برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 8- تأملات في سورة النساء آية 150-151

اسلاميات

بينات – رمضان 1433 هـ

الحلقة 8

الآيات 150 – 151

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. حيّاكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم بينات في هذا المجلس القرآني في تدبر القرآن الكريم وقد وقفنا عند قول الله سبحانه وتعالى (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)) وهذه الآيات من سورة النساء وقد وقفنا مع المشايخ الكرام الدكتور مساعد الطيار والدكتور محمد الخضيري عند هذه الآية الثانية. ولعلنا نبدأ إن شاء الله في هذه الحلقة وفي هذا المجلس القرآني الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله عوناً لنا على تدبر القرآن وأن ينفعنا به وأن ينفع به الإخوة المشاهدين الكرام فإن مجالس تدبر القرآن هي مجالس حياة القلوب. ونسأل الله أن يحيي قلوبنا بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم كانوا يذكرون عن مجالسه عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا لا يجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل. ونرجو أن نكون في هذه المجالس نسير على هذا المنهج أحياناً نتناول آيتين أو ثلاث وربما تنتهي الحلقة أحياناً ونحن ما زلنا نريد أن نتحدث عن بعض المسائل وبعض القضايا المتعلقة بالآيات ولو أُعطيت الآيات القرآنية حقها من التأمل والتدبر لاستغرقت الأعمار. ولذلك أعجب من البعض الذين لا يجدون في آيات القرآن الكريم ما يتوقف عنده القارئ إما إنه لا يفهم الآيات أو لأنه لا يصل إلى المعنى الدقيق من ورائها وهذا أرجو أن تكون هذه المجالس تعين على إزالة بعض الإشكالات، على إيضاح بعض القضايا، بعض الآيات ربما يقرأها الواحد منا سنوات طويلة ولا ينتبه للمعنى وهذه من المعاني الدقائق أحياناً بعض المعاني الدقيقة في الآيات القرآنية لا ينتبه لها الواحد حتى ولو كان متخصصاً إلا في لحظة معينة إما أن ينبهه أحد أو أن يتوقف عندها بطريقة مختلفة فينكشف له هذا المعنى من القرآن الكريم وهذه فتوحات. ولذلك لعل هذا من مصداق قول علي رضي الله عنه عندما قيل له: هل اختصّكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ يعني أنتم يا آل البيت؟ فقال علي رضي الله عنه: لا والذي برأ النسمة وفَلَقَ الحبّ إلا ما في هذه الصحيفة وأشار إلى صحيفة معه أو فهماً يؤتيه الله أحداً في كتابه. فالفهم للآيات أو الاستنباط يفتح الله على الإنسان بقدر ما يقترب من هذا القرآن وما يتسلح بأدواته من معرفة اللغة ومعرفة التفسير والقراءة في كتب المفسرين والاستعانة بلغة العرب والتفقه فيها يفتح الله سبحانه وتعالى للإنسان في القرآن الكريم فتوحات عظيمة. نعود إلى الآية يا مشايخ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)) لاحظوا الآيات جاءت بعد الحديث عن المنافقين وفي الحلقة الماضية ذكرت يا دكتور مساعد قلت أنه في قوله (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) كأنه ابتدأ كلاماً جديداً بعد الحديث عن المنافقين وكما تلاحظ الآن أنه رجع الحديث عن المنافقين أيضاً لأنهم هم الذين يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وهذا من صفاتهم أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: أو المقصود اليهود والنصارى.

الشيخ محمد الخضيري: اليهود والنصارى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واليهود والنصارى أيضاً.

الشيخ محمد الخضيري: فقصدي البداية هنا فيما يظهر أن الحديث فيها الآن ابتدأ من جديد عن اليهود طبعاً كأن الذي يتتبع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً السورة مدنية.

الشيخ محمد الخضيري: السورة مدنية، الذي يتتبع كثيراً من المواطن يجد أن الحديث عن المنافقين يستتبعه الحديث عن اليهود لكثير من الصلة التي بين هاتين الطائفتين. انظر مثلاً في سورة الحشر جاء الحديث عن اليهود في غزوة بني النضير (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا) [الحشر:11] إلى آخره، في سورة البقرة (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) [البقرة:8] ثم (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) [البقرة:40] ثم جاء الحديث عن اليهود ومخازيهم ومعايبهم إلى آخره فالحديث عن هاتين الطائفتين تجد أنه يرد كثيراً لماذا؟ لما بينهما من التشابه، فأشبه الناس ممن ينتسبون إلى الإسلام باليهود هم المنافقون لأنهم يعلمون الحق ولا يعملون به. ولذلك قال هنا بعدما ذكر المنافقين (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ) فيؤمنون بموسى ويكفرون بعيسى وبمحمد (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)) ثم بعدها بآية قال (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ) وهذه المسألة لليهود (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) طبعاً يأتي هنا سؤال ما هو التفريق بين الله ورسله؟ التفريق بين الله ورسله أن يؤمن الإنسان بالله ويكفر بالرسل، لا، لا يصح إيمانك بالله حتى تؤمن برسله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما يصنع اليهود والنصارى.

