الحلقة 84
سؤال 316: لماذا لم تذكر النبوة في آية آل عمران (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)) مع أنها وردت في الآية قبلها (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79))؟ لأنه ذكر النبيين قبلها في الآية الأولى 81.
في الآية 79 يقول الله عز وجل (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)) هنا ذكرت النبوة، وفي الآية 81 يقول الله عز وجل (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)) لفت نظر السائلة أنه في هذه الآية 81 ذكر الكتاب والحكمة ولم يذكر النبوة بينما في الآية 79 ذكر النبوة، فلماذا ذُكرت النبوة هنا ولماذا لم تُذكر في الموضع الثاني؟
لو نظرنا في الآيتين سنجد أن الآية الأولى كان الكلام فيها أولاً بإطلاق (مَا كَانَ لِبَشَرٍ) هذا البشر الذي يؤتيه الله سبحانه وتعالى الكتاب والحكم والنبوة، فإذن بشر أوتي الكتاب والحُكم والنبوة ما كان له أن يقول كونوا عباداً لي من دون الله، لا يجوز له ولا يتوقع منه ذلك وهذا في الكلام على أهل الكتاب الذين جعلوا من أنبيائهم كأنهم آلهة أو معبودين من دون الله بل هم جعلوا حتى بعض علمائهم الكبار فصاروا يطيعونهم في معصية الله سبحانه وتعالى فالقرآن الكريم جعلهم كأنهم آلهة أو كأنما جعلوهم آلهة من دون الله. وعندنا حديث لعديّ إبن حاتم الطائي دخل مسجد الرسول rr وهو يقرأ قوله عز وجل عن اليهود والنصارى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) التوبة) فقال عديّ: يا محمد إنهم لم يعبدوهم كيف تقول (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)؟ فقال r: بلى يا عديّ أحلّوا لهم الحرام وحرّموا عليهم الحلال فاتّبعوهم فذلك عبادتهم إياهم. العبادة لها مفهومها في الإسلام، إلتزام المخالفات الشرعية وجعل هذه المخالفات هي الأصل تكون عبادة، هذا هو الذي عليه ديننا. (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) الفرقان) أي إنسان يقوم بالأعمال أو لا يقوم بها بناء على هوى نفسه وليس بناء على سؤال الشرع هو لا يسأل هذا في الشرع حرام أو حلال وإنما يقول أهوى أو لا أهوى وخالف الشرع جعل نفسه إلهاً وأي إنسان يضع تشريعات للبشر خلاف شرع الله للبشر والله سبحانه تعالى وضع تشريعات للبشر ينظم حياته (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ (140) البقرة) هذا السؤال الرباني قطعاً الله سبحانه وتعالى أعلم. الله سبحانه وتعالى وضع لنا هذا الشرع ووضع للأمم السابقة شرعهم فهم صاروا يضعون شرعاً خلاف ما شرع لهم فجعلهم الإسلام كأنما اتخذوهم آلهة من دون الله سبحانه وتعالى. (ما كان لبشر) فلا ينبغي لبشر أن يقول كونوا عباداً لي لا يقولها ولا يتصرف تصرفاً يؤدي إلى أن يجعل من نفسه إلهاً ويكون هؤلاء عباداً له. فالكلام عام لكن الآية في توجهها تتعلق بأهل الكتاب وبإتخاذهم الأنبياء آلهة كأنما جعلوه إبن الله وقصّ علينا القرآن الكريم ذلك فيقول القرآن لهم ما ينبغي لبشر أن يقول فهذا من عندكم أنتم تقولون هذا البشر الذي جعلته نبياً لا يقول لكم هذا فلما ذكر البشر ذكر النبوة، لو لم تذكر النبوة هاهنا ولو في غير القرآن ما ذكرت النبوة، يقولون نعم هذا خاص بالعلماء آتاهم الكتاب والحكم لكن نحن نقول نحن عباد لأنبيائنا فجاءت كلمة النبوة هنا حتى تنفي هذا الاحتمال. (الذين أوتوا الكتاب) أي الذين نقل إليهم الكتاب فهم ممن أوتوا الكتاب، الأنباع أوتوا الكتاب ونحن من الأتباع، نحن أوتينا الكتاب عن طريق محمد r. ولو لم تكن النبوة كان يلتبس الأمر وكان ممكن أن يدًعوا أنه صحيح نحن الذين أوتوا الكتاب لا نجعله إلهاً لكن النبي نجعله إلهاً. فهذه فائدة ذكر كلمة النبوة.
عندنا (بما كنتم تعلّمون) عند نافع (بما كنتم تعلَمون) تعلّمون وتعلمون لأن العالِم يعلِّم فالمهنى متقارب. تدرسون تقويّها أنه تعلمون وتدرسون (تعلّمون وتدرسون). نافع وإبن كثير وأبو عمرو قرأوا تعلَمون وأغلب القراء قرأوا تعلِّمون. (تعلَمون) قرأها أهل المدينة ومكة والبصرة، (تعلِّمون) قبائل أهل الكوفة على كثرتها وأهل الشام. لا نستطيع أن نقول قريش لأنها اختلطت. كلمة تعلمون: مكة تعلمون، المدينة تعلمون والبصرة تعلمون والشام تعلّمون، القبائل العربية الكثيرة في الكوفة تعلّمون قُرئت بين يدي رسول الله r. القارئ لا يزيد على كونه شريط تسجيل، يسجل ما يسمع. هذه القبائل مئات الألوف من الناس يقرأون هكذا فأنا أقرأ بقراءتهم.
