لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – د. أحمد حسن فرحات – الحلقة 2

اسلاميات

الحلقة 2

مع الدكتور أحمد حسن فرحات أستاذ التفسير وعلوم القرآن

إجابة على أسئلة المشاهدين

المقدم: ما الأصل في مسألة الخلافة في الأرض؟ هل الإنسان خليفة الله في الأرض أم الله سبحانه وتعالى خلق البشر خلائف ذرية يخلف بعضها بعضاً؟ ما استكناه كلمة خلائف في القرآن الكريم؟

د. فرحات: خلاصة سريعة الخلافة هي النيابة عن الغير إما لموته وإما لغيبته وإما لعجزه ولذلك ابن تيمية يقول الله لا يموت ولا يغيب ولا يعجز فلا يجوز أن نقول أن الإنسان خليفة الله في الأرض لكن بعض العلماء مثل الراغب الأصفهاني يقول الخلافة هي النيابة عن الغير إما لموته وإما لغيبته وإما لعجزه فيضيف إليها الراغب الأصفهاني وإما لتشريف المستخلَف الذي هو الإنسان وعلى ذلك استخلف الله أولياءه في الأرض. يعني هذا الاستخلاف تشريفاً للإنسان وليحكم الحياة بمنهج الله الذي أوحاه إليه.

المقدم: إذن عندما قال تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة) خليفة الله سبحانه وتعالى؟

د. فرحات: هذا هو القول الذي قاله كثير من العلماء ومنهم من كان من الصحابة ومن بعدهم لكن بعض العلماء الذين قالوا بعدم جواز أن نقول الإنسان خليفة الله الأرض قالوا الإنسان إنما سمي خليفة لأنه خلف من كان قلبه من المخلوقات في الأرض مثل الجن لكن هذه الأقوال ليس لها مستند علمي صحيح ومقبول.

المقدم: ربما يتضح المستند من خلال مزاوجة ومراوحة استخدام القرآن الكريم للفظة خلائف وخلفاء، بداية نظرة لغوية واستعمالات قرآنية كيف ترصدها لنا؟

د. فرحات: الخلافة التي وردت في القرآن وردت بعدة صيغ الصيغة الأولى خلائف (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) يونس) هل تعملون كعمل هؤلاء الذين أهلكهم الله فتعاقبون كعقوبتهم أم تخالفون فتثابون على الصالحات التي تعملونها؟ إذن الخلافة هنا جاءت بلفظ خلائف. في آيات أخرى يقول (وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ (69) الأعراف) (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ (74) الأعراف) هنا جاء لفظ خلفاء وهناك جاء لفظ خلائف.

المقدم: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ (62) النمل)؟

د. فرحات: سنؤجل الحديث عن هذه. فلما نأتي إلى كتب اللغة يقولون خلائف جمع خليفة وخلفاء جميع خليفة ولا يذكرون فرقاً بين الجمعين. والمفسرون لما جاؤوا إلى هاتين الآيتين قالوا نفس الكلام خلائف جمع خليفة وخلفاء جمع خليفة ولم يذكروا فرقاً. لكن هناك تساؤل إذا كانوا بمعنى واحد لماذا مرة تأتي مرة خلائف ومرة تأتي خلفاء؟. كيف نستكيع أن نميز بين المعنيي؟ هنا سياق الكلام هو الذي يؤكد ذلك. لما قال في الآية الأولى (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) يونس) (من بعدهم) من بعد الذين أهلكناهم، بعد المهلكين أنتم خلفتموهم، الخطاب موجه للأمم التي خلفت المُهلَكين. إذن خلائف هم الذين خلفوا قوماً مهلكين أهلكهم الله بأعمالهم السيئة. لما نأتي إلى خلفاء (وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ (69) الأعراف) ماذا فعل الله بقوم نوح؟ أهلكهم. الله تعالى أهلك قوم نوح فقال خلفاء لأن الذين خلفوا قوم نوح المهلَكين هم أصحاب السفينة وأصحاب السفينة هم قوم صالحين وعاد جاؤوا بعد الصالحين من قوم نوح فإذن سماهم خلفاء لأنهم خلفوا الصالحين فقال (وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) هذا الكلام لعاد. وقال لثمود (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ (74) الأعراف) لأن عاد أيضاً أهلك الله فيها المكذبين وورثهم المصدقون وثمود جاءت بعد المصدقين ولم تأت بعد المهلكين. إذن نستنتج من هذا أن القرآن يستعمل خلائف للذين خلفوا قوماً مهلكين ويستعمل خلفاء للذين خلفوا قوماً صالحين فعلى الخلائف أن يخالفوا من سبقهم حتى لا يعاقبوا عقوبتهم وعلى الخلفاء أن يقتدوا بمن سبقهم ولذلك نقول خلفاء النبي ولا نقول خلائف النبي خلفاء النبي هم الذين يسيرون على هديه ويقتدون بأعماله وسيرته.

