برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 26- تأملات في سورة المائدة -الآيات 3-5

اسلاميات

الحلقة 26

بينات – رمضان 1433 هـ

سورة المائدة – (الآيات 3 – 5)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم بينات ولا زال حديثنا متصلاً في هذه الحلقات عن سورة المائدة. وقد وقف بنا الحديث في الحلقة الماضية عند قول الله سبحانه وتعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) وناقشنا في هذا المجلس مع المشايخ الفضلاء الدكتور مساعد الطيار والدكتور محمد الخضيري معنى قول الله سبحانه وتعالى (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). لعلنا في هذه الحلقة أيها الإخوة نكمل الحديث حول هذه المعاني وكنا طرحنا في الحلقة الماضية قضية أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة رضيها الله سبحانه وتعالى ديناً للمسلمين وهذا من أدلة كمالها الكمال المطلق الذي لا شك فيه. ونحن اليوم في العالم الإسلامي أحوج ما نكون إلى التنبيه إلى هذه القضية وأن الإسلام دينٌ كامل تام وأن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة تامة وعندما تطالب الشعوب الإسلامية اليوم بتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى فهي تسعى إلى الكمال الحقيقي وليس الكمال النسبي، تسعى إلى الكمال الحقيقي الذي هو شرع الله سبحانه وتعالى الذي شرعه لعباده. وتعجب اليوم ممن ينفر من الشعوب الإسلامية ينفرون أو بعضهم يخاف من تطبيق الشريعة الإسلامية ويرى أن تطبيق الشريعة الإسلامية هو رجوع إلى الخلف وأننا نريد أن نطبق القانون ونريد أن نطبق قوانين الدولة المدنية وأما الرجوع إلى تطبيق الشرعية الإسلامية فهو رجوع إلى الخلف هذا في الحقيقة والله أنه غاية الخذلان وأنه في الحقيقة غاية الجهل لكن بعضهم لديه بعض التصورات الخاطئة عن بعض التطبيقات في التاريخ.

الشيخ مساعد الطيار: هو ينظر إلى باب العقوبات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فينظر إلى باب العقوبات.

الشيخ مساعد الطيار: لا ينظر إلى المحاسن وهذه عجيبة الحقيقة. معذرة أبا عبد الله أقول للمشاهدين انظر إلى من يعترض على الشريعة لا يعترض إلا على باب العقوبات، لماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قطع يد السارق.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: ورجم الزاني.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: رجم الزاني.

الشيخ مساعد الطيار: وقتل المرتد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقتل المرتد صدقت فعلاً ما يركزون إلا على هذه القضايا!!

الشيخ محمد الخضيري: بينما هي كم حجمها في الفقه الإسلامي؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قليل جداً.

الشيخ محمد الخضيري: تجد أنه قليل جداً.

الشيخ مساعد الطيار: وكم تطبيقها أيضاً؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً حتى بغض النظر لكن حتى هذه العقوبات في نفسها هي غاية العدل والإنصاف.

الشيخ محمد الخضيري: بغض النظر عن هذا، لكن كونهم يركزون على هذا الجانب يشعرون الناس بأنهم ستُقطَّع أيديهم ويقتَّلوا وينفوا من الأرض والحقيقة أن الإسلام يضع احتياطات كبيرة جداً لئلا يقع المسلمون في هذا يعني احتياطات الدين أو الشريعة في كون الناس يكونون أمناء وصادقين ويعيشون حياة سعيدة تقل فيهم الجرائم أكثر وأكبر من كونهم يكونون حكاماً على الناس فقط جالسين يراقبون الناس من يخطئ فتُقطع يده ويرجم. أذكر أننا زرنا في عام ألف وأربع مئة وعشرين ولاية زنفرا في نيجيريا طبعاً هي حكومة فيدرالية كل ولاية تستطيع أن تختار النظام ففي هذه الولاية اختاروا أن يحكّموا الشريعة الإسلامية وذهبنا لزيارة الوالي فكان من أهم القضايا التي نبّهنا عليها الوالي وإياكم أن تُبرِزوا أو تقرنوا الشريعة بتطبيق هذه العقوبات يعني تجعل من الشريعة إذا طبقت معنى ذلك أنك لن ترى إلا أيدي مقطّعة، هذا الاقتران يريده الأعداء لكن نحن يجب علينا أن نبين أن الشريعة تطبيقها يعني أن يتعلم كل إنسان، تطبيق الشريعة أن لا يكون هناك غشّ في الأسواق، تطبيق الشريعة يعني أن لا يكون هناك أصلاً بِغاء ولا زنا ولا شيء من هذه الأشياء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا فقر.

الشيخ محمد الخضيري: ولا فقر. تطبيق الشريعة يعني رفع

الشيخ عبد الرحمن الشهري: محاربة الفقر.

