هدايات قرآنية

هدايات قرآنية – 7 – سورة المطففين

اسلاميات

برنامج هدايات قرآنية – الحلقة 7

سورة المطففين

د. يوسف العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد.

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعي الكرام إلى هذا اللقاء في برنامجكم “هدايات قرآنية” أرحب بكم وأدعوكم للتنقل معي في أفانين القرآن العظيم مع نخبة من أهل العلم من ضيوفنا في هذا اللقاء فمرحباً وأهلاً وسهلاً بكم.

******************

هدايات قرآنية يسعدنا تواصلكم عبر الرسائل النصية على هاتف البرنامج 0541151051 بانتظار اقتراحاتكم وأسئلتكم حول العلوم القرآنية وهدايات السور.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام وإلى هذه الفقرة.

******************

الفقرة الأولى: “في أفياء السورة” يقدم هذه الفقرة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار حيث يستعرض فيها مع التعريف بالسورة شيئاً من علومها.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله دكتور مساعد وأهلاً وسهلاً بكم في هذه الفقرة حول التعريف بالسورة ومواضيعها، فما هي السورة التي لدينا في هذه الحلقة؟

الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله وحيا المستمعين الكرام. السورة التي بين يدينا اليوم هي سورة المطففين وهذا الاسم أيضاً من الأسماء المشتهرة جداً التي اشتهرت في المصاحف وفي كتب التفسير وكذلك على ألسنة الناس. وكما نلاحظ المطففين مأخوذة من أول مقطع في السورة في قوله (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)) ولهذا أيضاً قد تسمى سورة (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)) كما ورد عن ابن عباس قوله: فأنزل الله (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)) وكذا إشارة إلى التسمية وكما قلنا سابقاً أن هذا يكثر في تسمية السورة بأول ما يرد فيها وقد ورد في بعض كتب السنة وبعض كتب التفاسير سورة (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)).

د. يوسف العقيل: هذا ملحوظ يا دكتور أيضاً في كونها المطففين بالياء وليست بالواو باعتبار أنها لوحدها وفي المؤمنون “المؤمنون”.

الشيخ مساعد الطيار: نعم على الحكاية.

د. يوسف العقيل: على أنها أخذت من نص السورة.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم والإعراب سورة المؤمنين لكن إذا قيل سورة المؤمنون هذا على الحكاية. أيضاً تسمى سورة التطفيف وهذا أيضاً منحوت من قوله (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)) وهذا ورد في بعض المصادر مثل “مصاعد النظر للبقاعي” وأخذه عنه الألوسي وهو في بعض المصاحف أيضاً سُمي بهذا الاسم “سورة التطفيف” وكما سبق قلنا أن هذا يدخله الاجتهاد لكن الاسم المشهور وأغلبها هو سورة المطففين.

د. يوسف العقيل: موضوعات هذه السورة يا دكتور؟

الشيخ مساعد الطيار: هذه السورة أيضاً مثل القرآن المكي في حديثها عن يوم القيامة وعن أصناف الناس فيه. وابتدأت هذه السورة بأمر عظيم وهو التطفيف في الميزان والمكيال والمراد بالتطفيف هو نقص المكيال أو الميزان. فمثلاً إذا ذهبت إلى البائع تشتري مثلاً قماش فحقك أن تأخذ مثلاً ثلاثة أمتار فتجد أنه يأخذ من هذه الأمتار سنتمترات ليستفيد منها يعني قلل فهذا تطفيف أو أن تأخذ صاعاً فيقلل من الصاع فيجعله أقل من الصاع فهذا القليل يبدأ يجمعه ويجمعه حتى يكون له شيء كثير يتكسب منه فهذا المراد بالتطفيف وهو الذي بدأ الله سبحانه وتعالى بالتوعد عليه فقال (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)). وهذا التطفيف الذي يكون في البيع والشراء بيّن الله سبحانه وتعالى المنقذ منه وهو قوله سبحانه وتعالى (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (٤)) وكأن المعنى أن البعث أو أن الإيمان بالبعث إيماناً حقيقياً يكون في القلب أنه يمنع من الغش في البيع ومن كل المساوئ التي تقع عند التجار.

