بينات – رمضان 1433 هـ
الحلقة 23
سورة المائدة: الآيات 1 – 2
الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام هذه حلقة جديدة من برنامجكم بينات وقد وصلنا فيها إلى بداية سورة المائدة نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها وبسائر القرآن العظيم. كنا تحدثنا في الحلقة الماضية مع فضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار والدكتور عبد الرحمن الشهري حول قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وبيّنا أن هذه العقود مقصود بها الدين كله عقائده وشرائعه وأخلاقه وجميع العقود التي تكون بين الخلق داخلة في هذا الأمر الرباني. ثم ننتقل بعد ذلك إلى قول الله عز وجل (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) تفضل دكتور عبد الرحمن للتعليق على الآية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. كنا ذكرنا أن سورة المائدة موضوعها الأساسي هو موضوع العقود وضرورة الوفاء بها ووجوب الوفاء بها وهنا يدخل الله سبحانه وتعالى فيقول (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) أولاً قوله (أُحِلَّتْ) تلاحظ أنه مبني للمجهول.
الشيخ محمد الخضيري: أو لغير المعلوم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أول لغير المعلوم لأن الفاعل الذي له حق التحليل والتحريم.
الشيخ مساعد الطيار: معروف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو معروف وهو الله سبحانه وتعالى فكأن معنى الآية أحلّ الله (لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) والمقصود ببهيمة الأنعام هنا هي الأصناف الثلاثة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام أيضاً وهي الإبل والبقر والغنم هذه بهيمة الأنعام وسميت بهيمة لأنها لا تفصح ولا تتكلم فالعرب تقول تسميها بهائم لأنها لا تبين عما في أنفسها كما يفعل الإنسان وذلك هذا من نعم الله سبحانه وتعالى للإنسان أنه يبين عما في نفسه ويستطيع أنه يتحدث وهذه نعمة عظيمة أنعم الله بها على الإنسان أنه يستطيع أن يتكلم ولذلك الآن لاحظ الأبكم عندما يريد أن يعبّر عما في نفسه كيف إنه يستخدم إشارات كثيرة جداً لكي يقول كلمة بسيطة في حين أنك أنت لا تحرك أي جزء لا يديك ولا أي شيء آخر وإنما مجرد ما تتكلم بكلمة تطلب، تأمر، تنهى، فيتحقق المطلوب. فقوله سبحانه وتعالى (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) هذا من نعم الله سبحانه وتعالى في أول هذه السورة ثم يقول (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) استثناء. ولذلك يذكرون عن إحدى الأعرابيات أنه قال لها الأصمعي ما أفصحك، سمع كلامها فوجدها فصيحة فقالت وأيّ فصاحة بعد قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١)) فنادى وأمر وشَرَع واستثنى ووصف وختم أو شيء كهذا في آية واحدة تقصد (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نادى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) أمر (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) أخبر.
الشيخ محمد الخضيري: أخبر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أخبر، (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) استثنى (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ)
الشيخ محمد الخضيري: احترز.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: احترز، (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١)) ختم. فانظر كيف تنبهت إلى وجه البلاغة في هذه الآية على أنها أعرابية ليست بصاحبة علم.
الشيخ محمد الخضيري: قوله (بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) طبعاً يقصد بها كما ذكرت دكتور عبد الرحمن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأصناف الثلاثة.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم البقر والإبل والغنم وهذا بالإجماع وليس المقصود بها بهيمة الأنعام ما يحل من اللحوم يعني يحل لنا لحم الدجاج والبط والاوز وغيرها لكن ليس هذه داخلة في بهيمة الأنعام إذا أطلقت بهيمة الأنعام وإن كانت تلك من البهيمة.
الشيخ مساعد الطيار: من البهائم نعم.
الشيخ محمد الخضيري: لكن يراد بها شرعاً هذه الأصناف الثلاثة أو يقال الأصناف الأربعة باعتبار الضأن والمعز والإبل والبقر. قوله (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) أي تفسيرها يا أبا عبد الملك؟
الشيخ مساعد الطيار: في قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة:3].
الشيخ محمد الخضيري: في نفس السورة.
الشيخ مساعد الطيار: في نفس السورة.
الشيخ محمد الخضيري: نعم (إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) يعني ما سيأتي بعد آيتين.
الشيخ مساعد الطيار: بعد آيتين تقريباً.
الشيخ محمد الخضيري: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ) إلى آخره.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا يدخل في باب تفسير القرآن بالقرآن لأنه أجمل هنا وفصّل هناك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا يعتبر من أعلى أنواعه لأنه البيان المتصل، البيان المتصل بالمبيّن.
الشيخ محمد الخضيري: قوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) ما معنى هذه يا أبا عبد الملك؟
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) أي متلبسون بالإحرام بنيّة الإحرام وليس باللباس، بعض الناس لا يفرّق بين لبس الإحرام وبين نية الإحرام فأنا قد ألبس الإحرام لكن لم أنوي بعد فلبسي للإحرام ليس دليلاً على أني أحرمت وإنما الإحرام حينما يعقد الإنسان النية فإذا لبس الإحرام وعقد النية فلا يجوز له أن يصيد. (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) أي أن تبيحوا لأنفسكم أن تصطادوا وليس المراد (مُحِلِّي الصَّيْدِ) أنه حلال وحرام وإنما وأنتم متلبّسون بالإحرام لا يجوز لكم أن تصيدوا.