الشيخ محمد الخضيري: محاربة الفقر والأمية من الناس يعني كل هذه المعاني

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه الحقيقة فعلاً.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم. قال ماذا تنصحونني؟ قلنا ننصحك أن تعيّن المئات من الدعاة الذين يقومون بإعطاء صورة رائعة جداً وطيبة لمعنى تطبيق الشريعة لأن هؤلاء الكفار حريصون جداً على أن تطبيق الشريعة يعني شيئاً واحداً وهو قتل، قطع، رمي، جَلْد، إلى آخره، فقط. تطبيق الشريعة يعني أن الناس يذهبون إلى المسجد فيصلون مع الجماعة، تطبيق الشريعة يعني الناس يتراحمون، تطبيق الشريعة يا أبا عبد الله أن الناس يكونون جوارهم طيب وأن الدور تكون نظيفة وأن الشوارع تكون حسنة وأن الدنيا تكون جميلة، هذا من تطبيق الشريعة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بل هو لُبُّها. يعني الآن العدل وإقامة العدل في المجتمعات الإسلامية هذا تطبيق للشريعة، أيضاً تقوية الجيوش الإسلامية والأمة الإسلامية وتشجيع الصناعة وتشجيع الإبداع وتشجيع الابتكار والعلوم هو تطبيق للشريعة لكن كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة محمد عندما قال (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)) يعني هناك فئة كبيرة جداً وقد تحدثنا عنها في سورة النساء من المنافقين الذين يكرهون الدين ويكرهون الإسلام ويُظهِرون هذا الكره في مثل هذه المظاهر من قضية الإسلام هو مجرد رجوع إلى الخلف، تطبيق الشريعة هو تكريس لمبدأ التعصّب إلى آخره. فالحقيقة في قوله سبحانه وتعالى في هذه الآية العظيمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) يعني إبراز أن الله سبحانه وتعالى رضي للأمة هذا الدين والله سبحانه وتعالى لا يرضى لنا إلا الكمال ولا يرضى لنا إلا الحق ولا يرضى لنا إلا الخير فإن هذا الاستشعار أولاً سيؤدي بالمسلم إلى الافتخار بهذا الدين، لا، ما هو معقول أنه إذا قيل أنت تريد تطبق الشريعة ترجعنا للخلف؟! نعم أريد أطبق الشريعة يا أخي وليست بهذه الصورة الشريعة كما تفضلتم في حديثكم تطبيق الشريعة هو يعني الكمال الحقيقي في الأنظمة الموجودة في العالم اليوم سواء اقتصادياً لكن المشكلة أين؟ يأتي يقول لك واحد بكل بساطة وهذه البنوك الموجودة الآن التي تقوم على الربا وأنتم تحرمون الربا الشريعة تحرم الربا، تحرم الفائدة، ما المشكلة؟ نعم نحن نحرم الفائدة ونحرم الربا.

الشيخ محمد الخضيري: لأنها قائمة على الظلم.

الشيخ مساعد الطيار: هذا ظلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذن ماذا نفعل بالبنوك الضخمة الموجودة الآن كيف تتعامل مع العالم؟ والله ما فيه أيّ مشكلة أبداً إنك تتعامل مع العالم بهذه الأنظمة الإسلامية بالعكس بل هذا هو من أقوى وأهم الأسباب التي حافظت على البنوك الإسلامية من الانهيار كما وقع للبنوك التي تتعامل بالربا.

الشيخ مساعد الطيار: الآن على سبيل المثال البنوك الآن تقرضك المال ليست حريصة على أن ينجح مشروعك، هي حريصة على أن ترهن منك شيئاً يحفظ لها مالها لكن لو كانت بالطريقة الإسلامية ودخلت معك شراكة فحريصة أن تُنجح معك المشروع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مرابحة.

الشيخ مساعد الطيار: المرابحة. يعني هذه فكرة بعض الناس لا ينظر إليها. إذاً على سبيل المثال لو أراد تاجر جاء وقال أنا عندي مشروع لكن المبلغ الذي عندي لا يغطي فلو أذهب إلى البنك يشاركني البنك مشاركة بحيث أن يكون بنسبة وأنا أدير والبنك يراقب معي، البنك الآن سيكون حريصاً على أن ينجح المشروع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه سيتأثر.

