الأجزاء التي سبقت من القرآن الكريم من الجزء الأول إلى جزء 21 شملت المنهج الكامل للمسلم الذي هو مستخلف في الأرض وكان لكل سورة هدف واضح محدد يوضّح لنا عنصراً من عناصر هذا المنهج. أما الأجزاء القادمة في القرآن من 22 إلى 30 فكل مجموعة من السور تشترك في هدف محدد مجتمعة وتتطرق كل سورة من السور إلى جانب من هذا الهدف كما سنلاحظ في السور القادمة. ونبدأ بالجزئين 22 و23 من سورة الأحزاب إلى سورة ص والواضح أنها مجتمعة تهدف إلى الدعوة إلى الاستسلام إلى الله تعالى واسم ديننا الإسلام وهو التسليم الكامل لله رب العالمين خالقنا والخضوع التام للخالق عزّ وجلّ. وكل سورة في هذين الجزئين تركّز على جانب من جوانب الاستسلام لله تعالى: ونستعرض سريعاً هذه الأهداف كما هو مبين ثم نفصّل كل سورة على حدة:
السورة
الهدف
سورة الأحزاب
الاستسلام لله في المواقف الحرجة
سورة سبأ
الاستسلام لله سبيل بقاء الحضارات
سورة فاطر
الاستسلام لله هو سبيل العزة
سورة يس
الاستسلام لله بالإصرار على الدعوة
سورة الصّافّات
الاستسلام لله وإن لم تفهم الأمر
سورة ص
الاستسلام لله بالعودة للحق بلا عناد
وكأن الله تعالى يريدنا أن نعلم بعد أن استقرّ المنهج ومعنى الإيمان الذي أوضحه في سور القرآن في الأجزاء 1 – 21 يجب أن تكون خاضعين مستسلمين لله تعالى الذي شرّع هذا المنهج وارتضى هذا الدين لنا. ولنعلم أن عزّتنا هي في استسلامنا لله تعالى والخضوع التام له وفي هذا يتحقق معنى العبودية التامة لله كيف؟ الإيمان بالله قد يكون على هيئتين فقد يؤمن أحدنا بالله تعالى لكن بعد أن يعلم الحكمة من كل أوامر الله ويطمئن لها عقله وقلبه فيؤمن ومنها أن يؤمن بالله لما يرى من إبداع خلق الكون والمخلوقات من حوله، ولكن الإيمان الحقّ أن تؤمن وأنت لا تفهم مراد الله تعالى في أوامره ونواهيه وهذا الإيمان المطلق بالله أنا أؤمن بالله سواء عرفت الحكمة من الامتثال لأوامره أم لم أعرف لأني على يقين أن هذا هو الحق والإيمان هو التصديق التام والخضوع التام لله فيما أمر وفيما نهى عنه. وإلا فكيف أكون مؤمناً إذا طالبت في كل مرة أن أعرف المقصود من أمر الله وأفهم الحكمة من وراء ذلك؟ واستسلامي لله هو الذي يعطيني العزّة في الدنيا وهو الذي يعطيني اليقين بأني لو أخطأت لا أستكبر عن العودة للحق.
ننتقل للحديث عن سورة الأحزاب، وهي سورة مدنية تحدثت عن غزوة الأحزاب (أو غزوة الخندق) (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) آية 22 و23 وصورتها تصويراً دقيقاً بتآلب قوى الشرّ على المؤمنين وقد أحاط المشركون بالمسلمين من كل جانب (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) آية 10 و11 وكان موقف المسلمين حرج للغاية ولكن هذا هو الابتلاء من الله تعالى ولتأكيد معنى أنه لمّا استسلم المؤمنون لله تعالى في هذا الموقف رد تعالى كيد أعدائهم بإرسال الملائكة والريح. وتحدثت السورة عن عدة مواقف صعبة مرّت على الرسول r وعلى المسلمين في تلك الفترة منها إلغاء التبني (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) آية 5، وتطليق زيد بن حارثة لزينب بنت جحش ثم يتزوجها الرسول r ثم موقف الحجاب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) آية 59، نقض اليهود عهدهم مع الرسول r .
ومحور هذه السورة هي الآية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) آية 36. تؤكد على معنى الاستسلام لله تعالى والامتثال لأوامره وأوامر رسوله بدون معرفة الحكمة من وراء ذلك فهو الله وطاعته لازمة واجبة و نتجرأ بأن نطيعه في أمور ونقول له لن أطيع في هذا الأمر إلا بعد أن أعرف الحكمة من ورائه، تخيّل هذا المعنى من رفض الاستسلام لله وإطاعته! إن كان البشر لا يتجرؤون أن يعصوا ولي الأمر أو رئيسهم في العمل وإنما ينفذون الأوامر بلا تردد فكيف بنا بأوامر خالق الخلق؟!
وتأتي ختام السورة (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) آية 72 عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فرفضت حملها لأنها أرادت أن تبقى مستسلمة لله بدون أن تكون مخيّرة وخافوا من حمل الأمانة أم الإنسان فحملها لأنه كان جاهلاً ثقلها والعواقب الوخيمة التي تقع على من يفرّط بها.
سميّت السورة بـ (الأحزاب) لأن غزوة الأحزاب هي رمز لأصعب موقف مرّ به الصحابة (هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) آية 11 بعد أن تحزّب عليهم المشركين من كل جهة ولكن الله ردّهم وكفى المؤمنين المستسلمين له الخاضعين له القتال.
مطلعها (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) وآخرها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)) الخطاب في الأول للنبي والخطاب عام في الختام، الموضوع التقوى وكأنه أمر النبي أولاً بالتقوى ثم عمم الخطاب لكل المؤمنين. في الأول قال (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) وفي آخرها (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) كأنه لا تطع الكافرين وأطع الله ورسوله. في الأول (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) وفي الآخر (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)) لا تطعهم لأن الله سيعذبهم في الآخرة، هذا تناسب طيب.
سؤال: نلاحظ في بعض السور أنه يجمل في بدايتها ويفصل في نهايتها هل هذا تفصيل بعد إجمال؟ هذا كأنه تفصيل لما ذكره وأجمله في البداية.
قال تعالى في خاتمة السجدة: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)) وقال في الأحزاب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) لا تطع الكافرين فأعرض عنهم. في أواخر السجدة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)) (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) الأحزاب) حتى لا تكون في دائرة الذي ذُكِّروا فأعرضوا، لا تنسى ولا تُعرِض بل اتّبع.
السورتان الثالثة والثلاثون والرابعة والثلاثون وهما الأحزاب وسبأ. قال سبحانه في أواخر الأحزاب (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63)) وفي سبأ قال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)) الكلام عن الساعة. ذكر في أواخر الأحزاب عقوبة الكافرين وذكر المؤمنين قال (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65)) إلى أن قال (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)) وذكر المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) ذكر عقوبة الكافرين وما أعد للمؤمنين من فوز، وقال في بداية سبأ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4))، (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) (أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)). ذكر الكافرين (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)) (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) هذا في العذاب، (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)) وفي سبأ (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)) الجزاء في الأجر وفي العقاب وفي إنكار الساعة وفي الإيمان بها.
لفظ النبي في سورة الأحزاب
إعداد موقع إسلاميات
ورد لفظ النبي في القرآن مخصوصاً بنبينا 33 مرة وفي الأحزاب وحدها 15 مرة وأولها (يا أيها النبي) فكأنها هي سورة مختصة بالنبي ورقم سورة الأحزاب 33 فتأمل الموافقات!
د. أحمد نوفل
————————
ذكر الشيخ الشعراوي في خواطره في مقدمة سورة الأحزاب ما يلي:
قوله تعالى: { ياأيها النبي..} [ الأحزاب: 1] نداء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والمنادي هو الحق سبحانه، رسول الله لقبه، واسمه محمد، واسمه أحمد كما ذُكر في القرآن، والإنسان حين يُولَد يُوضع له اسم يدل على مُسمَّاه، بحيث إذا أطلقه الواضع انصرف إلى المسمى، والقوم الذين سُمُّوا لهم محيط يُعرفون فيه، وغيرهم بنفس الأسماء لهم محيط آخر، فمحمد هذا المحيط غير محمد هذا المحيط.
وتعريف الإنسان يكون بالاسم أو بالكُنْية أو باللقب، فالاسم هو العلم الذي يُوضع لمسمّى ليُعلَم به ويُنادَى به، ويُميّز عن غيره، أما الكنية فاسم صُدِّر بأب أو أم كما نقول: أبو بكر، وأم المؤمنين، فإنْ سُمِّي بد بدايةً وجُعِل عَلَماً على شخص فهو اسم، وليس كنية، أما اللقب فما أشعر برفعة أو ضِعةً كما تقول: فلان الشاعر أو الشاطر..إلخ.
