برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 9- تأملات في سورة النساء آية 151-152

اسلاميات

بينات – رمضان 1433 هـ

الحلقة 9

الآيات 151 – 152

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم بينات وصلنا في سورة النساء عند قول الله سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا) وهو يعدّد صفات اليهود والنصارى (الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ) وتوقفنا يا مشايخ عند قول الله سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)). ثم ننتقل في هذه الجلسة المباركة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها عوناً لنا على فهم كتابه وأن يجعلها نافعة لنا وللإخوة المشاهدين الكرام يقول الله سبحانه وتعالى -وهذه ملفتة للنظر وسبق أننا كررناها في مجلسنا هذا- أن الله يذكر المؤمنين فيذكر الكافرين، يذكر الكافرين فيذكر المؤمنين، يذكر الجنة فيذكر النار، يذكر النار فيذكر الجنة، وهذه أشبه ما تكون بثنائيات في القرآن الكريم يذكر صنف ثم يذكر الصنف المقابل

الشيخ مساعد الطيار: المقابل له.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهنا بعد أن ذكر المنافقين وذكر الكافرين جاء فذكر المؤمنين بعد أن ذكر الله قال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا) ثم يقول هنا (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)) ما دلالة هذا الاقتران يا شيخ محمد أو هذه الثنائية.

الشيخ محمد الخضيري: أولاً هذا لا شك أنه من أفضل ما يستعمل لإيضاح الحق أن توضح الحق أو توضح الشيء ثم تذكر نديده لأن هذا يوضح الشيء من جميع جوانبه ولو ذكرت الشيء وحده.

الشيخ مساعد الطيار: وبضدها تتميز الأشياء.

الشيخ محمد الخضيري: وبضدها تتميز الأشياء فإذا ذكرت الشيء وبينته ولكن لم تذكر نديده لم يعرف الناس ما هو هذا الضد أو لن يتبين لهم الحق من الوجه الآخر فكان هذا فيه من إبانة الحق ما يجعل السامع في غاية الظهور والوضوح للحقيقة التي يُدعى إليها ولذلك يذكر الله عز وجل الكفر وحقيقته، يذكر النفاق ثم يذكر بعده الإيمان. لاحظ هذا في سورة البقرة في أولها لما قال الله عز وجل (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (٢)) فصّل فقال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)) ثم يذكر الكفار.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذين كفروا.

الشيخ محمد الخضيري: الذين يقابلونهم قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)) ثم يذكر الصنف الذي بين الصنفين (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (٨)). لكن هنا يأتي سؤال آخر وهو لماذا يطيل في أحد الصنفين في موطن ويختصر في الصنف الثاني؟

الشيخ مساعد الطيار: حسب السياق.

الشيخ محمد الخضيري: حسب السياق والموطن. قد يكون الموطن هنا مناسباً للحديث عن هؤلاء الكفار للتفصيل في أحوالهم وأوصافهم وأخبارهم وشؤونهم وذمّهم والإزراء عليهم فيؤتى بالصنف الآخر ليُميّز منهجهم إجمالاً لأن التفصيل السابق أغنى، فلا داعي للتفصيل في الصنف الآخر وإنما يذكر فقط لمجرد بيان المقابل والضدّ والنديد ولذلك هنا لما فصّل في حال المنافقين ثم فصّل في حال الكافرين لما جاء إلى حال المؤمنين بخلاف سورة البقرة فصّل وهنا أجمل في حال الكافرين هنا أجمل في حال المؤمنين لأن المقصود هو التمييز فقط وقد بان خبر أولئك بما ذكر من أحوالهم وأوصافهم قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عفواً يا دكتور لاحظ الفكرة أنه لم يقل (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) واكتفى ولكن نصّ على قضية عدم التفريق بين الله ورسله.

الشيخ مساعد الطيار: لأنها مقصودة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه تذكرون وأنا أذكر زمان في أول ما بدأنا في بينات كنا توقفنا عند قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) [البقرة:253] وقلنا إن هذا حق خاص بالله يفضل بين الأنبياء والرسل وأنه ليس لك أنت أن تأتي تفضل بين الأنبياء والرسل حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (لا نفرق بين أحد من رسله).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه لفتة مهمة.

الشيخ مساعد الطيار: فيه لو ربطنا الآيتين طبعاً (وَالَّذِينَ آمَنُوا) معطوفة واضح على قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) وهذه من مواطن الوصل وطبعاً في القرآن يأتي مواطن فصل (إن الذين آمنوا) مثل (وَإِنَّ الْفُجَّارَ) [الانفطار:14] ثم يجيء (إِنَّ الْأَبْرَارَ) [الانفطار:13] هذا موطن فصل لم يقل “وإن الأبرار” وهذه من مواطن البلاغة وبل بعض علماء البلاغة يقولون البلاغة الوصل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والفصل.