(النبوة) نافع وحده قرأ (النبوءة) أهل المدينة وحدهم قرأوا النبوءة والنبيئين هذه ستأتي، لأن أهل المدينة الذين بقراءتهم قرأ نافع أخذوا الكلمة من النبأ فالنبيء الذي نقل النبأ عن الله سبحانه وتعالى. وجمهور العرب الآخرين قلنا لما ينطق العربي العلماء يأولون. مكة والبصرة وقبائل الكوفة والشام كلهم قرأوا النبي والنبيين، أهل المدينة وحدهم قرأوا النبيء والنبيئين. النبي والنبيئين باعتبار من النبأ، النبي والنبوة والنبيون علماؤنا وجهوها بأحد توجيهين: قالوا إما أن تكون هي من النبأ وخففت الهمزة وهذا وارد لأن جمهور العرب يكرهونها والعجيب أن أهل المدينة الذين بقراءتهم قرأ نافع يخففون كل الهمزات (فأكله الذئب) قرأوها (فأكله الذيب) يخففونها وفي (قل للمومنين) بدل (قل للمؤمنين) فالقارئ عبارة عن مسجل، لما جاء إلى النبي r قرأها النبيء، لا تقل له أنت تخفف الهمزات، جمهور العرب يقولون النبي تأتي أنت وتثبت له همزة؟ يقول لك هذا ليس شغلي لأني ناقل. أهل المدينة جميعاً لعلهم الأنصار ومن كان يسكن فيها من المهاجرين لأن نافع يمثل قراءة أهل المدينة يقرأون فأكله الذيب ويقرأون يا أيها النبيء، هذا نطقهم. فإما أن تكون هي النبيء وخففت أو هي النبي من النباوة بمعنى الرفيع الشأن (نبا ينبو بمعنى ارتفع يرتفع) النباوة بمعنى الرفعة. فالنبي من النباوة يعني من الرفعة. العرب ما فسروا هذا، العرب قالوا (يا أيها النبي) هم قرأوها هكذا لكن العلماء هكذا وجّهوا، قالوا إما أن تكون من النبأ لأنه ينبيء عن الله عز وجل وإما من رفعة شأنه كلاهما وارد ولكن أهل المدينة أثبتوا الهمزة فالذي يقرأ بقراءتهم يثبت الهمزة والذي يقرأ بقراءة سائر الناس يزيل الهمزة أو يخففها أو يجعلها من النباوة ويقول النبي هكا بهذا المعنى.
الآية الأولى تلاحظ أنه في بدايتها ذكر النبيين، هناك قال (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) لما قال بشر ذكر النبوة. هنا لما ذكر النبيين فلا داعي لإعادتها مرة أخرى لأنه قال (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ) فلا يحتاج إلى ذلك. فإذن هناك لما لم يذكر النبيين ذكر النبوة وهنا ذكر النبيين فلم يحتاج لذكر النبوة.
إستطراد من المقدم: القراءات التي تذكرها هل سمعها الرسول rr كلها كاملة قبل أن يُرفع إلى الرفيق الأعلى أم استحدثت قراءات من بعده وأقرها الصحابة؟
العلماء ينصون أن القراءة سُنّة متبعة عن رسول الله r حصراً نقلاً عن ربه هو لم يتصرف فيها r، لا يملك r أن يتصرف فيها فمن باب أولى لا يملك أصحابه ولا من بعد أصحابه رضي الله عنهم أن يتصرفوا فيها. لأن عندنا أحاديث صحيحة أن الرسول rr سأل ربه أن يخفف عن أمته في مسألة نطق القرآن لأنها أمة أمية فبقي مع جبريل u على حرف، على حرفين، على ثلاثة إلى أن وصل ‘لى سبعة أحرف وعلماؤنا يقولون هذه السبعة لا تعني الرقم الذي بين السبعة التي بين الستة والثمانية. ينبغي أن نفرق بين القراءات السبع والأحرف السبعة: الأحرف هي ما أقره رسول الله r لقبائل العرب وكانت تختلف بحسب قراءاتهم يقرأ (عتى حين) يقرأ (وهو الغفور الرحيم يقرأ بدلها وهو السميع العليم) المنزل كان يمليه (وهو الغفور الرحيم) لكن قبيلة قرأت (السميع العليم) فيقول بإذن الله لا بأس فقط قال لهم لا تخلطوا آية رحمة بآية عذاب، كان فيه فسحة لهؤلاء القبائل العربية قبل أن تتعلم أما الوحي المكتوب فكان مدوناً في عهد الرسول rr لا خوف عليه لكن هذه القبائل في البوداي. القرآن دُوّن كاملاً في عهد الرسول rr لكن ليس بين دفتي كتاب، هو كان مكتوباً فضلاً عن أنه كان محفوظاً في صدور الصحابة. أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بإحراق الكتابة التي بلهحات القبائل لكن الكتابة التي كان يُرجع إليها هي بلغة قريش جمعتها هذه اللجنة من لغة قريش وثبتوها وحتى لما اختلفوا في رسم حرف قالوا ارسموه بلغة قريش فإنه بها نزل. لما صارت الكتابة والقبائل العربية بدأت لهجاتها تتغير إنتهى موضوع الأحرف بحيث إبن شنبوذ لما أراد أن يقرأ (وهو السميع العليم) بدل (وهو الغفور الرحيم) استتيب قيل له نجلدك، قال الرسول rr أجازها لكن العلماء فهموا لم أجازها r (استتيب أي أن يتوب من هذا ويقرأ بما بين الدفتين) لكن يقرأ بما بين الدفتين. رسم المصحف كان خالياً من النقط ومن الشكل فلما ذهبت نسخ المصاحف في البصرة كان بعض الصحابة يقرأون وأقرأوا أهل البصرة وعلموهم فكل ما وافق رسم المصحف حسِبوا أن عثمان أراده، هذا كان هو القراءات، فالقراءات هي آثار الأحرف السبعة وليست الأحرف السبعة يعني ما بقي من الأحرف السبعة موافقاً لرسم المصحف هذه