فإذا أُطِلق الاسم الواحد على عدة مسميات، بحيث لا تتميز بعضها عن بعض وجب أنْ تُوصَف بما يميزها كأسرة مثلاً عشقتْ اسم محمد فسمَّتْ كل أولادها (محمد) فلا بُدَّ أن نقول: محمد الكبير، محمد الصغير، محمد الأوسط..الخ.
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ له اسم وكُنْية ولقب، أما اسمه فمحمد وقد ورد في القرآن الكريم أربع مرات: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل …} [ آل عمران: 144].
{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولكن رَّسُولَ الله …} [ الأحزاب: 40].
{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ …} [ الفتح: 29].
{ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ …} [ محمد: 2] وورد باسم أحمد في موضع واحد هو: { وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ …} [ الصف: 6] وسبق أنْ تكلَّمنا في علة هذه التسمية.
أما كنيته: فأبو القاسم، ولقبه: رسول الله.
وهكذا استوفى سيدنا رسول الله العَلَمية في أوضاعها الثلاثة: الاسم، والكُنْية، واللقب.
واللقب يضعه أيضاً الأب أو الأم أو الناس المحيطون بالإنسان، إما يدل على الرفعة تفاؤلاً بأنه سيكون له شأن، أو يدل على الضِّعَة، وهذه في الغالب تحدث في الأولاد الذين يُخاف عليهم العين، فيختارون لهم لقباً يدل على الحِطّة والضِّعة وما أشبهه (بالفاسوخة) يُعلِّقونها على الصغار مخافة العين.
أما لقب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد اختاره له ربه عَزَّ وَجَلَّ، وطبيعي أنْ يأتي لقبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُشْعِراً برفعة أيما رفعة، فهي ليست عند الخلق فحسب، إنما رفعةَ عند الخالق، فلما وَلِد رسول الله أسماه جده بأحب الأسماء عنده، وقال: سمَّيْته محمداً ليُحمد في الأرض وفي السماء.
ولما وُلِد القاسم كُنِّى به رسول الله فقيل: أبو القاسم، فلما اختاره الله للرسالة وللسفارة بينه تعالى وبين الخَلْق لقّبه برسول الله وبالنبي، وهذان اللقبان على قدر عظيم من الرفعة لو جاءت من البشر، فما بالك وهي من عند الله، فأنت حين تضع المقاييس تضعها على قَدْر معرفتك وإمكاناتك.
فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رسول الله ونبي الله بمقاييس الله، فهو إذن مُشرّف عندكم، مُشرَّف عند مَنْ أرسله و { الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ …} [ الأنعام: 124]فأحبُّ شيء في الإعلام برسول الله أن نقول: محمد، أو أبو القاسم، أو رسول الله، أو النبي، والحق سبحانه حين نادى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يُنَاده باسمه أبداً، فلم يقُلْ يا محمد، إنما بلقبه الذي يُشعر برفعته عند الحق سبحانه، فقال في ندائه: { ياأيها النبي …} [ الأنفال: 65] ، { ياأيها الرسول …} [ المائدة: 41] ولو تتبعت نداء الله للرسل من لَدُنْ آدم عليه السلام لا تجد رسولاً نُودِي بغير اسمه إلا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
أما لفظ (محمد) فقد ورد في القرآن، لكن في غير النداء، ورد على سبيل الإخبار بأن محمداً رسول الله.
وحتى في الإخبار عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أخبر الله عنه بلقبه: { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ …} [ التوبة: 128] وقال: { وَقَالَ الرسول يارب إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن مَهْجُوراً} [ الفرقان: 30] إذن: في النداء استقل بيا أيها النبي، ويا أيها الرسول، أما في الإخبار فلا بُدَّ أنْ يذكر اسمه (محمد رسول الله) ، وإلا فكيف يعرف أنه رسول الله؟ فيخبر به أولاً اسماً ومُسمّى.
ونُودِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بياأيها النبي، وياأيها الرسول تعظيماً له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ونحن حين نريد أنْ نُعظِّم مَنْ ننادي نسبق الاسم بمقدمات، نقول: يا سيدي فلان، يا فضيلة الشيخ، يا صاحب العزة..الخ.
وقد تقدمتْ (أَيُّهَا) على المنادي هنا؛ لأن الاسم المنادى المحلَّى بأل لا يُنادى مباشرة إلا في لفظ الجلالة (الله) فنقول: يا الله، فكأن الحق سبحانه توحَّد حتى في النداء، هذا في نداء المفرد.
والحق سبحانه نادى رسوله بياأيها النبي، وياأيها الرسول، الرسول هو سفير بين الله وبين خَلْقه؛ ليُبلغهم منهجه الذي يريد أنْ تسير عليه حياتهم فالرسول مُبلِّغ، أما النبي فمُرْسَل أيضاً من قِبلَ الحق سبحانه، لكن ليس معه شرع جديد، إنما يسير على شرع مَنْ سبقه من الرسل، أما فهو فقدوة وأُسْوة سلوكية لقومه.
ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جمع الأمرين معاً، فهو نبي ورسول له خصوصيات أُمِر بها، ولم يُؤْمَر بتبليغها – وهذه مسائل خاصة بالنبوة – وله أمور أخرى أُمِر بها، وأُمِر بتبليغها.
ومعلوم من أقوال العلماء أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول بالمعنى الاصطلاحي، وإلا فَهُم جميعاً مُرْسَلون من قِبَل الله.
وكلمة (النبي) مأخوذة من النبأ وهو الخبر الهام، فالخبر يكون من البشر للبشر، فإنْ كان من خالق البشر فهو نبأ أي: أمر عظيم ينبغي الاهتمام به، وأصله من النَّبوَة، وهي الشيء العالي المستدير في وسط شيء مسْتَوٍ.
———————-
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا ورسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ووفقنا لتوقيره واتباع سنته وتوقير زوجاته وآل بيته وأصحابه وكل من اتبع هداه وسار على منهجه إلى يوم الدين واجعلنا ممن يقتدون به وبأخلاقه وبعبادته واحشرنا في زمرته وأوردنا حوضه واسقنا منه شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها وأحلّ لنا شفاعته يا رب العالمين.
نداء (يا أيها النبي) في القرآن الكريم عامة وفي سورة الأحزاب خاصة وتناسبه مع مقصد السورة
إعداد صفحة إسلاميات
ورد النداء بـ(يا أيها النبي) في القرآن الكريم 14 مرة وفي سورة الأحزاب وحدها خمس مرات وقد افتتحت السورة به ولا شك أن هذه السورة لها علاقة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين وفيها خطاب له مباشرة وخطاب من بعد لأتباعه المؤمنين.
ومما ذكر د. محمد الربيعة في برنامج التفسير المباشر عن مقصد السورة:
المقصد الأساسي لسورة الأحزاب:
لا شك أن لكل سورة مقصد يظهر والله تعالى أعلم بالتأمل والبحث في جزئيات السورة ومقاطعها وقصصها هذه السورة لها مقصد شريف وعظيم حريٌ بنا أن نتأمله وأن نستشعره ونحن نقرأ هذه السورة وهو إظهار مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته وحقوقه وخصوصه وحماية جنابه عليه الصلاة والسلام من أذية الناس وأذية المنافقين. هذا المقصد الأظهر الذي هو سمة السورة ولكن قد يدخل ضمن هذا المقصد مقاصد أخرى.
لو استطلعنا السورة لوجدنا أن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فيها كثيرة:
• أولاً نداءات السورة للنبي (يا أيها النبي) تكررت خمس مرات وافتتحت السورة بندائه.
• ثانياً قول الله عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) وهذا لم يرد في غيرها،
• ثالثاً وقوله عز وجل (وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)) فلم يرد في غير هذه السورة ذكر ختم النبوة بالنبي عليه الصلاة والسلام، وقوله (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ (7)) فخصّه هنا وقدّمه على الأنبياء الذين هم أولو العزم وما تقديمه على أولي العزم إلا دليل على فضله وخصوصيته. وأيضاً قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (21)) فكونه أمر المؤمنين بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لهم أسوة هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام وفضائله والعناية به.
• أيضًا تطهير آل بيته (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)،
• أيضاً العناية بأزواجه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا (28)) فالعناية بأزواجه ورفع شأنهن وتطهيرهن من العناية به عليه الصلاة والسلام
• وأيضاً ذكر ما أحلّ الله له من الأزواج (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ (50)) وهذا من خصائصه عليه السلام وفضائله وعناية الله تعالى به.