المقدم: إذن هذه خصوصية استعمال قرآني؟ اللغة لا تفرق بين خلائف وخلفاء

د. فرحات: نعم هذه خصوصية استعمال قرآني وعلماء اللغة ما فرّقوا بين اللفظتين ولكن سياق الكلام يعطي هذا المعنى

المقدم: إذن نفرق بين خلْف وخلَف (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ (59) مريم)

د. فرحات: نأخذ العكس نقول خَلَف نقول خير خلف لخير سلف. فالخَلَف هم الصالحون والخَلْف هم الطالحون.

المقدم: إذا عدنا في سورة البقرة ينبئ الله سبحانه وتعالى الملائكة أنه سيجعل في الأرض خليفة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30)) هنا خليفة على الإطلاق لا من بعد كذا ولا من قبل كذا وإنما خليفة بالإفراد وليس الجمع ما القول الفصل فيها؟ وما المعنى اللغوي لها في هذه الآية تحديداً؟

د. فرحات: هم فسروا في الأصل أن الخليفة هو الذي يخلف غيره

المقدم: ألا يجوز من هذا المنطلق أن تكون خليفة يعني ذرية يخلف بعضنا بعضاً يعني نموت وأولادنا يعيشون ويتناسلون؟

د. فرحات: هذا ذكره بعض المفسرين، مكي بن أبي طالب القيسي في تفسيره البداية إلى بلوغ النهاية يقول خلائف بمعنى أجيال يخلف بعضها بعضاً.

المقدم: وأنت تقر هذا الكلام؟

د. فرحات: هذا معنى عام، لكن لما نتكلم في خصوصية اللفظ القرآني واستعماله لهذه الصيغة هنا ولهذه الصيغة هناك إذن لا بد أن يكون هناك حكمة وسر وراء هذا الاختلاف في الصيغ. القرآن ليس ككلام البشر يمكن أن يقال فيه بالتجوّز وما إلى ذلك وإنما كل كلمة وراءها سر ووراءها حكمة ومعنى فعلينا أن نلتمس هذه الفروق من خلال القرآن الكريم فإذا عجزت اللغة العربية أو إذا نسي العرب أن يفرقوا بين الكلمات وبعض، القرآن كأنه يقول لنا بإمكانكم أن تستخرجوا الفروق في الكلمات التي نسيتموها أو نسيها آباؤكم وأجدادكم بإمكانكم أن تستنبطوا هذه الفروق من مراعاة سياق القرآن فيمكن أن نضيف هذه المعاني إلى اللغة التي لم تذكر هذه الأشياء فتكون هذه جزء من هذه اللغة.

المقدم: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62) النمل)

د. فرحات: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ (165) الأنعام) خلفاء الأرض وليس خلفاء في الأرض، وقال (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ) خلفاء الأرض كلها. هاتان الآيتان يختلفان عن السابق لأن الخطاب في هاتين الآيتين لأمة محمد صلى الله عليه وسلم تحديداً فهذه الأمة خلفت جميع الأمم التي أهلكها الله وبإمكانها أن تخلف جميع الأمم التي كانت صالحة إذا طبقت الشروط، ما هي الشروط؟ (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ) الشرط (أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ) التوحيد هو الشرط الأساسي لأن هذا المعنى مؤكد في آية أخرى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا (55) النور) الشرط (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا).

———-فاصل———-

المقدم: إذن القول الفصل أن هذه خصوصية لاستخدام القرآن الكريم للفظة مكان أخرى

د. فرحات: القرآن نزل بلسان عربي مبين لكن كونه كلام الله سبحانه وتعالى له خصوصية من هذا الجانب يلتزم أشياء قد لا يلتزمها العرب في كلامهم لأنه يلتزم الدقة الكاملة لذلك كان هو حجة على العربية وحجة على المتكلمين بها لأنه في غاية الدقة والإحكام (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ (1) هود).