هي القراءات. فهي إذن كانت رخصة لقبائل العرب في زمانها لذلك نحن في بعض الأحيان نشير إلى القراءات لأنها واقع قائم لكن نتمنى أن ما كان يريده عثمان رضي الله عنه يتحقق الآن بأن يجمعهم على قراءة واحدة أو رواية واحدة فيجتمع الناس وانتشار مصحف المدينة النبوية الآن قد يسهم في تقريب الناس، المعنى لا يختلف. الإخوة الذين يشتغلون بالقراءات كأنهم لا يريدون لهذا العلم أن يندثر فنقول لهم هذا علم الخاصة، علم القراءات يكون علم الخاصة. وأذكر في بلدة صغيرة مثل الفلوجة التي فيها خمسين جامعاً تصلى فيها الجمعة قبل سنوات انتشر فيها القراءات القرآنية وصاروا يأخذون القراءة بالسند وانشغل بها عدد من الشباب ففي محاضرة ألقيتها قلت يا شباب قلصوا هذا الأمر 300 – 400 شاب في الفلوجة والفلوجة صغيرة يمكن أن تركض من أولها إلى آخرها. هذه الكثرة لا تناسب فاجعلوا عدداً من طلبة العلم هم يعتنون بالقراءات.
سؤال 317: لماذا لم تذكر النبوة في آية آل عمران (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)) مع أنها وردت في الآية قبلها (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79))؟ لأنه ذكر النبيين قبلها في الآية الأولى 81.
في الآية 79 يقول الله عز وجل (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)) هنا ذكرت النبوة، وفي الآية 81 يقول الله عز وجل (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)) لفت نظر السائلة أنه في هذه الآية 81 ذكر الكتاب والحكمة ولم يذكر النبوة بينما في الآية 79 ذكر النبوة، فلماذا ذُكرت النبوة هنا ولماذا لم تُذكر في الموضع الثاني؟
لو نظرنا في الآيتين سنجد أن الآية الأولى كان الكلام فيها أولاً بإطلاق (مَا كَانَ لِبَشَرٍ) هذا البشر الذي يؤتيه الله سبحانه وتعالى الكتاب والحكم والنبوة، فإذن بشر أوتي الكتاب والحُكم والنبوة ما كان له أن يقول كونوا عباداً لي من دون الله، لا يجوز له ولا يتوقع منه ذلك وهذا في الكلام على أهل الكتاب الذين جعلوا من أنبيائهم كأنهم آلهة أو معبودين من دون الله بل هم جعلوا حتى بعض علمائهم الكبار فصاروا يطيعونهم في معصية الله سبحانه وتعالى فالقرآن الكريم جعلهم كأنهم آلهة أو كأنما جعلوهم آلهة من دون الله. وعندنا حديث لعديّ إبن حاتم الطائي دخل مسجد الرسول r وهو يقرأ قوله عز وجل عن اليهود والنصارى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) التوبة) فقال عديّ: يا محمد إنهم لم يعبدوهم كيف تقول (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)؟ فقال r: بلى يا عديّ أحلّوا لهم الحرام وحرّموا عليهم الحلال فاتّبعوهم فذلك عبادتهم إياهم. العبادة لها مفهومها في الإسلام، إلتزام المخالفات الشرعية وجعل هذه المخالفات هي الأصل تكون عبادة، هذا هو الذي عليه ديننا. (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) الفرقان) أي إنسان يقوم بالأعمال أو لا يقوم بها بناء على هوى نفسه وليس بناء على سؤال الشرع هو لا يسأل هذا في الشرع حرام أو حلال وإنما يقول أهوى أو لا أهوى وخالف الشرع جعل نفسه إلهاً وأي إنسان يضع تشريعات للبشر خلاف شرع الله للبشر والله سبحانه تعالى وضع تشريعات للبشر ينظم حياته (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ (140) البقرة) هذا السؤال الرباني قطعاً الله سبحانه وتعالى أعلم. الله سبحانه وتعالى وضع لنا هذا الشرع ووضع للأمم السابقة شرعهم فهم صاروا يضعون شرعاً خلاف ما شرع لهم فجعلهم الإسلام كأنما اتخذوهم آلهة من دون الله سبحانه وتعالى. (ما كان لبشر) فلا ينبغي لبشر أن يقول كونوا عباداً لي لا يقولها ولا يتصرف تصرفاً يؤدي إلى أن يجعل من نفسه إلهاً ويكون هؤلاء عباداً له. فالكلام عام لكن الآية في توجهها تتعلق بأهل الكتاب وبإتخاذهم الأنبياء آلهة كأنما جعلوه إبن الله وقصّ علينا القرآن الكريم ذلك فيقول القرآن لهم ما ينبغي لبشر أن يقول فهذا من عندكم أنتم تقولون هذا البشر الذي جعلته نبياً لا يقول لكم هذا فلما ذكر البشر ذكر النبوة، لو لم تذكر النبوة هاهنا ولو في غير القرآن ما ذكرت النبوة، يقولون نعم هذا خاص بالعلماء آتاهم الكتاب والحكم لكن نحن نقول نحن عباد لأنبيائنا فجاءت كلمة النبوة هنا حتى تنفي هذا الاحتمال. (الذين أوتوا الكتاب) أي الذين نقل إليهم الكتاب فهم ممن أوتوا الكتاب، الأنباع أوتوا الكتاب ونحن من الأتباع، نحن أوتينا الكتاب عن طريق محمد r. ولو لم تكن النبوة كان يلتبس الأمر وكان ممكن أن يدًعوا أنه صحيح نحن الذين أوتوا الكتاب لا نجعله إلهاً لكن النبي نجعله إلهاً. فهذه فائدة ذكر كلمة النبوة.