• وأيضاً قصة تزويجه بزينب حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب بذلك وبشره جبريل بذلك وتأتي القصة فيما سيأتي من حديث.
• أيضاً ذكر أسمائه الستة ذكر في هذه السورة أسماء ستة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46)) فهذه الأسماء هي في إظهار شأنه عليه الصلاة والسلام وفضائله بهذه الأسماء، هي صفات له وهي من أسمائه.
• وأيضاً قوله في آخر السورة الإخبار أن الله وملائكته يصلون عليه وأيّ شرف وأيّ مكانة أعظم من هذه المكانة أن الله يذكره والملائكة ثم يأمر المؤمنين بالصلاة عليه!.
• ثم أيضاً في آخر الحديث تأمل أنه ورد في هذه السورة خمس مواضع ورد فيها الإشارة إلى حماية جنابه من أذية الناس والمنافقين. تأمل قوله عز وجل في أول السورة (وَدَعْ أَذَاهُمْ) وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (57)) (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (58)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا (69)) كلها في حماية جناب النبي صلى الله عليه وسلم مما يؤكد لك أن هذه السورة تركز على هذا المقصد.
لكن قد يأتي سؤال أيننا من حديث الله عز وجل عن المؤمنين؟
• لقد ورد نداء المؤمنين في هذه السورة ست مرات (يا أيها الذين آمنوا) أن الله عز وجل حينما عنى بتكميل نبيه عليه الصلاة والسلام والعناية به وتشريفه وبيان خصائصه توجه إلى المؤمنين لرفع شأنهم وتوجيههم إلى الكمال البشري بذكر الصفات التي توصلهم إلى هذا الكمال ولذلك خُصّت نساء النبي صلى الله عليه وسلم هنا لأنهن أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام فأراد الله أن يرفع شأنهن ثم أراد الله تعالى بعد ذلك أن يرفع شأن المؤمنين بصفات الكمال.
• تأمل أن الله ذكر في صفات الكمال قول الله عز وجل (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ (35)) كلها صفات كمال تدعو إلى الكمال ولذلك من أراد حقيقة أن يكمل نفسه بالصفات فعليه بهذه الصفات.
• أيضاً أثنى على الصادقين في قوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)).
• أيضاً أن الله عز وجل أمرهم بصفات ترفعهم إليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (43)) فما أعظم هذه الصفات التي ترفع المؤمنين للكمال!.
• أيضاً في آخر السورة جاء ما يحقق الكمال للمؤمنين في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) أيّ كمال وأيّ فضل بعد هذا في تكميل المؤمنين خطاب الله لهم؟!.
• وأيضاً قول الله عز وجل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أن الله يريد أن يكملهم بالإتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم فانظر كيف جمعت هذه السورة بيان فضائل النبي وكماله وخصائصه وحقوقه ثم رفعت شأن المؤمنين بالاقتداء به والإتساء به التسليم والتصديق له، هذا المقصد الذي ممكن أن تدور عليه سورة الأحزاب
الآيات التي ورد فيها النداء بـ(يا أيها النبي) في القرآن الكريم بحسب ترتيبها في المصحف:
1. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٦٤ الأنفال﴾)
2. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ﴿٦٥ الأنفال﴾)
3. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَىٰ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ ﴿٧٠ الأنفال﴾)
4. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴿٧٣ التوبة﴾)
5. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴿١ الأحزاب﴾)
6. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ ﴿٢٨ الأحزاب﴾)
7. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٤٥ الأحزاب﴾)
8. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴿٥٠ الأحزاب﴾)
9. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴿٥٩ الأحزاب﴾)
10. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴿٢ الحجرات﴾)
11. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ﴿١٢ الممتحنة﴾)
12. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴿١ الطلاق﴾)
13. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ﴿١ التحريم﴾)
14. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴿٩ التحريم﴾)
🔸سورة الأحزاب: تطبيق عملي على صدق يقين المؤمنين بصدق وعد الله والثقة بتدبيره فكان للصادقين التأييد (وكفى الله المؤمنين القتال) وللمكذبين التدمير
وكان الله على كل شيء قديرا
📮 رسالة الجزء: أقم وجهك للدين حنيفا واصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون وثق بنصر الله واصبر وانتظر إنهم منتظرون..
هذا والله أعلم
#رمضان_١٤٤٢
#رمضان_١٤٤٢
#وقفات_تدبرية
#الجزء_٢٢
سورة الأحزاب، سورة سبأ، سورة فاطر وجزء من سورة يس
اشتمل الجزء على قسم من سورة الأحزاب وهي سورة مدنية هي كاللؤلؤة في وسط عقد من درر مكيّة قبلها ثمانية وبعدها 11 سورة مكية في ترتيب المصحف، فبرزت في موقعها وفي مقصدها ومواضيعها، كيف لا وهي سورة تكريم الرسول والرسالة وأتباعهما وكل ما يتعلق بهما. فالرسالة أمانة كلّف بها الرسول صلى الله عليه وسلم القائد المبلّغ عن ربه..
سورة الأحزاب تنويه بالرسالة وقائدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه في منتصف العهد المدني وتهيئة لما بعد التمكين للأمة حيث سيدخل في دين الله أفواجا من العرب والعجم ومختلف الشعوب ممن هم حديثو عهد بإيمان وقد ينساقون وراء شبهات يثيرها المغرضون أعداء الدين حول الرسول وأزواجه وأتباعه.
سورة تجلّى فيها الإعداد الرباني للرسول القائد وإعداد كل ما يتعلق به، وكأنها تعدّ الأمة من بيت قائدها وأهله ليكون الأسوة (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)
فأبطل الله تعالى حكم التبني من بيت النبوة وقصة زيد بن حارثة وأعدّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فلا حرج في رسالة العظيمة أن يكون الإعداد من بيت القائد الذي منه يبدأ العمل بالرسالة، هذا القائد الذي كان في أرض الجهاد بنفسه لا عبر جهاز تحكم بالأفراد، في الخندق ربط على بطنه حجرين من شدة الجوع وكان يحفر معهم الخندق وهو في الخمسين من عمره صلى الله عليه وسلم.
لكن عليكم توقيره (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي…)
واحترام مهمته (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)
وطاعته طاعة لله الذي أرسله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)
ومعرفة مغبّة إيذائه (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابا عظيما)
ومغبّة إيذاء المؤمنين والمؤمنات (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) فهؤلاء هم الذين آمنوا به رسولا من عند الله تعالى وبايعوه على السمع والطاعة لله ولرسوله وعلى الموت في سبيل الله، جاء وصفهم في السورة (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات…) ذكرت هذه الصفات مفصّلة للرجال والنساء على غير عادة القرآن بالتعبير بصيغة جمع المذكر حتى تعلمنا كيف يكون الأتباع للرسالة والرسول القائد ليكونوا على خطاه حاملين لراية الأمانة من بعده، رجالا حملوها بدمائهم وأموالهم وصدقهم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) ونساء حملوها بعفافهن وترفعهن عن حطام الدنيا وتقواهن وطاعتهن لله ورسوله وعمارة بيوتهن بتلاوة آيات الله والحكمة، الرجال والنساء سواء في مسؤولية حمل الأمانة ولهم صفات لم تذكر مجتمعة لهم إلا في هذه السورة في آية نكمم بها أفواه المتطاولين المتشدقين بالدفاع عن حقوق المرأة التي يتهمون الإسلام أنه أهملها!
(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) إن توقير الرسالة والرسول لا يكون إلا بمعرفة عظمة المرسِل جل جلاله فجاءت سورتي سبأ وفاطر تعرّفنا بالله عز وجل وتعيد من قد يحيد عن طريق الاتباع إلى جادة الصراط المستقيم
والسورتان من سور الحمد الخمس في القرآن والجزء 22 هو الوحيد الذين تفرّد بتتالي سورتين افتتحتا بالحمد ولهذا دلالة للمتدبرين.
الحلقة 127 – سورة الأحزاب
ضيف البرنامج في حلقته رقم (127) يوم الأربعاء 3 رمضان 1432هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور محمد الربيعة الأستاذ المساعد بجامعة القصيم .
وموضوع الحلقة هو :
– علوم سورة الأحزاب .
– الإجابة عن أسئلة المشاهدين .
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه وسلم تسلمياً كثيراً إلى يوم الدين. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحياكم الله في هذه الساعة القرآنية مع برنامجكم اليومي التفسير المباشر الذي يأتيكم على الهواء مباشرة من الرياض من استديوهات قناة دليل الفضائية. ضيفنا في هذا اللقاء قدم إلينا من القصيم جزاه الله خيراً وهو فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله الربيعة الأستاذ المساعد بكلية الشريعة والدراسات القرآنية في جامعة القصيم وعضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم فباسمكم جميعاً نرحب بالدكتور محمد. اليوم بإذن الله تعالى سوف نتحدث حول سورة الأحزاب.
