الحلقة 155 – 2 رمضان 1433هـ
ضيف البرنامج في حلقته رقم (155) يوم السبت 2 رمضان 1433هـ هو فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، عضو هيئة التدريس بقسم السنة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
وموضوع الحلقة هو :
علوم سورة الصف.
********************
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، حيّاكم الله أيها المشاهدون الكرام في برنامجكم اليومي التفسير المباشر وسوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى في هذه الحلقة عن سورة الصف. باسمكم جميعاً أيها الإخوة المشاهدون أرحب بضيفنا العزيز فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فحياكم الله يا دكتور.
د. عصام: حياكم الله
د. الشهري: وأهلاً وسهلاً بك
د. عصام: الله يحييكم وينفع بكم
د. الشهري: اليوم معنا سورة الصف وسيكون إن شاء الله الحديث عنها حديثاً شيقاً إن شاء الله. تعودنا يا دكتور عصام في تناولنا لسور القرآن الكريم أن نبدأ بالحديث عن اسم السورة أولاً وهل لها أكثر من اسم ثم نتحدث بعد ذلك عن أسباب النزول إذا كان لها أسباب نزول ثم المقصد والمحاور وما يتعلق بذلك من مسائل فحياك الله وبيّاك ودعنا نبدأ يا شيخ عصام باسم سورة الصف
د. عصام: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أسأل الله عز وجل أن يسدد القول والقصد. بالنسة لسورة الصف هي بدءاً إذا جئنا إلى مسمّاها الذي أكبر من مسماها الشخصي هي واحدة من المسبِّحات والمسبِّحات السبعة التي تبدأ بسورة الإسراء وتنتهي بسبح باسم ربك الأعلى لها خصيصة، ميزة، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في السنن أنه قال لرجل اِقرأ ثلاثاً من المسبِّحات ثم إن المسبِّحات هذه منها ما بدأ بالمصدر (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً (1) الإسراء) ومنها ما بدأ بالأمر (سبِّح) آخرها وبينهما ما بُدئ بالمضارع وما بدئ بالماضي فعندنا سورتان بُدئت بـ (يسبح لله) كسورة التغابن وسورة الجمعة وعندنا ثلاث بالماضي ومن تأمل الفرق بينهما يجد أن ما بُدئ بالمضارع كالجمعة والتغابن هي سور إيمانية وعْظية يناسبها المضارع لأن الإيمان يتجدد شيئاً فشيئاً بينما السور الثلاث التي بدأت بــالماضي (سبح) هي ثلاث سورة الحديد وسورة الحشر وسورة الصف وكلها سورة قوة سورة قتال أن الله عز وجل يذكر فيها شيئاً يحتاج إلى مجاهدة بليغة جداً فلذلك كانت المناسبة في (سبَّح) أن الإنسان المؤمن لا يدخل في هذه الأمور إلا إذا سبقه قبل ذلك إيمان في قلبه فإذا استقر التوحيد واستقر التسبيح واستقرت عظمة الله في قلبه فعندئذ يبدأ بما تضمنته هذه السور الثلاث ومنها سورة الصف. فسورة الصف لا يدخل إليها ولا يبدأ بها ولا يُعمل واقعه من خلالها إلا إذا كان سبَّح الله قبل ذلك وكان الله أكبر من كل شيء في قلبه. ولذا من تأمل في سورة الصف لا يذكر القتال ولا الجهاد ولا يُذكر الأمر بالنصرة إلا ويسبق ذلك بالإيمان. فذكر الإيمان في سورة الصف متلازم مع كل آية يُطلب فيها من الإنسان أن ينتصر وأن يكون صفّاً واحداً في مواجهة العدو. فهذه هي سورة الصفّ موقعها من كتاب الله عز وجل وسميت الصف وسميت بسورة عيسى عليه السلام وسميت بسورة المعركة والسورة كلها قتال في قتال من أولها. والعجيب أن سورة الصف من سور القتال كسورة براءة هي من السور التي بدأت بقوة تشابه سورة النور في القوة في الأخلاق، هذه السورة فيما يتعلق بسور القتال هي تشابه تلك في البدء بقوة بالغة حتى أنها بدأت بما يسمى الآن في العلم المعاصر الذين يقولون “التعليم السلبي والتعليم الإيجابي” وهي بدأت بالسلبي ولم تبدأ بالإيجابي لأن هذه المواطن لا تحتمل الرفق لا تحتمل اللين في الخطاب، لا، وإنما يكون الأمر فيها جازماً حاسماً حازماً بقوة بالغة فجاء هذا الاسم مناسباً لأن النصرة لا يمكن أن تكون إلا باجتماع الكلمتة التي ظاهرها وهيأتها هي وجود الصف الواحد بين أهل الاسلام ولذلك اسمها الصفّ ومن هذه الأسماء أيضاً “المعركة”. ومن اسمها نأخذ مقصودها، مقصودها هو بيان صفة أهل النصرة، من أراد أن يكون من أهل النصرة فما عليه إلا أن يأخذ سورة الصف وينظر في صفاتهم ويمتثلها ولذلك كان أركان هذه النصرة ركنان عظيمان جداً وسيأتي الإشارة إليهما وقد سبق الكلام عنهما.
