برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 13- تأملات في سورة النساء آية 157-159

اسلاميات

بينات – رمضان 1433 هـ

الحلقة 13

الآيات 157-159

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد. حياكم الله مشاهدي الكرام في هذه الحلقة من برنامجكم بينات الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما نقول ونسمع فيه. وصلنا في حلقات هذا البرنامج إلى الآية السابعة والخمسين بعد المئة من سورة النساء ونسأل الله سبحانه وتعالى بمنّه وكرمه أن يعيننا على التمام والختام. تحدثنا في حلقة ماضية حول قول الله عز وجل (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) ثم قال الله عز وجل (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) عند هذه الجملة توقفنا في درسنا الماضي ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للإتمام وأن يعيننا على حسن الإفهام. يقول (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) أبا عبد الملك هل ممكن إيضاح لهذه الآية؟

الشيخ مساعد الطيار: كما أشرنا في اللقاء الماضي أن الذين كانوا في وقت عيسى عليه الصلاة والسلام وقع عندهم شك في المقتول وكذلك بقي هذا الشك فيمن جاء بعدهم ولهذا الله سبحانه وتعالى يقول (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) أي بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام وما حصل في آخر لحظات عيسى عليه الصلاة والسلام (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) وإنما قصارى ما عندهم هو الظن لكن هذا الظن ليس الظن المقبول لأن بعض الظن يكون مقبولاً في العلم لكن هذا ظن مقابل العلم فلما نفى العلم وأثبت لهم الظن فإذاً هو الظن الذي لا يقبل في التحقيق وكأنه ليس عندهم إلا الوهم فكأنه الظن الموافق للوهم الذي ليس له أساس من الصحة. ومن قرأ في كتب القوم يجزم يقيناً أنهم بالفعل فقدوا أي نوع من أنواع العلم في هذه المسألة.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً اتباع الظن في العقائد يعتبر مذموماً لأن العقائد يطلب فيها الجزم واليقين وعدم ورود الشك أو شيء من الاهتزاز العلمي ولذلك كونك تعرّض العقائد للظنون فإنه لا يجوز ولذلك لا يقبل في العقائد إلا ما هو علم ثابت وينبغي أن يُبنى اعتقادك على شيء معلوم لا على شيء مظنون فإذا كانت عندك طريقة سالكة تعرف بها الحق لا تتبع الطرق الأخرى التي لا يُدرى هل توصل إلى الحق أو لا؟ هذا يظهر أنه معلوم لا إشكال فيه وهذا ما كان المشركون يفعلونه عندما يعبدون هذه الآلهة التي يتقربون إليها ويقولون هي آلهة من دون الله، هذا ظنّ، كيف تجعلها آلهة من دون الله؟ (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) يذكر الله عز وجل هذا في حق المشركين لأن اعتقادهم أنها آلهة وأنها ترزق وتحيي وتميت هذه ظنون كلها ليست حقائق فكيف تجعلون عقائدكم في هذه الظنون؟! أما الشيء المتيقن منه هو أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت ولذلك يجب علينا أن نتوجه إليه بالعبادة وأن لا نؤلّه أحداً سواه. يبقى سؤال الحقيقة أتمنى من أبي عبد الله أن يوضحه لنا وللسادة المشاهدين في قوله (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) الواقع أننا في الشرع قد نحتاج إلى اتباع الظن يعني الأمر الذي يُظَنّ فكيف نجيب على ذلك وأنت تقول أو نحن نقول ما ينبغي اتباع الظن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً الظن هنا هو المقصود به الظن الذي أو الشك يعني مسألة مبنية على ظنون وأوهام وليست مبنية على حقائق يقينية وفيه عبارة مشهورة عندهم في انجيل متّى تؤكد هذا المعنى أن المسيح عليه الصلاة والسلام قال لتلاميذه كلكم تشكّون فيّ هذه الليلة الدكتور مساعد قال قبل قليل أنه قد قال لتلاميذه أو لحوارييه أنني ذاهب إلى ربي وكان أحد تلاميذه ضحّى أن يكون هو الذي يلقى عليه شبه عيسى عليه الصلاة والسلام.

الشيخ محمد الخضيري: فيُقتل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وقُتِل فيقول كلكم تشكون فيّ هذه الليلة يعني كانت هذه الليلة محل شك وظن شديد عند اليهود وعند النصارى على حد سواء هل هو الذي قتل عيسى أو الذي  قتل عيسى صح وإلا لا؟ فهذا هو معنى الظن هنا ثم قضية مهمة أيضاً الظن عندما نقول أنه يقبل في العقائد أحاديث الآحاد هناك مسألة من المسائل المطروحة في كتب العقيدة أن أحاديث الآحاد لا يقبل في العقيدة وهذا غير صحيح وإنما يقبل في العقيدة إذا صح لكن الفكرة أن العقائد ليست كلها درجة واحدة لكن هنا هذه قضية أساسية في العقيدة يعني هل يمكن نحن أن نثبت نبوة محمد عليه الصلاة والسلام بالظن؟

الشيخ محمد الخضيري: لا يمكن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو بآحاد؟ لا ولكن هذه قضية أساسية في الدين إثبات وجود الله، إثبات النبي صلى الله عليه وسلم، القرآن الكريم قد ثبت بعشرات الأدلة ولكن هناك قضايا.