الشيخ محمد الخضيري: كما يصنع

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يكفرون بمحمد.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم، وكما يصنع الكفار عندما يؤمنون بالله ويكفرون بمحمد الذي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعدها (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) كذلك الذي يريدون التفريق بين الرسل هؤلاء ممن يكفر بالرسل جميعاً لأن من كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعاً فدعوة واحدٍ منهم كدعوتهم ولذلك قال الله في حق قوم نوح (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)) [الشعراء].

الشيخ مساعد الطيار: المرسل لهم نوح فقط.

الشيخ محمد الخضيري: مع أنهم أرسل لهم نوح ولم يرسل قبل نوح أحد.

الشيخ مساعد الطيار: هو أول الرسل.

الشيخ محمد الخضيري: قال العلماء: لأن تكذيب نوح يستلزم تكذيب جميع من جاء بعده من الرسل.

الشيخ مساعد الطيار: لأن جنس الرسالة واحد.

الشيخ محمد الخضيري: جنس الرسالة واحد فإذا كذّب واحداً كذب الجميع.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً من باب الفائدة طبعاً علماء السلف من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى المراد بهؤلاء هم اليهود والنصارى وقد يقول قائل اليهود واضح فما شأن النصارى؟ أيضاً ما يذكر في الغالب ليس دائماً لكن في الغالب ما يُذكر من الأوصاف التي لليهود فللنصارى فيها حظٌ فمثلاً -طبعاً هذا ينظر فيه إلى السياق- التفريق بين الرسل هل هو خصيصة لليهود؟ الجواب لا حتى النصارى وقع منهم التفريق بين الرسل فكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم فإذاً هم في الحقيقة تبعٌ لليهود في هذا المقام في هذا الوصف فصحّ أن يقال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) أنه يصدق على اليهود والنصارى وإن كان قد يكون أصالة وابتداء اليهود ألصق بهذا من النصارى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنهم كذّبوا عيسى وكذّبوا محمداً.

الشيخ مساعد الطيار: كذبوا محمداً وكذبوا عيسى عليهم الصلاة والسلام فأنا قصدي إنه يفهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذاً هذا هو معنى (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ).

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بمعنى يؤمنون به ويكفرون

الشيخ مساعد الطيار: برسله أو يؤمنون ببعض الرسل ويكفرون بالبعض الآخر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا أيضاً وضحه يقولون (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) هل المقصود نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعضهم أو نؤمن ببعض ما جاءوا به ونكفر ببعض؟

الشيخ مساعد الطيار: لا، نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم ولذا قال (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)) يعني كأنهم يريدون يتخذون طريقاً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وسط.

الشيخ مساعد الطيار: وسطاً لكنه طريق ضلالة وبدعة لأن الكفر بواحد منهم كفر بالجميع فإذا قال أنا أؤمن مثل ما ذكرنا في اللقاء السابق أحد علماء اليهود قال نؤمن بمن اتفقنا عليه ونترك ما اختلفنا فيه لما ألبَس على بعض المسلمين فلما قيل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني اتفقنا على موسى وعلى عيسى ولكن اختلفنا في.

الشيخ مساعد الطيار: لا، قال اتفقنا على موسى واختلفنا في عيسى وفي محمد ولا يتبع اليهودي فقال له العالم المسلم لعله الجوزي قال إن كان موسى الذي نزل في القرآن وجاء بالتوراة.

الشيخ محمد الخضيري: والذي بشّر بمحمد.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم والذي بشّر بمحمد وكان موسى آخر فهذا.

الشيخ محمد الخضيري: لا نؤمن به.

الشيخ مساعد الطيار: لا نؤمن به.

الشيخ محمد الخضيري: هذه الآية تعطينا عظمة الإسلام من جهة أن الإسلام القائم الآن هو الدين الوحيد الذي يؤمن بجميع الرسالات ويقدّس جميع الرسل ويحترم جميع الرسل وهذا فضل من الله علينا ما بيننا وأي رسول أي مشكلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أبداً.