الشيخ محمد الخضيري: وأنتم متلبسون بالإحرام.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ محمد الخضيري: ألا يمكن حملها على (وَأَنتُمْ حُرُمٌ) أي في الحرم؟
الشيخ مساعد الطيار: وهذا يدخل فيه، هذه من الأحكام الخاصة بالحرم.
الشيخ محمد الخضيري: نعم فقد تقول قوله (وَأَنتُمْ حُرُمٌ) شاملة لهذا وهذا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هو قطعاً إذا كان مُحْرِماً وكان في الحرم فلا شك أن هذا يشمل القولين لكن (وَأَنتُمْ حُرُمٌ) القول بأنه وأنتم محرمون أشمل.
الشيخ محمد الخضيري: (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) ما معناها أبا عبد الملك، أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني إن الله سبحانه وتعالى يقضي ويحلل ويحرّم ما يريد سبحانه وتعالى لا معقّب لحكمه.
الشيخ محمد الخضيري: لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لذلك سبحان الله العظيم أحياناً يغفل بعضنا وربما يسيء الأدب ويسأل عن الحكم في بعض الأحكام الشرعية فيقول الله: الله حرم كذا فيقول لماذا؟! لماذا حرم هذا وفيه فوائد؟! الله سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل ولذلك لاحظوا حتى في سورة البقرة وقد مرت معنا أن الله سبحانه وتعالى قال (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) فالله سبحانه وتعالى
الشيخ مساعد الطيار: دخل في العلل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما قال كذبتم إن البيع ليس مثل الربا ولكنه رجع إلى أمر أهم وأعلى فقال (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).
الشيخ محمد الخضيري: وتسوون بين ما أحل الله وما حرم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم ولذلك ذكر الشوكاني في كتاب فتح القدير وقال هنا ورجع إلى النص وفي هذا دليل على أنه لا اجتهاد مع النص. يعني الآن الله يقول (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فهذا محرّم وهذا حلال، هذا نص من الله سبحانه وتعالى.
الشيخ مساعد الطيار: مثل عائشة لما قالت
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فلا يُسأل عن العلة ولا يقال والله إن البيع مثل الربا ما الفرق بينها؟ قال الله (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فحرّم هذا وأحلّ هذا ولا تسأل عما يفعل هذا حلال وهذا حرام.
الشيخ مساعد الطيار: لكن هذا يعني أنه قد يوجد بعض العلل التي لا تُدرك بالعقل وهذه قاعدة مهمة جداً لما سئلت عائشة لماذا تقضي المرأة الصوم؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا تقضي الصلاة؟
الشيخ مساعد الطيار: كنا نؤمر بذلك.
الشيخ محمد الخضيري: بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم وقالت (كلمة غير واضحة) أنتِ؟! مما يدل على أن البحث عن العلل والتنقير عن ما لا يمكن إدراكه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من صفات الخوارج.
الشيخ مساعد الطيار: من صفات الخوارج وأنه قد يودي بإسلام المسلم.
الشيخ محمد الخضيري: وقد يكون ربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بالشيء ابتلاءً لطاعتنا كما قال الله عز وجل في هذه السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)) فالله يبتلي العباد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً.
الشيخ محمد الخضيري: يشرع لهم شيئاً يحرم عليهم شيئاً لينظر طاعتهم، إيمانهم.
الشيخ مساعد الطيار: لكن تعرف يا أبا عبد الله اعتمرنا وحججنا ولله الحمد والمنة ما مرّ بنا صيد.
الشيخ محمد الخضيري: لكن هذه نزلت في المؤمنين
الشيخ مساعد الطيار: لكن قصدي أنا أريد أن أنبه على مسألة أنه قد يقول قائل يا جماعة أول شيء نركب السيارة كلها نصف ساعة وأنت في مكة ما بين الميقات إذا كنت نازلاً من الطائف.
الشيخ محمد الخضيري: شيء جاء جديد.
الشيخ مساعد الطيار: هذا جديد ولذا الكلام هذا عن الأولين وأيضاً قبل أن تفتح قناة السويس طبعاً لما جاءت قناة السويس منعت حيوانات أفريقيا تأتي إلى آسيا وإلا كانت قديماً كانت تأتي إلى جزيرة العرب
الشيخ محمد الخضيري: هجرات.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عجيب!
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله مشكلة هذه.
الشيخ مساعد الطيار: نعم فلهذا النمر الذي كانوا يقولون عن وجود النمر والأسد ووجود بعض الحيوانات التي كانوا يذكرونها من أين كانت تأتي؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني سبحان الله قناة السويس كانت سبباً؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم منعت.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله مشكلة.