عندنا (بما كنتم تعلّمون) عند نافع (بما كنتم تعلَمون) تعلّمون وتعلمون لأن العالِم يعلِّم فالمهنى متقارب. تدرسون تقويّها أنه تعلمون وتدرسون (تعلّمون وتدرسون). نافع وإبن كثير وأبو عمرو قرأوا تعلَمون وأغلب القراء قرأوا تعلِّمون. (تعلَمون) قرأها أهل المدينة ومكة والبصرة، (تعلِّمون) قبائل أهل الكوفة على كثرتها وأهل الشام. لا نستطيع أن نقول قريش لأنها اختلطت. كلمة تعلمون: مكة تعلمون، المدينة تعلمون والبصرة تعلمون والشام تعلّمون، القبائل العربية الكثيرة في الكوفة تعلّمون قُرئت بين يدي رسول الله r. القارئ لا يزيد على كونه شريط تسجيل، يسجل ما يسمع. هذه القبائل مئات الألوف من الناس يقرأون هكذا فأنا أقرأ بقراءتهم.
(النبوة) نافع وحده قرأ (النبوءة) أهل المدينة وحدهم قرأوا النبوءة والنبيئين هذه ستأتي، لأن أهل المدينة الذين بقراءتهم قرأ نافع أخذوا الكلمة من النبأ فالنبيء الذي نقل النبأ عن الله سبحانه وتعالى. وجمهور العرب الآخرين قلنا لما ينطق العربي العلماء يأولون. مكة والبصرة وقبائل الكوفة والشام كلهم قرأوا النبي والنبيين، أهل المدينة وحدهم قرأوا النبيء والنبيئين. النبي والنبيئين باعتبار من النبأ، النبي والنبوة والنبيون علماؤنا وجهوها بأحد توجيهين: قالوا إما أن تكون هي من النبأ وخففت الهمزة وهذا وارد لأن جمهور العرب يكرهونها والعجيب أن أهل المدينة الذين بقراءتهم قرأ نافع يخففون كل الهمزات (فأكله الذئب) قرأوها (فأكله الذيب) يخففونها وفي (قل للمومنين) بدل (قل للمؤمنين) فالقارئ عبارة عن مسجل، لما جاء إلى النبي r قرأها النبيء، لا تقل له أنت تخفف الهمزات، جمهور العرب يقولون النبي تأتي أنت وتثبت له همزة؟ يقول لك هذا ليس شغلي لأني ناقل. أهل المدينة جميعاً لعلهم الأنصار ومن كان يسكن فيها من المهاجرين لأن نافع يمثل قراءة أهل المدينة يقرأون فأكله الذيب ويقرأون يا أيها النبيء، هذا نطقهم. فإما أن تكون هي النبيء وخففت أو هي النبي من النباوة بمعنى الرفيع الشأن (نبا ينبو بمعنى ارتفع يرتفع) النباوة بمعنى الرفعة. فالنبي من النباوة يعني من الرفعة. العرب ما فسروا هذا، العرب قالوا (يا أيها النبي) هم قرأوها هكذا لكن العلماء هكذا وجّهوا، قالوا إما أن تكون من النبأ لأنه ينبيء عن الله عز وجل وإما من رفعة شأنه كلاهما وارد ولكن أهل المدينة أثبتوا الهمزة فالذي يقرأ بقراءتهم يثبت الهمزة والذي يقرأ بقراءة سائر الناس يزيل الهمزة أو يخففها أو يجعلها من النباوة ويقول النبي هكا بهذا المعنى.
الآية الأولى تلاحظ أنه في بدايتها ذكر النبيين، هناك قال (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) لما قال بشر ذكر النبوة. هنا لما ذكر النبيين فلا داعي لإعادتها مرة أخرى لأنه قال (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ) فلا يحتاج إلى ذلك. فإذن هناك لما لم يذكر النبيين ذكر النبوة وهنا ذكر النبيين فلم يحتاج لذكر النبوة.
