؟

الشيخ محمد الخضيري: أنا ما أدري لكن لها ارتباط بالسياق السابق من جهة أن ما ذكر من صفات المنافقين وفضحهم إنما كان لأنهم ظلموا أنفسهم وظلموا المؤمنين بفضحهم وإطلاع الكافرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكان النفاق هو من الجهر بالسوء.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ولذلك الله عز وجل فضحهم وقال معتذراً (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)) فله ارتباط من هذا الوجه والله أعلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً الآية في قوله (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) فيها عموم أن الله سبحانه وتعالى يبغض ويكره كل مجاهرة بالسوء.

الشيخ محمد الخضيري: أيّاً كانت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيّاً كانت في القول، في المجاهرة بالغناء، المجاهرة في شتم أعراض الناس.

الشيخ محمد الخضيري: الفحش بالقول.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهذه عامة واستثناء الله منها سبحانه وتعالى حالة واحدة.

الشيخ محمد الخضيري: المظلوم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المظلوم الذي اضطر لكي ينتصر ممن ظلمه أنه يجهر ببعض

الشيخ محمد الخضيري: السوء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: السوء الذي فيه انتصاراً فجعل الله له متنفساً وإلا هو أغلق هذا الباب تماماً ولذلك هذا أدب عظيم حقيقة لأن أناس كثير يجهرون بالسوء والله كثيراً من القنوات الفضائية الآن أنها كلها تنطبق عليها الآية إنها تجهر بالسوء كلها بالسوء إن جئت إلى الغناء فهذا بابه واضح، إن جئت إلى الكذب، إن جئت إلى إشاعة المنكر والزور.

الشيخ محمد الخضيري: الأخبار الكاذبة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والأخبار الكاذبة إلى آخره فكلها تدخل في قوله (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ).

الشيخ محمد الخضيري: وأيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا عبد الله «ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش البذيء» الطعّان الذي يطعن الناس ويجتهد في العيب عليهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني لمزهم وشتمهم.

الشيخ محمد الخضيري: نعم ولا اللعّان الذي يسبّ ويشتم ويتكلم بالكلام القبيح في حقهم ولا الفاحش البذيء. الطعان الذي طعن الغير واللعان يلعن الغير، الفاحش البذيء الذي في نفسه دائماً كلامته قبيحة يتحدث في أمور مكروهة يحتشم منها أهل الحق فقال «ولا الفاحش البذيء» الذي يختار الألفاظ التي تستكره.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قبيحة.

الشيخ محمد الخضيري: قبيحة حتى وأنت تتلفظ وتسأل لو تسأل عالاًم وإلا تتكلم مع أهلك تكلم بالكلمات جميلة وأنت تعبر عن أشياء مستخبثة تضطر إلى التعبير عنها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما في القرآن نفسه.

الشيخ محمد الخضيري: كما في القرآن قال الله عز وجل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) [البقرة:187] لماذا ما قال هذا باسمه الصريح المعروف عند العرب قال (الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) لأن الله عز وجل يحب السمو.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [البقرة:187] يعني يعبر عن المعاني بأدب وبعبارة جميلة وبعبارة مؤدبة.

الشيخ محمد الخضيري: لعلنا نختم بهذه الفائدة وهي أنه الحقيقة نحن عندنا أزمة وهذه الأزمة نتمنى أن الله سبحانه وتعالى يعيننا على إزالتها من الأمة وهي أزمة الألفاظ يعني نحتاج إلى

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تهذيب الألفاظ.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم نربي أنفسنا على الألفاظ الطيبة في حياتنا كلها. معاشر الإخوة المشاهدون إلى هذا وصلنا أو إلى هنا وصلنا إلى ختام هذه الحلقة نرجو أن نلقاكم في حلقة قادمة على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.