سورة الأحزاب ارتبطت عند الناس بغزوة الخندق وما جرى فيها والكثير من الإخوة يسألون عن سبب هذه البداية الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى في أول السورة ولعلنا نبدأ بالحديث عن اسم السورة.
اسم السورة:
د. الربيعة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وبعد، سورة الأحزاب سورة مدنية وتسمى بسورة الأحزاب وسورة الخندق ولا أعلم لها اسماً آخر غير هذين الاسمين واشتهرت بسورة الأحزاب وإنما سميت بهذا لأنه ورد فيها قصة الأحزاب. وقصة غزوة الأحزاب التي هي من أشد ما مر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولذلك قال تعالى فيها (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)) فهي من أشد ما جاء فيها. وظهر فيها عناية الله سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم وإكرامه بأن الله عز وجل هزم جيوش المشركين من غير أن يكون ذلك بقتال من المسلمين بل إنما ذلك بريح منه سبحانه وتعالى وجنود منه ولذلك عظمت هذه القصة وأظهر شأنها وسميت السورة بها ليكون لها في نفوس المؤمنين عبرة ولهذا افتتحها الله تعالى بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (9)) فهي نعمة عظيمة على هذه الأمة، تصور لو أن المشركين قد هزموا المسلمين ودخلوا المدينة كيف سيكون الأمر؟! (لله الأمر من قبل ومن بعد) فلذلك سميت هذه السورة وجاء فيها من الفضائل والخير وخُصّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بخصائص عظيمة ومن هنا ندخل إلى مقصدها
د. الشهري: عندما ذكرت أنها نزلت في المدينة على ما أذكر أنها نزلت في السنة الخامسة للهجرة تقريباً
د. الربيعة: نعم نزلت في السنة الخامسة للهجرة في السنة التي حدثت فيها غزوة الخندق. وحدث في تلك السنة عدة أحداث منها قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب والتي اشتملت السورة على نصفها نصف السورة في أحداث هذا الزواج وما تبعه من أحداث ومجريات وأمور متعلقة به.
المقصد الأساسي لسورة الأحزاب:
د. الربيعة: لا شك أن لكل سورة مقصد يظهر والله تعالى أعلم بالتأمل والبحث في جزئيات السورة ومقاطعها وقصصها هذه السورة لها مقصد شريف وعظيم حريٌ بنا أن نتأمله وأن نستشعره ونحن نقرأ هذه السورة وهو إظهار مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته وحقوقه وخصوصه وحماية جنابه عليه الصلاة والسلام من أذية الناس وأذية المنافقين. قد تقول كيف ذلك؟ هذا المقصد الأظهر الذي هو سمة السورة ولكن قد يدخل ضمن هذا المقصد مقاصد أخرى. لو استطلعنا السورة لوجدنا أن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فيها كثيرة: أولاً نداءات السورة بالنبي (يا أيها النبي) تكررت خمس مرات وافتتحت السورة بندائه. ثانياً قول الله عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) وهذا لم يرد في غيرها، ثالثاً وقوله عز وجل (وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)) فلم يرد في غير هذه السورة ذكر ختم النبوة بالنبي عليه الصلاة والسلام، وقوله (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ (7)) فخصّه هنا وقدّمه على الأنبياء الذين هم أولو العزم وما تقديمه على أولي العزم إلا دليل على فضله وخصوصيته. وأيضاً قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ (21)) فكونه أمر المؤمنين بأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لهم أسوه هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام وفضائله والعناية به. أيضًا تطهير آل بيته (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، أيضاً العناية بأزواجه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا (28)) فالعناية بأزواجه ورفع شأنهن وتطهيرهن من العناية به عليه الصلاة والسلام وأيضاً ذكر ما أحل الله له من الأزواج (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ (50)) وهذا من خصائصه عليه السلام وفضائله وعناية الله تعالى به. وأيضاً قصة تزويجه بزينب حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب بذلك وبشره جبريل بذلك وتأتي القصة فيما سيأتي من حديث. أيضاً ذكر أسمائه الستة ذكر في هذه السورة أسماء ستة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46)) فهذه الأسماء هي في إظهار شأنه عليه الصلاة والسلام وفضائله بهذه الأسماء، هي صفات له وهي من أسمائه. وأيضاً قوله في آخر السورة الإخبار أن الله وملائكته يصلون عليه وأي شرف وأي مكانة أعظم من هذه المكانة أن الله يذكره والملائكة ثم يأمر المؤمنين بالصلاة عليه!. ثم أيضاً في آخر الحديث تأمل أنه ورد في هذه السورة خمس مواضع ورد فيها الإشارة إلى حماية جنابه من أذية الناس والمنافقين. تأمل قوله عز وجل في أول السورة (وَدَعْ أَذَاهُمْ) وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (57)) (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (58)) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا (69)) كلها في حماية جناب النبي صلى الله عليه وسلم مما يؤكد لك أن هذه السورة تركز على هذا المقصد. لكن قد يأتي سؤال أيننا من حديث الله عز وجل عن المؤمنين؟ لقد ورد نداء المؤمنين في هذه السورة ست مرات (يا أيها الذين آمنوا) أن الله عز وجل حينما عنى بتكميل نبيه عليه الصلاة والسلام والعناية به وتشريفه وبيان خصائصه توجه إلى المؤمنين لرفع شأنهم وتوجيههم إلى الكمال البشري بذكر الصفات التي توصلهم إلى هذا الكمال ولذلك خُصّت نساء النبي صلى الله عليه وسلم هنا لأنهن أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام فأراد الله أن يرفع شأنهن ثم أراد الله تعالى بعد ذلك أن يرفع شأن المؤمنين بصفات الكمال. تأمل أن الله ذكر في صفات الكمال قول الله عز وجل (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ (35)) كلها صفات كمال تدعو إلى الكمال ولذلك من أراد حقيقة أن يكمل نفسه بالصفات فعليه بهذه الصفات. أيضاً أثنى على الصادقين في قوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)). أيضاً أن الله عز وجل أمرهم بصفات ترفعهم إليه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (43)) فما أعظم هذه الصفات التي ترفع المؤمنين للكمال!. أيضاً في آخر السورة جاء ما يحقق الكمال للمؤمنين في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)) أيّ كمال وأيّ فضل بعد هذا في تكميل المؤمنين خطاب الله لهم؟!. وأيضاً قول الله عز وجل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أن الله يريد أن يكملهم بالإتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم فانظر كيف جمعت هذه السورة بيان فضائل النبي وكماله وخصائصه وحقوقه ثم رفعت شأن المؤمنين بالاقتداء به والإتساء به التسليم والتصديق له، هذا المقصد الذي ممكن أن تدور عليه سورة الأحزاب.
د. الشهري: هذه لفتة مهمة جداً وكريمة ينبغي أن ننتبه لها فعلاً عند قراءة سورة الأحزاب حتى الآن وأنت تتأمل في قوله (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32)) لا شك هذا رفع لمكانتهن ورفع لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم.
د. الربيعة: ولهذا قال (إنما يريد الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)) تطهير البيت هو تكميله ولا شك تنزيهه من كل نقائص ولعلنا نأخذ مقاطع السورة وموضوعاتها في ضوء هذا المقصد لنقرأ هذه السورة قراءة واعية
د. الشهري: دعنا نبدأ في أول السورة في دلالة النداء بهذا الوصف للنبي صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (1)) هل من تعليق على هذه البداية؟
د. الربيعة: أنت ذكرت لفتة جميلة وهي سر افتتاح السورة بـ(يا أيها النبي) وتكراره في السورة خمس مرات ولماذا لم يقل يا أيها الرسول؟ لاحظت من خلال التأمل والله تعالى أعلم أنه إذا جاء النداء بالنبوة فإنه نداء رعاية وتربية وإذا كاء النداء بالرسالة فإنه نداء تكليف وتبليغ ولذلك (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (1) الطلاق) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (1) التحريم) كلها في العناية والتربية والأمور المتعلقة بتربيته وتهيأته وتهيئة الأمة من بعده ولا شك. وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) والأمر هنا بالتقوى أمر شديد وهو نبي الله صلى الله عليه وسلم فلماذا أمره الله بالتقوى قال (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)؟ هذه الافتتاحية تؤكد أن الله عز وجل أراد أن يوثق الأمر في نفس نبيه صلى الله عليه وسلم إذ إكرامه بالرسالة وهذه الخصائص ليست بالأمر الهين فلذلك الله عز وجل أخذ الأمر منه بميثاق قال عز وجل بعد هذه الآيات (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ) فخصّه (وَمِنكَ) ثم قال (وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) فكانت ابتداء السورة فيه أخذ الميثاق على النبي صلى الله عليه وسلم وليس المقصود هو بالذات عليه الصلاة والسلام وإنما ليكون أسوة لأمته بأن يكون أمرهم في أخذ ميثاق الدين أمراً قوياً متيناً ولهذا قال في السورة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ثم أن هناك في سبب النزول أن النبي صلى الله عليه وسلم يلاين اليهود في أول هجرته رجاء إيمانهم وكانو يجرؤون عليه وربما يؤذونه بالقول وكان يتسامح معهم في الأمر فأمره الله عز وجل بأخذ الحزم معهم (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ) فهذا والله تعالى أعلم سر افتتاح السورة بهذا النداء.