إستطراد من المقدم: القراءات التي تذكرها هل سمعها الرسول r كلها كاملة قبل أن يُرفع إلى الرفيق الأعلى أم استحدثت قراءات من بعده وأقرها الصحابة؟
العلماء ينصون أن القراءة سُنّة متبعة عن رسول الله r حصراً نقلاً عن ربه هو لم يتصرف فيها r، لا يملك r أن يتصرف فيها فمن باب أولى لا يملك أصحابه ولا من بعد أصحابه رضي الله عنهم أن يتصرفوا فيها. لأن عندنا أحاديث صحيحة أن الرسول r سأل ربه أن يخفف عن أمته في مسألة نطق القرآن لأنها أمة أمية فبقي مع جبريل u على حرف، على حرفين، على ثلاثة إلى أن وصل ‘لى سبعة أحرف وعلماؤنا يقولون هذه السبعة لا تعني الرقم الذي بين السبعة التي بين الستة والثمانية. ينبغي أن نفرق بين القراءات السبع والأحرف السبعة: الأحرف هي ما أقره رسول الله r لقبائل العرب وكانت تختلف بحسب قراءاتهم يقرأ (عتى حين) يقرأ (وهو الغفور الرحيم يقرأ بدلها وهو السميع العليم) المنزل كان يمليه (وهو الغفور الرحيم) لكن قبيلة قرأت (السميع العليم) فيقول بإذن الله لا بأس فقط قال لهم لا تخلطوا آية رحمة بآية عذاب، كان فيه فسحة لهؤلاء القبائل العربية قبل أن تتعلم أما الوحي المكتوب فكان مدوناً في عهد الرسول r لا خوف عليه لكن هذه القبائل في البوداي. القرآن دُوّن كاملاً في عهد الرسول r لكن ليس بين دفتي كتاب، هو كان مكتوباً فضلاً عن أنه كان محفوظاً في صدور الصحابة. أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بإحراق الكتابة التي بلهحات القبائل لكن الكتابة التي كان يُرجع إليها هي بلغة قريش جمعتها هذه اللجنة من لغة قريش وثبتوها وحتى لما اختلفوا في رسم حرف قالوا ارسموه بلغة قريش فإنه بها نزل. لما صارت الكتابة والقبائل العربية بدأت لهجاتها تتغير إنتهى موضوع الأحرف بحيث إبن شنبوذ لما أراد أن يقرأ (وهو السميع العليم) بدل (وهو الغفور الرحيم) استتيب قيل له نجلدك، قال الرسول r أجازها لكن العلماء فهموا لم أجازها r (استتيب أي أن يتوب من هذا ويقرأ بما بين الدفتين) لكن يقرأ بما بين الدفتين. رسم المصحف كان خالياً من النقط ومن الشكل فلما ذهبت نسخ المصاحف في البصرة كان بعض الصحابة يقرأون وأقرأوا أهل البصرة وعلموهم فكل ما وافق رسم المصحف حسِبوا أن عثمان أراده، هذا كان هو القراءات، فالقراءات هي آثار الأحرف السبعة وليست الأحرف السبعة يعني ما بقي من الأحرف السبعة موافقاً لرسم المصحف هذه هي القراءات. فهي إذن كانت رخصة لقبائل العرب في زمانها لذلك نحن في بعض الأحيان نشير إلى القراءات لأنها واقع قائم لكن نتمنى أن ما كان يريده عثمان رضي الله عنه يتحقق الآن بأن يجمعهم على قراءة واحدة أو رواية واحدة فيجتمع الناس وانتشار مصحف المدينة النبوية الآن قد يسهم في تقريب الناس، المعنى لا يختلف. الإخوة الذين يشتغلون بالقراءات كأنهم لا يريدون لهذا العلم أن يندثر فنقول لهم هذا علم الخاصة، علم القراءات يكون علم الخاصة. وأذكر في بلدة صغيرة مثل الفلوجة التي فيها خمسين جامعاً تصلى فيها الجمعة قبل سنوات انتشر فيها القراءات القرآنية وصاروا يأخذون القراءة بالسند وانشغل بها عدد من الشباب ففي محاضرة ألقيتها قلت يا شباب قلصوا هذا الأمر 300 – 400 شاب في الفلوجة والفلوجة صغيرة يمكن أن تركض من أولها إلى آخرها. هذه الكثرة لا تناسب فاجعلوا عدداً من طلبة العلم هم يعتنون بالقراءات.
سؤال 318: لماذا جاءت (ناصح) بإسم الفاعل (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) الأعراف) مع أنها جاءت بعدها بصيغة الفعل (وَأَنْصَحُ لَكُمْ، وَنَصَحْتُ لَكُمْ) في سورة الأعراف؟
لو تأملنا الآية، النظر في كلام الله سبحانه وتعالى يُظهر أو يبين عِلل الإختيار. في الآية الأولى (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62)) هذه مع نوح u (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)) فاستعمل الفعل (أنصح) وبالاستمرارية أي بالفعل المضارع الذي فيه معنى التجدد والاستمرار لأنه مستمر في نُصحهم.