ثم ذكر الله سبحانه وتعالى لما قال (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)) ذكر أصناف الناس في هذا اليوم. كتاب الفجار وأنه في سجين والمراد بسجين أنها في الأرض السفلى وكتاب الأبرار الذي يكون في عليين وهو في السماء السابعة فهؤلاء كتابهم في سجين وهؤلاء كتابهم في عليين والنتيجة لهذا أن الأبرار يكونون في نعيم وأما الفجار فإنهم والعياذ بالله يكونون إلى جهنم.

ثم ذكر الله سبحانه وتعالى بعض أوصاف ذلك النعيم الذي يعطاه هؤلاء الأبرار في قوله (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (٢٥)) ويراد به الخمر خمر الجنة (خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ (٢٧)) كل هذا أوصاف للخمر الخمر التي يشربها هؤلاء وفيها طبعاً تفاصيل يرجع فيها إلى التفاسير.

ثم ختم بحال الكفار مع المؤمنين في الدنيا وأنهم يستهزؤون بهم ويحكمون عليهم بالضلال وبالرجعية وبالإرهاب وبغيرها من الألفاظ، هذه كلها تدخل في قوله سبحانه وتعالى (وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (٣٣)).

ثم ذكر سبحانه وتعالى مآلهم قال (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (٣٥)) ومعنى ذلك أن في نهاية المطاف في يوم القيامة ينعكس هذا الحال فيكون أهل الإيمان هم الذين لهم الفرح الحقيقي وليس ما يصنعه أهل الدنيا من الضحك على المؤمنين والاستهزاء بهم.

د. يوسف العقيل: نعم أحسن الله لكم دكتور مساعد هذا العرض وأحسن المآل لنا جميعاً، شكر الله لكم وننتقل بكم الآن إلى الفقرة التالية مستمعي الكرام.

******************

الفقرة الثانية: “هدايات السورة” مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: مرحباً بكم مستمعينا الكرام للفقرة التالية وهي الثانية في حلقة هذا الأسبوع مع فضيلة الدكتور محمد بن عبد العزيز عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، أرحب بكم دكتور محمد فأهلاً وسهلاً.

الشيخ محمد الخضيري: حياكم الله وحيا الله الإخوة المستمعين.

د. يوسف العقيل: دكتور قبل قليل استمعنا لفضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار وقد تحدث عن سورة المطففين تحدث عن تعريف تلك السورة وبعضاً من موضوعاتها فماذا عن هدايات هذه السورة؟

الشيخ محمد الخضيري: حقيقة هذه السورة فيها هدايات كثيرة وهكذا سور القرآن وآياته مليئة بالهدايات لمن تأمل وتدبر، هذه السورة تسمى سورة المطففين والمقصود بالمطفف هو الذي وصفه الله عز وجل بقوله (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) يعني الذين يزيدون إذا كان الكيل لهم ويُنقِصون إذا كان الكيل لغيرهم وهم يستعملون هذه الطريقة من أجل أن ينالوا شيئاً طفيفاً بغير حلّ من أموال الناس سواء إذا أخذوا أو إذا أدّوا وأعطوا. هذا المعنى قد يظنه بعض الناس مقتصراً على قضية البيع والشراء ولكن الأمر أعمّ من ذلك، فالتطفيف يدخل في كل الأمور حتى في تقييم الناس ومدحهم وتزكيتهم والكلام فيهم يجب أن يقول الإنسان الكلام بعدل وإنصاف فلا يطفف سواء إذا مدح أو قدح، فيمن يحب أو من يكره. وكذلك في أعمال الإنسان التي يتعبد بها لله عز وجل كالصلاة مثلاً فإن بعض الناس قد يطفف بمعنى ينقص من الصلاة الواجبة قدراً ولو كان قليلاً فإن هذا من التطفيف الذي يُذمّ الإنسان عليه.

وهاهنا لفتة عظيمة جداً وجميلة وهي أن الأشياء المتفق على قُبحها وأنها محرّمة لسنا بحاجة إلى أن نذكِّر الشخص الذي فعلها أو قام بها أنه قام بشيء محرّم ولكننا نذكّره بالجزاء لأنه يعلم تحريمه وهذا من باب الموعظة والله سبحانه وتعالى قد قال (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125] فالحكمة تكون مع الشخص الذي لا يعرف الحق والموعظة تكون مع الذي يعرف الحق لكنه لا يقوى على فعله أو القيام به.

