بينات – رمضان 1433 هـ
الحلقة 20
الآيات 171 – 175
الشيخ مساعد الطيار: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في هذا اللقاء من برنامج بينات نرجع إلى ما كنا وقفنا عليه من الآية الحادية والسبعين بعد المئة ونكمل ما وقفنا عليه مع الأخوين الكريمين الدكتور محمد والدكتور عبد الرحمن فإن كان هناك بقية تعليق دكتور عبد الرحمن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كنا توقفنا عند الآية التي ذكر الله فيها حقيقة عيسى عليه الصلاة والسلام في قوله (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) وتحدثنا عن التثليث عند النصارى وكيف أن التثليث بدأ متأخراً عند النصارى بعد عيسى عليه الصلاة والسلام وبعد أن رفعه الله إليه بمدة طويلة وإلا فحقيقة دعوة عيسى عليه الصلاة والسلام هي توحيد الله سبحانه وتعالى بأدلة كثيرة تاريخية وأدلة أيضاً من القرآن الكريم (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) [المائدة:117] فالذي يدّعي أن عيسى عليه الصلاة والسلام جاء بهذا التثليث فهو يدّعي دعوة كاذبة. ثم أيضاً في قوله سبحانه وتعالى (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)) يعني هذه الآية هي ردٌ واضح على النصارى في ادعائهم ألوهية عيسى وفي ادعائهم أنه أيضاً ابن لله سبحانه وتعالى تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً وهذه ينبغي أن تكون نصب عين المؤمن ولا سيما الذي يناظر النصارى أو يتعايش مع النصارى أو يكتب أو يناقش النصارى أن يكون موقفه واضحاً من هذه المسائل لأن حتى النصارى عندما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من نجران وهذه ذُكِر أنها سبب نزول الآيات التي بعد هذه الآية عندما جاء وفد نجران فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا محمد لم تذكر صاحبنا، فقال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى. قال: إنما هو عبد الله ورسوله» هو لم يُثبت لهم أنه الله سبحانه وتعالى فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال وأي شيء تقول له؟ قال هو عبد الله قال ومن صاحبكم؟ قالوا عيسى قالوا بل هو الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه ليس بعارٍ عليه أن يكون عبداً لله.
الشيخ مساعد الطيار: ليس بعارٍ؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليس عاراً عليه أن يكون عبداً لله ولذلك أنزل الله سبحانه وتعالى (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)) ومعنى يستنكف يعني يأنف أو يستكبر على أن يكون عبداً لله سبحانه وتعالى. ولذلك هم الآن النصارى يرون أن المسلمين يسيئون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام عندما يقولون إنه عبد لله أو رسول لله لأنهم هم يرون أنه إله أو كما قال الدكتور مساعد في الجزء الماضي أنه جزء من الله ابن الله والحقيقة أنه عبد الله ورسوله وله خصوصية كما ذكر في الأول أنه خلقه الله سبحانه وتعالى بكلمة منه ومن غير أب وله خصوصية في هذا الجانب لا شك فيها ولكنه يبقى عبداً لله ورسولاً لله سبحانه وتعالى لا نرفعه عن قدره وهذا نعود إلى أول الآيات التي مرت معنا في قضية (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ).
الشيخ مساعد الطيار: لو قال قائل (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) لما لم يقل ولا تقولوا ثلاثةً لكي يكون مفعول به. فإذاً هذا خبر لمبتدئ محذوف وهذا يكون على الحكاية ولا تقولوا هم ثلاثة أو يكون (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) لأن هم يقولون ثلاثةٌ.
الشيخ محمد الخضيري: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) هذا يقول العلماء استطراد، ذكر الملائكة استطراد لأن النقاش مع النصارى عن أمر عيسى وإنما ذكر الملائكة لأن من الناس من ادعى الملائكة بنات الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
الشيخ مساعد الطيار: اشترك عيسى عليه الصلاة والسلام والملائكة في هذا الادّعاء الذي يدعيه الناس.
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك جاء به هنا وهذا من جواب الحكيم أو من بلاغة القرآن العظيم في أنه ذكر ما يناسب في هذا الموطن وإن لم يكن السياق وارداً لأجله ومن أمثلته مثلاً في السنة النبوية لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البحر فقالوا أنتوضأ بماء البحر؟ قال: «هو الطهور ماؤه الحِلُّ ميتته» لما علم أن هؤلاء إذا دخلوا البحر يحتاجون إلى الطهور أيضاً يحتاجون إلى الأكل فبيّن لهم حكم ما يؤكل أو ما يكون في البحر.
الشيخ مساعد الطيار: مع أنه لم يُسأل عن الأكل وإنما سئل عن الماء ولهذا يعتبر هذا الأسلوب قد بعض الناس في بعض المواقف إذا أنت أضفت له إضافة فائدة قال يا أخي ما سألتك عن هذا، لا يفهم أن هذا الأسلوب أسلوب معتبر.