الآية الأخرى في السورة نفسها عن هود u (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)) استعمل إسم الفاعل (ناصح). علماؤنا هنا يقولون هناك فرق بين التُهمتين: التهمة الأولى الضلال إتهموا نوحاً بأنه في ضلال، ضالّ والضلال هو التيه ضال أي تائه أي بعيد عن الصواب، بعيد عن الحق، بعيد عما هو عليه آباؤنا والضلال وصف غير ثابت يتغير بسرعة، تقول للإنسان مثلاً هذا طريق ضلال إنحرف إلى هنا تحوّل إلى هنا فيتحول ليس فيه هذا التشبث أو التمسك لما يكون ضال في الطريق أنت في أفكارك أنت ضال تحول إلى أفكارنا عد إلى عبادة ما نعبد والأمر سهل بدل أن تعبد ربك إعبد أصنامنا فأنت في ضلال يمكن أن يتغير فلما كان الأمر يتعلق بشيء سهل التغيير استعمل الفعل في الرد عليه لما كانت التهمة تتعلق بفعل استُعمِل الفعل في الجواب عنه لكن لما كان الأمر يتعلق بشيء يكاد يكون ثابتاً في الإنسان وهو السفاهة، الإنسان السفيه هذه خِلقة، السفاهة نوع من الحمق.
لكل داء دواء يستطب له إلا الحماقة أعييت من يداويها
ومن معنى السفاهة الحمق ورجعت إلى لسان العرب السفه في الأصل الخِفّة والطيش والسفيه الجاهل والساذج الأحمق. الضلال أمر طارئ يمكن أن يتحول عنه أما السفه يمكن أن يتحول عنه لكن بمدة طويلة يكاد يكون بهذا الشكل فلما كان الأمر يتعلق بإتهام ثابت يكاد يكون ثابتاً إحتاج لنفيه أن يستعمل إسم الفاعل الذي هو دال على الثبات. الكوفيون يسمون إسم الفاعل الفعل الدائم لأن فيه معنى الدوام فاستعمل النصح الثابت في مقابل التهمة الثابتة واستعمل النصح المتغير المتطور في مقابل الصفة المتغيرة المتحولة العارضة فهناك مناسبة في استعمال هذا اللفظ ولذلك العلماء ناصح لا تستقيم في المكان السابق وكلمة أنصح لا تستقيم في هذا المكان. في دقة التعبير لا تستقيم لأن هناك لما استعملوا الشيء العارض ينبغي أن تجيبهم بشيء عارض وهنا لما استعملوا الشيء الثابت ينبغي أن تجيبهم بشيء ثابت (أنصح) فيه تجدد واستمرار لكن فيه نوع من التحول والتغير ليس فيه هذا الثبات، ناصح تقابل السفاهة إتهامه بالسفه ولم يكتف بهذا (كلمة ناصح) وإنما الجملة الأخيرة في الآية (وأنا) يريد أن يزيل عن نفسه هذه التهمة، لاصقة هذه السفاهة وإنما قال (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) (نفس اللفظة التي قيلت عن نوح ولكن زاد عليها (وأنا) إستعمال المتكلم (لكم) وليس لغيركم كأنه تخصيص (وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ) نوع من التأكيد باستعمال الجملة الإسمية واستعمال ضمير المتكلم ومجيء هذه اللام التي هي للإيصال يعني أنا لكم، لأجلكم، أنا من أجلكم، هذا اللفظ يناسب ما تقدم وذلك اللفظ يناسب ما تقدم.
الآية 79 (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) والآية 93 (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) الكلام فيهما بصيغة الماضي فلا موضع لإسم الفاعل فيهما ولذا فهما ليسا مما يقابل الآية 68.
سؤال 319: ما المقصود بكون إبراهيم أمة في الآية (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) النحل)؟
الأمّة في اللغة لها أكثر من معنى، معاني متعددة، من معانيها الجماعة من الناس الذي هم على فكر واحد أو على إعتقاد واحد يسمون أمة ولذلك (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) آل عمران) علماؤنا يقولون هذا لا يعني العِرق العربي وإنما أمة الإسلام يعني بدخولكم هذا الدين ومن دخل معكم تكونون أمة. لكن عندنا معاني أخرى لكلمة أمّة، في اللسان نجد ينقل أكثر من معنى لهذه اللفظة فمن معانيها الأمة الرجل المتفرد في علمه، في خلقه، لما يكون منفرداً في شيء يقولون فلان أمة يعني كأن الأمة اجتمعت فيه بكل عقولها بكل أذهانها. من معاني الأمة الرجل المُتّبَع. فكِلا هذين المعنيين يصلح على إبراهيم u الرجل الذي لا نظير له والإمام المتّبع. عبارة اللسان يقول “والأمّة الإمام والأمّة الرجل الذي لا نظير له ومنه قوله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا) قال أبو عبيدة كان أمة أي إماماً” فإذن يحتمل من حيث اللغة هذا المعنى أيضاً المعنى الآخر لا يبعد أنه كان أمة كان منفرداً عن سواه بالرسالة، بالنبوة، هولا نظير له بينهم. سواء قلنا هذا أو قلنا هذا، الآية على أقوال المفسرين (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا) يعني كان إماماً لقومه.
إستطراد من المقدم: ماذا صنع إبراهيم u ليتفوق على غيره من الأنبياء؟
نحن لا نقول أنه كان متميزاً على الأنبياء لكن هذا نقول محمد r إبراهيم له ميزة أنه أبو الأنبياء يعني كل الأنبياء الذين جاءوا من بعده من ذريته: إبراهيم هو من ذرية نوح u فنوح قبل إبراهيم لكن الأنبياء بعد إبراهيم كلهم من ذريته وما عندنا نبي ليس من ذرية إبراهيم، عيسى u أمه مريم من ذرية إبراهيم وهو خُلِق من غير أب، ومحمد r من ذرية إبراهيم لأنه من ذرية إسماعيل لذلك لما نقول الموازنة: إسماعيل لم يُنبّأ من أولاده إلا محمد r بينما إسحق مئات الأنبياء جاءوا فكأنها كفتا ميزان وكفّة رسول الله r في معتقدنا – كلٌ حرٌ في اعتقاده – نراه سيد الأولين والآخرين قرة العين عليه الصلاة والسلام.