الشيخ مساعد الطيار: والفصل، والفصل من دقائق علم البلاغة لأنك لو بحثت عن العلل والمناسبات في مواطن الوصل والفصل فإنك تقف أمام بحر من المعلومات وأنت بحاجة إلى قلم سيّال لإبراز معاني الوصل والفصل. فهنا لو تأملنا الفرق في الكفار قال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) فجاء بالفعل الدالّ على ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التجدد.

الشيخ مساعد الطيار: الحدوث والتجدد ولكن لما جاء عند الإيمان قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا) كأنه قد استقرّ في قلوبهم الإيمان وتجذّر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فعبّر بالماضي.

الشيخ مساعد الطيار: فعبّر بالماضي (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) وهناك قال (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) نفس المقطع، هناك ذكر أنهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يفرقون بين الأنبياء.

الشيخ مساعد الطيار: بين الأنبياء وأطرد هنا قال (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) يعني ما دام لم يفرقوا بين أحد منهم من باب أولى لم يفرقوا بينهم وبين الله سبحانه وتعالى لأنهم آمنوا فما احتاج أن يقول “ولم يفرقوا بين الله ورسله” لماذا؟ لأنه آمنوا بالله ورسله انتهى ودخل في هذا لكن هناك احتاج إلى التفصيل للتنبيه على أن سبب التفريق بين الرسل هو التفريق بين الله ورسله يعني هناك علاقة بين الاثنين.

الشيخ محمد الخضيري: وأيضاً يا أبا عبد الملك أن الإنسان قد يكفر بكفره بالله أو بتفريقه بين الله ورسله. أو بتفريقه بين الرسل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كلها موجبة للكفر.

الشيخ مساعد الطيار: كلها نعم.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك نص عليها أما المؤمنون قال (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) انتهى من (كلمة غير واضحة) لما آمنوا بالله آمنوا بالله لما آمنوا بالرسل خلاص ما صار فيه أصلاً تفريق.

الشيخ مساعد الطيار: (كلمة غير واضحة).

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم، ثم نص على التفريق بين الرسل قال (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أقول يلفت النظر في القرآن الكريم سبحان الله مسألة العقائد والتركيز عليها يعني تلاحظ الآن أن الله سبحانه وتعالى جعل المصير، المصير في الدنيا عفواً الحكم في الدنيا والمصير في الآخرة مرتبط بأمور إيمانية الإيمان بالله سبحانه وتعالى إيمان بالقلب أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وتوحيد. الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنت الآن ممكن تجلس مع واحد كافر يكفر بالله واليوم الآخر وتعيش معه يأكل كما تأكل ويشرب كما تشرب وربما يعمل وظيفة كما تعمل مهندس كبير ولكنه يكفر بالله ورسوله يخلد في النار بسبب كفره هذا مع أنه ولذلك الآن كثير من الذين يكتبون يهوّنون من شأن العقائد ويرون أن المسألة مسألة التعامل حضاري كما يسمونه إنك تتعامل مع الناس حضارياً وأنت ما لك وعقيدته ما عليك من دينه ما عليك منه؟ الله سبحانه وتعالى رتب الجنة والنار على الإيمان به والإيمان برسله وعدم التفريق بينهم وهذه كلها قضايا لو فكرت فيها يعني المسألة سهلة عندك.

الشيخ مساعد الطيار: وهي واضحة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني الآن كونك تؤمن بالله وتؤمن بعيسى وموسى ما الذي يترتب عليها من عمل بالنسبة لك في يومك وليلتك غير إنك تؤمن بالله تصلي وتزكي؟.

الشيخ مساعد الطيار: هذا اعتقاد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اعتقاد أليس كذلك؟ ولكنه هو المصير مرتبط به.

الشيخ مساعد الطيار: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك أعجبني كلام لابن القيم رحمه الله في مقدمة زاد المعاد عندما قال أن الله سبحانه وتعالى قد أقام يوم الحساب من أجل لا إله إلا الله، من يؤمن بها وبما يترتب عليها له جزاء وله مصير وله حساب مختلف ومن يكفر بها وبما يترتب عليها له جزاء مختلف. أقام الجنة وأقام النار من أجلها ثم تجد من يهوّن من أجلها. ولذلك أنا ذكرت لأحد الباحثين قلت الآن القرآن الكريم له مقاصد أُنزل من أجلها لو أتيت الآن تتبعت الموضوعات التي تتحدث عن القرآن الكريم تجد ما يزيد عن الثلث ربما أكثر من الثلث ركزت على التوحيد لله سبحانه وتعالى أنه مقصد من أعظم مقاصد القرآن الكريم قضية توحيد الله سبحانه وتعالى.

الشيخ مساعد الطيار: نعم صحيح التمييز بين الخالق والمخلوق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم أو دعوات حتى قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تدور حول.