د. الشهري: أيضاً يمكن أن نستنبط من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى أن الأمر بالتقوى هو من العناية بالشخص لا شك أن من كمال عناية الله عز وجل بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأمره بالتقوى وأتذكر موقف آخر عندما جاء أحد المتشددين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا أصل للخوارج فقال يا محمد اتق الله واعدل فقال صلى الله عليه وسلم من يتق الله ويعدل إذا لم أعدل؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يستغرب منه الأمر بالتقوى وإنما استغرب الأمر بالعدل. فكلامك رائع جداً في أن من كمال العناية بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يؤمر بالتقوى عليه الصلاة والسلام.
د. الربيعة: وهو أمر لأمته ولذلك جاء في آخر السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)). بدأت بالأمر بالتقوى وختمت بذلك. هنا في المقطع الأول يأتي بعد الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ما مناسبة هذا الموضوع لفاتحة السورة؟ فالمفسرون في هذه الجملة كانت لهم عدة توجيهات من ضمنها أن الله عز وجل حينما أمر نبيه بأن يكون في أمر عقيدته على أمر القوة صارماً والحزم قال (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) أي لا سبيل إلى الجمع بين طاعة المنافقين والكافرين وطاعة الله! لا يمكن أن توافق بين طاعة الله ورسوله وطاعة الكفار المنافقين لأنه إنما هؤلاء الكفار يدعون إلى النار والله عز وجل يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه. هذه مناسبة، المناسبة الثانية في سبب النزول أن رجلاً من المشركين اسمه ذا القلبين لقوة فهمه وعقله وحفظه وقوله إني أعي ما لا يعي بمحمد بقلبين فأنزل الله عز وجل ابطال اعتقاد المشركين فيه ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. ومناسبة ثالثة أن هذه الجملة مقدمة لقوله (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) أي كيف تنسبون الإبن إلى غير أبيه؟! فقال الله عز وجل (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) هذه التماسات في مناسبة الجملة وإنما نأخذ منها فائدة جميلة وهي أن الإنسان يكون قلبه مع الله لا يجعل قلبه مع الله ومع الشيطان أو مع هواه يوحد همه وطريقه وسبيله لا يشتت نفسه في أمر دينه فلا بد أن يكون على صراط مستقيم حتى يكون على قلب صافٍ صادق
د. الشهري: وكأن المقصود توحيد الله سبحانه وتعالى وتوحيد التوجه إليه بالقلب. الآية الآن يمكن ياتي واحد ويقول مولود فيه قلبين ولا تستغرب أن يوجد هذا فيقول الآية في القرآن الكريم خطأ مثلاً أن الله يقول (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) يمكن أن تحمل على معنى آخر المقصود بين القلبين هنا أن تجمع بين الايمان بالله سبحانه وتعالى والإيمان بغيره أو طاعة الله وكاعة المشركين هذه لا يمكن أن تجتمع في مكان واحد.
د. الربيعة: هذه تحتاج إلى تأمل، هذا ما نستطيع الجزم به، هل يمكن أن يوجد شخص له قلبان؟! هذه تحتاج إلى تأمل. حتى لو أن الله عز وجل خلق وأراد ذلك فإنه تأويل الآية صحيح لأن الله أراد بها أن لا يمكن أن يجمع أمرين متضادين. وهنا لفتة في قوله (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ) لم يقل لامرأة بعضهم التمس في هذا التماسة يسيرة هو أن قوة ملاحظة المرأة أقوى من ملاحظة الرجل في تركيزها ولذلك عنايتها بطفلها أشد ولهذا شبه الله عز وجل في قوله في سورة الحج (تذهل كل مرضعة) التي هي أشد ما يكون من علاقة وتركيز واهتمام بالأمر،
د. الشهري: لفتة جميلة
د. الربيعة: هذه لفتة فيها عناية بالنساء. هنا أيضاً في هذه المقدمة في المقطع الأول فيها إبطال للتبني (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ)
د. الشهري: التبني أن تأخذ طفلاً هو ليس لك وتنسبه إلى نفسك
د. الربيعة: نعم كان المشركين يأخذون أبناء مات آباءهم فينسبونهم وكان زيد بن حارثة سبي مع قومه فبيع في مكة فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد عمته خديجة رضي الله عنها فأهداه إليها فأهدته خديجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا ابني يرثني وأرثه حتى أبطل الله التبني
د. الشهري: حتى أصبح يسمى زيد بن محمد
د. الربيعة: يسمى زيد بن محمد. ثم أبطل الله عز وجل التوريث بالتآخي (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) إذ كان هناك التآخي بين المهاجرين والأنصار وكان كل واحد منهم يرث الآخر فأبطله اللله تعالى في هذه الآية. في هذا المقطع تأتي جملة عظيمة
د. الشهري: المقطع أنت تقصد بالمقطع – لأنه ربما بعض المشاهدين لا يفهم مصطلحاتكم ايها المتخصصون- المقطع المقصود به مجموعة من الآيات التي تتحدث في موضوع واحد. أحياناً تكون خمس، عشر آيات
د. الربيعة: وهذا يكون مفيداً في بيان السورة وفهمها أنك تقطعها بحسب موضوعاتها. يمر علينا قول الله عز وجل (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) هذا يدلك على أن ما جاء عن النبي صلهم فهو خير لك مما في نفسك وما تحبه. هل نأتي كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ونأخذه مأخذ القبول على أنه هو الخير والمصلحة لنا؟ ثم قال (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) انظر إلى العناية بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا العناية بأزواجه صلى الله عليه وسلم؟ عناية بأزواجه عناية به عليه الصلاة والسلام ثم تأمل كيف جعلهن أمهات ولم يجعلهن أخوات لأن الأم موضع التكريم والتوقير فكأن الله عز وجل قال: لهنّ التوقير منكم (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)
د. الشهري: لذلك لا يقولون إلا أم المؤمنين حفصة، أم المؤمنين عائشة،
د. الربيعة: توقيراً لها أولاً وتحريم للزواج منهن كما سيأتي
د. الشهري: هذا كله في المقطع الأول. فائدة للمشاهدين كيف يمكن تقسيم السورة إلى مقاطع؟
د. الربيعة: إذا وفقك الله عز وجل وهداك وفتح عليك لمعرفة مقصود السورة من هنا تأتي تقرأ السورة تحاول تجزئها على حسب موضوعاتها فمثلاً في سورة الأحزاب المقطع الأول هو ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وإبطال اعتقادات الكافرين ثم تأتي غزوة الأحزاب مقطعاً ثانياً ثم تأتي قصة أزواج النبي مقطعاً ثالثاً ثم المقطع الرابع (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) إلى قوله (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) في أحداث متعلقة بالنبي وأزواجه ونسائه وما أحله الله له وما لم يحله الله تعالى. الأحداث كلها متعلقة بالنبي وأزواجه. ثم في آخر السورة بيان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ختام السورة بأخذ الميثاق، هذا يمكن أن نجعله تقسيماً موضوعياً مناسبًا وإلا قد يأتي إنسان فيقطعها تقطيعاً آخر
د. الشهري: كنت أريد أن أشير إلى هذا اختلاف وجهات نظر العلماء والباحثين في النظر إلى السور ولذلك بعض المشاهدين ربما يجد بعض الكتب الآن موجودة في المكتبة ملونة وأنا رأيت الشيخ الفوزان أفتى، يلونون المقاطع يعني تأتي إلى المقطع الأول ملون بأخضر فاتح، المقطع الثاني أزرق وهكذا الهدف منها هو تسهيل عملية تقطيعها إلى موضوعات. وأنا قرأت فتوى للشيخ صالح الفوزان في جريدة الجزيرة قبل فترة ونشرته في ملتقى أهل التفسير وهو أنه يرى فيه حرمة هذا العمل وأنه ليس فيه توقير للقرآن والفتوى منشورة وأنا أريد أن أشير إلى قضية تفاوت آراء الناس في التقسيم، يمكن واحد ينظر نظرة أخرى ويقسمها بتقسيمات مختلفة.
