سور القرآن الكريم

سُوَرِة الأنعَام

هدف السورة: التوحيد الخالص لله في الاعتقاد والسلوك

سورة الأنعام هي أول سورة مكية في ترتيب المصحف بعد ما سبقها من سور مدنية، وهي أول سورة ابتدأت بالحمد (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض)، ومن مميزاتها أنها نزلت ليلاً دفعة واحدة وأنه شيّعها سبعون ألف ملك, والسبب في هذا الامتياز أنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل والنبوة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين, ويقول الإمام القرطبي إن هذه السورة أصلُ في محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين ومن كذّب بالبعث والنشور وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة. ونزولها ليلاً لما في الليل من سكينة للقلب ومدعاة للتأمل والتفكر في قدرة الله تعالى وعظمته. وتناولت سورة الأنعام القضايا الأساسية الكبرى لأصول العقيدة والإيمان وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلي:

قضية الألوهية        قضية الوحي والرسالة          قضية البعث والجزاء

والحديث في هذه السورة يدور بشدة حول هذه الأصول الأساسية للدعوة ونجد سلاحها في ذلك الحجة والبرهان والدلائل القاطعة للإقناع لأنها نزلت في مكة على قوم مشركين، ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين لا نكاد نجدهما بهذه الكثرة في غيرها من السور وهما: أسلوب التقرير وأسلوب التلقين. ونرى هذين الأسلوبين يأتيان بالتتابع في السورة فتأتي الآيات التي يذكر الله تعالى لنا البراهين على عظمته وقدرته في الكون ثم تنتقل الآيات للحجة مع المشركين والملحدين والبعيدين عن التوحيد.

أسلوب التقرير: يعرض القرآن الأدلة المتعلقة بتوحيد الله والدلائل المطلوبة على وجوده وقدرته وسلطانه وقهره في صورة الشأن المسلّم ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحس الحاضر في القلب الذي لا يماري فيه قلب سليم ولا عقل راشد في أنه تعالى المبدع للكائنات صاحب الفضل والإنعام فيأتي بعبارة (هو) الدالة على الخالق المدبر الحكيم. وفي هذه الآيات تصوير قرآني فني بديع بحيث يستشعر قارئ الآيات عظمة الله وقدرته وكأن الآيات مشاهد حية تعرض أمام أعيننا. وقد ورد لفظ (هو) 38 مرة في السورة ومن هذه الآيات:

·    الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (آية 1)

·    هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (آية 2)

·    وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (آية 3)

·    وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (آية 18)

·    وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (آية 59)

·    وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (آية 60)

·    وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (آية 61)

·    وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (آية 73)

·    وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (آية 97)

·    وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (آية 98)

·    وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (آية 165)

أما أسلوب التلقين فإنه يظهر جلياً في تعليم الرسول r تلقين الحجة ليقذف بها في وجه الخصم بحيث تأخذ عليه سمعه وتملك عليه قلبه فلا يستطيع التخلص أو التفلت منها، ويأتي هذا الأسلوب بطريق السؤال والجواب يسألهم ثم يجيب ونلاحظ في السورة كثرة استخدام كلمة (قل) فقد وردت في السورة 42 مرة. هكذا تعرض السورة الكريمة لمناقشة المشركين وإفحامهم بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة التي تقصم ظهر الباطل. ومن هنا كانت أهمية سورة الأنعام في تركيز الدعوة الإسلامية، تقرر حقائقها وتثبت دعائمها وتحاجج المعارضين لها بطريقة المناظرة والمجادلة. والسورة تذكر توحيد الله جلّ وعلا في الخلق والإيجاد وفي التشريع والعبادة وتذكر موقف المكذبين للرسل وتقص عليهم ما حاق بأمثالهم السابقين وتذكر بالبعث والجزاء . وفيما يلي بعض الآيات التي ورد فيها كلمة (قل):

·    قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (آية 11) (تبين الآية أن لله تعالى هو الملك المسيطر على المكان)

·    قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (آية 12) (تبين هذه الآية أن الله تعالى هو الملك المسيطر على الزمان)

·    قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ (آية 14)

·    قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (آية 15)

·    قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (آية 40)

·    قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (آية 56)

·    قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (آية 57)

·    قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (آية 58)

·    قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (آية 63)

·    قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (آية 64)

·    قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (آية 65)

·    قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(آية 135)

·    قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (آية 161)

·    قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (آية 162)

·    قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (آية 164)

وهكذا تتوالى السورة بمجموعة من الآيات التي تدل على قدرة الله تعالى ثم تتبعها آيات مجادلة ومواجهة مع المشركين والملحدين.

ثم تأتي قصة سيدنا إبراهيم مع قومه وسبب ورود هذه الجزئية من قصة سيدنا إبراهيم في سورة الأنعام مناسب لأسلوب الحجة وإقامة البراهين والأدلة عند مواجهة المشركين والملحدين فجاءت الآيات تعرض قصة سيدنا إبراهيم ومحاجته لقومه من الآيات 74- 83.

ثم تأتي آية فاصلة في السورة تدلنا على أن آيات الله تعالى في الكون ترى ولكن القلوب إذا عميت لا تراها وتجحد بها وتكفر. (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (الآية 104)

ثم تختم السورة بربع كامل بالوصايا العشر التي نزلت في تلك الكتب السابقة ودعا إليها جميع الأنبياء السابقين (قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم..) وتنتهي يآية فذة تكشف للإنسان عن مركزه عند ربه في هذه الحياة وهو أنه خليفة في الأرض وأن الله تعالى جعل عمارة الكون تحت يد الإنسان تتعاقب عليه أجياله وأن الله تعالى فاوت في المواهب بين البشر لغاية سامية وحكمة عظيمة وهي الابتلاء والاختبار في القيام بتبعات هذه الحياة وذلك شأن يرجع إليه كماله المقصود من هذا الخلق وذلك النظام. وهذا كله مرتبط بهدف سورة البقرة وهو الاستخلاف في الأرض. سورة الأنعام تتحدث عن ملك الله تعالى في الكون وكأنما يقول تعالى لنا وحدوني أملككم الأرض وأجعلكم خلائف. (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آية 165

سميت السورة (الأنعام) ليس لورود كلمة الأنعام فيها فقط وإنما لذلك سبب رئيسي أن الأنعام عند قريش كانت هي الأكل والشرب والغذاء والمواصلات والثروة وعصب الحياة ، وكان كفار قريش يقولون نعبد الله لكن عصب الحياة لنا نتصرف فيها كيف نشاء لكن الله تعالى يخبرهم أن التوحيد يجب أن يكون في الاعتقاد وفي التطبيق أيضاً يجب أن نوحد الله في كل التصرفات وليس في المعتقدات فقط، وهذا توجيه ليس فقط لكفار قريش وإنما توجيه لعامة الناس الذين يعتقدون بوحدانية الله تعالى ولكن تطبيقهم ينافي معتقدهم، إذن لا إله إلا الله يجب أن تكون في المعتقد والتطبيق، وهذا يناسب ما جاء في سورة المائدة في قوله: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فعلينا أن نأخذ الدين كاملاً وأن نوحِّد الله تعالى في المعتقد والتطبيق.

تناسب فاتحة الأنعام مع خاتمتها

سورة الأنعام بدأت بقوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)) وقال في الخاتمة (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)) هل أعدِل بغير الله؟ (بربهم يعدلون) يعدلون أي يميلون إلى غيره فيعبدون غيره، عدل عن الطريق أي مال عنه، يعدلون يجعلون له عِدْل فيتركونه ويتولون إلى غيره، يقال عَدَل عن هذا. في البداية قال (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وفي الختام (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا) هل أعدل به؟ هؤلاء عدلوا به فهل أعدل به وهو رب كل شيء؟ الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور هو رب كل شيء. إذن في بدياتها قال (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أما هو فلا يعدل بربه أحداً وهو رب كل شيء فالمذكور في بداية السورة مناسب لخواتيمها، ذكر الذين كفروا بربهم يعدلون أما هو فلا يبغي رباً غيره فهو رب كل شيء كأنه رد على الكفار وحتى لو جاءت هذه الآية بعد الأولى تكون متناسبة ويكون فيها تناسب.

تناسب خاتمة المائدة مع فاتحة الأنعام

قال تعالى في خاتمة المائدة: (لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)) وفي بداية الأنعام: (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (1))، لله ملك السموات والأرض الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، له الملك وله الخلق خلَقَها وملَكَها. (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) إذن لله الملك، المائدة أثبتت الملك لله والأنعام أثبتت الخلق لله. ثم قال: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) ذكر من عدل عن عبادته في خواتيم المائدة (أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (116))، يعدِلون بمعنى الخروج عن الطريق والانحراف وليس من العدل بمعنى القسط. فإذن ذكر في افتتاح السورة وذكر من عدل عن عبادته في خواتيم المائدة (أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ) هذا عدل (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) إذن صار ترابط. السؤال هنا من الله تعالى سؤال تقريري حتى يجيب بنفسه هو وحتى يدرأ عن نفسه الشبهة فيما زعموا، سؤال الله تعالى ليس سؤال استفهامي وإنما سؤال تقريري. إذن صار ارتباط بالملك والخلق والعدل.

تناسب خواتيم الأنعام مع فواتح الأعراف

قال تعالى في أواخر الأنعام: (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)) (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)) هذه خواتيم الأنعام، وآخرها: (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ) في أول الأعراف: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (3)) اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم فاتبعوه في الأعراف، هذا مترابط. اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم فاتبعوه، هذا مترابط. ثم في خاتمة الأنعام قال (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)) وفي بداية الأعراف (وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ (4)) أولاً هو الذي جعلكم خلائف الأرض بعد من مضى من قبلكم وكم من قرية أهلكناها معناها جعلكم بعدها خلائف، إن ربك سريع العقاب فجاءها باسنا بياتاً هذه عقوبة إذن صار ارتباط في أكثر من موضع بين سورتي الأنعام والأعراف.

