في رحاب سورة

في رحاب سورة النور – 4 – د.محمد صافي المستغانمي

في رحاب سورة – د. محمد صافي المستغانمي

قناة الشارقة – 1437 هـ – تقديم الإعلامي محمد خلف

في رحاب سورة النور – 4

تفريغ موقع إسلاميات حصريًا

المقدم: توقفنا في الحلقة الماضية حول الآية التي نزلت في الصحاب الجليل أبي بكر الصديق حينما منع الصدقة من أحد من خاض في حادثة الإفك، ‏ولذلك جاء موقع هذه الآية بعد هذه الحادثة، وفي ذات الصورة، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا ‏أُولِي الْقُرْبَى﴾ ابن خالته. إذا لم يكن من أولو القربى معناها ما في إشكال أن يمنع الصدقة منه؟ ﴿وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ جميلة هذه الآية صراحة، وكل القرآن جميل، لكن ما معنى (لا يأتل)؟

د. المستغانمي: بسم الله الرحمن الرحيم. هذه الآية نزلت تعقيباً على أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي أخذ موقفاً من ابن خالته مسطح بن أثاثة. أولاً: مسطح كان ابن خالته، وكان فقيراً من المساكين وكان من المهاجرين، كل هذه الأوصاف تنطبق عليه، أنا أعجبني أحد المسلمين قال: والله! لو كانت صفة واحدة لكفت، فما بالك بـ (أولو القربى والمساكين والمهاجرين)؟! وما تحدثت عن قريب ومسكين ومهاجر القرآن يخاطب الجميع، صح هي نزلت في الحقيقة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تلك ‏المناسبة، لكن هنا نقول: لا يأتل أهل الفضل وأهل الإحسان وأهل السعة من المال أن يتصدقوا وأن يساعدوا، إذا الآية نزلت في أبي بكر ‏الصديق عندما نفقته هذا كل إنسان منطقي يفعل ذلك، واحد من قرابة أبي بكر يتحدث في عرض ابنته المطهرة زوج النبي صلى الله عليه ‏وسلم، فمنعه تلك النفقة حتى علم أنه تاب، لكن ظل واجداً في نفسه، فنزل القرآن يطهره، ويحض وينصح ويفتح الأبواب.‏

‏﴿وَلَا يَأْتَلِ﴾ بمعنى: لا يحلف الايتلاء ولا يتألى أي: ولا يحلف من التألي ومن الايتلاء، ودائماً الحلف عندما يكون في حالة النفي نسميه هكذا: ‏‏(ولا يأتل) ليست يأتل بالإيجاب إنما بالسلب، القسم والحلف يكون بالإيجاب عادة، أما الايتلاء يكون بالنفي: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ ‏أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ أن يتربصوا يعني يقول: لن يقرب زوجته ويحلف بالنفي الحلف بالنفي يكون من هذه الصيغة. ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ﴾ أي: ولا يحلف أولوا الفضل، الفضل هنا الكمال.‏

المقدم: ما معنى أولو؟

د. المستغانمي: (أولو) (وعالمون) (عليون) (وأهلون) هذه ملحقة بالجمع المذكر السالم، يعني هو قال: ولا يأل أصحاب الفضل أولو الألباب ‏يعني: أهل الألباب أصحاب الألباب وهنا استعملها استعمالًا جميلًا.‏ ‏﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ﴾ الفضل المقصود به هنا الفضل المعنوي الكمال النفسي أصحاب الخصال العظيمة.‏ وقد تعني (أولوا الفضل): الزيادة مثلما تقول: أنا لدي فضل من المال، لكن هنا لا يقصد به الزيادة، لماذا؟ الكلمة التي بعدها: ﴿أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ ‏وَالسَّعَةِ﴾ السعة تنطبق على كثرة المال والفضل على فضل الأخلاق، فضل القيم، فضل المبادئ يعني: كأنه يقول: ولا يأتل الكبار منكم، العظماء ‏الفضلاء والسعة اليسار، المال الواسع (لينفق كل ذي سعة من سعته) لأن (الواو) تقتضي المغايرة: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾.‏

المقدم: يعني هو يقسم ألا يؤتي أولي القربى، فلماذا هنا قال: (أن يؤتوا)؟

د. المستغانمي: دائماً التقدير (ولا يأتل) ناوين عدم الإيتاء، لا بد من التقدير حتى يستقيم من الناحية اللغوية، مثل: ﴿يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا﴾، ﴿وَلَا ‏يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾ يعني: لا يحلف على عدم الإيتاء: ﴿أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ‏ثلاث صفات، كان مسطح من أولي القرابة، والإسلام يحثنا وينصحنا أن نصل الأقارب صلة الرحم، وكان من المساكين وكان من كبار المهاجرين ‏القدامى، واحدة من الصفات الثلاث تقتضي أيضاً أن يحسن إليه أبو بكر الصديق وأن لا يمنع عنه الصدقة. ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ أمره بالعفو: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ والفرق بين العفو والصفح:‏ أن العفو: أن تتجاوز عن خطئه، لكن ممكن أن تلومه، تلومه أنت تجاوزته، يعني تلومه وتعفو عنه، وهذا هو العفو.‏