د. الربيعة: ننتقل للمقطع الثاني وهو قصة الأحزاب وقصة الأحزاب التي سميت بها السورة قصة عظيمة وهو أنها قصة وحدث عظيم مر على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم علم بعد غزوة أحد في السنة الثالثة ثم بعد غزوة أحد جمع اليهود والمشركون جموعهم لملاقاة النبي صفاً واحداً ولذلك سموا أحزاباً، المقصود هم مشركو مكة وقبائل العرب واليهود ولم يشذ من قبائل العرب إلا قليل مما يدلك على أن هذا جيش ليس له من يقابله! كان عدد المسلمين 3 آلآف وكان عدد المشركين يزيد على عشرة آلآف يعني ثلاثة أضعاف وقد رهب المسلمون من ذلك رهبة شديدة وزلزلوا زلزالاً شديداً كما وصف الله تعالى حالهم هنا. فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك جاءه سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه بفكرة ووسيلة حربية جديدة لم تكن معهودة عند العرب وهي الخندق وكانت معهودة عند الفرس فأشار على النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرأي السديد فحفر الخندق المنطقة الشمالية للمدينة مكشوفة فحفرها من الجبل إلى الجبل حتى بقي في حفرها مع الصحابة قرابة شهر إلا أياماً وهم يحفرون ليل نهار لم ينقطعوا حتى أصابهم الشدة والجوع وقد أتى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكي ما يجد من الجوع فكشف له بعضهم عن بطنه وقد ربطوه بحجر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقد ربط عليه حجرين! مما يؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يشذ عن صحابته في معيشته بل كان يقاسي أشد مما كانوا يقاسون وكان يعيش بمثل عيشهم أو أشد من ذلك مما يؤكد على رفعة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتواضعه وعظمته. في هذه القصة فيها عبر من العبر أن الله عز وجل ميز فيها بين المنافقين والمؤمنين، المنافقون في هذه المعركة زلزلوا وأرجفوا (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) أين وعد الله بالنصر الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدنا به؟! إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم حين اعترضت حجارة الخندق وهم يحفرون ولم يستطع الصحابة أن يثلموها ويكسروها فشكوا ذلك إلى النبي فأتى وأخذ المعول فضربها الضربة الأولى قال الله أكبر كشف لي اليوم عن قصور كسرى والثانية عن قصور قيصر وبشر أصحابه أنه سيبلغه الله عز وجل تلك القصور وقد صدق الله ورسوله في قوله تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) قولهم وصدق الله ورسوله أي فيما وعد في أن الله سيبلغ دينه وهذا حال المؤمن ينبغي وإن جاءته الشدة ورأى الكفار أمام عينيه ورأى القتلى أمام عينيه أن لا ييأس وأن الله معه وأن الله بالغ أمره (قد جعل الله لكل شيء قدرا). في هذه الآيات فيها كشف لأحوال المنافقين أنهم في أحوال الشدة والأحوال العصيبة على الأمة يتراجعون ويتراخون بل ينهزمون ويرجفون وهذا ما نشاهده في أحوالنا وأوقاتنا
د. الشهري: وهي طبيعة الحياة الشدائد هي التي تبين الصادق من الكاذب حتى في أحوال الناس العادية يقول الشاعر
وما أكثر الإخوان حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل
د. الربيعة: كما قال الله عز وجل (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ (214) البقرة). أيضاً نأخذ في هذه القصة من المعاني العظيمة أن الله عز وجل رحيم بالمؤمنين رحيم بعباده ولهذا الله عز وجل سخر لهم ريحاً وجنوداً لم يروها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا) وهذا من فضل الله عز وجل أن الله ينصر الأمة بالرعب وينصرها بالريح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “نصرت بالصبا” وينصرها بملائكته هذا يجعلنا أنا والإخوة المؤمنون في كل مكان ونحن نعيش الآن أزمات وثورات ومصائب في حال الأمة يجب أن نعلم أن الله عز وجل رحيم ولطيف بعباده
د. الشهري: قضية نصر الله سبحانه وتعالى عبر التاريخ لأنبيائه السابقين وللنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالكرامات مثل هذه الكرامات.
د. الشهري: ما زال حديثنا متصلاً الفوائد والعبر من قصة الأحزاب هذه السورة المدنية العظيمة. توقفنا عند مسألة مهمة وهي نصر الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه بالريح عندما قال (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا) هذه المسألة عبر تاريخنا الاسلامي الطويل حدث لها تشويه وهي قضية الكرامات التي يكرم الله سبحانه وتعالى بها الأنبياء ويكرم بها أتباعهم وأذكر على سبيل المثال عندما كان المسلمون في أفغانستان قبل فترة قريبة وكانوا يذكرون الكرامات التي تحصل للمجاهدين فيسخر الناس منها وقبل فترة شهدت مشهداً وكان معي مجموعة من الأساتذة الكبار المثقفين من لجامعات يتناولون هذا الموضوع بشيء من السخرية شيء لا يدخل العقل كيف واحد من المجاهدين يرمي بقليل من التراب على دبابة هذا كلام لا يدخل العقل! النبي صلى الله عليه وسلم نصره الله تعالى وهو لم يقاتل نصره بالريح فهل يمكن أن تبين هذه النقطة؟
د. الربيعة: أولاً تأمل الخطاب في هذه الآية للمؤمنين وليس للنبي صلى الله عليه وسلم أنا كنت أتأمل أن السورة في رفع مقام النبي صلى الله عليه وسلم وحفظه وحقوقه والعناية به، الخطاب في قصة الأحزاب جاء للمؤمنين ليدلك على أن الله عنايته بنبيه وبالمؤمنين (وأرسلنا جنودا) فهي منة على المؤمنين فالله عز وجل يمن على المؤمنين من ذلك اليوم إلى قيام الساعة فليبشر المؤمنون في كل مكان ونحن نرى من الكرامات، تأمل في حال إخوانهم في فلسطين كيف أنهم يعيشون في حصار شديد ومع ذلك لم يستطع اليهود أن يتمكنوا منهم هذه من كرامات الله أن ثبتهم وأيدهم بل جعل الرعب في قلوب اليهود من هؤلاء القلة مع أن كل الدول ضدهم للأسف! هذه من الكرامات التي نراها أمام أعيينا وأمام العالم كله فأمر الله عز وجل عظيم (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء (5) الروم)
د. الشهري: يقول بعضهم هذه أشياء لا تدخل العقل!
د. الربيعة: هذا من ضعف إيمانهم.
د. الشهري: المسألة في النهائية مسألة إيمان وتسليم
د. الربيعة: نكمل اللطائف فيما يتعلق في هذه القصة. في هذه القصة جاءت آية فيها متوسطتها وهي مرتكزتها وهي أساس تأييد الله عز وجل وأساس نصرة الله في قوله (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ما علاقة هذه الآية بقصة الأحزاب إلا أن الله عز وجل يقول طاعتكم للنبي صلى الله عليه وسلم وتأسيكم به واقتداؤكم به وتسليمكم له هو من أعظم أسباب تأييد الله لكم لذا جاء بعدها (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) إيمانا تصديق بما وعدهم الله وتسليماً لما أمرهم الله ورسوله. ثم أثنى عليهم بعد ذلك بقوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ) وصفة الرجولة هنا تدل على الثناء عليهم فإن الرجل إنما أخذ لفظ الرجولة من الرِجْل لقوتها وثباتها كما قال أهل اللغة فهو ثناء من الله عليهم (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) ما أعظم هذا الوصف! يثني عليهم وأي شيء أعظم من هذا الثناء (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) عاهدوا الله على أن ينصروا الله ورسوله وينصروا دينه. ثم قال الله عز وجل (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) أي صفة للمسلم يكون فيها من الخير والكمال والصدق مثل ما يقول الله (وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الثبات على المنهج هو دليل الصدق والروغان والانحراف والميل هنا وهناك دليل ضعف فانظر في أمر ثباتك وأمر قوتك وأمر التزامك بأمر الله عز وجل. هذه القصة تعطينا إلماحات في نهايتها فإن الله عز وجل أورث المؤمنين ديار الكافرين واليهود وأموالهم ونساءهم وهذا فيه فائدة نفيسة أن من أخذ الميثاق وصدق الله يفتح الله لك آفاق الخير والإنعام والرحمة ويورثه الأرض ولذلك قال عز وجل (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) الطلاق) وقوله تعالى في سورة المائدة في قوله وهذه لفتة ذكرتها أنت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ (1)) لما أوفوا بعقود الله عز وجل معهم أحل الله لهم الأنعام. فهذه قاعدة عظيمة أن كل من أخذ بالدين واستمسك به وأخذ بالميثاق فإن عاقبته أن الله عز وجل سيفتح له الخير أينما كان.