الشيخ مساعد الطيار: لأن جزء من ماله موجود أما في ذا يأتي التاجر يقول لا، ارهن لي شيئاً، والله أنا عندي هذه الأرض تسوى كذا مليون إذاً هذا القرض، وإذا خسر التاجر بسلامتك الأرض للبنك!! لكن في الطريقة الإسلامية فالإسلام ينمي المال ويعطي الشراكة ويجعل الذي ينفق أو يدفع من ماله يحرص على أن ينجح المشروع. طبعاً ذكرنا مثالاً وإلا الأمثلة كثيرة ولكن نعود ونقول إن مسألة الرضا بالإسلام ديناً هذه قضية نحتاج إلى أن نعيد النظر فيها قصدي نعيد النظر في أنفسنا تجاهها وأن نرضى بهذا الإسلام في كل صغيرة وكبيرة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فإذا رضي الإنسان فإنه ينقاد للأحكام بيسر وسهولة. ثم يقول الله سبحانه وتعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣)) ما معناها يا شيخ محمد؟

الشيخ محمد الخضيري: يذكر الله عز وجل في هذه الآية حكم المضطر وهو الذي بلغ حد الضرورة يعني حد الموت (مَخْمَصَةٍ) يعني مجاعة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وحاجة شديدة.

الشيخ محمد الخضيري: حاجة شديدة بحيث أنه لا يجد إلا هذا الذي حرّمه الله عليه: ميتة أو لحم خنزير أو منخنقة أو موقوذة أو متردية أو نطيحة أو نحو ذلك ففي هذه الحال أباح الله عز وجل له ورخص في أن يأكل لكن بشرط قال (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ)، (مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ) يعني مائل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: متجاوز للحدّ.

الشيخ محمد الخضيري: أن يميل إلى الإثم سواء مال إلى الإثم بأن رغب في هذا الشيء الذي حرّمه الله عليه وهو راغب فيه مشتهٍ له أو تجاوز الحد فيما أبيح له وتعدّى وقد ذكر الله عز وجل هذين المعنيين في الآيات الأخرى التي في سورة الأنعام وفي سورة البقرة وأيضاً في سورة النحل ونحوها قال (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) [البقرة:١٧٣]،[الأنعام:١٤٥]،[النحل:١١٥] (غَيْرَ بَاغٍ) في أكله.

الشيخ مساعد الطيار: يعني متجاوز.

الشيخ محمد الخضيري: (بَاغٍ) أي مشتهي لهذا الشيء وراغب فيه وإنما يأكله لأنه ضرورة، وغير متعدٍ ما أُمر به أو ما أُبيح له.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يأكل بقدر ما يسد به.

الشيخ محمد الخضيري: ما يسد به رمقه ولذلك من أبيح له شيء للضرورة فإنه يباح بقدر الحاجة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الضرورة تقدّر بقدرها.

الشيخ محمد الخضيري: الضرورة تقدّر بقدرها وهذا من قواعد الشريعة المعروفة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً هو معنى (فمن اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) في حاجة، المخمصة هي المجاعة أو الحاجة التي تلجئه إلجاءً إلى هذا المُحرَّم فلا جناح عليه أن يأكل شريطة أن لا يكون أكله هذا مجاوزاً للحد المسموح به. (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ) والجَنَف هو الميل أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الجنف والتجانف هو الميل إلى الشيء.

الشيخ محمد الخضيري: لكن الجنف والحنف كلاهما ميل أما الحنف فهو ميل إلى خير والجنف ميل إلى شرّ. قال الله عز وجل (فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة:١٨٢] (جَنَفًا) أي ميلاً بالوصية إلى ما لا يحل له والحنف مذكور في قول الله عز وجل (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا) [النحل:120].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (حَنِيفًا).

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم (حَنِيفًا) أي مائلاً قصداً عن الشرك إلى التوحيد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه الآية تحدثت عن المحرمات (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ).

الشيخ محمد الخضيري: بقي الحكم يا أبا عبد الله من اضطر ماذا له؟ قال (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣)) ولم يذكر الحكم وإنما علّقه باسم من أسماء الله ما السبب يا أبا عبد الملك؟

الشيخ مساعد الطيار: طبعاً الختم بهذا دال على الجواز، هذا دال على الجواز وأيضاً قال (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣)) لأن المسلم إذا وجد هذا قد يتأفف من هذا أو يتشدد على نفسه فأباح الله سبحانه وتعالى له هذا وربطها بالمغفرة والرحمة يأكل المسلم قد حاجته وهو مطمئن أن ما أكله حلال فلا يستأثم نفسه في هذا.