الشيخ مساعد الطيار: سبحان الله منعت شيئاً كثيراً، قصدي أنا من ذلك أنه قد يقول قائل ولذا أنا أتوقع لو سألت بعض الذين لهم سنين في العمر وذكرت لهم هذه الآيات وقلت لهم قد ما تكون مستحضرة في ذهنه لأن ما مرت عليه أبداً بخلاف لو قلت له مثلاً لو أن إنساناً وقع على إحرامه نجاسة ماذا يفعل؟ يقول لك مثلاً يغسله لأنها قد ترد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فعلاً، فعلاً صدقت يعني الآن مع كثرة أيضاً المدنية التيي في الحرم الآن وفي المشاعر كلها أبعدت حتى الحيوانات وأبعدت فما عاد يصادفها المعتمر والحاج
الشيخ مساعد الطيار: قليل ما يصادفها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قليل نادراً.
الشيخ محمد الخضيري: ثم قال الله عز وجل في الآية الأخرى الثانية من آيات هذه السورة العظيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا) فذكر الله عز وجل أنه لا يجوز لنا أو نهانا عن عدة أشياء أولاً (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) ما المقصود بشعائر الله يا أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: المقصود بها هنا والحديث هنا عن شعائر الحج والعمرة الصفا والمروة والسعي والطواف.
الشيخ مساعد الطيار: معالم الحرم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم معالم الحرم (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) يعني لا تخِلّوا بشيء منها ولا تستحلوا فيها شيئاً حرمه الله عليكم هذا هو معنى (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ).
الشيخ محمد الخضيري: ولا مانع أيضاً من أن تحمل على العموم.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا أحد الأقوال.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم بمعنى أنه يكون هذا مقصوداً قصداً أولياً والقصد العام أيضاً غير ممنوع منه، كل شعائر الله عز وجل لا يجوز لنا الإخلال بشيء منها.
الشيخ مساعد الطيار: هذا قول عطاء، العموم.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.
الشيخ مساعد الطيار: وطبعاً بعض من يسمع قد يقول أنا كيف أتعامل العموم؟ وكيف نفهم العموم؟ هو العموم في الغالب له طريقان: إما طريقه من تعميم اللفظ أو من تعميم المثل إذا قلنا (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) المراد بها لا تحلّوا ما يتعلق بالحرم التي هي شعائر الحرم ومشاعر الحرم تسمى المشاعر فلا يعني أن غيرها يجوز أن يُحلّ فإن كان هذا المقصود أصالة فغيره يدخل بالتبع قياساً به وإن قلنا لا، أن الشعائر عام يدخل فيه حرمات الله وحدود الله وأوامر الله ويدخل فيه أيضاً هذه المشاعر وما يتعلق بالحج والعمرة فهذا يكون أعم فصار من باب التعميم اللفظ وفي كلا الحالتين في النهاية تكون عامة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولاحظ أن الله سبحانه وتعالى أضافها إلى نفسه إضافة تشريف (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) فكل هذه العبادات وكل هذه المواضع تعظيمها تعظيم لله سبحانه وتعالى كما قال بيت الله وناقة الله كل هذا إضافة من باب التشريف كذلك (شَعَائِرَ اللَّهِ) هنا ولذلك الله ذكر في (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)) [الحج] فتعظيمك لهذه المواضع سواء إذا قلنا أنها مواضع الحج ومواضع المناسك أو قلنا أنها مطلق الشعائر، العبادات، الصلاة، الزكاة، الحج، كل ما كان شعيرة من شعائر الدين فإن تعظيمها تعظيم لله سبحانه وتعالى.
الشيخ مساعد الطيار: وهذه استحضارها في القلب مهم جداً.
الشيخ محمد الخضيري: مهم جداً وهي دليل على التقوى وعلى أيضاً خوف العبد من ربه سبحانه وتعالى ومحبته له. الآن مثلاً يا أبا عبد الله ثوب والدتك أو مُصلّاها سجادتها ما تحب أن أحد يهينها صح وإلا لا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك.
الشيخ محمد الخضيري: لماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تكريماً لأمي.
الشيخ محمد الخضيري: تكريماً لأنك تحب هذه الأم تعظّمها ولها في نفسك جلالة ومكانة ما تريد أن أحداً يعبث بثوبها أو مصلاها أو شيء من أدواتها احتراماً لها، كذلك ما كان لله سواء من شعيرة عملية أو كان من موضع أو زمان يكون لله عز وجل فيه أمر أو نهي ينبغي للمسلم أن يعظّمه ويحترمه وينبغي أن يكون هناك آثار لهذا التعظيم ما هي مسألة تعظيم قلبي مجرّد، لا، آثار لهذا التعظيم. يعني افترض لو أن إنساناً بلي بالتدخين مثلاً وقال أنا أدخن فوق الأرض في أي مكان ثم جاء إلى المسجد وبدأ يدخن ما نقول له؟ ما عظمت شعائر الله! هذا بيت الله ينبغي أن يجل عن أي رائحة كريهة وعن أي أذى أو قذر لا يليق بهذا البيت المعظم أيضاً اللغو من الحديث تصور يا أبا عبد الله إنه ممكن الواحد يلغو في الحديث في أي مكان لكن عندما يكون في الحرم أو في بيت من بيوت الله أو وهو متلبس بالإحرام يكون اللغو في حقه مكروهاً لأنه لا يليق بتعظيم شعائر الله جل جلاله.