الشيخ محمد الخضيري: فوق البيعة.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم ولكنه يُعتبر من أسلوب الحكيم الذي يعرف ماذا يريد السائل؟ فإذا عرفت أن السائل قد يحتاج لهذا فتضيف له هذه الفائدة. طبعاً الآية التي قبلها إنما تكلمت عن الموضوع هو موضوع مترابط في قوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) فقط أنا أشير هنا إلى فائدة القرآء يجدون على ولد ميم.
الشيخ محمد الخضيري: ميم مسدوحة.
الشيخ مساعد الطيار: ميم مسدوحة كنت أريد أن أقول نائمة هذا يسمونه الوقف اللازم لكن بعض القراء لا يفهم لماذا وضعوا هذا والوقف؟ طبعاً هذا الوقف اللازم من وقفات السجاوندي رحمه الله تعالى توفي سنة خمس مئة وستين وله كتاب الوقف والابتداء الكبير والوقف والابتداء الصغير وطبع هذا الكتاب طبع بتحقيق الدكتور محمد العيدي باسم علل الوقوف وطبعه محيي الدين درويش باسم الوقف والابتداء لكن هذا الكتاب حقيقة كتاب نفيس جداً لمن أراد أن يعرف علل الوقوف خصوصاً وقوف السجاوندي الوقف اللازم والمطلق (طاء) والجائز (جيم) والمجوز والذي لا يوقف عليه يسمى الممنوع (لام) والمرخص ضرورة (صاد) طبعاً له أوقافه وكتابه مطبوع يمكن الاستفادة منه، المصحف الباكستاني طبع على هذه الوقوف.
الشيخ محمد الخضيري: وقوف السجاوندي.
الشيخ مساعد الطيار: السجاوندي وكذلك في تركيا وكذلك في عموم بلاد الحنفية اعتمدوا على هذه الوقوف لكن المقصود الآن ما هي علة الوقف اللازم؟ قال هو ما إذا وصل طرفاه لغيّر المرام وشنّع معنى الكلام، غيّر المرام يعني غير المعنى وصار الكلام في الوصل شنيعاً فما الذي يقع هنا؟ قال لو قلت (سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) لظّن أن له ما في السماوات بدل من قول له ولد أي أن هذا الولد له ما في السماوات وما في الأرض فلئلا يتوهم هذا الوهم قالوا هنا الوقف لازم.
الشيخ محمد الخضيري: وطبعاً هذا اللزوم اصطلاحي بمعنى لو أن إنساناً يقرأ بينه وبين نفسه فلم يقف ووصل وهو يعلم المعنى.
الشيخ مساعد الطيار: ليس عليه إشكال.
الشيخ محمد الخضيري: لكنك إذا كنت تقرأ للناس تخشى أن يتوهم بعض الناس أو بعض السامعين هذا المعنى الفاسد ينبغي لك أن تراعي ذلك أشد المراعاة. في قوله (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) يستنكف معناها كما ذكرنا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يأبى أو يأنف أو يستكبر.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم أو يحتشم، لكن ما الفرق بين الاستنكاف والاستكبار (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172))؟.
الشيخ مساعد الطيار: الاستنكاف هو شدة الإباء يعني (لَنْ يَسْتَنْكِفَ) يعني أنه لا يحتقر أن يكون كذلك ولا يأبى أن يكون كذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني ولا يرى في هذا (يَسْتَنْكِفَ) يرى في هذا عليه غضاضة ويرى في هذا إهانة عليه أنه يفعل هذا.
الشيخ محمد الخضيري: ويستكبر؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يستكبر ليست بعيدة عن المعنى.
الشيخ محمد الخضيري: ليست بعيدة لكن يظهر أن هذا العطف يدل على التغاير بينها.
الشيخ مساعد الطيار: لا شك.
الشيخ محمد الخضيري: يستعلي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يرى أنه أكبر من هذا.
الشيخ محمد الخضيري: أكبر من أن يعبد الله سبحانه وتعالى أو يخضع لله سبحانه وتعالى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كما فعل إبليس مع آدم.
الشيخ محمد الخضيري: كما فعل إبليس مع آدم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عندما أمره الله للسجود قال (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة:34] ورأى أنه أكبر من أن يسجد لآدم لما في نفسه من الاستعلاء.
الشيخ مساعد الطيار: الطاهر ابن عاشور يقول: الاستنكاف التكبر والامتناع بأنفة فهو أشدّ
الشيخ محمد الخضيري: من الكبر.
