لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 48

اسلاميات
الحلقة 48

 

تابع الحروف المقطعة:

 

وقفنا عند عدد من الجزئيات المتعلقة بالأحرف المقطعة بسبب سؤال حول الموازنة بين آيتين ظاهرهما متفق ولكن فيهما تقديم وتأخير وخلال الكلام على هذه الأحرف وردنا اتصال من احد الأخوة ذكر فيه أن فضيلة الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه أنه لا يرى الخوض في معاني هذه الأحرف والكلام عليها. هذا جعلني أعود إلى كتاب الشيخ الشعراوي عليه رحمة الله لما له من منزلة في نفوسنا جميعاً فتبين أن الأخ السائل أولاً لم يطلع على كل كلامه ولو اطلع على سائر كلامه لتبين له أن الرجل رحمة الله عليه يذهب إلى ما ذهب إليه عدد كبير من علمائنا وهو الرأي الذي تبنيناه واخترناه أن هذه الأحرف من أمارات الإعجاز وهو تكلم في هذا لكن عنده كلام يقول فيه السؤال عن معاني هذه الأحرف يعني هناك فرق بين أن تسأل عن معنى هذه الأحرف: أن يقول لك شخص (ألم) ما معناها؟ يكون السؤال غلط لأن هذه حروف مقطعة. نحن في هذا المجال قلنا هي فارغة من المعنى بذاتها لكن عندما تكون في داخل السياق يكون لها جزء من دلالة السياق. (ألم ذلك) كأنه قيل في غير القرآن أن هذا القرآن الذي أعجزكم مؤلف من هذه الأحرف المقطعة التي هي الآن بهذه الصورة لا تؤدي معنى لكن الآن صار لها معنى في داخل السياق يعني هي دالة الآن بكونها تشير إلى الإعجاز. هذا الكلام هو الذي ذهب إليه الشيخ الشعراوي ونقرأ شيئاً من كتابه حتى يتبين أن بعضنا لا ينقض كلام بعض ولا سيما أن الشيخ الشعراوي كان مطلعاً على كلام العلماء القدماء ولم يكن يتكلم من عند نفسه وإنما كان يستفيد مما قاله العلماء القدماء ومما فتح الله عز وجل عليه. الأخ السائل نقل كلاماً ليس فيه دقة فوصف جزءاً من كلام الشيخ . هذا الجزء الذي نقله الأخ: وإذا سألت ما هو معنى هذه الحروف نقول إن السؤال في أصله خطأ لأن الحرف لا يسأل عن معناه في اللغة إلا إن كان حرف معنى وفرّق بين حروف المعاني وحروف المباني. حروف المباني التي تبنى منها الكلمات الكاف والتاء والباء في (كتب) حروف مباني، في حرف الجر ومن حرف الجر هذه حروف معاني لها معانيها (في الظرفية، من إبتداء الغاية، إلى إنتهاء الغاية). حروف المباني يقول لا يُسأل عنها (كهيعص) القرآن يقول لكم هذا القرآن بناؤه من هذه الحروف فابنوا مثله. لما تقول كتب مجرّدة يخطر في ذهنك صورة لعملية معينة غير عملية ركض وسمع صورة أخرى لكن لما تقول (ألم) لا يخطر في ذهنك صورة لأنها مفرغة من المعنى بذاتها لكن حتى لا يقال إذن في كلام القرآن هو ليس له معنى نقول هي في ذاتها مفرغة من المعنى لكن في داخل السياق صار لها معنى جديد وهو أن هذه الأحرف هي مادة القرآن. هذا الكلام الأول الذي يقول لا تسأل عن معناها ونحن معه في ذلك لأنه لا يمكن أن نصل إلى معناها. لكن حكمتها وفائدتها هذا السؤال عنه يقول الشيخ رحمة الله عليه في كتابه هذه فائدة أخرى ذكرناها وهذا