الشيخ محمد الخضيري: إبراهيم، موسى، عيسى، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، الأسباط، إلى آخره من رسل الله وأنبيائه كلهم نحبهم، نقدرهم، نحترمهم، نغار عليهم، لا نرضى بأن يُنال من أعراضهم أن يُسبوا، أن يُشتموا، أن يُنتقص من حقوقهم ولا من أقدارهم ولذلك في أظن الدانمراك ظهر أحد المسيحيين أو أحد الدنماركيين فسب عيسى عليه السلام أول من خرج في المظاهرات هم المسلمون لأنهم يرون أن هذا انتقاص لقدر محمد صلى الله عليه وسلم ولقدر عيسى الذي هو رسول يجب أن تحفظ له كرامته وهو يجب الدفاع عنه ويجب حفظ جنابه واحترام حقه عليه الصلاة والسلام. جميع الملل الأخرى القائمة اليوم لا بد وأن تجد أنهم قد انتقصوا من جانب أحد من الرسل وعلى سبيل المثال الأمتين العظيمتين اليهود والنصارى، اليهود يكفرون بعيسى وبمحمد، النصارى يكفرون بمحمد عليه الصلاة والسلام وبذلك لا يرقى أحد أن يكون مثل أمة محمد أعدل الأمم وأوسطها وخيارها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا الالتفات أو هذه النقطة تراها تدعو كثيراً من المنصفين بل حتى من العامة من النصارى ومن اليهود إلى الدخول في الإسلام لأنهم يرون في احترام المسلمين الشديد للأنبياء ولمريم عليها الصلاة والسلام ولعيسى ولموسى يرون أن هذا هو العدل وهذا هو الإنصاف، ما داموا أنهم هم أنبياء وأنهم رسل أرسلهم الله سبحانه وتعالى عيسى وموسى ومحمد عليه الصلاة والسلام ولذلك هذه النقطة أذكر أحد الإخوان رئيس مركز إسلامي في أوروبا يقول هذه الفكرة عندما ظهر مشهد فيه إساءة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام قال فثارت المراكز الإسلامية وانتقدت هذا وصار فيه انتقاد شديد أكثر من انتقاد النصارى قال كان هذا فيه سبحان الله العظيم خير عظيم.

الشيخ محمد الخضيري: للمسلمين، للإسلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكثير من المسيحيين قال جاءوا إلى المراكز واستغربوا ما لكم ولعيسى وأنتم المسلمون؟! قالوا لهم موسى وعيسى أخوان ومحمد وأي انتقاص لعيسى كأنه انتقاص لمحمد عليه الصلاة والسلام. ثم أيضاً فوق ذلك يا دكتور محمد ليس فقط أننا نحترمهم بل هم شرط من شروط الإيمان.

الشيخ محمد الخضيري: لا يصح إيمان المؤمن إلا أن يؤمن بهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم لا بد أن يؤمن بهم.

الشيخ محمد الخضيري: ولو كفر بواحد منهم فهو كافر مهدور المال والدم عند المسلمين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.

الشيخ محمد الخضيري: شرط.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهو ركن من أركان الإيمان عند المسلمين. في قوله (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا) يعني (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) واضحة لكن لماذا قال (حَقًّا) يا شيخ محمد؟

الشيخ محمد الخضيري: أنا سأؤكد هذا، هذا أسلوب من أساليب الحصر الجملة الإسمية والإتيان بـ(هُمُ) ضمير الفصل الدال على التأكيد وعلى أن هذا الخبر خاص بهؤلاء وهو الكفر ثم الإتيان بالخبر مقروناً بالألف واللام أيضاً يدل على الحصر ثم التأكيد بـ (حَقًّا). يعني أن هذا هو الكفر الذي ليس بعده كفر وأن هذا هو الكفر الصُراح من أراد أن يفرّق بين الله ورسله ومن أراد أن يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعض هذه قضية لا خيار فيها ولا نقاش فيها ولا يجوز لأحد أن يجعل هذه القضية محل الاختلاف وإلا للرأي والرأي الآخر الاتجاه المعاكس أو غيرها من الكلمات التي يذوّب فيها الدين وتُموّع فيها العقيدة يقال لا، هذا خط أحمر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولاحظ حتى في التعبير في سورة البقرة في أولها عندما قال الله سبحانه وتعالى (الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣)) ثم قال (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)) فالمفسرون دائماً يقولون (أُولَئِكَ) هذا اسم إشارة

الشيخ مساعد الطيار: دال على البعد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الدال على البعيد وقد عبّر الله به هنا إشارة إلى علو مكانة المتقين والمؤمنين. هنا استخدمه الله قال (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا).

الشيخ محمد الخضيري: هذه أيضاً للبعد ولكن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فاستخدمه الله سبحانه وتعالى هذه الدلالة على بُعدهم عن الحق وإلى سوء ما فعلوه فقال (أُولَئِكَ) إشارة إلى هذا المعنى إلى بعدهم عن الحق. ثم قال (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا) يعني كأن ليس هناك كافر يستحق هذا الوصف إلا هؤلاء. ثم قال (وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)) وهذا يؤكد الكلام الذي سبق أن ذكرتموه يا شيخ محمد وهو ربط العقاب

الشيخ مساعد الطيار: بالعلّة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالعلة أو بالوصف.

الشيخ مساعد الطيار: الوصف علّة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قال (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) ولم يقل “وأعتدنا لهم” مع أنه سبق لو قال “وأعتدنا لهم” لكان واضحاً قال (وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) إشارة إلى أن سبب هذا العذاب المهين هو هذا الكفر الذي فعلوه. ثم لاحظ أيضاً في قوله (وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)) إهانة لماذا؟ لأن عدم إيمانهم ببعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيه لا مبالاة.