سؤال 320: ما الفرق في إستعمالات الفعل كاد في (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) البقرة) و (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا (40) النور) و (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ (51) القلم)؟
(كاد) في دراسات النحو يقولون هي من أفعال المقاربة. لما تقول: “كاد زيد يفعل كذا” يعني قارب الفعل، نقول “كاد المتسابق يفوز” يعني هو لم يفز لكن قارب الفوز. واستعمال (كاد) يأتي بعدها الفعل المضارع الغالب من غير (أن) إلا النادر (ما كدت أن أصلي العصر) الأصل أن تأتي من غير (أن) كاد يفوز، (لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) التوبة)، كاد يعني قارب الفعل ولم يفعله.
(ما كاد) أو (لم يكد) معناه أصلاً لم يقارب، يعني لا قاربه ولا فعل من باب أولى. “كاد يفوز” يعني قارب الفوز لكن “ما كاد يفوز” أو “لم يكد يفوز” هذا الأصل. لما نسمع ما كاد يفوز يعني أصلاً لم يقارب مرحلة الفوز، نفي المقاربة. لكن قلنا أكثر من مرة أن العربي يتصرف في الألفاظ ويستعملها ونجد بعض آثارها إلى الآن في هذا الإستعمال يعني صار يستعملها بمعنى فعلت بعد جهدٍ وإبطاء. في العامية نحن نستعملها أحياناً فنقول: بالكاد فعلت هذا الأمر، يعني ما كدت أفعله، هو فعله معناه فعله بعد إبطاء. فإذن لما يقول أحياناً في بعض النصوص: “وصلتُ إليك وما كدت أصِل”، لما يقول “ما كدت أصل” لا يعني أنه ما وصلت ولا قاربت الوصول وإنما قال ابتداء وصلت إليك، ما كدت أصل يعني وصلت إليك ولكن بعد جهد وبعد تعب. كيف يتبين عندنا ما كدت أصل أنها ما قاربت الوصول أو ما وصلت أو وصلت بعد جهد؟ الناس لا تتكلم جملة واحدة وإنما هناك واقع حال وهناك سياق فلما نأتي إلى النص (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71) البقرة) هذا بعد قصة البقرة في البداية قال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) البقرة) وجاء (بقرة) بالتنكير المطلوب أن يمسكوا أي بقرة فيذبحوها فشددوا فشدد الله سبحانه وتعالى عليهم، قالوا (قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71)) لما انسد كل المنافذ قالوا الآن جئت بالحق، فذبحوها إذن هي ذُبِحت. لما قال (وما كادوا يفعلون) نفهم من طلمة ما كادوا يفعلون أنهم فعلوا بعد إبطاء وجهد من خلال النص. ويقوّيها لفظة (فذبحوها) كما تقول وصلت إليك وما كدت أصل، لا يعني بقوله وما كدي أصل ما قاربت الوصول أصلاً لكن لما يأتي سياق آخر يقول (ما كاد فلان يفوز) يسأله أفاز فلان في السباق؟ فيقول له: ما كاد يفوز أي أصلاً ما قارب الفوز من خلال السياق.
النص الآخر نلاحظ الصورة (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40) النور) كأن البحر صار شيئاً غير الموج وكأن الموج إستقل عنه، من فوقه سحاب منخفض كلها ظلمات (بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) الشخص الذي في هذا الوضع إذا أخرج يده لم يكد يراها، يعني لا يرى ولا يقارب رؤيتها، هو يريد أن يبين شدة الظلمات أن الإنسان إذا نظر إلى يده لا يراها يعني لا يراها ولا يقترب من رؤيتها، حتى ما قارب رؤيتها لشدة الظلمات، لم يكد يراها. فإذن النص هو الذي يبين معنى (كاد) و(ما كاد) و(لم يكد) الأصل فيه أنه للمقاربة والنفي نفي المقاربة لكن العرب استعملت هكذا والقرآن تكلم بلغتهم.
(وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) القلم) هذا مع الفعل المضارع لشدة سوء نظراتهم يكادون يجعلونك تزِلّ قدمك كأنهم قاربوا إزلال قدمك وهنا (إن) بمعنى (إنّ) المخففة من الثقيلة. يعني إنهم يكادون يقتربون من إزلالك بنظراتهم وفعلاً أحياناً إذا الإنسان يمشي ومجموعة من الناس ينظرون إليه يرتبك في مشيه. يكادون كأنهم حريصون على أن يؤذوك بنظراتهم إلى درجة أن يجعلوا قدمك تزل وأنت سائر، فإذن هنا فيها معنى المقاربة.
خلاصة الأمر السياق هو الذي يعين المعنى الطبيعي الذي عليه أو المعنى الذي تحول إليه العربي بتحول الدلالة يعني صار يعطيه دلالة جديدة لكن وفق السياق هو الذي يبين مراده منها.