الصفح: هو أن تتجاوز عنه ولن تلومه أن تريه صفحة بيضاء، الله عز وجلّ قال للرسول قال: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ فالصفح: ‏درجة أعلى من العفو، والمغفرة أعلى من العفو والصفح (أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) كأنه قال: (اغفروا) كأنه يقول: وما هو أفضل عندي ولكن أنصحكم بأن تتخلقوا به، ‏كأنه يقول: وليعفوا وليصفحوا وليغفروا. (وليغفروا) جاءت مبطنة من قول الله تعالى ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ ما معنى المغفرة؟ هي: أن ‏تعفو وأن تصفح وأن تسقط حقك نهائياً تستر الذنب. معنى المغفرة: ستر غفر الذنب ستره، وأسقط حقه، وهذه لله سبحانه وتعالى ﴿غَافِرِ ‏الذَّنْبِ﴾ لكن أيضاً ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ المغفرة ممكن لإنسان أن يزعجك أن يسيء إليك، فأنت يمكنك أن تعفو عنه، لكن تعاتبه، العفو زائد عدم المعاتبة أصبحت في درجة الصفح، عفو وصفح وأسقطت كل حقك فأنت قد غفرت.‏

‏(وليعفوا وليصفحوا) (وليغفروا مبطنة) والأسلوب الذي أتى بعدها ﴿أَلَا تُحِبُّونَ﴾ (ألا) أداة عرض أسلوب استفهامي تشوّق: ألا تحبون أن يغفر ‏الله لكم.‏ أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما تلا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: بلى نعم أحب أن يغفر الله لي، فرجع وأعاد النفقة على مسطح. تحضيض وجوابها دائماً يأتي ببلى، قال: بلى أحب أن يغفر الله لي، فحضه على الغفران وعلى إعادته. لكن تركها الله سبحانه وتعالى أو القرآن مبطنة لتأتي آية أخرى في سورة التغابن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ‏فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ هنا أتى بـ (تغفروا) لأن القضية تتعلق بالأزواج والأولاد، هنا ذكرها الله بصراحة: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ ومع ذلك إن تعفو ‏تتجاوز، وأن تصفح: لا تلم، وتغفر وتستر وتستر هذا من عائلتك، ابنك مثلما تقول أخطأ خطأ كبيرًا لو أن الآية لم تأت بهذا الأسلوب كانت ‏العائلات والأسر في المحاكم، تسقط حقك أنت في عائلتك تسقط.‏

في جانب الأسري الذي في قرابة أكثر قال: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا﴾ أبو بكر مع مسطح بعيد عن هذا فقال: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ لكن لم ‏يقل: وليغفروا، وإنما بطّن وأشار إليه الأسلوب القرآني لذلك ثمة وليغفروا مبطنة: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾.‏

المقدم: والتذييل جميل كذلك: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.‏

د. المستغانمي: فاتصفوا بصفات الله سبحانه وتعالى. عندما تقرأ التذييل دائماً الله تواب حكيم فتب إليه، رؤوف رحيم، تتصف بالرحمة، وهنا ‏يتصف بالمغفرة كبشر، والله أعلم.‏

المقدم: الله سبحانه وتعالى يأتي بموضوع الرمي مرة أخرى رمي المحصنات، مع أنه ذكره في أول السورة: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ‏الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾. هنا قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ هناك ذكر تشريع دنيوي كيف ‏نتعامل مع هذه المسألة، هل معنى هذا بأنه: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات عذابهم لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، ‏يعني لا نأتي بالشهادة أو لا نعمل بالأربع الشهداء كما جاء؟

د. المستغانمي: الأول: تشريع للجميع للأمة: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ الحد كذا كذا، فاجلدوهم ثمانين جلدة. هنا الآية التي وردت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ﴾ جاءت تعقيباً على رمي عائشة على حادثة الإفك هذه من البقايا والتوابع التي تفضل عائشة وترفع مكانتها فتعقيباً على حادثة الإفك جاءت هذه الآية، وهي جاءت في أبشع صور التشديد والوعيد: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ‏يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ ما معنى المحصنات؟ المتزوجات الطاهرات يقصد بها عائشة وأمثالها.‏ ويقصد بقوله: ﴿الْغَافِلَاتِ﴾ عن ما قيل فيهن، امرأة خارجة في سبيل الله في معركة مجاهدة بمعنى: غافلة عن ذلك الفعل هي لم تفعل، يعني: ‏كأنه كناية عن عدم الفعل، لأن الذي عمل شيئاً لا يكون غافلا عنه يعرف بأنه يوماً ما فعل، لكن هي غافلة؛ لأنها لم تفعل شيئاً، هذا هو المقصود بالدرجة الأولى.‏ أما الذين تكلموا فسامحهم الله! ﴿الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ صفة الإيمان تمنعكم أن تخوضوا في عرض عائشة وغير عائشة من المؤمنات. إذاً استوجبوا اللعنة في الدنيا والآخرة الطرد من المجتمع، والطرد من رحمة الله يوم القيامة، هذه آية جمعت أشد أنواع العذاب الدنيوي ‏والأخروي، والوعيد، يعني حتى في حق المشركين لم يأت هذا الوعيد ‏﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ طبعاً ينطبق على سيد المنافقين وأمثاله.‏

﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ لمن تولى كبر هذه العملية ‏﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾.هذا وعيد شديد جاء في حق الذين اختلقوا الإفك المبين والبهتان العظيم في حق البيت النبوي.

