برنامج هدايات قرآنية – الحلقة 8
سورة الانشقاق
د. يوسف العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعي الكرام إلى هذا اللقاء في برنامجكم “هدايات قرآنية” أرحب بكم وأدعوكم للتنقل معي في أفانين القرآن العظيم مع نخبة من أهل العلم من ضيوفنا في هذا اللقاء فمرحباً وأهلاً وسهلاً بكم.
******************
هدايات قرآنية يسعدنا تواصلكم عبر الرسائل النصية على هاتف البرنامج 0541151051 بانتظار اقتراحاتكم وأسئلتكم حول العلوم القرآنية وهدايات السور.
******************
د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام وإلى هذه الفقرة.
******************
الفقرة الأولى: “في أفياء السورة” يقدم هذه الفقرة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار حيث يستعرض فيها مع التعريف بالسورة شيئاً من علومها.
******************
د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام إلى هذه الفقرة وهي الأولى في حلقتنا هذا اليوم مع الدكتور مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود فمرحباً بكم دكتور مساعد.
الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله وحيا الله الإخوة المستمعين.
د. يوسف العقيل: شيخ مساعد ماذا لدينا في هذه الحلقة من سورة؟
الشيخ مساعد الطيار: عندنا اليوم سورة الانشقاق وهكذا سميت بهذا الاسم في بعض المصاحف وكتب التفسير وبعض كتب السنة. وأيضاً قد تسمى سورة “إذا السماء انشقت” كما سبق في الحديث الذي ذكرناه في سورة التكوير “من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة وذكر فيها “وإذا السماء انشقت”
د. يوسف العقيل: إذاً هي سور ثلاث التي وردت في هذا الحديث؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم “إذا الشمس كورت”.
د. يوسف العقيل: التكوير.
الشيخ مساعد الطيار: وإذا السماء انفطرت.
د. يوسف العقيل: الانفطار
الشيخ مساعد الطيار: وإذا السماء انشقت.
د. يوسف العقيل: الانشقاق.
الشيخ مساعد الطيار: الانشقاق، أيضاً ورد عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ “إذا السماء انشقت” فنلاحظ أنه ذكر أول السورة وكذلك عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في “إذا السماء انشقت” و”اقرأ باسم ربك” يعني كأنها إشارة إلى أسماء بدايات السور جعلت كالأسماء، يعني هذه الأسماء التي ذكرت لهذه السورة وهي سورة
د. يوسف العقيل: الانشقاق.
الشيخ مساعد الطيار: الانشقاق. طبعاً هناك اسم آخر سورة انشقت وكذلك سورة الكدح وهذه ذكرها بعض المتأخرين وكما سبق نكرر ونقول أن هذه يدخل فيها باب الاجتهاد لكن المشهور هو سورة الانشقاق أو “إذا السماء انشقت”.
د. يوسف العقيل: موضوعات هذه السورة يا دكتور مساعد؟
الشيخ مساعد الطيار: هذه السورة كما سبق أن ذكرنا في التكوير والانشقاق قوله صلى الله عليه وسلم “من سره أن ينظر إلى يوم القيامة” فإذاً هي حديثها الحقيقة عن يوم القيامة ونلاحظ التكرار الذي يحصل في هذه السور عن هذا اليوم مرة بعد مرة كل السور الماضية التي سبق من بداية عمّ إلى الآن ونشاهد مشاهد يوم القيامة أو أحداث يوم القيامة
د. يوسف العقيل: حاضرة.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم حاضرة في هذه السورة، طبعاً ابتدأت هذه السورة بأمرين عظيمين: الأمر الأول متعلق بالسماء والأمر الثاني متعلق بالأرض وهو أن هاتين المخلوقتين العظيمتين تسمع لأمر ربها إذا أمرها بأن يحصل فيها ما يحصل من الانشقاق وكذلك من التصدع الذي يحدث في الأرض.