وهنا نلاحظ أنه قال (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (١)) فبدأ بالويل ثم وصف ذلك التطفيف فقال (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) ثم عقّب بالجزاء فقال (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥)) هذا في أول السورة.

في آخرها نقف عند قول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١)) هذا وصف لقوم مجرمين لم يؤمنوا بالله عز وجل كان من صنيعهم عندما يرون أهل الإيمان أنهم يتغامزون ساخرين بهم، مستهزئين بهم، يفضفضون عن الحقد الذي في قلوبهم عبر هذه الوسائل المقيتة وهي الغمز واللمز والاستهزاء والسخرية بل ويقطّعون الأوقات ويتسامرون الساعات الطوال في ثلب هؤلاء المؤمنين نظراً لإيمانه.م وهذه الخصلة قد يفعلها بعض المسلمين مع كل أسف عندما يرى رجلاً قد أطاع الله سبحانه وتعالى وامتثل أمره يسخر منه، لماذا تسخر منه؟! ألا تحاسب نفسك!؟ هذا الذي قام به أخوك وامتثل به أمر الله عز وجل لا يجوز لك أن تسخر منه لأجله بل يجب عليك أن تُزري على نفسك وأن تعود على نفسك بالملامة كيف يكون أخوك قد امتثل أمر الله وأطاع حكم الله سبحانه وتعالى وأنت قصّرت في هذا الباب وأخللت بهذا الجانب! إن هذا من أساليب الشيطان التي يعبث بها في أديان الناس وهذا الأمر مزلّة قدم قد يجعل الإنسان يخرج من الدين وهو لا يشعر فليحذر أولئك الذين يتساهلون في أمر لمز المؤمنين والسخرية بهم والاستهزاء من أفعالهم أن يخرجوا من الإسلام وهم لا يشعرون. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ عليّ وعليكم ديننا وأن يقينا شر الاستهزاء والسخرية بعباد الله.

د. يوسف العقيل: أحسن الله إليكم دكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود على ما تفضلتم به عن هدايات هذه السورة، أدعوكم مستمعينا الكرام لمواصلة الاستماع للفقرات التالية من حلقة هذا الأسبوع.

******************

الفقرة الثالثة: “من المكتبة القرآنية” مع الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: إذاً أيها الإخوة في هذه الفقرة من البرنامج موعودون بأن ينتقي لنا فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري من المكتبة القرآنية ما لديه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله دكتور يوسف وحيا الله الإخوة المستمعين الكرام كتابنا في هذه الحلقة هو كتاب “العجاب في بيان الأسباب” والمقصود بها أسباب النزول للإمام العلامة شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله صاحب كتاب “فتح الباري في شرح صحيح البخاري” وهذا الكتاب من أثمن وأجود الكتب التي صنفت في أسباب نزول القرآن الكريم وإن كان وجد ناقصاً والصحيح أنه لم يوجد ناقصاً وإنما مؤلفه رحمه الله لم يكمله، وقد حقق الجزء الموجود منه في رسالة علمية لأخي الدكتور عبد الحكيم محمد الأنيس حققه في رسالته للماجستير تحقيقاً قيماً، والكتاب هو أوسع كتاب في حشد أسباب النزول المنقولة والمقولة فأشهر كتاب وصلنا إلينا من القدماء هو كتاب الواحدي وهو كتاب مشهور في أسباب النزول ولكن وفيه إلى الآية ثمانية وسبعين من سورة النساء مئة وخمس وخمسين عنواناً يعني كتاب ابن حجر هذا الذي بين أيدينا فيه إلى الآية ثمانية وسبعين من سورة النساء مئة وخمس وخمسين عنواناً عفواً في كتاب الواحدي أما في الشيخ ابن حجر ثلاث مئة وعشرين عنوان فتخيل يعني في الجزء