المقصود بقوله: ﴿يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ﴾ يوفيهم جزاءهم الدين هو الجزاء ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ هنا يوفيهم دينهم كأنه سيحاسبهم حساباً دقيقاً، ‏يعني كما تدين تدان، تحاسب يوفيهم دينهم الحق لا يظلمهم، وتكررت هنا كلمة المبين، والله هو الحق كما قال: ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ هذا التذييل. فانظروا: يوفيهم دينهم الحق معناه: جزاؤهم الحق ليس معنى كل هذا الشيء زيادة لا، لا تفهم الزيادة، ما اقترفوا وما أتت به ألسنتهم وما ‏أذاعوه شيء عظيم سيحاسبهم على الشيء العظيم.‏

المقدم: ربما يستقيم في غير القرآن أن يقول الإنسان: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ لأن الجرم الذي قاموا به هو من خلال الحديث من خلال الاتهام بالإفك، لكن أن يقول: ﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ﴾ أليس في ذلك إشارة لكل الجرم التي مضت من الزنا والمسائل الأخرى؟ لأن ‏الزنا فيه فعل أيدي وفيه فعل كذلك أرجل، لأنه يسعى الإنسان للزنا ويتبع خطوات الشيطان؟

د. المستغانمي: هو من الممكن هذا المعنى؛ وارد، لأنهم استعملوا جوارحهم الذين زنوا إلى غير ذلك لكن أيضاً حتى في حادثة الإفك: يوم تشهد عليهم ألسنتهم التي تكلمت، وأيديهم التي لمزت وهمزت، فالهمز واللمز يكون بالأيدي والطعن، ‏وكانوا يشيرون، وأرجلهم التي كانت تمشي بالإفك يذهبون إلى البيوت من بيت إلى بيت يذيعون هذا الخبر المنكر، ويسعون بنشر الفاحشة، ولذلك جاء من الأعضاء من أعضاء الجسم ما يعذّب؛ لأنهم كانوا يشاركون بألسنتهم وأيديهم وأرجلهم، ولو انطبق هذا الكلام على السابقين ممن فعلوا الزنا بأيديهم وأرجلهم لما كان ذلك بعيداً. وليس فقط الأرجل والأيدي التي تشهد بل كل الجوارح ﴿وَقَالُوا ‏لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ ‏عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ إذاً كثير من الأعضاء تشهد، لكن يأتي في كل سياق ما يتناسب هذا الذي أفهمه.‏

المقدم: الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ﴾ لماذا قدم الخبيثات على الخبيثين، وكنا قد أشرنا سابقاً على ‏موضوع الزنا، وتحدثنا أن الله سبحانه وتعالى قدم الزانيات، فلماذا قدم هنا الخبيثات للخبيثين، وهل هذا تشريع؟ هل ‏هذا كما ذكرنا سابقاً بأن الزاني لا يأخذ إلا زانية؟

د. المستغانمي: هذا ليس تشريعاً، هذا تعليق أو دعني أقول: تذييل لما سبق، القرآن يقول للمجتمع المسلم: ضعوا في أذهانكم أنه ‏لا يلتقي في بيت النبوة الطاهر إلا طاهرة مطهرة، والأولى أنكم تفكرون بهذا المنطق السليم: الخبيثات مستحقات للخبيثين معدّات هذه اللام تسمى لام ‏الاستحقاق، والطيور على أشكالها تقع، والخبيثات للخبيثين والإطناب هنا: والخبيثون للخبيثات، الأولى تكفي، ولكن هنا إطناب للتفصيل ‏الموضوع خطير. أنتم عندما ترون امرأة –والعياذ بالله- زانية فاعلم أنها تشاكل غيرها ممن هي مرتبطة به، هذه من كان الزنا ديدنها، وكان عادة لها، فبدأ بالخبيثات؛ لأنهم تحدّثوا في الأعراض، فكان الأولى أن يُبعد التهمة عن بيت النبوة، فقال: المنطق السليم يقول: الخبيثات ‏للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، هذا إطناب لتأكيد هذا المعنى. وجاء الآن ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ عائشة رضي الله عنها المطهّرة لمحمد الطاهر أطهر البشر في الدنيا، والطيبون للطيبات ‏لتثبيت هذا المعنى.

لماذا بدأ بالخبيثات لماذا لم يعكس ممكن تقول: (الطيبات للطيبين وبعدين الخبيثات) لا، نحن في نهايتهم طبعاً في القرآن ‏تحليلي الخاص قال: (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرأون مما يقولون) أولئك: هم محمد صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي ‏الله عنها، وصفوان بن المعطل، والمجتمع الطاهر مبرأ مما يقول المنافقون حتى تكون هذه النهاية وهذا التذييل بدأ بالخبيثات وانتهى منهم، وأتى بالطيبات للطيبين وقال: أولئك في تميزهم في صفائهم في نقائهم مبرأون مما يقولون من الإفك، لكن هو لم يقل: مما أولئك مبرءون من الإفك، لا، مما يقولون، هو مجرد قول لا أساس لا صحة له، فعبر عن الإفك والكذب بالقول. أولئك مبرأون مما يقولون من قول لا حقيقة له في الواقع، وانظر إلى الصيغة لم يقل: أولئك بريئون، قال: (أولئك مبرّأون) براءة شهادة من اللهّ شيء عجيب، لذلك عائشة كانت تفخر تقول: ونزل عذري من السماء أي: برأها الله من السماء.‏

المقدم: ما علاقة الرزق بهذا الموضوع، الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾؟

د. المستغانمي: هذه في الجنة في الآخرة يعني: لهم مغفرة يوم يلقون الله، أولاً: برأهم في الدنيا ليس لهم شيء، وفي يوم القيامة يلقاهم الله بالمغفرة ‏والرزق الكريم. عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: في سورة الأحزاب ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ ‏مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ * ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ إلى أن يقول عن نساء النبي: ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾. لذلك الإمام الطيبي عالم جليل شرح الكشاف عنده حاشية تسمى فتوح الغيب عن الكشاف 17 مجلد طبعت في جائزة دبي القرآن الكريم حاشية ‏بلاغية، وأنا أنصح المسلمين بقراءتها. فيقول عن أستاذه بهاء الدين يقول: قرأت بخطه -لا ندري مدى صحة السند- لكن في مرض موت عائشة رضي الله عنها وهي في تحتضر جاءها ‏الصحابي الجليل ابن عم رسول الله ابن عباس رضي الله عنه في زيارتها كانت لا تستقبل الناس فقالوا لها: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ‏ائذنوا له، فلما دخل قال: كيف تجدينك؟ قالت: أجدني أخاف مما أقدم عليه لحظات الموت! – وهي أم المؤمنين الطاهرة المطهرة – ماذا قال ‏لها ابن عباس؟ قال: أبشري والله لا تقدمين إلا على مغفرة ورزق كريم، فعائشة في لحظات الاحتضار قالت: أهو خبر أنبأك به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بل أنبأني به القرآن الكريم، وقرأ لها وقالت: اتلوا عليّ قال: ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ ‏مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ كأنها لم تقرأها من قبل، ففوجئت وأغمي عليها قال: ما بها؟ قالت: أغمي عليها فرحاً بما تلوت عليها. فنساء النبي لهن مغفرة وفي الجنة إن شاء الله اللهم اغفر لنا ولهن.‏

المقدم: ثم بعد ذلك نأتي إلى موضوع آخر وهو قضية الاستئذان ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ‏وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. ما علاقة هذا الأمر بالمحور العام للصورة نقول: هي تخاطب المجتمع والأسرة المسلمة، فما علاقتها أو كيف يدخل الاستئذان في موضوع الأسرة؟

د. المستغانمي: لما تحدثنا وقلنا: المحور الأساسي لسورة النور هو تربية ضمير الأسرة المسلمة، تربية آداب الأسرة المسلمة، ومن آداب ‏الأسرة أننا نعلم أبناءنا الصغار والكبار والجميع نعلمهم الاستئذان القرآن علمنا الاستئذان: (يا أيها الذين آمنوا) خطاب للمؤمنين، ﴿لَا تَدْخُلُوا ‏بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ والاستئناس كما ذكرنا أصلها حتى تستأذنوا، لكن لفظ الاستئناس فيه تلطّف وفيه أخذ بالحيطة والحذر أي: حتى تستأذنوا وتقول: السلام عليكم أنا فلان أأدخل؟ كما ورد في السنة.‏

وعندما تستأنس ولا تستوحش، وتظن وتتأكد أن أهل البيت مقبلون على الالتقاء بك، ويرحّبون بك ادخل.‏

المقدم: طبعاً تستأنس هنا من الصيغ التي تسمى صيغ الاستفعال الذي هي الطلب فكأنك تطلب الأنس وتتأكد من أن الطرف الثاني يريد أن ‏يستقبلك لا مجاملة بل تستأنس له.. هم يقولون: الذي يطرق الباب ويأتي للزيارة يكن مستوحشاً فإذا أذن له واطمأن يدخل. من الناحية البلاغية هنا: هذا يسمى في البلاغة: الإرداف، وهو أصله من الترادف، وهي وسيلة تقنية يعبر بكلمة أو بفعلٍ أو بكلمة باسم، بدل ‏كلمة لكن لماذا نأتي بهذه بدل هذه؟ تعطي معناها وتعطي أشياء أخرى. فالإرداف وسيلة لغوية بلاغية يعبر عن نفس المعنى الثاني، ولكن يعطي معاني ثانوية، هنا كأنه يقول: (لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأذنوا فإن اطمأننتم واستأنستم) لفظ الاستئناس يعطي المعنى الثاني، فادخل لو قال: حتى تسأذنوا، لكن لم تطمأن بعد فأعطى معنىً جديداً.‏

المقدم: هو ورد الاستئذان في موضع آخر؟

د. المستغانمي: ورد. أنا فقط أعطيك الفكرة الإرداف شيء جميل أعطيك مثال في سورة هود: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ﴾ قضي الأمر، انتهى، الطوفان أغرق من أغرق، ونجا من نجا، هذا يسمى إرداف، كان الأولى في غير القرآن: ‏‏(يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وهلك من هلك ونجا من نجا).عوض أن يقول هلك من هلك ونجا من نجل قال (وقضي الأمر) فقضي الأمر إرداف عبر عن نجاة من نجا ‏وإهلاك من هلك مع إيجاز شديد يتناسق مع الصورة، الإرداف شيء عجيب في القرآن.‏

وكما قال أيضاً: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ هنا لا قال: (الذين أحسنوا بالحسنى) ولكن القياس اللغوي يقتضي: (قل يجزي الذين أساءوا بالسوءى) أساءوا يدخلهم جهنم، ويجزي الذين ‏أحسنوا بالحسنى، هذا قياس لغوي، القرآن يفوق القياس اللغوي، وهذا يسمى إرداف، عبّر عن السوء بالذين عملوا لأكثر من شيء:

أولاً: الله تعالى عندما أحد يعمل سيئة يعطيه سيئة واحدة. لو قال: (ليجزي الذين أساءوا بالسوءى) هذا اسم تفضيل كأنه يجازيهم بأسوأ، والله عز وجل لا يجازي بالأسوأ، فهو لا يتماشى مع عدل الله وفضله جل في علاه. السيئة بسيئة. أما الحسنة فبعشر.