ثم بعد ذلك ذكر الله سبحانه وتعالى مآل الإنسان فقال (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)) وكأنه يشير إلى أن الإنسان أيّاً كان لا بد أن يكدح لكن هذا الكدح هل يوصله إلى الجنة أو يوصله إلى النار؟ بيّن الله سبحانه وتعالى أن الناس ينقسمون إلى فريقين: فريق كدحه يوصله أن يؤتى كتابه بيمينه، وفريق كدحه يوصله أن يأتيه كتابه بشماله وكما ورد “وراء ظهره” وفي آيات أخرى قال “بشماله” وكما قال ابن عباس وغيره أنه تكون يده شماله خلف ظهره فيكون يأخذ يده بشماله وشماله خلف ظهره فيجتمع فيها أنه قال “من وراء ظهره” وفي آية أخرى قال “بشماله”.
ثم ذكر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك حال هذا الكافر لما كان في الدنيا وكيف أنه كان مسروراً وكان فرحاً وهو يأتي إلى أهله ولكن الله سبحانه وتعالى ذكر أن مآله والعياذ بالله بعد ذلك إلى هذه الخسارة التي حصلت ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ (١٤)) أي أن لن يرجع (بَلَى) أي سيحور سيرجع إلى ربه (إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)).
بعد ذلك ذكر الله سبحانه وتعالى قسم أيضاً بأمور عظيمة وهي القسم بالشفق والقسم بالليل وما جمع والقسم أيضاً بالقمر إذا اكتمل وصار بدراً أقسم بها على قوله (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (١٩)) وهذه أحد القراءات والمراد أن الخطاب للناس أي تركبون حالاً بعد حال من شدائد الدنيا وأهوالها حتى تصلون إلى يوم القيامة.
ثم ذكر واعظاً لهؤلاء الكفار لماذا لا يؤمنون وهذه الآيات تتلى عليهم وذكر سبب ذلك وهو شدة تكذيبهم والعياذ بالله.
ثم بيّن أهل الإيمان وأنهم يؤمنون بالله سبحانه وتعالى وأن الله سبحانه وتعالى سيجازيهم بأجر غير ممنون.
د. يوسف العقيل: أحسن الله إليكم دكتور مساعد ولا شك أنها تتسق مع موضوعات القرآن المكي في هذا.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
د. يوسف العقيل: شكر الله لكم وأيضاً لكم مستمعي الكرام ونحن متواصلون إلى فقرة تالية بعد هذه الفقرة التي قدمها الدكتور مساعد بن سليمان الطيار عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود شكراً لكم.
******************
الفقرة الثانية: “هدايات السورة” مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
******************
د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام إلى الفقرة الثانية في حلقتنا وأرحب فيها بفضيلة الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود فمرحباً بكم دكتور محمد.
الشيخ محمد الخضيري: حياكم الله وحيا الله الإخوة المستمعين.
د. يوسف العقيل: قبل قليل استمعنا إلى الدكتور مساعد الطيار وفقه الله وقد تحدث عن سورة الانشقاق مبيناً تعريفاً لهذه السورة وعرضاً لبعض موضوعاتها فماذا عن هدايات هذه السورة سورة الانشقاق دكتور محمد؟
الشيخ محمد الخضيري: هذه السورة سورة الانشقاق تتحدث عن أصناف الناس في يوم القيامة وتبين بعض أحداث وأهوال ذلك اليوم العظيم فهي تذكر انشقاق السماء وتذكر أيضاً مدّ الأرض وأنها تلقي ما في بطنها وتتخلى عنه وأنها تستمع لربها سبحانه وتعالى وتطيعه وحُقّ لها أن تفعل ذلك وكذلك السماء قال الله في حقها (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢)). وهاهنا لفتة كريمة إذا كانت هذه الأرض وتلك السماء العظيمة الجامدة التي لم يبعث لها رسول ولم تكلف بعمل تستمع لربها سبحانه وتعالى وتستجيب له وتمتثل أمره فحريٌّ بك أنت يا ابن آدم أن تكون أكثر استماعاً لربك واستجابة له وانصياعاً وانقياداً لأمره أفيليق بك أن تكون أقل من هذه المخلوقات العجماوات التي لم تكلّف أصلاً؟! إن الحريّ بالمؤمن أن يكون خيراً من كل هذه المخلوقات وأن يكون على قدر ذلك التكريم الذي جعله الله سبحانه وتعالى له (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)) [الإسراء: 70].
