الحروف في القرآن الكريم, حرف الخاء

حرف الخاء – منظومة فتح المنافذ (خرق)

اسلاميات

منظومة  فتح المنافذ (خرَق)

 

خرَق– نفذ  – نقب- ثقب– نفق

هذه منظومة فتح المنافذ.

نفذَ: قال تعالى (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن) النفاذ أو النفوذ هو دخول حيّز في حيّز حينئذ فتح المنافذ متعدد الأساليب واليةم فتح المنافذ الضيقة للوصول من أول الشيء لآخره (دخول من مكان وخروج من مكان آخر) وهي أربع كلمات:

خَرَق: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) الكهف) الخرق هو فتح فتحة واسعة تكفي لأن يدخل فيها إنسان وهذا الفرق بينها وبين الثقب.

الثقب: هو إدخال آلة فقط مثل ثقب الأذن. والخرق أوسع من الثقب (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات) الثاقب كالآلة التي تدخل الخشب فتفتح فيه منفذاً بحجم الآلة. واضح أن الثقب غير الخرق ولكل منهما مهمة خاصة.

يقال الإنسان الأخرق أو العقل الأخرق أي الذين يكون عقله فيه فتحة لا يمسك ماء فلو دخلت الحكمة أو العلم أو المعرفة من مكان تخرج من مكان آخر دون أن يستفيد منها شيئاً. فالخرق هو بلا تفكير ولا تدبر وهو للإفساد فقط فإذا أردت أن تفسد شيئاً اخترقته.

نفق: الفرق بينه وبين الخرق أن النفق أطول من الخرق. الخرق قصير (مثل خرق جدار) تخرقه وتنفذ منه أما إذا كان طويلاً في الأرض أو في الجبل فيسمى نفقاً. والنفق كما قلنا أطول بكثير من الخرق. (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام)

نقب: يختلف عما سبق أن النقب يكون في الأجسام الصلبة أما الثقب أو النفق أو الخرق فيكون في الأشياء السهلة مثل الخشب أو جدار أو ثوب أما إذا كان النقب فيكون في الحديد أو الصخر الصلب (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) الكهف). والنقب من التنقيب في الأرض في الأعماق لأنه يدخل في طبقات صخرية عميقة وصلبة (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) ق).

باختصار فإن الخرق فتح منفذ صغير يكفي لمرور شخص (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) الاسراء) (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) الكهف) ولهذا الماء تدفق ومسافة الخرق أقل من مسافة النفق أما النقب فيكون في الأشياء الصلبة كجبل من الحجارة أو الغرانيت أو الحديد.

الخرق والاختراق : ما من شيء في هذه الدنيا يربك أنظمتها وحياتها كالاختراق سواء كان اختراق دين فيصبح بدعة أو اختراق وطن فيصبح جاسوسية أو اختراق نظام فيصبح عمالة وكل نوع من أنواع الاختراق له اسم في الكتاب العزيز ولهذا تجد في الكتاب والسنة وما يرتضيه العقل البشري يحذر الانسان والجماعة والأمة والشعب والسلطان من الاختراق الذي هو من سنن الكون ومن أعظم أسلحة العدو. وكل عدو يصل إلى عدوه عن طريق الاختراق لأنه أشد أثراً وأشد إيلامياً من الجيش والتاريخ مليء بحروب انتصر فيها عدد قليل على عددد كثير بقوة الاختراق. والحروب بين العالم اقتصادياً أو عسكرياً يعتمد على الاستخبارات فقد تنتصر دولة ضعيفة لأنها تخترق كل دول العالم وجيوشه وتضع ارادات دول عظمى وتتحكم في سياسات تلك الدول عن طريق الاختراق والعرب للأسف لا يحسنون هذا الاختراق لأنه يحتاج إلى مكر ودهاء وقوة على حفظ الأسرار والكتمان وقوة الولاء للوطن. منذ بداية الاسلام فالعرب مخترقون إلى هذا اليوم فقب ذهاب الرسول r لفتح مكة ذهبت رسالة لأهل مكة تحذرهم أن محمد r قادم إاليهم ليحاربهم وهذا الاختراق يوضح كيف قُتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب (قتله أبو لؤلؤة المجوسي) وعثمان بن عفان (قتلة محجموعة من اليمن ومصر حاصروه 40 يوماً وقتلوه ومنعوا الناس من دفنه والناس تتساءل من أين أتى هؤلاء) وعلي بن أبي طالب وهم الذين فتحوا العالم وملأوا الدنيا عدلاً. وكل تاريخ العرب مليء بغدر الباقين لهم وذلك يعود إلى أن العرب ليسوا أهل مكر ولا يصلحون للسياية لأنه تحتاج إلى مكر ودهاء وليس فيها عواطف فالعربي فطري عاطفي يحب الضيف ويكرمه و]ألف بسرعة ويرضى بسرعة ولا يعرف الغدر فقد حكم العرب سنوات عديدة لكنهم لم يغدروا بالناس وفي أحد أقاليم فارس انسحب المسلمون من الاقليم بعد أن دخلوه بدون استئذان.  ويقول ابن خلدون أنه لا يقوم للعرب ملك أو سياسة إلا بالاسلام. أما أعداءنا فهم يتربصون بنا الدوائر ويفسدون علينا ديننا واقتصادنا ومناهجنا واعلامنا ومجتمعاتنا وللأسف أن الأمة العربية سهلة الاختراق لأنها تتجاوب مع الكلمة الطيبة كما صدقوا بريطانيا في خداعها وكذبها عليهم. وللأسف أن العرب مع عدم براعتهم في اختراق أعدائهم نجحوا في اختراق بعضهم البعض وعلى الأمة العربية الاسلامية أن تربي أبناءها وشعبها على قوة الولاء للوطن واستقذار خيانة الوطن كما يستقذرون الزنا بالمحارم وضرب الوالدين وسرقة المساجد والبغاء وغيرها من المستقذرات لأنه ما من شيء أخسّ وأقذر من أن يخون الانسان وطنه وحاكمه ونظامه وحتى لو لم يكن الحاكم مخلصاً لوطنه فعل الشعب أن يغيّره بنفسه ولا يجلب للوطن من يغيّره من خارج الوطن.

وصلابة الدولة تكون بإمام عادل والعدل المطلوب هنا بالعدل النسبي وليس عدل عمر بن الخطاب “إن الله ليزع للسلطان ما لا يزع للقرآن” لأنه عندما يحترم الزعيم شعبه يعامله معاملة جيدة محترمة يرتقي الشعب معه إما إذا عذّب شعبه فتصبح الأمور معاكسة. ويجب على الدولة القوية أن تكون أمورها في غاية الدقة وأن تختار الكفاءة قبل الولاء. وما من أمة تستأثر بالناس وتغير أخلاقهم وتنفرد في العالم وتسيطر عليه بحيث يكون العالم خائفاً منها ومرعوباً لا بد أن يهلكها الله تعالى لأن هذا من سنن الله تعالى في الكون. قارون كانت مفاتيح كنوزه تنوء بالعصبة فخسف الله تعالى به الأرض.

بُثّت الحلقة بتاريخ 27/5/2005م