الشيخ مساعد الطيار: هي مهانة له.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفيه استهزاء، فكان عقابهم وعذابهم مهيناً من جنس فِعلهم وكُفرهم.

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً لو تأملتم في لفظة الكفر وردت (يكفرون) فعل مضارع إشارة إلى التجدد، يقولون نؤمن ونكفر ثم قال (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، (وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) فتكررت هذه اللفظة أربع مرات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنها هي مناط الحكم.

الشيخ مساعد الطيار: إيه للتنبيه على أن هذا نابع أصالة من عندهم، شيء متأصل فيه ولهذا هو وصفهم سبحانه وتعالى بالكفر قد يقول قائل أليست اليهودية والنصرانية ديانات سماوية؟ نقول اليهودية والنصرانية أديان محرفة وإلا فالدين هو الإسلام يعني الدين هو الإسلام واليهودية هو تحريف عن الإسلام الذي جاء به موسى والنصرانية تحريف عن الإسلام الذي جاء به عيسى عليهم الصلاة والسلام ولهذا يقول قتادة في هذه الآية يقول: فاتَخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وهذا يدل على أن قتادة كان يدرك ما يسمى بموضوع المِلل والنِحَل أن هذا ليس من دين الله. قال: وتركوا الإسلام هو الدين الذي بعث به رسله فإذاً الدين هو الإسلام لأنه بعض الناس يقول اليهودية أن الله نزل ولذا الله سبحانه وتعالى يقول (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا) [آل عمران:67] وهو قبل موسى وعيسى.

الشيخ مساعد الطيار: نعم. وفيها أمران في الجانب الأول جانب التاريخي أنه قبل موسى وعيسى فكيف ينسب إليهم وهو جاء قبلهم؟ الشيء الثاني أيضاً التنبيه على أنه كان مسلماً وأن دين هؤلاء أيضاً هو الأصل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الإسلام.

الشيخ مساعد الطيار: الإسلام إي نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا المعنى تصدق أنه فعلاً معنى غائب عن كثير من النصارى واليهود الآن أنهم يرون أن النصرانية وأنها أديان جديدة وأنها مختلفة تماماً عن الحنيفية علماً أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو كما يقال تُجمع على محبته كل الأديان فاليهود يدّعونه والنصارى يدّعونه والمسلمون يدّعونه والصحيح أنه نحن أولى به من هؤلاء لأنه دينه التوحيد وإبراهيم عليه الصلاة والسلام ما دعا إلى التوحيد ولا دعا إلى الشرك وإنما دعا إلى التوحيد وهذه دعوة الأنبياء جميعاً. لكن الديانة اليهودية الموجودة والنصرانية الموجودة محرّفة ولذلك أنا أكرر هذا دائماً نحن نعيش نحن المسلمون -أو نحن المسلمين منصوبة على الاختصاص- نحن المسلمين نشعر بطمأنينة وثقة في القرآن وفي السُنّة ليست عند اليهود وعند النصارى.

الشيخ محمد الخضيري: الحمد لله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اليهود والنصارى يعيشون اضطراب، حيرة، شك، بكل معنى الكلمة، القساوسة بالعكس كلما ازداد علم الواحد منهم علماً زاد شكّاً واضطراباً حتى يُفضي به إلى أحد أمرين إما يُلحِد وإما يُسلِم.

الشيخ محمد الخضيري: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نحن المسلمون ولله الحمد كل ما تعمق الباحث وطالب العلم في الإسلام ازداد طمأنينة ويقيناً بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق هذا القرآن وأن دعوة الأنبياء واحدة وليس هناك اضطراب وليس هناك تناقض أبداً وهذه نعمة يجب أننا نستشعرها ونُشعِر بها الناس. وفي نفس الوقت أيضاً ينبغي أننا نعطف على هؤلاء اليهود والنصارى في دعوتهم يعني البعض أحياناً ينظر لليهود والنصارى نظرة عدائية على طول الخط تراهم محرومين مساكين، محرومين من هذه الطمأنينة محرومين من هذه الثقة التي نشعر بها نحن ولذلك اسمع واقرأ بعض المستشرقين حتى بعض الحاقدين منهم تجد أن فيه هذا الشعور، الشعور بالحقد الشديد ولذلك تلاحظ كيف يكتب بعض المستشرقين لأنه يرى القرآن الكريم حظيَ بعناية وبتدقيق ولذلك كثير من المستشرقين يقول هذا هو الكتاب الوحيد الذي سلِم من التحريف.

الشيخ محمد الخضيري: لا إله إلا الله!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقولها غصباً عنه لأن الأدلة تثبت هذا وإلا هو ما يريد إنه يشهد للقرآن بهذه الشهادة.