الثاني: لو قال: (ليجزي الذين أساءوا بالسيئة) الله لا ينسب لذاته السيئة لا يعطي السيئة هو قال: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا﴾ من جنس ‏عملهم، إذاً بما عملوا إرداف عبّر عن المعنى بزيادات، فبلاغة القرآن شيء عجيب. وهنا قال: ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا﴾ لو قال: (تستأذنوا) عادي ﴿تَسْتَأْنِسُوا﴾ إرداف أتى بمعاني أخرى.‏

المقدم: ﴿حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا﴾ فعلين مختلفين؟

د. المستغانمي: نعم فعليك أن تستأذن أدخل؟ أنا فلان، وتسلم، قال العلماء: الاستئذان واجب والسلام مستحب، وإن كان رد السلام واجب. ‏﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ ذلك الاستئذان وذلك التسليم خير لكم لعلكم تذكرون.‏

المقدم: يتواصل الحديث عن الاستئذان ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا﴾ حتى لو هيأ لكم أو استطعتم دخولها فلا تدخلوها، ﴿حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ‏ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. هنا الإشارة التي تحدثت عنها ما قال كما قال قبل قليل (ذلك خير لكم) هنا ما قال: (ذلك خير لكم) بل قال هنا: ﴿أَزْكَى لَكُمْ﴾؟

د. المستغانمي: لأن التزكية تدخل في المشاهدة تزكية النفوس القرآن يسمو بالقلوب وبالعقول وبالأعين أنت تدخل بيتًا، لماذا أمرنا الله بالاستئذان ‏والاستئناف؟ حتى لا نباغت الناس في بيوتهم، وحتى لا نفاجئهم فنرى ما لا يحسن رؤيته من عورات للبيوت، فللبيوت أسرار، وفيها عورات لا بد أن تستر، فأزكى وأنقى، لأنه لما يقول: (خير لكم) بشكل عام.‏

المقدم: ربما يعتقد المعتقد بأنه حينما يقال: للإنسان (ارجع) يكون هذا ليس حسناً له أو مقبولاً في الذوق، لكن الله سبحانه وتعالى هو أزكى لا نعلم ‏ذلك لكن هو أزكى لنا.‏

د. المستغانمي: والقرآن يعلمنا الصراحة الطيبة المهذبة نحن إذا ذهبت وقلت: يا فلان! أنا قادم إلى عندك لو قال لك زميلك أو من أقربائك: والله ‏أنا اليوم منشغل وأطلب منك أن تزورني في يوم ما، والله الكثير قد يأخذ في قلبه، لكن هو أزكى للقلب والقرآن علمنا أن نكون صرحاء في ‏لباقة.‏

‏﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾ لكن إن لم تجدوها فيها أحدا فلا تدخلوها حتى لا يظن يقول: والله نهانا الله عن الدخول حتى لا ‏نرى العورات ولا نرى كذا، إذا كان أهلها ليسوا فيها يجوز لي الدخول، لا، للبيوت أسرار حتى ولو كان أهلها غير موجودين.

المقدم: هذا الموضوع أو هذه الآداب قد لا تنطبق على البيوت المهجورة التي ليس فيها أحد، ليس لم ‏يأتي الجواب منها أو لم نجد أحداً فيها لا، وإنما هي غير مسكونة كما قال الله سبحانه وتعالى، فهنا يقول: (ليس عليكم جناح)؟

د. المستغانمي: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ﴾ كلمة (فيها متاع لكم) حلّت لنا المشكلة، ما هي البيوت غير ‏المسكونة؟ ليست شرطا أن تكون بيوت للسكن، يعني الآن الفنادق، بيوت العامة، غرف التجارة، أو أسواق التجارة بيوت غير مسكونة، دار البلدية، ‏دار البريد، الخانات التي كان يتوقف عندها المسافرون، فكل بيتٍ فيه متاع ومصلحة دار كهرباء فيه متاع لنا فيه غرض، هو هذا ‏الذي يقف عنده المفسرون البيوت المسكونة هي التي فيها أهلها، البيوت غير المسكونة هي التي فيها منفعة للجميع، هنا يجوز لنا أن ندخل، ولذلك لما تروح للمستشفى تطرق الباب وتظل عند الباب الإسلام ما شرع هذا! إنما هذه بيوت عامة، كأنه يقول عامة، وجاءت الأوقات وأصبحت المدنية ‏الآن فيها كثير من المؤسسات والمصالح التي ندخلها بغير استئذان تدخل تستأذن عند الغرفة للمكتب، أو الغرفة في الفندق، أما إذا دخلت فندق عام، تدخل دار بلدية تدخل عند كاتب لا بد أن تدق عند الباب واستأذن.

المقدم: وهنا العرف هو المقياس.