د. الشهري: لعل من المناسب يا شيخ عصام سؤال هنا على توتير ما المقصود بالصف هنا؟ هل هو صف القتال أم هو صف الصلاة؟
د. عصام: هو صف القتال ولا شك ولكن صف القتال له علاقة بصف الصلاة، لها علاقة بالوئام والمحبة بين المؤمنين، كلها بعضها يؤازر بعضاً ولكن المراد هنا أساساً سورة الصف هي سورة القتال هي عندنا في كتاب الله عز وجل سور معروفة بأنها سور القتال من أولها سورة الحج التي جاء فيها الإذن بالقتال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) وجاء بعد ذلك السور التي أذنت بالقتال ورغّبت فيه من دون أمر وهذا حاصل في السور التي تنزلت بَدءاً مثل سورة الصف وكذلك سورة آل عمران التي تنزلت بعد معركة أُحد ثم بعد ذلك جاءت السور التي أُمر فيها بالقتال شديداً جاء الأمر صريحاً وبمقاتلة من يلينا من الكفار ونحو ذلك وهما سورتان عظيمتان من كتاب الله هما سورة محمد وسورة براءة ومحمد سورة قبل براءة فختامها في سورة براءة وسورة محمد مرحلة من مراحل الجهاد. ولذا نقول للمجاهدين في سبيل الله في كل مكان أن من لم يفقه هذا الأمر في كتاب الله أخطأ خطأً بيناً فيأتي في زمن لا يجوز فيه القتال فيقاتل زعماً أن الله أمره بالقتال فيأخذ الآيات التي في سورة براءة فينزِّلها على زمن ليس هو زمنها بينما هو زمنها ما جاء في سورة الحج وما جاء في غيرها من النهي عن القتال في سورة المزمل (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)) [المعارج] ونحو ذلك من الآيات فينزّل الجهاد في زمن ليس هو زمنه أو في مكان ليس هو مكانه فيخطئ في فهم القرآن ثم يخطئ بعد ذلك في الاعتداء على الأرواح المعصومة ثم يخطئ على الشريعة بزعمها أنها هي التي أمرته بذلك وكل ذلك من الخطأ بل حيناً يكون من الضلال البيّن كما في القتال الذي حصل مثلاً في البوسنة والهرسك قبل ثلاثين سنة وقبله أيضاً في مواطن كثيرة أي في حالات ضعف المسلمين
د. الشهري: تقصد مبادرة المسلمين بالقتال
د. عصام: هما حالان يحرُم فيها القتال: إما أن يبادروا وهم في غاية الضعف لا يستطيعون على عدوهم وإما أن يعتدى عليهم فيكونون هم في غاية الضعف حتى عن رد عدوهم فيكون ردهم على عدوهم في هذه الحال سيزيد الأمر سوءاً ويزيد العدو فتكاً وقتلاً بهم، ففي هاتان الحالتان لا يجوز القتال هنا ينطبق قول الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) [النساء:77] في هذه الحال (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) ثبت في المُسند عن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الصحابة وقالوا: يا رسول الله ألا نميلنّ على أهل منى بأسيافنا؟ في الحج قبل الهجرة قال لا، إني لم أؤمر بذلك. في هذه الحالة يؤذن بشيء وينهى عن شيء يؤذن بالردّ الشخصي يعني أن الإنسان يردّ بنفسه عنده قوة عنده قدرة سيتحمل القتل سيتحمل الضرب ونحو ذلك كما فعل أبو ذر رضي الله عنه كما فعل أبو بكر كما فعل جماعة ردوا العدو كما هدد عمر قبل أن يهاجر فمثل هؤلاء في شخصه هو بنفسه يستطيع أن يردع وسيتحمل ما يأتيه هو بنفسه فهذا له ذلك ولا أحد ينهاه حتى لو بأظفار أصابعه يدافع عن نفسه ولكن أن يدعو الناس ويجمعهم للقتال وهم في حال ضعف شديد جداً عن ردّ عدوهم فيتبعه العامة ويتبعه الرعاع ويتبعه من لا يفهم هذه المسائل ومن لا يتحمل فهذا يكون فيه فتنة في الدين والدنيا معاً.
د. الشهري: وإهلاك للجماعة.
د. عصام: وإهلاك للجماعة والبيضة ومثل ذلك
د. الشهري: ما دام تحدثنا في هذه النقاط يا دكتور عصام هل هناك سبب مباشر نزلت من أجله سورة الصف؟
د. عصام: نعم هو سبب مناسب لفترة نزولها هي نزلت مع معركة أحد أو بعد معركة أحد.
د. الشهري: إذاً فهي مدنية.
د. عصام: هي مدنية وفي أوائل المدني وهذا هو الذي يناسبها حتى من جهة المعنى والموضوع فسببها عجب في الحقيقة ذكر الترمذي وصححه شيح الإسلام ابن تيمية أيضاً أن عدداً من الصحابة وكان منهم عبد الله بن سلام رضي الله عنهم أجمعين اجتمعوا فقالوا لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لبادرنا إليه فتساءلوا من يقوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيسأله عن ذلك من الذي الآن من بينهم قال عبد الله بن سلام فلم يقم أحد منا كلهم خاف لأنهم يدركون -وهذا من عظيم فطنة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من سأل عن أحب الأعمال فأجابه النبي سيُسأل هل عملته أو لم تعمله؟ ما هو مثلنا الآن نسأل عن كل شيء ونستفسر عن كل شيء ويكون العمل آخر ما يكون بالنسبة لنا- فخاف الصحابة، هابوا، وهذا من تربية النبي صلى الله عليه وسلم لهم فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي عما تشاوروا عليه فدعاهم قال عبد الله بن سلام فما فجأنا إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إلينا تعالوا فجاؤوا إليه قال فتلا علينا سورة الصف فكان أحب الأعمال إلى الله في هذه المرحلة الآن هو الجهاد في سبيل الله، قال ففرّ بعضنا في معركة أحد -هذا جاء في بعض الآثار حديث الترمذي ليس فيه هذا ولكن جاء في بعض الأخبار من حديث ابن عباس وأيضاً غيره – قال ففر بعضهم في معركة أحد فنزل قول الله عز وجل (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) إن لم تكونوا بقدر هذه الكلمة. ولذا الخطاب جاء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فمن زعم أن السورة في المنافقين فقد أخطأ خطأ بيّنا السورة لا علاقة لها بالمنافقين وإنما هي في المؤمنين والخطاب بدأ في المؤمنين وليست في المنافقين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)).
د. الشهري: إذن هذا هو السبب المباشر الذي روي لهذه السورة.
د. عصام: وهذا عموماً عندنا أهل الحديث هذا من المسلسَل يقولون يقول ابن حجر رحمه الله ذكره عن السيوطي في التهذيب قال أصح المسلسل الذي يروى بالروايات المتشابه قال ما روي في سورة الصف فبعد عبد الله بن سلام النبي صلى الله عليه وسلم قرأها على عبد الله بن سلام وعبد الله بن سلام قرأها على التابعين، التابعون قرأوها على أتباع التابعين حتى جاء الإمام الأوزاعي فقرأها وهكذا فتسلسل الأمر قالوا أهل الحديث: فأصح المسلسل هو مسلسل قراءة سورة الصف.
د. الشهري: هذه فائدة مهمة. إذاً نعود إلى موضوع مقصدها كما قلت هو صفات أصحاب النصرة.