الشيخ محمد الخضيري: وعلى ذكر هذه الثقة يا أبا عبد الله تذكر قصة لفتاة نصرانية كانت مستمسكة تماماً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما رأيك ندعها بعد الفاصل؟

الشيخ محمد الخضيري: بعد الفاصل، فاصل ونواصل.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى بعد هذا الفاصل وكنا توقفنا يا شيخ محمد عند قصة الفتاة التي أردت أن تذكرها لنا فما هي هذه القصة؟

الشيخ محمد الخضيري: هذه فتاة كانت نصرانية متعصّبة لدينها وأخذت نسخة من القرآن، هي مترجمة، من أجل أن تبحث عن بعض الثغرات التي تدخل منها إلى تشكيك المسلمين في دينهم فكان مما أعجبها في القرآن في أوله مما لم تشاهده في كتاب آخر مر بها في حياتها قول الله عز وجل في أول سورة البقرة لاحظ ما زالت الآن في هذا الكتاب (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ) تقول أصابني دهشة وهول عظيم، مَنْ هذا الذي يستطيع أن يقول هذا كتابي ليس فيه أدنى شك، ليس فيه أدنى ريب، ليس فيه مدخل لأحد يريد أن ينال منه أو ثغرة يستطيع أن يشكّك فيه، أتحداك من أول لحظة. تقول اعتدت أن أقرأ في مقدمات الكتب هذا جهدي إن أصبت وإن أخطأت والحقيقة حاولت وقد تجد بعض الثغرات سامحني هذا ايميلي هذا جوالي هذا تلفوني بادرني بالأخطاء وهذا يقول بكل ثقة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تحدّي.

الشيخ محمد الخضيري: تحدّي. تقول هذه الروعة وهذا الهول جعلني أذهل وكانت بداية التحول من هذه الآية. فأقول يا إخواني هذا خير كبير لنا مثل ما ذكرت يا دكتور عبد الرحمن في أننا نقرأ كتاب لم يشب ليس فيه ريب لا نشك في حرف ولا في كلمة فيه قاعدة فيه حقيقة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أبداً.

الشيخ محمد الخضيري: في أي معلومة تأتي من هذا القرآن مسلمة لأنها ممن خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)) [الملك].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فيه عندي فكرة يا مشايخ أريد أني أطرحها وهي فكرة تعرفون نحن الآن عندما نتكلم في تاريخ القرآن ونتكلم في الروايات الإسرائيلية على سبيل المثال يا دكتور مساعد. طبعاً الروايات الإسرائيلية راجت أو بدأت تظهر عن طريق من؟ عن طريق أناس كانوا علماء أو طلاب علم في اليهودية أو النصرانية أليس كذلك؟ ثم دخلوا في الإسلام مثل كعب الأحبار مثلاً مثل عبد الله بن سلام رضي الله عنه مثل وهب بن المنبه هؤلاء كان عبد الله بن سلام كان من علماء اليهود صح؟

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم أسلم. هل تقيس عبد الله بن سلام بمثلاً عبد الله بن مسعود؟ عبد الله بن مسعود أصلاً كان شاباً صغيراً وعلى الشرك يعني في هُذيل في مكة قبل الإسلام فما كان عنده أي لا كان عنده كتاب سماوي ولا كان معتقدات سابقة صح وإلا لا؟ فمجرد أنه دخل في الإسلام بدأ على طول يتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم الوحي لكن هذا لا، هذا عنده كتاب عنده التوراة يعرفها ويعرف التوراة والإنجيل أليس كذلك؟ فرجل مثقف يعتبر فلما دخل في الإسلام يعني كلما تعلم شيئاً من الإسلام بدأ يقيسه بماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: بما كان عنده.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بما كان عنده من الكتاب. هذا التشريع كان عندنا اليهودية والله هذا عندنا لكن بشكل مختلف والله هذا ما كان عندنا صح وإلا لا؟ وهذا شيء طبيعي الآن هذا مثال الآن هناك أناس يدخلون في الإسلام اليوم الآن اختلفت الأمور أصبح الناس يقرؤون ومثقفين وعندهم خلفيات يأتيك واحد مثلاً طبيب غربي يدخل في الإسلام هل تتوقع أن أسئلة هذا الرجل كأسئلة أي واحد عاميّ من أفريقيا مثلاً كان وثيناً ثم دخل في الإسلام؟

الشيخ مساعد الطيار: قطعاً لا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأسئلة تختلف. ولذلك أنا قرأت مقالة طويلة لواحد كان قسيساً نصرانياً ثم دخل في الإسلام والله قرأت له مقالة يا إخواني يعني لفت النظر فيها في أشياء في القرآن الكريم نحن المسلمون ما ننتبه لها. يعني مثلاً أنت الآن عندما تقرأ القرآن الكريم فتجد ذكر موسى وعيسى ومريم وآل عمران بالنسبة لنا نحن تعودنا على هذا ما يلفت نظرنا لكن عندما هو نصراني كان الروح والقدس والأب والابن كلام طويل هذا الذي عند النصارى ثم يدخل يقرأ القرآن الكريم فيجد زاوية مختلفة يلفت نظره ما تفضلت هذا التحدّي الذي في أول القرآن صح وإلا لا؟ رجل هو يقرأ دائماً يقرأ دائماً المؤلفين يذكرون صفحة خاصة يشكرون فيها الذين ساعدهم في تأليف الكتاب ومراجعة وتصحيح الأخطاء وطلب الملحوظات إلى آخره وهذه تعتبر من مزايا المؤلف العاقل