د. المستغانمي: جزاك الله خير. هذا الذي نقصد.‏

المقدم: هذا التعبير يستعمل كثيراً في القرآن: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ لماذا هذا التعبير؟

د. المستغانمي: يعني ليس عليكم حرج، لرفع الحرج، ليس عليكم جناح، ليس عليكم مشقة، ليس عليكم إثم، الناس يتحرجون يقول: والله لا أدخل ‏أي غرفة أي جهة حتى استأذن، ثمة محلات قد يجد الإنسان حرجاً وقد يتحرّج داخل نفسه بإثم، فالقرآن يقول: (ليس عليكم جناح) فالجناح ‏هو الحرج، هو اللمم الخفيف، الذنب الخفيف، يوماً سنجيب على السؤال الذي قال: ما الفرق بين الذنوب والخطايا والإثم والحرج، حتى لا نذهب بعيداً عن السورة، وإلا فيها تفصيل سأعطيك إياها إن شاء الله.‏

المقدم: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾.‏

د. المستغانمي: انظر إلى هذا التذييل لو تدخل بغرض التجسس الله يعلم ما تبدي وما تخفي، لو تدخل إلى بيوت غير مسكونة لكن بأهداف أخرى الله يعلم، لك فيها مآرب أخرى لا تطلع الناس عليها فالله يعلم. وانظر ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ تبدون وما تكتمون، لم يقل: والله يعلم ما تعلنون، في سور أخرى تعلنون وتسرون، هنا تبدون وتكتمون، لماذا؟ لأن السورة فيها ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ ‏فيها الإبداء، فيها الإظهار، الإعلان صحيح والله يعلم ما تعلنون. هذا من التناسق اللفظي في السورة.

المقدم: هنا بعد ذلك نأتي إلى قضية أعتقد بأنها ليست بعيدة عن محور السورة وعن القصص الأخرى وعن المواضيع الأخرى: قضية غض ‏البصر، وهذه كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾. فنأتي الآن إلى موضوع آخر له كذلك علاقة بمحور السورة.

د. المستغانمي: نحن قلنا: شرع الله سبحانه وتعالى حد الزنا ثم أعطانا وسائل وقائية حتى لا يقع المسلم في هذه الفاحشة العظيمة: من بين الوسائل الوقائية قبل قليل: الاستئذان وسيلة، لا تدخلوا البيوت حتى تستأذن، وهذا يقيك من شرور ومن رؤية أشياء قد لا تُرضى، وربما توصلك إلى ما يحمد عقباه، وهي خطوة من خطوات الشيطان. والآن القرآن أتى بموضوع خطير في المجتمع: وهو غض البصر، وهذا موضوع خطير جداً لو أن المسلمين غضوا أبصارهم ما انتشرت الفواحش ‏التي نراها: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ذكرنا سابقا هذا فعل محذوف فعل الأمر: قل للمؤمنين غضوا من أبصاركم فسوف ‏يغضون من أبصارهم، (يغضوا) جواب طلب محذوف؛ لأنه لا يستقيم المعنى لو قلنا: (قل للمؤمنين (يغضوا) جواب قل، يغضوا ليس جواب قل، ‏يغضوا جواب أمر: (غضوا). ‏(وقل للمؤمنات اغضضن جواب يغضضن) هذا فقط للتوضيح. ‏﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾.‏

المقدم: هنا سؤال: أولاً: لماذا قدم غض البصر على حفظ الفرج؟ وثانياً: لماذا قال: (يغضوا من أبصارهم) ولم يقل: (يحفظوا من فروجهم) قال: يحفظوا فروجهم مباشرة؟

د. المستغانمي: لأن العملية في غض البصر فيها نسب تتفاوت أما في حفظ الفرج فلا يوجد نِسب. أولاً: لماذا أمر بغض البصر؟ لأن غض البصر أو رؤية المحرمات تقود إلى الزنا، لأن البصر بريد الزنا، هكذا يقول الفقهاء. لكن أنت سؤالك صحيح: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ (من) للتجزئة والتبعيض، فالقرآن ما طلب منا أن نمشي ونحن مكبون على وجوهنا، لا بد أن ترفع رأسك وأن تمشي باحترام، لكن إذا رأيت شيئاً لا يناسب غض من بصرك وكبّ رأسك، والغض: هو الخفض.‏

المقدم: يعني الإسلام لم يأمرنا بأن نمشي مكبلين الأعين؟

د. المستغانمي: يكون غير منطقي لذلك أنا أقول ملحوظة من فوق هذا المنبر الإسلامي: عندما ترى بعض الناس الذين يتجاوزون العرف ويمشي مكباً على وجهه بشكل مضطرد يريد أن يبين مدى التزامه بالشرع، فالإسلام ما طلب منك ذلك، الإسلام يأمر أبناءه أن يمشوا وهم مرفوعو الرؤوس، لكن في وقار وباحترام، وإذا رأوا شيئاً يغضوا من أبصارهم، هذه هي الاستقامة المنطقية المجتمعية التي جاء بها الإسلام. أما حفظ الفرج: لو قال: (ويحفظوا من فروجهم) جزء من فروجهم لا، بل حفظ نهائي لفروجهم لا يوجد نسبة هنا إما تحفظ وإما لا تحفظ.