الشيخ محمد الخضيري: وأهل السنة يقولون هذا من الأدلة على أن أسماء الله عز وجل تؤخذ منها صفات يعني فإن المعنى كما ذكر أبو عبد الملك فإن الله قد غفر له ورحمه. أما المعتزلة فإنهم يقولون أسماء الله أعلام ما لها أيّ دلالات إلا أنها يراد منها العَلَمية فلا يؤخذ منها أوصاف ونحن نقول لما علّق الله الحكم بها دل على أن لها وصفاً وأن الله يغفر لعباده ويرحم وإلا كيف يعلق الحكم بها لو قلت أنت يا عبد الرحمن خذ سيارتي لأني عبد الرحمن وكُل من بيتي لأني سلمان وإلا صالح وإلا صادق ما يفهم هذا المعنى!.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً هناك مسألة وهي ترجع إلى النظر في – وسبق أن طرحناها كثيراً – وهي النظر في موضوعات الآية الآن في البداية قال (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) كذا، وكذا، وكذا، وكذا، لو نظرنا في قوله (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) كأنها جاءت معترضة بين المحرّمات وبين المباحات، المُباح من المُحرَّم لأن لو قلنا الآن (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) إلى أن قلنا (ذَلِكُمْ فِسْقٌ) (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ) فيكون فيه اتصال. فهذا يدعو إلى البحث عن سرّ وضع هذه الجملة التي هي قوله (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ) و(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا جاءت في هذا المكان من الآية بالذات؟ يعني هو الآن ذكر المحرّمات ثم جاء بالآية ثم قال (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ) لماذا جاءت هذه الآية؟ وهو فعلاً سؤال جدير بالعناية.

الشيخ مساعد الطيار: وأيضاً قول عمر (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) يُشعِر بأن هذه القطعة من الآية قد نزلت مستقلة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ثم وضعت

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في داخل الآية.

الشيخ مساعد الطيار: في هذه الآية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله هو ليس قاطعاً على كل حال.

الشيخ مساعد الطيار: أقول يُشعِر لم أحكم به جزماً لكنه يشعر.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً هذه الجملة لما نزلت وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة بكى أبو بكر فتعجب الصحابة كيف يبكي أبو بكر من بشارة يبشر الله بها عباده فيقول (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) لكن أبا بكر كان ينظر بنور من الله عز وجل إلى ما وراء ذلك فإنه إذا كمل الدين وتمت النعمة معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أدّى ما عليه إذاً فلينتظر لقاء ربه، فقيل له ما يبكيك يا أبا بكر؟ فقال إذا تمّ شيء أو كما قيل “إذا تمّ شيء بدأ نقصه ترقّب زوالاً إذا قيل تمّ” فهو نظر إلى هذه القضية وهذا من الفهم الذي يؤتيه الله عز وجل بعض عباده وهو لون من التدبر العميق الذي ذكر الله عز وجل (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)) [ق].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: رضي الله عنه وأرضاه. ثم يأتي الحديث الآن عن ما يقابل الآية الماضية الآية الماضية تحدثت عن المحرّمات وفصّلت فيها، فصّلت وهذا في القرآن الكريم كثيراً أن الله سبحانه وتعالى يفصِّل في المحرمات ويُجمل في المباحات لأن المباحات أكثر وهي الأصل فيقول (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ).

الشيخ محمد الخضيري: ومن هنا نعرف يا أبا عبد الله كمال هذه الشريعة يعني تأتي إلى أحد الجانبين فتفصّل فيه تفصيلاً تاماً بالغاً وتدع الآخر لتُعرَف الأحكام لأنها لو ذكرت هذا الجانب ففصّلت فيه وهذا الجانب ففصّلت فيه واستجدت مسائل على الناس فيقولون نلحقها بهذه أو بهذه أو لها حكم لا نعلمه؟ فيقال لا الذي فصّله الله بيّن واضح جداً إذاً تلحق هذا الجديد الذي ليس فيه تفصيل وليس على منوال ذلك المفصّل بذلك الذي وسّع الله عز وجل فيه وأطلق حكمه ولذلك عدّد الله المحرمات ليبين أن ما سواها مباح وأنه حلال وأنه يجوز لنا أن نأخذ منه أو نرتع فيه. هذه قاعدة من قواعد الشريعة التي تبين عموم الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ولكل مكان ولذلك يقول بعضهم كيف إن الشريعة استطاعت أن تستوعب الأحكام الكثيرة والجزئيات المختلفة المتجددة ما هي طريقتها في ذلك؟ طريقتها هي هذه تضع قواعد مفصّلة في جانب والجانب الآخر تضع له قواعد عامة فيكون الإنسان واضح جداً أين يُلجئ أو يُلحق المسألة المستجدة هل هي بهذا المفصّل أو بذاك العام المجمل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم نستأذنكم في فاصل قصير يا إخواني ثم نكمل حديثنا. فاصل قصير أيها الإخوة المشاهدون ثم نواصل.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– إعلان جوال تفسير

– تقرير عن مركز تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون مرةً أخرى ولا زال حديثنا متصلاً حول آيات سورة المائدة وكنا تحدثنا عن قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ). وكما ذكرنا قبل الفاصل أن الله سبحانه وتعالى في آية التحليل هنا أجمل الكلام إجمالاً لاحظ أنه في الآية التي قبلها فصّل كثيراً من الأصناف والاستثناءات والاستدراكات، هنا قال (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ) (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ). فلاحظوا أنه أحلّ الطيبات على العموم فقال (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) وحتى الاستدراك هنا في قوله (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ) يعني استثنى الله سبحانه وتعالى ما يمكن أن نسميه كلاب الصيد الجوارح المعلَّمة مثل الصقر المعلَّم أو الكلب المعلَّم أو الفهد المعلَّم يعني أي حيوان من الحيوانات المفترسة الذي يعلّمه صاحبه ويدربه على الصيد بطريقة لا تقتل الفريسة وإنما يُمسك له الفريسة حتى يقتلها صاحبها أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فلاحظوا أنه ذكر هذا الاستثناء فقط حتى يخرج من قوله سبحانه وتعالى (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ) في الآية التي قبلها.