تدبر سورة الأنعام / د. رقية العلواني

تدبر سورة الأنعام

د. رقية العلواني
تفريغ الأخت الفاضلة نوال جزاها الله خيرًا لموقع إسلاميات حصريًا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ونبدأ بحول الله وقوته بتدبر سورة الأنعام، هذه السورة المكية العظيمة السورة التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جملةً واحدة، مرة واحدة، آياتها تفوق على المائة وخمس وستين آية، ولكنها نزلت جملة واحدة. واللافت للنظر في ترتيب نزولها أنها نزلت بعد سورة الحجر، ولكن كما تعودنا في قواعد تدبر كتاب الله: أن نتعلم حين نقرأ عن نزول السورة نتعلم شيئاً من الأجواء التي نزلت فيها السورة، الأجواء التي كان يعايشها النبي صلى الله وعليه وآله وسلم في نزول السورة، وبعدها ننظر في موقع السورة وموضع السورة الآن كما هو ترتيب المصحف، ونرى أوجه التناسب والترابط فيما بينها، هذه المعاني من التناسب والترابط تكشف لنا شيئاً عن مقاصد السورة، تكشف لنا شيئاً عن الأهداف التي تريد هذه السورة العظيمة أن تبنيها في نفس المؤمن، سورة الأنعام نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة وكان يعايش المشركين من أهل مكة، كفار مكة، الذين كانوا يطالبونه مرة بعد مرة بأشكال من المعجزات والآيات لعل تلك الآيات والمعجزات الحسية خاصة تحرك شيئاً من دوافع ونوازع الإيمان في نفوسهم، ومع ذلك وكل هذا، وتميزت تلك المرحلة بظهور مكابرة المشركين في مكة يكابرون يجادلون في الله سبحانه وتعالى بغير حق، بدون منطق، بدون فكر، بدون حجة، بدون برهان، هذا شيء من الأجواء التي نزلت فيها سورة الأنعام.
ولو نظرنا اليوم في ترتيب هذه السورة في كتاب الله عز وجل لوجدنا أن سورة الأنعام في الترتيب جاءت بعد سورة المائدة، وسورة المائدة قلنا عنها: أنها من أواخر ما نزل على النبي عليه الصلاة والسلام، وسورة الأنعام تأتي بعدها. وتدبروا معي في نهاية سورة المائدة وبداية سورة الأنعام: سورة المائدة التي نزلت بعد فترة طويلة من الزمن، والآن في الترتيب هي قبل سورة الأنعام، وسورة المائدة قلنا إنها سورة المواثيق والعقود، سورة العهود، وأعظم ميثاق بين الإنسان هو ذاك الميثاق بينه وبين خالقه عز وجل، عقد الإيمان، عقد التوجه لله سبحانه وتعالى عقد الخضوع والاستسلام، وسورة الأنعام هي السورة التي تحدثنا عن كيفية تجديد ذلك الإيمان، تجديد العقد، وبناء العقد، السورة تتحدث عن الإيمان بالله، السورة تعرض وتدافع بقوة باستعمال وسائل عديدة متنوعة تارة تخاطب الوجدان، وتارة تخاطب العاطفة، وتارة تخاطب الفطرة، وتارة أخرى تخاطب العقل، لأي شيء؟ لأجل أن تستجيش نوازع الإيمان في نفس الإنسان.
في نفس الوقت وقد يقول قائل: هذا إذا كان الإنسان ليس لديه إيمان، ولكن ماذا لو أن الإنسان مؤمن مثل حال المسلمين اليوم؟ نحن نؤمن بالله سبحانه وتعالى نؤمن بوجوده إذاً فما هدف سورة الأنعام، وماذا تحقق هي سورة الأنعام حين أقرؤها، ماذا تحقق؟ سورة الأنعام تجدد فيك الإيمان، الإيمان وذكرنا هذا في مرة سابقة يخلق، ونحن تعودنا حتى في حياتنا اليومية على أن نجدد كثيرًا من الأشياء نجدد أحياناً حتى في المظهر أحياناً في الملبس، أحياناً في المشرب، أحياناً في البيت، أحياناً فيما نأكل، الإنسان يبحث أحياناً كثيرة عن التغيير، التغيير الإيجابي بطبيعة الحال، هذا التغيير يحدث لدى الإنسان نوعًا من أنواع التجدد يبعد عنه الملل، يبعد عنه السأم، يجدد، يحرك المياه حتى تعود المياه من جديد تجري بانسيابية – ولله المثل الأعلى – الإيمان في قلوبنا، والعلاقة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى تحتاج إلى تجديد، التجديد في هذه السورة بكل الوسائل التي جاءت في السورة، بكل الآليات والمناهج العظيمة التي قدمتها سورة الأنعام، لتعلمنا جميعاً آباء، أمهات، مربين، معلمين، أساتذة يدرسون العقيدة والتوحيد ومباحث العقيدة، سورة الأنعام تعلمنا كيف ندرس الإيمان، كيف نعلم الإيمان، كيف نتعلم الإيمان أولاً في نفوسنا، وكيف نعلّم الإيمان لغيرنا، لأبنائنا، للصغار، للكبار، وهل الإيمان يُتعلم؟ أكيد. الإيمان ليس فقط مجرد إحساس أو شعور، ليس مجرد تصديق فقط لا، الإيمان تصديق وشعور إحساس، وعمل بالجوارح، وسلوك وأفعال، وتغيير وإصلاح، هذا الإيمان الذي تؤكده سورة الأنعام. سورة الأنعام توضح لنا كل معاني الإيمان كل مباحث الإيمان، معاني الإيمان الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن يكون فينا.
سورة المائدة لاحظوا في أول آية فيها خاطبت المؤمنين فقالت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾[المائدة:1].
وسورة الأنعام تبني فينا كيف يكون الوفاء بالعقود، وأعظم عقد ذلك العقد بيننا وبين الله سبحانه وتعالى نقطة جديرة بالوقوف عندها، وتدبروا الآن في التناسق بين الآيات آخر آية في سورة المائدة يقول فيها الله عز وجل: ﴿لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾[المائدة:120].
وهي كما ذكرنا: تأخرت بسنوات عن نزول سورة الأنعام، الآن سورة الأنعام أول آية فيها تبدأ بالتحميد: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾[الأنعام:1].
تدبروا في الآية! آخر سورة المائدة: ﴿لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ﴾[المائدة:120]، وأول الأنعام: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾[الأنعام:1].
إذاً ربي سبحانه وتعالى هو ليس فقط مالك متصرف في السماوات والأرض وما فيهن، ولكنه أوجد من العدم، خلق على غير مثال سبحانه! ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون﴾[الأنعام:1].
منذ أول آية في السورة السورة تبين لي فظاعة الكفر، فظاعة ذنب الكفر: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾[النساء:48] لماذا؟ لأن الشرك ظلمٌ عظيم، والآية منذ البداية قررت هذه القضية، قررت بشاعة الكفر: ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون﴾[الأنعام:1] بشاعة الشرك والانحراف في عقيدة الإنسان وعلاقة الإنسان بربه. علاقة الإنسان بربه مبنية على التوحيد أساسها التوحيد، تريد أن تجدد إيمانك بالله سبحانه وتعالى اقرأ في هذه السورة العظيمة بتدبر، بتمعن، لتتجدد فيك معاني التوحيد، فإذا ما تجدد التوحيد تجدد كل شيء في حياتك، أصبح حتى العبادة لها طعم لها لذة خاصة، يستشعرها ذلك المؤمن الذي جدد الإيمان في القلب، ولذلك نحن مطالبون بالإكثار من “لا إله إلا الله محمد رسول الله” كلمة التوحيد الخالدة ليست مجرد كلمة.
وتدبروا معي في أول سورة الأنعام قال: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون﴾[الأنعام:1].
لماذا ذكر الظلمات هنا والنور؟ الظلمات كما نعلم وكذلك المنكر: حسي ومعنوي، هناك ظلمة حسية، الآن حين تطفأ الأضواء أو تطفأ الكهرباء وينقطع التيار الكهربائي يصبح الإنسان في ظلام حسي حقيقي، لا يبصر ولا يرى معه الأشياء من حوله ولا شيء، ولا يكاد يتبين الطريق الذي يمشي فيه. النور يتحقق حين يكون هناك إضاءة، وهذه قدرة العين التي وهبنا الله سبحانه وتعالى على إبصار الأشياء بهذه الطريقة تعمل.
وهناك الظلمات المعنوية، والظلمات هنا وذكر الظلمات في أول آية في سورة الأنعام ربي عز وجل يبين لنا فيها: أن الظلمات ظلمات الكفر والشرك بالله سبحانه وتعالى من أول الآيات السورة تتكلم عن التوحيد، والنور الذي تبنيه هذه السورة العظيمة في قلب المؤمن نور التوحيد نور الاستجابة لأمر سبحانه، نور الطاعة، وهل التوحيد له نور؟ أكيد، نور يكون في بصيرة الإنسان وفي قلبه، بل حتى في بصره، فتصبح الأشياء والآيات التي يمر عليها ستأتي سورة الأنعام مليئة بعشرات الآيات الحسية المعجزات التي نراها صباح مساء، ولكنها لا تحرك في قلب الكافر شيئا، ولذلك ستأتي الآيات: ﴿وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا﴾ لا يرى، هو فعلاً تقع عينه على الأشياء، تقع عينه على سماء وأرض، ماء وجبال، آيات تهز القلب والوجدان، وتحرك دواعي الفطرة للإيمان بالله سبحانه وتعالى، ولكنها مع ذلك لا تحدث أي أثر في نفس الكافر، لماذا؟ لأنه يعيش في ظلمات الكفر والشرك والنفاق والبُعد عن الله سبحانه، والجحود، هذه الظلمات تجعل الإنسان لا يرى شيئاً من حوله حتى وإن وقعت العين على الأشياء. أما نور التوحيد، فتصبح كل الأشياء لها معاني، كل الأحداث التي تجري من حول الإنسان لها معنى ولها مغزى يفكر فيها يتبصر يدرك يستنتج يحلل القرآن أعظم كتاب يحيي القدرات العقلية أعظم كتاب، وأعظم كتاب يحرك العقل البشري هو القرآن، وقد حركه، العقل البشري كان في سبات عند نزول القرآن، لم يكن يتحرك، ولذلك القرآن عاب على أولئك القوم الذين يسيرون وراء منهج الآباء والأجداد: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُون﴾[البقرة:170]. فأعظم كتاب حرك العقل وأيقظ العقلي من سباته ونومه العميق: هو القرآن، وحرك معه كل أدوات الحس والإدراك، سمع وبصر، ولذلك سورة الأنعام سنأتي عليها، تحرك كل وسائل الإدراك: السمع والبصر والتعقل والتفكر والتدبر والتبصر لأي شيء؟ لأجل أن تستعمل كل تلك القدرات العقلية، وكل ذلك التجوال، في أجواء الكون والطبيعة، والإنسان في ذاته لأجل أن تصل به إلى الغاية العظيمة هي غاية الإيمان بالله سبحانه وتعالى وذاك هو النور نور التوحيد. ولماذا ربي سبحانه وتعالى جعل الظلمات وجعل النور؟ طبيعة الاختبار وطبيعة الابتلاء تقتضي أن تكون هناك أشياء يبتلى فيها الإنسان يبتلى فيها الفرد، والأعمى ليس كالبصير، والأصم ليس كالسميع، ولذلك عاب على الكفار فقال: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُون﴾[البقرة:171] وفي آية: ﴿فَهُمْ لاَ يَهْتَدُون﴾[النمل:24] لماذا؟ وسائل الإدراك طلب منا أن تحرك لأجل أن تقوم بعملية إيصالنا إلى الإيمان، فإذا هذه الوسائل لم تحرك في الإنسان دواعي الشوق للإيمان بالله سبحانه وتعالى لم تعد لها قيمة.
وتدبروا معي في التناسب بين أول آية في سورة الأنعام، وبين آخر آية في سورة الأنعام الآية (165) يقول الله عز وجل:﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيم﴾[الأنعام:165].
الآية الأولى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون﴾[الأنعام:1].
والآية الأخيرة: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ﴾.