يدل على إلتقاء الفكر بين الناس لما نرجع إلى مواد معينة) كلامه في غاية الفائدة: ” والقرآن نزل على أمة عربية فيها المؤمن والكافر ومع ذلك لم نسمع أحداً يطعن في الأحرف التي بدأت بها السور وهذا دليل على أنهم فهموها بملكاتهم العربية ولو أنهم لم يفهموها لطعنوا فيها” وهذا الكلام الذي قلناه أنه ما أُثر عن أحد من العرب أنه سأل الرسول r صلى الله عليه وسلم ما معنى ألم لأنهم فهموا ماذا يريد منها أنها من علامات الإعجاز. ليس هذا فقط وإنما النص الأخير لما كان يتكلم على قوله تعالى (ألر تلك آيات الكتاب الحكيم) قال رحمة الله عليه وفي هذه الآيات الكريمة يلفتنا الله سبحانه وتعالى إلى حقيقتين الحقيقة الأولى هي أن الكفار يتخذون من بشرية الرسول r صلى الله عليه وسلم حجة بأن هذا الكتاب ليس من عند الله وكان الرد هو أن كل الرسل السابقين كانوا بشراً فما هو العجب في أن يكون محمد رسولاً بشراً؟ واللفتة الثانية هي أن هذا القرآن مكتوب بالحروف التي خلقها الله لنا لنكتب بها ومع ذلك فإن القرآن الكريم نزل مستخدماً لهذه الحروف التي يعرفها الناس جميعاً معجزاً في أن لا يستطيع الإنس والجن مجتمعين أن يأتوا بسورة واحدة مثله”. هذا ما وصلنا إليه أن هذه الأحرف علامات أو أمارات الإعجاز إذن حتى يكون فهم هذا الرجل العالِم الجليل رحمة الله علينا أن نفهمه فهماً صحيحاً برأيه. نحن تكلمنا عن هذا وذكرنا أن هذه الحروف تشير إلى صدق نبوة الأمّي. وسألني أحد الأخوة قال: كأنا ما أدركنا كيف تكون دليلاً على صدق نبوة الأمي؟ نحن فصلنا فيها كثيراً ولكن بشكل موجز نحن نستفيد من اللغات الأخرى فلما يقول شخص كلمة home الإنجليزية لو تصورنا إنساناً أمياً أو إنساناً ما درس الإنجليزية نسأله عن الصوت المبدوء به يقول (هـ) فإذا سألت من درس الإنجليزية ما الحرف الأول؟ يقول لك h فإذا قال شخص (H,O,M,E) معناه أنه يعرف القراءة والكتابة لكن إذا قال (هـ – أو -م) معناه ينقل أصواتاً. الرسول rr ما قال (أه، ل، م) وإنما قال (ألف، لام، ميم) مما يعرفه القُرّاء والكُتّاب إذن هذا دليل على نبوته r معناه أنه ينقل ما كان يوحى إليه وهو أميٌّ قطعاً لا مجال للشك فيه. فإذا قال قائل أن هذه قد توحي أنه كان r يعرف القراءة نقول له أنه في كتاب الله ما يشير إلى أمية الرسول rr (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) فإذا قيل أن الأميين معناها غير أهل الكتاب نقول عندنا آية أخرى (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون).لأن فسّرت الآية وعلّلت لماذا لم تكن قارئاً كاتباً. لو كنت قارئاً كاتباً لارتاب المبطلون فأنت إذن غير قاريء غير كاتب. وعندنا أحاديث صحيحة في البخاري ” نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب” لا كتابة ولا حساب. فهذا معنى الأمية في القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح فإذن هي دليل النبوة ودليل الإعجاز وذكرنا مسائل أخرى لا نريد أن نعود إليها مرة ثانية.