ثم في قوله (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)) ما من إنسان إلا وسيكدح في هذه الحياة شاء أم أبى، ما من إنسان إلا وهو عامل وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان بقوله حارث وقال «أصدق أسمائه حارث وهمّام» لأنه لا يمكن لإنسان أن يدع العمل وأن يدع الهمّ بخلاف البهيمة فإنها يمكن لو وفِّر لها العَلَف في مكان ما بقية ومكثت وجلست ولم تهتم لشيء لأن الله لم يجعل في طبيعتها وخلقتها وتكوينها الهمّ وهو التفكر والتدبير والتخطيط لما يُستقبل. أما ابن آدم فهو في طول عمره يهمّ ويحرث وإذا كان الإنسان هاماً وحارثاً فلا بد أن يكون همه وحرثه في شيءٍ ينفعه يوم يلقى ربه سبحانه وتعالى ولذلك قال الله (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ) أي عامل عملاً كثيراً شاقاً (إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)) قال بعض العلماء (فَمُلَاقِيهِ (٦)) أي ملاقٍ ربك وهذا حق، وقال بعضهم (فَمُلَاقِيهِ (٦)) أي ملاقٍ كدحك وهذا أيضاً حق وهو من باب اختلاف التنوع، فالإنسان سيلاقي ربه ويلاقي كدحه وعلى الإنسان أن يتذكر ذلك جيداً من أجل أن يعمل عملاً صالحاً فإنك إذا كنت ستلاقي ربك ينبغي لك أن تعمل عملاً يليق بهذا الرب سبحانه وتعالى وإذا كنت ستلاقي عملك فإنك ينبغي أن تعمل عملاً إذا رأيته يوم القيامة فرحت به أيما فرح.
ثم ننتقل إلى آخر السورة عند قوله سبحانه وتعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (١٩)) هذا قَسَم من الله سبحانه وتعالى بالشفق المعروف الذي يأتي بعد غروب الشمس وقَسَم بالليل وبالقمر إذا اكتمل (اتَّسَقَ) صار بدراً. (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (١٩)) أي أنتم في هذه الحياة تتحولون من حالة إلى حالة لا تثبتون على حال أبداً لستم مثل الصخور، الصخرة تبقى مئات السنين لا تتغير، لا تتبدل، لا تتحرك، هي على حالة وطبيعة واحدة، ابن آدم منذ أن يأذن الله سبحانه وتعالى بإنشائه وخلقه وهو في حركة دائمة وتغيّر دائم لا يثبت معه أبداً حتى يوسّد في قبره (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ (١٩)) فأنتم دائماً في تغيّر وفي تحوّل من سعادة إلى شقاوة، من عزّ إلى ذلّ، من راحة إلى عمل ومن عمل إلى راحة، من صغر إلى كبر ومن شباب إلى هرم ومن هرم إلى موت، وهكذا في الدنيا، ثم في البرزخ ثم في القيامة ثم إلى الجنة أو إلى النار. وعلى الإنسان الذي يسمع مثل هذا المعنى يعلم أنه لا يمكن أن يثبت على حال فعليه أن يتقي الله في كل حال إن سعد وإن شقي، إن مرض وإن صح، إن صغر وإن كبر، إن اغتنى أو افتقر، في كل الأحوال وفي كل الطبقات وفي كل الحالات التي يتعرض لها يجب عليه أن يتقي الله ويعلم أنه لا ركود ولا بقاء في هذه الحياة.
د. يوسف العقيل: أحسن الله إليكم دكتور محمد هذا العرض، نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بهدايات هذه السورة وبالقرآن الكريم العظيم إنه جواد كريم، أيها الإخوة أدعوكم لمواصلة الاستماع لبقية فقرات هذه الحلقة وإلى الفقرة التالية.