الشيخ محمد الخضيري: في قضايا العمل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: العمل

الشيخ محمد الخضيري: والفروع يقبل فيها الظن أيضاً لأن الإنسان لا مجال أحياناً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن يتيقن.

الشيخ محمد الخضيري: أن يتيقن كمثلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اتجاه القبلة.

الشيخ محمد الخضيري: عندما تشتبه عليك القبلة أو يشتبه عليك الماء هل مثلاً طاهر أو تلبس بنجاسة فهنا يعمل الإنسان بالظن والله عز وجل قد جعل ذلك عذراً له يعني هذا من رحمة الله بنا أنه رخّص لنا أن نعمل بالظن في المكان الذي يسوغ فيه ذلك وهو جانب العمل الذي هو أجزاء وأفراد لا تنتهي ويحتاج المسلم فيها إلى أنه يتجاوز فيتنازل عن العلم المتيقن إلى الظن من أجل أن يسلك سبيلاً ويعمل عملاً. ففي الفروع يغتفر ذلك لكن في العقائد لا، أما ما أشرت إليه أبا عبد الله وهو قضية أحاديث الأحكام وتشغيب بعض المبتدعة بأنها لا تفيد إلا الظن نقول لا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحاديث الآحاد.

الشيخ محمد الخضيري: أحاديث الآحاد هذه الأحاديث القول بأنها لا تفيد إلا الظن هذا غير صحيح. النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الفرد من الصحابة بدعوته كاملة إلى أمة كاملة من الأمم فلو كانت أحاديث الآحاد لا تقبل أو أنها تفيد الظن ما كفى لكان النبي صلى الله عليه وسل يرسل عشرة، خمسة عشر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن.

الشيخ محمد الخضيري: كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن وعبد الله بن حذافة السهمي مثلاً إلى أهل مصر أو غيرهم فهذا يبين أنه ليس قولهم إن أحاديث الآحاد تفيد الظن أنه مطلق ومسلّم به على كل حال، بل حديث الآحاد قد يدل على العلم خصوصاً إذا صح وروي من طرق صحاح فهو يفيد العلم ولا يفيد الظن.

الشيخ مساعد الطيار: وهذا من القرائن.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا من القرائن فنحن نقول بالعكس الإنسان يتبع بذلك يقين، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا بعثوا بعثوا وحدهم ومع ذلك هذه الأخبار التي يأتون بها والكتب وغير ذلك هي يقين من عند الله عز وجل ولا إشكال في ذلك.

الشيخ مساعد الطيار: وابن طاهر أيضاً لما قال: لما استشكل عند ابن المبارك حديث النزول «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة» عبد الله بن طاهر وكان أمير خراسان استشكل الحديث فابن المبارك لم يرد له برد فلسفي ورد منطقي وكلامي قال له: الذين جاؤونا بأحاديث الحلال والحرام هم الذين رووا لنا هذه الأحاديث، انتهى الأمر.

الشيخ محمد الخضيري: يعني الذي يقبل هذا يجب أن يقبل هذا وأن التفريق بينهما تفريق من غير مسوغ ولا مبرر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن قد هذا السؤال يثار كثيراً يعني قضية أن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فيأتي قائل ويقول أننا نعرف أن الكرة الأرضية يتغير فيها الليل والنهار فمعنى هذا أن الله يبقى في السماء الدنيا.

الشيخ مساعد الطيار: طبعاً هذا قد قيل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أقول لك هذا قيل فقد يكون ابن طاهر يعني من هذا الجانب العقلي فكر فيها لكن نحن إذا ثبت عندنا حديث فنحن نصدق به ونؤمن به.

الشيخ مساعد الطيار: وقد سبق أن ذكرنا في اللقاء الماضي أو الذي قبله أن بعض النصارى لما أسلم اتضحت عنده مسائل الصفات أصلاً من أولها قال من أول ما دخلت في الإسلام

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11]

الشيخ مساعد الطيار: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) بيّن فيه تمايز بين الخالق والمخلوق أي واحد يقيس الخالق والمخلوق معناها أنه وقع في التشبيه من أولها ولهذا التمايز هذا أمر خاص بالخالق لا يدرك أمر خاص بالخالق إلا إذا أدركت ذاته وما دامت ذاته لا تدرك فإذاً صفاته (كلمة غير واضحة).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قوله (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)).