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 17/4/2010م

د. منى من مصر: ما هي اللمسة البيانية من استعمال استبدال واستخلاف في القرآن الكريم (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ (38) محمد) و(وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ (57) هود)؟

د. فرحات: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد) هؤلاء الذين يتولوا عن تطبيق شريعة الله يستبدلهم الله تعالى بآخرين وهؤلاء الآخرون يستخلفون لتطبيق شريعة الله فإذن هؤلاء يستَبدلون وهؤلاء يُستخلَفون. فالذي لا ينسجم مع سياق الدعوة الإسلامية يُستَبدل بغيره والذي يأتي مكانه يستخلف لأنه جاء بعده ويريد تطبيق شريعة الله.

ندى من عجمان: لماذا قال الله عز وجل (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ (43) الأعراف) ولم يقل ما في قلوبهم مع أن القلب هو موضع الشعور والأحاسيس؟

د. فرحات: القلب هو في الصدر، هذا مجاز لأنه يطلق المحل أحياناً ويريد الحال فالقلب محله الصدر وكثيراً في أساليب العربية إطلاق المحل وإرادة الحال وإطلاق الحال وإرادة المحل هذه من أساليب العربية.

المقدم: على غرار (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الشرح) القلب هو الذي يُشرح

د. فرحات: هذا يسمى إطلاق الكل وإرادة الجزء أو إطلاق المحل وإرادة الحال.

عبد الله من سوريا: ما معنى أسماء الله الحسنى الخالق والبارئ والفاطر (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (1) فاطر) مع أن كلهم يدل على الخلق؟

د. فرحات: معنى خَلَق المشهور عند الناس أن الخلق هو إيجاد الشيء من العدم، لكن القضية أبعد من هذا لأن أصل الخلق في اللغة العربية التقدير ولذلك يقول الشاعر العربي

ولأنت تفري ما خلقت       وبعض الخلق يخلق ثم لا يفري

معناه أنت تنفذ ما قدّرت ومعظم الناس يُقدِّرون ولا ينفذون. لو جئنا إلى الخياط يأتي بالقماش يضعه على الطاولة ثم يقدر عليها المقاييس ثم يقصّها إذن يقدّر المقاييس ثم يفري، يقص (ولأنت تفري ما خلقت وبعض الخلق يخلق ثم لا يفري). هذه المخلوقات كانت مقدرة في علم الله قبل أن توجد ثم وجدت بعد ذلك. فإذن التقدير يسبق الوجود فالتقدير يكون في العلم مرحلة سابقة كالمهندس لما تطلب منه أن يبني بناية فهو يقدّرها في ذهنه ثم يرسمها على الورق ثم يعطيها المهندس المدني ليضع عليها المقاييس ثم يعطيها للمقاول للتنفيذ إذن هناك مراحل

المقدم: إذن ليس حتى مجرد الإيجاد من عدم أو على غير مثال وإنما فيها معنى التقدير والعلم. والبارئ؟

د. فرحات: الله برأ الخلق يعني أوجدهم على غير مثال سابق، ليس له مثال سابق يحتذيه، هو لا يسير على منهج أحد في هذا الأمر. والفاطر إبن عباس رضي الله عنه قال ما كنت أدري ما فاطر السموات والأرض حتى احتكم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهم أنا فطرتها أي ابتدأت حفرها فإذن الفاطر هو المبتدئ، مبتدئ الخلق الذي ابتدأ الخلق

المقدم: لكن كل هذا مع صفة من أسماء الله الحسنى العليم أنه قدر بعلم وبرأ بعلم وفطر بعلم وقد يقول قائل أنا خالق السيارة مثلاً أنا أخلقها يقال لصانع السيارة أنت خلقتها.

د. فرحات: نحن لا نستعمل كلمة خالق من باب الأدب مع الله سبحانه وتعالى لكن رب العالمين لما قال (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون) كأن هناك خالقين لكن الخالقين هنا بمعنى المقدرين وليس الموجدين من العدم لأن الإنسان يقدّر كما أن الله تعالى يقدّر، قال تعالى عن الكافر (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) المدثر) فبهذا المعنى يمكن أن يقال الإنسان خالق بمعنى مقدر.