الشيخ مساعد الطيار: الطبري رحمه الله تعالى – لو تكرمت – أنا أحب أن السامع يسمع عباراته في طريقة تقريره للعموم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الذي هو الإمام الطبري.
الشيخ مساعد الطيار: الإمام الطبري يقول وإنما قلنا هذا الذي هو قول عطاء الذي ذكرناه هذا القول بتأويل قول الله تعالى (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) بأن الله جل ثناؤه نهى عن استحلال شعائره ومعالم حدوده وإحلالها نهياً عاماً قال من غير اقتصاص شيءٍ من ذلك دون شيء فلم يجز لأحد أن يوجه معنى ذلك إلى الخصوص إلا بحجة يجب التسليم لها ولا حجة بذلك كذلك.
الشيخ محمد الخضيري: وهو يرجّح قول عطاء.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن المقصود شعائر الله مطلقة.
الشيخ مساعد الطيار: نعم مطلقة.
الشيخ محمد الخضيري: قال (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) ما القصود بالشهر الحرام يا أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً الشهر الحرام هو جنس الأشهر الحرم والأشهر الحرم هي أربعة أشهر في السنة.
الشيخ محمد الخضيري: ما هي؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثلاثة كما يقولون ثلاثة سَرْد وواحد فرد. السرد هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم وهذه يسمونها أشهر الحج والفرد الذي هو شهر رجب.
الشيخ محمد الخضيري: لا لو سمحت يا أبا عبد الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عفواً وإلا شوال وذو القعدة وذو الحجة.
الشيخ محمد الخضيري: لا، لا صحيح ذي القعدة وذي الحجة ومحرم لكن ليست هي أشهر الحج.
الشيخ مساعد الطيار: ليست أشهر الحج.
الشيخ محمد الخضيري: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عفواً هذه الأشهر الحرم
الشيخ محمد الخضيري: هي الأشهر الحرم
الشيخ مساعد الطيار: وقد يقع التباس بها أحياناً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهذه الثلاثة أشهر التي هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم هذه الأشهر الحرم زائد رجب والمقصود بها أنها يحرم القتال فيها وطبعاً هذا كان قبل أن
الشيخ مساعد الطيار: منذ أن خلق الله السماوات والأرض.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني لما شُرِع القتال قتال المشركين بعد ذلك بعض العلماء قال أنها قد
الشيخ مساعد الطيار: نسخت.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نسخت بعد أن أبيحت قتال المشركين كافة في هذه الأشهر الحرم وفي غيرها لكن الصحيح أنها حُرمتها ما زالت
الشيخ محمد الخضيري: باقية.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه الأشهر الحرم وأنه ينبغي فعلاً تعظيم هذه الأشهر وعدم ابتداء القتال فيها إلا إذا كان رداً
الشيخ محمد الخضيري: لكيد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: للظلم أو رداً لاعتداء فهذا هو المقصود بالشهر الحرام هنا.
الشيخ محمد الخضيري: وقد وردت في قول الله عز وجل (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) [التوبة:36].
الشيخ مساعد الطيار: وهذا يدل على أنها ما زالت باقية.
الشيخ محمد الخضيري: ما زالت باقية لكنها مختلفة عن الأشهر الحرم المذكورة في أول سورة التوبة (فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ) [التوبة:5] المقصود بالأشهر الحرم هنا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: العهد.
الشيخ محمد الخضيري: الأشهر التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين بعد إعلان أنه لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وأن المشركين لهم أن يسيحوا في جزيرة العرب أربعة أشهر بدأت من عشر ذي الحجة فعشر ذي الحجة، عشر محرم، عشر صفر، عشر ربيع أول تنتهي، هذه أشهر حرم خاصة على الصحيح في تفسير هذه الآية وليست هي الأشهر الحرم التي ذكرتها يا أبا عبد الله. لعلنا نكمل الحديث في ذلك بعد الفاصل، فاصل مشاهدي الكرام ثم نلتقي بكم فإلى هناك.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير
– إعلان جوال تفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنا نتحدث مشاهدي الكرام قبل الفاصل حول قوله تعالى (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) بيّن الدكتور عبد الرحمن قبل قليل أن الشهر الحرام اسم جنس يشمل أربعة أشهر وهي ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وهي سرد يعني ثلاثة متوالية ورجب يسمى رجب الفرد لأنه منفرد عن هذه الأشهر. وبيّنا أن التحريم فيها يقصد به تحريم القتال وأن الصحيح من أقوال أهل العلم بقاء هذا التحريم فلا يجوز للمسلمين أن يبدأوا فيها القتال وأن يرعوا حرمة هذه الأشهر لكن إن اعتدي عليهم أو احتاجوا إلى ذلك لدفع صائر أو ضرورة فإن ذلك يباح لهم.
الشيخ مساعد الطيار: أو كذلك لو التبس عليهم آخر يوم من الأشهر الحرم هل هو من الأشهر الحرم أو لا؟ واجتهدوا مثل ما حصل
الشيخ محمد الخضيري: لسرية عبد الله بن جحش.
الشيخ مساعد الطيار: عبد الله بن جحش.
الشيخ محمد الخضيري: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) [البقرة:217].
الشيخ مساعد الطيار: فهذا أيضاً يدخل فيها.