الشيخ محمد الخضيري: الغاية فيها العبودية لله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: العبودية وتوحيد الله سبحانه وتعالى ولذلك عندما نركز عليها في حديثنا أو في محاضراتنا أو في كتبنا أو في مقالاتنا أنت تركز على شيء ركز الله عليه وأنت غير ملوم عندما تركز عليه وعندما تكرره في كلامك لأن الله كرره في كلامه كثيراً.

الشيخ محمد الخضيري: يستتبع هذا كلاماً آخر كنت أريد أن أتحدث عنه في الحلقة الماضية وهو الآن في الآيات السابقة لما ذكر فعل الكفر أربع مرات في آيتين هذا يبين أن قضية ما يشنع عليه الآن في وسائل الإعلام التكفير و

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الإقصاء.

الشيخ محمد الخضيري: للآخر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والتطرف.

الشيخ محمد الخضيري: وإنه أي إنسان يتكلم بلفظة التكفير إنه مُقصي نقول نحن أما هذه اللفظة يجب أن نضبط الأمر بضوابط الشرع هل المسلم يكفِّر؟ نعم يكفر لكن من كفّره الله ورسوله من حكم الله عليه في كتابه ومن حكم عليه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته أنه كافر نعم نكفّره وندين الله عز وجل بذلك ولا نبالي. ونقول إن هناك تكفير وهناك كفر أما أن نعبث بهذه اللفظة فنطلقها على كل أحد ونغلو فيها ونتطرف ونلقيها هكذا على عواهنها لكل من يخالفنا في الرأي أو في الاجتهاد في أي مسألة هذا لا يجوز، عندنا ضوابط وقواعد متينة وأصيلة وأيضاً عندنا أمور لا بد أن نراعيها في قضية التفريق بين الكفر والكافر أو بين الكفر والتكفير هذه لا بد من مراعاتها أم هل في الإسلام تكفير؟ اِسمع يا أخي (الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) ما قال للآخرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بل حتى أصرح من ذلك في قوله (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) [المائدة:73] والذين يقولون بذلك هم النصارى ولذلك وجدت بعضهم يقول ما يجوز أن تقول عن النصارى كفار أقول له ما نقول لهم؟ قال يعني هؤلاء أهل الكتاب قلت صح الله سبحانه سماهم أهل الكتاب ولكنه أيضاً كفرهم وقال (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) [المائدة:73] فنحن أحياناً مع كثرة سماعنا للرأي الآخر والحوار وإنك تكون منفتح زودناها قليلاً يعني نحن ضد أن تطلق التكفير على المسلم تكفير المسلم كقتله وهذا محرّم ولا يجوز ولا ينبغي أن تُطلق لفظة الكفر.

الشيخ محمد الخضيري: ولا يخوّل بذلك إلا العلماء الراسخون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن أيضاً أننا نبالغ حتى أنك لا تريد أنك تسمي النصراني كافراً ولا تسمي اليهودي كافراً.

الشيخ محمد الخضيري: هذا تطرف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا تطرف في الجانب الآخر الله سبحانه وتعالى كفّرهم. دين خذها قاعدة عندك أيضاً دين ليس فيه تكفير ليس بدين.

الشيخ محمد الخضيري: ليس بدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا مثل ما يقولون المثل المصري وكالة من غير بواب ما تدري من الذي دخل

الشيخ محمد الخضيري: ومن الذي خرج.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا كان ما عندك تكفير أجل ما الإيمان إذن؟ كيف أحكم أن هذا دخل ما دام إن ما فيه عندي ضوابط إنه خرج من الدين حتى النصرانية فيها تكفير.

الشيخ محمد الخضيري: فيها تكفير نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: واليهودية فيها تكفير ولو لم يكن فيها تكفير ما كانت ديناً.

الشيخ مساعد الطيار: صحيح.

الشيخ محمد الخضيري: هذه مهمة والله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً لكن نقول كما تفضلت هناك التكفير الله سبحانه وتعالى حكم بالكفر على أناس على اليهود وعلى النصارى لأنهم اتصفوا بصفات الكفر يكفرون بالله ويكفرون برسله، ما تريد إني أصفهم بالكفر أيضاً؟!

الشيخ محمد الخضيري: وصفهم الله بذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم وهذا هو العدل.

الشيخ محمد الخضيري: العجيب يا أبا عبد الله قلّ أن تجد إنساناً يغلو في مسألة إلا ويبتلى فيها هي يعني مثلاً الذي تجده يقول يا جماعة ترى ما فيه إقصاء للآخر وكذا تجده أعظم الناس إقصاء في مسائل ولذلك تجده والعياذ بالله يتعامل مع الآخرين في المسائل التي هو يريد إقرارها معاملة المُقصي التام فيفسد ما هو يريد إثباته للناس لكن لأنه لا يؤمن بهذه الأشياء التي يؤمن بها هؤلاء فهو يحاول أن يعبث عليهم ويدور عليهم بقضية لا تقصي لا تصلح. انظر مثلاً لو تتحدث عن أنك لا تؤمن بالحرية كيف سيثورون عليك؟ لا تقصي لا تتحدث عن أي قضية من القضايا الوطنية مثلاً ومثلاً تتكلم فيها بضوابط تجدهم يثورون عليك ثورة شديدة أين الإقصاء الذي كنت تتحدث عنه؟!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1)) [المطففين].