الشيخ مساعد الطيار: لها علاقة بقوله (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ).

الشيخ مساعد الطيار: لأنه استثنى منه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالضبط يعني ما أكله السبع فقتله هذا حرام. لكن إذا كان هذا السبع معلَّماً ويمسك لك الذبيحة أو الصيد بطريقة لا يقتلها فإنه يجوز لك أن تأكلها، لولا هذا الاستثناء لكانت كفى قوله (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) وانتهت القضية أليس كذلك لأنه قد قال في سورة الأعراف (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف:157] فدلت هذه الآية على أن كل الطيبات الأصل فيها الحِلّ إلا ما جاء الدليل بتحريمه لعارض من العوارض أو غير ذلك. (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) مكلبين مأخوذة من الكلب أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني المُكلِّب هو المدرِّب الذي يقوم بتدريب الكلاب على الصيد بطريقة معينة يقال له مُكلِّب أليس كذلك.

الشيخ محمد الخضيري: إما أن يكون هذا المعنى أبا عبد الله وإما أن يكون معنى (مُكَلِّبِينَ) أي مُضرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من الكَلَب.

الشيخ محمد الخضيري: تُكلِّب الكلب يعني تدفعه إلى الصيد. وصيد ما علمتم من الجوارح إذا أرسلتموها لصيد ثم يأتي الحال بقوله (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) أي هذه الكلاب أو هذه الجوارح إذا علّمتموها مما علّمكم الله فأصبحت إذا أُرسلت تسترسل وإذا زجرت تنزجر وإذا أمسكت لا تأكل فإنها بهذا يحلّ صيدها أما إذا أكلت مما صادت فإنه لا يحلّ لكم أن تأكلوا مما صادت وإنما صادت لنفسها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً نقول أن المُكَلبين هنا مأخوذة من الكلب مشتقة لأن أكثر ما يكون التأديب له كما يقول العلماء وإلا فيدخل فيها الذين يعلّمون الصقور والذين يعلمون غيرها من الفهد أو غيره فيُعتبر داخلاً لكن المُكَلبين لأنه أكثر.

الشيخ مساعد الطيار: ما تستخدم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أظن حتى اليوم أن أكثر ما يستخدم كلاب الصيد.

الشيخ محمد الخضيري: السلوقية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: السلوقية وغيرها نعم.

الشيخ مساعد الطيار: وهي مما استثني من استخدام الكلاب الذي هو كلب حراسة أو صيد ولهذا ننبه أنه بدأ تنتشر عادة عند بعض الشباب اصطحاب الكلاب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه محرمة.

الشيخ مساعد الطيار: وهذا محرم.

الشيخ محمد الخضيري: وينقص من أجل الإنسان في كل يومٍ قنطار أو قيراط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك كتاب قيم حقيقة قرأته يتكلم عن كيفية معالجة هذه الكلاب كلاب الصيد وطريقة التعامل معها.

الشيخ مساعد الطيار: وفيها كتب للمتقدمين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: البيزرة هو أحد المتقدمين كتاب بعنوان “البيزرة” وأنا استغربت ما هو البيزرة؟ اشتريت الكتاب قديماً فلما قرأته فإذا به تعليم الباز مأخوذ من الباز الذي هو الصقر تعليمه وكيف تداويه وكيف تعالجه وكيف تعرف مرضه.

الشيخ مساعد الطيار: وأنت ماذا كنت تتوقع أن يكون الكتاب؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله استغربته ما معنى البيزرة على كل الحال هو من إصدار مجمع اللغة الدمشقي وأنا أحب كتبهم فاشتريته كان تحقيق محمد كرد علي رحمه الله لكن ما البيزرة؟ فلما قرأته فوجدت في هذا الباب مع إني ما اهتم به وأنا لم أدرب كلب صيد في حياتي ولا صقر لكن الشاهد أن المُكَلبين هنا يدخل فيها الجوارح ولذلك قال (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ) والجوارح هي

الشيخ محمد الخضيري: ما يجرح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما يجرح يدخل فيها الصقر ويدخل فيها الكلب.