تدبروا معي في المناسبة: لماذا ربي سبحانه خلق السماوات والأرض، لماذا جعل الظلمات والنور؟ لماذا خلقنا، ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق ما هو الحق؟ الحق أننا خلائف الأرض، الحق أنه سبحانه وتعالى أعطانا مهمة أعطانا شيء أوكل إلينا أمانة، خلائف الأرض، تدبروا معي في الآية آية عظيمة: ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ في الرزق في المال في الجاه في العلم في الشكل في أشياء مختلفة، درجات، تنوع، تميز، اختلاف، ولكن ليس لأجل أن يكون هناك صراع بيننا، بل لأجل أن يكون تكامل في الأدوار، وتعاون ﴿لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾ ربي سبحانه وتعالى يختبر كل واحد فينا فيما آتاه، وليس فيما لم يؤته، فأنا لا أُسأل عن إمكانيات ليست بيدي، ما هو ليس بمقدوري أنا لا أُسأل عنه، ولكني أسأل عما هو في يدي، وما الذي هو في يدي؟ في يدي الكثير، وأعظم نعمة كما ستأتي علينا سورة الأنعام “وسائل الإدراك” هذه القدرات المهولة القدرات العقلية، ماذا نفعل بها؟ إلى أين توصلنا، وكيف يمكن أن تكون عوناً لنا في الوفاء بالعقد مع الله سبحانه وتعالى، وإخراجنا من ظلمات شتى، والحيرة والريبة، والتردد، وربما حتى الإلحاد والعياذ بالله كما هو واقع حتى في زماننا، اليوم العالم يعيش موجات من الإلحاد تنتشر وللأسف خاصة بين فئات الشباب لماذا؟ أكيد أسباب كثيرة، ولكن ربما يكون واحد من تلك الأسباب ونحن نحتاج في الحقيقة أن نعترف وأن نواجه أنفسنا القرآن كتاب يعلمني كيف أواجه نفسي، ليس من باب جلد الذات ولا تأنيب الضمير فقط، جلد الذات مرفوض! إذاً من باب الإصلاح، من باب الاستدراك، من باب أن أستدرك ما فاتني، من باب أن أتعلم من أخطائي أتعلم من الأشياء التي لم أحاول أن أستكملها في حياتي، قبل فوات الأوان، نحن نقول: أنه ربما يكون من أسباب كذلك موجات الإلحاد كذلك خاصة في بعض البلدان العربية والمسلمة، تلك الطريقة التي علمنا فيها أبناءنا الدين، نحن كآباء كأمهات معلمين في المدارس أساتذة، موجهين، تربويين، هناك طريقة استعملت واضح جداً أنها تختلف عن ما جاء في كتاب الله عز وجل عن ما جاء في سورة الأنعام، سورة الأنعام محور السورة الأساس تعليم وتجديد الإهمال، الإيمان إذا جدد تجددت معه الحياة الإنسانية، عادت الحياة الإنسانية إلى إشراقاتها، إشراقاتها في النفس نوراً، وفي المجتمع وفي الكون، أخلاقيات وحضارات وعمران، هذه المعاني العظيمة جاءت وسائل التعليم فيها في سورة الأنعام. للأسف الشديد اعتاد الكثير من المربيين من المعلمين ومن الأمهات الطفل حين يسأل وهو دليل على أن الفطرة بدأت تتحرك في نفسه، يسأل من خلقني؟ من أعطاني؟ من على كذا من جاء بكذا؟ فكثير من الأحيان نتهرب بعدم الإجابة أو لا تتكلم لا تسأل، يكفي أسئلة، قل فقط لا إله إلا الله محمد رسول الله، تلقين لقناهم الإيمان، لقناهم العقيدة، والإيمان الذي تبنيه سورة الأنعام إيمان لا يأتي عن طريق التلقين، إيمان يبنى، إيمان يتعلمه الإنسان، يتعلمه في محراب الكون الطبيعة التي أمامه المليئة بكل الدروس بكل المعجزات بكل الآيات، وسنرى سورة الأنعام مليئة بالأسئلة عشرات الأسئلة العقل البشري إن لم يسأل ويبحث ويستفسر كيف سيصل إلى الحقيقة؟! كيف يصل إلى ذلك الإيمان القوي، الذي تريد سورة الأنعام أن تبنيه وأن تجدده في نفس المؤمن، وفي نفوس المؤمنين جميعاً.
نبينا صلوات الله وسلامه عليه، ماذا كان يفعل في غار حراء؟ كانت تدور عينه هنا وهناك يسأل يتأمل، يبحث، هذا النوع من السؤال، وهذا النوع من التدرج في التفكير مهم جداً لبناء الإيمان والعقيدة، لابد أن يبنى بهذا الشكل الذي جاء في سورة الأنعام. تدبروا معي في الآيات، الآية التي تليها قال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ﴾[الأنعام:2] تدبروا معي: من السماء إلى الأرض إلى أنفسنا، تدبروا كيف القرآن يصل بين الكون على سعته وبين ذلك المخلوق العجيب الإنسان، لماذا هذا الوصل؟ لا بد لذلك الوصل، نحن جزء من هذا الكون، الكون محكوم بقوانين بسنن وضعها الله سبحانه وتعالى الذي خلق ونحن كذلك: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُون﴾[الذاريات:21].
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُون﴾[الأنعام:2].
تدبروا معي في تلك الأسئلة الاستنكارية التي تحرك في الإنسان من الذي خلق، من الذي خلق من طين؟ أيمكن بعد ذلك أن يقع الإنسان في هذا الفعل ثم أنتم تمترون؟!.
وتدبروا في الآية التي تليها أول مقطع من سورة الأنعام الآيات لها وقع قوي حتى في السماع: ﴿وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُون﴾[الأنعام:3]. وتدبروا معي! بدأ بالسر، قال: ﴿ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ﴾ السر: الذي هو أخفى يخفى على الناس، ولكنه لا يخفى الله سبحانه. تدبروا معي! كيف يحرك هنا القرآن ويبعث الإيمان في النفوس، هذا الرب الذي خلق: ﴿وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُون﴾[الأنعام:3].
فمنذ الآيات الأُول في السورة تبدأ سورة الأنعام تحرك مجالات العاطفة لأن الإنسان لا يقع في ظلمة الكفر والجحود والبُعد عن الله عز وجل إلا حين تتحجر عواطفه، فالإنسان صاحب القلب الحي والعواطف الحية الجياشة لا يمكن إلا أن يذعن لله سبحانه الذي سجد له ما في السماوات وما في الأرض، فكيف لا يسجد له ذلك الإنسان الذي خلقه ربي عز وجل من طين؟!.
وتدبروا في الآية التي تليها انظروا في التناسق في كتاب الله قال: ﴿وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِين﴾[الأنعام:4]. إذاً الآيات تأتي، نعم كل شيء في حياتنا كل شيء في أنفسنا هو آية، اليد وهي تتحرك هي آية، العين السمع، كل شيء، والكون من حولنا في كل ذرة من ذراته آية، ولكن هؤلاء القوم الجاحدين ما كانت تنقصهم الآيات الحسية التي طالبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى يبدأ الإيمان يستيقظ في نفوسهم، لماذا؟ لأن هناك حائل بينهم وبين الإيمان، ما هو؟ الإعراض: ﴿إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِين﴾ الآيات موجودة، كل الآيات موجودة، الإشكالية في نفس المتلقي نفس الإنسان كلنا نمر على الآيات المبثوثة في الكون، ولكن من البشر من يمر على الآية في خلق السماء في الغروب في الشروق في الصباح في المساء، فإذا به دموعه تنهمر عواطفه تتحرك لسانه يلهج بذكر الله عز وجل، جبهته تسجد للخالق الذي خلق. وإنسان آخر يمر على نفس المنظر تماماً، وربما أكثر من هذا المنظر، وكأنه لم ير شيئاً كل شيء عادي لماذا عادي؟ ما عادت تحرك ولا تتحرك فيه الوسائل التي يمكن أن توصله لله سبحانه وتعالى لما وجد في ذاته من الإعراض والصد، ولذلك الإنسان المؤمن بحاجة إلى التخلص من هذا الداء ألا يكون في قلبه إعراض عن الله سبحانه وتعالى. إنابة، مقابل ذلك الإنابة، والرجوع والإخبات حتى حين يصدر منه الخطأ أو الذنب، «كل ابن آدم خطأ» ولكن عليه أن يبادر بالتوبة، يبادر بالاستغفار يستعجل بها، ولا يقع في هذا الحكم.
ثم بعد ذلك جاءت الآيات كل آية هي في حد ذاتها أسلوب من أساليب إيقاظ بواعث الإيمان والتوحيد في قلب الإنسان، قال: ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ﴾ تدبروا معي الآن! السماوات والأرض، خلق الإنسان، ثم بعد ذلك في عمق التاريخ وقصص القرآن والقصص التاريخية ليست هكذا فقط ذكرت في كتاب الله عز وجل، ليس هناك شيء يذكر هكذا في كتاب الله عز وجل بدون مقصد أو غاية.
وتدبروا في اللفظة: ﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ يعني: يحتاج الإنسان أن يرى، والرؤية تختلف عن الإبصار، الرؤية فيها تعقل، فيها انفعال لحاسة البصر بما يراه الإنسان أمامه، فيستخلص شيئاً مما ينظر إليه، المسألة ليست مجرد أني أنا يقع نظري على شيء، ولكن ماذا حقق ذلك الفعل في نفسي؟ ما هي النتيجة المترتبة على ذلك؟ قال: ﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِين﴾[الأنعام:6].
في عمق التاريخ انظر كم من قرن وكم من أمم وقعت فيها سنة الهلاك، وربي عز وجل أعطاها لتلك الأمم كما أعطاكم أنتم، كما يعطينا نحن، أنهار، ماء أشجار، شمس، ليل، نهار، أعطانا، ولكن ما الذي حدث؟ ﴿فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾ الذنوب: البلاء والبلايا، والأوجاع، والأمراض، والكوارث الإنسانية والطبيعية وكل شيء يحصل بأي شيء؟ قانون ﴿فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾ الذنوب ثقيلة، الذنوب هي التي تفسد علينا حياتنا، اليوم عدد من الناس عدد يشتكي من الهم ويشتكي من الحزن ويشتكي من الألم ويشتي من ضيق الصدر، وأحياناً بلا سبب محسوس ليس هناك سبب معين، الذنوب لها طعم مرير مذاق مرير، لها ألم، لها وخز في الصدر، لها يمكن أن ينجو الإنسان إلا بالتوبة منها والاستغفار، والرجوع إلى الخالق سبحانه الذي يغسل وينقي ويطهر القلب، وما من شيء يطهر القلب الذي أصيب بهذه الأدواء والأمراض من الذنوب مثل التوحيد، التوحيد لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، ولكن ليست كأيّ لا إله إلا الله تلفظ باللسان، وعدّ بالمرات، هذا عمل جيد، ولكن العمل الذي له تأثير قوي وعظيم الذي ينقي ويغسل ويصفي القلوب هو ذاك الاستشعار والاستحضار لمعاني لا إله إلا الله، هل هناك في الكون إله غير الله؟ هل هناك إله في الكون غيره يخلق ويعطي ويمنع ويأخذ ويحيي ويميت، وقادر على كل شيء وغفور ورحيم؟ لا!
ثم قال: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِين﴾[الأنعام:7] هم يريدون منك معجزات حسية، لماذا؟ المسألة ليست في الآيات الحسية، وإلا الآيات مبثوثة في كل مكان، المسألة في تلك القلوب المريضة، القلوب التي تحجرت، والمشاعر التي تصلبت، فما عادت تؤثر فيها مواعظ الآيات ولا القرآن: ﴿وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾[الأنعام:8] أرادوا أن تنزل عليه الملائكة: ﴿وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُون﴾[الأنعام:8].
تدبروا معي! في تلك الحوارات: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُون﴾[الأنعام:9].
إذاً ما الحل؟ عليك أن تدرك يا محمد صلى الله عليه وسلم، وكل من يدرك معاني هذه الرسالة، ويريد أن يقوم بحمل أمانة إيصال الرسالة رسالة التوحيد: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُون﴾[الأنعام:10] إشكالية خطيرة قضية الاستهزاء والسخرية بقيم الدين، بأشخاص الأنبياء، بالآيات، بالنذر، بالأديان، فماذا كانت النتيجة؟ ﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُون﴾.
ولذلك نحن قلنا ونقول: من أخطر الأشياء يواجهها الإنسان المعاصر اليوم قضية الاستهزاء بالدين، قضية خطيرة جداً، والنتائج المترتبة عليها نتائج كارثية، الاستهزاء والسخرية بالدين، لأن الإنسان في قضية التصديق أو الإيمان هناك رسالة معروضة عليك: إما أن تؤمن بها، وإما لا تؤمن بها، ولكن أن تجعلها مادة للسخرية وللاستهزاء، فكأنك تقول: ما عاد القضية فيها نقاش أو جدال غير السخرية!! وهذا أبشع أنواع تعامل الإنسان مع الأفكار ومع الأقوال ومع ما يطرح أمامه! ما هو البديل؟ القرآن طرحه، المناقشة المحاججة أن تأخذ وتعطي بالكلام، أن يكون هناك تبادل للآراء، ولذلك القرآن العظيم في هذه السورة عشرات الأسئلة، عشرات الأسئلة في سياق الاستنكار حتى، عشرات الحجج بالمنطق، يحاكي ويقابل ويحدث العقل البشري العقل الإنساني، ولكن أي عقل، ليس العقل الذي يجعل من مادة الدين مادة سخرية، لأن هذا الذي يجعل من الدين مادة للسخرية والاستهزاء، هذا ليس معه حوار، ولا نقاش، لماذا؟ لأنه أبسط مبادئ النقاش والدخول في الحوار، احترام الطرف الآخر، هذه ليست قضية حرية رأي هنا، تدبروا معي في هذه المعاني العظيمة، حتى نفهم كيف نتعامل مع الناس، مع الآخر، كيف نتكلم مع العقلاء في العالم من مختلف الأديان، هذه قضايا تتعلق بالعقل وبالمنطق.
