تأملات تدبرية

موافقات بين سورتي يونس ولقمان

موافقات سورتي يونس ولقمان
(الر تلك آيات الكتاب الحكيم) فاتحة سورة يونس (الم تلك آيات الكتاب الحكيم) فاتحة سورة لقمان وفي خواتيمهما نداء (يا أيها الناس) وفيهما (دعوا الله مخلصين له الدين)
د. أحمد نوفل
—————————-
وقفة تدبرية بقلم موقع إسلاميات

افتتاح السورتين بالحكمة التي تضمنتها آيات الكتاب الحكيم واختتامهما بالنداء العام (يا أيها الناس) كأنه والله أعلم إشارة للناس أنهم إن فهموا الحكمة التي في كتاب الله وتخلّقوا بها فإنه لا يسعهم إلا أن يؤمنوا بالله تعالى وحده ويعلنوا التوحيد لله عز وجلّ مخلصين له الدين لا شريك له ولا ندّ لأنه لا يمكن للذات البشرية الحكيمة إلا أن تنقاد للعبودية الحقة لله تعالى الحكيم الذي أنزل الكتاب الحكيم وخلق الكون كله بحكمة عظيمة فتوحّده وتخلص له فإن فعلت تكون ممن أوتي الحكمة ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا فتشكر الله تعالى على هذه النعمة كما جاء في نصيحة لقمان الحكيم لابنه (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿١٢﴾)

وسياق سورتي يونس ولقمان في الحكمة: الحكمة في الكتاب والحكمة في خلق السموات والأرض وما فيهما ومن فيهما والحكمة في تدبير الأمر في الكون والحكمة في إمهال المكذبين إلى يوم البعث والحكمة في البعث والجزاء والحساب فسبحان العزيز الحكيم.
هذا والله تعالى أعلم.

موقع إسلاميات

——————-

في ظلال سورتي يونس ولقمان

سورة يونس سياقها كما جاء في الظلال في عرض عدة أمور تبدو فيها الحكمة التي أشير إليها في وصف ‏الكتاب‎.‎

من الوحي إلى الرسول صلى الله عليه و سلم لينذر الناس ويبشر المؤمنين , والرد على المعترضين أن يوحي ‏الله إلى بشر.. إلى خلق السماوات والأرض وتدبير الأمر فيهما.. إلى جعل الشمس ضياء والقمر نورا , وتقدير ‏منازل القمر ليعلموا عدد السنين والحساب.. إلى اختلاف الليل والنهار وما فيه من حكمة وتدبير‎..‎

ويتطرق من عرض هذه الآيات الكونية إلى الغافلين عنها , الذين لا يرتقبون لقاء الله مدبر كل شيء , وما ‏ينتظر هؤلاء الغافلين من سوء المصير ; وما ينتظر المؤمنين في الجانب الآخر من نعيم مقيم‎.‎

ويسجل حكمة تأجيل المصير إلى يومه الموعود , وعدم تعجيل الشر للناس كما يستعجلون هم الخير في هذه ‏الدنيا ولو عجل لهم بالشر كما يستعجلون بالخير لانتهى الأجل وأخذوا بذنوبهم دون إمهال‎.‎

ومن ثم وصف لطبيعة البشر في تلقيهم للشر والخير‎.‎

وضراعتهم إلى الله عند مس الأذى , ونسيانهم له عند كشف الضر‏‎.‎

ولجاجهم فيما كانوا من قبل فيه , دون اعتبار بالقرون الخالية التي سارت في الطريق ذاته , ولقيت مصارعها ‏في ذلك الطريق‎ !‎

ومع أن مصارع الغابرين كانت واضحة للعرب الذين يدعوهم الرسول صلى الله عليه و سلم فإن المكذبين ‏كانوا يطلبون إلى الرسول أن يأتي لهم بقرآن غير هذا القرآن أو يبدل بعضه‎.‎

غير متدبرين ولا مدركين أن القرآن من عند الله , وأن له حكمة ثابتة فهو لا يقبل التبديل‎.‎

وهم يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم دون استناد إلى شيء , ويتركون عبادة الله وحده وهي تستند ‏إلى وحي من الله‎.‎

ثم يطلبون خارقة من الخوارق غير ناظرين إلى آية الله الواضحة في القرآن , غافلين عن آياته المعجزة في ‏تضاعيف الكون‎.‎

ثم عودة إلى طبيعة البشر في تلقي الرحمة والضر‎.‎

وعرض نموذج حي من هذه الطبيعة , في مشهد من المشاهدالنابضة المتحركة المؤثرة‎.‎

في ركوب البحر عندما تسير الفلك في أول الأمر رخاء , ثم تعصف بها الريح ويأتيها الموج من كل مكان‎.‎

ومشهد آخر يمثل غرور هذه الحياة الدنيا , وبريقها ولألاءها الذي ينطفئ في لحظة , وأهلها مأخوذون ‏بزخرفها غافلون عن المصير الخاطف المرهوب.. ذلك والله يدعو إلى دار السلام‎.‎

دار الأمن والاطمئنان‎.‎

الدار التي لا خوف من أخذها على حين غرة.. ( كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون)..ويدركون حكمة الله في ‏الخلق والتدبير.‏

 

وسورة لقمان سورة الحكمة فموضوع الحكمة متكرر فيها ويتجلى بصورة واضحة في نصحية لقمان الحكيم ‏لابنه وجاء في الظلال: ( ولقد آتينا لقمان الحكمة) فما طبيعة هذه الحكمة وما مظهرها الفريد ? إنها تتلخص في ‏الاتجاه لله بالشكر: ( أن اشكر لله) فهذه هي الحكمة وهذا هو الاتجاه الحكيم.. والخطوة التالية هي اتجاه لقمان ‏لابنه بالنصيحة:نصيحة حكيم لابنه.‏

موافقات يونس ولقمان