(الحلقة السابعة – تابع إجابة السؤال 7)
(وأعتدت) : نحن كنا بدأنا الكلام حقيقة على هذه الآية في بداياتها وقلنا أن هناك جملة مسائل يتوقف عندها المسلم الذي يريد أن يتأمل كلام الله سبحانه وتعالى من أول هذه المسائل هي قوله (وأعتدت لهن متكأ) هو في البداية الآية الكريمة (فلما سمعت بمكرهن). القصة بإيجاز: ما كان بين امرأة العزيز ويوسف u ومحاولتها لإغواء وإغراء يوسف u واعتصامه بالله سبحانه وتعالى هذه القصة. لكن بدأ النسوة ولا سيما المقربات من امرأة العزيز يتحدثن بشأنها. هذا الكلام الذي كان يجري بينهن وصفه القرآن الكريم بأنه مكر (فلما سمعت بمكرهن) فالكلام على الآخرين حقيقة حتى إذا كان صحيحاً إذا كان يسيئهم فهو من المكر وإشاعة الفاحشة يعني امرأة أرادت أن تُخطيءلكن أن يلغط عليها الناس فيما فعلته فهذا المكر وهو نوع من الإيذاء ولعلها تركن الأمر ولعلّها تابت. هي لما سمعت بمكرهن هي تحركت حركة سريعة أرسلت إليهن ولم يقل أرسلت اليهن بماذا؟ بأية رسالة؟ دعوة للعشاء؟ دعوة للغذاء؟ دعوة للعصاري؟ المهم هي أرسلت اليهنلأن هذا الذي يعنينا من القصة. امرأة العزيز توجهت إليهن برسالة ليحضرن إليها ويبدو أنهن استجبن لذلك وأرادت أن تدخلهن في امتحان (فلما سمعت بمكرهن ) (وأعتدت لهن) لما تنظر في الفعل: أصل الفعل (عَتَدَ) يعني العين والتاء والدال والفعل الآخر (عَدَدَ) فلما تدخل همزة التعدية يصبح أعتد ويفترض أعدد. الأصل (أفعل) أعتد وأعدد ليسا فعلاً واحداً وحدث فيه تغيير ما عندنا دليل، قد يكون كل منهما أصلاً وقد يكون الذي بالتاء هو الأصل وقد يكون الذي بالدال هو الأصل لكن وجود الادغام قد يرجّح – أقول قد- أن يكون الفعل بالتاء هو الأصل لأنه حينما يُسكّن التاء وبعده جال تُقلب التاء الى دال. التاء والدال إذا التقيا يكون ادغام، عادة يُدغم الأول في الثاني. لو قلت (هطلت ديمة) تقلب التاء دالاً (هطلديمة) فيمكن أن تكون التاء أصل وانقلبت الى دال، ويمكن أن يكونا أصلين مستقلين وبينهما تقارب وحيثما يوجد تقارب في الصورة يكون تقارب في المعنى. يقترب المعنى لما يأتي إلى (عتد) العين والدال مع (عدد) العين والدال واحدة الفارق في عين الفعل في الوسط هنا تاء وهنا دال. لما يستعمل عتد أو أعتد معنى ذلك أنه هناك شيء من الهمس لأن التاء مهموس ويكون هناك تنويع بين الجهر والهمس فلما يقول ربنا عز وجل (وأعتدت) غير (أعدت) هذا الادغام كأنه يصور لنا شيئاً مجموعاً مضموماً الى بعضه فيه قوة وشدة وجمع، أما أعتدت فيه تفريق لأولاً (التاء غير الدال) ثم فيه تنويع بين الهمس والجهر كأنه يشير الى تنويع المجلس أنه لم يكن من فراش واحد، لم يكن جنساً واحداً ، لم يكن بساطاً. حينما كان تنويع في الفراش: الوثير، الصعب، القوي، الشديد، الهيّن، الليّن بما يناسب التاء وبما يناسب الدال. (أعتدت) في القرآن لما يقول (أعتدنا) القرآن لم يستعمل أعددنا أبداً، وردت أعتدنا 13 مرة ولم يستعمل أعددنا ليس في القرآن أعددنا، أعدّ موجودة. في سورة الكهف (إنا أعتدنا للظالمين ناراً) هنا النار فيها تنويع. لو قال في غير القرآن أعددنا يكون تكرار