الشيخ مساعد الطيار: أنا قلت لعله العنوان كان في ذهنك له شيء آخر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا أبداً، ما فهمت البيزرة لكن طبعاً لما قرأت أول المقدمة فهمته

الشيخ مساعد الطيار: أنا أذكر مرة طلبت تصوير بحث كان صدر في مجلة لكن المشكلة أن الذي كتب العنوان قدّم حرف على حرف وهو كذا في التسفير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تسفير الكتب.

الشيخ مساعد الطيار: أيوه وهو الذي وضع كتب التفسير فلما طلبته فرحاً به لأنه في أصول التفسير لعالم متقدم ففرحت به لما وصلني فلما فتحت أبحث عن تفسير ما وجدت إذا فيه كيف تقطع الورق وكيف تقطع التسفير من الأسفار يعني من صناعة الكتب والمحبرة والحبر وكيف يصنع الحبر وإذا زاد الماء ماذا يفعل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعونا نذكر فائدة ذكرها ابن القيم في قوله (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ) أن الله سبحانه وتعالى جعل صيد الكلب المعلم حلالاً بفضل العلم فهذا من فضل العلم.

الشيخ مساعد الطيار: يعني الكلب المعلم عنده من العلم أفضل من ما عند.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الكلب المعلم صيده جائز الكلب الذي ما هو معلم -الأمي إن صح التعبير- صيده لا يجوز ولذلك الله قال.

الشيخ محمد الخضيري: وذلك لو لم يأكل من الصيد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وذلك قال (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) ولم يقل فكلوا مما قتلنا لكم صح أو لا وإنما غاية ما يصنعه هذا الصائد أنه يُمسِك.

الشيخ مساعد الطيار: وأيضاً (أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) معنى أمسكن لهن فلا يدخل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما لم يأكل منه.

الشيخ محمد الخضيري: فهنا عندنا أمران لو أنك أرسلت كلبك المعلَّم فأمسك الصيد ومات ذلك الصيد وهو بيده أو وهو معه فإن إمساكه هذا إذا كان لم يأكل منه حلال لك بشرط أن تكون عندما أرسلته سمّيت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما في حديث عديّ بن حاتم.

الشيخ محمد الخضيري: إذا أمسك فأكل فوجدته قد أكل منه فلا تأكل لأنه إنما أمسك على نفسه. إذا وجدته قد أمسك فأكل وفيه حياة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تذكّيه.

الشيخ محمد الخضيري: نعم دخل في الآية الأولى إن ذكّيته حلّ لك إن لم تذكّه لم يحل لك لأنه إنما أمسك على نفسه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل سبحان الله!

الشيخ مساعد الطيار: هل يا تُرى أهل الصيد اليوم يعرفون هذه التفاصيل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله أتصور أنهم يعرفونها يعني أنا مرة استمعت إلى لقاء إذاعي مع أحد الصيادين فذُهلت والله من تفاصيل كثيرة يذكرها تفاصيل يذكرها فنية في تدريب الكلب وفي طريقته وفي لكني ما أدري عن الأحكام الشرعية هل هو يدرك مثل هذه؟

الشيخ مساعد الطيار: مع أنها قليلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وليست كثيرة لكنك تعجب سبحان الله الكلب كيف يُرسَل فيصيد لك ولا يأكل لكن قد يأكل هو فيحرُم.

الشيخ مساعد الطيار: لكن في قوله (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) هل يفهم منه أن غير الجوارح؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن هل يتصور أن هناك شيء يصاد به غير هذه الجوارح؟ ما فيه أحد قد يصيد مثلاً يصيد بالطاؤوس الطاؤوس ما يصيد.

الشيخ محمد الخضيري: لا الذي يذكر هو الصيد بسهام والبنادق وغيرها والصحيح أن ما خرق من هذه الآلات فإنه جائز وقد اختلف الناس البندقية أول ما خرجت هل هي تقتل بعرضها أو بخرقها فكان الناس يظنون أن تقتل بعرض فيكون المقتول وقيذة ثم بان لهم لا إنها ليست كذلك فأجمع الناس بعدها على حل الصيد بالبندقية أنا لا أعرف خلافاً في هذا الباب إلا في أول الأمر لأني قرأت للشوكاني رحمه الله كان هذا الأمر قديماً أنه اختلف فيه أن بعضهم العلماء يحرّمه ثم لا نكاد نرى هذا الخلاف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن هذه فعلاً ملفته للنظر يعني لو أطلقت النار على غزال مثلاً فوقعت الرصاصة في قلبه فهل يحلّ أكله.

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا يا أخي ولا بد أن تذبحه ويسيل دمه؟

الشيخ محمد الخضيري: أيوه هنا جاء قوله عز وجل (وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) الصيد بالسهام والبنادق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقاس على الكلب.