الشيخ مساعد الطيار: من الاستكبار. هذا رأي آخر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إنهم يقولون أصلاً الاستنكاف مأخوذة من قولهم نَكَفْتَ الدمع إذا أزلته وكأنك تزيله حتى لا ينظر إليك أحد وأنت تبكي فكأنك ترى في أنه يرى أحد الدمع في عينك إهانة فتريد أن تزيلها فعندما يقال إن عيسى عليه الصلاة والسلام يستنكف.
الشيخ مساعد الطيار: هل معناها لا يريد أن يستصغر نفسه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيوه بالضبط.
الشيخ مساعد الطيار: يسحقر نفسه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يرى أن فعله هذا كونه عبد لله.
الشيخ مساعد الطيار: فيه نوع من الاستحقار.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والإهانة له.
الشيخ محمد الخضيري: وبهذا يبين معنى يستكبر يستعلي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهو يستنكف يمتنع ويستكبر يستعلي وكلاهما مع بعضهما يؤديان معنى.
الشيخ محمد الخضيري: في قوله (وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) تدل على أن الملائكة أو يمكن أن يؤخذ منها أن من الملائكة صنف مقرب ومن الملائكة من ليس كذلك ويمكن أن يكون وصفاً.
الشيخ مساعد الطيار: عاماً.
الشيخ محمد الخضيري: عاماً لا يراد به هذا المفهوم فالملائكة كلهم مقربون.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكن الصحيح هو المعنى الأول.
الشيخ محمد الخضيري: المعنى الأول.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك ابن عباس فسر هؤلاء بأنهم حملة العرش.
الشيخ مساعد الطيار: فإذا فُسر بأنهم حملة العرش فهم المقربون.
الشيخ محمد الخضيري: ودل ذلك على أن الملائكة صنفان صنف مقربون كجبريل وميكائيل وإسرافيل ونحوهم وصنف من عموم الملائكة وكلهم (لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)) [التحريم]. (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ).
الشيخ مساعد الطيار: من باب الفائدة في الملائكة المقربون طبعاً هو قول للضحاك بأن المراد قال أقربهم إلى السماء الثانية وهذا التحديد فيه نظر لكن المقصود أنه خصهم بصنف من الملائكة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولكن تفسير ابن عباس أليق.
الشيخ مساعد الطيار: أليق لا شك على الأقل أقاويلهم تدل على أنهم صنف مخصوص وقول ابن عباس هو الأجدر.
الشيخ محمد الخضيري: بل مما يدل على أن قول ابن عباس أجدر أنه إذا كان الملائكة الذين هم أعلى أصناف الملائكة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يأنفون.
الشيخ مساعد الطيار: من باب أولى مَنْ دونهم.
الشيخ محمد الخضيري: من دونهم صحيح وهو الأولى أن ينفى هذا عن
الشيخ مساعد الطيار: الأعلى.
الشيخ محمد الخضيري: الأعلى ليثبت ذلك للأدنى من باب أولى وليكون ذلك قدوة لغيرهم من الخلق إذا كان هؤلاء في علوهم وقربهم من ربهم لا يأنفون ولا يستنكفون ولا يستكبرون عن عبادة الله فأنتم أولى بأن تكونوا كذلك لا تستنكفون ولا تستكبرون عن عبادة الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)).
الشيخ محمد الخضيري: (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)) طبعاً هذا يساق مساق
الشيخ عبد الرحمن الشهري: التهديد.
الشيخ محمد الخضيري: التهديد وهذه الحقيقة يعني عبارات التهديد في القرآن منها ما هو صريح مثلاً فلهم عذاب أليم إلى آخره ومنها ما ليس بصريح وقد يكون أبلغ أحياناً في موطنه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) [فصلت:40].
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم أبلغ من الصريح لأن دلالته على الرهبة أكثر من دلالة الصريح يعني لو أقول لك يا عبد الرحمن إذا فعلت كذا ضربتك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا تهديد صريح.
الشيخ محمد الخضيري: تهديد صريح لكن أنت ممكن تقول أنا جلدي مستملس على الضرب ما يضر كم ضربني من مرة وهذه معها لكن لما أقول لأفعلنّ بك إن لم تفعل كذا أو تقول مثلاً لئن فعلت كذا وأسكت، فهنا تهديد لكن لا يعرف ما ورائه فيكون أبلغ في ترهيب السامع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم كما في قوله تعالى مثلاً (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم (٢٦)) [الغاشية] هذا تهديد أيضاً قوله (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ).
الشيخ محمد الخضيري: (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)) [فصلت]، (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف:29].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ليس معناها تخيير ولكن من شاء فليؤمن وله ما وعدت من الثواب (وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) ولكن (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ) [الإنسان:4] أساليب مختلفة في التهديد في القرآن الكريم.
الشيخ محمد الخضيري: ومنها ذكر علم الله لما يقال (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)) [المؤمنون].
الشيخ مساعد الطيار: نعم هذا تهديد.