الشيخ محمد الخضيري: إبداء ضعفه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من إبداء ضعفه هذا إنسان عاقل لأنه يريد أنه يكمل نقصه بما عند الآخرين من الملحوظات فيفاجئ بهذا الكتاب ثم في الترجمة ما تأتي (ذَلِكَ الْكِتَابُ) إنما تأتي (this book) يعني هذا الكتاب فيفهما مباشرة أن المقصود القرآن لكن لو تأتي أنت الآن (ذَلِكَ الْكِتَابُ) فيه إشارة إلى شيء بعيد فتحتاج أنك تأتي تقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ) أي المقصود به هذا الكتاب لكنه عبر باسم الإشارة البعيد إشارة إلى علو مكانته إلى آخره فتقع في نفسه مباشرة هذه الملحوظة وهذه الملحوظة بالمناسبة التي ذكرتها الفتاة هذه تراها موجودة عند كثير من الذين دخلوا في الإسلام بهذا السبب. يعني بالعادة أن الواحد يبدأ كتابه بالاعتذار هذا من أول القرآن يقول أتحداكم هذا الكتاب حقٌ لا باطل فيه هذه ملفتة للنظر. فأنا أقصد أننا نراعي هذا فيه عندما نقرأ لبعض الغربيين الآن أسئلة أو مقالات حتى واحد والله اقترح علي مقترحاً عجباً قال أنا عند اقتراح لكم في مركز تفسير قلت ما هو؟ قال أنا عندي اقتراح إنكم تتعاقدون مع مثلاً عشرة من اليهود والنصارى والمفكرين الموجودين في هذه الديانات وتطلب منه إنه يقرأ القرآن الكريم ويعطيك ملحوظاته وماذا يرى هو؟

الشيخ مساعد الطيار: انطباعاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انطباعاته عن هذا الكتاب حتى تستفيد منها أنك كيف أنك تبلِّغ القرآن الكريم لهذه الفئة.

الشيخ محمد الخضيري: من الزاوية التي يرون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من الزاوية التي يرونها هم والله أعجبتني الفكرة كيف أننا نحن نفكر “لا تمكّن يهودي ولا نصراني” طبعاً هو يقصد إنك تعطيه باللغة الانجليزية مثلاً بدون نص القرآن لكن فعلاً الفكرة التي أريد أن أشير إليها هي قضية الزاوية التي ينظر منها هؤلاء إلى القرآن الكريم نحن أننا نشأنا على التوحيد ونشأنا ولله الحمد على تعظيم القرآن والإيمان به ما نفكر بهذه الطريقة لكن لما يأتي يهودي نشأ في اليهودية ثم ينظر يختلف نظرته إذا كان مثقفاً عالماً وباحثاً ستكون أيضاً ملاحظاته وأسئلته مختلفة عن أسئلة العامي الذي لا يعرف شيئاً عن هذه.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا يجر إلى أيضاً قضية أخرى يا أبا عبد الله وهي سؤال لهؤلاء الذين دخلوا في الإسلام أو الذين قرأوا القرآن وأُعجبوا به هل من ثقافتهم ومن لغاتهم ومن الكتب التي قرأوها وتعلّموها يجدون فرقاً بين أسلوب القرآن في عرض الموضوعات أو عرض القصص والأخبار والبداية والنهاية والتقديم للشيء ومقارنة شيء بشيء أو قرن شيء بشيء هل هذا الأسلوب يعني مستغرب لديهم؟ سائغ؟ غير سائغ؟ لأنه يقول لي أحدهم قال وجدنا بعض الغربيين يستغرب من الطريقة التي وضِع عليها كتاب الله عز وجل من حيث ترتيب الموضوعات والدخول من موضوع إلى موضوع لأن مثلاً العادة في أيّ كتاب إنك تجد باب كامل في قضية معينة تُبحث من جميع جوانبها لكن أن يذكر الصوم والصلاة والطلاق والعدّة والجهاد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مع بعض.

الشيخ محمد الخضيري: بطريقة معينة ثم يُنتقل بعد ذلك إلى قصة، يقول لو أن هذا دُرِس وعُرِف ما الفرق بينه وبين ما يفعله البشر في مؤلفاتهم هناك فرق واضح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً، طبعاً.

الشيخ مساعد الطيار: لا شك.

الشيخ محمد الخضيري: حتى المسلمين ما فيه أحد من المسلمين يكتب بالطريقة القرآنية.