أبو عمر من العراق: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ (20) المؤمنون) ما معنى تنبت بالدهن؟

د. فرحات: تنبت بالدهن، الباء هنا تفيد المصاحبة يعني تنبت يصاحبها الدهن والدهن هو زيت الزيتون الشجرة التي تخرج من طور سيناء هي شجرة الزيتون والدهن الذي يخرج هو زيت الزيتون. تنبت بالدهن يعني الدهن يصاحبها أثناء نموها وفي مراحلها. والكوفيون يقولون الباء زائدة يعني تنبت الدهن،

المقدم: هذا المصطلح (زائد) يقال كثيراً في القرآن الكريم

د. فرحات: ليس هناك زيادة لكن زائد هذا اصطلاح نحوي له دلالة في القرآن.

المقدم: متى يستخدم القرآن عيون ومتى يستخدم أعين

د. فرحات: نحن في استعمالاتنا لا نميز بين جمع أعين وجمع عيون، نجمع العيون الباصرة على أعين ونجمعها على عيون ولذلك الشاعر يقول:

عيون المها بين الرصافة والجسر   جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

أبو عبد العزيز من سلطنة عمان: أستفسر عن الدكتور فاضل السامرائي والدكتور حسام النعيمي

المقدم: هم بخير والحمد لله.

عيدروس من السويد: ما اللمسة البيانية في قول الله تعالى في سورة القلم (فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)) وفي المزمل (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11)) وفي المدثر (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11))؟

مبارك من الجزائر: ذكر الدكتور فاضل أنه في آية (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) النساء) قال اليتامى هم النساء، ما معنى اليتامى؟ ولماذا قال اليتامى وليس اليتيمات إذا كان القصد النساء اليتيمات؟

علمنا الدكتور فاضل أن الجملة الإسمية أثبت وأقوى، في سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)) لماذا جاءت الإسمية فعلية هنا وليست إسمية مع أن الإسمية أثبت وآكد؟

علي من هولندا: ما هي الهداية التكوينية الخاصة؟

أم هاني من الأردن: في سورة يوسف (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59)) وفي سورة المؤمنون (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29)) ما اللمسة البيانية في الآيتين؟

———-فاصل———-

المقدم: الأخ مبارك من الجزائر يتساءل عن معنى اليتامى

د. فرحات: الآية تبدأ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3) النساء) أن لا تعولوا يعني أن لا تجوروا وتظلموا. ما علاقة اليتامى بـ(فانكحوا). المراد باليتامى هنا اليتيمات، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها بأن الرجل تكون عنده اليتيمة فيعجبه مالها وجمالها فيرغب بالتزوج بها أو تزويجها لأحد أبنائه فلا يعدل في معاملتها ولا يعطيها حقها من الصداق وما إلى ذلك فالقرآن الكريم قال (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) يعني بالزواج باليتيمات دعوا اليتيمات وشأنهن وتزوجوا غيرهن من النساء الكثيرات.

المقدم: لماذا لم يقل يتيمات؟

د. فرحات: هي اليتيمة تجمع على يتامى وتجمع على يتيمات، هذا جمع وهذا جمع.

المقدم: ما اللمسة البيانية باستخدام اليتامى بدل اليتيمات مع أنه يتكلم عن النساء؟

د. فرحات: طبعاً الوقوف عند هذه التعبيرات تحتاج إلى دقة في التفكر والتدبر ومقارنة الآيات بعضها مع بعض حتى يصل الإنسان إلى الفرق بين اليتامى واليتيمات، ليس كل كلمة يكون الإنسان جاهزاً للإجابة عليها وإنما تحتاج إلى تأمل وتدبر. فالأشياء التي سبق أن تدبرها الإنسان وتفكر فيها يمكن أن يعطي فيها رأياً أما الأشياء التي تحتاج إلى مزيد من التفكر والتدبر هذه تحتاج إلى وقت آخر.

المقدم: ما أثرته حول علاقة (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) بـ (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء)

د. فرحات: قلنا إذا كانت اليتيمة عند الولي الذي يرغب في زواجها أو تزويجها فلا يعدل في معاملتها فليعدل عن زواجها وليتزوج من النساء الكثيرات. فلماذا يعرض نفسه للخطر في عدم القسط بالزواج من يتيمة ويترك غيرها من النساء الكثيرات اللآتي يمكن أن يتزوجن بهن بدون أن يكون في ذلك ظلم لليتيمات.