الشيخ محمد الخضيري: إيه نعم يؤخذ من هذا وكذلك نصّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: لهذا يخرج أيضاً من الدم المسفوح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهذا هو (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) أنه شرط لأكل لحم أو لأكل صيد الكلب المعلَّم أنه لا بد أن يذكر اسم الله عليه عند إطلاقه (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)) ختم الله سبحانه وتعالى هذه الآية بهذه الصفة (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)) للفت النظر أن ما أحلّه الله سبحانه وتعالى وأن ما وسّع الله سبحانه وتعالى عليه إلا إنك برغم من ذلك محاسب فلا يدعوك هذا إلى الإسراف وإلى البَطَر في هذه الطيبات التي أحلّها الله لك. ثم تأتي آية أخرى أيضاً التي بعدها فيقول (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) وكأنه بهذه الآية يريد أن يدخل في الحديث عن أهل الكتاب.

الشيخ محمد الخضيري: لكن قبل هذا هناك لفتة جميلة جداً كاللفتة التي ذكرتها عن ابن القيم رحمه الله قال (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) قد يصيب الإنسان الزهو في أنه يستطيع أن يعلِّم هذا الكلب الأعجم فيتعلم شيئاً لم يُخلق عليه وليس في الأصل يعني مما يتأهل له لكن البشر بما أتاهم الله سبحانه وتعالى من العلم يقدرون على ذلك، من الذي علّم هؤلاء؟

الشيخ مساعد الطيار: الله.

الشيخ محمد الخضيري: الله فهذا يردّك إلى أنك تعلم أنما مرد العلم كله لله سبحانه وتعالى.

الشيخ مساعد الطيار: ولهذا موسى عليه الصلاة والسلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل أتبعك.

الشيخ مساعد الطيار: لا، قبل سبب الرحلة وأنه لما سُأل من أعلم أهل الأرض لم يرد علمه إلى الله والله أعلم فقال أنا فعتب الله عليه فأرسله إلى العبد الصالح

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الآية التي بعدها (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) أعاد الكلام.

الشيخ مساعد الطيار: اليوم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في قوله سبحانه وتعالى (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) ثم أعاد أيضاً فقال (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ).

الشيخ مساعد الطيار: ليعطف عليه (وَطَعَامُ الَّذِينَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً بعض المفسرين قال أنه تكرار للمنة حتى يعلم الناس منّة الله سبحانه وتعالى عليهم. لاحظوا الآن لا يمكن للمسلم أن يدرك هذه المنّة إلا إذا رأى حال الأمم السابقة يعني الآن عندما ترى أن بني إسرائيل قد حُرّم عليهم الكثير من الطعام بسبب معاصيهم وذنوبهم أليس كذلك.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في قوله سبحانه وتعالى الآية التي مرت معنا في سورة النساء (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) [النساء: 160-161] لكن هذه الأمة قد أحلّ الله لها الطيبات وأباح لها المأكولات فهذه لا شك أنه فرق كبير بيننا وبينهم لاحظ الآن وأنت تأكل أنك تعاني معاناة شديدة حتى تصل إلى الشيء الذي يجوز لك أن تأكله حتى في الذبيحة نفسها الله حرّم عليهم أشياء كثيرة وأحلّ لهم أشياء فنحن الحمد لله لم يحرَّم علينا إلا الخبائث.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ) طبعاً أوتوا الكتاب هنا يشمل اليهود والنصارى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكأن هذا مدخل للحديث عنهم سيأتي الحديث عنهم الآن.

الشيخ مساعد الطيار: لكن من باب الفائدة الآن الله سبحانه وتعالى وهو يُنزِل شرعه في كتابه يتكلم عن أهل الكتاب عن النصارى وهم أهل تحريف بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بالتحرّز من طعامهم إلا إذا وقع عندنا قرينة تقويّ أن أكلهم فيه إشكال وإلا في الأصل الحلّ. طبعاً اليوم والمشكلات التي ذكرناها قبل في حلقات سابقة أحدثت عند بعض المسلمين يتوقف في طعام النصارى بالذات بعض النصارى بذات كثرة استخدامهم الخنزير إلى آخره.

الشيخ محمد الخضيري: والخمر.

الشيخ مساعد الطيار: والخمر لكن إذا لم يتيقن الإنسان فإنه لا يسأل ولم يطلب الله سبحانه وتعالى من العبد أن يسأل بعض الناس يتحرز ويرى هذا من الورع لا يمكن أن يكون من الورع لو كان من الورع لأشار إليه الله سبحانه وتعالى فالسؤال ليس ورعاً بمعنى والله لو جاءنا جبن هنجاري جبن ألماني جبن هل أنت مطالب أن تسأل مما صنع الجبن؟.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا كان ثبت لك أنه من النصارى.

الشيخ مساعد الطيار: من النصارى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما عندك مشكلة.

الشيخ مساعد الطيار: الأصل أن ليس هناك مشكلة أنا أقصد قد يكون هناك نوع من التشديد والتنطع لكن لو ذكر لك مثلاً مثل ما ذكر صاحبنا لما ذكرناه قبل الذي ذكرك هو أو لذكر الشكولاتة.