الشيخ محمد الخضيري: جميل.
الشيخ مساعد الطيار: فيه فائدة فيما يتعلق بلفظة الشهر، الشهر مأخوذ من الإشهار وكأن بداية الشهر الذي هو القمري طبعاً هي إشهار لبدايته فسمي شهراً لكن الفائدة أيضاً التي نريدها أننا نلاحظ أن القرآن كله والشريعة كلها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اعتمدت الشهر القمري لأن الناس كلهم يرونه ويعرفونه وارتبطت العبادات كلها بالشهر القمري ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وإن غُمّ عليكم» الحديث. فجميع العبادات ارتبطت بهذا الشهر والأشهر القمرية والشمسية من حيث العدد واحدة اثنى عشر شهر شمسي مرتبطة بالشمس واثنى عشر شهر مرتبطة بالقمر لكن المرتبط بالشمس ثابت لا يتغير والمرتبط بالقمر يتغير يحسب بحسب
الشيخ عبد الرحمن الشهري: منازل القمر.
الشيخ مساعد الطيار: منازل القمر فالشهر القمري
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يزيد وينقص.
الشيخ مساعد الطيار: يتغير والشهر الشمسي ثابت فالقمري يتغير ويدور، ويدور حتى يمر على جميع الأشهر الشمسية ويعود ديسمبر يكون حرّ وإلا برد؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله ما أدري.
الشيخ مساعد الطيار: أول شهر في
الشيخ محمد الخضيري: يناير.
الشيخ مساعد الطيار: أول شهر المعذرة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالميلادي يعني؟
الشيخ مساعد الطيار: أول شهر ما هو؟
الشيخ محمد الخضيري: يناير بارد.
الشيخ مساعد الطيار: يناير دائماً بارد فيمكن أن يوافق يناير رمضان أو يوافق ذي الحجة أو يوافق ربيع لأن الشهر القمري يدور يعني بين الشمسية والقمرية إحدى عشر يوماً فيدور، يدور، يدور أنت لو رجعت الآن إلى دخول رمضان العام الماضي ودخول رمضان في هذه السنة ستجد بينهم عشرة أيام وكسر أو إحدى عشر يوماً ومع ذلك بكل سنة يزيد إحدى عشر يوماً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يزيد إحدى عشر يوماً.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم العام الماضي كنا دخل رمضان دخل من أغسطس قرابة منتصفه أو قريب منه المرة هذه سيدخل قرابة عشرين يوم أو يزيد يكون في أغسطس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تصدق هذه الفكرة حلوة تفتح النقاش لموضوع ولادة مريم.
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً، طبعاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولدت مريم في وقت حرّ.
الشيخ مساعد الطيار: وقت حار نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه قال (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) [مريم:25] معناها أنها مثمرة.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا قد قيل نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قد قيل لكن الفكرة التي ذكرت الآن قضية انتقال الأوقات يعني.
الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يمكن ولادتها الصحيحة التي يذكرونها الآن يعني التاريخ هو نفس التاريخ لكن لأن الفصول تمر على هذا.
الشيخ مساعد الطيار: لكن عموماً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وعلى عموماً نتناقش فيها لاحقاً على انفراد.
الشيخ مساعد الطيار: طيب لا بأس.
الشيخ محمد الخضيري: لكن فيه قضية يُتذاكى بها أو يسأل عنها بما أن رمضان مرة يأتي في الحر ومرة يأتي في البرد ومرة يأتي في الخريف ومرة يأتي في الربيع.
الشيخ مساعد الطيار: رمضان.
الشيخ محمد الخضيري: رمضان أليس كذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيوه.
الشيخ محمد الخضيري: إذا جاء رمضان والحج ماذا يفعل الناس هل يحجوا وإلا يصوموا؟ قال بعضهم نصفهم يصومون ونصفهم يحجون.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا السؤال طرح على أبي حنيفة عندما سأله رجل وكان رجلاً مهيباً فقال سأله عن الجمعة أظن أو رمضان.
الشيخ محمد الخضيري: جاء إليه وقد مدّ رجله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو العكس.
الشيخ محمد الخضيري: أبو حنيفة جاء هذا الرجل مهيباً وقد مدّ أبو حنيفة رجله بين طلابه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: إيه.
الشيخ محمد الخضيري: فكفّ رجله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياءً.
الشيخ محمد الخضيري: حياءً وإجلالاً فقال يا أبا حنيفة أرأيت إن وافق رمضان الحج ماذا يفعل الناس أيصومون أم يحجون؟ فقال قد آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجليه.
الشيخ مساعد الطيار: فذهبت مَثَلاً.
الشيخ محمد الخضيري: فذهبت مثلاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني فهم إن الرجل ضعيف في العلم مرة.
الشيخ محمد الخضيري: لا يمكن أن يجتمع هذا وهذا! الغريب إنك إذا ألبست على الناس هذا الأمر رمضان يأتي في الحر أنه يدور، إذا جاء في الحج؟ يقول إيه والله صحيح ماذا يفعل الناس؟! وهما لا يجتمعان!. قال (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ).
الشيخ مساعد الطيار: يعني ولا تستحلوا الشهر الحرام.