المقدم: إذا كان ثابتاً في اللغة العربية أن الإسم آكد من الفعل فسؤال أخونا مبارك من الجزائر حول (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) لماذا جاءت بالجملة الفعلية وليس الإسمية؟

د. فرحات: (قل) لبيان أن هذه الآية وهذا الكلام إنما من الله والله يأمر النبي أن يقول هذا الكلام. فلو قال النبي (هو الله أحد) يمكن أن يقال أن هذا الكلام من عند النبي. يمكن أن يقول الإنسان الله أحد مثلاً لكن لما يقول له الله تعالى (قل هو الله أحد) فهذا دليل على أن هذا الكلام موحى به من الله سبحانه وتعالى وهو خطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ثم كلمة (هو الله أحد) جملة إسمية.

المقدم: أخونا علي من هولندا يسال عن الفرق بين الهداية التكوينية والهداية التشريعية؟

د. فرحات: أنا لا أستسيغ تعبير (الهداية التكوينية) كثيراً لأن التعبير الأشهر والأدق أن نقول هداية فطرية يعني هداية التي فطر الإنسان عليها والتي خلقه الله تعالى عليها. والله تعالى فطر البشر على التوحيد بل فطر الكون كله على التوحيد لذلك نقول في هذا الموضوع (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم) فإذن إقامة الدين لله حنيفاً إنما هو الفطرة التي فطر الله تعالى الخلق عليها

المقدم: كل الخلق مسلمين وغير مسلمين؟

د. فرحات: الرسول عليه الصلاة والسلام بيّن هذا فقال: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه أو يشركانه” ما قال يسلمانه لأنه ولد على الإسلام

المقدم: لو تركاه ظل على الفطرة وهي الإسلام

د. فرحات: هذا معنى الهداية الفطرية وهذه ليست خاصة بالإنسان بل للكون كله (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) آل عمران) (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا (15) الرعد) (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (26) الروم) فالكون كله في حالة سجود وفي حالة توحيد لله سبحانه وتعالى. فالكون كله قام على التوحيد ولذلك قال (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا (22) الأنبياء) التوحيد قامت عليه السموات والأرض (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت) فإذن الكون كله خاضع وموحد لله سبحانه وتعالى ولما يسمع الكون كلمة الشرك من الإنسان (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) مريم) انظر مدى تأثير كلمة الشرك على الكون كله!.

المقدم: والهداية التشريعية؟

د. فرحات: قبل الهداية التشريعية هناك هداية عقلية أيضاً. هناك ثلاثة أنواع من الهداية هداية فطرية، هداية عقلية وهداية شرعية. الهداية الفطرية تحدثنا عنها. الهداية العقلية عندما يبلغ الإنسان مرحلة البلوغ يصير الإنسان مكلفاً لأن الله تعالى أعطاه العقل والحواس. والعقل والحواس مما يساعد الإنسان على الإدراك وعلى التمييز بين الخير والشر ولذلك المشركون والكافرون يوم القيامة يقولون (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) الملك) إذن هناك عقلية والهداية العقلية تؤكد الهداية الفطرية. ثم هنالك الهداية الشرعية وهي التوحيد الذي جاء به الأنبياء والرسل (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ (165) النساء) هذه هداية شرعية، (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الإسراء)

المقدم: كنت سألت سؤالاً عن الفرق بين عيون وأعين في القرآن الكريم

د. فرحات: القرآن يجمع عين الماء على عيون ويجمع العين الباصرة على أعين (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا (179) الأعراف) (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا (12) القمر) عيون الماء. هكذا يستخدمها القرآن عين الماء يجمعها على عيون.

المقدم: وعندما يقول (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا (48) الطور)؟

د. فرحات: هذه غير. أصل الأعين العين الباصرة هنا بأعيننا مقصود بها برعايتنا. نقول هذا تحت عين الله ورعايته.

المقدم: مسألة القرآءات في القرآن الكريم هل هناك قرآءة (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (28) فاطر) اللهُ بالرفع وليس بالنصب؟.

د. فرحات: هناك قرآءة شاذة تفسيرها يمكن أن يوحد لها وجه تفسير. عندما تقول إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء معناها ذلك أن الذين يخشون الله من العباد هم العلماء فتقديم المفعول هنا يفيد الاختصاص. لكن في القرآءة الثانية إنما يخشى اللهُ من عباده العلماء كيف نفهم هذه الآية وكيف يكون وجهها مقبول في التفسير؟ يقول الراغب الأصفهاني معنى الخشية خوف مشوب بتعظيم معناها مكون من معنيين خوف وتعظيم ثم يقول الراغب وكل كلمة معناها مكون من معنيين يجوز أن تستعمل في واحد منهما ولهذا الكلمة تكون هنا بمعنى التعظيم وليس بمعنى الخوف كما نقول (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11) المجادلة) فيكون معنى الآية إنما يعظِّم الله من عباده العلماء.