الشيخ مساعد الطيار: لا شك.

الشيخ محمد الخضيري: لماذا هذا الفرق؟ لماذا ربنا سبحانه وتعالى جعل هذا الكتاب على هذا النحو؟ ما هو سر ذلك؟ ما هو سره في النفس الإنسانية؟ هل يمكن للبشر أن يعرفوا السر فيحذوا حذوه في التأثير على الناس في الدعوة إلى الإسلام أو الدعوة إلى كتاب الله أو إلى شرع الله عز وجل؟ ثم سألني أحد الإخوة وهو يطرح عليّ هذا المقترح قال نريد نسأل أيضاً تاريخياً هل وقع أنه أحد من العرب اعترض على القرآن في طريقة عرضه للموضوعات قلت والله أنا شخصياً لا أعرف لكن هذه تحتاج إلى أحد يتتبعها ويسبرها في التاريخ هل من العرب من اعترض على القرآن كيف تأتي بآية بواحدة في قضيتين مختلفتين؟.

الشيخ مساعد الطيار: لا ما فيه.

الشيخ محمد الخضيري: وهل كان هذا الأسلوب سائغاً لديهم؟ هل كان هذا الأسلوب مستعملاً لديهم؟ وإذا لم يكن مستعملاً لماذا لم ينكروه؟ وإذا كان مستعملاً أين هو في الشاهد؟ فأنا أقصد من هذا يا أبا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا أجيبك عن هذا أو عن بعضه. الآن هذا الحقيقة السؤال رائع وسؤال دقيق فعلاً أولاً أنا اهتميت بهذا الموضوع في دراسة الإعجاز وجه الإعجاز حقيقة إعجاز القرآن الكريم يعني وجه الإعجاز ما هو وجه الإعجاز في القرآن الكريم؟ هل هو بلاغة الألفاظ؟ أم هو الأسلوب نفسه والتريب إنه يمزج كما تفضلت؟ الحقيقة القرآن الكريم في ألفاظه لا نظير له ولكنه لم يستخدم لفظة إلا والعرب تستخدمها وتعرفها لأنهما ما كانوا سيفهمونها لو كان جاء بكلام جديد. أما التركيب فلا شك أن القرآن الكريم قد جاء على منهج لم تعرفه العرب لا هو مثل الشعر ولا هو مثل الخُطَب ولا هو نثر ولكن في نفس الوقت يفهمونه وذهلوا من هذه الطريقة لأنها كانت طريقة رأوا أنها أسمى ما يمكن أن يتحدث به العرب ولذلك لم يرِد عن أحد منهم وأنا تتبعت هذا وقرأت في كتب الإعجاز، كتب السيرة، ما وجدت أحد منهم اعترض وقال وهذا لو كان وقع هذا لكان هذا مطعن قوي في القرآن.

الشيخ مساعد الطيار: جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لو جاء مثلاً ولذلك شعيب عندما قال له قومه (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ) [هود:٩١] صح هذه مشكلة لأنك إذا كنت ما تفهم كلامه هذه مشكلة. الرسول صلى الله عليه وسلم بالرغم من أنه اتهموه إنه كذاب وأنه ساحر حاشاه عليه الصلاة والسلام وأنه كاهن وأنه شاعر ما أحد منهم قال له والله الكلام هذا الذي جئت به ما فهمناه! أبداً. ولذلك جاء بعض المستشرقين وهذا تأكيد لكلامك جاء جون لابوم الذي كتب كتاب التفصيل في موضوعات القرآن الكريم كان عنده وجهة النظر هذه القرآن الكريم ما هو منظم ملخبط أنا أرتبه أضع الآيات التي تكلمت عن الزكاة مع بعض والآيات التي تكلمت عن الصوم مع بعض والآيات التي تكلمت عن المواريث مع بعض هذا سبب فكرة الكتاب ولذلك الشيخ مصطفى مسلم قام عليه بحملة شعواء وقال إن فكرة جون لابوم في تفصيل الموضوعات في القرآن الكريم كان الهدف منه إعادة ترتيب القرآن ترتيب موضوعي.

الشيخ محمد الخضيري: ولكنها طبعاً

الشيخ مساعد الطيار: ليكون بديلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليكون بديل.

الشيخ مساعد الطيار: اعتنى به لكن عموماً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن هو تستفيد منه الآن.