سؤال: لماذا قدّم المعرّف وأخّر المنكّر، الموقع الأول دائماً معرّف والثاني مُنكّر سواء كان الكتاب أو القرآن؟

في الآية الأولى في سورة الحجر قدّم الكتاب معرّفاً وأخّر القرآن منكّرة (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) الحجر) وفي سورة النمل قدّم القرآن معرّفاً وأخّر الكتاب منكرة (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) النمل). لما اجتمعت الكلمتان قدّم المعرفة وأخّر النكرة. حينما تتقدم المعرفة يعرف عن ماذا يكون الكلام فعندما تأتي اللفظة الثانية بالتنكير لأن نحن قلنا هاتان الآيتان جمعتا. حينما نجمع الآيتين جمعنا الكتاب في اللوح المحفوظ يتبعه قراءة جبريل فقدّم الكتاب وجاءت بعده القراءة (المكتوب في اللوح المحفوظ والمقروء الذي قرأه جبريل في الآية الأولى) وفي الآية الثانية تلقّاه الرسول rr فقرأه فكتبه المسلمون فتقدمت القراءة وتأخرت الكتابة. لكن إذا أردت أن تُحيل على ما سبق فأنت تحيل على معرفة (على شيء معروف) لذلك قالوا الضمير ينبغي أن يعود على مذكور ولا يعود على شيء سيأتي فيما بعد: تقول: جاء زيدٌ فأكرمته ولا تقول أكرمته زيدٌ لأن أكرمته تستعمل الضمير وزيد لم يأتِ فأنت تذكر المعروف (جاء زيدٌ) ثم تذكر بعد ذلك الضمير لأن الضمير لوحده من غير عائد يكون استعماله خطأ لأن ستجعل منه نكرة. فلما قال الكتاب وقرآن سبق التعريف (الكتاب) يعني الكتاب المعهود عندكم وهذا هو القرآن فلما قال قرآن فهو إذن مقروء فجاءت المنكّرة بعد المعرفة لها موقعها ولو كانت النكرة أولاً ألم ذلك كتاب والقرآن لا يكون هذا وليس من أساليب العرب فذكر المعرفة حتى يحيل عليها النكرة وحتى يبين أنه مكتوب مبين ومقروء مبين ومقروء مبين ومكتوب مبين بحسب هاتين المرحلتين والله تعالى أعلم.

السور التي فيها أحرف مقطعة ولم يرد بعدها ذكر كلمة الكتاب ولا القرآن:

هذه الظاهرة موجودة في خمس سور تبدأ بالأحرف المقطعة وليس وراءها مباشرة لا ذكر قرآن ولا ذكر كتاب. لكن لما تتلو السورة كاملة ستجد في داخلها ذكراً للكتاب والقرآن أو الكتاب وحده أو القرآن وحده أو الذكر، هذه مسألة. والمسألة الثانية هي جميعاً في نهايتها كلام على القرآن فكأنها تأخذ الأول والآخر، في البداية (ألم) وفي الآخر كلام على القرآن أو الذكر أو حديث عن هذا الذي أُنزل على الرسول rr فيكون جمعاً بين الاثنتين، والنقطة الثالثة لكا يكون عندنا 29 موضعاً، 24 منها بهيئة معينة، الخمسة الباقية تكون محولة على الكثير تُفهم من خلال الكثير. لما عندي مجموعة من الطلبة يقرأون القرآن تقول للأول إبدأ فيقرأ فتلتفت إلى شخص تقول له يا زيد أكمل فيُكمِل ثم تلتفت لآخر وتقول يا عمرو أكمل فيُكمِل فلو استعملت يا فلان أكمِل 24 مرة ألا يسعك بعد ذلك أن تقول يا فلان ويفهم أنه أكمِل؟! لا تقول له يا فلان أكمِل لأنك قلتها 24 مرة فتكتفي أن تقول يا فلان فيعلم من ذلك. لما يكون 24 موضعاً فيها بعد الأحرف المقطعة القرآن أو الكتاب، هذه الخمسة تابعة لها ولا سيما إذا أضفنا إلى ذلك أن القرآن أو الكتاب ذُكِر في داخل السورة وأنه جاء في الآخر.

النماذج:

سورة مريم (كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) قد يقول قائل أن الآية ليس فيها ذكر الكتاب وإنما ذكر الرحمة لكن لما نمضي في السورة نجد (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)) ذكر الكتاب وفي نهاية السورة (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)) ما الذي يسّره بلسانه؟ واضح أنه القرآن فإذن ختمت السورة بكلام على القرآن.

سورة العنكبوت (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) لم تذكر الكتاب والقرآن مباشرة لكن لما نمضي نجد أنه يقول (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)) وفي نهاية السورة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)) ما الحق الذي جاء به الناس؟ القرآن إذن إشارة إلى القرآن.

سورة الروم (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)) لا يوجد قرآن ولا كتاب ولما نمضي نجد فيها (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)) وفي الختام (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)).

سورة الشورى (حم (1) عسق (2)) بعدها مباشرة (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3))) ماذا يوحي؟ يوحي القرآن. مع ذلك يقولون لم يذكر قرآن ولا كتاب وإذا جئنا إلى نهاية السورة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)) ذكر الكتاب.