د. عصام: أهل النصرة، هيأتهم، إذا أرادوا أن ينصروا من هم؟ كيف يتصفون بصفة النصرة؟
د. الشهري: وهذا يظهر من أي الآيات فيها يا شيخ عصام؟ دعنا ندخل في السورة
د. عصام: يعني لو أردنا أن نتأمل في السورة كاملة في أولها الله عز وجل يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)) هذا أول ما يكون من شروط أهل النصرة الالتزام بالكلمة العهد إذا أعطيت كلمة لأحد لرجل لجماعة فلا تنكل لأن النكول هنا سيكون سبباً في مهلكة هذه الجماعة وهذا ضرره ليس عليك لوحدك بل على كل الأمة والطائفة من الناس فلا يجوز هذا بحال. بعض الناس يحسن أن يتكلم بفرقعة الكلام بالخطب الحماسية وأن يجمع الدنيا من أولها إلى آخرها تحت قدمه وأن يحمس الناس ووجدنا هؤلاء في أفغانستان في بعض الأحوال، في اليمن في بعض الأحوال، في الجزائر في بعض الأحوال وكانوا يتكلمون وكأن أمريكا إنما هي بعوضة وكأن روسيا إنما هي ذبابة وكأنما، وكأنما، ويتلون آيات الكتاب العزيز في نصرة الله عز وجل لمن قاتل في سبيله وينزلونها على أنفسهم من دون النظر إلى المخالفة التي وقعنا فيها ثم لما يحين الحين ويأتي الجدّ يكون عامة الناس وهؤلاء الشباب هم وقود الحرب وهؤلاء القادة يهربون ويذهبون من هنا وهناك. يعني وانظر إلى واحد ليس من هؤلاء، هؤلاء أشرف منهم بكثير لكن أشبه دائماً بمثل هذا بمثل حسن نصر الله في لبنان ولا يتحدث إلا من شاشات البلازما ويدعو الناس إلى كل مقتلة وإلى كل هلاك وهذا عدد منهم يرسل الأشرطة والتسجيلات والأمر بالقتال وكذا، وكذا، وهو لا يقدّم شيئاً ولم يفعل شيئاً في حقيقة الأمر إنما هي أشبه ما تكون بفرقعة قالها للناس وجرّ أناساً إلى حطام هذه النار التي دعاهم إليها وهو بعيد وسالم من كل شيء وهنا هذه أول قضية فيما يتعلق بالنصرة
د. الشهري: قضية الثبات على العهد
د. عصام: سيُسأل عن العهد ولذا نزلت سورة المائدة كلها في العهود والمواثيق ولذا جاء ذكر العهود والمواثيق أيضاً في سورة محمد أيضاً كذلك لأن هذه المواثيق والعهود عند الله مسؤولة سواء كانت مع الله أو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مع المؤمنين أو مع الكافرين أو مع المحاربين حتى وإن عاهدنا الكافر المحارب حتى وإن كانت دولة كدولة بني يهود هذه الدولة المغتصبة إذا عاهدناهم بعهد فلا يجوز أبداً أن نُخلف عهدهم حتى ننبذ إليهم عهدهم. من أراد أن يدخل بجواز مثلاً أمريكي لأمريكا ليفعل شيئاً أو إلى إسرائيل أو كذا فأخذ عهداً بالجواز الموجود بينهم وبينه فهذا عهد لا يدخله حديث النبي صلى الله عليه وسلم «الحرب خدعة» لا، هذا عهد بينك وبينهم لا يجوز أن تنقضه فماذا تفعل؟ هنا تنبذ العهد الجواز وما فيه وما كتبته وما تعهدته انبذه إليهم ثم افعل ما يكون مناسباً للحال إن كان هناك حرب وما شابه ذلك. ولذلك هنا أول قضية كانت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) هذه المقولة أخي لها أضرار بالغة جداً ثم ضررها ليس عليه لوحده حتى في مسألة القتل، لا، ضررها بأن الناس يأخذون من التصور عن أهل الإيمان وأهل العلم وأهل الفضل وأهل الجهاد حينما يدعونهم إلى الجهاد الحق وحينما يأتي من يصبر بحق يكونون هؤلاء صورة سيئة عند عامة الناس فلا يستجيبون لأهل الحق لأن أهل الباطل كانوا لهم قبل ذلك فعلوا بهم ما فعلوا. ولذلك الآن لما نقول للناس انظر إلى هذا لما نقول للناس الآن ادعوا الناس إلى دعم الجهاد في بلاد الشام، ماذا يذكرون؟ يذكرون مواقف سابقة حصل بها دعم للجهاد سواء في أفغانستان أو بالبوسنة والهرسك أو من هنا وهناك ثم وقع فيه إشكالات ولبس وحصل فيها قضايا والمشايخ الكبار أفتوا بحرمتها ونحو ذلك ثم يقولون تجروننا إلى ما كان عليه الأمر سابقاً وتكررون نفس القضية مراراً! سبحان الله أو يكون الحق كالباطل؟! أويكون النهار الواضح والشمس البينة كالليل المظلم أو كالمشكل الذي يكون ليس واضحاً عند القريب والبعيد، لا، هذا لا بد أن نفرق بينه ولا بد أن لا نجعل أنفسنا سبباً لا قدّر الله في خذلان نصرة كلمة الحق.
د. الشهري: إذاً هذه الصفة الأولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) ثم تأتي الصفة الثانية التي أظنها سميت السورة باسمها (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا)
د. عصام: إي نعم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)) يعني هذا من البدء بالتخلية قبل التحلية التخلية أولاً لسانك هذا فاحبِس إذا قلت شيئاً فالتزمه هذا واحد بقي الآن الصدق فذكر الله عز وجل الأمر الحسن الجميل الذي ينبغي لأهل القتال وهو أن يكونوا صفاً واحداً (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ) يحب من؟ قال (الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ) وانظر إلى قضية الإيمان هنا يعني (سَبَّحَ) هذه إشارة للإيمان هنا قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إشارة إلى الإيمان كأنه يقول لهم سبحانه وتعالى إن كان الإيمان انغرس في قلوبكم فلم تقولون ما لا تفعلون؟ ثم جاءت الآية الثالثة وقال سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ) قال (فِي سَبِيلِهِ) تنبيهاً لمسألة الإيمان، مسألة القلب، مسألة الإخلاص، كل هذه (فِي سَبِيلِهِ) إذا كان كذلك في سبيله وصدقتم أنكم في سبيله فقاتلوا صفاً، كونوا صفاً واحداً كأنكم بينان مرصوص. طبعاً ليس المراد هنا الصف الذي هو الصف الجسدي الحسّي، هذا منه ولكن الأعظم من ذلك هو الصف المعنوي أن يكونوا صف القتال لذلك قال الفقهاء وأجمع أهل العلم على ذلك أنه لا يجوز القتال إلا براية والراية إذا جلسنا تحت راية وتعاهدنا وتبايعنا على هذه الراية لا يجوز لأحد أن يخالف أمير هذه الراية، بايعناه وهو الأمير على القتال، بايعنا لواء الإسلام الآن في الشام، وبايعنا كتائب الصحابة، بايعنا أحرار الشام، فمن بايع قائداً الآن في معركة من المعارك فلا بد أن يكونوا صفاً معه لا يجوز له أن يخلفه ولا أن ينقض قوله ولا أن يغدر باتفاق بينه وبينه ولا أن يتخلى عنه وهكذا، هذا كله لا يجوز هذا مراد الرب جل وعلا.