الشيخ محمد الخضيري: هذا تهديد لأنه لما يكون الشخص يعلم أن الله يعلم منه كل شيء وأنه يحصي عليه كل ذرة مما أنعم عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كأن تقول للواحد مثلاً تراك تحت المراقبة.
الشيخ محمد الخضيري: خلاص هذه أبلغ من أن تقول نحن أحصينا عليك كذا، تحت المراقبة معنى ذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه موجودة ترى على الشوارع الآن لوحات “الطريق مراقب بالرادار” هذه عبارة تهديد أليس كذلك؟ يعني الطي يتجاوز الحد سوف يتم معاقبته.
الشيخ مساعد الطيار: إذا رأيتها
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تخاف.
الشيخ محمد الخضيري: قوله (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)) دلالة على أنهم جميعاً عبيد لله لأن الذي يُحشَر هو عبد لأن هناك حاشر لهم وهو الله سبحانه وتعالى فعيسى ومحمد وجميع الأنبياء والرسل والملائكة يأتون يوم القيامة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يحشرهم يعني يجمعهم.
الشيخ محمد الخضيري: يحشرهم أي نجمعهم فهذا دلالة على عبوديتهم لله وأنهم يُخلقون ويموتون ويبعثون ويحشرون ويعرضون على الله عز وجل إذاً فهم عبيد فكيف تدّعون لهم
الشيخ مساعد الطيار: وكذلك لتعظيم الموقف لأن الذين ادّعوا الألوهية لعيسى عليه الصلاة والسلام أو أنه ابن الله أو ادعوا الملائكة أنهم بنات الله، الله سبحانه وتعالى يقول كل هؤلاء الخلق سيحشرون إليه هو سبحانه وتعالى وليس في أي واحد منهم ميزة في هذه المسألة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولاحظ كيف يعبر بيوم الجمع يوم القيامة بالحشر لأن الحشر فيه معنى الجمع ولكن فيه معنى إضافي وهو الضيق الذي يكون فيه هذا الجمع في معنى أنه يحشرهم حشراً في مكان ضيق وهو ليس ضيقاً في الحقيقة لكن عددهم ضخم جداً فكأنهم محشورون فيه حشراً ولذلك قال (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِن دُونِ اللَّهِ) [الصافات] وقوله سبحانه وتعالى (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) [التغابن:9] وفي قوله أيضاً هنا (فَسَيَحْشُرُهُمْ).
الشيخ مساعد الطيار: (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)) [آل عمران]
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)) كلها فيها معاني الشدة ومعاني الضيق.
الشيخ مساعد الطيار: يعني كأن الحشر فيه دلالة الجمع فيخ دلالة الاختلاط بعضهم ببعض يموج بعضهم في بعض كان فيه بالفعل معنى التضايق ولهذا عائشة رضي الله عنها لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يحشرون حفاة غرلاً يعني كأنهم على ما خلقوا يعني عراة فهي ذهبت وهي العفيفة الشريفة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إلى الرجال والنساء.
الشيخ مساعد الطيار: كيف؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الأمر أشد من ذلك» فهذا يشاهَد سبحان الله حتى في الحياة نسأل الله أن لا يبتلينا لو لا سمح الله وقع مثلاً حريق في مبنى الناس يخرجون على ما هم عليه لأجل أن ينجوا وأذكر أحد أبناء العمومة ذكر لما كانوا في اليابان وحصل زلزال، لكن هم معتادون على الزلازل فيقول خرج الناس من الفندق يقول والله ترى أشياء لا تصلح يقول لما نزلنا والذين يعملون في الفندق يشتغلون عادي ما عندهم أي مشكلة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: متعودين.
الشيخ مساعد الطيار: متعودين على هذه الزلازل فإذا كان هذا في الدنيا فما بالك في يوم القيامة يكون أعظم!.
الشيخ محمد الخضيري: ثم قال بعد ذلك مفصلاً بعد هذا الحشر قال (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)).
الشيخ مساعد الطيار: أنا أستأذنك نأخذ فاصلاً.
الشيخ محمد الخضيري: تفضل.
الشيخ مساعد الطيار: ونكملها إن شاء الله بعد الفاصل، فاصل أيها الإخوة والأخوات ونعود إن شاء الله مرة أخرى مع الدكتور محمد بإذن الله تعالى.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
– إعلان جوال تفسير
– تقرير عن مركز تفسير للدراسات القرآنية
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ مساعد الطيار: السلام عليكم ورحمة الله نعود مرة أخرى إلى الدكتور محمد بعد هذا الفاصل ليكمل لنا ما بدأه من قراءة هذه الآية.