سورة نون (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) ذكر القلم مباشرة (وما يسطرون) وفي الداخل (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)) وفي الآخر (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)) والذكر هو القرآن. ماذا سمعموا؟ الذكر والذكر هو القرآن.

فإذن السور الخمس جاء في داخلها القرآن وختمت بكلام على القرآن أو الكتاب إما صريح وإما بإعادة الضمير أو استعمال الذِكر فإذن ربط الأول والآخر.

القرآن مؤلف من هذه الأحرف ولا سيما في 29 موضعاً وهذا مذهبنا في ذلك إختيارنا لما قاله علماؤنا القدماء لأن القدماء عندهم أكثر من رأي وهذا رأي من آرائهم. الذي تكلمنا فيه هو مسألة ما كان آية وما لم يكن آية وهذا من جهدي، ولِمَ جاءت الكتاب هنا والقرآن هنا والعلاقة بين المقاطع هذا من الجهد الشخصي ولا يبعد أن نجد من من قاله من القدماء كما قال عنترة:

هل غادر الشعراء من متردّم أم هل عرفت الدار بعد توهّم

قد تقول وصلنا إلى هذا الأمر بجهد جهيد ثم تجد في حاشية من الحواشي أن أحد العلماء نبّه إلأى هذه المسألة ولكن بقدر ما اطلعت عليه ما وجدته.

سؤال: ما الفرق بين فأردت، فأردنا، فأراد ربك في سورة الكهف؟

(أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82))

هو الخضر أو الرجل الصالح معلِّم موسى u فعل ثلاثة أشياء: خرق سفيبنة خلع لوحاً منها، قتل غلاماً وأقام جداراً ثم قال عنها جميعاً (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)) وإنما كان بأمر من الله سبحانه وتعالى لكن في خلال عرض الأمر ذكر إرادة له مرتين (فأردت، فأردنا) وإرادة لله سبحانه وتعالى (فأراد ربك). إرادة الإنسان غير إرادة الله تعالى، إرادة الإنسان إما بالتوجيه بفعل (أردت أن أشرب) توجهت إلى الشرب، وإما دعاء (أردنا أن الله سبحانه وتعالى يهبنا كذا). هذه الإرادة في الحقيقة. الخضر استعمل الإرادتين: إرادة الفعل وإرادة الدعاء. مع غرق السفينة استعمل إرادة الفعل لأنه توجه إلى الفعل وفعله ولم يستخدم معه صيغة التعويض لأن القضية قضية العيب ولفظ العيب موجود (فأردت أن أعيبها) وعمل معين يقلع لوحاً من السفينة. (فأردت) بتاء المتكلِّم عن نفسه المفرد. لكن لما انتقل إلى الكلام على قتل الغلام وهذا عمل عظيم ليس هيّناً قتل النفس (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (32)) فمهّد بكلمة (فخشينا) الخشية قلنا إما أنه يكون معظّماً لنفسه واللغة تحتمل ذلك لأن العمل عظيم وإما أنه أشرك موسى u معه كما قال موسى u عن تابعه (ذلك ما كنا نبغ) موسى هو الذي كان يبغي وليس التابع لكن قال (كنا) لأنه ملحق معه فاستعمل صيغة المثنى، وإما أن يكون الله عز وجل قد أطلع هذا الرجل على أن أبوي الغلام يعانيان منه بحيث كانا يخشيان أن يرهقهما طغياناً وكفراً فكانت خشيته كخشيتهما فجمع (فخشينا) أنا وأبوا هذا الغلام ومنه (فأردنا) إرادة دعاء هو والأبوين كأنما الله عز وجل أطلعه أنهما كانا يدعوان الله لما يأتي يعذبهما لغرض الكفر (يرهقهما طغياناً وكفرا) من أجل الطغيان والكفر قطعاً كانا يدعوان الله عز وجل أن يبدلهما إنساناً يرحمهما يكون نقياً طاهراً. فالاحتمالات الثلاث كلها تحتملها اللغة : ممكن أنه أراد التعظيم، ممكن أشرك موسى معه وممكن أن الله عز وجل أطلعه على حال أبويه فقال (فخشينا، فأردنا) أنا وأبوا الغلام. البعض يقول (فأردنا) هو والله عز وجل لكن هذا لا يجوز وإلا كيف نفسر (فخشينا) بالتعظيم؟ هو وموسى.