الشيخ محمد الخضيري: أنا، الأسبوع الماضي الكلام.

الشيخ مساعد الطيار: نقول هذا وقع عنده إشكال في هذا الأكل فيتوقف فيه هنا يأتي الورع الورع يأتي هنا أنه علِم في هذا المنتج مشكلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالذات.

الشيخ مساعد الطيار: بالذات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإلا في الأصل في أطعمة هؤلاء أنها حلال.

الشيخ محمد الخضيري: ومثله الآن لو رأيت النصراني يذبح ذبيحةً فيهلّها باسم المسيح لم تحلّ لك لأنك رأيته وهو يهلّها باسم المسيح لكن لو جيء لك بذبيحة النصراني وقُدِّمت لك وأنت لا تعلم كيف ذبحها فلك أن تأكل ولا شيء عليك لأن الأصل هو الحِلّ وليس الأصل هو الاجتناب حتى تتقي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإن امتنع فهل يقال إنه آثم؟ يعني واحد جيء له بطعام نصراني فقال والله أنا لا أستطيع إني أكل.

الشيخ محمد الخضيري: إن كان يكرهه فقط لذات نفسه فأنا أقول لا شيء عليه أما إن كان يتدين لله عز وجل بردّ رخصة الله وإكرامه لعباده ورحمته بهم فهذا لا شك أنه مذموم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفي قوله (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) الآن نحن فهمنا الآن أن طعام أهل الكتاب حلّ لنا.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً ما المقصود بطعام هنا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ).

الشيخ محمد الخضيري: مقصودة بها ذبائحهم لأن غير الذبائح أصلاً لا إشكال فيها سواء من أهل الكتاب أو من غيرهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: خس من اليابان أو برتقال من الصين ما عندك مشكلة أصلاً وليس هذا محل إشكال، المقصود بالطعام هنا نوع معين وهو الذبائح.

الشيخ مساعد الطيار: وما ينتج عنها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا الذي سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم يعني هو كان يسئل عن هذا.

الشيخ مساعد الطيار: لأنه كان فيه مخالطة بينهم وبين أهل الكتاب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نأتي قوماً أهل كتاب لنا جيران من أهل الكتاب وهكذا. قال (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) هل هذا يعني الآن كأن هذا جزء من الآية يستفيد منه هم النصارى واليهود يستفيدون من هذا الجزء يعني كونهم يُقال لهم طعام المسلمين حلٌ لكم أيها النصارى واليهود.

الشيخ مساعد الطيار: لا ليس هذا فقط، بل لك أنت ليس من شرعك أن تمنع إطعام النصراني واليهودي. قال (وَطَعَامُكُمْ) يعني ذبيحتكم أن تذبح ذبيحة للنصراني واليهودي أو أن تعطيه حلٌّ لك وإلا هو لا يكون عنده.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يسأل عن رأي شرعي في هذا.

الشيخ مساعد الطيار: وليس الشرع له هو الشرع لك أنت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لماذا لا ينظر إليه يا دكتور مساعد من زاوية أخرى مثلاً أن يقال أن الله سبحانه وتعالى حتى في هذا الجزء من التشريع التفت إلى أو أجاب على سؤال الكتابيّ كأن الكتابي سأل وأنا هل يجوز لي أن آكُل أكل المسلم؟ فقيل له نعم (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) أنا أقول لا يمكن أن يقال هذا أو أنت ترد هذا يا شيخ مساعد؟.

الشيخ مساعد الطيار: أنا لا أرده لكن ما أدري كأن المعنى لم يطلب اليهودي أو النصراني أنه يسأل عن ديني أو يسأل عن دينه هو، هذا من ديني أنا لي أنا، فهو ليس له شأن بهذا وإنما شأنه أن يسأل عن ذلك في دينه هو هل تجيزوه لنا يا أحبارنا ورهباننا أن نأكل أكل المسلمين؟ فلما ذكره كأن الله سبحانه وتعالى قال أيضاً ليس عليكم جناح أن تطعموهم وتعطوهم مما عندكم من الطعام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ).

الشيخ مساعد الطيار: إيه نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قد يقول قائل أنني قد آثم عندما أعطي يهودي أن نصراني من طعامي، لا، فيقال ليس عليك أثم بالعكس (وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) أن تعطوهم.

الشيخ محمد الخضيري: سواء بعتموهم أو أهديتم لهم أو أنكم دعوتموهم إلى بيوتكم فأطعمتموهم من طعامكم وهذه مهمة يا إخواني.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلنا نتوقف انتهى وقت هذا اللقاء لعلنا نكمل الحديث عن هذه ما أحلّه الله سبحانه وتعالى للمؤمنين من الأطعمة ومن غيرها في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى. نراكم على خير أيها الأخوة المشاهدون في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.