الشيخ محمد الخضيري: بعد أن قال الله عز وجل (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا) قال مبيناً مصير الطائفتين لأنه ذكر هنا العيب والذنب لهؤلاء الذين اتخذوا عيسى إلهاً من دون الله قال (فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) وهذا يشمل الجميع يعني عيسى عليه الصلاة والسلام وأتباعه ومن آمن به والمؤمنون والملائكة المقربون كل هؤلاء يحتاجون إلى الإيمان وإلى العمل الصالح ليوفوا أجورهم ويزيدهم الله من فضله. قال (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) لاحظ يا إخواني أنه في آيات القرآن يقرن بين هذين الأمرين.
الشيخ مساعد الطيار: الإيمان والعمل الصالح.
الشيخ محمد الخضيري: الإيمان والعمل الصالح الإيمان هو هذا التصديق الذي يكون في القلب والذي يعبر عنه باللسان ويعبر عنه بالأركان لكن يقرن إليه العمل للتأكيد على أن مجرد الإيمان لا يكفي، مجرد الإيمان المعرفي والتصديق القلبي الذي لا يقرن بالعمل لا يكفي بل لا بد من أن يؤَيد بالعمل فأما أن يكون الإنسان يعرف أن الله حق وأن الجنة حق والنار حق وأن النبيين حق ولكنه لا يُذعن ولا يقبل ولا يعمل ولا يؤدي دلالة ذلك التصديق فإن الله سبحانه وتعالى لا يقبل منه ذلك ولذلك أهل السنة جعلوا من مقتضى الإيمان العمل. يقولون الإيمان قول وعمل قول القلب وعمل وقول اللسان وعمل الجوارح لا بد من ذلك قال البخاري كم لقيت كذا وكذا من الشيوخ كلهم يقول الإيمان قول وعمل ونية أو قول وعمل فلا يقبل الإنسان عند الله سبحانه وتعالى إلا أن يكون مؤمنا وعاملا أما أن يكون مؤمناً كما هو حال بعض الناس يقول الحمد لله أنا مسلم إني مكتوب مسلم وآبائي من المسلمين ولكنه لا يصلي ولا يصوم ولا يحج ولا يفعل شيء من الطاعات فنقول هذا هو إيمان المرجئة والمرجئة طائفة أخرت العمل عن الإيمان جعلت الإيمان مجرد المعرفة والتصديق القلبي وجعلت العمل خارجاً عنه فنقول بل العمل جزء لا يتجزأ من الإيمان.
الشيخ مساعد الطيار: هنا عند مسألتان المسألة الأولى في قوله (فَأَمَّا) طبعاً الفاء هي لربط شيء بما سبق وأما للتفصيل قال عنها سيبويه “مهما يكن من شيء” ولهذا نقول لسامع إذا جاء فأما فضع بدلاً منها مهما يكن من شيء فالذين آمنوا كذا والذين كفروا كذا. أيضاً لما قال الله سبحانه وتعالى (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) ثم قال (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) هذه حقيقة آية يعني تستوقف العبد المسلم ذكرنا سابقاً في بعض لقاءاتنا أن العبد لو كما قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل أحد منكم الجنة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بعمله.
الشيخ مساعد الطيار: “قالوا حتى وأنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته” وأيضاً ذكر أنه يعطي الناس على قدر عملهم وليس هناك معارضة لهذه الأمور فإنهم إنما يدخلون الجنة بفضل الله ثم توزع عليهم أماكنهم في الجنة بأعمالهم وأيضاً يزيدهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من فضله.
الشيخ مساعد الطيار: من فضله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني فوق ما يستحقون على عملهم
الشيخ مساعد الطيار: يكون على عمله.
الشيخ محمد الخضيري: لأنه كريم.
الشيخ مساعد الطيار: نعم وهذا قد ورد في القرآن في غير مراتب مثل سورة عم قال سبحانه وتعالى في آخر السورة لما قال.
الشيخ محمد الخضيري: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (٣١) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (٣٢) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (٣٣) وَكَأْسًا دِهَاقًا (٣٤) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (٣٥) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ) [سورة النبأ].
الشيخ مساعد الطيار: ثم قال
الشيخ محمد الخضيري: (عَطَاءً)
الشيخ مساعد الطيار: فجزاءً توافق (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) عطاءً توافق (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) فهذا في الغالب إذا جاء الجزاء للمؤمنين في كثير من المواطن أو في بعض المواطن يذكر الجزاء ويذكر العطاء وهو إضافة لكن للكفار قال (جَزَاءً وِفَاقًا (٢٦)) [النبأ :26] يعني جزاء موافق للعمل فعامل الكفار بعدله ويعامل المؤمنين بفضله يعني زيادة على العمل يعني لا ينقصهم حقهم بل يزيده لهم.
الشيخ محمد الخضيري: وللدلالة على أنه لا ينقصهم حقهم إنه قال (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) سمى هذا العمل أو سمى هذا الجزاء أجراً والأجر عندما من يقيم الحق ويعدل مع الخلق لابد أن يؤديه كما حصل الاتفاق عليه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وافياً.