د. الشهري: فتح الله عليك لعلنا نكمل إن شاء الله هذه الصفات ولكن بعد فاصل قصير يا دكتور عصام، فاصل قصير أيها الإخوة المشاهدون ثم نواصل حديثنا مع ضيفنا الدكتور عصام العويد حول سورة الصف.
————————
فاصل: سؤال الحلقة:
قال تعالى (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)) ما هو معنى كلمة (مَقْتًا)؟
1. ذنباً
2. حباً
3. سخطاً
————————
د. الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى في حلقتنا هذه مع سورة الصف ومع ضيفنا الشيخ عصام العويد. وبعد سماعنا لسؤال هذه الحلقة لعلنا نشاهد الآن نستأذنكم يا شيخ عصام نشاهد والإخوة المشاهدون معنا الفائز في سؤال الأمس نعرضه لكم الآن وسوف يتم الاختيار آلياً وسوف ترسل إن شاء الله رسالة جوال إلى هاتف الفائز وأيضاً رسالة إلى بريده الالكتروني وأشكر إخواني عبد الله الشتوي والزملاء في مركز تفسير على تفعيل هذه الخدمة الالكترونية. نشاهد الآن الفائز يا إخوان، طيب أجل نؤجله إلى بعد الفاصل الثاني. دعنا نعود يا شيخ عصام إلى حوارنا في سورة الصف. ذكرنا الآن صفتين من صفات أصحاب النصرة الصفة الأولى الوفاء بالعهد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) والصفة الثانية هي الالتزام بالصف المعنوي والحسي.
د. عصام: هو الآن لو أردنا أن نذكر الصفتين فالصفة الأولى هي الإيمان بالله عز وجل إيماناً هو الإيمان هنا لا بد أن يصل إلى درجة هذه الدرجة هي ألا يفرّ الإنسان عن الوعد وينكل عما تعهد به، هذه الصفة الأولى هي الإيمان الذي يحميه من لا قدّر الله أن ينكل بعد أن عهد هذه الأولى. الثانية أن يكونوا صفاً مرصوصاً وهذا الصف المرصوص هو بنفسه (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) لأن القضية هنا الآن لما واعدوا أن يكونوا مع أهل الجهاد وأن يتقدموا به وأن يوفوا بما أعطوا ثم نكلوا هم لا شك خرموا الصف هنا فلم يكونوا صفاً واحداً ولا صفاً مرصوصاً كما أمر الله عز وجل به وهنا نؤكد على قضية فيما يتعلق بالجهاد أن الجهاد دائماً ما يؤتى من قضية الفُرقة والفُرقة في كل شيء.
د. الشهري: وهذا شيء ملحوظ.
د. عصام: ملحوظ تماماً الزمن المعاصر هذا الآن لو تتبعناه عما قريب لوجدنا أثر الفرقة على المجاهدين أثراً سيئاً جداً يعني في أفغانستان بعد أن قتل من قتل وخسرنا ما خسرنا كدنا أن نخسر كل ما بذلنا بسب الفرقة التي جرت بين الإخوة والأهل والأحبة بأسباب دائماً يأتي بها الشيطان أنها شرعية ووجيهة يزينها ثم يقول لك أنا ما يمكن أتعاهد أو ألتقي مع أهل البدع سبحان ربي لا إله إلا الله! في القتال أخي نلتقي مع أهل الكفر بل مع اليهود والنصارى بل نلتقي مع أئمة أهل البدع. إذا كانت المسألة قتال وحماية للدماء والأعراض والأرض نلتقي، ولذلك ابن تيمية رحمه الله لما قاتل التتر قاتلهم تحت راية الأشاعرة الذي هو يسميهم يقول هم جهمية المتأخرين يسميهم جهمية هو جهمية أضلّ الفرق ثم يُقاتل تحت رايتهم رحمه الله رحمة واسعة فمن الناس في هذه المسائل بعد ابن تيمية؟! ولذلك في مسائل الجهاد لا ينبغي أن تدخل هذه القضايا، هذه القضايا لها محلها ولها موطنها وينبغي بيانها في حدودها أما أن تكون سبباً في الفرقة وفي الاختلاف وفي مد السلاح إلى الآخر ونحو ذلك فهذا ليس من دين الله عز وجل في شيء مطلقاً. الآن عندنا مثلاً في بلاد الشام كتائب كثيرة جداً سعينا بجمع كلمتها والتقينا معهم وكذا فاجتمع منهم عدد، اجتمع منهم قرابة سبع كتائب وبقي منهم عدد ليس بالقليل ونحن نقول لإخواننا اتقوا الله وهذه سورة الصف بين أيديكم والله عز وجل سينصركم نصراً مؤزراً على أمم الكفر كلها التي احتوشت عليكم واجتمعت على قتالكم ولكن بشرط واحد أراده الرب سبحانه وتعالى بعد الإيمان الذي لمسناه في قلوبهم ووالله شاهدناه عياناً وشاهدناه حتى بمشاعرنا هناك نريد منهم أن يحققوا شيئاً آخر هو الثاني الشرط الثاني لنصرتهم وهو أن يجتمعوا صفاً واحداً وأن يتنازلوا لينوا في يد إخوانكم حتى وإن كان ذاك فيه ما فيه لينوا في يد إخوانكم وأبشروا بأن الجماعة تحتها بإذن الله النصرة وأن يد الله على الجماعة.
د. الشهري: وأيضاً مما يدعو إلى هذا قول الله (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ) هذا من محاب الله سبحانه وتعالى طيب إذاً هذه هي الصفة الثانية هل بقيت صفات أخرى يا شيخ عصام لأهل النصرة؟
د. عصام: هاتان الصفتان رئيستان بعدها جاءت صفات فرعية تدخل فيها أنا أريد أن أقسّم السورة الآن ليتضح الأمر
د. الشهري: طيب دعنا ننتقل إلى قضية محاور السورة
د. عصام: المحور الأول للسورة هو هذا وهو محور يتعلق بالحكم من الله عز وجل، الله هنا حكم مباشرة جل وعلا حكم أنه لا يريد كذا وأنه يحب كذا سبحانه وتعالى. فبدأ الله عز وجل بذكر حُكمه هنا حتى يكون واضحاً لا لبس فيه لأنه لو أخّره قد يظنّ الظانّ لأجل السياق، قد يظنّ الظانّ أن مطلع السورة هو المقصود فدائماً ما يأتي أولاً هو الأبرز وهو الأظهر وهو المراد كصلب ولبٍ للسورة التي تتنزل فهنا المراد أساساً هو هذا وحكم الله في هذه المسائل هو ما مرّ في مطلعها.