للحرف (د د) لكن أعتدنا (ت د) صار تنويعاً. حيثما وردت كلمة أعتدنا هناك تنويع في ثلاث عشرة آية لما يقرأها المسلم (أعتدنا لهم عذاباً أليما) (أعتدنا لهم ناراً) كل الآيات حيثما وردت في موضع أو موضعين يذكر (أعتدنا لهم سعيرا) سعيراً فقط لا يصفها. لما ننظر في كلمة سعير أولاً هم يقولون من أسماء النار ولكن هناك حذف ولكن هي نار سعير مسعّرة أو مسعورة. السعير يعني النار التي تُسعّر هي التي تهيّج وتُلهِب. السعير هي اسم من أسماء النار لكن من يقول سعير (فعيل) بمعنى مفعول مثل أسير بمعنى مأسور وقتيل بمعنى مقتول. سعير كأنه مسعور لما نقول مسعور يعني مسعّر يعني مهيّج وملهب فيه تهييج وإلهاب فيها تنويع دائماً. لو قال في غير القرآن (أعددنا) يكون قد فك الادغام والعرب حريصة على الادغام يعنب لما يكون الحرف هو هو يكون قد فارق سنن العربية في كلامها بهذه الطريقة. لكن لو قال أعتدنا وافق سنن العرب أولاً في اختيار الفكّ وغيّر في الصوت: جعل هذا الصوت غير هذا الصوت حتى تشير الى التنويع. لا نقول كلمة أعددنا في غير القرآن خطأ هذا كلام غير صحيح لكن لا تعطي فيها معنى التنويع لما نقول أعددت له كذا أو أعدّ له ليس فيها التنويع لا تحس التنويع وإنما تحسّ بالتكتل. التويع مطلق أحياناً في العذاب نفسه ألوان العذاب وأنواعه منوّع. أنواع هذا الذي هيّأته من الفراش فقال (وأعتدت) كان يستطيع في غير القرآن أن يقول (أعدت لهن مجلساً) لاحظ كلمة مجلس يرتبط بالجلوس: مكان الجلوس مجرد مكان للجلوس، بينما المتكأ فيه هذه الاستراحة. عندما تتكئ على شيء فيه نوع من أنواع الاستراحة والتراخي متكأ فهو ليس مجرد مجلس وإنما مجلس فيه استرخاء وراحة حتى تكون كل واحدة مرتاحة في جلستها.
ثم قال (وآتت كل واحدة منهن سكينا): لاحظ أصلها: اتي وأعطت أصلها عطو (عطى يعطو). نلاحظ الأحرف وهذه سمة في العربية، نحن نقول البيان القرآني وفي الحقيقة في الوقت بيان هذه اللغة التي يحاول بعض أبنائها أن ينسلخ منها للغة أخرى لم تتصل برواية منقطعة وقلنا أن الفرنسي لا يستطيع أن يقرأ ما كتبه أجداده قبل 400 عام والانجليزي والصيني وكل الدنيا ونحن نقرأ ما كُتِب قبل ألف عام. هذه الميزة عندما تتشابه الحروف نلاحظ كلمة أتي (همزة، تاء، ياء) ما الذي يقابل الهمزة في عطو؟ يقابلها العين والعين أنصع وأقوى من الهمزة (أ – ع) ولذلك الخليل بدأ بالعين لم يبدأ بالهمزة مع أن الهمزة أعمق بلا خلاف. ننظر في (أتي) نجد الحروف متجانسة بينها وبين (عطو) لكن العين أقوى من الهمزة وأنصع. الحرف الثاني: الطاء والتاء والطاء أقوى (الطاء مطبقة) الطاء من مخرج التاء. والطاء علماؤنا يقولون أنه مجهور صحيح. الدرس الصوتي الحديث يقال أنه لا يهتز به الوتران يعني هو مهموس في تصنيف اهتزاز الوترين أما في مصطلح القدماء نحن نقول هناك اتفاق في المصطلح واختلاف في ماهية المصطلح وما يراد به. عند علمائنا القدماء وهذا يغيب عن أهل الاختصاص. علماؤنا عندما قالوا جهر وهمس كانوا يعنون بالمجهور: حرف قوي الاعتماد عليه من موضعه فلم يجر به النَفَس والمهموس ضعف عليه الاعتماد من موضعه فجرى