الشيخ محمد الخضيري: وافياً ويعجل به ويحسن في أدائه ثم إنه سبحانه وتعالى إذا أعطاهم هذا العطاء الذي سماه أجراً كرماً منه وإلا في الأصل لا أجر عليه يعني لا ما هناك شيء يلزمه سبحانه وتعالى ولكنه تفضلاً منه سماه أجراً على نفسه ليضمن لعباده أنه يؤدي إلى عباده ذلك الشرف مثل الاستقراض عندما يتصدق المؤمن فإن الله يسمي ذلك قرضاً علما بأن المال الذي بيدك مال الله ولكن ليوثّق لك الله سبحانه وتعالى أنه سيؤديه لك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ) [الحديد:11].
الشيخ محمد الخضيري: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [الحديد:11] لماذا هو قرض لله؟ لتطمئن أنك إذا أعطيت أنك ستعطى كما أعطيت ثم يأتي بعد ذلك فضل الله عز وجل.
الشيخ مساعد الطيار: أيضاً لاحظ بعض المفسرين قد يحدد وقال (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) كم من الزيادة تكون بعضهم قال سبع مئة ألف وبعضهم قال ألفين وقيل غير ذلك فنقول نحن مثل هذا إن ذكر هذه الأعداد أولاً لم يرد فيها نص والله سبحانه وتعالى يزيد هذه الزيادات إلى ما يشاء يعني إلى ما يشاء سبحانه وتعالى ولهذا الأولى أن نقول أن هذه الزيادة مفتوحة والكريم إذا أعطى فإنه يجزل فترك الأمر كما أطلقه سبحانه أولى ليطمع العبد في كرم الله وتعالى أكثر وأكثر.
الشيخ محمد الخضيري: سبحان الله! خذ من زيادة بفضل الله أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل بناقة مخطومة قال هذه في سبيل الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن لك بها في الجنة سبع مئة ناقة مخطومة يعني عليها خطامها. الثانية مما يبين يا أبا عبد الملك فضل الله آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة هذا رجل عندما يخرج يعني يقول ما أحد من عباد الله أنعم عليه بمثل ما أنعم عليه أني نجوت من النار كم رأيت في النار من الأعداد الكثيرة وأنا الوحيد من بينهم الذي نجوت.
الشيخ مساعد الطيار: ما يعلم.
الشيخ محمد الخضيري: ما يعلم فقال فتبدو له من بعيد شجرة فيقول يا ربي أَدنني من هذه الشجرة استظل بظلها وأشرب من مائها فيقول له الرب سبحانه وتعالى أرأيت يا عبدي إن أدنيتك هل تسألني غيرها يقول لا يا ربي والله لا أسالك غير ذلك فيدنيه الله فيستظل بظلها ويشرب من مائها ويرتاح فيرى شجرة أكبر منها فيقول يا ربي أدنني من تلك فأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول يا عبدي ألم آخذ عليك العهد ألا تسألني غير ما سألتني فيقول إنه لا صبر لي فيعذره ربه فيدنيه منها فيرى باب الجنة ويقول يا ربي أدنني من باب الجنة حتى أرى أهل الجنة في الجنة فيقول يا عبدي أريت إن أدنيتك ألا تسألني غيرها غير ما سألتني فيقول يعني وعهدك وميثاقك لا أسالك غير ما سألت، فيدنيه الله ويرى أهل الجنة فيقول له الله عز وجل يا عبدي أدخل الجنة فإن لك مثل ملك من ملوك الدنيا ومثله ومثله ومثله ومثله وعشرة أمثاله يعني خمسين مرة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله أكبر!!.
الشيخ محمد الخضيري: فيقول أتسخر مني أو أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟! فيعذره الله سبحانه وتعالى ما يتصور يعني هذه زيادة بفضل الله يعني نجاته من النار كانت جزاءه ولكن الله سبحانه وتعالى يزيده ثم يزيده حتى إن ذلك يخرج من حدود عقله كيف يعطى مثل ملك خمسين ملكاً من ملوك الدنيا!! هذا من هو يا أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: آخر واحد يخرج من النار.
الشيخ محمد الخضيري: من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة.
الشيخ مساعد الطيار: وتقفل عليه أبواب الجنة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فضل الله عظيم.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا لو جمعت الآيات التي فيها هذه الزيادات التي ذكر الله سبحانه وتعالى زيادة فيها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله جمعت يا أبا عبد الملك وفيها يعني بحوث ولكن العبرة بأن يتمثلها الإنسان وأن يتذكرها ويعتبر بها وأيضاً أن يكون هذا دافعاً له للعمل.