د. الشهري: بخلاف من يروغ وينكث العهد فإن الله يضيق عليه ويحرّم عليه كما فعل مع بني إسرائيل.
د. الربيعة: هذا المقطع الثاني، لعلنا ننتقل إلى المقطع الثالث
د. الشهري: قبل أن نتجاوز إلى المقطع الثالث، نحن في زماننا هذا نحن لسنا بعيدين عن غزوة الأحزاب وأذكر عندما اشتد الحصار على إخواننا في غزة كنت استضفت في هذا البرنامج قبل سنوات الدكتور زيد عمر وكنا تحدثنا عن سورة الأحزاب بغية تنزيلها على واقعنا في ذلك الوقت وكيف أنه كلما اشتدت الأحوال بالمسلمين والأمة تلاحظ إخواننا في سوريا ماذا يحصل لهم، إخواننا في اليمن إخواننا في ليبيا إخوانا في أفغانستان والعراق وفي كل بلد من المسلمين إلا وتجد مثل هذه الجراحات المنافقون والقرآن الكريم كأنه يخاطب هذا الواقع الذي نعيشه. المنافقون تروج أسواقهم في مثل هذه المناسبات وتجد من يمجد هؤلاء الظالمين وتجد من يلتمس الأعذار لهم وللأسف رأيت في الشاشات من يخرج ويدافع عن نظام النصيرية ونظام البعثيين الذين لفظتهم شعوبهم وأنا استغرب من هذا الخذلان لكن الشدائد هي التي تميز المنافق وتميز الصادق.
د. الربيعة: كيف تستغرب وهذا قد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق الذي لا ريب فيه ولا شك في صدقه وصحة منهجه وتأييد الله له، المنافقون موجودون فكيف بهذا الوقت؟! لكن ينبغي أن نعلم أن هذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف.
إتصال من الأخ محمد من السعودية: عندي اقتراح وسؤال أما الاقتراح فلو يتم موعد تأخير بث البرنامج للساعة الرابعة والنصف لأننا في المنطقة الغربية يكون وقت صلاة العصر فيضيع علينا أول نصف ساعة من البرنامج
د. الشهري: بالنسبة لتأخير البرنامج فأنا أتمنى هذا حتى أنه أنسب لي ولكن الأمر متروك للإخوة في القناة.
أما المشاركة في تقسيم السورة إلى مقاطع وأنا أعلم فيمن سلك هذا المنهج الشيخ أحمد فرح القيلان في كتابه من لطائف التفسير فهو بدأ بذكر موضوع عام للسورة وهو تآمر المشركين عل دين الاسلام وعلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قسم السورة إلى تسعة مقاطع وجزاكم الله خيراً.
د. الشهري: أشار إلى كتاب الشيخ القيلان له كتاب رائع جداً
د. الربيعة: بعض المفسرين خصوصاً المتأخرين يفعل هذا كما يفعل صاحب الظلال والتفسير المنير للزحيلي كثير من التفاسير المتأخرة تقطع السورة تقطيعاً موضوعياً ثم تسلكه من خلال مقصد السورة التي تنطلق منه ثم تقسم السورة وآياتها
د. الشهري: ايضاً موسوعة التفسير الموضوعي التي صدرت عن جامعة الشارقة اعتنوا بهذا أيضاً تعني بهذا وليتك تكتب في هذا ولو مقالة مقترح في تقسيم مقاطع سور القرآن الكريم.
الأخت أم عبد الله من السعودية: ما الفرق بين أسماء القرآن وصفاته؟ وما هي المراجع التي قد أجد فيها الموضوع؟ وعادة يخلطون الأسماء مع الصفات.
د. الربيعة: يقال في أسماء القرآن وصفاته وأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته بل في أسماء الله وصفاته لكن الصفات التي هي راجعة إلى وصف معين
د. الشهري: مثلاً في القرآن الكريم عندما نقول القرآن هذا اسم، عندما نقول (تبارك الذي نزل الفرقان على عده) الفرقان هل هو اسم أو صفة؟
د. الربيعة: لكن وصفه بأنه موعظة ووصف النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الآيات بشيراً ونذيراً فهو مبشر ومنذر فالأسماء ثابتة بكونها دالة على ذات المقصود وهو الكتاب أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو الله عز وجل والصفات دالة على أوصاف ومعانٍ زائدة.
د. الشهري: أذكر قصة طريفة يقولون أبو علي الفارسي وابن خالويه وكان ابن خالويه يرى أن الأسماء صفات في مثل هذا الموضع فقال أن الأسد له خمسمائة اسم والسيف له مائة اسم فيقول أبو علي الفارسي له ما هي؟ فقال الصائم والبتار فقال كأن الشيخ لا يفرق بين الاسم والصفة إنما له اسم واحد وهو السيف والبقية أوصاف لكن يمكن أن يقال أن الاسماء في العادة هي التي تدل على الذات مثل السيف ومثل القرآن هنا والفرقان يدل على الذات ويدل على صفة أخرى فيه. وسألت السائلة عن كتاب فنقترح كتاب الدكتور منيرة الدوسري أسماء سور القرآن وفضائلها وكتاب عمر الدهيشي رسالة ما جستير اسمه أسماء القرآن وصفاته طبع في دار ابن الجوزي.
د. الربيعة: ننتقل إلى المقطع الرابع وهو الحديث عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو موضوع مهم جداً من حيث أن الله عز وجل عنى بنسائه نبيه صلى الله عليه وسلم من أجل أن يرفع مقامهن ونفوسهن إلى كمالات كما كمل نبيه بكمال البشرية فافتتح الحديث عنهن بقوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) السؤال الذي يلفت النظر للقارئ المتدبر ما مناسبة الحديث عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد آيات غزوة الأحزاب مباشرة؟
د. الربيعة: الله عز وجل لما ذكر في خاتمة قصة الأحزاب في قوله (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا) هذه تدل على أن الله عز وجل ورث غنائم بني قريظة حينما نقضوا العهد وقد كانوا في عهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء المشركون إلى المدينة والأحزاب طمع اليهود أن يكونوا معهم، بنو قريضة ونقضوا العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولّى المشركون بقي بنو قريضة بمفردهم فأمر الله نبيه أن ينفر إلى بني قريضة وقال لأصحابه: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريضة فحاصرهم ما يزيد على عشرين ليلة أو يزيد حتى لم يكن لهم بذلك إلا النزول ثم حكّم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي قضى فيهم بقضاء الله في أن تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتؤخذ أموالهم فكانت غنائم كثيرة وهبها الله للمؤمنين من غير قتال فوسّع الله على المسلمين فلما كانت الغنائم بايدي المسلمين متعوا أزواجهم ونسائهم وأهليهم من هذه الغنائم فكان في نفوس أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يوسع عليهن كما وسع المسلمين على أزواجهن يوم أن وسع الله على نبيه فاجتمعن عليه وطلبن أن يوسع عليهن في النفقة فحزن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنه رأى من أزواجه هماً بالدنيا وليس ذلك بعيب عليهم لكنه حق ولكن الله عز وجل أراد بهن شيئاً آخر إذ أن الله تعالى أكرمهن بكرامة ونعمة تعادل الدنيا وما فيها وهي أنهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، أيّ نعمة وأيّ فضل للمرأة أن تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم؟! لو قيل لامرأة ملكت الدنيا أيّ ملك الدنيا أو تكوني زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم؟ لن تعدل بزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم أمراً آخر، فلذلك الله عز وجل رفع شأنهن عن الدنيا فخيرهن ولم يعاتبهن فقال (إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) لكنّ فضل عظيم عند الله ولذلك خير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وأول من خيّر أحب أزواجه إليه عائشة رضي الله عنها ولم يعزم عليها فقال لا تستعجلي حتى تستشيري أبويك
د. الشهري: إذن نقول أن هذه مناسبة مجيء قصة الحديث عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد قصة الأحزاب والغنائم التي غنمها المسلمون ثم التوسعة.