فأراد ربك جعله خالصاً هذا كله هو قام بجزء من العمل لكن بلوغ الغلامين سن الرشد هذا لا شأن له ولا لغيره به وإنما شأن الله سبحانه وتعالى حصراً ليس له سبب. الله تعالى شأنه خرق السفينة لكن كان السبب الخضر، وقتل الغلام شأن الله عز وجل لكن كان السبب الخضر أما إقامة الجدار السبب الخضر لكنه لم يتكلم عن إقامة الجدار وإنما تكلم عن (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) ما تكلم عن إقامة الجدار وإنما تكلم عن مرحلة مستقبلة فبلوغ الغلامين سن الرشد لا يملكه أحد ولم يشارك فيه أحد. (ويستخرجا كنزهما) هو شيء تحت الجدار، شيء غيبي بأمر من الله تعالى لذا كل كلمة استعلمت في موضعها.

سؤال: ما معنى أولي الأيدي والأبصار في (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) ص) وما معنى المصطفَيْن الأخيار في (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) ص)؟

الآيات تتحدث عن تذكير الرسول rr بمن سبقه من الأنبياء والرسل تسلية لقلبه وحتى يجد فيها العبرة. (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)) إذن هو تذكير. الآن هؤلاء رجال أنبياء لما تقول لهم أيدي ولهم أبصار وتريد هذه الأيدي والأبصار هل فيها نفع أو فائدة؟ قطعاً ليس المقصود هو هذا. بعض العلماء يسمي هذا مجازاً أنه ذكر الأيدي وهو يريد القوة وذكر الأبصار وهو يريد البصيرة في أمور الدين والعلم قال أبصار فهو نوع من المجاز. وكلمة المجاز أو الاستعارة أو الكناية أو التشبيه مصطلحات مستعملة في علم البلاغة ويذهب إليها جمهور الأمة ومع ذلك قال بعض العلماء ليس هناك شيء إسمه مجاز ولكن كل كلمة هي حقيقية في مكانها. معناها يتقرر بالسياق فالسياق هو الذي يعطي هذا اللفظ هذا المعنى. الأيدي ليست الأيدي العضو وإنما ماذا تعني في السياق معناها هو حقيقة فيه. كما أنك عندما تقول “شربت من عين باردة” فكلمة عين معناها هذه التي في الجبل ويسيل منها الماء، و”شكى فلان من ألم في عينه” المقصود من كلمة عين هذا العضو فإذن ليس هناك حقيقة ومجاز وإنما كلها حقيقة وكلمة “أرسل الأمير عيونه” هنا تعني الجواسيس أو المخبرين الذين أرسلهم هي حقيقة هنا وليست مجازاً. كل كلمة يُظهر معناها السياق والخلاف ليس خلافاً جوهرياً المهم أنه لما يقول هي تؤدي هذا المعنى يتفق مع الذين قالوا تؤدي هذا المعنى. لما أقول أرسل الأمير عيونه أي مخبريه أنت تقول هذا مجاز وأنا أقول حقيقة نحن اختلفنا سواء قلنا مجازاً أو لم نقل فالمعنى واحد. بعض كبار علماء الشريعة ذهب إلى أنه لا يوجد مجاز ونوقِش الرجل بهذا الأمر وجمهور العلماء يقولون أن اللغة فيها مجاز.

الأيدي هنا العلماء لهم فيها جملة توجيهات ويقولون يمكن أن تكون الأيدي بمعنى القوة (أصحاب القوة) ويمكن أن تكون بمعنى الكرم سواء كانوا أولو الكرم الذي يخرج منهم أو الكرم الذي ينزل عليهم من الله سبحانه وتعالى فيحتمل الأمرين أنهم الذين كرّمهم الله عز وجل لأن اليد تأتي بمعنى الكرم أو القوة سواء كانوا هم أكرم الناس أو أكرمهم الله عز وجل فهم أصحاب أيدي، لله سبحانه وتعالى عليهم يد ولهم يدٌ على الناس. أما الأبصار فبالإجماع يرون أنها البصيرة في العلم والدين. كانت لهم بصيرة في العلم والدين وهذا كرم من الله سبحانه وتعالى.

(إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46)) المصطفى من الاختيار والاصطفاء، الاخيار جمع خيّر وخير. يلفت النظر قوله تعالى (فأخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) والكلام كان مع الرسول rr لتذكيره بشأن هؤلاء: إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم جميعاً الصلاة والسلام. (أخلصناهم بخالصة) أخلصه في الأصل بمعنى نقّاه وصفّاه من الشوائب يكون خالصاً منقىً. نقيّناهم التنقية لهم، وهناك صفة منقاة لهم فالتنقية جاءت مرتين: هم نُقّوا بين البشر وعندهم صفة انتُقيت لهم خالصة لهم دون غيرهم فالتنقية والإخلاص كان مرتين.

لو قيل في غير القرآن (أخلصناهم بخالصةٍ) خالصة نكرة عامة تحتاج إلى بيان فما هذه الخالصة؟ قال: ذكرى الدار. كلمة ذكرى ممكن أن تكون من التذكر تذكر الإنسان شيء فله بذلك ذكرى ويمكن أن تكون من التذكير فهو يقدّم ذكرى للآخرين فاللفظ يمثل المعنيين. والمعنيين مرادان يعني هم يذكرون الآخرة دائماً ويُذكّرون بها، هذا شيء أخلصوا به.

عندنا قراءة نافع مع عدد من القراء (أخلصناهم بخالصةِ ذكرى الدار) بالإضافة لا يُنوّن وإنما يضيف، نافع وعدد من القُرّاء يضيفون وحفص وعدد من القُرّاء ينوّنون. نقول هذه القبائل العربية التي رُخِّص لها بأمر من الله سبحانه وتعالى أو جبريل نزل بها مرتين. نجد المعنى واحداً. لو أخذنا مثالاً: نقول خصّ الله فلاناً بعافيةٍ (بأي عافية) يقول النجاة من الزكام، وضّحها. فخصّ فلاناً بعافية النجاة وضّحت أن العافية هي النجاة. لو قيل: خصّه بعافيةِ النجاة، أيضاً بيّنها لكن عن طريق الإضافة والنسبة أي خصّه بهذه العافية (عافيةٍ النجاة أو بعافيةِ النجاة) لذا نقول القراءات القرآنية لا يتغير فيها المعنى لكن يمكن أن يكون هناك لمسة خفيفة في التفريق: بعافيةِ النجاة فيها نوع من الإرتباط أقوى من بعافيةٍِ النجاة سواء أعني النجاة أو هي النجاة أو بعافيةِ النجاة على البدلية.

(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)): كلمة مصطفى تُصلِح أن تكون مثالاً لبيان إسم المفعول غي الثلاثي. لما نقول إختبر إسم المفعول من غير الثلاثي يكون بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة وفتح ما قبل الآخر (مُختبَر) وإسم الفاعل كسر ما قبل الآخر (مُختبِر). مُختبَر الذي وقع عليه الإختبار ومُختبِر الذي يقوم بالإختبار. نقول المصطفَين جمع للمصطفى (وقع عليهم الإصطفاء فهم المختارون) المصطفَين، ولو كان للفاعل تصير للمصطفِين بكسر الفاء. المصطفَين معنى ذلك أن الله سبحانه الناس يوم القيامة لا يكونون درجة واحدة وإنما درجات. وهناك منزلة الإصطفاء فهؤلاء الأنبياء يكونون في الإصطفاء من المصطفين ومحمد r من هؤلاء مصطفى خير وأمة محمد r في قوله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) وهذه بشارة هذه الطبقة العليا (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) هذه ميزة لأمة محمد r طاعة الله والرسول r.

سؤال: ما الفرق بين سارعوا وسابقوا في الآيتين (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد)؟

في الآيتين أكثر من وقفة: قضية الواو وانعدامها، السموات والسماء، عرضها وكعرضها، للمتقين، للذين آمنوا بالله ورسوله، ذلك فضل الله ولم ترد في الآية الثانية.