الشيخ محمد الخضيري: في باب اتباع الظن لو سمحت يا أبا عبد الله في باب اتباع الظن أيضاً في معاملتنا للمخلوقين لا يجوز لنا أن نعمل بالظنون ما لم نلجأ إليها أو ما لم نضطر إلى ذلك أن تحف قرائن تدل على أن لهذه الظنون مساغاً أو أصلاً فأنا عندما أراك يا أبا عبد الله تدخل بيتاً ليس بيتك ما يجوز لي أني أظن بك ظن السوء بمجرد إنك دخلت بيتاً غير بيتك قد تكون مدعو، قد يكون على قريب من أقربائك، قد يكون بين وبين هؤلاء صهر أو شيء من هذا القبيل فما يجوز لي أن أظن بك ظن السوء بمجرد وجود هذا الظن الذي وقع عندي وهو دخولك بيتاً غير بيتك أو وجود امرأة معك في السيارة، بمجرد أن المرأة معك في السيارة أقول من هذه؟ وقد يكون، وقد يكون، وقد يكون أقول لا يجوز في حق المسلم إلا عندما تأتي القرائن تدل على أن لهذا الظن أصلاً يعني مثال لو أنه يمسك بامرأة وهي تصرخ وتستغيث وهو يجرّها طبعاً احتمال أن تكون ابنته وزوجته واحتمال أن تكون امرأة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أجنبية.

الشيخ محمد الخضيري: أجنبية لكن هذا الصراخ وهذا التأبي يدعم أنها قد تكون أجنبية منه فهنا لو أنني ظننت به ظن السوء لكنت معذوراً ولذلك قال الله عز وجل في سورة الحجرات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا) ؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ).

الشيخ محمد الخضيري: (كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ) ما قال كل الظن لأنه هناك من الظن ما تقوم عليه قرائن تدل عليه (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا) [الحجرات:12].

الشيخ مساعد الطيار: فنهى عن الكثير لوجود البعض.

الشيخ محمد الخضيري: إيه لوجود البعض وما هو هذا البعض؟ الذي قامت قرينة على صحته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو دليل.

الشيخ محمد الخضيري: أو دليل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإذا كان دليل ما يصبح ظناً وإنما يصبح حقيقة يقين يعني.

الشيخ محمد الخضيري: لا أبا عبد الله قد لا يكون يقيناً. يعني افترض يا أبا عبد الله تسمع استغاثة امرأة داخل بيت وهي تصرخ صراخاً شديداً فالآن أنت تظن سوء وهو أن هناك امرأة تؤذى أو تنتهك في هذا المكان وتتخذ بناء على ذلك حكماً وهو أنك ماذا؟ تتسور هذا البيت لتنقذ هذه المرأة التي تصرخ هذا الصراخ أليس كذلك؟ أنت بنيت هذا الحكم على ماذا؟ على ظن لأنك ما تعلم وش الحقيقة لما ذهبت وجدت مثلاً رجلاً يجلد امرأته مثلاً أو وجدت امرأة تئن من الألم بأنه انسكب عليها شيء حار أو غير ذلك إذاً حكمك الذي بنيته في التسور أو في الاحتساب على أهل هذا البيت كان مبنياً على ماذا؟

الشيخ مساعد الطيار: على الظن.

الشيخ محمد الخضيري: على الظن فيجوز العمل بهذا إذا احتفت القرائن ولذلك المحتسبون يعملون أشياء بناء على ظنون لكن هذه الظنون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قد تصيب وقد تخطئ.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ مساعد الطيار: وقوله (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) هذه لفظة يقينا فيها كم احتمال؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: احتمالان.

الشيخ مساعد الطيار: نعم الاحتمال الأول أن يكون ما قتلوه يعني علماً يعني ما قتلوا أمر قتله وصلبه علماً لم يحرروا مسألة قتله وصلبه

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليس لديهم علم بها.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم أخذوا بالظن ومشوا عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا الوجه يؤيده قوله (إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ).

الشيخ مساعد الطيار: (إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) وهذا هو رأي ابن عباس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والوجه الثاني (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) يقيناً أنهم لم يقتلوه يعني وما قتلوه يقيناً.

الشيخ مساعد الطيار: فتكون يقيناً كأنه مؤخر وحقه التقديم يقيناً لم يقتلوه يعني يقيناً ما قتلوه بل رفعه الله إليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جميل إذاً هذا بالنسبة للآية. أيضاً ما زال هنا الحديث عن أسباب عقوباتهم في قوله (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا).

الشيخ مساعد الطيار: لكن أبو عبد الله فقط الذي ذكرته أود فقط أعيد ما ذكرته في قوله (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) الله سبحانه وتعالى ذكر أيضاً لنا هذه القضية فيها شيء فيه إجمال أو إبهام وشيء فيه وضوح يعني ما هو الشيء الواضح بالنسبة لهم؟

الشيخ محمد الخضيري: الرفع.

الشيخ مساعد الطيار: أول شيء أنه عليه السلام لم يُقتل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لم يُقتل ولم يُصلب.

