تأملات تدبرية

ارتباط الرسم بإعجاز النظم – وقفة في سورة الكهف والقصص

 بين سورتي الكهف والقصص

إعداد موقع إسلاميات

قال الله تعالى (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا) [الكهف:24]
وقال تعالى في سورة القصص (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) [القصص:22]

بين الآيتين اختلافان:
كلمة (يهدين) رسمت في آية سورة الكهف بحذف ياء المتكلم ورسمت في آية سورة القصص بإثبات ياء المتكلم
تقديم وتأخير لفظة (ربي)

ذكر د. سامح القليني قاعدة في الذكر والحذف في الكلمة القرآنية:

في سورة الكهف (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَايْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ﴿٢٣﴾ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا) يهدين بالكسرة وحذفت الياء منها وتأخرت كلمة (ربي) عن فعل الهداية. الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (ولا تقولن – وقُل)

في سورة القصص لما خرج موسى يترقب بعد قتل الرجل (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) كلمة يهديني رسمت بإثبات الياء وقدّمت كلمة (ربي) على فعل الهداية

ارتباط الرسم بإعجاز النظم:

آية سورة الكهف (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَايْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ﴿٢٣﴾ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) السياق في الحديث عن أمر غيبي
ومن قواعد حذف حرف الياء أو الألف أو الواو من الكلمة القرآنية:
– إذا كان الحدث خفيفًا
– إذا كان الحدث سريعًا
– لو كان الحدث غيبي غير مرئي، ملكوتي

آية سورة الكهف السياق في الحديث عن أمر غيبي (ولا تقولن لشايء) ففي الأمر الغيبي تحذف الياء، كل هداية غيبية تحذف الياء.

فالقاعدة: إذا كانت الكلمة تتعلق بأمر غيبي (غيبي ملكوتي لأنه قد يكون هناك غيب أرضي) أو ملكوتي (كما يطلق عليه العلماء في علم الملكوت، الوحي، الملائكة،..) أو تشريفي يطرأ حذف الألف أو الياء أو الواو من الفعل.
حذف وإثبات الياء في فعل الهداية
(وقل عسى ربي أن يهدينِ) أمر غيبي، يهديني علم الوحي فحذفت الياء من الفعل.

أما في آية سورة القصص موسى عليه السلام خرج خائفًا يترقب وهو لا يعلم الطريق فسأل الله عز وجلّ أن يهديه الطريق المادي الذي يوصله إلى مكان آمن فرسمت الكلمة بالياء (يهديني) فسواء السبيل هنا ليس مقصودًا بها طريق الطاعة وإنما الطريق الموصل إلى مدين. إذن في طلب الهداية المادية تثبت الياء وفي طلب الهداية الغيبية تحذف الياء.

تقديم وتأخير ربي بين الآيتين:
في آية سورة القصص موسى عليه السلام خرج من المدينة خائفًا يترقب والخائف يحتاج للسند فقدّم لفظ (ربي) على طلب الهداية ويثبت ضمير المتكلم الياء في فعل الهداية (يهديني) ليؤكد أنه هو الذي يحتاج للهداية من ربه حتى يصل إلى المكان الآمن. فإثبات الياء لأن الهداية التي طلبها من ربه هداية مادية ولإثبات خصوصيته أنه هو الذي يحتاج لهذه الهداية.

أما في سورة الكهف فالسياق في طلب هداية الوحي فقدّم الهداية على لفظ (ربي) .

الكهف والقصص