به النَفَس. يعني الهمزة يمكن أن لا يجري بها النفس لأنها غلقٌ حنجري فلما لا يجري بها النفس صنفوها في المجهور. الطاء لا يجري به النفس صنفوه في المجهور بينما الآن نحن عندنا الضابط مختلف عندنا اهتزاز الوترين هم ما نظروا إلى الوترين فالذي يهتز به الوتران مجهور. الطاء لا يهتز به الوتران فهو بمصطلح اهتزاز الوترين مهموس فالذي لا يهتز به الوتران نقول مهموس ولذلك قالوا: (جثه شخص فسكت) يضاف اليه أكط، في المهموس علماؤنا قالوا الطاء والتاء تبقى في المجهور بناء على ضابطهم بمعنى الجهر إذن الطاء مجهور مطبق على قول علمائنا بينما التاء مهموس مستتر يعني أضعف.الحرف الأول أضعف من الحرف الأول والحرف الثاني أضعف من الحرف الثاني بقي الياء والواو والواو أقوى من الياء وأثقل من الياء لأن قلنا فيها رفع اللسان من الأقصى واستدارة الشفتين بينما الياء رفه اللسان من الأمام. فالاعطاء والعطاء أقوى من الإيتاء من حيث اللفظ الصوتي ومن حيث الدلالة إذا أراد أن يستعمل شيئاً قوياً فيه نوع من التمليك لما يقول (إنا أعطيناك الكوثر) (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة) المال هو مال الله. (يؤتي الحكمة من يشاء) هذه الحكمة/ هذا الإيتاء حقيقة الحكمة فير إعطاء الكوثر. (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) هذا لا يقابل الكوثر يعني ذاك مادي (مِلْك) أعطيناك: شيئ متملك وشيء مادي المهم أقوى وأميز من الإيتاء. الإيتاء فيه نوع من الرِقّة والهدوء. الإعطاء دائماً هناك ارتباط بين الصوت وبين المعنى الذي يراد وهذه قاعدة عامة.
(ولسوف يعطيك ربك فترضى) هذا عطاء في الدنيا والآخرة. لم تكن العرب تقول أعطى هذا نوع من التبذير. لغرض التحديد الدقيق ينبغي أن نستجمع كل ما استعملته العرب أولاً في القرآن كل ما ورد في القرآن من أتي ومشتقاتها وكلمة عطو ومشتقاتها وننظر فيها ثم نستخرج الفوارق لتكن مثلاً عشرة فروق. من خلال الآيات أعطيناك فيه شيء مادي فيه تملّك، وآتيناك شيء معنوي ويرجع وقد يُنسى. إيتاء وليس عطاء (يمكن يكون للتملك). و(آتت كل واحدة منهن سكينا) سترجع وليس عطاء، لو قال أعطت يمكن أن يكون تملك. عملية الإيتاء ليست نهائية لكنها ستُردّ.
حقيقة تحتاج لمراجعة كاملة وتحتاج لتفصيل وبيان دقائق الفروق. نحن بهذا القدر الموجود بين أيدينا نلمس هذا الفراق يعني لو قال أعطت أولاً الصوت يختلف، ثانياً العطاء يكون فيه عدم الاسترداد. ثم مع مناسبة الإيتاء أيضاً للمتكأ ولأعتدت هذا (حرف التاء والياء والهمزة التي هي أخف) ولعلها مناسبة لمجلس النسوة.
لا شك أن العرب كانت تفهم الفوارق بيت الأصوات لذا كان العربي يستعمل هذه الكلمة هنا وهذه الكلمة هنا ويدرك. لم يكن هذا الاستعمال السامي الرفيع الذي نجده في القرآن لكن نجده في الشعر لكن لم نجده بهذه الطريقة. هم يتحسسونها ما كانوا يقولونها بهذه الطريقة فلما يسمعها يحس بذلك ونحن عندنا وقفة لسؤال أحد الاخوة : هل يمكن أن يكون الاعجاز البياني يُقنِع غير المسلم بالدخول الى الاسلام؟ سنأتي ونذكر نماذج من هذه الأمور بإذن الله لما يرد موعد السؤال.