******************
الفقرة الثالثة: “من المكتبة القرآنية” مع الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
******************
د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام إلى هذه الفقرة من المكتبة القرآنية مع فضيلة الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري الاستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ماذا أعددتم لنا دكتور عبد الرحمن؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله يا دكتور يوسف وحيا الله الإخوة المستمعين الكرام. كتابنا في هذه الحلقة هو كتاب “التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الاتقان” للإمام العلامة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي المولود سنة ألف ومئتين وثمانية وستين للهجرة والمتوفى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة وألف للهجرة رحمه الله تعالى. والشيخ طاهر الجزائري من علماء الشام الكبار الذين كان لهم أثر كبير في النهضة العلمية المتأخرة في بلاد الشام توفي عام ألف وثلاث مئة وثمان وثلاثين فهو من كبار مشايخ ذلك العهد. له كتب مختلفة في الحديث والفقه والتاريخ والأدب وله هذا الكتاب الفريد المميز في علوم القرآن “التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الاتقان” وهو كتاب نادر كثير من الباحثين والمثقفين لا يعرفه حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة رحمه الله تعالى واعتنى به وطبع الطبعة الأخيرة عام ألف وأربع مئة وإحدى عشر من الهجرة وطبع بعد ذلك طبعات أخرى وكان قد طبع الطبعة الأولى في مطبعة المنار في القاهرة عام ألف وثلاث مئة وأربعة وثلاثين هجرية قبل وفاة المؤلف بأربع سنوات. هذا الكتاب يدل على تتبع الشيخ طاهر الجزائري وعنايته فقد أودعه الشيخ رحمه الله زبدة ما وقف عليه من مباحث علوم القرآن الأصيلة والموضوعات الهامة والفرائد الدقيقة النادرة بعيداً عن الحشو والفضول والمسائل المكرورة التي اعتاد عليها بعض من يكتب في علوم القرآن. وانتخب مباحث كتابه هذا انتخاب العالِم العارف الذواقة وانتخاب المحقق المتقن البصير. من الكتب الكثيرة الوفيرة التي اطلع عليها مخطوطة ومطبوعة وهو رجل واسع الاطلاع بالمناسبة طاهر الجزائري عاش عمره كله منقطعاً للكتابة والتأليف والقراءة لدرجة يا شيخ يوسف أنه لم يتزوج ولم يكن له أبناء ولذلك انقطع للعلم ومات رحمه الله وحيداً فريداً ولذلك كان اطلاعه واسعاً ويظهر ذلك في هذا الكتاب لدرجة أنك عندما تتطلع على كتب علوم القرآن المتأخرة على سعتها ليست كهذا الكتاب، تجد فيه فرائد ونوادر لا تجدها في غيرها من كتب علوم القرآن مثلاً إعراب أوائل السور، إعراب الحروف المقطعة، إعراب أسماء السور نفسها هل يقال مثلاً سورة المؤمنين أو سورة المؤمنون؟ ونحو ذلك من المسائل الدقيقة التي لا تكاد تجدها في كتب علوم القرآن المتوسعة. أيضاً جاءت مباحث هذا الكتاب على أنه، طبعاً هو طبع في مجلد في دار البشائر الإسلامية في حوالي تقريباً ثلاث مئة وست وخمسين صفحة إلا أنه جاء مليئاً بالفوائد ومليئاً بالفرائد التي لا يستغني عنها.