الشيخ مساعد الطيار: ولم يصلب والثانية أنه رفع إلى السماء يبقى هل رفع وهو حيٌ أو سلبت روحه قبل أن يرفع هذه وقع فيها نقاش

الشيخ محمد الخضيري: أو أنه أُنيم.

الشيخ مساعد الطيار: أو أنيم.

الشيخ محمد الخضيري: كان في حالة بين الحياة والموت.

الشيخ مساعد الطيار: لكن يكون المهم أنه حي فمثل هذه الآن الخلاف فيها لا يؤثر فالعلم بها لا يزيد المسلم شيئاً والجهل بها أيضاً

الشيخ محمد الخضيري: لا يضر.

الشيخ مساعد الطيار: لا يضر ولهذا الله سبحانه وتعالى لم يذكر فيها التفصيل الواضح لأنها لا تؤثر لكن الذي له أثر هو ما ذكره سبحانه وتعالى من أنه لم يُقتل عليه الصلاة والسلام لم يُصلب وأنه قد رُفع.

الشيخ محمد الخضيري: عندنا مسألة حقيقة مهمة جداً للدعاة وللعلماء وطلاب العلم وهي نفي الباطل ودفعه والدفاع عن الحق وبيان ذلك للناس وعدم ترك الناس في “حيص بيص” وفي إشكال وفي التباس ومع الأسف نحن نجد أحيانا تشاع شائعة سواء عن عالم أو في قضية من القضايا وتنسب إلى الشريعة ويتهاون أحياناً أهل العلم في دفعها ونفيها فتسري في الناس وتنتشر ثم يصحو أهل العلم بدفع ذلك ويكون قلعها شديداً ونفيها صعباً ومحاولة إزالة هذا اللبس قوية ولذلك لاحظوا في القرآن (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) هو ما ترك هذا القول قال (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) كل هذا لنفي هذا الباطل المدعى وكان بالإمكان أو كان متوقع مثلاً أن يقال (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) وظلم منهم (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ).

الشيخ مساعد الطيار: أو زعمهم.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ولكنه دفع هذا الباطل دفعاً شديداً من وجوه متعددة هذا يؤكد علينا أنه متى نشأ باطل إنه يجب علينا أن ندفعه بصورة يقع بها رفع الحجة أو تقع بها الحجة وتبرئ بها الذمة وبهذه المناسبة يا إخواني الآن مثلاً تكثر على العلماء الشائعات في وسائل الإعلام ونجد أنه مثلاً يشاع أن سماحة المفتي يقول بكذا مثل ما أشيع مرة عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أن يوم المولد أو أن الاحتفال بيوم المولد كفر ونشرت هذه أنا أذكر ذلك وسمعته في إذاعة لندن إنه سماحة مفتي عام المملكة يفتي بكفر الاحتفال بالمولد مباشرة الشيخ رحمه الله أنزل فتوى بتكذيب هذا الخبر المشاع عنه وأنه لا أحد يقول بهذا وإنما غاية ما هنالك أن هذا الأمر من البدع المحدثة التي لم تعرفها الأمة إلا في القرن الرابع وأن السنة الماضية أن يلزم الإنسان ما كان عليه الصحابة والتابعون والقرون المفضلة ترى المبادرة بهذا وخصوصاً في عصر انتشار المعلومة وشيوعها مهم جداً والمبادرة به أهم وأهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما زالت أسباب الغضب أو أسباب العقوبات التي جعلها الله على اليهود يستمر في قوله (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ).

الشيخ محمد الخضيري: لا، كأنك طمرت آية يا أبو عبد الله.

الشيخ مساعد الطيار: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ).

الشيخ محمد الخضيري: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التي قبلها (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ).

الشيخ محمد الخضيري: ما رأيك نجعلها بعد الفاصل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب.

الشيخ محمد الخضيري: فاصل مشاهدي الكرام ثم بإذن الله بعد ذلك نواصل.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– إعلان جوال تفسير

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير- البوابة الالكترونية

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشاهدي الكرام كنا نتحدث في قول الله عز وجل (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)) كان الدكتور عبد الرحمن يريد أن يعلّق على هذه الآية تفضل أبا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنت أريد أن أشير إلى قضية الرفع هنا رفع عيسى عليه الصلاة والسلام إلى السماء طبعاً المقصود (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) إلى السماء يعني وفي حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي عيسى ابن مريم في السماء الثانية فسلّم عليه وهو مقيم في السماء الثانية حتى ينزل فيقتل المسيح الدجال. طبعاً كما تفضل الدكتور مساعد قبل قليل قضية المتفق عليه أن الله رفعه إليه وفي حديث المعراج أنه في السماء الثانية لكن هناك من يقول أنه رفعه إليه مطلقاً ولا يتحدث عن مكانه بالضبط لكن نحن متفقون على أنه قد رفعه الله إليه. أيضاً مسألة أخرى في قضية هل هو على قيد الحياة أو ليس على قيد الحياة هل هي حياة مختلفة هذه مسألة ليس فيها تفاصيل وإن كان الله سبحانه وتعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:55] فقوله (مُتَوَفِّيكَ) كانت هي سبب من أسباب الخلاف بين الذين فهموا هذه المسألة هل المقصود بالتوفي هنا الموت الذي نعرفه أم المقصود بالتوفي هنا توفي أجلك في الدنيا إلى هذا الوقت ثم ترفع.