ثم ذكر الله عز وجل بعد هذا الحكم الذي بيناه ذكر المثال وبعد المثال ذكر الأثر ومن تأمل في السورة وجد أنها تدور حول هذه الثلاث تدور حول الحكم وحول المثل وحول الأثر. فالحكم سبق، جاء بعد ذلك المثال ثم جاء بين المَثَلين المذكورين في السورة جاء الأثر. فأما المثل الأول الذي ذكره الله عز وجل بعد الحُكم فهو فيما يتعلق بموسى عليه السلام وقد قال الله عز وجل (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ) وهذا من المواطن التي أشكلت على كثير من المفسرين في قضية ما مناسبة ذكر قصة موسى وذكر هذه القصة بهذا السياق وفي هذا الموطن؟ وقد ذكر ابن عاشور احتمالات وذكر واحداً منها وعندي هو الأبرز والأظهر وكنت أقررت به ورسخ في ذهني مراراً قبل سنوات وكلما راجعت السورة وهو يزداد عندي وضوحاً وهو أن القضية هنا أن السورة في القتال وأن حكم الله عز وجل قد ظهر فلا تكونوا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم كأمة موسى أمة موسى عليه السلام آذوه بماذا؟ أعظم ما آذوه به أنه حينما دعاهم للقتال وكادت أن تلتقي الصفوف قاموا فخانوا العهد وغدروا به عليه الصلاة والسلام وهذا الذي ذكره الله عز وجل في سورة المائدة. ولذا كان من عجائب القرآن أن وصف الفِسق الذي ذكره هنا في آخر الآية هو الذي كرره الله عز وجل في سورة المائدة في أكثر من موطن في آيات متتابعة ومن أراد ذلك فليرجع إليه حتى لا نطيل. فالآيات في سورة الصف والآيات في سورة المائدة تتشابهان في الحُكم من الله عز وجل على الفِعل الذي فعله بنو إسرائيل هنا وفعلوه هناك. ولذا نقول بأن ذكر قصة موسى عليه السلام في هذا الموطن من أجل تحذيرنا نحن ألا نؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نؤذي قادتنا وأهل الجهاد فينا ممن حملوا الراية وبايعناهم على ذلك ألا نؤذيهم بالمخالفة وبالنكوص وبالنكوث وبالاختلاف سواء كان ذلك بعدم القتال بالنفس إن أمكن وكان هذا موضعه أو القتال بالمال والجهاد في سبيل الله فإن النكوص هنا والبحث عن الأعذار يمنة ويسرة كما بحث بنو إسرائيل مع موسى هم لم ينكروا المضي هكذا وإنما بحثوا يمنة ويسرة ووجدوا “لا طاقة لنا اليوم” بحثوا عن أعذار يعتذرون بها عن المضي مع موسى وعن الوفاء بعهدهم فكذلك نحن هذه الأعذار وهذه الحيل النفسية الآن في هذا الزمن الدولة لم تأذن بالدعم، الدولة كذا، كذا، المجاهدون ضعفاء، هذا كله ليس بصحيح وهو من أعذار الشيطان التي سبقنا إليها من سبقنا.
د. الشهري: جميل وأيضاً يمكن أن يقال يا شيخ عصام أن ذكر موسى هنا وقومه بنو إسرائيل نموذج للمخالفين دائماً للعهود والمواثيق يعني في سورة المائدة كما تفضلت تلاحظ أنه (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) [المائدة:13] فنقضهم للعهد كان سبباً من أسباب كثير من العقوبات التي وقعوا فيها.
د. عصام: هذا ظاهر جداً والنقض المقصود هنا هو النقض في عهد القتال.
د. الشهري: وهو في الدرجة الأولى.
د. عصام: وهو في الدرجة الأولى الذي يدخل هنا ويتبعه ما بعده. كذلك بالنسبة لعيسى عليه السلام تماماً (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الذي يدلل على هذا عدد من الأمور لعلي أنبّه عليها: عيسى عليه السلام هنا يخاطب قومه والخطاب هنا
د. الشهري: وهم بنو إسرائيل أيضاً.
د. عصام: وهم أيضاً بنو إسرائيل لكن الخطاب هنا من عيسى عليه السلام يختلف عن خطاب الذي لموسى مع قومه لأن موسى قد أُمر بالقتال بينما عيسى عليه السلام لم يؤمر بالقتال ولذلك النصارى لم يقاتلوا معه مطلقاً لأنها لم تكن من شريعته. فجاء هنا الكلام ليس عن القتال وإنما عما يؤدي إلى فشل الجماعة وحصول الهزيمة لا قدّر الله بين الناس فكان قول عيسى عليه السلام هنا أن قال لقومه (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ) مصدِّق لما تقدم من بعثة موسى عليه السلام قال (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) وهنا موطن الشاهد من ذكر هذه القصة في هذا السياق والعلم عند الله أن ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم أحمد هنا من أجل صيغة التفضيل هنا ولذا نقول بأن أحمد هنا لم يُذكر كاسم علم للنبي صلى الله عليه وسلم في سورة الصف يعني لم يُذكر بأن من أسمائه العلمية أن اسمه أحمد، لا، وإنما ذُكر هنا هذا الاسم لأنه جاء على سبيل الوصف لا على سبيل العلمية سبيل الصفة لا على سبيل العلمية والذي يدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يُذكر باسم أحمد في كل الكتب السابقة لم يُذكر في التوراة ولم يُذكر في الانجيل باسم أحمد وإنما ذكر باسم محمد. فلو كان هنا الذكر من أجل أن الحجة قائمة على بني إسرائيل في هذا لكان ذكر اسم محمد أولى بما ذكر سابقاً حتى يتطابق الاسمان، هذا واحد. والأمر الثاني هنا أن اسم محمد هو الاسم الشائع الكثير بينما اسم أحمد لم ينادى به صلى الله عليه وسلم من الصحابة أبداً لم يرد ذلك مطلقاً لم ينادى به، ولم يسمى أحد من الصحابة ولا من أبناء الصحابة ولا من أبناء أبناء الصحابة.
د. الشهري: عجيب يعني متأخر اسم أحمد.
د. عصام: اسم أحمد متأخر ولذا قيل قول، قيل إن أول من سمي بأحمد أحد أبناء جعفر بن أبي طالب قيل وهذا قول ضعيف جداً ونص الذهبي وجماعة على أن أول من سُمي بأحمد هو والد الخليل بن أحمد الفراهيدي، قال هو أول من سمي بأحمد. فهذا الاسم إنما جاء متأخراً فلم يُعلم كاسمٍ علم بين الصحابة ولو كان اسماً من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم لسمى به الصحابة واشتهر بينهم ولذلك نقول أن مجيء اسم أحمد هنا لأجل الوصف وهو التفضيل فاسم محمد ليس فيه تفضيل وإنما فيه أنه صفة له محمود في كل أموره صلى الله عليه وسلم بينما أحمد لا، فيه صفة تفضيل على من؟ على موسى وعيسى فأراد عيسى أن يذكر بأن هذا النبي الذي يأتي نعم بعده في الزمن ولكنه متقدم عليه.