د. يوسف العقيل: في هذا النطاق.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم في هذا النطاق مئة وخمس وخمسين عند الواحدي، عند ابن حجر ثلاث مئة وعشرين يعني الضعف تقريباً وزيادة وهو في كل هذا يسهب في إيراد الطرق المتفقة والمختلفة مع الحكم على الأسانيد والرواة. والإمام ابن حجر مميز في هذا ومحدث لا يشق له غبار، بيّن فيه الوصل والإرسال والنكارة والشذوذ وغير ذلك في الأسانيد وفي المتون. وقد قدم في مقدمة كتابه فصلاً جامعاً رائعاً مهماً جدير بالإخوة الباحثين في الدراسات القرآنية أن يلتفتوا إليه وهو فصل جامع عن حال المفسرين وطرق التفسير أغناه عن كثير من التكرير في كتابه وهو فصل مهم جداً يهدي المشتغل بالتفسير وغيره في رجوعه إلى التفاسير وإفادته منها. أيضاً نجد في كتاب ابن حجر “العُجاب في بيان الأسباب” نقولاً من تفاسير تعد الآن مفقودة كتفسير الفريابي، وتفسير سنيد، وتفسير إسحاق ابن راهويه، وتفسير عبد بن حميد، وتفسير ابن المنذر، وتفسير أبي الشيخ ابن حيان، وابن شاهين، وابن مردويه وغيرهم، وأيضاً يوجد فيه نقول من تفاسير لم تطبع إلى الآن كتفسير يحيى بن سلّام وقد طبع طبعاً مؤخراً طبعة أصبحت نادرة أيضاً في دار الكتب العلمية، تفسير عبد الرزاق، تفسير الثعلبي، والوسيط للواحدي، وابن ظفر والمرسي وغيرها وبعضها طبع مثل الثعلبي، عبد الرزاق، الواحدي، ابن ظفر والمرسي غير موجودة، أيضاً تجد فيه نقول من كتب السنة كثيرة ومنها ما هو مفقود الآن أو مخطوط أيضاً في الوقوف على هذه النصوص فائدة كبرى للباحثين والدارسين. أيضاً من مزايا هذا الكتاب أنه لابن حجر العسقلاني وابن حجر رحمه الله كتبه مفيدة وقيمة ومركّزة وهذا الكتاب يبحث في موضوع أسباب النزول وهو علم يبين لنا الظرف الزماني والظرف المكاني لنزول الآيات وهذا من أهم علوم القرآن الكريم. المحقق جزاه الله خيراً اعتنى بدراسة أسانيد هذا الكتاب وتوثيق النقول التي وردت فيه والكتاب كما قلنا هو غير كامل ولكن الجزء الموجود منه في المطبوع في غاية النفاسة وفي غاية الأهمية، وقد بيّن المحقق مصادر المؤلف في كتابه هذا فتبين أنه قد ذكر في كتابه هذا مئة وثلاثة وعشرين مصدر من المصادر التي رجع إليها، منها مصادر في التفسير كتفسير الطبري وغيره، ومنها مصادر في علوم القرآن، ومنها مصادر في الحديث وعلومه فذكر منها اثنين وخمسين كتاباً، مصادر في السيرة وفي التاريخ وفي أصول الفقه.

د. يوسف العقيل: ذكر نقول منها ابن حجر؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم ويظهر لي والله أعلم أن أجود وأهم كتاب اعتمد عليه ابن حجر هو تفسير الإمام الطبري فقد أفاد منه في الجزء الذي بين أيدينا أكثر من ست مئة مرة يعني أوردها. فأنا أعيد وأكرر أن كتاب “العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني” من أهم كتب أسباب النزول وقد طبع في دار ابن الجوزي في مجلدين الجزء الذي وجد منه بتحقيق الدكتور عبد الحكيم الأنيس، وفق الله الجميع للعلم النافع ورزقنا وإياكم ما ينفعنا.

د. يوسف العقيل: آمين، الله يجزاكم خير دكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري على هذا العرض لكتاب “العجاب في بيان الأسباب لابن حجر”.

******************

الفقرة الرابعة: “مناهج المفسرين” مع الدكتور خالد بن عثمان السبت عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام.