الشيخ محمد الخضيري: بمعنى تستوفي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: استوفيت أجلك استوفيت المدة إلى هذا الوقت ثم ترفع إلى السماء ثم ينزل إذا أراد الله سبحانه وتعالى في قتله للمسيح الدجال كما هو ثابت.

الشيخ محمد الخضيري: أو متوفيك بمعنى مُنيمك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فكلمة التوفي هنا هي التي وقع فيها الخلاف هل المقصود بها الموت أو المقصود بها توفي الأجل لكن على كل حال كما تفضل الشيخ المتفق عليه أنه قد رفع إلى السماء وأنه لم يقتل وأنه لم يصلب وهذه هي الأساسية في الموضوع أما بقية التفاصيل فهي لا تؤثر فهذا المقصود بقوله (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)). وهذه أيضاً نعيد الحديث عن اقتران هذه الأسماء (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)) العزة وهي صفة من صفات الله سبحانه وتعالى أنه القاهر الذي لا يُغلب ولا يُغالب سبحانه وتعالى والحكيم يضع الأمور مواضعها فإذا اقترنت العزة بالحكمة كان وضع الامور في مواضعها مبني على

الشيخ محمد الخضيري: حكمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قدرة وعلى عزة.

الشيخ محمد الخضيري: أبا عبد الله في عزة الحقيقة بما أنها مرت بنا ينبغي أن نقول إن لله عز وجل العزة من وجوهها الثلاثة عزة القدر يقال فلان عزيز قومه يعني من حيث قدره مرتفع وعالي، وعزة القهر وهو أن من العزة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الغلبة.

الشيخ محمد الخضيري: إيه أن تقهر وتغلب مَنْ دونك، وعزة الامتناع يقال أرض عزاز يعني ممتنعة على دخول الأقدام فيها عزاز أي صلبة، الله عز وجل ممتنع على من أراده بسوء فالله عز وجل تثبت له هذه العزة من وجوهها الثلاثة عزة القدر والقهر والامتناع وكذلك حكيم، حكيم مأخوذة من الحُكم حكيم أي يحكم بما يشاء حكماً شرعياً وحكماً قدرياً كونياً فله الحكم كله كوناً

الشيخ مساعد الطيار: وشرعاً.

الشيخ محمد الخضيري: وشرعاً. وحكيم من الحكمة وهو وضع الشيء موضعه سواء كانت هذه الحكمة ما يقول العلماء الحكمة الشرعية أو الحكمة الغائية يعني غاية خلق الأشياء ونهاية ما تكون عليه فهي ثابتة لله عز وجل فيقال حكيم يحكم بما يشاء شرعاً وقدراً وهو حكيم في تصرفه وشرعه وقدره جل جلاله ثم يأتي هذا البحث الذي ذكرته أبا عبد الله وهو أن اقتران الاسمين يورث معنى جديداً وهو أن عزة الله بحكمة وحكمته بعزة لأننا نجد في المخلوقين من هو حكيم لكنه غير عزيز ومن هو عزيز لكنه أهوج يتصرف بغير حكمة ولا عقل ونظر بعيد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الآية التي بعدها (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)) يؤمنوا به يعني المقصود بها هنا يؤمنوا بعيسى.

الشيخ محمد الخضيري: نعم هذا هو الظاهر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (قَبْلَ مَوْتِهِ) يعني قبل موت الرجل المؤمن نفسه أو قبل موت عيسى.

الشيخ مساعد الطيار: موت عيسى هو الخلاف هنا (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ) بعيسى هذا باتفاق (قَبْلَ مَوْتِهِ) وقع فيها الخلاف، هل هو قبل موت عيسى أو قبل موت الكتابي؟ هذا الذي وقع فيه الخلاف.

الشيخ محمد الخضيري: إذا قلنا أنها قبل موت عيسى يكون المعنى أنها ما من أهل الكتاب ممن يؤمنون بعيسى عندما ينزل عيسى في آخر الزمان ثم يرون عيسى عليه الصلاة والسلام إلا آمنوا به جميعاً.

الشيخ مساعد الطيار: فيكون الخطاب لمن سيأتي.

الشيخ محمد الخضيري: لمن سيأتي.

الشيخ مساعد الطيار: إذاً هذه من الآيات التي لم يأتي تأوليها بعد يعني معناها

الشيخ محمد الخضيري: تحقيقها.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم تحققها.