سؤال 321: ما الفرق في التعبير بين الآيتين (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) الأنفال) و (إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (36) يونس)؟
هذا سؤال غريب وعادة السائلة تسأل أسئلة فيها دقة في النظر. الآية (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) الأنفال) الفئة مؤنث فيفترض أن يكون الفعل معها مؤنثاً. ممكن في غير القرآن بسبب وجود الفاصل كلمة (عنكم) يمكن أن يقول (يغني) لكن لما تأتي على الأصل لا يُسأل عنه. لو قيل في غير القرآن (لن يغني) وأنا رجعت إلى القراءات فما وجدت قراءة (لا يغني) مع أنه من حيث اللغة جائز، جميع القراء مطبقون على كلمة (تغني). الكلام عن فئة فطبيعي أن يأتي الفعل مؤنثاً.
أما الآية الأخرى (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) يونس) لا تستطيع أن تقول (لا تغني) لأن اللفظ مذكر. إذا كان هذا هو سؤال السائلة وهذا هو الذي فهمناه من سؤالها. وفتشت عن جزئية أخرى في الآية فما وجدت.
تأنيث الفعل للفاعل نحن عندنا فيها قواعد ثابتة:
- إذا كان الفاعل مجازي التأنيث مثل شمس يعني ليس له مذكر من جنسه إذا كان الفاعل ظاهراً فالفعل معه يجوز تأنيثه وتذكيره على السواء عند العرب يقول طلعت الشمس ويقول طلع الشمس.
- إذا كان حقيقي التأنيث يُنظر هل هناك فاصل؟ إذا وجد الفاصل عند ذلك يجوز التذكير والتأنيث فنقول “جاء إلى المحطة فاطمة” ولك أن تقول “جاءت إلى المحطة فاطمة”. إذا لم يكن هناك فاصل فليس لك إلا أن تؤنّث “جاءت فاطمة”. ولا يجوز جاء فاطمة وإن كان سيبويه قال: وسمعت بعض العرب يقول: قال فلانة من غير فاصل، وهذا نوع من الأمانة العلمية لدى علمائنا.
- إذا كان الفعل ضميراً مستتراً حتى إذا كان يعود على مؤنث مجازي يجب تأنيث الفعل نقول الشمس طلعت ولا يجوز أن نقول الشمس طلع.
سؤال 322: ما دلالة تقديم المفعول به مع ذكر الموت (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)؟ وما الفرق بين حضر وجاء وأدرك وأصاب؟
هذا السؤال توسعت فيه ونستفيد في هذا من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم وظهر عندي الإستعمال: جاء لفظ الموت فاعلاً في أحد عشر موضعاً في القرآن كله، جاء فيها جميعها متأخراً، يعني المفعول به يكون متقدماً دائماً وما دام في كلها جاء متقدماً كأنه إبعاد للفظ الموت وتقديم للمفعول به وحتى يكون كما يقول بعض العلماء نوع من التشوق لمعرفة الفاعل أنه من الذي سيفعل هذا وأبعد لفظة الموت يعني ما بدأ بها. إذن فيه تقديم إما للإهتمام بالمقدّم أو لإبعاد شبح الموت هذا لأنه حيثما وردت كلمة الموت فاعلاً المفعول به متقدم في أحد عشر موضعاً. بعض العلماء يقول: ذلك التقديم للعناية والإهتمام والتلهف لمعرفة الفاعل.
الموت مع (حضر) ورد في أربعة مواضع، مع (جاء) ورد في موضعين، مع (يدرك) ورد في موضعين، مع (يأتي) ورد في موضعين، مع (يتوفى) ورد في موضع واحد. هذه الأفعال التي هي: جاء وحضر وأتى ويدرك ويتوفى كلها تجتمع في معنى واحد وهو الإقتراب، القرب يعني هناك إشارة إلى القرب لكن ألفاظها إختلفت ولما اختلفت ألفاظها إذن لا بد من إختلاف في الصورة. عندما تقول “حضر فلان” تقول حضر فلان وهو معك، الصورة في حضوره، لما تقول جاء فلان كأنما تتصور فكرة المجيء تصير مرسومة صورة المجيء، أتى مثل جاء لكن تكون أقل لأن الصوت يختلف (جاء وأتى) كأنه بشكل أهون ليس بشدة المجيء، الإتيان أخف من المجيء. أدرك كأنه كان يلاحق شيئاً وأدركه لما يقول (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ (78) النساء) كأنه يركض وراءهم، (حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ (15) النساء) كأنه أخذهم وافيات غير منقوصات وكان سبباً لأن الموت لا يتوفى لكن الملائكة وبأمر الله سبحانه وتعالى
لما ننظر في الشواهد نجد في حضر: هذه الآية الأولى (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي (133) البقرة) كأن الموت حاضر مع من هو جالس بجوار يعقوب u لكن هذا الحضور ليس فيه موت كامل، حضر الموت لكن لم تُقبض روحه، يعني إقترب منه الموت. ما الدليل أنه كان في الحضرة ولم تقبض الروح؟ أن يعقوب u كان يوصي أبناءه (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي) إذن هو لم يكن قد مات لكن الموت جالس عنده وشاهد على الوصية فكأنه إقترب منه الموت لكن لم ينفذ. (نستكمل الإجابة عن هذا السؤال في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى).
بُثّت الحلقة بتاريخ 3/2/2007م
2009-01-27 16:01:09