ثم مرة أخرى قال: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِين﴾[الأنعام:11] تدبروا في كل كلمة: السير في الأرض، ثم قال: ثم انظروا، ليس انظروا عاقبة المكذبين، ولكن كيف كانت عاقبة المكذبين، “كيفية” ولذلك قلنا في البداية: أعظم كتاب يحرّك في الإنسان عبادة التفكير هو القرآن، والتفكير الإيجابي التفكير الذي يقود الإنسان لما فيه خيره وصلاحه في الدنيا والآخرة. الإنسان كائن مفكر، ولماذا له هذه القدرة على التفكير؟ لأنه هو الكائن الذي خلقه الله سبحانه وتعالى وأعطاه مهمة الخلافة، وأمره بأشياء ونهاه عن أشياء، وأعطاه أشياء ومنع عنه أشياء، لأجل أن يعيش على هذه الأرض، يبني ويعمّر ويؤسس ويُصلِح وينهى عن الفساد، هذه لا يمكن كلها أن تحدث بدون تفكير.
وبدأ التنوع بالأساليب في عرض قضية الإيمان وتجديده قضية السورة الأساس، ﴿قُلْ﴾ وكلمة (قل) في سورة الأنعام جاءت مرات عديدة تزيد على الأربعين (قل) دور النبي صلى الله عليه وسلم: البلاغ، أما كل القرآن هذا فهو ليس له فيه إلا البلاغ، فأنت دورك أن تقول: ﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قل لله﴾ هذا حقيقة، من يدّعي ومن يتمكن ومن يستطيع أن يدعي أن له شيئا؟! ﴿قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ سبحانه! وتدبروا في الكلمة (كتب على نفسه الرحمة) مالك متصرف مقتدر وكتب على نفسه الرحمة! شيء عظيم، وسورة الأنعام مليئة بعشرات الصفات والأسماء لله سبحانه وتعالى قدرة ورحمة. كثير من الناس اليوم يعزون قضية الرحمة إلى الضعف، يتوهمون أن الرحمة تعني الضعف، أن الإنسان إذا كان قوي الشخصية مثلاً فيفترض أن يكون متماسكاً وغير عاطفي، ولا يظهر أمارات الرحمة، – ولله المثل الأعلى – قادر، ولكنه رحيم بعباده، مالك متصرف، ولكنه سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها.
﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾[الأنعام:12].
الإيمان باليوم الآخر. (الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون) تدبروا في الكلمات وفي وقع الكلمات قوية الإيقاع، وهل يمكن أن يخسر الإنسان نفسه؟ نعم، كيف؟ بعدم الإيمان ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾. أنت حين لا تؤمن بالله أنت تخسر، تخسر نفسك، ما قيمة أمتلك كل شيء في الدنيا، وأكون قد خسرت نفسي؟! ما قيمة الأشياء؟! نفسي هي أغلى شيء، فما قيمة أن أربح كل الأشياء، وأخسر نفسي؟!! ولاحظت في تدبر كثير من سور القرآن، أن مفهوم الربح والخسارة في كتاب الله عز وجل كمفهوم يختلف تماماً عن مفهومنا للربح والخسارة، نحن حتى في اللهجات العامية نقول: يا خسارة! إذا الإنسان خسر شيئاً من متاع الدنيا يا خسارة! لكن الخسارة التي يحدثنا القرآن عنها الخسارة الحقيقة أن يخسر الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالى، أعظم علاقة، أعظم عقد يخسره الإنسان هو ذاك العقد بينه وبين الله سبحانه. أحياناً كثيرة الإنسان تمر به لحظات ندم، أو حسرة على شيء قد فاته من عروض الدنيا، شراء شيء اعتبره أنه نوع من أنواع الصفقات أو الفرص التي لا تعوض، ولكن في الحقيقة كل شيء ممكن أن يعوّض طالما أنه متعلق بمتاع الدنيا، ولكن أن يخسر الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالى فهذا شيء لا يمكن أن يعوّض: ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾ فما الحل؟ تعالجه السورة آية بعد آية قلنا أن السورة تعالج قضية الإيمان تفي معاني الإيمان العظيمة في نفس الإنسان، وليس أيّ إيمان! المسألة ليست مجرد إيمان تصديق وشعور وكلمة، فعل، تطبيق، واقع، تنفيذ، استجابة لأمر الله، استجابة للتشريع في واقع الحياة.
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾[الأنعام:13] جولات، تنقلات بين مختلف المظاهر والأشياء في حياة الإنسان وفي الطبيعة وفي الكون.
﴿قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ وهنا يأتي الحديث عن قضية الولاية، الإنسان في الدنيا وهذه أيضاً من المعاني المتعلقة بالتوحيد والإيمان والعلاقة بالله عز وجل، لا بد أنه يوالي أحدًا، يوالي شيئاً، يكن له ولاء لشيء ما، فأنت يا إنسان توالي من؟ وتتخذ ولياً يتولى شؤون حياتك وكل ما يتعلق بشؤونك من سوى الذي فطر السماوات والأرض؟!.
وتدبروا معي في الكلمات: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَين﴾[الأنعام:14].
معاشي وحياتي وكل ما تقوم به السماوات والأرض إنما هو بأمره وبيده سبحانه، فمن ذاك الذي يستحق أن أتخذه ولياً غير الله سبحانه؟! تدبروا كيف تأخذ بالإنسان إلى الإيمان، هذه السور العظيمة بآياتها التي تقرع القلوب تقرع مسامع القلب، تحرك فيه الوجدان، تحرك فيه منابع ومكامل الحياة، والحياة لا تكون إلا بالإيمان، حياة القلوب بالإيمان، حياة القلوب بإيمانها بخالقها سبحانه وتعالى بلجوئها إليه، باستشعارها بتلك المعاني بأن لا مجال لها ولا سبيل ولا أحد إلا الله سبحانه ﴿قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيم﴾[الأنعام:15].
تدبروا في الآيات سورة الأنعام من الأشياء التي تميزها عن غيرها من سور القرآن: أنك حتى حين تتناول مقطع من الآيات مجموعة من الآيات تجد نفسك أنك بحاجة إلى أن تقف عند كل آية آية آية، لأن في كل آية هناك وسيلة وآلية تجدد الإيمان في قلبك. حدثنا هنا عن الولاية وقال ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وقال:﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ وتدبروا بعدها ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُير﴾[الأنعام:17]. تدبروا في الخطاب والنداء العاطفي الإنسان بطبيعته حين يمسه الضر يتوجه لله سبحانه وتعالى، يستشعر الضعف (وخلق الإنسان ضعيفاً) ولكن الإشكالية أنه يغترّ حين يكون صحيح البدن، معافى في بدنه قوي البنية لديه مال، لديه كل ما يحتاج إليه، يعتقد أن الأمر قد انتهى، وأن الأشياء قد ضمنت، ولكن ليست هذه هي الحياة، ربي سبحانه وتعالى جعلها تتقلب بنا، لماذا تتقلب بنا؟ لنرجع إليه، لندرك أنها حياة ودار ابتلاء، وليست دار بقاء، أنها إلى زوال وأن البقاء الحقيقي هو في تلك الدار، الدار الآخرة ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ إذا كان لا يكشف الضر إلا هو، ولا يعطى الخير إلا هو، فمن الذي يستحق التوحيد والتوجه إليه بالعبادة؟! من؟! الأولياء الذين يتخذونهم الناس من البشر ومن الحجر، من؟! وهذه حقيقة أقوياء الدنيا سلاطين الدنيا ملوك الدنيا كل من أوتي شيئاً من متاع الدنيا، واعتقد أنه على قوة، لو مسه الله سبحانه وتعالى بشيء من الضر ألم في الرأس، صداع، ألم في البطن أي شيء من الأشياء المختلفة بما يتعلق ببدنه أو بشيء آخر، كل ما يمتلكه وكل من حول هذا الإنسان لا يستطيعون أن يرفعوا شيئاً من الضر عنه، وتدبر معي حين يمتحن الله سبحانه وتعالى عباده بالمرض، المرض امتحان، أنت لا قدر الله قد تنظر إلى أمك أو إلى أبيك على فراش المرض يعاني من المرض، ولا تملك أن تفعل له شيئاً، وربما يكون قد وضعت عليه أجهزة، أجهزة إنعاش أجهزة التنفس أشياء مختلفة حسب الأمراض، نسأل الله الشفاء والعافية لكل مرضى المسلمين.
السؤال: أنت ابن أو ابنه أو زوج أو زوجة، أو قريب، أو حبيب، أو صديق، وتريد بالفعل إرادة حقيقية أن ترفع عنه البلاء أو المرض، ولكن هل تملك ذلك؟ لا، من الذي يملك؟ القاهر فوق عباده ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير﴾[الأنعام:18]. قهر عباده بأشكال مختلفة سبحانه، قهرهم بالمرض، قهرهم بالابتلاء، قهرهم بالموت الذي لا بد أن يطرق باب كل حيّ، كل حيّ لا بد أن يطرق بابه الموت، قوي ضعيف صغير كبير، غني فقير، رجل امرأة، مريض صحيح، يطرق الأبواب ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾. وتدبروا معي ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير﴾ تدبروا في التناسب في الأسماء والصفات في هذه السورة العظيمة، حكيم خبير بعباده في حال قهره أيضاً لهم، لماذا؟ لأننا نحتاج أحياناً كذلك القهر، ولأنه سبحانه حكيم وخبير بنا، قهر عباده بالابتلاء، لماذا؟ ليس من باب الانتقام الذي ينتقم هو الذي لا يقدر على فعل الشيء، وربي سبحانه على كل شيء قدير، إذاً لماذا؟ ليعالج نفوسهم ويعيدهم إليه، نحن عباد، هو سبحانه وتعالى من خلقنا، وهو يتولانا، ولذلك قال: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً﴾ تدبروا في وقع الآيات: ﴿قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ﴾ إذاً بمَ أشهد؟ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون﴾[الأنعام:19].
هنا تأتي شهادة التوحيد، هنا تأتي الكلمة، هنا تأتي البراءة من كل الشركاء، هنا تأتي نقاوة وصفاوة التوحيد، تدبروا في الكلمة: قل لا أشهد أن مع الله آلهة أخرى، ولكني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، هنا تكون كلمة الشهادة هي فعلاً التي تثقل بها موازين العباد، كلمة الشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، تثقل بها الموازين، تزيد بها الحسنات، تمحى بها السيئات، يعفى بها عن الخطايا، كيف؟ حين تخرج بهذا اليقين، لا أشهد أن هناك أحد مع الله سبحانه وتعالى، ومن ذا الذي يكون معه وهو الخالق القادر الذي يكشف عن عباده الضر، الذي يعطي الذي يأخذ سبحانه! حكيم خبير سميع عليم بصير قدير غفور رحيم، أنّى لي أن أقول أو أزعم أن معه آلهة أخرى؟!!.
تدبروا معي في وقع الآيات كيف توقظ الإيمان، كيف توقظ الفطرة التي نامت، الفطرة قد تنام، الفطرة قد يعلوها الصدأ، وغبار الآثام والبُعد عن الله عز وجل، سورة الأنعام تُخرج كل هذا. وهنا وبعد الحديث عن نقاوة التوحيد قال: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ كيف يكون موقفهم من الكتاب؟ ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ﴾ وتدبروا في الآية: ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾[الأنعام:20].
الآية التي قبل ذلك قال: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾[الأنعام:12]. هنا جاء الحديث عن الخسارة، ومرة أخرى الحديث عن الخسارة في أي موضع؟ في موضع أولئك الذين يؤتَون الكتاب، ولكنهم لا يعرفونه! تدبروا في الكلمة: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ﴾[الأنعام:20] آتاهم الكتاب سواءٌ كانوا من أهل الكتاب، أو حتى نحن الكلام سياق الآيات والكلمات نحن أيضاً أتانا الله عز وجل وأعطانا كتاباً فهل فعلاً نحن نعرفه كما نعرف أبناءنا؟ ليست مجرد معرفة شكلية الإنسان يعرف ابنه معرفة حقيقية معرفة الخبير، معرفة المدرك، المتيقظ، الفطن، الذي تقوده تلك المعرفة إلى أن يدرك معاني الدنيا، ومعاني الآخرة، وبالتالي لن يخسر نفسه.
أما إذا لم يعرف فعلاً فهناك جاء الحديث عن الخسارة قال: ﴿الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون﴾ لماذا؟ لأنهم عرفوا الكتاب وخالفوه، عرفوا الحق، وخالفوه، نظروا إليه، ولكنهم ما اعتبروا به، ساروا وراءه ونظروا في كيفية عاقبة المكذبين، ولكنهم ما اعتبروا! هنا يأتي الكلام عن الخسارة، خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون، أعظم خسارة عدم إيمانك بالله سبحانه وتعالى، ولذلك هنا قال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون﴾[الأنعام:21].