الأخت إشراقة من السعودية: في سورة الأعراف (تراهم ينظرون إليك) ما الفرق بين الرؤية والبصر والنظر؟ وهل المقصود الأصنام أو الكافرين في الآية؟
وبالنسبة لما ذكره الدكتور حول (ما كان لرجل من قلبين في جوفه) قد تكون المرأة عندها قلبين إذا كانت تحمل في بطنها جنين
د. الربيعة: هذه الآيات مهمة جداً خصوصاً لأخواتي المسلمات اللواتي يعشن اليوم بعض الأمور التي قد تكون من صوارف النساء عن الخير من حظوظ الدنيا فتأمل كيف أن الله عز وجل ربى نساء النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات أعظم تربية فلم يقتصر على قضية تخييرهن (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ). نقف في قوله (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) آية عظيمة إن كنتن تتقين الله وانظر الله عز وجل عالج أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بدقائق لأنهن كمّل والكامل يؤثر فيه أيّ نقص فالله عز وجل خاطبهن هنا وربّاهن في دقائق الأمور ولهذا الكمّل من النساء التقيات الصالحات ينبغي أن يتنزهن من كل شيء يعيبهنّ يعني الخضوع بالصوت هنا من دقائق الأخلاق وليس هو بذاته منكراً ولكن ما يوافقه من رغبة إلى الشهوة أو إلى الفتنة. فالله عز وجل أمر أزواج النبي أن لا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. وهنا لفتة مهمة جداً في هذا الباب ونحن نرى باب الشهوات مفتوحاً الآن في قوله (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) أن الإنسان إذا رأى صورة أو رأى امرأة أو سمع أغنية فطمع قلبه بالشهوة فإن ذلك دليل على أن في قلبه مرض لأن الله عز وجل قال (فيطمع الذي في قلبه مرض) فحينما يطمع الإنسان بالشهوة المحرمة فهذا دليل على مرضه فانظر في طهارة قلبك من مرضه وصحته فهو مقياس مهم جداً في قضية الكمال، هذا الطمع. وقوله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وهذه الآية اختلف المفسرون فيها هل هي خاصة بنساء النبي أو عامة؟ هي خاصة بنساء النبي لزوماً، وجوباً، بأمرهن بالبقاء في بيوتهن حصناً لهن ووقاية وكمالاً لنساء المؤمنين فالأولى للمرأةوالواجب عليها بقدر طاقتها أن تبقى ولكن الأمر لنساء النبي أعظم لماذا؟ لأن الله أراد أن يحفظ نساء النبي صلى الله عليه وسلم حتى في حجابهن شدد عليهن ما لم يشدد على نساء المؤمنين وقضية الحجاب في مخاطبتهن في قول الله عز وجل (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) لماذا وهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقع في قلوبهن ما يقع في نساء العالمين إلا لأن الله عز وجل أراد أن يحصن هؤلاء النساء تحصيناً لنبيه وكما يقال في التاريخ أن الملوك كانوا يحتجبون عن رعاياهم ليكون ذلك أبعث في هيبتهم والخوف منهم. فكون الله عز وجل جعل لنساء النبي صلى الله عليه وسلم الحصانة والوقاية والبقاء في البيت والسؤال من وراء حجاب ليعظم قدرهن ومكانتهن في نفوس المؤمنين.
سؤال: هل يصح أن يقال في مجيء التهديد للمنافقين في قوله تعالى (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) جاءت بعد آية الأمر بالحجاب هل في ذلك تهديد ووعيد لمن يثيرون الشبهات حول حجاب المرأة؟
د. الربيعة: سؤال لطيف ومهم في هذا الباب. أنت تجد أن المنافقين يدندون كثيراً حول المرأة وحول حجابها أتُرى هذه النداءات المتتالية الصريحة في كل مجال ووسيلة في قيادة المرأة السعودية للسيارة لماذا؟ هل هو لذات القيادة أم أن ذلك يدعو لخروجها من بيتها وخروجها عن إذن زوجها لأنها ستخرج وتأتي بسيارتها على ما تريد فوراء الأكمة ما وراءها فلذلك يجرم المنافقون ومن في صفهم من ضعفاء الإيمان ومرضى القلوب في قضية المرأة تحقيقاً لشهواتهم ولهذا الله عز وجل حصّن المسلمات وخاطب النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة تعظيماً للأمر (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) الجلباب هو الغطاء الكامل وليس هو الخمار صفته صفة أخواتنا في أفغانستان تتغطى بجلباب يغطي رأسها وجسمها حتى لا يظهر منه شيء فالله عز وجل أمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ونساء المؤمنين بأن يتسترن قدر طاقتهن بما أمرهن الله عز وجل وهذه لها سبب نزول أن سودة عندما عرفها عمر قال يا سودة قد عرفناك فرجعت إلى بيتها فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
د. الشهري: نستعرض أبرز ما تبقى في السورة
د. الربيعة: بقي نصف السورة نجملها بإذن الله بكلمات. بعد هذه الآيات جاءت نساء المؤمنين فقلن لأزواج النبي قد ذكركن الله في كتابه ولم يذكرنا فأنزل الله (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ) لماذا قرن الله الذكر كثيراً دون غيره من الصفات؟ لأن ذكر الله يسير في كل حال تذكر الله قائماً وقاعداً ومضطعاً وقد ذكر الله ذكراً كثيراً في هذه السورة في ثلاث مواضع (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) وهنا (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ) وأيضاً في قوله (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) فالذكر من الصفات التي تكمّل الإنسان وترفعه إلى ربه عز وجل فكأنه يحوم حول العرش كما قال ابن القيم رحمه الله. ثم جاءت قصة زيد في آيات طويلة، زينب بنت جحش التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد طلاق زيد بن حارثة رضي الله عنه ولن نطيل لكن فيها لفتات في قوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر زينب أن تتزوج زيد بن حارثة تمنّعت في بداية أمرها وتمنع أخوها فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) فرضيت بذلك واستجابت لأمر الله فماذا عوضها الله؟ زوجها بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذه قاعدة عظيمة إذا أخذت بأمر الله عز وجل فإن الله سيعطيك فضلاً عظيماً. في لفتة أخرى بعد هذه القصة جاء النداء للمؤمنين بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) ما مناسبتها؟ لما جاءت قضية زينب وكثر حديث المنافقين وإثارتهم الشبهات كيف محمد يتزوج زوجة ابنه؟ ثم حصل حديث في مجالس الناس كما هو الحال اليوم جاء قول الله عز وجل لا تنشغلوا بهذه الأحداث وانشغلوا بذكر الله. كثير من مجالس النساء فلان طلق فلان تزوج فلان رزق مولوداً فلان كذا وحديث حول أحداث الناس وما في بيوتهم، لماذا لا يرتقون كما أمرهم الله بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)) النتيجة (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ (44)) والله إنها كلمات ترق لها القلوب أن تكون من أهلها بأن تكون مجالسنا ذكر لا تكون حديث مجالس في حديث الناس، من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. ثم جاء الخطاب للنبي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) ثم جاءت أحداث (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ) ثم حرّم على النبي أن يتزوج على أزواجه (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ) لماذا؟ لأنهن لما اخترن الله ورسوله وتركن الدنيا عوضهن الله بأن قصر نبيه عليهن وهذه نعمة. في آخر السورة أن الله صلى على نبيه وأمر المؤمنين بالصلاة عليه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56))
د. الشهري: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) هذه الآية من أقوى دلالات عناية الله بنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه السورة التي ذكرت أن هذا مقصدها الأساسي
د. الربيعة: من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً ما أعظم هذا الفضل! وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة لفضله وهذا أقل حقه صلى الله عليه وسلم وأن من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصلي عليه فهو البخيل حقاً. فحريلإ بنا أن نستجيب لأمر الله عز وجل وأن نصلي على نبينا في كل ما نذكره ونسمعه هذا أقل واجب علينا.
ثم في آخر السورة ذكر الله عز وجل قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ما مناسبة هذه الجملة؟. لماذ ذكر هذه المواثيق وهذه الأحكام وهذه الأوامر ختمها بأمر عظيم توثيقاً للإنسان على ذلك كما افتتحها بميثاق للنبي صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ) اختتمها بتقوى المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72))
د. الشهري: فتح الله عليك دكتور محمد، الوقت أدركنا وكنت أتمنى لو أن الوقت أطول لأني أعرف أن لديك الكثير لكن أرجو أن يكون فيما قلت كفاية للمشاهدين.
د. الربيعة: الخلاصة أننا نرتقي بكمالاتنا من خلال هذه السورة فنقرأها متدبرين في هذا الشهر.
د. الشهري: نسال الله أن يرزقنا وإياك من الكمال الذي فيها أوفر الحظ والنصيب.
الفائزة بمسابقة الأمس: أحلام عبد الله مبارك
سؤال حلقة اليوم: قرن الله محبته باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وقد وردت آية في الجزء الثالث من القرآن الكريم تشير إلى المعنى المطلوب فما هي؟