#تأملات_قرآنية
#التربية_بالقرآن
#سورة_يوسف
بقلم: سمر الأرناؤوط حصريا لموقع ومدونة وقناة وحساب إسلاميات
تعلّمنا أن التربية في الصغر لها بالغ الأثر وستؤتي ثمارها لا محالة
يعقوب الذي قال ليوسف في صغره مربيّا له (إن (ربك) عليم حكيم) لم يقل: إن الرب عليم حكيم بل قال (إن ربك) أشار له بكاف الخطاب ليشعر يوسف الطفل بهذه الصلة الخاصة بينه وبين ربه ويقر هذا المعنى في قلبه وروحه ومشاعره كأنه يقول له: ربك أنت يا بنيّ على وجه الخصوص، ربك أنت يا بنيّ عليم حكيم ليوقع الرهبة والمحبة في قلب يوسف الطفل الصغير فلا ينسى لحظة أن له ربا هو الذي خلقه وهداه وهو الذي سيرعاه ويحفظه فيحبه ويخشاه..
لم ينس يوسف الطفل هذه العلاقة التي زرعها أباه في نفسه وروحه وقلبه فاستحضرها في مواقف حياته وهرع لائذا بحماها من ساعة ما تآمر عليه إخوته وألقوه في الجبّ إلى أن تحققت رؤياه
لم ينسها يوسف وهو شابّ قد بلغ أشدّه فاستعاذ بربه ساعة الابتلاء والمحنة في بيت العزيز (معاذ الله)
ولجأ إليه عند ابتلاء النسوة (رب السجن أحب إليّ..)
ولم ينسها وهو داعية في السجن فدعا بما علّمه ربّه ولم ينسب العلم لنفسه (ذلكما مما علمني ربي)
ودعا صاحبي السجن إليه (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)؟
وأرجع الحكم إليه (إن الحكم إلا الله)
ونسب العلم له (والله أعلم بما تصفون)
وولم ينسها وهو ممكّن على خزائن الأرض فاعترف بنعم ربه عليه (قد منّ الله علينا)
واعترف بفضله على المحسنين (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)
ورغّب إخوته بمغفرته (يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)
ونسب المشيئة له (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)
ولم ينسها حين جمع الله شمله بأهله فاعترف بمنّة ربه عليه (قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن..)
ولم ينسها وقد تحقق له ما شاءه له ربه فأثنى عليه ببعض آثار ربوبيته عليه (إن ربي لطيف لما يشاء) وأكّد بـ(ربي) ربي أنا تمامًا كما علّمه أبوه (ربك) أنت..
وأكّد على صفات ربه التي رافقته من صغره حين رأى الرؤيا وقصّها على أبيه يعقوب إلى لحظة تحقيقها واقعا مشاهدا أمام ناظريه، جمع شمله بأبويه وإخوته لم يكن يدور في خلد يوسف حين رماه إخوته في البئر أن اللقاء الثاني سيكون هكذا، حقّا: (إنه هو العليم الحكيم)
ولم ينسها يوسف وهو يتضرّع إلى ربه سائلا حسن الختام بما أغدق عليه من النعم وما مكّن له في الأرض فدعاه بالاسم الذي تربّى عليه مذ كان طفلا (رب) (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا توفني مسلما وألحقني بالصالحين)
ما أعظمها من تربية! بدأت بكلمتين رافقتا يوسف عمره كله فأحسن ونجا وأفلح ومُكّن له!
أن تكون مربّيا لأبنائك فعليك أن تكون قدوة
يوسف الذي أسرّ في نفسه اتهام إخوته له بالسرقة وقال (والله أعلم بما تصفون)
ربّاه يعقوب القدوة الذي قال (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)
وقال (والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين)
وقال (وما أغني عنكم من الله شيئا)
وقال (إن الحكم إلا لله عليه توكلت)
وقال (فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم)
وقال (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)
وقال (ولا تيأسوا من روح الله)
وقال (ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون)
وقال (سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم)
قد يبتعد عنك أبناؤك بالجسد لكن إن زرعت فيهم حب الله فستتواءم أرواحكم على التعلق بالله مهما بعدت المسافات حتى تتواءم أقوالكم في المواقف الشداد..
التطابق في كلام يعقوب ويوسف:
يعقوب قال (والله المستعان على ما تصفون)
ويوسف قال (والله أعلم بما تصفون)
يعقوب قال (إنه هو العليم الحكيم)
ويوسف قال (إنه هو العليم الحكيم)
الرسالة:
اغرس في أبنائك حبّ الله واربطهم بأسمائه الحسنى واسأل ربك أن يجعل غرسك مثمرا ينفعه وينفعك وينفع الناس
ولا تستهن بأثر كلمة تربي أبناءك عليها تقع في قلوبهم الغضّة الصافية موقعا يشكّل فيما بعد تفكيرهم وشخصياتهم وحياتهم من حيث لا تدري..
هذا والله أعلم