في سورة آل عمران عندما تحدث عن الكفار (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)) قال (فأعذبهم) حاضر وعندما تحدث عن المؤمنين (وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)) قال (فيوفّيهم) ولم يقل فأوفيهم. العمل كله لله تعالى فلماذا قال في الأولى فأعذبهم ثم فيوفّيهم؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي الرجوع الى المصحف. الآيات التي في سورة آل عمران في هذا الموضع فيها نوع من التنويع والتلوين بين الإفراد والجمع وبين الحاضر والغائب لكن لكلٍ موضعه. ننظر في الآيات يبدأ بقوله تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) لمّا يقول: (إذ قال) قال للغائب لكن حينما نسمع (إذ قال الله) الله عز وجل حاضر في القلب دائماً فهو حاضر في قلبك عندما تقول الله الحضور دائم فصار عندك: قال للغائب والله حاضر فلوّنت العبادة بين غائب وحاضر. (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) انظر لأن فيها وفاة ما قال له المسيح أو لن مريم وإنما ذكره بالاسم المجرّد ومن غير نسب ولا كنية (يا عيسى إني متوفيك) (إنّي) هنا الإفراد لأن هذا أمر لا يُنسب إلا لله عز وجل.(وجاعل الذين اتّبعوك) نشدد على كلمة (اتبعوك) حتى لا تُفهم خطأ: الذين اتبعوك اي الذين اتبعوا عيسى u بمبادئه التي جاء فيها وليست المحرّفة فالكلام عن الذين اتبعوه قبل التحريف. (ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) يختلفون: الذي هو خلاف أمته. (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين) لاحظ الحضور المتكلم الحاضر لماذا؟ لأن العذاب دنيا وآخرة (وما لهم من ناصرين).
(وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين) هنا السؤال قالت الأخت رجاء في سؤالها لماذا لم يقل فأوفيهم؟ اولاً: الأجور مت تُدفع؟ قبل العمل أو بعد العمل؟ بعد العمل فينبغي أن ينتهي العمل حتى تُدفع الأجور فإذن الأمر غائب سوف ينتهي العمل وسوف يوفّون الأجور، هذه واحدة. (أوفّيهم) الآن لا يستعمل السين معنى ذلك أنه تراخى الأمر لأنها تدل على التراخي تراخي الموضوع. (فيوفيهم) بالمضارع وهو الغيبة هنا تتناسب مع غيبة الأجور التي ستعطى لهم هذه مسألة الحقيقة (فأعذبهم) في الدنيا يعذبون، (فأحكم) عند رجوعكم أحكم مباشر، كيف؟ يتكلم عن نفسه يتحدث معهم ثم يقلب الكلام بهذا القُرب؟. (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار بُعد، جاء ابتعاد في الكلام عن الكلام الأول. أنت أمام عبارة انتهت وبدأت عبارة أخرى. لم يقل (والذين آمنوا وإنما العبارة تبدأ (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفّيهم أجورهم) صار هناك مسافة مبتعدة ابتعدت فقال (فيوفيهم) هذه واحدة. والمسألة الثانية لما استعمل الغيبة لأن عندنا في نهاية الآية قاعدة عامة، القاعدة العامة جاءت بالغيبة (والله لا يحب الظالمين) هذه قاعدة عامة. لم يقل أنا لا أحب الظالمين إنما قال (والله لا يحب الظالمين) في الغيبة يعني هو لا يحب الظالمين فكأن يوفيهم كانت تمهيداً لمحيء هذه القاعدة العامة (فيوفيهم أجورهم). (والله لا يحب الظالمين) غيب وهي قاعدة عامة فمهّد لها بالعبارة التي فيها الغيب (فيوفيهم أجورهم) بينهما مجانسة لا شك لكن قلنا هناك تلوين في العبارة بين الحضور والغيبة: حضور وغيبة، حضور وغيبة، فهنا قلنا يمكن أن تكون (يوفّيهم) ممهدة لـ(والله لا يحب الظالمين) لكن وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون (فنوفّيهم أجورهم) وعند ذلك لا تكون ممهِدة لـ (والله لا يحب الظالمين) وإنما ممهّدة لقوله (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)). نحن ذكرنا أكثر من مرة حقيقة أن قارئ القرآن (القرّاء السبعة أو العشرة) هم أشبه بممثلين للقبائل الذين نقلوا قراءة القرآن لأن القرآن تنقله الأمّة عن الأمّة وليس أفراداً. حول الكوفة كانت هناك قبائل شتى وفي داخلها جند كانوا يجهزون للفتح في المشرق، عاصم الذي نقرأ قراءة تلميذه حفص له تلميذان: حفص وشُعبة. عاصم في اتصاله بالقبائل وجد بعض القبائل تقرأ (فيوفيهم) وبعضها يقرأ (فنوفيهم) أنه معناها أن جبريل u نزل بالاثنتين (فنوقيهم) و(فيوفيهم) فماذا صنع؟ أقرأ حفصاً بلهجة قبائل معينة يسندون قراءتهم الى الرسول r عن جبريل u وأقرأ شُعبة بالقراءة التي هي (فنوفيهم) لذلك الآن كما يُنسب الى عاصم له روايتان حفص (فيوفيهم) وشُعبة (فنوفيهم). (فيوفيهم) ترتبط بالقاعدة العامة ، (نوفيهم) تنسجم مع ما قبلها من المتحدث لكن صار المعظم نفسه (نحن نصنع كذا وهو واحد لتعظيم الله تعالى) ومهّدت لـ (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) صار فيه تعظيم.