******************

الشيخ خالد السبت: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد. فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أيها الإخوة المستمعون والمستمعات أرحب بكم وأسأل الله لي ولكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً ونية. نواصل الحديث في هذه الحلقة في الكلام على تفسير ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى فهذا التفسير جرى فيه المؤلف رحمه الله على الطريقة المعهودة لدى أكثر المصنفين في التفسير بالمأثور من الاقتصار على الرواية من غير ترجيح ولا بيان أو تعليل من قبل المؤلف غالباً إلا أن ابن أبي حاتم رحمه الله لا يورد الروايات متتابعة من غير تمييز إذا كانت تلك المرويات أو بعضها تتضمن معاني مختلفة وإنما يجعل ذلك على أوجه فيذكر الوجه الأول ويذكر تحته الروايات التي تدل على معنى من المعاني التي قيلت في الآية ثم يذكر الوجه الثاني وهكذا كما نجد ذلك في عامة المواضع من هذا الكتاب. غير أن من عادته في هذا الكتاب أنه يذكر المعنى الأول تحت الجزء الذي يريد أن يفسره من الآية دون تصريح منه بأنه الوجه الأول غالباً لكن يذكر بعده صراحة الوجه الثاني وهكذا. كما لا نجد في بعض المواضع تصريحاً ببعض الأوجه كما في تفسير قوله تعالى (وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البقرة: 58] حيث ذكر المعنى الأول تحتها ثم ذكر الوجه الثاني ثم نجده بعده يذكر الوجه الرابع وذلك أنه ساق روايتين تحت الوجه الثاني الأولى عن ابن عباس رضي الله عنهما وعقبها بقوله “وروي عن عكرمة قول ثالث” ثم ساق الرواية الأخرى التي أشار إليها عن عكرمة بعد ذلك مباشرة فهما روايتان لكل رواية منهما معنى مستقل وربما ذكر تحت أحد هذه الأوجه ما يدل على المعنى مختصراً ثم يورد الرواية بعده كقوله عند تفسير (الْعَالَمِينَ) من سورة الفاتحة الوجه الثالث أن العالمين الجن والإنس فقط ثم ساق الرواية مسندة بعده. وفي بعض المواضع كما في تفسير قوله تعالى (الم (١)) [البقرة: 1] في أول سورة البقرة يقول “اختلف في تفسيره على أوجه: فمنهم من قال أنا الله أعلم” ثم ساق الرواية بعده ثم قال “ومن فسره على أنه اسم من أسماء الله” ثم ساق عدداً من الروايات ثم قال “ومن فسره على اسم من أسماء الله وآلائه وبلائه” ثم ساق رواية بعده وهكذا سائر الأقوال التي ذكرها بعده. وفي بعض المواضع يصرّح ابتداء بعدد الأقوال في تفسيرها ثم يسوق الرواية التي تتضمن المعنى الأول ثم يسوق الأقوال والروايات التي بعدها. وربما صرّح بذكر الأوجه مقرونة بالمعنى ثم يذكر الرواية بعد كل منها وقد تجد في بعض المواضع ما يجمع هذه الأساليب أو بعضها في الموضع الواحد. وربما فسّر كلمة ونحوها مما ورد في تلك الروايات خشية الالتباس أو زيادة في الايضاح. وقد ينقل ذلك التفسير وما يوضحها عن بعض أهل العربية أو غيرهم. وأما إذا لم يكن عنده في الآية أقوال فإنه يكتفي بإيراد الرواية أو الروايات في تفسيرها. وقد يصرّح بكونه لا يعلم بين المفسرين في ذلك اختلافاً وقد يذكر بعد الرواية خلاف أهل العلم في المعنى أو الحُكم كما ذكر عندما ساق رواية عن مجاهد في الحامل إذا شقّ عليها الصوم أنها تُفطر وتُطعم وتقضي قال بعده “قال أبو محمد واتفق قول مجاهد على إزالة القضاء عن الشيخ وإلزامه الفدية وأوجب على الحامل الفدية والقضاء وكذلك قول الحسن وإبراهيم النخعي في أحد أقواله وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل”. وقد يسوق الحديث من طريقين ويرجّح أحدهما وربما نبّه إلى اختلاف الرواية بسبب بعض الرواة من غير ترجيح وهكذا إذا تعددت الروايات عن الراوي فكان يُروى عنه قول آخر أو أكثر. وربما حكم على الرواية أو الإسناد وقد ينبه على خطأ في اسم الراوي أو سَقْط راوي من الإسناد ولكل من هذه الصور أمثلة كثيرة تركنا إيرادها طلباً للاختصار والله تعالى أعلم. وللحديث بقية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

******************

د. يوسف العقيل: إلى هنا أيها الإخوة الكرام نصل إلى ختام هذه الحلقة لنا بكم لقاء قادم بإذن الله تعالى نسعد بتواصلكم على هاتف البرنامج 0541151051 وإلى لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.