د. الشهري: أستأذنك نعرض الفائز في حلقة الأمس. النتيجة تفضلوا اعرضوها لنا يا شباب، طبعاً التصويت هو تصويت الكتروني أو اختيار الكتروني وسوف تصل إن شاء الله الفائز رسالة على بريده الالكتروني ورسالة أيضاً على هاتفه المحمول إن شاء الله، طبعاً عدد المتسابقين ولله الحمد عدد كبير فيبدو أن الجهاز يأخذ وقت في اختيار الفائز طبعاً الهدف من هذه المسابقة هو رفع مستوى الإخوة المشاهدين فيما يتعلق بمعلوماتهم عن القرآن الكريم ونحرص أن الأسئلة تكون مواكبة للحلقات أيضاً تكون قريبة من نفس موضوع الحلقات الذي نناقش فيه السور، طبعاً هذه أول مرة نجرب فيها هذا التصويت فلعله أخذ وقت على كل حال إذا ظهر الفائز يمكن أن يعرض على الشاشة مباشرة. ودعنا نواصل الحديث يا شيخ عصام عندنا المحاور الآن أخذنا المحورين أو محور الآن.
د. عصام: أخذنا محور ونصف المحور الثاني لأن الله وعز وجل قسم المثال إلى مثالين مثال في نصف السورة ومثال في آخر السورة. هذا هو المحور الأول يتعلق بموسى وعيسى عليهم السلام وذكرنا بإذن الله هذا هو (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)) لما كان الأمر بهذا الظهور جاء الكفر بعد ذلك وهنا جزء من نقص الميثاق في عظائم الدين (سِحْرٌ مُبِينٌ) معناها رمي للذي يزعم أنه نبي وجاء بالدلائل أنه أول كاذب وأنه يكذب على الله عز وجل فجاء الكلام هنا عن الأثر. الأثر جاء المحور الثالث الآن في نهاية المثل الأول في بيان أثر من نكص نكل لم يوفي بعهده في مثل هذه المواطن لمَ ينكص؟ ومن أجل أي شيء؟ وما الذي دعاه إلى ذلك؟ هذا سببه ما هو؟ فذكر الله عز وجل بعد ذلك هذه الآيات العظيمات وهي جامعة بين أمرين عظيمين جداً بين عظيم الوعيد وبين عظيم الوعد، عظيم الوعيد جداً وعظيم الوعد جداً ولذلك كان من وفى بعهده فليبشر بالخير وذكرتها الآيات في آخرها هذه الأثر هنا المحور هذا والوعيد أيضاً عظيم جداً جداً فذكره الله عز وجل بياناً ولعلنا نستعرض الوعيد بدء لأن الله بدأ به حتى ترتجف القلوب لمثل هذا فليست المسألة هينة ولا سهلة بل هي في أعظم درجات الوعيد الشديد من الرب جل وعلا.
د. الشهري: جميل والوعيد من قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ).
د. عصام: هنا هذه من المواطن التي لا خلاف في ما جاء القرآن فيه كله من أوله إلى آخره عادت إذا بدأت الآيات (ومن أظلم) أو (فمن أظلم) أن يذكر الكذب بدون (ال) كذباً (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) هذا كل القرآن كذلك إلا في سورة الصف.
د. الشهري: الكذب بالألف واللام.
د. عصام: بالألف واللام كأن الكذب حُصر في هذه القضية وهذا من الوعيد الشديد يعني بمعنى أنه هذا هو رأس الكذب وهذا هو أم الكذب وهذا هو أصول الكذب قد اجتمعت في هذا الذي يُخلف الله عز وجل ويُخلف رسل الله ويُخلف أولياء الله في هذا الموطن فإنه قد جمع الكذب كله فلا ينتظر في الآخرة لا ينتظر النجاة هناك وقد جمع الشر كله بكذبه هذا ولذلك قال الله عز وجل (وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)). ثم بعد ذلك قال سبحانه وتعالى (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) أصول النقض لمن ينقض عهد الله عز وجل هذا هو مرادهم يريدون أن يطفئوا نور الله لمَ يفعلون هذه الأفاعيل؟ الآن هذه الحرب الضروس على بلاد الشام، الحرب الضروس على مصر، الحرب الضروس على ليبيا وعلى تونس، الحرب الضروس على اليمن، الحرب الضروس على بلادنا المملكة العربية السعودية، الحرب الضروس على دول الخليج، على باكستان، على أفغانستان، على اندونيسيا، على كل بلاد الإسلام هذه الحرب الضروس البالغة من أجل ماذا؟ هكذا يعني؟
د. الشهري: يقولون إنها اقتصادية، سياسية.
د. عصام: الاقتصادية لا شك أنها منها ولكن أعظم من الاقتصادية هناك دول في غاية الفقر في غاية غاية الفقر لا تملك شيئاً وهي تُحارَب يعني أفغانستان ما الذي فيها؟ جبال ارتفاعها سبعة آلاف متر وما الذي سيكسبونها من الاقتصاد هناك؟ لن يكسبوا إلا الحرب ولن يكسبوا إلا الإنهاك ولن يكسبوا إلا الذل والهزيمة كما حصل الآن ومع ذلك حاربوها وقتلوا من قتلوا فيها فهو المراد هنا الأصل في ذلك كله سواء كان من العدو الخارجي أو العدو الداخلي.
د. الشهري: هو هذا المعنى.
د. عصام: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) المقصود هو إطفاء نور الله ونحن من نور الله لنا ليس فقط نور الله هو الدين وإنما نور الله هو صلاح أحوالنا حتى في اقتصادنا وصلاح أحوالنا حتى في اجتماعاتنا وأُسرنا وبيوتنا وكل أحوالنا هذا من دين الله فبعض الناس يقول يحشر ذلك في إرادتهم للسوء في الدين ويُخرِج أمور الاجتماع والاقتصاد ليس هذا بحق لأن ديننا يشمل ذلك وغيره يشمل هذا جميعاً فمن ديننا الصلاة والصيام ومن ديننا صلاح الأسرة ومن ديننا صلاح الاقتصاد ومن ديننا أن يكون الناس في أمن ورغد عيش هذا كله من ديننا.