الشيخ محمد الخضيري: لا تستحلوا الشهر الحرام، (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ) ما هو الهدي؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الهدي هو ما يُهدى إلى الكعبة من بهيمة الأنعام إما جمل أو ناقة أو غير ذلك وهذا كان معروفاً عند العرب وهم أنهم يهدون الهدي إلى الكعبة ويُشعِرون هذا الهدي أليس كذلك؟
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يضعون عليه علامة.
الشيخ مساعد الطيار: علامة تدل على أنه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: علامة تدل على أنه هدي للكعبة فلا يُمسّ ولا يُقرب ولا يُعتدى عليه فالله سبحانه وتعالى ينهى في هذه الآية يحرم المساس بهذا الهدي يعني لا تمسوه بسوء، لا تقتلوه، لا تعترضوا طريقه، دعوه، لأن هذا قد أُهدي إلى البيت هذا هو المقصود بالهدي.
الشيخ محمد الخضيري: ويمكن يدخل في معناها أيضاً أبا عبد الله لا تتركوا الهدي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني فلا تُهدوا.
الشيخ محمد الخضيري: كان من السنن القائمة التي ورثها الناس من ملة إبراهيم الإهداء للبيت فكان الناس يأتون بالهدي إلى البيت حتى من لم يحج ومن لم يعتمر يهدي إلى البيت الإبل وغيرها ويبعثها وهي إما مشعرة والإشعار هو أن
الشيخ عبد الرحمن الشهري: جرح بالسنام أو شيء كهذا.
الشيخ محمد الخضيري: تجرح في جلدها ويسيل الدم عليها ويبقى هذا الدم ليعلم من يراها أنها قد جعلت لله عز وجل وأهديت للبيت أو تقلد كالغنم فالغنم كانوا يقلّدونها النِعال والجلود وغير ذلك من أجل من رآها عرف أنها مهداة للبيت فلا يمسها بسوء ولا ينال منها شيئاً.
الشيخ مساعد الطيار: لكن إذا قلنا مقلّدة يكون خلاف (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَلَا الْقَلَائِدَ) هذه التي جاءت بعدها.
الشيخ مساعد الطيار: إذا قلنا إن المقلدة هي الهدي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني على كل حال هنا هي الهدي ما ذكرنا والقلائد هي المقلّدة منها.
الشيخ مساعد الطيار: يعني تكون اسم عام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مقلدة عند إهدائها للبيت.
الشيخ مساعد الطيار: لأن ابن عباس يقول الهدي ما لم يقلّد وقد جعل على نفسه أن يهديه ويقلّده. لكن أيّاً ما كان طبعاً والحقيقة وأبو عبد الله يتكلم عن موضوع الهدي ذكرت دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام لهذا البيت (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) [البقرة:126].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من الرزق.
الشيخ مساعد الطيار: والحقيقة أن هذا من الرزق يعني هل يُعرف مكان في العالم يُصنع له مثل هذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه كل قبور الأولياء بكل مكان تذبح عندها الذبائح! وهذا طبعاً من المحرّمات بل يمكن للأسف الآن يعني الآن وأنتم تتحدثون عن الهدي أحاول أني أتذكر هل الناس اليوم يقومون بهذا؟ هل ما زال الحرص على الهدي وإهداء هذه الأنعام ما زال موجوداً عند الناس؟! اليوم الحقيقة صار فيه تفريط شديد جداً وقليل لكن اذهب الآن إلى قبور الأولياء المزعومة في البلاد المنتشرة تجد أن الذبائح تذبح عند قبور الأولياء أكثر من الذبائح التي تذبح الآن وتهدى لبيت الله الحرام وهذا من الاختلال ومن الانحراف عن المنهج! فنعود ونقول إن الهدي هنا والقلائد يعني تكاد تكون واحدة لكن القلائد هي المقلّدة من الهدي والهدي هو مطلق الهدي.
الشيخ مساعد الطيار: يعني كأنه أوصاف أو وصف خاص في نوع من الهدي أن يكون مقلّداً فيُعلَم بما فيه من القلائد أنه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هدي إلى البيت الحرام.
الشيخ مساعد الطيار: هدي وقد لا يكون عليه شيء أو مثل ما ذكرت أنه يوضع فيكون أيضاً من الهدي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويظهر أنها كانت مشهورة عند العرب حتى في الجاهلية.
الشيخ مساعد الطيار: هو هذا الظاهر.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنهم كانوا يعظّمون كل ما يهدى إلى البيت الحرام فلا يعتدون عليه ولا يقربونه.
الشيخ مساعد الطيار: لكن ماذا يُفعل فيه؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يذبح عند الحرم ويأكله فقراء الحرم أليس كذلك؟
الشيخ محمد الخضيري: ابن الجوزي رحمه الله في “زاد المسير” يقول وفي القلائد قولان: أحدهما أنها المقلّدات من الهدي رواه العوفي عن ابن عباس، والثاني أنها ما كان المشركون يقلّدون به إبلهم وأنفسهم في الجاهلية، كان المشركون أيضاً يضعون قلادة على أنفسهم إذا خرجوا في غير الأشهر الحرم فيؤمّنون به أنفسهم وكان أهل مكة يقلّدون أنفسهم من شجر مكة فيأمنون به لا يعتدي أحد عليهم.