الشيخ محمد الخضيري: وإن كان المقصود (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) يعني موت الكتابي فهذه محل إشكال يعني أن الكتابي لا يمكن أن يأتيه الموت إلا وآمن بحقيقة عيسى هذه عندي فيها إشكال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو أنها تكون أقل يعني الوجه الأول أقوى.

الشيخ محمد الخضيري: كأنه والله أعلم كذلك.

الشيخ مساعد الطيار: هو عموماً هو وارد كل الأقوال حتى فيه قول ثالث للسلف كِلا القولين وارد حتى الطبري حكى قولاً ثالثاً وهو قال آخرون (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل موت الكتابي يعني الضمير يعود إلى محمد إذاً وقع الخلاف في الضمير الثاني.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا محمد ما له ذكر.

الشيخ مساعد الطيار: لا شك هذا أورده عن عكرمة فقط انفرد بهذا المعنى عكرمة أما المعنيان الأولان فقال بهما جماعة منهم.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً نحن نبين لإخواننا المشاهدين أن الضمائر عادة يقع فيها الخلاف لأنها تصلح لأن تكون محلاً للخلاف هل يعود إلى أقرب مذكور أو يعود إلى مذكور قبله فالخلاف سوغه وجود الضمير.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من أسباب اختلاف المفسريني الاختلاف في عَوْد الضمير.

الشيخ محمد الخضيري: كما في قول الله عز وجل (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (٥) إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧)) “إِنَّهُ” من هو؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الإنسان.

الشيخ محمد الخضيري: هذا قول.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو الرب.

الشيخ محمد الخضيري: أو الرب، فالذي سوّغ هذا الخلاف وجود الضمير لأنه يصلح أن يعود إلى هذا ويصلح أن يعود إلى هذا وقد يصلح أن يعود إليهما كما في هذه الآية (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧)) يصلح أن يكون وإن الإنسان لشهيد على ذلك وإن الرب لشهيد على ذلك. قوله

الشيخ مساعد الطيار: قبل أبو عبد الله فقط لكي يفهم السامع أن الضمائر تعددت والأقرب أنه (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ) حال نزول عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه تحقق وقوع هذه الآية يأتي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام.

الشيخ مساعد الطيار: إذا نزل عيسى كما ورد (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا) [الزخرف:61] على أن المراد بعلم الساعة هو عيسى عليه الصلاة والسلام فيكون أيضاً هذا إذا نزل عيسى عليه الصلاة والسلام أما (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) فهذا وجه أضعف من هذا الوجه وأضعف منه قول عكرمة الثالث ولهذا الطبري قريب من المعنى الذي ذكرته نبه على هذا الضعف قال أنه لم يجري لمحمد صلى الله عليه وسلم في الآيات قبل ذلك ذكر فيجوز صرف الهاء التي في قوله (لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) إلى أنها من ذكره وإنما هي من ذكر عيسى لكي يستفيد السامع أنه كيف يستطيع أن يوازن بين هذه الأقوال فإذاً الحديث كله عن عيسى عليه الصلاة والسلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا السياق دلالة السياق هنا أقوى من دلالتها تأخذ الدليل وتذهب به إلى محمد وليس له ذكر في هذه الآيات بعيد يعني وإن كان قال به مثل عكرمة وهو من كبار مفسري التابعين ولكنه يبقى

الشيخ مساعد الطيار: أنه قول أضعف من القولين.

الشيخ محمد الخضيري: قوله (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)) من هو الشهيد هنا؟

الشيخ مساعد الطيار: عيسى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عيسى بن مريم.

الشيخ محمد الخضيري: كيف يكون شهيداً عليهم يا أبا عبد الله ويا أبا عبد الملك؟

الشيخ مساعد الطيار: في آخر سورة المائدة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)) والله الحقيقة سبحان الله انظلاوا كيف القرآن الكريم وضح عقائد أهل الكتاب هذه وصحح الأخطاء.

الشيخ محمد الخضيري: وبطرائق متعددة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني عيسى عليه الصلاة والسلام نفسه يقول لا يا رب أنا لم أدعهم إلى عبادتي (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ) ماذا أمرتك به؟ (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي) انظر حتى هذه أيضاً تصلح لقضية هل توفى؟

الشيخ مساعد الطيار: وكلها في التوفية عيسى كلها جاءت في لفظ التوفي ما جاءت في لفظة الموت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهذه الحقيقة لمن يريد الحق من أهل الكتاب واضحة جداً أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو رسول وأنه بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن الإيمان الحقيقي بعيسى إيمان مباشر بمحمد عليه الصلاة والسلام.

الشيخ محمد الخضيري: طيب قوله (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)) طبعاً هذه الشهادة ثابتة لعيسى وهي أيضاً ثابتة لنبينا محمد.

الشيخ مساعد الطيار: ولكل نبي.

الشيخ محمد الخضيري: ولكل الأنبياء ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما قرئت عليه سورة النساء بالمناسبة بكى عند آية الشهادة (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) وطبعاً منهم عيسى (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مشهد مهيب!.