د. الشهري: أستأذنك يا شيخ معنا اتصال من الأخ أحمد من الرياض تفضل يا أخ أحمد
أحمد: عندي سؤالان في السورة السؤال الأول (نصر الله) دائماً يتكرر في القرآن (نصر الله قريب) كيف نفهم هذا القرب؟ يعني هل هو في زماننا؟ أم أزمنة قادمة أم ماذا؟ كيف نفهم نصر الله؟ السؤال الثاني لما يذكر (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)) ثم (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)) ما الفرق هنا لماذا ذكر الكافرون والمشركون؟ كذلك في سورة التوبة نفس المعنى. أخيراً الآن الأناشيد الحماسية تذكر قتال الكافرين وكذا فهل هذه الأناشيد وكلماتها تدخل في (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)) نريد تعليق من الشيخ عصام على هذا وشكراً لكم.
د. الشهري: بارك الله فيك أحمد شكراً جزيلاً لك. لعل الأخ المخرج جاهز نتيجة الفائز أمس ما يمكن تعرضونها على الشاشة لو تكرمتم. الأخ صهيب الردادي هو الفائز في سؤال الأمس وسؤال الأمس كان عن قوله تعالى (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) [الممتحنة:8] كنا سألنا ما معنى أن تبروهم؟ وكان هناك خيارات أظن موالاتهم، نصرتهم، الإحسان إليهم. والصواب هو الإحسان إليهم. نتوقف الآن مع فاصل إعلاني ثم نواصل ونجيب على سؤال الأخ أحمد إن شاء الله انتظرونا أيها الإخوة.
————————
فاصل: تعريف بمركز تفسير وملتقى أهل التفسير
————————
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. حيّاكم الله أيها الإخوة المشاهدون بعد هذا الفاصل ولا زلنا مع فضيلة الشيخ الدكتور عصام بن صالح العويد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام وحديثنا عن سورة الصف. كنا توقفنا يا شيخ عصام قبل الفاصل عند حديثك عن هذا الوعيد الشديد الذي توعّد الله به من نكث عهده مع الله سبحانه وتعالى وهنا الحقيقة أسئلة وردتنا في توتير وأيضاً سؤال الأخ أحمد هل ترى أن نجيب على الأخ أحمد؟.
د. عصام: نعم.
د. الشهري: الأخ أحمد سأل سؤالاً في قوله سبحانه وتعالى في أكثر من موضع في القرآن الكريم (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) فيقول ما دلالة هذا القرب هل هو المقصود قرب زمني في زمننا هذا؟ ما تعليقك؟
د. عصام: بالنسبة لقرب النصر هما كلمتان كل كلمة لها دلالة، فمسألة النصر هذه لا بد أن نفهم معناها وكلمة القرب أيضاً كذلك لها معناها. فمسألة النصرة بعض الناس يظن النصر أن ننتصر على عدونا بمعنى أن تكون المُكنة في الأرض لنا وهذا لم يتحقق في كل التاريخ أن تكون في كل العصور وفي كل الحروب حتى لنبينا صلى الله عليه وسلم مع أعظم من نُصِر صلوات ربي وسلامه عليه ومع ذلك هزم في أحد صلى الله عليه وسلم وجرى له ما جرى وجرى للصحابة أيضاً كذلك وبعد ذلك الأمة قاتلت وهزمت. لكن النصر هنا ليس هو المقصود به فقط الغلبة في المعركة وإنما النصر له ألوان شتى وقد تكون الهزيمة لون من ألوان النصر فلولا معركة أُحد وما جرى للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من التعليم لفاتهم أشياء كثيرة وفاتت أحكام كثيرة جداً في الشريعة ولما تعلمت الأمة بعد ذلك هذه الأحكام الواردة في سورة آل عمران وهذا من أعظم النصر من الله عز وجل لعباده. ثم إن قتل القتيل في المعركة ليكون شهيداً هذا من النصر في ديننا من النصر العظيم ولذلك لما يقولون ماتوا نحن نحزن عليهم ونتمنى والله أن نذود عنهم بأجسادنا وأبنائنا ولكن على يقين بأن ما عند الله لهم خير أنهم يستبشرون الآن وينتظرون من يلحق بهم من خلقهم فقضية النصرة يجب أن تستوعب جيداً فليست نصرة الله لعباده
د. الشهري: هي الفوز المادي.
د. عصام: ليست كنصرتنا لبعضنا نعطي أو لا نعطي وإنما نصرة الله عز وجل أعظم من ذلك بكثير فكل من قاتل في سبيل الله فهو منصور. والنصر يتنزل عليه مباشرة قريب مباشرة ولكن لا يعني ذلك أن ينتصر في المعركة ويكون له الغلبة في الميدان، لا، هذا لون من ألوان النصرة والوان النصرة كما ذكرت كثيرة جداً. أما من جهة القرب فأيضاً هذا له ألوان وأنواع فالقرب يكون بالنسبة لنا نحن قريب ويأتي النصر مباشرة وجرى ذلك في مواطن كثيرة في التاريخ وما جرى من فتوحات الإسلام على خمسين عام وصلت أمة الإسلام في أقصى الشرق وأقصى الغرب واحتلت رقعة لم تحتلها أمة من الأمم في هذا الزمن القريب فهذا نصر قريب. ولكن هناك أيضاً نصر هو قريب عند الله بعلمه جل وعلا ولكنه بعيد علينا نحن فالسنة والسنتان والثلاث والأربع والخمس والعشر في علم الله وسنوات الله ليست بشيء هي في علمنا وحسابنا نعم طويلة ولكنها عند الرب جل وعلا ليست كذلك.
د. الشهري: أيضاً سأل سؤالاً آخر ما الفرق في قوله (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8))، (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9))؟
د. عصام: إذا اجتمع لفظ الكفر ولفظ الشرك فالمراد بالمشركين هم أهل الكتاب هم الذين من اليهود والنصارى ومن كان له ديانة ويدخل فيهم العرب هنا، لفظ الشرك هو أوسع الألفاظ وروداً في القرآن في وصف الذين كفروا. فإذا جاء لفظ الشرك فإنه يدخل فيه الثلاثة كفار مكة قريش ومن معهم ومن شابههم واليهود ومن شابههم والنصارى ومن شابههم. أما لفظ الكفر فهو إذا ورد في الأصل فإنما يُطلق على غير أهل الكتاب يعني يطلق على أهل مكة ومن شابههم في الكفر والإلحاد هذا هو في الأصل طبعاً هذا إذا اجتمعا، أما إذا افترقا فيدخل لفظ الكفر فيه الشرك ويدخل في الشرك الكفر.
د. الشهري: أيضاً سأل عن الأناشيد الحماسية التي أحياناً يبالغ في أننا سنفعل وسنفعل بالكفار هل هذا يدخل في قوله (لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2))؟.