والتكذيب بالآيات ليس فقط أن يقول الإنسان: أن هذا الكتاب غير منزل أو ما شاء، التكذيب له أشكال، له أنواع، واحدة من أشكال التكذيب أن الإنسان ينظر إلى الآيات ويهز برأسه صح صح صح سبحان الله! ولكن كل تفاصيل حياته بعيدة ومناقضة كل البُعد لتلك الآيات، هذا نوع من أنواع التكذيب، ولذلك قال: ﴿لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون﴾[الأنعام:21].
ثم قال: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُون﴾[الأنعام:22].
سورة الأنعام من السور التي تجعل يوم القيامة قضية حاضرة في واقع الحياة، لماذا هذا التقريب الشديد ليوم القيامة، حتى يدرك الإنسان أن يوم القيامة ليس ببعيد، أبداً، قريب يرونه بعيداً ونراه قريباً، حاضر، الإنسان لا يعرف متى فعلاً تقوم قيامته، متى تنتهي أنفاس الحياة، فحينئذٍ أين شركاؤكم الذين تزعمون؟!!.
ثم تدبروا معي قال: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِين﴾[الأنعام:23] ولكن الشرك والإيمان ليس مجرد ادعاء ولا كلمات باللسان: ﴿انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون﴾[الأنعام:24] الإنسان يكذب على نفسه، يكذب على نفسه حين يتصور أنه مؤمن بمجرد قول كلمة، أو أنه غير مشرك، وهو في واقع حياته قد أشرك، كيف الإنسان يشرك وهو يقول: أنه غير مشرك؟! يتوجه بالولاء لغير الله سبحانه وتعالى، يظن ويتأكد ويقتنع ويتصور ويتوهم أن هناك من البشر من يملك له الضر أو النفع، وأن هناك من يستطيع أن يقدم له رزقاً من دون الله إذا رضي عنه، وإن سخط سيمنع عنه الرزق، مع البشر، هذه الأعمال القلبية أو الحسية، أعمال تناقض صفاوة التوحيد ونقاوته، لا يستقيم معها التوحيد، التوحيد الخالص الذي يخلص فيه القلب من النظر لأي أحدٍ إلا الله عز وجل نفعاً وضراً واستعانة وعطاءً واستغاثة وتوكلاً ورزقاً، هذه أعمال قلبية لا بد للإنسان أن يخلّصها من شوائب الشرك، والنظر إلى الخلق، الخلق لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وربي عز وجل هو الذي يعطي ويمنع ويأخذ وما البشر إلا مجرد أسباب، والأسباب لا تعمل بذاتها، وإنما تعمل بأمر الله عز وجل، ولذلك قال: ﴿كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون﴾[الأنعام:24] وأصعب شيء أن يكذب الإنسان على نفسه، أن يوهمها بشيء.
وتدبروا معي في بقية الآيات: ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ الآن بدأت السورة تفصل في الأمراض التي تحول بين الإنسان وبين نقاء التوحيد والوصول إليه. يستمع إليك فعلاً، إذاً ما الذي حدث؟ ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين﴾[الأنعام:25]. لماذا؟ الكفر حاجز، حتى حين يستمع الإنسان إليك، يستمعون إليك في واقع الأمر هناك على القلوب أكنّة وأغطية تمنعه من الفهم تمنعه من الفقه المعرفة الدقيقة التي توصلهم إلى الإيمان، وفي الآذان التي فعلاً هم يستمعون الكلمات، ولكن هناك وقر، هذا الوقر الحاجز لا يجعل الأذن – وهي حاسة تلتقط الأصوات والكلمات تحولها إلى مفهومات – لا تحول إلى العقل، ليس هناك مفهومات.
وحتى حين يروا كل آية لا يؤمنوا بها، كما ذكرنا في بدايات السورة المؤمن والكافر، المؤمن ينظر إلى آية غروب شمس شروق شمس، فتراه يخرّ بين يدي ربه ساجداً، والكافر يمر على نفس المنظر، ولا تحرّك فيه شيء، ليس فقط الكافر طبعاً أحياناً الإنسان يتبلّد حسّه تتبلّد مشاعر الإدراك فيه، وهذه قضية خطيرة جداً؛ لأنه حين يتبلّد الإحساس كذلك يقسو القلب يتصلّب فيبدأ التوحيد يتبلّد كذلك يحتاج إلى تجديد، وهذا ما تقوم به هذه السورة العظيمة. ولذلك قال: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ إعراض، هذا التصوير الدقيق ينهون عنه وينأون عنه، ولكنهم هم في واقع الأمر في إعراضهم ونهي غيرهم عن الاستماع لهذا الكتاب العظيم، هكذا كان يفعل كفار قريش، كانوا يحولون حتى بين من يأتي من القبائل الأخرى من خارج مكة، وبين أن يستمعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتلو القرآن، والقصص كثيرة جداً في هذا السياق: (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) لا تستمعوا ولكن هم في واقع الأمر ﴿وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ﴾ ولكن الإشكالية الخطيرة أنهم: ﴿وَمَا يَشْعُرُون﴾[الأنعام:26] كيف يُهلك الإنسان نفسه؟ يُهلكها بإبعادها عن خالقها، والله البُعد عن هذا الكتاب العظيم هلاك! البُعد عن كتاب الله سبحانه هلاك! هلاك حقيقي، البُعد عن آيات هذا الكتاب واستحضارها وتلاوتها والإيمان بها، وتنزيلها وقعاً في الحياة، هلاك، ولا يأتي إلا بالخسارة والهلاك للجنس البشري، وكل ما نعاني منه كل ما تعاني منه البشرية اليوم، بدون أي مبالغ، المرجع الأول له والسبب الرئيس فيه هذه الجفوة مع كتاب الله سبحانه وتعالى، جفوة، انقطاع، وما يهلكون إلا أنفسهم، لكن أين الإشكالية الخطيرة؟ ﴿وَمَا يَشْعُرُون﴾، هذه مشكلة أن الإنسان لا يشعر، هو مريض ولكنه لا يشعر بالمرض، القلوب تمرض، والإشكالية والخطورة في قضية مرض القلب أن الإنسان حين يمرض الجسد يشتكي صداع ألم حرارة فيذهب يسارع للطبيب ليعالجه، ولكن القلب حين يمرض قد لا يشعر الإنسان بمرضه، قد لا يشعر متى يشعر؟ حين يديم عرض ذلك القلب مع كتاب الله يديم التواصل مع كتاب الله عز وجل، فإذا حصل أي أمارة أو أي عارض من عوارض المرض استشعر بها، وإلا لا يشعر إلى أن: ﴿وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ﴾[الأنعام:27] ما شعروا بأنهم يسيرون في طريق تهلكهم وتفسد عليهم حياتهم ودنياهم وأخراهم، إلى أن وقفوا على النار، فماذا قالوا؟ ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين﴾[الأنعام:27] إذاً؛ التكذيب بآيات الله عز وجل مفتاح الهلاك في الدنيا وفي الآخرة.
تدبروا ﴿بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون﴾[الأنعام:28] لو رجعوا إلى الدنيا لرجعوا إلى كفرهم، ربي خبير بهم، خبير بعباده، ونحن قلنا في بدايات الربط بسورة المائدة: أن سورة المائدة كانت تتكلم على العقود وأن أكبر عقد هو عقد الإيمان بين الإنسان وربه، نحن في حياتنا، نحن كمسلمين في مرات كثيرة تعرض لنا أوقات ضعف، أوقات مرض فنقول في أنفسنا نقرر إن شافاني الله سبحانه وتعالى من هذا المرض سأفعل سأفعل سأغير حياتي سأفعل كذا! يشاء الله عز وجل ويعطيني ما أردت، يعطيني فرصة، لكن السؤال: كم منا يتعلم من ذاك الموقف، ويأخذ الفرصة فعلًا؟ كم منا حين يعطيه الله سبحانه وتعالى بعد مرض، يصبح أحسن مما كان من قبل ذلك، كم منا؟! المشكلة الإنسان في كثير من الأحيان يكون سريع النسيان، لكن ما الذي يذكره ويعيد الأمور إلى نصابها؟ هذا القرآن العظيم. هؤلاء القوم كذبوا بالبعث: ﴿وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِين﴾[الأنعام:29].
واللافت للنظر أن في سورة الأنعام كثيراً ما ذكرت قضية الخسارة ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا﴾[الأنعام:30] ثم بعدها قال: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ﴾ طبعاً خسارة عظيمة، ﴿حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ الساعة لا تأتي إلا بغتة فجأة بدون مقدمات، بدون مقدمات ليس بمعنى: علامات وأمارات الساعة، لكن بمعنى: هي هكذا هذا من طبيعة الامتحان، وربي عز وجل لم يخف ذلك عنا، أعلمنا به، أن الساعة لا تأتي إلا بغتة، وأن أمرها كلمح البصر أو هو أقرب. ﴿قَالُواْ يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ وتدبروا في الآية: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون﴾[الأنعام:31] انظر في التشبيه: هل الأوزار تُحمل على الظهور؟ لها ثقل، ثقيلة، الذنوب والآثام الخطايا تحمل هكذا على ظهورهم! ألا ساء ما يزرون، تدبروا في عظمة النص القرآني: ﴿يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ﴾ الذنوب ثقيلة البُعد عن الله ثقيل مؤلم، كل الأشياء التي تفصل بيننا وبين الله سبحانه وتعالى ثقيلة جداً، ولذلك قال: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون﴾ لماذا حدث ذلك؟ من الطبيعي أن يسأل الإنسان في نفسه في خاطره: لماذا هؤلاء الناس كانوا بهذه الغفلة؟ ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾[الأنعام:32] الحياة لعب ولهو، منا من يفقه هذه الحقيقة، فيدرك أن الدار الآخرة خير لمن؟ للذين يتقون؟ تدبروا في الكلمة: ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُون﴾ العقل يدرك أن طبيعة هذه الحياة لعب ولهو، ولكن الدار الآخرة خير، إذاً فإذا كانت هذه هي طبيعة هذه الدنيا فما المطلوب مني فيها؟ العمل. وما الذي يحول بيني وبين كل هذا الإيمان؟ جحود، نكران، قال: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ﴾ في قرارة أنفسهم يدركون أنك على الحق ﴿وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُون﴾[الأنعام:33] جحود، ليس قائمًا على الجهل، جهل مركّب، ليس بمعنى: أن الإنسان لا يعرف الحق، لا، هو يعرف الحق، ولكنه مع ذلك يجادل فيه ويجحده وينكره، جَحود!. ولكن اعلم يا محمد صلى الله عليه وسلم تسلية لقلبه عليه الصلاة والسلام هنا ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ﴾ سنّة، كُذِّب رسل: ﴿فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ﴾ سنة من السنن، أي سنة من السنن صراع بين الحق والباطل، صراع أن هؤلاء ممن كذبوا يكذبون الصادقين، وكذلك من الابتلاء أن يكذب الصادق وقد كُذِّب الرسل، ونبينا صلى الله عليه وسلم لقب بينهم وعرف بينهم بالصادق الأمين، هم لقّبوه، ولكنهم كذبوه، تدبروا في المعاني: كذِّب الصادق الأمين، وكُذِّب كل الصادقين من الرسل، ولكن ذلك التكذيب لن يجعل من الصدق كذباً، ولن يجعل من الكذب صدقاً، ولن يجعل من الحقيقة جهلاً، ولن يجعل كذلك من الخير شراً، ولا من الشر خيراً، تكذيب هؤلاء القوم لن يغير حقائق الأشياء، ستبقى الحقائق كما هي، ستبقى الشمس آية من آيات الله، والليل، والنهار، والكون، والإيمان، والكفر والجحود، لا مبدل لكلمات الله.
ثم قال: ﴿وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾ إن ما استطعت أن تفهم وتتقبل لماذا هؤلاء القوم يعرضون عنك وعن رسالتك: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين﴾[الأنعام:35]، لا تحاول وتذهب نفسك حسرات عليهم، لأجل أن تأتيهم بآية حسية، لا آية بعد هذه الآية، آية القرآن لا آيات، وكن واثقاً أن هؤلاء القوم جاحدون لو جاءت كل آية لا يؤمنوا بها، ولذلك قال: ﴿وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ إذاً ماذا شاء الله؟ شاء الله عز وجل أن يهب الإنسان حرية الاختيار، وألا يُكرهه على الهدى، ولو شاء لجمعهم على الهدى، ولكنه شاء غير ذلك، ماذا شاء سبحانه؟ شاء أن يعطي الإنسان حرية الاختيار، ﴿فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ فانتهى الأمر: ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين﴾

