أبواب الجنة

أبواب الجنة – باب البيئة

اسلاميات

أبواب الجنة – باب البيئة

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين.

يقول تعالى (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ (93) يونس) أي أسكناهم في بيئة صادقة، وكلمة الصدق في القرآن الكريم عندما تأتي تعني أن ذلك الشيء الموصوف بالصدق ليس فيه نقص من جانب (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55) القمر) (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ (2) يونس) فبيئة الصدق بيئة كاملة نظيفة فيها ماء وهواء نقي وزراعة كما قال تعالى وأنتم تعرفون أن بني إسرائيل تبوأوا مصر وفلسطين والشام وإلى اليوم فعلاً هذه الأماكن الثلاثة بيئة صدق لما فيها من مياه وزراعة ومعادن وما إلى هذا.

فالبيئة إذاً من نِعَم الله وإصلاح البيئة يا لها من عبادة سهلة وجميلة ورائعة وتدل على ذوق رفيع وفيها أجر عظيم أجر خيالي. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (رأيت رجلاً يتقلب في ربض الجنة – (ربض الجنة هو الضاحية الخارجية المنعزلة التى يسكنها الملوك والأمراء) في كل عاصمة من عواصم العرب اليوم ضاحية تعتبر أو تسمى أرستقراطية أو غنية أو عامرة بكبار الناس ووجهاء القوم )- (رأيت رجلاً يتقلب في ربض الجنة بشوكة نحّاها عن الطريق) (عن طريق المسلمين) بحجارة نحاها عن الطريق، حفر بئراً، أبعد عنها دغشاً، أصلح البيئة سواء بيئة الزراعة أو بيئة الأرض أو بيئة الناس. البيئة أيضاً تطلق على المتبوئين الناس أنت من بيئة كذا هذه بيئة فلاحية هذه بيئة زراعية هذه بيئة تجارية، هذه بيئة ثقافية، وحينئذٍ كل من يحتاجك في بيئتك فأنت تساهم في إصلاح البيئة، ماذا لو كنت تسير بسيارتك في الطريق العام فرأيت رجلاً واقفاً على الطريق إنقطعت به السبل وأشار إليك وأنت سائر لكي تقف وتحمله في طريقك إلى المكان الذي تذهب إليه أنت، هنيئاً لمن وقف فعلاً وأركب هذا العابر عابر السبيل معه حتى يوصله في طريقه. ولو تعرف ماذا يعني إذا كنت ترفع شجرة أو ترفع غصناً من الشارع رب العالمين عز وجل يسكنك في ربض الجنة فما بالك وأنت على الطريق أنقذت إنساناً ضائعاً تائهاً منقطعاً؟!

و كلكم تعرفون أجر سقيا الطيور (في كل ذات كبد حارة صدقة)، ما هي قيمة أن تسقي كلباً؟ إمرأة بغيّ سقت كلباً يلهث فغفر الله لها. وماذا تعني أن تحرم البيئة من خيراتك؟ لو أنك قطعت الحبّ عن الطيور قطعت الماء عن قطة إمرأة تصوم النار وتقوم الليل ولكنها حبست هرة فدخلت النار (إن إمرأة دخلت النار في هرّة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) هكذا نحن. ولذلك فساد البيئة نحن الذين فعلناه، رب العالمين خلق البيئة عظيمة خلق البيئة في غاية الجمال واقرأوا في كتاب الله عن الأنهار والشمس والقمر وحدائق ذات بهجة إلى آخره، وكل شيء تدخل فيه الإنسان مرة يعمر ومرة يخرب. (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ (41) الروم) إن الله خلقها بدون فساد والذي أفسدها هذا الإنسان ولهذا كل شيء في البيئة لم يتدخل فيه الانسان بقي على جماله كالشمس والقمر والنجوم والغيوم والجبال والغابات وما إلى ذلك.

إذاً إصلاح البيئة بهذا المكان الرفيع، بشوكة نحاها، بشجرة غرستها (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيل فليغرسه) تخيل المنظر، الكواكب إنتثرت والجبال بعثرت والبحار سجرت والساعة تقوم في هذه الساعة بيدك فسيل تريد أن تغرسه وقامت الساعة والساعة تقوم بأقل من لمح البصر حينئذٍ أنت لا تهرب، إغرسها ولو أن الساعة قامت، هذا تعبير راقٍ وعظيم جداً عن أهمية إصلاح البيئة في الأشجار في المياه وتعرفون الملاعن الثلاثة (ملعون من أفسد الماء الذي يرده الناس أو المكان الذي يجلس فيه الناس). حينئذٍ هذه البيئة يعني مكان واسع للعبادات التي هي من النوع الراقي غزيرة الثواب عظيمة الأجر كبيرة القيمة عند الله عز وجل لأن فيها الإصلاح وأنتم تعرفون المصلحون في هذا الدين عجب.

من أجل هذا نقول أن على كل واحد منا أن يزكي صومه بأن يصلح شيئاً في بيئته في شارعه. نظف شارعك يوماً أنت وأبناؤك نظفوا الشارع ولو مرة واحدة بنية إصلاح البيئة. حينئذٍ ماذا تنتظر من رب العالمين الذي جعل واحد فقط يلتقط الغصن ويلقيه في جانب الطريق جعله يتقلب في ربض الجنة؟! ماذا لو نظفت الشارع الذي أنت فيه كل مرة فاتخذك الآخرون قدوة وفي كل أسبوع أحد الساكنين هو وأولاده يذهب لتنظيف الشارع لأصبحنا شعباً متعلماً متديناً متمدناً متبذلاً مثقفاً وأصبحت بيئتنا في غاية الجمال ويكفينا حينئذٍ أن نتغزل ببيئات الآخرين، هذه دولة جميلة وهذه دولة زراعية، نحن في بيئة المسلمين كل خيرات الأرض ومعادنها هنا، ولهذا ما من خير إلا فى ديار المسلمين ولذلك عليك أن تشكر الله سبحانه وتعالى والشكر أن تستعمل النعمة في طاعة الله، و من طاعة الله أن تصلح وتجمل وتنظف بيئتك التي أنت فيها حتى تكون مبوَّأ صدق (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ (93) يونس). وأظن أن إسرائيل الآن منظمة بيئتها خيراً مما نحن نفعل كما قال تعالى في هذا الباب. فنسأله تعالى أن يعلمنا ثقافة إصلاح البيئة وأن يجعلنا من المصلحين للبيئة وبذلك ننال أجراً عظيماً لنناله في عبادة أخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.