الشيخ مساعد الطيار: لكي يعلم أنه من أهل مكة.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم قال ليأمنوا به عدوهم لأن الحرب كانت قائمة بين العرب إلا في الأشهر الحرم فمن لقوه مقلداً نفسه أو بعيره أو مشعراً بُدُنه أو ساقاً هدياً لم يُتعرض له قال ابن عباس كان من أراد أن يسافر في غير الأشهر الحرم قلّد بعيره من الشعر والوبر فيأمن حيث ذهب. وروى مالك بن مغول عن عطاء قال: كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم فيأمنون به إذا خرجوا من الحرم فنزلت هذه الآية وقال قتادة: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلّد من السمُر فلم يعرض له أحد وإذا رجع تقلد قلادة شعر فلم يعرض له أحد. وقال الفراء: كان أهل مكة يقلّدون بلحاء الشجر وسائر العرب يقلّدون بالوبر والشعر.
الشيخ مساعد الطيار: هذا يدخل في باب عادات العرب.
الشيخ محمد الخضيري: وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال: الأول لا تستحلوا المقلدات من الهدي.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا أوضحها.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم. الثاني لا تستحلوا أصحاب القلائد. والثالث أن هذا نهي للمؤمنين أن ينزعوا شيئاً من شجر الحرم فيتقلدوه يعني (وَلَا الْقَلَائِدَ) يعني لا تنزعوا شيئاً من شجر الحرم فتتقلدوه لأن شجر الحرم قد نهينا عنه
الشيخ مساعد الطيار: وهذا فيه بُعد
الشيخ محمد الخضيري: قال فيتقلدوه كما كان المشركون يفعلون في جاهليتهم رواه عبد الملك عن عطاء وبه قال مطرِّف والربيع بن أنس.
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً هذه الآية ارتبطت الحقيقة بموضوع عادات العرب لاحظ الآن القلائد صار فيها أكثر من معنى قد لا تكون مشهورة أو معروفة وهذا يجعلنا نؤكد على مسألة معرفة تاريخ هؤلاء العرب وعاداتهم ومصطلحاتهم هذا داخل في المصطلحات والأعراف التي عندهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى في قوله (وَلَا الْهَدْيَ) الهدي المعرّف بالألف واللام دليل على أنه
الشيخ مساعد الطيار: شيء معروف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: معروف ولعله الألف واللام للعهد، الهدي المعروف لأنهم يعرفونه ومن عاداتهم ويعرفونه إذا رأى كل واحد من أهل العرب من الجزيرة رأى جملاً مشعراً فيه علامة أن هذا مهدى إلى
الشيخ محمد الخضيري: بيت الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بيت الله الحرام فلا يتعرض له بسوء.
الشيخ محمد الخضيري: والنبي صلى الله عليه وسلم من تعظيمه لهذه الشعيرة لما ذهب إلى الحج ذهب ومعه بضع وستون من الإبل ثم جاءه عليّ بجماعة أخرى فبلغنا مئة من الإبل فأهداها جميعاً للبيت وهذا من تعظيمه لشعائر الله ومن تعظيمه للبيت ومن تعظيمه للهدي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ونحر بيده منها
الشيخ محمد الخضيري: ثلاثة وستين على عدد سني عمره عليه الصلاة والسلام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأطعمها الفقراء.
الشيخ محمد الخضيري: تركها للناس يأخذون منها ما شاءوا وأما هو فاستجابة لقول الله عز وجل (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨)) [الحج] أمر عليه الصلاة والسلام أن يؤخذ من كل بعير قطعة فوضعت في قدر فشرب من مرقها فكأنه
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أكل منها.
الشيخ محمد الخضيري: أكل منها جميعاً وهذا من فقهه عليه الصلاة والسلام في الاستجابة لأمر ربه لأنه لو أخذ من كل واحد قطعة صغيرة
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (فَكُلُوا مِنْهَا).
الشيخ محمد الخضيري: لا يمكن يأكلها من مئة، مئة من الإبل لا يمكن!
الشيخ عبد الرحمن الشهري: مئة لقمة.
الشيخ محمد الخضيري: مئة لقمة صعبة هذه! قال (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) ما معنى (آمِّينَ) يا أبا عبد الله؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (آمِّينَ) يعني قاصدين الآمّ هو القاصد مأخوذة من أمّه إذا قصده فمعنى قوله سبحانه وتعالى (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) يعني لا تحلّوا قاصديه يعني كل من يقصد البيت الحرام متجهاً إليه فإياكم أن تعترضوا طريقه أو تعترضوا له بسوء يعني الآن قال (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ) لا تعترضوا الهدي سواء كان مقلداً أو غير مقلّد ولا تعترضوا أيضاً الذين يقصدون بيت الله الحرام بالزيارة أو بالحج فتؤذوهم أو تعترضوا طريقهم ولا تستحلّوا دمائهم ولا أموالهم فإن هذا محرّم فهذا هو المقصود بقوله (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ).