الشيخ محمد الخضيري: وهذا من التطفيف.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقال لهم (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1)) ولذلك سبحان الله قال (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ) [المؤمنون:71] لأنهم فعلاً هؤلاء.

الشيخ مساعد الطيار: أصحاب أهواء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أصحاب أهواء هم الحقيقة لا يتبعون منهجاً يتبعون الهوى!.

الشيخ مساعد الطيار: لاحظ قوله (أُولَئِكَ) وهناك أيضاً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا).

الشيخ مساعد الطيار: نعم وهنا قال (أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)) طبعاً الآية هنا واضح منها في قوله (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)) إشارة إلى أمر قد يكون وقع في شيء من النقص فهؤلاء الآن الله سبحانه وتعالى قال (سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) وما وقع من نقص فإن الله سبحانه وتعالى سيعفو عنهم سيغفر لهم ويرحمهم وهذا من تمام منة الله سبحانه وتعالى على عباده وأن المؤمن مهما عمل فإنه لا يزال في نقص فتأتيه المغفرة والرحمة. لا يُفهم منها أنهم انتقصوا من قدر الله أو فرقوا، أو، أو، لكن الحديث عن إخبار الله أن هؤلاء الذي اتصفوا بهذا سوف يأتيهم الأجر والله سبحانه وتعالى سيغفر لهم بعض النقص والتقصير الذي حصل منهم لكن هذا التقصير لا يُفهم منه أنهم قصروا في حق الأنبياء أو في حق الله سبحانه وتعالى في قضية التفريق التي ذكرها لهؤلاء.

الشيخ محمد الخضيري: أيضاً هنا مسألة أخرى وهي قوله (أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) المؤمن لا يلزم أن ينال أجره في الدنيا قد يبقى مضطهداً ومظلوماً مبغياً عليه ويموت على ذلك مثل أصحاب الأخدود مثلاً لما آمنوا ظُلِموا ظلماً شنيعاً وأُحرقوا بالنار ولم ينالوا من أجرهم الدنيوي شيئاً أين أجرهم؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الآخرة.

الشيخ محمد الخضيري: الأجر المحتّم اللازم الذي تكفّل الله به لأهل الإيمان هو أجر الآخرة أما الدنيا فقد يقدّم الله عز وجل لعبده شيئاً من أجره فيها وقد يؤخر الله ويدخر هذا الأجر له في الدار الآخرة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الآخرة.

الشيخ مساعد الطيار: ولهذا القضية تحتاج إلى أن المسلم يعي هذه ويفهمها جيداً.

الشيخ محمد الخضيري: ويوطّن نفسه على قبولها.

الشيخ مساعد الطيار: نعم لأن الدنيا ليست هي دار الجزاء بخلاف نظر الكافر لها الكافر ينظر للدنيا على أنها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: آخر مرحلة.

الشيخ مساعد الطيار: آخر مرحلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المثوى الأخير.

الشيخ مساعد الطيار: المثوى الأخير عنده والمتعة أما المؤمن فلا الدنيا عنده مرحلة وهذه القرآن يوضحها توضيحاً كاملاً بيّناً ولا يحتاج أي معلم ويرتب أشياء على الأمر بالإيمان باليوم الآخر (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1)) [المطففين] هذه بداية أو قالوا أنها أول سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم.

الشيخ محمد الخضيري: في المدينة.

الشيخ مساعد الطيار: في المدينة (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) ماذا قال بعدها؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ).

الشيخ مساعد الطيار: (أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥)) فربط الأمر باليوم الآخر والرسول صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في غزوة حنين لما حصل منهم أنه وزع الغنائم على بعض المؤلفة قلوبهم وبعض المحتاجين من قريش يعني كأنهم وجدوا في أنفسهم فالرسول صلى الله عليه وسلم ما وعدهم بالنُصرة وإنما قال «موعدكم الحوض».

الشيخ محمد الخضيري: «اصبروا حتى تلقوني على الحوض».

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: وقال لعمار بن ياسر «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة».

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنت أيضاً صبراً فيه فاصل معنا ثم نواصل أيها الإخوة المشاهدين فابقوا معنا.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

– إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام بعد هذا الفاصل وكنا نتحدث يا كتور مساعد حول هذه الآيات في قوله سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)) وذكرت قصصاً عن بعض الصحابة رضي الله عنهم الذين عُذّبوا عذاباً شديداً في بداية الإسلام فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعدهم بالجنة.

الشيخ مساعد الطيار: يعدهم بالجنة هذا أيضاً يدخل في هذا.