المقدم: إذا كانت الخشية هي الخوف والقرآن الكريم استخدم الخوف ومرة بالإسم ومرة بالفعل يعني (وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا (30) فصلت) ومرة يقول (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (28) فاطر) فما الفرق بين الخوف والخشية؟

د. فرحات: قلنا الخشية فيها معنى التعظيم أما الخوف فليس فيه معنى التعظيم، (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا (16) السجدة) خوفاً من عذابه وطمعاً في رحمته. الخشية فيها تعظيم والخوف لا يُشترط أن يكون فيه تعظيم.

المقدم: اللغة العربية تطلق زوج على الرجل أو المرأة لكن القرآن الكريم يستخدم زوج ويستخدم امرأة (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) البقرة) (اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا (10) التحريم) كيف نفهم هذا في سياقيات آي القرآن الكريم؟

د. فرحات: الزوجية تقتضي التوافق، في كل شيء تقول زوجين يعني متوافقين فلما يحصل شيء من الاختلاف الزوجية تكون خدشت فمثلاً لما يكون هناك ما يخل الحياة الزوجية بين الزوجين يستعمل كلمة امرأة، عندما يكون هناك ما يخل بالزوجية من حيث الاعتقاد يكون مثلاً الرجل مؤمن والمرأة كافرة يستعمل امرأة كما قال (اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا) خانتاهما يعني في الصلاح، خيانة الصلاح. امرأة فرعون لأنها هي كانت مؤمنة وهو كافر إذن ليس هناك توافق وعدم التوافق في العقيدة هنا جعلها امرأة وعبر عنها بهذه الطريقة. عندما تكون المرأة عاقر هذه تخل بالحياة الزوجية

المقدم: مع أنها زوجته مع أن بينهما توافق في الحياة الزوجية لكنه قال (وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ (40) آل عمران)

د. فرحات: قال تعالى (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ (90) الأنبياء) لما صارت تنجب صارت زوجه وفي البداية كانت امرأة

المقدم: إذن التوافق في كل شيء في الحياة الزوجية في العقيدة في الدين، إذا اختل شرط من هذه الشروط تكون امرأة.

د. فرحات: عندما امرأة عمران لماذا قال (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ (35) آل عمران)؟ هذا سؤال يرد والمعروف أن آل عمران كانوا صالحين لكن عمران كان قد مات بدليل أن أم مريم هي التي قالت (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران) لم يكن لها أحد يرعاها ثم كفل زكريا مريم معناه لم يكن لديها أب يكفلها، فعلى ذلك قال (امرأة عمران)

المقدم: نعود لمسألة الخوف والخشية مرة يقول القرآن (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ (31) الإسراء) ومرة يقول (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ (151) الأنعام) لكن كيف تكون الخشية هنا خوف بتعظيم؟ وما الفرق بينهما؟

د. فرحات: الآية تقول (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151) الأنعام) الإملاق هو الفقر والجوع، هنا الإملاق قائم حاصل فقال (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ) يعني بسبب الفقر الذي أنتم فيه (نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) والآية الثانية قال (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) هم الآن في حالة جيدة لكن يخشون الفقر من مجيء الذرية فقال لا تخشوا هذا لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق منتظر لأن رزق الأولاد مقدّم على رزقكم (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم) فرزقهم قبل رزقكم مكفول فطمأنهم.

المقدم: يدرأ عنهم الخوف لأن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى.

بُثّت الحلقة بتاريخ 17/4/2010م


من قسم الفيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2152

الرابط علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamsat17042010

رابط جودة عالية
http://ia331232.us.archive.org/0/items/lamsat17042010/lamasat17042010.AVI

رابط جودة متوسطة
http://ia331232.us.archive.org/0/items/lamsat17042010/lamasat17042010.rmvb

mp4 رابط
http://ia331232.us.archive.org/0/items/lamsat17042010/lamasat17042010_512kb.mp4

رابط صوت
http://ia331232.us.archive.org/0/items/lamsat17042010/lamasat17042010.mp3