المقدم: لذلك –سبحان الله- ورد في السنة ولا أعرف صحة الحديث: بأنه النظرة الأولى لك والثانية عليك. فبالتالي أنت يفترض أنك تمشي بشكل مستقيم فإن رأيت ما يؤذيك فاغضض بصرك، وهذا هو الأدب. يقول تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ ربما يقول قائل: الرجل يغض بصره من أجل ألا يقع في الحرام، لكن المرأة عن ما تغض بصرها؟

د. المستغانمي: أيضاً لأجل ذلك حتى لا يعتقد هذا الاعتقاد الذي تفضلت به أتت الآية: ‏﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾، وإلا في العادة يمشي على التكثير والتغليب: (يا أيها الذين آمنوا) في القرآن كله خطاب للرجال والنساء حتى لا تعتقد النسوة بأن هذا الخطاب خاص بالرجال، لأن الرجال كثيرًا ما يقع منهم ذلك، لا، جاء الخطاب موجهاً للنساء إذاً: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ ‏مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ المرأة المسلمة الحيية العفيفة أيضاً لا تحدق بشدة للرجال ولا تنظر إلى أشياء منكرة في الدنيا، فهي مطالبة ومخاطبة كما خوطب الرجل، ولذلك ورد في السنة عندما زار عبد الله بن أم مكتوم وكان أعمى كانت أم سلمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحدة معها من أزواج النبي صلى ‏الله عليه وسلم فقال: تفرقا فقالتا: إنه أعمى، فقال: أفعمويان أنتما؟! إذاً غص البصر يطالب به الرجل، وتطالب به المرأة.‏

المقدم: لكن عدم إبداء الزينة مقتصر على المرأة؛ لأنه لا يعقل بأن الرجل يثير المرأة بزينته.‏

د. المستغانمي: نعم الرجل عادي، لذلك جاءت: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ ما قال: ولا يبدون زينتهم،

المقدم: وإن كان بعد ذلك جاء التشريع وهذه الآية من الآيات التي فيها توضيح بعلاقة كيف يجب أن تكون العلاقة في ‏الأسرة، فذكر: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ ما المقصود ما ظهر منها؟

د. المستغانمي: المقصود به: الوجه والكفان عند جميع العلماء باتفاق تقريباً عند القول الراجح: الوجه والكفان هو ما ظهر من زينة المرأة. بعضهم يقول: (ما ظهر منها) ما ظهر من شكل المرأة وجسمها، لكن الأدلة تسوغ هذا المعنى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ من تنتقب بنقاب فلها ذلك إذا كانت المرأة جميلة وتخشى على نفسها الفتنة فلها ذلك. لكن هل نقول: هذا من الفريضة؟ لا، اختلاف كبير بين العلماء لا نريد أن ندخل فيه. لكن ما ظهر منها ما تظهره في صلاتها وفي حجها: وهو الوجه والكفان.‏

المقدم: ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّْ﴾؟

د. المستغانمي: الخمار هو الثوب الذي تضعه المرأة على شعرها وعلى عنقها وعلى جيبها والجيب هو فتحة الصدر وليضربن بخمرهن على جيوبهن، وليس على وجوههن، فالقرآن ‏دقيق المسلم يتعنت في فهم القرآن القرآن واضح فقال: وليضربن بخمرهن على الجيوب بمعنى: يشددن الخمار على الجيب ‏حتى لا يظهر العنق، والجيد، والنحر، ولا يظهر العقد ولا تظهر الرقبة إلى غير ذلك.‏

المقدم: ثم قال: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ الذي هم الأزواج: ﴿أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ﴾ آباء الأزواج ﴿أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ ‏بُعُولَتِهِنَّ﴾ يعني: إذا كان أزواجهم متزوجون من نساء أخريات ولهم أبناء فيجوز أن يعيشوا معهم ويظهرون زينتهن أمامهن.‏

المقدم: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ نوضح للمشاهد الكريم: أن الزينة في القرآن تطلق على ما تتزين به المرأة، يعني الحلي ‏والخضاب مثلاً، الكحل، لا تبدي المرأة من زينتها العقد، الخلخال في الرجل، هذا نوع من الزينة، لكن الأمر في الحقيقة: أنا لو أتيتك بمثال: العقد هذا من زينة المرأة العقد لم يكن في الخارج، هل نهى القرآن أن نرى العقد في غير جسم المرأة؟ لا، الأمر في الحقيقة ليس يتعلق بالحلي، بأماكن الحلي، بالحلي مزيّنة لجيد المرأة، لشعر المرأة، الأماكن الأقراط مثلاً أنت لو نظرت إلى قرط المرأة هل في ذلك حرام؟ لا، يحرم ‏الشيء بذاته، فقال العلماء: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ جاء النهي عن إبداء الزينة، فمن باب أولى مواضع الزينة لا تكشف، مواضع ‏الزينة التي هي: الرقبة، الشعر، السيقان، العضد.. إلى غير ذلك.‏

المقدم: حتى وإن جاءت بائعة من البائعات في محل الذهب أو محل الزينة وعرضت مثلاً بكفها أو حملت بيديها فهذه لم تعرض الزينة، فهذه لم ‏تعرض زينتها ولا جيبها ولا شعرها. ﴿أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ﴾ لماذا لم يقل: (أبناء إخوانهن)؟