الشيخ محمد الخضيري: لأنها هي محل الجزاء، المؤمن بالمناسبة يعلم علم يقين أن الدنيا ليست أصلاً محلاً للجزاء وأن ما يقدّم فيها للمؤمن إنما هو من كرامة الله عز وجل يُكرم بها بعض عباده ولكنه قد يدّخر الكرامة كلها للمؤمن في الآخرة لماذا؟ لأن الدنيا في نظرة المؤمن لا تزن عند الله جناح بعوضة ولو كانت تزن جناح بعوضة لو كانت الدنيا بخيراتها ولذاتها وشهواتها تزن جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة.

الشيخ مساعد الطيار: قط.

الشيخ محمد الخضيري: إذاً ليست محلاً للجزاء أصلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله هذا معنى كبير ولكن سبحان الله يحتاج أن الإنسان يصبر لأن الإنسان في الحقيقة يبكي على حظوظه من الدنيا ويقاتل من أجلها وكم من أرحام قُطعت بسبب الدنيا أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وبسبب شيء تافه من الدنيا حتى ما هو حاجة تستاهل قطعت أرحام وزهقت أنفس بسبب فوات أشياء تافهة جداً جداً من هذه الدنيا التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء» لكن لأنها لا تساوي فيسقيه.

الشيخ محمد الخضيري: يسقيه ويعطيه.

الشيخ مساعد الطيار: أبو عبد الله قبل ما ننتقل من هذه الآية لو فقط توقفنا عند لفظة (أُجُورَهُمْ) جاءت طبعاً جمعاً وليست مفردة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لم يقل “فسوف يؤتيهم أجرهم”.

الشيخ مساعد الطيار: مع أن أجرهم وأجورهم في المعنى متقاربان.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مصدر وهذا جمع.

الشيخ محمد الخضيري: اسم جنس مضاف فيدل على العموم.

الشيخ مساعد الطيار: فلكن إذا جاء أجورهم بالجمع فإنه يدل على ماذا؟ على تنوع أعمالهم التي حدث لها تنوع

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأجور.

الشيخ مساعد الطيار: الأجور أما الأجر إذا قيل أجرهم فكأنه يقول أجر على جميع العمل هذا جميع العمل وهذا أجرهم فإذا قال أجورهم فكأنه يقول سوف يؤتيهم أجرهم على إيمانهم بالله، يؤتيهم أجرهم على أنهم لم يفرقوا بين الله ورسله، يؤتيهم أجرهم على أنهم عملوا من الطاعات هكذا فكأنها هذه صارت أعمال كثيرة وجاء مقابلها أجور كثيرة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً حتى من رحمة الله بعباده المؤمنين أنه يسميها أجور يعني كأنها مستحقة لكم يعني لن أظلمكم أبداً لأنه عندما يؤتى العامل أجره فأنت عندما تؤتى العامل أجره أنت لست متفضلاً عليه أنت تعطيه حقه لأنه اشتغل عندك وتعطيه أجره أعطي الأجير أجره.

الشيخ محمد الخضيري: علماً بأن الله متفضل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله متفضل.

الشيخ مساعد الطيار: أولاً وآخراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن من لطفه ومن تفضله يقول مع أن الله سبحانه وتعالى لا يُسأل عما يفعل لكنه سمى هذا الجزاء العظيم الذي هم لا يستحقونه مقابل العمل نفسه لأن العمل مهما قارنته بالجزاء الذي ذكره الله في الجنة لا يُقارن! ولذلك حتى الراهب أو الرجل عندما قيل له

الشيخ محمد الخضيري: هل تدخل الجنة بعملك؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل تدخل الجنة بعملك أو تدخلها برحمته فقال يا رب أنا ما عصيتك قط بل بعملي فقال يا الله زنوا عمله بنعمة البصر.

الشيخ محمد الخضيري: رجحت نعمة البصر على عمله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فقال بل برحمتك. وبالرغم من ذلك يسميها أجوراً.

الشيخ محمد الخضيري: من رحمته وإكرام المؤمنين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إكرام للمؤمن كأنه يريد أن يكرمك حتى في التعبير الذي هو عبّر به عن نعيم الآخرة.

الشيخ محمد الخضيري: ويزيد في هذا أنه يغفر ويرحم يؤتي الأجور ويغفر ويرحم الناس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله يا إخواني الذي يتأمل هذه الآيات وفي هذه الصفات يزداد طمعاً في رحمة الله أن الله سبحانه وتعالى كريم وأنك أنت تعمل وتقصر إلى أبعد مدى والله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك ولذلك حتى عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة التي جاءت ووجدت ابنها في الحرب والصحابة ينظرون فلما وجدت ابنها بين الجرحى والقتلى وضمته إلى صدرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم «هل ترون هذه تلقي ولدها في النار؟».