الشيخ مساعد الطيار: لا أقصد عودة للموضوع الذي ذكرته في قضية عدم اعتراض الكفار طبعاً هذا الظاهر جداً لأنه لو اعترض لظهر لكن انظر مثلاً سورة النجم على سبيل المثال قُرئت أمام الكفار كاملة وذكر بها خبر المعراج (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩)) ثم تتابع الخبر إلى (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (٣٤)) موضوعات متنوعة ومع ذلك أذعن الكفار له وسجدوا لو كانت على طريقة البشر فالبشر عندهم منطق معين هذا المنطق المعين عند البشر أن يجمعوا النظير إلى نظيره ويتحدثوا فيه في مكان واحد هذا الغالب وهذا الأكثرية. ولو أنت على سبيل المثال ذكرت قصة حياتك وعملت بها بعض التعديلات لانبهر القارئ لو قلت مثلاً على سبيل المثال مثلاً هاأنا ذا في سن العشرين بدأت تتكلم كأي رواية من الروايات هاأنا ذا في سن العشرين أقف أمام المكتبة لانتخب أول كتاب في حياتي ثم انطلقت من هذا كثير من الناس يعجب بهذه البداية لأنها ليست على النمط السائد من الولادة إلى الحياة وكذا ولكنها ليست مخالِفة يعني معروفة فإذاً الأسلوب، النظم هذا ليس فيه أي مشكلة وإن كان يخالف طريقتهم الترتيب طريقتهم في العرض.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى كلامك يا دكتور محمد في قضية طبعاً جرّنا الحديث في قوله (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)) أن العرب عندما نزل عليهم القرآن الكريم صحيح أن هذا الأسلوب لم يألفوه في النظم، في الألفاظ، في البلاغة، ثم أمر آخر هو من أسوار الإعجاز الحقيقة أن القرآن الكريم تكلم بشيء لم يعرفه العرب ولا يمكن إنهم يعرفونه تكلم عن اليوم الآخر تكلم عن دخائل النفوس تكلم عن التاريخ الماضي الذي لا يعرفونه يعني الآن لو جئت إلى شعر العرب كله ما وجدت أحد يتكلم عن الجنة وعن النار وعن تفاصيلها.

الشيخ مساعد الطيار: ولا عن عاد ولا ثمود.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا يمكن، الوصف (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) [فاطر:2] وقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ) [فاطر:41] هذه ما تجدها في شعر العرب أبداً هذا كلام جديد. لكن الفكرة قضية التنويع إنه يبدأ بشيء ثم هذا أسلوب العرب.

الشيخ مساعد الطيار: هذا الانتقال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى في قصائد الجاهلية فيها نفس الفكرة تجده يبدأ بالمديح ثم يرجع إلى الوصف ثم يبدأ يتكلم بالمديح ثم الوصف فالمزج هذا كان مألوفاً لم يأتي التنظيم الموجود الذي ذكرتموه في قضية التصنيف الموضوعي إلا عند المتأخرين ولذلك المستشرقون بعضهم من حماقته طبعاً يقول القصيدة هذه قصيدة زهير غير مرتبة واقترح لها ترتيباً مختلفاً ولذلك أعجبني الدكتور محمد محمد أبو موسى قال هذا الذي يرونه أنه ليس من الترتيب هو غاية الإحكام. نحن الآن عندما نتحدث عن القرآن الكريم وكيف أنه جاء بآيات الأمر بالصلاة الوسطى في وسط آيات الطلاق ما الذي أتى بها هنا؟ نفس الفكرة في قصائد الجاهليين مجيء الأبيات المديح ولذلك أعجبني في كلمة قالها قال: هذه الأبيات التي في المقدمة ألصق بالمديح مع أنها في الغزل قال هذه أدل على المديح من أبيات المديح الصريح لأن التحدي هو ليس أنك تأتي وتمدح مباشرة التحدي إنك تبدع في المديح حتى وأنت تتغزل أنت تمدح وهو هنا الإبداع وهذا التميز. ولذلك هذه النزعة تقسيم الموضوعات وكذا تراها جديدة وكانت مألوفة عند العرب ومعروفة ولذلك حتى الجاحظ في كتابه “البيان والتبيان” كان مزج فيه الجد بالهزل وينتقل من قصة إلى قصة وقال وهذا يذهب السآمة ويذهب الملل عن رؤوس الناس. والحقيقة هذه الفكرة فكرة رائعة جداً فكرة البحث عن سر إعجاز القرآن الكريم وممتعة جداً ولكنها لا تظهر لك إلا كل ما تعمقت في شعر العرب وفي لغة العرب وكيف كانوا يبينون عن المعاني التي يريدون أن يتحدثوا عنها والنبي صلى الله عليه وسلم كيف سار على هذا المنهج وبزّ كل من سبقه ولذلك كان العرب يعجبون من فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم تلاحظ الآن ونحن نقرأ القرآن الكريم ونقرأ السنة كيف الفرق بين القرآن وبين السنة أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: واضح جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: القرآن مختلف تماماً عن السُنّة وبالرغم من ذلك السنة أفصح من كل كلام العرب ولكن القرآن شيء مختلف تماماً. بقي معنا نصف دقيقة يا شيخ محمد اختم الحلقة بها.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً دائماً نذكّر الناس بكفارة المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. هذه تقال في كل مجلس سواء مجلس ذكر أو مجلس لغو فنحن نقول لإخواننا في ختام هذا المجلس سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.