الشيخ محمد الخضيري: مشهد مهيب إي والله وهذه الأمة يرفعها الله ويبين عظمتها بأنها تشهد أيضاً يوم القيامة ولعله من الأقوال التي ذكرت في قول الله عز وجل (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣)) [البروج] هذه الأمة تشهد للأنبياء جميعاً بالبلاغ وتشهد لنبي الله عليه الصلاة والسلام بأنه قد بلّغ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستشهد هذه الأمة «اللهم هل بلغت اللهم فاشهد اللهم فاشهد». قال (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) نحن ذكرنا الحقيقة فيما سبق إنه من قوله (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) لم يأتي الجواب ومن العلماء من قال (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ) لعناهم ومنهم من قال إن الجواب أي كلامهم ممتد إلى هذه الآية يعني (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ)، (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ)، (وَقَوْلِهِمْ)، (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا) جاءت (حَرَّمْنَا) هي جواب لهذا كله وهذا ليس بعيداً.

الشيخ مساعد الطيار: الطبري رحمه الله تعالى ذكر قريباً من هذا وهو له عناية كبيرة جداً بالسياق وربط

الشيخ محمد الخضيري: الكلام بعضه ببعض.

الشيخ مساعد الطيار: بعضه ببعض حتى لو كان متقدماً كثيراً يقول: فحرمنا على اليهود الذين نقضوا ميثاقهم (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) الذي واثقوا ربهم، وكفروا بآيات الله، وقتلوا أنبياءهم، وقالوا البهتان على مريم، وفعلوا ما وصفهم الله به في كتابه طيبات من المآكل وغيرها، كانت لهم حلالاً عقوبة لهم بظلمهم الذي أخبر الله عنهم في كتابه. فربط تلك الآيات بهذه الآية.

الشيخ محمد الخضيري: إذاً هذه الذنوب والمعاصي تكون سبباً لشرع شرائع تضيّق على الناس وتشقّ عليهم وهذا يدلنا على أن من أعظم شؤم المعاصي أن يضيق الله عليهم بالمآكل والمشارب وفي أمور الحياة إما أن يحرّمها عليهم وهذا إذا كان الأنبياء موجودين أو يفسدها عليهم سبحانه وتعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم:41] الناس يريدون أن يأكلوا من هذا السمك لكن هذا السمك مشكلته أنه تلوث بمادة مشعة أو ما أدري ماذا أو كذا فيحرم الناس من صيد هذا البحر الطيب بسبب ذنب أذنبوه فسلط الله عليهم ما حرمهم منه تريد تأكل من هذه البندورة وإلا الطماطم يقول لك هذه فيها مواد كيماوية من هذا التمر يقول لك هذا موضوع فيها أشياء معينة فيه حشرات وأشياء قد تؤثر على جسم الإنسان، الماء الآن يقول لك إنها كثير من المياه ملوثة وخصوصاً في المنطقة العربية بسبب الإشعاعات النووية التي من آثار الضربات التي حصلت في الحروب في المنطقة فمن أين هذا؟ من ذنوبنا. أيضاً قد يكون هذا التحريم وهو ملحظ خفي جداً أن يجتهد الناس في معرفة حكم الله فلا يهدوا إلى الحق فيحرموا من لذة من اللذائذ أو طيب من الطيبات لأنهم لم يهتدوا إلى الحق فيه عقوبة من الله لهم فيفتي المفتي بأن هذا حرام وهو قد اجتهد ومأجور عند الله لكنه أخطأ في وجه الصواب في هذه المسألة فيُحرم الناس من التنعم به بسبب ماذا؟ هذه الفتوى ويكون ذلك عقوبة لهم على ذنب أحدثوه حتى يمر بالناس سنين طويلة ثم يأتي من العلماء المحققين من يقول لهم لا، الصواب في هذه المسألة الحِلّ وأن هذا لا بأس به وقد دلت على ذلك أدلة من الكتاب ومن السنة فينتبه الناس ويقولون أين كنا عن هذا؟! هذا كان عقوبة من الله عز وجل لكم على ذنوب أذنبتموها ومعاصي أسلفتموها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً نلاحظ في هذه المواضع وفي سورة المائدة بشكل أكثر أن نقض اليهود لمواثيقهم وعهودهم كان سبباً في التضييق عليهم في الشريعة يعني حرم الله عليهم أشياء وأوجب عليهم أشياء كثيرة وكانت هي أغلال في الحقيقة وآصار وضعها الله عليهم بسبب كثرة نقضهم للمواثيق وخفف الله سبحانه وتعالى عن أمة محمد بسبب وفائهم.