د. عصام: هذا يكون نعم إذا أوردت في غير محلها أنا كنت أنتقد انتقاداً شديداً جداً لما كانت الأناشيد هذه بين شبابنا قبل عشر سنوات وخمسة عشر سنة عندهم في سيارتنا في وسط الرياض وموجودة في الدمام مؤامرة تدور على الشباب وأشياء كذا وتدعو إلى الجهاد وأناشيد كثيرة حماسية جداً هذه مثل هذه الأناشيد في مثل هذا الموطن للشباب الذي لا يعي مدلولها هذه خطيرة جداً وقد جرّت أناساً كثير جداً إلى والعياذ بالله سفك الدم الحرام فهذه الأناشيد لها محلها الآن أنا كنت لا أسمعها بل والله لا أحبها أما الآن فوالله من أجمل ما أطرب إليه وآنس به أن أستمع أنا وأهل بيتي إلى أناشيد القتال والجهاد التي تُبثُ من حناجر أهل سوريا فإذا جاءنا في اليوتيوب أو في الرسائل وكان منها قلت هذه الأناشيد وهذا حينها وهذا استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لها في مثل هذه المواقف للحماس وللبذل وإقامة ثائرة النفوس، نعم هذا محلها، لكن استخدام أناشيد الجهاد في وقت الدعة والراحة والطمأنينة والدعوة إليها فما المقصود منها؟!.
د. الشهري: ألا يمكن أن يقال يا شيخ عصام أن هذا من الاستعداد وقول وأعدوا ماذا ستقول؟
د. عصام: هو الاستعداد الذي نقول نحن الأمة الآن لم تستعد خارج الآن مواطن القتال لم تستعد في أشياء كثيرة جداً الإيمان ضعيف جداً في قلوبها الاستعداد البدني ضعيف جداً الاستعداد الذهني والعقلي والعلم الشرعي يعني الاستعداد ليس فقط في أننا نحثهم على أن يمسكوا السلاح وأن يذهبوا للقتال وأن يكونوا في جبال تورا بورا أو في جبال الشيشان ليس هذا هو الاستعداد هذا جزء يسير هذا آخر مطاف الاستعداد أما الاستعداد فقبل ذلك هناك.
د. الشهري: بناء الإيمان والتربية.
د. عصام: ما نبهت عليه السورة هنا مراراً في أولها ووسطها وختمها فإذا تربى الشباب هؤلاء تربوا على الإيمان تربوا على العلم النافع الذي يدلّهم كيف يفعلون؟ تربوا متى يجوز لهم أن يقاتلوا؟ متى لا يجوز لهم أن يقاتلوا؟ فعندئذ هات أخي من هذه الأناشيد هات منها واجعل الشاب يسمع ويعبّ منها عباً ستعينه على الحق.
د. الشهري: الأخ أبو تركي هنا يسأل في توتير يا شيخ عصام يقول عندما نمنّي الأطفال لإسكاتهم هل ندخل في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2))؟.
د. عصام: نعم هذا من الكذب هذا واضح بيّن. وحتى أن الإمام البخاري رحمه الله يقول رحلت إلى فلان فلما وصلت إليه إذ به معه شيء من العلف يمده إلى حمار عنده قال فلما جاء الحمار إليه أخذ العلف أخفاه عنه فقلت لا والله لا أسمع عنك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إنما هو حمار قال من كذب على هذا على مثله سيكذب في غيره وسيكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم! وهذه معلومة الإمام أحمد نفس القصة جرت له في رجل كان يلاعب ولده فمدّ له شيئاً هكذا يقول له تعالى وأحمد ينظر أحمد كان شاباً فأحمد ينظر في مجلسه فلما جاء الغلام فتح الأب يده فإذا به معه قال أحمد والله – يُقسم أحمد – قال والله لو لم يكن في يدك شيء ما سمعت منك حديثاً فهذا منه.
د. الشهري: جميل بقي معنا أقل من ثلاث دقائق يا شيخ عصام.
د. عصام: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) وهنا كلمة (بِأَفْوَاهِهِمْ) تبين ضعف هذا الإنسان، الله له نور الشمس هذه وهذا يريد أن ينفخ بفيه من أجل أن يطفئ نور الله بأفواههم وهذا يدلك على الفرق بين ما يريده جل وعلا وذاك الذي يريد خلاف ما أراد الرب كيف حاله من الضعف في مقابل إرادة الله سبحانه وتعالى. قال (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)) وهذا متحقق الآن والله ما ذهبنا يمين ولا يسار شرق ولا غرب إلا ونجد دين الله قد بلغ بعز عزيز أو بذل ذليل والآن مع القنوات الفضائية الناطقة بغير العربية سترى دين الله كيف ينتشر في العباد. ثم قال وهذه الآية هي التي تلخص السورة كاملة من أولها إلى آخرها حينما قال جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)) تريدون أن تنجوا؟ ماذا؟ قال (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) الإيمان ذكرنا مراراً أن الشرط الأول هو الإيمان الحق الذي يعينهم على الوقوف في مواطن صدق والحق قال الله عز وجل (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)) ذلكم خير لكم أن تنفق الآن ببلاد الشام وهذه المعركة العظيمة جداً أن تنفق عشرة ملايين ريال والله خير لك أنت من أن تنفق مليون وأن تنفق مليون خير من أن تنفق مئة ألف وأن تنفق مئة ألف خير من أن تنفق عشرة وهكذا. والله وأقسم بالله من أنفق الآن على معركة الشام وملحمة سوريا هذه الملحمة العظمى فليبشر عند الله عز وجل بالخلف في الدنيا وبالنجاة في الآخرة وعد الله لا يخلف الله وعده.
ثم ختمت السورة بالمثل الثاني الذي ذكره الله جل وعلا حينما قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا) انظر الآن التذكير بأناس نصروا نبيهم فنحن لا ننصر نبينا! لا ننصر ديننا! لا ننصر شريعة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن؟! قال الله عز وجل (كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) قالوا انظر الآن الجواب مباشرة (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) أسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم من أنصار دين الله وأن يجعلنا ممن يسعى إلى نصرة الجهاد في كل مكان.
د. الشهري: اللهم آمين، شكر الله لك. إذاً انتهينا من الحديث عن محور السورة وهو صفات أهل النُصرة الذين ينصرون دين الله أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم يا شيخ عصام شكر الله لك. باسمكم أيها الإخوة المشاهدون أشكر فضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد على ما تفضل به كما أشكركم أيضاً على متابعتكم وأذكركم بالإجابة على المسابقة ويمكن أن تدخلوا أيضاً على موقع مركز تفسير للدارسات القرآنية وتجيبوا على المسابقة ونراكم غداً إن شاء الله وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.