الشيخ محمد الخضيري: قالوا لا أتظنون هذه طارحة ولدها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم طارحة ولدها في النار ما صدقت إنها حصلت ولدها تلقيه في النار؟ بالعكس حتى لو قال لهم هل ترونها تلقيه أو تتخلى عنه؟ لقالوا لا لكن قال ألقيته في النار قالوا لا قال «الله أرحم بعباده من هذه بولدها» فنحن متفائلون.

الشيخ محمد الخضيري: جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله لو نقرأ القرآن الكريم بهذه الروح والله ترفع روح التفاؤل عندنا بشكل كبير جداً جداً يعني التفاؤل في حياة المؤمن ليس سذاجة وإنما هو

الشيخ محمد الخضيري: عقيدة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو مقتضى هذا الكلام العجيب الذي ذكره الله سبحانه.

الشيخ مساعد الطيار: وليس رجاء. (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ننتقل إلى الآية

الشيخ محمد الخضيري: (غَفُورًا رَحِيمًا (152)) يا أبو عبد الملك.

الشيخ مساعد الطيار: سَمّ.

الشيخ محمد الخضيري: نلاحظ كثيراً في القرآن تقدم المغفرة على الرحمة لماذا؟ لأن هذه الرحمة العظيمة التي سيدركها المؤمن في الجنة لن ينالها حتى تُمسح عنه كل الذنوب والمعاصي والموبقات التي اقترفها واجترحها في حياته فيغفر له أولاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه المغفرة.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ثم يعطي تلك الرحمة وهي الجنة ولذلك قدم فقال “غفور” صيغة مبالغة تدل على أن الله عز وجل لا يدع له ذنباً إلا ستره على عبده وعفا عنه وصفح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكثيرة هذه الصفة في القرآن.

الشيخ مساعد الطيار: جداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ننتقل إلى الآية التي بعدها يا شيخ مساعد.

الشيخ مساعد الطيار: قوله (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ) نحن الآن في الفعل المضارع في “يكفرون” قلنا أنه حدوث وتجدد لكن ليس دائماً يراد به التجدد خصوصاً إذا كان على صيغة “يسألك” أو “يسألونك” لأنه في الغالب السؤال يقع مرة واحدة إلا إذا وقع السؤال مرة بعد مرة عرف أنه وقع مرة بعد مرة فإذا كان أن السؤال يقع مرة فكأنه هذا يأتي لاستحضار هذه الحالة التي حدثت أشبه ما يكون بمقطع يمرر لك في إطار فتنظر إليه كأنك تستحضر هؤلاء وقد جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهم من اليهود لأنه قال (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى) من الذين سألوا موسى؟ هم اليهود إذاً هم قوم موسى فكأنه أراد والله أعلم استحضار هذا المشهد الذي حصل بين يدي صلى الله عليه وسلم فجاءه اليهود وقالوا تريد أن نؤمن بك فسألوه تعنتاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن ينزل عليهم كتاباً من السماء.

الشيخ مساعد الطيار: من السماء لكن الله سبحانه قال (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ) وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ محمد الخضيري: السؤال يا أبا عبد الملك.

الشيخ مساعد الطيار: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: كيف يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء والقرآن ينزل؟

الشيخ مساعد الطيار: لا، يريدونه جملة كما حصل أن ينزل كتاب جملة كما نزل على موسى عليه الصلاة والسلام التوراة كاملة.

الشيخ محمد الخضيري: أو يقال -أقولها من عندي- أنهم يريدون كتاباً خاصاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مواصفات ذكروها.

الشيخ مساعد الطيار: ممكن.

الشيخ محمد الخضيري: وعلى كل المهم السؤال فيه تعنت.

الشيخ مساعد الطيار: فيه تعنت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وحتى قريش كانوا سألوا هذا السؤال بناءً على توجيهات اليهود (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ) كما في سورة الإسراء وهي سورة مكية (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي) [الإسراء:93] ولذلك انظر سبحان الله هذا الأسلوب الرباني.

الشيخ مساعد الطيار: القول الذي ذكرته قول قتادة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كان الله سبحانه وتعالى قادر أن ينزل كتاب صح وإلا لا؟

الشيخ محمد الخضيري: نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حسب طلباتهم ولكن انظروا حتى هذا أسلوب في الحوار أيضاً ليس بالضرورة إنك تتنزل مع محاورك في كل شيء، هناك أشياء إجابة المحاور إليها خطأ هنا انظر هنا هؤلاء طلبوا أشياء كان بالإمكان تلبيتها لكن الله يعلم أنهم لا يطلبونها طلباً للهداية.

الشيخ محمد الخضيري: وإنما للتعنت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإنما للتعنت ولذلك وإلا كل ما طلبوه من الطلبات في سورة الإسراء مثلاً (وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (٩٠)) [الإسراء] هذا سهل صح وإلا لا؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كان بالإمكان أنه يفجر وقد حصل ذلك كما حصل لهاجر وانفجرت بئر زمزم، النبي صلى الله عليه وسلم كما كان ينبع الماء بين أصابعه يعني وقعت لكن إجابتهم لهذه الطلبات لن يكن سبباً في إيمانهم.