د. يوسف العقيل: لو ذكرتم شيئاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني على سبيل المثال تجد أنه قد ابتدأ رحمه الله في بيان المكي والمدني من القرآن وما يناسب ذلك فنبّه على أخطاء بعض الذين كتبوا في ذلك. تحدث عن علامات يُعرف بها المكي والمدني. ثم تحدث عن نزول القرآن الكريم أول ما نزل وآخر ما نزل ونحو ذلك، وهذه من الأشياء التي يذكرها أهل علوم القرآن ولكن ذكر فيها فرائد ليست في كتبهم. ثم تحدث عن كيفية النزول وما يتعلق بذلك في مسائل. ثم تحدث عن الأحرف السبعة في القرآن الكريم وما ورد في ذلك وذكر فيه نقولات لا تكاد تجدها عند غيره. أيضاً تحدث عن جمع القرآن الكريم وترتيبه وصلات يسميها الصلة الأولى في ترتيب الآيات وهل هو توقيفي وهو طبعاً يذهب إلى أن ترتيب الآيات توقيفي بلا شبهة وترتيب السور والأحرف السبعة هل يشتمل عليها المصحف أم لا؟ ونحو ذلك من الفوائد. ثم دخل في علم القراءات وذكر أصل الاختيارات والأئمة والقراء ونحو ذلك وأنواع القراءة وحكم القراءة بالقراءة الشاذة وهل القراءة الشاذة مجرد تفسير للقراءة المشهورة أو نحو ذلك. تحدث عن توجيه القراءات وما نحو ذلك. تحدث عن تقسيم القرآن الكريم إلى طوال ومئين ونحو ذلك. أيضاً تحدث عن عدد السور والآيات وأسباب اختلاف السلف في عدد الآي وما فيها من المباحث وهي أشياء دقيقة. أيضاً تحدث عن هل يقال في القرآن أن في القرآن سجعاً ونحو ذلك ونحوها من المسائل الدقيقة التي جدير بالباحث والمثقف أن يرجع إليها. كتاب “التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الإتقان” للإمام العلامة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي المتوفى ألف وثلاث مئة وثمانية وثلاثين من الكتب القيمة التي أنصح الإخوة المستمعين الكرام بالاستفادة منها.
د. يوسف العقيل : شكر الله لكم ورحم المؤلف ونفعنا جميعاً بما سمعنا.
******************
الفقرة الرابعة : “مناهج المفسرين” مع الدكتور خالد بن عثمان السبت عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام.
******************
الشيخ خالد السبت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أيها الإخوة المستمعون والمستمعات أرحب بكم وأسأل الله لي ولكم علماً نافعا وعملاً صالحاً ونية. نواصل الحديث في هذه الحلقة في الكلام على تفسير ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى لما ذكرنا سابقاً أيها الأحبة يكون لتفسير ابن أبي حاتم مزيّة على عامة كتب التفسير بالمأثور التي يقتصر مؤلفوها على سرد ما بلغهم من الروايات في التفسير من غير مراعاة لما سبق. ومن المؤسف أنه لم يصل إلينا هذا التفسير كاملاً وإنما وجد بعض الأجزاء منه وهي من أول القرآن إلى نهاية سورة الرعد والقطعة الثانية من سورة المؤمنون إلى نهاية سورة العنكبوت. وعليه فالمفقود من هذا التفسير يكون من سورة إبراهيم إلى آخر سورة الحج ومن بداية سورة الروم إلى آخر تفسيره للقرآن الكريم. وقد حُققت هذه الأجزاء التي وجدت من هذا الكتاب في رسائل جامعية في جامعة أم القرى وقد صدر منها رسالتان:
الأولى من أول الكتاب إلى تفسير الآية مئة وواحد وأربعين من سورة البقرة بتحقيق الدكتور أحمد بن عبد الله العماري.
الثانية من أول سورة آل عمران إلى تفسير الآية مئة وسبع وستين من السورة نفسها بتحقيق الدكتور حكمت بشير.
وقد طبعت الرسالتان في سنة ألف وأربع مئة وثمانية ثم طبع الكتاب بعد ذلك طبعة تجارية مع محاولة تكميل النقص من بعض المصادر التي نقلت عن ابن أبي حاتم كتفسير ابن كثير والدر المنثور ونحوهما والكتاب قيد الطباعة حالياً عن تلك الرسائل الجامعية المشار إليها ما طبع منها وما لم يُطبع. هذا آخر الحديث عن هذا التفسير والله أعلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
******************
د. يوسف العقيل: إلى هنا أيها الإخوة الكرام نصل إلى ختام هذه الحلقة لنا بكم لقاء قادم بإذن الله تعالى نسعد بتواصلكم على هاتف البرنامج 0541151051 وإلى لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.