الشيخ مساعد الطيار: هذا هو لأنها تفتح باباً من أبواب الرجاء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني الآن عندما تتذكر المؤمن ولو كان ما كان عليه من المعاصي والذنوب ولو كانت من الكبائر ثم يتذكر فضل الله وسعة رحمت الله سبحانه وتعالى فإن هذا يدعوه للإقبال والتوبة والإنابة وأنه يعبد ربا وأن فضله عظيم وبابه مفتوح وعطاؤه يغدو ويروح هذه تدفع الإنسان إنه يتوب ويُقبِل ثم سبحان الله العظيم نحن نتحدث قبل قليل عن النصارى النصارى والذي يدخل في تفاصيل عبادتهم يجعلون بينك وبين الله وسائط كثيرة حتى إذا أردت أن تتوب تذهب إلى.
الشيخ مساعد الطيار: بشر مثلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قسيس وتجلس على كرسي عنده كأنك في محضر تحقيق والله إني رأيت هذا كأنه يحقق معك شرطي لماذا فعلت وماذا فعلت؟ ويعترف بأشياء أحياناً.
الشيخ محمد الخضيري: في النهاية يدفع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سألت أنا أحد القساوسة قلت إذا اعترف لكم جريمة ارتكبها جريمة جنائية قال نحيله إلى الشرطة قلت ما فيه فائدة من التوبة! يعني الآن صارت توبته عندك ما الفائدة؟ الواحد يتوب حتى يرفع عنه ويستغفر ولكن يتوب ويأتي يعترف لك فتحيله أنت إلى الشرطة لمعاقبته! فالشاهد أنك تلاحظ هذا ثم تأتي عندنا في الإسلام توبة الإنسان بينه وبين الله سبحانه وتعالى ليس هناك واسطة بينك وبين الله ولا يحول أحد بينك وبين التوبة وتستغفره في جوف الليل بالعكس كل ما كانت توبتك بينك وبين الله كانت أخفى عن عيون الناس كل ما كانت أصدق وأفضل وأطهر لقلبك يعني يفرق الإنسان بين هذا وهذا ثم يتخيل هذا الفضل يعني هذا الحديث الذي ذكرته والله يفتح أبواب الأمل سبحان الله العظيم لمن كان مُعرضاً عن الله سبحانه وتعالى ثم ماذا طلب الله منك؟ ولا شيء أشياء بسيطة من العبادة والاستقامة والتوحيد أليس كذلك؟
الشيخ محمد الخضيري: بلى.
الشيخ مساعد الطيار: المقابل أقل من الجزاء.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بكثير.
الشيخ مساعد الطيار: وإن كان شاقاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كم بقي من الوقت حتى نكمل بقية الآيات؟
الشيخ مساعد الطيار: بقي قرابة السبع دقائق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعونا ننتقل إلى الآية التي بعدها في قوله سبحانه وتعالى لأن الآية واضحة في قوله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)) يعني لاحظ في أول سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) أليس كذلك؟
الشيخ مساعد الطيار: بلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أليس هذا مدخل سورة النساء؟
الشيخ محمد الخضيري: بلى.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا ردّ العجز على الصدر
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم هنا في آخر السورة ما بقي إلا آيتين تقريباً قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)) تكلم الله سبحانه وتعالى عن الحقوق وقد ذكرنا مراراً في سورة النساء أنها سورة الحقوق حقوق الضعفاء حق الله سبحانه وتعالى في التوحيد، حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حتى عيسى عليه الصلاة والسلام ما هو حقه؟ حقه أنه عبد لله ورسول لله، تعطيه أكثر من حقه هذا غلو وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه. هنا يقول (قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) ليس هناك أمة من الأمم إلا وقد جاءها برهان وهذه الأمة وهي آخر الأمم قد جاءها أعظم البراهين وهو هذا القرآن الذي بين أيدينا فيه تفصيل لكل التفاصيل والذي يريد أن يتعلم ويريد أن يهتدي إلى الحق ولا يجده في القرآن فلن يجدها أبداً ولذلك يختم الله بهذه الآية فيقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) مما يدل على أنها آية عامة.
الشيخ مساعد الطيار: للجميع.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لليهود والنصارى والمسلمين وغيرهم (قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) بعضهم يقول البرهان هنا هو القرآن وبعضهم يقول البرهان هنا هو محمد عليه الصلاة والسلام.
الشيخ مساعد الطيار: وكلاهما برهان.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وبعضهم يقول هو الإسلام كله لكن هذا اختلاف تنوع ذكر مثالاً من أمثلة البراهين وهي كلها متلازمة فالقرآن الكريم هو برهان.