الشيخ محمد الخضيري: نعم وهذا نلاحظه يا أبا عبد الله الصحابة عندما خرجوا من جزيرة العرب قابلوا أمتين عظيمتين أمة فارس والروم وغيرها من الأمم وهذه الأمم كان عندهم أشياء كثيرة جداً ما للعرب بها من عهد ومع ذلك تعامل الصحابة معها تعاملاً عجيباً جداً وما أثر عن الصحابة أنهم تلبثوا كثيراً أمام هذه المنتجات الحضارية لتلك الأمم ترى كان الفرق بينهم وبين أمة العرب شاسعاً أشد الآن من الفرق الذي بيننا وبين الغرب لأن الغرب منتجاته ومصنوعاته تأتي إلينا ونحن نستفيد منها وننظر إليها ونعرف أسرارها لكن العرب كانوا معزولين في جزيرتهم لا يعرفون هؤلاء ولا يختلطون بهم إلا لِماماً ومع ذلك الصحابة استطاعوا أن يحتووا منتجات تلك الحضارات ويتعاملوا معها معاملة عجيبة جداً من دون توقف من أين ذلك؟ كان بالإمكان أن تدور مسائل كثيرة توقف الصحابة يحصل هناك نزاعات في داخل الصف الإسلامي ولا يستطيع الناس أن يستفيدوا من منتجات تلك الحضارة لكن كان هذا من رحمة الله بهم أنهم استطاعوا استيعابها بيسر وسهولة ومن دون تعقيد.

الشيخ مساعد الطيار: ولم يتوقفوا في شيء.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ مساعد الطيار: بل العجيب من باب الشيء بالشيء يذكر أن الصحابة مروا على كثير من الآثار ولم يغيروا فيها أي شيء ولم يمسوها، تركوها كما هي. مروا على آثار كانت في الأردن مروا على آثار كانت في مصر وتركوها كما هي لم يأبهوا لها لا سلباً ولا إيجاباً معنى ذلك أن المقصود -فقط هي مجرد استطراد- نحن بحاجة إلى أن نفقه فقه الصحابة في التعامل مع هذه الحضارات كيف استطاعوا أن يستلموا هذه الحضارات وهذه هي سبحان الله الإسلام عنده قدرة على استيعاب هذه الحضارات التي لا تخالف الشرع أما ما يخالف الشرع فإنه يرفضه مباشرة وأعجب منه في أمر الإسلام ليس فقط هذا يعني استطاع أن يستوعب حضارة فارس وحضارة الروم وأن يقيم الحضارة الإسلامية حتى حضارة القُوط في الأندلس استطاع أن يستلهم هذه الحضارة وأن يقيم الحضارة في الأندلس لم يكن الإسلام ضد الحضارة يوماً ما وإنما هو ضد أشياء تعتبر ممنوعات وقلنا سابقاً أن الإسلام ماذا؟ يحدد لنا ما هي المساحة المتاحة والمباحة والمساحة المحرمة فعملنا في المساحة المباحة هو واسع وشاسع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جداً.

الشيخ مساعد الطيار: وأعجب منه تتمة للفكرة أنه ما اصتدم أحد بالإسلام إلا صارت النهاية بإذن الله من المسلمين مثل ما حصل للمغول خرجوا من بلادهم.

الشيخ محمد الخضيري: ليقاتلوا المسلمين.

الشيخ مساعد الطيار: ليقاتلوا المسلمين ليس عندهم أي هدف إلا القضاء على الإسلام لكن أنا لا أعرف إلى الآن لما أقرأ ما هو سر حقد هؤلاء على الإسلام؟ لماذا فعلوا هذا؟ المهم أنهم خرجوا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنا أقولك كان فيه الملك شاه كان اعتدى جزء من جيشه على المغول.

الشيخ مساعد الطيار: فحركهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فحركهم وثارت ثائرتهم واجتاحوا.

الشيخ مساعد الطيار: أيّاً ما كان في نهاية الأمر هؤلاء المغول أو التتر دخلوا في دين الله أفواجا يعني نساهم الناس أين هم الآن نسيهم الناس وذهب هؤلاء وليس لهم أي ذكر.

الشيخ محمد الخضيري: مما يؤكد هذا أنا زرت الأردن قبل سنتين ومررت على كثير من آثارها بواسطة أحد علماء الآثار فيها والعجيب أنه كان يقول الآثار القديمة التي كانت قبل المسلمين في البتراء وغيرها ما مر المسلمون على حضارة سابقة فعبثوا بها إلا أن يجدوا شيئاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: محرماً.

الشيخ محمد الخضيري: محرماً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التماثيل.

الشيخ محمد الخضيري: لكن البيوت وأشكاله بخلاف الحضارات الأخرى قال ما فيه حضارة جاءت إلا وغيرت في الحضارة التي سبقتها تغير إما تدمرها أو تحاول أن تنسبها إليها.

الشيخ مساعد الطيار: تسرقها.

الشيخ محمد الخضيري: تسرقها. لعلنا نكمل الحديث في لقاء آخر نكون بهذا قد وصلنا إلى نهاية حلقتنا نستودعكم الله مشاهدي الكرام ونقول في ختام مجلسنا سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.