أبواب الجنة – باب الشهادة بالخير
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين وبعد، يقول الله سبحانه وتعالى (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143) البقرة) هكذا أنتم شهداء الله في الأرض (فمن شهد له أربعة من الناس بخير عندما يموت إلا أدخله الله الجنة) وفي رواية عشرة وفي رواية عشرون وفي رواية أربعون أقلها عشرة وقيل سبعة. إذاً هذا الدين فيه مبدأ عظيم عليك أن تتعلمه وفيه أدب جمٌ عليك أن تتلبس فيه دائماً، عليك أن لا تذكر بلسانك أحداً بسوء إذا فعلت ذلك سيسلط الله عليك من يذكرك بسوء واتهم نفسك دائماً:
لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكـلك عورات وللنـــاس ألســن
وعينك إن أبدت إليك معايبــاً فصنها وقل يا عين للناس أعين
كما أنت لك سوءات الناس لهم سوءاتهم و (إذا تتبعت عورات الناس تتبع الله عورتك حتى يفضحك فى بيتك) كما جاء في الحديث (ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة). ولهذا (إذا مات الإنسان وشهد له سبعة من جواره بخير إلا شفّعهم الله فيه على ما كان منه فيستره)، فإذا سترت أحد الناس يسترك الله سبحانه وتعالى (من ستر مسلماً ستره الله ومن فضح عورة مسلم فضح الله عورته على رؤوس الأشهاد يوم القيامة). وكما في الحديث يأخذ الله العبد في كنفه – (كما تأخذ أنت أحد فى عباءتك ولله المثل الأعلى) يقول له ألم تفعل كذا ولا يسمعه أحد يعدد له عوراته وعيوبه يقول نعم يا رب قال: ألم أسترك فى الدنيا؟ قال: بلى يا رب، قال: أغفرها لك اليوم، لماذا وهذا مذنب خطاء؟ لأنه كان يسترها للآخرين كان يستر عورات الناس ولا يفضحهم فستره الله يوم القيامة. هكذا هو الأمر إحرص على كل من تصلي عليه صلاة الجنازة على أن تشهد عليه بخير فإن الله يشفع الشهداء به على ما كان منه. فأكرموا موتاكم وأذكروا محاسن موتاكم كما في الخبر لأن الله سبحانه وتعالى يحاسب الموتى على وفق ما يقال عنهم، فإذا سترت عوراته وأثنيت عليه خيراً يقول النبى صلى الله عليه وسلم وجبت كما في الحديث أحد الناس أثنى شراً فقال وجبت وآخر أثنى خيراً قال وجبت فليكن كلامك عن الموتى وحتى في الحياة إذا سألك أحد أن تذكره بخير أو تسكت قل خيراً أو اسكت وإياك أن تفضح مسلماً وأن تشنّع عليه وأن تذكر عوراته لأن الله سبحانه وتعالى سيفضحك بكل ما فعلت. لأن دم المسلم وعرضه حرام وما من شيء أكبر عند الله سبحانه وتعالى من حرمة المسلم حتى الكعبة نفسها.
إذاً من الأعمال التي تدخلك الجنة أن تشهد للناس بخير وخاصة الموتى والأحياء أيضاً إذا سئلت عنهم أن تشهد لهم بخير برغم ما قد تعرف عنهم لأن الله سبحانه وتعالى سيسترك في الدنيا ويغفر ذنوبك في الآخرة والعكس صحيح. إذاً من أبواب الجنة أن تكون ستاراً والله ستاراً يحب الستارين. إذاً إذا أحبك الله نظر إليك وإذا نظر إليك لا يعاقبك ولا يعذبك أبداً. فنحن شهداء على الناس والناس شهداء علينا بعضنا يشهد على بعض فإذا تصافينا وذهب الغلّ منا (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا (10) الحشر) وشهدنا لأمواتنا بالخير وقد شفعهم الله في شهادتنا فإن الله سبحانه وتعالى سيعوضك يوم القيامة بأن يشفع فيك إلا من يقولون فيك خيرا وإلا سلط الله عليك من يفضحك على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. هكذا هو أدب هذا الدين العظيم وكيف يؤدبنا هذا التأديب الرائع وأن نحسن الظن ببعضنا وأن نتعافى الذنوب وأن نتعافى السقطات وأن نتهم أنفسنا قبل أن نتهم الآخرين وأن نحاول أن نصلح أنفسنا وأن نقوم إعوجاجنا قبل أن نلوم الآخرين. إذاً كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وخير الخطائين من يستر على نفسه ويستر على الآخرين، وملعون من ارتكب ذنباً وجهر به وقد ستره الله سبحانه وتعالى والمصطفى يقول (لعن الله المجاهرين) عليك أن تستر وإذا بليتم فاستتروا وعليك أن تستر غيرك كما تستر نفسك. هكذا هو الأمر وهذا من أخلاقيات هذا الدين ومن شمائل هذه الأمة وإلى عهد قريب كان جيل أبائنا على هذا النسق الراقي من الأدب العظيم حتى قبل أن نكون بهذا الذي نحن فيه الآن من هذه الفوضى، ونسأله تعالى أن يعيدنا إلى ماضى مجدنا وأن يجعلنا متمسكين بوصايا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.