وقفات تدبرية رمضان 1442هـ / سمر الأرناؤوط


سورة الأنعام ترتقي بالعقلية المسلمة في مواجهة العقلية الجاهلية وسورة الأعراف تطبيق عملي من خلال القصص القرآني.

سورة الأعراف رسالة الله عزوجل إلى البشرية عبر تاريخها من أول خلق آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وتبين كيف حادت الأمم عن رسالة الله وصدّت دعوة رسله.
وقد تكرر في السورة لفظ رسالة ومشتقاتها بشكل لافت جدا.
والسورة على طولها تبين أن أسباب الصدود عن رسالة الله للبشرية:
الاستكبار (تكرر لفظ الاستكبار كثيرا في السورة)
واتباع الشهوات
وهذا السببان نجدهما في كل قصص السورة وهما سبب كل صدّ عن الحق في كل زمان ومكان.
وتجلى السببان في قصة أول صدّ عن قبول رسالة الله تعالى في رفض إبليس السجود لآدم استكبارا (أنا خير منه) وصدّ آدم وذريته عن اتباع رسالة الله تعالى من خلال تزيينه للشهوات وتحريك نوازع النفس البشرية لحب الشهوات..
ونحن بحاجة أن نجاهد أنفسنا ضد الاستكبار لأنه ببساطة لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر
ونجاهد أنفسنا ضد اتباع الشهوات بالتقوى (ولباس التقوى ذلك خير)

(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) الأنعام)
ختام سورة الأنعام خارطة طريق العبد الذي يرجو لقاء ربه ويرجو جنته تدبروا كل حرف فيها ففيه الحياة في سبيل الله والقلوب تتلهف لنهاية الطريق المستقيم: لقاء الله وجنته.
هذا والله أعلم

وقفات وورديات سورة الأنعام / سمر الأرناؤوط


الختمة الأولى

بعد العهود والمواثيق والأحكام التي ذكرت في سورة المائدة لا بد أن يعرف العبد عظمة المشرّع سبحانه وتعالى فجاءت آيات سورة الأنعام تعرّف العباد بإلههم وخالقهم ورازقهم وتبين لهم براهين وأدلة عظمته واستحقاقه للعبودية وحده واستحقاقه أن يطاع فلا يُعصى وأن يُستسلم لأوامره تعظيمًا له وتقديسا وتنزيها مع المحبة الخالصة له سبحانه…

سميت سورة الأَنْعَام لما تكرر فيها من لفظ الأَنْعَام ست مرات من(وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً)إلى(إذ وصاكم الله بهذا)

تناسب الاسم والمقصد: السورة تبين عظمة الله وتثبت وحدانيته وأن التحليل والتحريم له وحده وأن التوحيد يشمل كل شيء حتى النُسُك والشعائر

سورة المائدة فيها تفصيل كثير في أحكام المطعومات، ولكنها ناقشتها من ناحية الحلّ والحُرمة بينما ناقشتها سورة الأنعام من ناحية عقدية

مجيء قصة إبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام وذكر محاجته لقومه الذين كانوا يعبدون الكواكب تتناسب مع سياق السورة فمن المعروف أن القرآن يذكر جزئية القصة القرآنية المتعلقة بمحور السورة العام وفي سورة الأنعام ذكرت المحاجة بين ابراهيم وقومه مبينا لهم بالدليل العملي أن الذي يستحق العبودية هو الذي لا يأفل ولا يغيب سبحانه وأما الكواكب والشمس والقمر فهي كلها مخلوقة مسخّرة من الخالق العظيم سبحانه.

ووقر في قلب إبراهيم شدة تعظيمه لله تعالى فما في الكون بعد الله العظيم شيء يخيفه فواجه قومه بكل قوة وبثقة الموقن بعظمة الله (قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٨٠﴾ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾)

 

عندما نتأمل أسماء الله الحسنى وصفاته العلا التي وردت في سورة الأنعام نجدها تؤكد عظمة الله الخالق وملكه للخلق وسيطرته عليه وقدرته فلنتتبع الآيات التي بدأت بـ (هو) (وهو) (قل) لنتعرف على صفات الله العظيم القادر القاهر فوق عباده الخالق سبحانه وتعالى…

 

سورة الأنعام تعلمنا حقيقة الألوهية والعبودية وما بينهما من علاقة وأن منهج جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام هو نفس منهج القرآن وهو: بيان عظمة الخالق سبحانه وتعالى وآياته الفطرية والعقلية والكونية التي تستلزم التوحيد في كل جوانب الحياة وتستنكر الشرك

 

سورة الأنعام تعلمنا أسلوب المحاججة مع الآخرين بالعلم الصحيح ومعرفة موضوع الحوار معرفة يقينية فلا يشتته كلام المجادلين ولا يشككه فيما عنده من علم ولعله لهذا السبب خصّت السورة بذكر محاجة إبراهيم عليه السلام لقومه وتكرر في مناظرته لهم ذكر لفظ الحجة (وحاجّه قومه) (قال أتحاجّونّي) (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم)

 

سورة الأنعام سورة التعريف بالله تعالى الخالق من خلال الآيات الكونية ولذلك تكررت فيها ألفاظ الرؤية والنظر والمشاهدة التي بها ترى هذه الآيات في الكون. ففيها (بصر) (نظر) (رأى) (شاهد) 41 مرة

سبق في سورة المائدة ذكر ما أحله الله تعالى في المطعم والمشرب وخص في سورة الأنعام ذكر الأنعام لأنها كانت قوام حياة العرب ولأهميتها عندهم بيّنت لهم السورة أن التحريم والتحليل لا يكون إلا من العظيم سبحانه الخالق القوي فالخلق خلقه والتشريع تشريعه وينبغي للخلق أن يلتزموا بهذا التشريع الإلهي ولا يتدخلوا فيه ولا يعدّلوا فيه على هواهم…

 

سورة الأنعام نزلت في مرحلة الجهر بالدعوة لهذا جاء فيها ذكر الحُجج والرد على الشبهات وفيها كثير من عادات العرب في الجاهلية والتي أبطلتها السورة.

قيل أن سورة الأنعام لما كانت تحتوي على العقيدة والتوحيد نزلت جملة واحدة لأن العقيدة لا تُجزّأ بينما الشرائع تنزل بالتدرج وأوضح مثال سورة البقرة التي حوت كثيرا من التشريعات نزلت على مدى سنوات

 

تكرر التفصيل في سورة الأنعام في الآيات التالية:

(وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55))

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97))

(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98))

(أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114))

(وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119))

(وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126))

وفي السورة أيضًا جاء وصف الله سبحانه وتعالى بأنه خير الفاصلين في الآية ولم يرد هذا الوصف في موضع آخر في القرآن الكريم (قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57))

سورة الأنعام سورة فصّلت الأدلة والبراهين على وحدانية الله سبحانه وتعالى وفصّلت في الأنعام وفصّلت الوصايا في خاتمتها، فصّلت أسماء الأنبياء حيث ورد فيها اسم 18 نبي (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿٨٣﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٤﴾ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٨٥﴾ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٨٦﴾) وفيها تفصيل مجادلة إبراهيم عليه السلام لقومه.

 

وتكرر ذكر الهدى في السورة بشكل لافت (عشرون مرة) ولعل هذا الورود يتناسب مع مقصد السورة وسياق آياتها التي تقدّم الدلائل والحجج والبراهين على وحدانية الله تعالى وألوهيته فالأولى لمن تلقى هذه الدلائل بالقبول والإيمان أن يهتدي للحق المبين والله أعلم.

(وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام)

(قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) الأنعام)

(فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) الأنعام)

(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) الأنعام)

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) الأنعام)

(وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ ۖ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87) الأنعام)

(ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) الأنعام)

(ُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90) الأنعام)

(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الأنعام)

(فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) الأنعام)

(وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَٰذَا ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) الأنعام)

(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) الأنعام)

(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) الأنعام)

(أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) الأنعام)

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161))

 

كلمة (وُقفوا) وردت في السورة مرتان ولم ترد في غيرها في القرآن

(وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) الأنعام)

(وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَٰذَا بِالْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30) الأنعام)

 

تكرر في السورة ذكر الشرك وهو منافٍ للتوحيد ويتناسب مع مقصد السورة وورد الحديث عن نفي الشرك في آيات قصة إبراهيم عليه السلام في محاجته لقومه

(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14))

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19))

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22))

(ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23))

(بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41))

(قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (64))

(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78))

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79))

(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80))

(وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81))

(ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88))

(وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94))

(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (100))

(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106))

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107))

(وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121))

(وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136))

(وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137))

(وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا ۖ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ ۚ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139))

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148))

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151))

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161))

 

سورة الأنعام على ما فيها من آيات وبراهين على عظمة الله عز وجلّ وقدرته في كونه وخلقه مما قد يورث الهيبة والخوف منه سبحانه وتعالى في قلب العبد ولأن القرآن ترهيب وترغيب ولأن العبودية لا تصح إلا بجناحيها الخوف والمحبة والرجاء ناسب أن يكرر في السورة ذكر رحمة الله عز وجلّ

(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12) الأنعام)

(مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) الأنعام)

(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (54) الأنعام)

(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) الأنعام)

(فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) الأنعام)

(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) الأنعام)

(أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُون (157) الأنعام)

 

(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)[الأنعام:59] تصور عظمة الله سبحانه وتعالى في هذه الآية في كل كلمة منها (مَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا)[الأنعام:59]، تأكيد لكلمة يعلمها مرة أخرى، (وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) [الأنعام:59] هذا التفصيل الدقيق لعلم الله عز وجلّ بهذه الدقائق من الأمور يفيد الإنسان أولاً في ذاته في نفسه هو أن يوقن بعلم الله عز وجلّ واطلاعه على خفايا نفسه هو، وأيضاً على معرفته بخفايا الناس فقرآءة الإنسان لهذه الآية وتكراره لها وإيمانه بها يورثه خوفاً من الله عز وجلّ وخشية له ومراقبة له ويقينا بعلم الله عز وجلّ الواسع الشامل.

سورة الأنعام أوضح الله تعالى لنا صراطه وعرّفه لنا الصراط (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وبيّن لنا سالكيه لنقتضي بهم (أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده)

 

لطائف في سورة الأنعام

سورة الأنعام رقمها 6 وقد وردت فيها كلمة (الأنعام) 6 مرات وفي أول آية فيها (وجعل الظلمات) و(الظلمات) وردت فيها 6 مرات وورد فيها (الكتاب) 13 مرة.

الأنعام:

  1. (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴿١٣٦ الأنعام﴾
  2. (وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ) [138]
  3. (وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا) [138]
  4. (وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [138]
  5. (وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا ﴿١٣٩ الأنعام﴾)
  6. (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ﴿١٤٢ الأنعام﴾)

ظلمات:

  1. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴿١ الأنعام﴾)
  2. (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ﴿٣٩ الأنعام﴾)
  3. (وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٥٩ الأنعام﴾)
  4. (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴿٦٣ الأنعام﴾)
  5. (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴿٩٧ الأنعام﴾)
  6. (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴿١٢٢ الأنعام﴾)

كتاب:

  1. (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿7 الأنعام﴾)
  2. (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ﴿20 الأنعام﴾)
  3. (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴿38 الأنعام﴾)
  4. (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٥٩ الأنعام﴾)
  5. (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ﴿89 الأنعام﴾)
  6. (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ﴿91 الأنعام﴾)
  7. (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴿٩٢ الأنعام﴾)
  8. (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ ﴿١٥٥ الأنعام﴾)
  9. (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴿114 الأنعام﴾)
  10. (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ﴿114 الأنعام﴾)
  11. (ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴿154 الأنعام﴾)
  12. (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا ﴿156 الأنعام﴾)
  13. (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ﴿157 الأنعام﴾)

 

من ثنائيات سورة الأنعام

كتب الله على نفسه الرحمة وردت مرتين في السورة:

(قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾) وردت بلفظ الألوهية (قل لله كتب على نفسه الرحمة)

(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٥٤﴾) وردت هنا بلفظ الربوبية (كتب ربكم على نفسه الرحمة)

تكرر الحمد لله في السورة مرتين:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾) الحمد لله على خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور.

(فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٥﴾)

جنات، النخل، الرمان، غير متشابه، ثمره إذا أثمر

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿٩٩﴾)

(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٤١﴾)

أما اشتملت عليه أرحام الانثيين

(ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٤٣﴾)

(وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٤﴾)

(ذكرى):

(وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٦٩ الأنعام)﴾

(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ﴿٩٠ الأنعام﴾)

(فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٦٨ الأنعام﴾)

الذين خسروا أنفسهم

(قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾)

(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٠﴾)

أنفسهم (خسروا أنفسهم، كذبوا على أنفسهم، يهلكون أنفسهم، شهدوا على أنفسهم)

(قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾)

(الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٠﴾)

(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٢٤﴾)

(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٢٦﴾)

(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴿١٣٠﴾)

(فصّلنا)

(قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٩٧ الأنعام﴾)

(فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴿٩٨ الأنعام﴾)

(وَهَٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٢٦ الأنعام﴾)

(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ ﴿٢٤٩ البقرة﴾)

(وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ﴿١١٩ الأنعام﴾)

صراط مستقيم

(وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٢٦﴾)

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٥٣﴾)

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾)

تكرر لفظ (العالمين) في سورة الأنعام في أكثر من موضع هي:

  1. (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٥﴾)
  2. (قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٧١﴾)
  3. (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٨٦﴾)
  4. (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴿٩٠﴾)
  5. (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٢﴾)

————–

موافقات بين سورتي الأنعام والكهف

إعداد صفحة إسلاميات

(من أظلم ممن):

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴿٢١ الأنعام﴾)

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ ﴿٩٣ الأنعام﴾)

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴿١٤٤ الأنعام﴾)

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ﴿١٥٧ الأنعام﴾)

(لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿١٥ الكهف﴾)

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ﴿٥٧ الكهف﴾)

وربك – ذو الرحمة

(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ ﴿١٣٣﴾ الأنعام)

(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴿٥٨﴾ الكهف)

دينا قيما وقرآنا قيّما

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾ الأنعام)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴿١﴾ قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿٢﴾ الكهف)

افتتاحهما بالحمد لله

الحمد لله في سورة الأنعام على خلق السموات والأرض وما أنعم الله تعالى به على الخلق من الأنعام وغيرها التي فصّلها في السورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾ الأنعام)

والحمد في سورة الكهف على إنزال الكتاب الذي فصّل فيه كل شيء (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴿١﴾ الكهف)

الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ

(وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٥٢﴾ الأنعام)

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨﴾ الكهف)

اختتمتا بالدعوة للتوحيد على لسان نبي من أولي العزم

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٦٣﴾ الأنعام)

(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾ الكهف)

سورة الأنعام وردت فيها الوصايا العشر وسورة الكهف ورد فيها الحديث عن الفتن الأربعة ووسائل النجاة

انزال الماء من السماء

(وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ ﴿٦ الأنعام﴾)

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ ﴿٩٩ الأنعام﴾)

(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴿١٢٥ الأنعام﴾)

(وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴿40 الكهف﴾)

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ﴿45 الكهف﴾)

قرية

(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ﴿١٢٣ الأنعام﴾)

(فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ﴿٧٧ الكهف﴾)

أسلوب التلقين (قُل)

وردت (قل) في سورة الأنعام 42 مرة ليقيم الرسول صلى الله عليه وسلم الحجة على المخاطَبين

ووردت في سورة الكهف 6 مرات

عصب الحياة وفتن الحياة

سورة الأنعام فصّلت في ذكر “الأنعام” التي هي عصب الحياة بالنسبة للأولين وعصب الحياة أيضًا في عصرنا الحالي إذ لا يستغني أحد عن لحومها وألبانها وجلودها

وذكرت سورة الكهف فتن الحياة الأربع: فتنة الدين، فتنة المال، فتنة العلم وفتنة السلطة.

عدم الشرك بالله

في الأنعام: (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٤﴾) (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (151))

في الكهف: (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴿٢٦﴾) (لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿٣٨﴾) (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿٤٢﴾) (وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾)

إله واحد

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴿١٩﴾ الأنعام)

(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾ الكهف)

حسرة الكافرين يوم القيامة

(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴿٣١﴾ الأنعام)

(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾ الكهف)

كلمات الله لا مبدل لها ولا تنفد

(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣٤﴾ الأنعام)

(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴿١٠٩﴾ الكهف)

الكتاب فيه تفصيل كل شيء

(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴿٣٨﴾ الأنعام) (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿١١٤﴾ الأنعام).

(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾ الكهف)

تصريف الآيات

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴿٤٦﴾ الأنعام) (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿١٠٥﴾ الأنعام)

(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾ الكهف)

النسيان من الشيطان

(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٦٨﴾ الأنعام)

(قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿٦٣﴾ الكهف)

موافقات بين سورتي الأنعام والنمل:

إعداد صفحة إسلاميات

(يعدلون) بمعنى يشركون مع الله ورد هذا في الأنعام والنمل فحسب وفي السورتين ذكر موسى وافتتحت الأنعام بالحمد وختمت النمل بالحمد وفي الأنعام (خلائف الأرض) وفي النمل (خلفاء الأرض).

(يعدِلون) بمعنى يُشركون بالله لم ترد إلا في هاتين السورتين

(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١ الأنعام﴾) (وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١٥٠ الأنعام﴾)

(أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠ النمل﴾)

ذكر موسى عليه السلام في كلا السورتين

(قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴿٩١﴾ الأنعام)

(إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴿٧﴾ النمل)

افتتحت سورة الأنعام بالحمد لله واختتمت سورة النمل به

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾ الأنعام)

(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٩٣﴾ النمل)

خلفاء الأرض وخلائف الأرض

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴿١٦٥ الأنعام﴾)

(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَالْأَرْضِ ﴿٦٢ النمل﴾)

 

مقصد سورتي الأنعام والنمل:

سورة الأنعام ركّزت على تقرير حقيقة الألوهية عن طريق تعريف العباد برب العباد الإله الخالق العظيم الذي له ملك السموات والأرض القادر على كل شيء وبيده كل شيء. يقول سيد قطب في الظلال:

هذه السورة تعالج قضية العقيدة الأساسية: قضية الألوهية والعبودية. تعالجها بتعريف العباد برب العباد: من هو? ما مصدر هذا الوجود? ماذا وراءه من أسرار? من هم العباد? من ذا الذي جاء بهم إلى هذا الوجود? من أنشاهم? من يطعمهم? من يكفلهم? من يدبر أمرهم? من يقلب أفئدتهم وأبصارهم? من يقلب ليلهم ونهارهم? من يبدئهم ثم يعيدهم? لأي شيء خلقهم? ولأي أجل أجلهم? ولأي مصير يسلمهم? هذه الحياة المنبثقة هنا وهناك من بثها في هذا الموات? هذا الماء الهاطل، هذا البرعم النابغ، هذا الحب المتراكب، هذا النجم الثاقب، هذا الصبح البازغ، هذا الليل السادل، هذا الفلك الدوار، هذا كله من وراءه? وماذا وراءه من أسرار ومن أخبار? هذه الأمم وهذه القرون التي تذهب وتجيء، وتهلك وتستخلف، من ذا يستخلفها? ومن ذا يهلكها? لماذا تستخلف? ولماذا يدركها البوار? وماذا بعد الاستخلاف والابتلاء والوفاة من مصير وحساب وجزاء؟ ؟

السورة إنما تهدف إلى تعريف الناس بربهم الحق لتصل من هذا التعريف إلى تعبيد الناس لربهم الحق، تعبيد ضمائرهم وأرواحهم وتعبيد سعيهم وحركتهم وتعبيد تقاليدهم وشعائرهم وتعبيد واقعهم كله لهذا السلطان المتفرد،  سلطان الله الذي لا سلطان لغيره في الأرض ولا في السماء.

فهدف السورة من أولها إلى آخرها تقرير أن الله هو الخالق والله هو الرازق والله هو المالك والله هو صاحب القدرة والقهر والسلطان والله هو العليم بالغيوب والأسرار والله هو الذي يقلب القلوب والأبصار كما يقلب الليل والنهار. وكذلك يجب أن يكون الله هو الحاكم في حياة العباد وألا يكون لغيره نهى ولا أمر ولا شرع ولا حكم ولا تحليل ولا تحريم فهذا كله من خصائص الألوهية ولا يجوز أن يزاوله في حياة الناس أحد من دون الله، لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يضر ولا ينفع ولا يمنح ولا يمنع ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا في الدنيا ولا في الآخرة…

يقول سيد قطب في الظلال: التركيز في هذه السورة على العلم، علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة وآياته الكونية التي يكشفها للناس، والعلم الذي وهبه لداود وسليمان، وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم.

والتناسب بين السورتين والله أعلم أن العلم النافع إنما يكون بمعرفة الله تعالى العليم سبحانه وكلما عرف العبد ربّه كلما فتح له من أبواب علمه اللدني ما يثبت به معرفته فتتحول إلى يقين قلبي وإيمان راسخ يتبعه عمل صالح وفق المنهج الرباني العظيم.

فمن وفّقه الله تعالى للتعرف على الله وصفاته وأسمائه وأفعاله وقدرته وعظيم سلطانه وعزّته فليحمد الله تعالى على هذه النعمة، نعمة أن يكون الله تعالى ذو الصفات والأسماء العلا هو الله الذي خلقنا وأمرنا بعبادته ولأننا مهما اجتهدنا في حمد الله تعالى فلن نوفّيه قدره ولهذا أكّد تعالى ذلك في قوله: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ولن نحمده حق حمده فحمد نفسه سبحانه في بداية سورة الأنعام (الحمد لله) حمدًا جامعًا شاملًا لأنواع الحمد كلها ما عرفناه وما لم نعرفه فلا يعلم قدر الله إلا الله سبحانه وتعالى جلّ في علاه تقدّست أسماؤه. وتختتم سورة النمل بحمد الله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٩٣﴾) فمن رأى بعين بصره وبصيرته آيات الله تعالى المبثوثة في الخلق وعرف عظيم قدرة الإله الخالق العظيم وعظمة آياته سيلهج لسانه وقلبه بالحمد والشكر لله تعالى على ألوهيته وربوبيته وصفاته وأسمائه ونعمه وآلآئه التي لا يعطيها إلا هو سبحانه المستحق للألوهية المستحق للربوبية المستحق للحمد والشكر على الدوام.

 

وقفة تدبرية – كلمة (سكنًا)

بقلم سمر الأرناؤوط – موقع إسلاميات

قال تعالى في القرآن العظيم (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) الأنعام) وقال تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) [النحل: 80]

القرآن الكريم معجز في بيانه وفي كلماته وفي حروفه وحتى في حركات حروفه فالحركة مقصودة بذاتها حتى تعطي الكلمة القرآنية المعنى المراد لها بشكل دقيق دون حاجة للرجوع إلى معاجم اللغة، فجرْس الكلمة كثيرا ما يفصح عن معناها لكل متأمل متدبر مستمع للقرآن بكل جوارحه.

وكم نمر على آيات القرآن وألفاظه دون أن نتوقف عند بديع إعجاز بيان القرآن العظيم. وحتى نعلم أهمية الاستماع إلى ألفاظ القرآن والتأمل في معانيها ودلالات حركاتها نتوقف مع كلمة (سكّنا) التي وردت في الآيتين السابقتين في سورة الأنعام وفي سورة النحل فيصف الله تعالى أنه جعل الليل سكنًا وأنه جعل من بيوتنا سكنًا أيضًا ولو قرأنا كلمة (سكنا) من جديد وعلى مهل لوجدنا أن حروف الكلمة كلها مفتوحة (سَكَنا) وآخرها مدّ عند الوقوف عليها مما يُشعر السامع والقارئ لهذه الكلمة بالهدوء الذي يبعث في أنحاء نفسه وقلبه الطمأنينة وينشر الأمان والراحة في نفسه فيهدأ بمجرد تلاوته وسماعه لحركات هذه الكلمة تنساب على أذنيه فتصل إلى قلبه فتطمئنه وتهدئ من روعه…

فالليل جعله الله تعالى لنا سكَنا لكي يتحقق فيه هذا الهدوء وهذه الطمأنينة وكذلك جعل لنا من بيوتنا سكنا لنفس الغاية وهي تحقيق الهدوء والسكينة والطمأنينة والأمن والأمان، هذه سنّة الله تعالى في الليل والبيوت فلنعد إلى أنفسنا ونسألها بكل صراحة: هل جعلنا نحن ليلنا وبيوتنا سكنًا حقًا كما جعلها الله عز وجل؟!