د. المستغانمي: هنا طبعاً أبناء بنين وبنون جمع ابن، وأبناء اجمع ابن، تعامل مثلما تقول: ملحق بجمع المذكر السالم، لكن أبناء جمع ابن، لكن ‏أبناء على وزن أفعال جمع تكسير يفيد القلة، أفعال وأفعِلة وفُعَلَة هذه جمع قلة، فهنا بعد قليل: ﴿أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ﴾ نعيد الآية: ﴿وَلَا ‏يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ﴾ كم للمرأة من ابن؟ هذا ابنها، بس كم لها من ولد؟ خمسة ستة عشرة ليس مائة! ﴿أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ﴾ كم له من ولد هذا الرجل الذي تزوج بها وأتى بربيب مثلما نقول. ﴿أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ﴾ بني إخوانهن بالعادة المرأة عندها خمسة أخوة أو ستة فكل واحد عنده عشرة فرضاً هنا لكثرة العدد غيّر الأسلوب من أبناء إلى بنين، لماذا؟ ديدن القرآن يقول: ﴿بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ ‏كذلك: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ فالقرآن عودنا ديدن القرآن في التعبير أن يستعمل بني وبنو في الكثرة، فهنا قال العلماء: أبناء للقلة أما بني أخواتهن وبني إخوانهن يمكن واحد عنده سبعة إخوة أو أخوات فكل واحد عنده سبعة ثمانية، فهنا عدل عن أبناء إلى بنين. بحثت في الموضوع و ذهبنا إلى سورة الأحزاب سورة الأحزاب تتكلم عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كم أزواج النبي؟ عدد معين بالنسبة للمسلمين وللأمة، فلما تحدث عن أزواج النبي قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ ‏وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ﴾ لماذا؟ عائشة كم لها من أخ؟ عدد بسيط، فأتى بأبناء إخوانهن وأبناء أخواتهن، العدد محصور. بينما لما يكون الحديث هنا عن الأمة الإسلامية فأتى: (بني إخوانهن أو بني أخواتهن).‏

‏﴿بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ النساء هؤلاء المذكورين أو نساء المؤمنين يجوز الوجهان، لو قال: (أو النساء) بشكل عام جائز لأن نساء المؤمنين يجوز لهن أن يرين زينة المؤمنات. كأن القرآن يقول: (أو أبنائهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو النساء) بشكل عام، لكن قال: (أو نسائهن) نظراً لتناسق الإيقاع، هذه تسمى ‏آية الضمائر خمسة وعشرين ضمير قال ابن العربي الإمام المالكي الذي فسر القرآن، فمراعاة لروعة الإحكام والتناسق قال: (أو نسائهن) وإلا ‏كل النساء يجوز لها أن ترى بعضها البعض. بعض العلماء رأى معنى آخر قال: (أو نساء المؤمنات) نعم غير نساء المشركات، وكأن الأمر فيه سعة.‏

قال تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ من الرجال يجوز إبداء زينتهن، لأنه يعتبر ابن البيت شريطة إذا رأوا منه شيئاً أو شيء يمكن أن يمنع.

المقدم: لكن هذا لا ينطبق على الخدم في زماننا؟

د. المستغانمي: لا أراه ينطبق والله أعلم ويسأل الفقهاء.‏

المقدم: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ﴾؟

د. المستغانمي: غير أولي الحاجة، والتابعين: لا يوجد بيت يخلو من تابعين يعني بعض الناس الكبار الذين يمرون على البيت الذي يحتاج إلى ‏الصدقة ودائماً يعتاد يأتي من بيوت أناس يدخلون، اعتادت العائلة عليه، لكن بشرط غير أولي الإربة غير أولي الشهوة للنساء، الحاجة النفسية والجنسية، فإذا لاحظت العائلة أن ثمة إنساناً دائماً يعتاد من كبار الرجال من غير أولي الإربة والحاجة وقد اعتاد، مسكيناً كانوا ‏يتعطفون عليه ويكرمونه، هذا يجوز.‏

﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ لماذا كل هذه الاستثناءات؟! هؤلاء الآباء والأبناء طبعاً المرأة تتحرج من أن دائمًأ ألا تكشف ساقها أو ‏شيء من ذراعها أو من ساعدها أو من شعرها فرفع الحرج؛ لأن هؤلاء الأقارب يدخلون كثيراً على النساء، وهذا من رحمة الدين الإسلامي.‏

المقدم: طبعاً هم لم ينتهوا بعد ﴿غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ﴾ لماذا لم يقل: (أطفال)؟

د. المستغانمي: هنا المقصود به جنس الطفل: أو الطفل الذين لم يظهروا، هو بين لك بأنني أقصد جنس الطفل الذي لم يعي بعد كخمس سنين ست ‏سنين ولم يبلغ، الذين لم يظهروا ولم يطّلعوا على عورات النساء، لا يفرقون بين الطويلة والقصيرة والجميلة والذميمة وغير ذلك

المقدم: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.‏

د. المستغانمي: ما أحوج المسلمين أن يتوبوا في مثل هذه العلاقات بين الرجال والنساء، العملية تتطلب دائماً توبة ولو كنا مؤمنين.‏

المقدم: جزاك الله خير فضيلة الشيخ! استفدنا كثيراً في هذه الحلقة كما الحلقات الماضية وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعك بما قلت وأن ينفع الجميع بما قلت، وأن يفقهنا في كتابه جل في علاه سبحانه هو القادر على أن يفهمنا إن ‏شاء الله الكثير من خلال هذا البرنامج وهذا ما يسعى إليه البرنامج إن شاء الله من أجل أن يفهم الناس ما الذي يذكر في القرآن من أسرار عظيمة.

https://www.youtube.com/watch?v=_sUePHyJSKg&index=1&list=PLkfWtLTtKgCNPVnTm3YD9deZOub0-yPc5