الشيخ مساعد الطيار: انشقاق القمر انشق ولم يؤمنوا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انشقاق القمر وغيرها نعم، نعود إلى (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ).

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً أظنه إذا قيل في القرآن أهل الكتاب قصد به اليهود والنصارى لأنهم هم أهل الكتاب المعهود المعروف عند العرب اليهود والنصارى وليس هناك أمة أخرى يُعرف بأن لها كتاباً تعرفه العرب إلا هاتين الأمتين وأظن أن نسبتهم إلى الكتاب إنما يؤتى بها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إقامة للحجة عليهم.

الشيخ محمد الخضيري: إقامة للحجة عليهم ولتعنيفهم أنتم أهل كتاب تعلمون وتعرفون الحق فكيف تنكصون عنه وتعرضون عن الإيمان به؟! كما أنه ينسبهم في كثير من المواطن إذا أراد أن يخاطبهم إلى جدّهم باسم آخر غير الاسم الذي يذكر به في القرآن يقال (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) يعني يا بني عبد الله لماذا ما يقال يا بني يعقوب في القرآن ما قيل يا بني يعقوب مع أن إسرائيل هو يعقوب بإجماع المفسرين وإذا ذكر يعقوب خارجاً عن هذه الدائرة إذا ذكر يعقوب وحده ولم يتعلق به بنوه أو ينسب إليه اليهود يذكر باسمه لماذا؟ ليذكر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي) [البقرة:133].

الشيخ محمد الخضيري: يُذكر ذلك من أجل أن يُذكّر اليهود بأنه كان عبداً لله فلمَ لا تكونون مثله عبيداً لله تعبدون الله وحده ولا تتخذون عُزيراً أو غيره معبوداً من دون الله عز وجل؟

الشيخ مساعد الطيار: أيضاً لما قال طبعاً الآن المراد بأهل الكتاب هنا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اليهود.

الشيخ مساعد الطيار: اليهود بناء على قوله (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى) يعني السياق وضح المراد بهم. قالوا (أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ) يعني هنا يريدون أن ينزل كتاب من السماء وهذا نفسه طلبوه أيضاً الكفار.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قريش نعم.

الشيخ مساعد الطيار: تنزيل الكتاب كما ذكرت قبل قليل قد يكون تنزيل الكتاب إما أن ينزّل كتاباً مثل كتاب موسى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مكتوب في الألواح.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم أو يكون كتاباً خاصاً ينزل عليهم أو يكون كتاباً مكتوب به أسماء أعيانهم لكي يؤمنوا وهذا كله من باب التعنت هذه كلها أقاويل ذُكرت في التفسير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني واضح إنهم كانوا يريدون كتاباً خاصاً حسب مواصفات معينة طلبوها هم.

الشيخ مساعد الطيار: وكما يقول الطبري جائز أن يراد هذا أو يراد هذا أو يراد هذا وإن كان أقرب شيء للسياق لأنه قال (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى) ربطوا الأمر بكتاب منزل كان أقرب إليه كالتوراة ولهذا الله سبحانه وتعالى قال (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو؟

الشيخ مساعد الطيار: (فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) فما هي المسألة الآن فقط أنهم طلبوا كتاب لا، هم عندهم طامة أكبر من هذا وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سؤال يا شيخ مساعد عفواً يعني الآن ماذا فيها لما يسأل بنو إسرائيل وهذا سؤال أطرحه للإخوة المشاهدين قد يقول قائل وش المشكلة لما يطلب بنو إسرائيل أو يطلب أهل الكتاب أنهم يرون الله سبحانه وتعالى؟ موسى نفسه طلب هذا الطلب (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) [ الأعراف:143] لماذا الله سبحانه وتعالى عاقب بنو إسرائيل على سؤالهم هذا ماتوا جميعاً وصعقوا ولكنه لم يعاقب موسى بهذا العقاب وإنما (قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) كيف نجيب يا دكتور محمد؟

الشيخ محمد الخضيري: الفرق بين السؤالين هذا سؤال مصدره طلب الإيمان وزيادته من موسى عليه الصلاة والسلام بينما أولئك كان للتعنت وللبحث عن وسيلة من الوسائل الانصراف عن الإيمان ولذلك إذا كان مصدر السؤال مصدر طلب الحق والتشبث به والزيادة فإن الإنسان يُحمد على سؤاله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما في سؤال إبراهيم.

الشيخ محمد الخضيري: كما في سؤال إبراهيم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) [البقرة:260].

الشيخ محمد الخضيري: (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فأعطاه الله عز وجل آية عظيمة رآها بنفسه فازداد طمأنينة وإيماناً وأما هؤلاء وكذلك المشركون فإنهم لم يُجابوا أولاً لأن السؤال مصدره التعنت ثانياً لأن من سنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل أن من سأل الله آية فأجيب إلى ما طلب ثم كفر بعدها أن الله يعجّل له العذاب فمن رحمة الله

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما أجابهم.