سورة آل عمران

سورة الحديد

و

سارعوا

عرضها

السموات والأرض

للمتقين

سابقوا

كعرض

السماء والأرض

للذين آمنوا بالله ورسوله

ذلك فضل الله

لما نأتي إلى سياق الآيات لذا نقول دائماً فهم الآيات يكون بالرجوع إلى السياق. نلاحظ الآية الأولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)) هناك تشريع ونهي عن ارتكاب إثم عظيم، و(واتقوا الله) دعوة للتقوى، (لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ) (واتقوا النار) اتقول ما يوصلكم إلى النار، (وأطيعوا الله والرسول r) لاحظ الواوات، ثم (وسارعوا إلى مغفرة) جاءت الآية في إطار العطف. بينما الآية الأخرى في سورة الحديد (أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)) فيها نوع من الإيضاح والشرح لقضية معينة ثم ما عندنا نهي أو أمر فجاءت (سابقوا) من غير الواو. (وسارعوا) لما يكون تشريع ويكون هناك إثم عظيم على ارتكاب المحالفة. الربا فيه إثم عظيم وكان كثير من المسلمين يتعاطون بالربا قبل تحريمه فلما جاء التحريم طلب منهم أن يسارعوا وليست مسألة مسابقة وإنما كل واحد مسؤول عن فعله لأنه أمر شخصي فطلب إليه أن يُسرع والمجموع أن يسارعوا يتنافسون في السرعة كلٌ يُسرع إلى مغفرة. كيف يُسرع لها؟ بالتوبة والتوبة شخصية فجاءت كلمة سارعوا. ليس هناك مجال للمسابقة أنت وآخَر. الآن المناسبة تعنيك والكلام على الربا والربا شخصي. لكن (سابقوا) الكلام على الدنيا والدنيا فيها منافسات وتنافس ولعب وما من لعب إلا وفيه منافسة واللهو يتنافس فيه الناس والتفاخر الناس يتنافسون فيه. اللعب واللهو كلُ يريد أن يظهر شأنه فيه وتفاخر يتسابقون في الفخر أنا كذا وأنت كذا (ألهكم التكاثر) انظروا كم من ميّت عندنا وكم من ميّت عندكم، وصل الأمر أن يتفاخروا بالأموات. الموضوع ليس هنا ولكن المسابقة هي أن تتسابقوا إلى مغفرة من ربكم تلجأون إلى الله تعالى عن هذا اللهو والعبث لكن فيه تسابق والسباق قطعاً فيه سرعة، هذا فيه سرعة وزيادة.

لماذا قال هناك (عرضها السموات والأرض) وهنا (كعرض السماء والأرض)؟

هنا استعمل الكاف للتشبيه وهناك لم يستخدمها. السموات جمع السماء. صحيح هي مفرد لكن حينما يأتي وحدها تأتي لعدة مصالح: السماء ممكن أن تكون واحدة السموات (سماء واحدة من السموات السبع) وممكن أن تكون بمعنى المطر والغيث وممكن أن تكون لكل ما علاك (كل ما علاك فأظلّك فهو سماء) بحيث تشمل السموات السبع وما فوقها. فلما قال السماء والأرض ويتكلم عن العرض ويريد أن يبين عظمة هذا الأمر. السماء والأرض عظيمة جداً فاستعمل لها التشبيه لأنها غير محدودة لكن لما استعمل السموات إستعمل التحديد (عرضها السموات والأرض) للتقريب. لكن العربي لما يسمع عرضها عرض السموات والأرض قد يفهم منها السماء الأولى الواحدة لكن لما قال (كعرض السماء والأرض) يفهم أن هذا إطلاق. (كعرض) أقوى من (عرضها) وأشمل وأوسع هكذا يُفهم.

ولذلك قال (أُعدّت للمتقين) لأن المتقين قياساً بمجموع الذين آمنوا بالله ورسله قِلّة فوضعهم مع ما هو أضيق (السموات والأرض) لكن هنا (للذين آمنوا بالله ورسله) جميعاً إستعمل السعة مع السعة ولما تحدث عن السعة كان ذلك من فضل الله سبحانه وتعالى أن عمم هؤلاء جميعاً. هنالك المسألة ضعيفة فما ذكر الفضل وهنا لأن المسألة واسعة ذكر فضل الله سبحانه وتعالى.

بًثّت الحلقة بتاريخ 17/6/2006م

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 17/6/2006م:

في الآية (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) الدخان) ذكر فيها ثلاثة أشياء وفي الآية (مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39)) ذكر شيئين فما دلالة هذا الاختلاف؟

ما الفرق بين الشهادة والعلم والرؤية؟

ما معنى الآية (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) البقرة )؟ 2009-01-30 19:32:49