(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)) خلقه: رجع إلى الإفراد. لاحظ الغيبة والحضور والتعظيم وعدم التعظيم كل في موضعه لأن هنا (خلقه) الخلق هنا إفراد لعيسى أولآدم. عندما خاطب موسى قال في سورة طه (إنني أنا الله) لم يقل نحن لأنه لا ينسجم هنا. (إني) بالإفراد لأنه مقام توحيد وهنا مقام الخلق. هذا التنويع نقول حقيقة التنويع بوصفه تنويعاً في الأصل هو نوع من إراحة القراءة يعني هذا التلوين يرتاح فيه القارئ : مرة مفرد ومرة جمع، مرة يتحدث عن نفسه ومرة غائب وفي كلٍّ يراد به واحد هذا التلوين لكن مع هذه الأزمة نجد أن كل كلمة جاءت في موضعها. حينما تأتي قراءتان نحن نجمع بين القرائتين يعني هذا المعنى مراد وهذا المعنى مراد. اختلاف القراءات لا يدخل الشك في قلب القارئ بل على العكس من ذلك لو رجعنا في الحقيقة إلى حال العرب عندما نزل القرآن الكريم نجد أنهم أمة أمّية في جمهورهم، هناك فرق بين من يقرأ ويكتب لا سيما في قريش لأنهم كانوا أهل تجارة فيحتاجون القراءة والكتابة لكن البدوي كان يقول الشعر ويحفظه والنص صريح حقيقة حتى لا يُقال الأمة الأمية ليسوا أصحاب كتاب ليسوا من اليهود والنصارى كلاّ لأن عندنا حديث صحيح:” نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب”. فأميّة الرسول r لا شك فيها سنعود اليه لأن عندنا سؤال وفيه تفصيل.
Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”Table Normal”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}
اسئلة المشاهدين خلال حلقة 10/12/2005م:
- ما سبب المغايرة بين استعمال (بكة) و(مكة) في القرآن؟
- وردت كلمة أجداث في القرآن ثلاث مرات والقبور ثماني مرات فها هناك فرق بين الجدث والقبر؟
- قال تعالى في سورة مريم (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)) وقال (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)) هل هناك اختلاف في المعنى بين اللفظين؟
- قال تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)) لماذا قال (ثم) ولم يقل (و)؟
- في سورة الاسراء قال تعالى (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)) لماذا جاءت تفقهون وليس تسمعون؟ وهب لأننا حتى لو سمعناهم لن نفهم؟
- كثير من الآيات تبدأ بالمفرد ثم تنتهي بالجمع لماذا؟
- (آتيناه من الكنوز) الآية تفيد التملك فلماذا استعمل آتيناك؟ قلنا أن الكنوز ليست ملك للإنسان لكنها ملك لله تعالى . الكنوز ليست تملكاً له.
- في سورة العنكبوت (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) لماذا قال ناديكم ولم يقل شيئاً آخر؟
- في سورة القصص (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا) لماذا أدخل (أن)؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 10/12/2005م
2009-01-30 16:31:54