الشيخ محمد الخضيري: (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) ما معنى (فَضْلًا)؟
الشيخ مساعد الطيار: الفضل هو التجارة والرضوان الذي هو طلب رضا الله سبحانه وتعالى يعني كأنه أشار إلى نوعي المقاصد التي يقصدها الناس إلى البيت ولهذا قال (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج:28] فمن المنافع المنافع الدنيوية التي هي البيع والتجارة والتعارف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهي تشمل كل من يقصد بيت الله الحرام.
الشيخ مساعد الطيار: نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لغرض مباح.
الشيخ مساعد الطيار: لكنه ذكر أغلب ما يمكن أن يُقصد إما أن يُقصد لأجل العبادة وإما يُقصد لأجل التجارة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكن قد يقول قائل هل يجوز أن تعترض من يقصد بيت الله الحرام بسوء؟
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً هذا يختلف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فلعل هذا هو السبب الذي جعله يقول (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا) حتى يخرج من يبتغي الشر بالبيت الحرام أنه ينبغي عليك أن تعترضه وأن يُمنع من بلوغ البيت الحرام لهدمه.
الشيخ محمد الخضيري: الفضل في القرآن يأتي كثيراً بمعنى التجارة وبمعنى الأجر الدنيوي كما في قول الله عز وجل (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ) [البقرة:198]، (فَضْلًا) بمعنى تجارة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: رزقاً وتجارة.
الشيخ محمد الخضيري: رزقاً وتجارة لأن بعض الناس تحرّج لما جاء الإسلام أن يذهبوا إلى مكة ويحضروا الحج وفي نيتهم البيع والشراء قالوا نذهب مخلصين لله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: للعبادة.
الشيخ محمد الخضيري: للعبادة، فبيّن الله عز وجل أن لا حرج عليهم إذا خرجوا قاصدي بيت الله طالبين أداء النسك أن يبتغوا معه شيئاً من التجارة فإن هذا لا حرج فيه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى لأنه يعرف من غريزة الإنسان أنه يحب الخير ويحب الربح فبالرغم من هذا المشوار إن صح التعبير للحرم للحج هو علامة من علامات التوحيد
الشيخ محمد الخضيري: لا شك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أليس كذلك؟
الشيخ مساعد الطيار: بلى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والإخلاص والقصد لأن الحج هو معناه القصد وبالرغم من ذلك لم يحرم عليك أنك تتاجر وأن تبتغي فضلاً من الله سبحانه وتعالى في هذا الموسم فدل هذا على أن من رحمة الله التوسيع على المسلمين يعني هم يأتون ويجتمع الناس من كل مكان وهذا أنسب شيء للتاجر أنه يأتي هؤلاء الزبائن من كل أنحاء العالم فهذا أنسب مكان للتاجر أن يتاجر.
الشيخ مساعد الطيار: ولهذا لا يزال أهل مكة يستبشرون بالحج.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فأراد الله أن لا يحرم من يرغب في التجارة من هذا الموسم فعلاً ولكن ليكون على هامش -إن صح التعبير- على هامش المناسك.
الشيخ محمد الخضيري: أنا أقول بهذه المناسبة أبا عبد الملك وإن كان هذا خارج عن موضوعنا في التفسير الحقيقة مكة بما أنها في أرض غير ذات زرع ولا أنهار جعل الله رزقها ورزق أهلها في هذا البيت وأن يفِد الناس إليهم من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وتدور التجارة في هذه البقعة أن هذا رزق باقي وسيبقى إلى يوم القيامة حتى
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عبادةً تقرّباً.
الشيخ محمد الخضيري: يأتي الناس، فأقول ما الذي يمنعنا أن نعيد هذا اللون من التجارة ولكن بأصول التجارة المعاصرة يعني ندعو الناس إلى أن يحضروا ولذلك أنا الحقيقة أنكر أنه يُحَدّ عدد الحجاج وأقول إن هذا مخالف لما كان عليه الواقع في هذا البيت الحرام ما الذي يمنع أن يحج عشرة ملايين ليحج عشرة وعشرين مليون ما هناك شيء يمنع من ذلك نحن المفروض أن نهيئ الأوضاع لكي يستوعب الحرم، يستوعب المشاعر، يستوعب هذا البيت الأعداد الكبيرة من أجل أن يكون رزقاً لأهل هذه البلاد عامة ولأهل الحرم خاصة لكن هل الله منعنا من أن نوسّع؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا.
الشيخ محمد الخضيري: أو قال مثلاً ابنوا هذه المنطقة المحيطة بمثلاً بمكة كاملة واعمروها، وضعوا فيها القطارات، وضعوا فيها وسائل الراحة والدخول والخروج، كبروا هذا المسجد الحرام حتى يستوعب العشرات من الألوف أو الملايين، ما هناك شيء يمنع من هذا فنحن الحقيقة ندعو إلى أن يعود هذا الخير لهذا البيت وكون البترول الآن موجوداً أو الرزق من الأرض باطن الأرض موجوداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه فرصة للعمل.
الشيخ محمد الخضيري: لكن هذه فرصة عظيمة جداً للناس جميعاً لكي يسترزقوا من وراء هذا البيت. لعلنا نختم بهذا الاقتراح ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك الجهود إلى لقاء مشاهدي الكرام نلقاكم على خير سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.