الشيخ مساعد الطيار: والبرهان هو الحجة (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)) القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا لا خلاف فيه أن النور المبين هو القرآن. فالشاهد أن الذي يستحضر هذه الحقيقة ويتأمل في هذا البرهان وهو القرآن الكريم بعد أن لاحظ أنت استعرضت الآن اليهود والنصارى والمنافقين وكل هذه المواقف ثم يتأمل الإنسان ويتوقف مع ربه ومع هذه الآيات العظيمة يجد أنه ليس هناك أي عذر للذين يشركون بالله والذين يكفرون بالله والذين ينافقون ووالذين يتهاونون ليس لديهم حجة لأن الله سبحانه وتعالى قد أوضح كل هذه الحقائق بالبراهين ولذلك قال (قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ) حتى لاحظ في التعبير من الناحية البلاغية (قَدْ جَاءَكُمْ) يعني ما كلّفكم أنكم أنتم تجيئون إليه، وصل هذا البرهان إلى كل أحد وقامت عليه الحجة والنبي صلى الله عليه وسلم قد أبلغها.
الشيخ مساعد الطيار: قوله (قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا) يعني جاءكم البرهان وكأنها الحجج الدالّة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم كان كذلك يعني من رآه بأنه يعرف صدقه وأنزل معه النور المبين (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً واضح ظاهر.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم إنما أنزل النور المبين لأجل أن يؤمنوا ولهذا قال (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)) وهذا هو الصنف الأول والمقابل له الصنف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولم يذكره.
الشيخ مساعد الطيار: نعم لم يذكره، الصنف الثاني لم يذكره لأنه قال (فَأَمَّا) وعادة (أمّا) تأتي بعدها (وأما) فأما كذا وأما كذا وإنما ختم الآية بقوله (يَسْتَفْتُونَكَ).
الشيخ محمد الخضيري: لكن في قوله (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)) يعني لما سمى الله هذا القرآن نور معنى ذلك أن من لم يمتلك هذا القرآن ولم يكن معه فإنه سيعيش في ظلمة ولا بد.
الشيخ مساعد الطيار: هذا صحيح.
الشيخ محمد الخضيري: انتبهوا لهذا يا إخواني يعني قصدي قد يقول إنسان أنا أقرأ في كتب مثلاً هؤلاء المفكرين والفلاسفة وأصحاب الأديان والمذاهب المختلفة أبحث عنه، يا أخي قد ذكر الله أن النور في كتابه فمن ابتغاه في غير كتابه أضلّه الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لن يجده أبداً.
الشيخ محمد الخضيري: لن يجده وإن بهرجوه وزخرفوه وزينوه بالقواعد والكلام والسفسطة والفلسفة فإن كلام الله على وضوحه وبساطته هو النور الهادي في كل أمر وليس في أمر واحد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا ترى سبحان الله مجرّب ولذلك ينبغي على المسلم أن يكون له ورد يومي لا يتركه من القرآن الكريم.
الشيخ محمد الخضيري: من هذا النور.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأن هجران القرآن الكريم يوحش القلب ويجعل في قلب الإنسان من الظلمة بقدر الهجران وبالعكس إذا أقبل على القرآن الكريم شعر بهذا الروح شعر بالراحة وشعر بالنور وهي مسألة مجرّبة وواضحة. ولذلك ينبغي على المسلم أن يكون له ورد يومي من القرآن الكريم لا يخل به ولو كان قليلاً لو يقرأ كل يوم جزء واحد أو نصف جزء فإنه سيكون على صلة بالقرآن الكريم مستمرة.
الشيخ محمد الخضيري: الأمر الثاني مبين يعني يبين الحق ويوضحه وليس نوراً يُتبرك به وإنما يبين لك ما يحتاج إلى إبانة وهو بيّن في نفسه بيّن ومبين لغيره.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا أنا أتعجب ممن يقرب من هذا القرآن ويكتب عنه من بعض أهل الفلاسفة أو غيرهم لكن سبحان الله لا يهديه الله، قرُبَ من النور الآن هو يتعامل مع هذا النور ولكن يتعامل بنظرة أخرى ليست نظرة القرآن الكريم النور المبين.
الشيخ محمد الخضيري: ومن بيان القرآن أن بيّن بنفسه يعني حقائقه وأركانه وهداياته تتضح لكل من جاء إليه ولكل من قبِلَه (قَدْ جَاءَكُمْ) إذا قبلت هذا النور وأقبلت عليه فإن الله سبحانه وتعالى من كرمه أنه يوضح لك الحقائق (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (١٧)) [القمر].
الشيخ مساعد الطيار: ولعلنا نقف عند هذه الآية، الوقت انتهى ونبتدئ إن شاء الله في خاتمة هذه السورة وهي الآية الأخيرة من سورة النساء. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا جميعاً بهذا الكتاب ويجعلنا ممن يستفيدون منه ويطبقون أعماله وأحكامه إن سميع مجيب.