الشيخ محمد الخضيري: أنه لا يجيبهم (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (١٥)) [الحجر] هذا هو جواب المتعنت، المتعنت أصلاً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما يقتنع.

الشيخ محمد الخضيري: في النهاية كلمة بسيطة “أنا سُحرت” لو أجبته بما يريد قال أنا مسحور. ثم أيضاً رغم ذلك كله ولم تؤمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما هو؟

الشيخ محمد الخضيري: القرآن أعظم آية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ)

الشيخ محمد الخضيري: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) [العنكبوت:51] فإذا كانت الآية العظمى ما كفتك فألا تكفيك الآيات التي طلبتها من باب أولى إذاً أنت أصلاً كذاب غير مقتنع أصلاً لكن تريد تعجيزات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك انظر أدب السؤال وهذه مسألة طريفة في القرآن الكريم (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) هذه الآيات الحقيقة ونظائرها ممكن أننا نستخرج منها موضوع جميل الذي هو أدب السؤال في القرآن الكريم يعني انظر القرآن الكريم سؤال إبراهيم عليه الصلاة والسلام كيف كان التعامل معه سؤال موسى عليه الصلاة والسلام قال (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ).

الشيخ مساعد الطيار: لما سمع الكلام طمِع بالرؤيا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم هنا قالوا (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) [البقرة:55].

الشيخ مساعد الطيار: (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ) تعنّت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو سؤال في الحقيقة هو سؤال (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً). ونفس القضية (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ) لم يجابوا هنا وهنا أجيب إبراهيم قال (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا) [البقرة:260] وأنت يا موسى (لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) عرف موسى أن امكانياته وخلقته البشرية لا تحتمل أنه ينظر إلى الله في الدنيا بدليل أن الجبل هذا المخلوق الضخم لما تجلى الله ورأى الجبل رأى الله سبحانه وتعالى اندّك ما استطاع (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا). فانظر إلى كيف أن السؤال أحياناً كيف تسأل متى تسأل ما هي الأشياء التي تنبغي أن تسأل عنها أدب السؤال ولذلك انظر (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)، (يَسْأَلُونَكَ) الأسئلة التي وردت من الصحابة كيف كانت مؤدبة.

الشيخ مساعد الطيار: وسؤال تعلّم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وسؤال تعلّم وليس سؤال تعنت وهذه مهمة جداً.

الشيخ مساعد الطيار: (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى) جعل الله سبحانه وتعالى سؤال الرؤية أعظم من

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تنزيل الكتاب.

الشيخ مساعد الطيار: تنزيل الكتاب (فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) يعني (اللَّهَ جَهْرَةً) معناها أنهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نراه عياناً.

الشيخ مساعد الطيار: نراه عياناً وأيضاً لاحظ قالوا (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) تعنت على موسى عليه السلام وموسى ليس بيده شيء يعني موسى ليس بيده شيء فإنما هم لو قالوا هل يمكن أن تدعو ربك لنراه لكان أدعى لأدب السؤال الذي ذكرته قبل قليل وإنما من زيادة تعنتهم يُلزمون موسى (أرنا الله جهرة) ولهذا قال (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ) مما يدل على أن هذا الأمر لم يكن منهم مرة واحدة بل تكرر مرة بعد مرة فتغاير ذكر هذه القصة مما يدل على أن هذا الحدث تكرر منهم.

الشيخ محمد الخضيري: استدل بعض العلماء

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بقي معنا أقل من دقيقتين تختم بها.

الشيخ محمد الخضيري: أقول استدل بعض العلماء بهذه الآية على استحالة رؤية الله عز وجل لأن الله قال (فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) مما يدل على أن الله لا يُرى.

الشيخ مساعد الطيار: في الدنيا.

الشيخ محمد الخضيري: في الدنيا والآخرة ونقول هذا مذهب باطل وإنما الذي جاء في القرآن أن الله سبحانه وتعالى لا يُرى في الدنيا لأن المخلوق لا يمكنه ذلك حيث إن الله عز وجل لم يهيئه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لخلقته سبحانه وتعالى

الشيخ محمد الخضيري: نعم حتى أن موسى لما سأل لم يستطع وقال له الله عز وجل (انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) فالجبل الضخم الهائل الصلب الصلد لم يلبث اندكّ فكيف بك أنت؟! لا تتمكن من ذلك. أما في الآخرة فقد ثبت في القرآن ثبت في السنة بأحاديث متواترة.

الشيخ مساعد الطيار: صحيحة الإسناد.

الشيخ محمد الخضيري: أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى كما يُرى القمر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري:نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم في الجنة انتهى وقت هذه الجلسة المباركة شكر الله لكم وأسال الله أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته والإخوة المشاهدين أيضاً نراكم أيها الإخوة المشاهدون في الحلقة القادمة وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.