الإجابة أتركها لكم…

 

من وسم #ورديات

ذكرت سورة المائدة العهود والمواثيق والأحكام التي شرعها الله عزوجل فجاءت سورة الأنعام ببراهين وأدلة عظمته واستحقاقه أن يطاع فلا يُعصى

بينت سورة المائدة كثير من أحكام المطعومات ولكنها ناقشتها من ناحية الحلّ والحُرمة بينما ناقشتها سورة الأنعام من ناحية عقدية

سميت سورة الأنعام بهذا الاسم لورود (الأنعام) فيها 6 مرات وللتأكيد أن التحليل والتحريم هو لله وحده سبحانه خالق الأنعام وخالق كل شيء

سورة الأنعام إحدى السور الخمس المفتتحة بالحمد وهي: الفاتحة الأنعام الكهف سبأ فاطر https://pbs.twimg.com/media/Cpd1eEpWEAA6-aK.jpg

من براهين عظمة الله في سورة الأنعام: خلق السموات والأرض، هو الله في السموات والأرض، له مافي السموات والأرض، فاطر (بديع) السموات والأرض

سورة الأنعام سورة التعريف بالله من خلال النظر في مخلوقاته بدليل ورود ألفاظ الرؤية ومشتقاتها فيها 41 مرة (بصر) (نظر) (رأى) (شاهد)

تميزت سورة الأنعام: بأسلوب التلقين: تلقين النبي الحُجة الآيات تبدأ بـ(قل) وأسلوب التقرير: تقرير براهين قدرة الله، الآيات تبدأ بـ(هو)

كلمة (قل) وردت في السورة 42 مرة ولفظ (هو) ورد 38 مرة في السورة

سورة الأنعام تقررالتوحيد وتثبت دعائمه وتحاجج المعارضين بطريقة المناظرة ولهذا ناسب أن يرد فيها مجادلة إبراهيم لقومه بالبراهين والأدلة

(قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها) آية فاصلة: براهين التوحيد واضحة جلية لكن القلوب إذا عميت لا تراها فتجحد بها

سورة الأنعام فيها: براهين وأدلة توحيد الله عزوجل رسل التوحيد(ذكرت 18 نبي) (فبهداهم اقتده) رسالة التوحيد (القرآن)(فاتبعوه واتقوا)

البراهين والأدلة على عظمة الله وتوحيده في الكون كله فصّلتها سورة الأنعام (لقوم يعلمون) (لقوم يفقهون) (لقوم يؤمنون) فهل نحن منهم؟!

قد يقع في قلب العبد الخوف والرهبة من عظمة الله عزوجل التي بينتها السورة فيطمئن بقول الله (كتب على نفسه الرحمة) (وربكم ذو رحمة واسعة)

على الرغم من كل البراهين والأدلة على عظمة الله عزوجل التي تملأ القلب مهابة وتعظيما وخشية هناك من الخلق من (وما قدروا الله حق قدره)!

(وهو خير الفاصلين) لم ترد إلافي الأنعام تكرر فيها(فصّل) وفيها تفصيل في: البراهين ذكرالأنبياء محاجة إبراهيم لقومه الأنعام الوصايا

وصايا سورة الأنعام ليست للترف الفكري وإنما ذلكم وصاكم به لعلكم: تعقلون تذكّرون تتقون فلنعد قرآءة هذه الوصايا ونرى هل التزمنا بها؟

تكرر ذكر الهدى في سورة الأنعام 20 مرة ولعل هذا يتناسب مع أدلة التوحيد التي ينبغي أن تهدي الناس إلى صراط الله المستقيم فيتبعوه

تكررفي السورة ذكر الشرك المنافي للتوحيد ليتناسب مع مقصد السورة المشركون،تشركون،شركاء،أشركوا(27 مرة) (حنيفا وما أنا من المشركين)

علاقة سورة الأنعام بما قبلها من السور من الفاتحة إلى المائدة https://pbs.twimg.com/media/CpeClfEWAAA8Iba.jpg

 

 

مقتطفات تفسيرية من محاضرات دورة الأترجة القرآنية

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري – د. عبد الرحمن الشهري

إعداد سمر الأرناؤوط – موقع إسلاميات

#سورة_الأنعام مكية ذكر كثير من المفسرين أنها نزلت جملة واحدة والروايات في ذلك كثير منها لا تثبت أسانيده لكنه مشتهر في كتب التفسير

#سورة_الأنعام سورة المجادلة مع المشركين قررت التوحيد بالأدلة وأقامت الحجة على المشركين وذكرت شبهاتهم وأعمالهم وعقائدهم الباطلة

#سورة_الأنعام السورة هي أول سورة مكية من السور الطوال السبع وهي سورة مكية بعد 4 سور مدنية: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة

“الحمد لله” افتتحت بها خمس سور من كتاب الله عز وجل: سورة الفاتحة و #سورة_الأنعام وسورة الكهف وسورة سبأ وسورة فاطر

سورة المائدة في جدال أهل الكتاب و #سورة_الأنعام في جدال المشركين وإبطال حججهم وإقامة الحجة عليهم بالتوحيد

سورة المائدة ذكر فيها قضية تحريم ما أحلّ الله وفي #سورة_الأنعام جاء الحديث عن قضية تحريم ما أحل وتحليل من حرّم الله باستفاضة

(الحمد لله) الحمد هو وصف الله أو وصف الممدوح بصفات الكمال على وجه المحبة والتعظيم المدح لايشترط فيه أن يكون المحمود محبوبا أو معظما

(الحمد لله) إعلام يراد به: أن يؤمن الناس بذلك وأن يثنوا على الله بذلك ولا تعارض بين هذين المعنيين

جعل تأتي في القرآن بمعنى خلق وبمعنى صيّر وبمعنى شرع فهي بمعنى خلق كما هنا (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)

(ثم الذين كفروا بربهم (يعدلون)) كلمة (يعدلون) تُبين عن موضوع السورة لأن السورة في مناقشة هؤلاء المشركين ومجادلتهم

(ثم أنتم تمترون) بربهم يعدلون وهم بالبعث يمترون وهذه من أعظم ألوان كفر الكفار فهم أشركوا مع الله وكذبوا اليوم الآخر ولم يصدقوه

(يعلم سركم وجهركم) يعلم السر ويعلم الجهر وعلمه بالسرّ كعلمه بالجهرلافرق بينهما يختلفان بالنسبة للمخلوق لكنهابالنسبة لله لاتختلف

(فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون) وعيد للمستهزئين على مقولتهم الخبيثة عن القرآن مما لا يليق بكلام الله الحق الثابت

(ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم) من أنواع التهديد والوعيد التذكير بعاقبة الأمم السابقة التي كذبت فأهلكها الله تعالى

(ولقد استهزئ برسل من قبلك) كل الرسل الذين سبقوك يامحمد قد حصل لهم ماحصل لك من الاستهزاء والتكذيب والرمي بهذه التهم العظيمة ساحر وكاهن

(كتب على نفسه الرحمة) فرض الله على نفسه الرحمة متى آمنتم تاب عليكم وعفا عنكم ومسح ذنوبكم وتجاوز لكم ماكان منكم ولو كان عظيما

(الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) الخاسر حقا الذي خسر نفسه هو من لم يؤمن وسيُكبّ في العذاب كبّاً ويخسر نفسه

(فاطر السموات والأرض) فاطر أي مبدع وخالق الذي فطرهما وأبدعهما وخلقهما على غير مثال سابق، مُنشئهما وموجدهما من العدم

آيات #سورة_الأنعام تؤكد على أن الشرك محرّم كله وأن الله لم يأذن بشيء منه (ولا تكونن من المشركين) (ألا تشركوا به شيئا) (وما أنا من المشركين)

(وهو القاهر فوق عباده) هو الذي قهرهم وأذلّهم وجعلهم عبيدا له لايستطيعون أن يخرجوا من قبضته ولاأن يتفلتوا من قدرته وإحاطته

(وهو الحكيم الخبير) الذي له الحكمة التامة وله الخبرة. حكمته مقرونة بخبرة وخبرته مقرونة بحكمة وهذا لا يكون إلا لله

(قل أي شيء أكبر شهادة) هذه الآية هي لون من ألوان الحِجاج على المشركين الذين أنكروا نبوة النبي وأنكروا التوحيد

(قُلِ الله) فأكبر شيء شهادة هو الله لا أحد أعظم أو أجلّ أو أصدق من الله هو شهيد بيني وبينكم

كلمة (قل) إذا جاءت في أي آية فإنما يراد بها التأكيد والتنبيه على أهمية هذا الكلام الذي يؤمر النبي أن يبلّغه للمشركين

(الذين خسرواأنفسهم) الخسارةفي الدنيا أهون بكثيرمن أن تخسرنفسك التي هي أعظم شيءتحامي وتدافع وتجلب له الخيروتطلب له البروالمعروف

(ومن أظلم ممن…) لا أحد أشد ظلما ممن يفتري على الله كذباً فيدّعي له صاحبة أو ولدا أو شريكا أو يكذب بشيء من آيات الله

(ماكنا مشركين) ينكرون أنهم كانوا مشركين ظنا منهم أن هذاالإنكار سينفعهم وسيختم على أفواههم وتشهدعليهم أبدانهم أنهم كانوا مشركين

(وهم ينهون عنه) ينهون الناس عن سماع النبي وعن سماع الوحي (وينأون عنه) بأنفسهم يُعرضون لايقبلون على الحق ولايستمعون إليه

لم ترد كلمة (وقفوا) في القرآن إلا في #سورة_الأنعام في موضعين (ولو ترى إذ وقفوا على النار) (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) #تدبر (إسلاميات)

(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) هذه الآية يحتج بها العلماء على أن الله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن وكان كيف يكون

(إن هي إلا حياتنا الدنيا) (إن) تأتي في القرآن كثيراً بمعنى (ما) للنفي (إن هي) أي ما هي

(ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) ولو ترى هؤلاء القوم الذين كذبوا إذعرضوا على ربهم،الجواب محذوف لتفخيم الأمر تقديره: لرأيت أمرا عظيما

(وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) يحملونها فوق ظهورهم لتكون شاهدة عليهم ودليلاً على استحقاقهم للعذاب الذي يستحقونه

(وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو) الاشتغال بالدنيا لعب ولهو. واللعب كما يقول العلماء ما يكون بالأبدان واللهو ما يكون بالقلوب

عجيب هذاالإنسان عندمايجعل غاية قصده هذه الدنيا فلايفكر إلا فيها ولايسعى إلا لها ولكن المؤمن العاقل يجعل قصده للآخرة ويلتفت إليها ويهتم بها

(حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله) وعد من الله لايمكن أن يتخلّف ولايستطيع أحدٌ أن يبدّل كلام الله وأن يغيّر هذه الحقائق

(إنما يستجيب الذين يسمعون) لا يستجيب لدعائك إلى الإيمان إلا أولئك الذين يسمعون سماع تفهّم واعتبار

(والموتى يبعثهم الله) قيل هم الكفار سمّاهم الله موتى لأنهم مثل الأموات في عدم السماع أو الإنتفاع بما يقال لهم أو يلقى إليهم

(ومامن دابة….إلا أمم أمثالكم) أمم قد كلّفت بأشياءوعلمت كيف تقوم بماكلّفت به وهي أمم خلقهاالله عزوجل وستُبعث وسيكون بينهاجزاء

(مافرطنا في الكتاب من شيء) تخيف كل من له قلب إذاعلم أن كل ذرة من ذرات عمره وعمله وقوله مُحصاة ومدوّنة قبل أن يخلق وبعد أن يخلق

(ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذبوا وأُوذوا) وفي #سورة_الأنعام أيضا (فبهداهم اقتده) فاقتدِ بالرسل من قبلك يا محمد واسلك سبيلهم

(والذين كذبوابآياتنا صم بكم) فيهم صمم عن سماع الحق سماع قبول وبَكَمٌ عن أن يقولواالحق وينطقوابه (في ظلمات) الكفروالجهل

(قُلْ أرأيْتَكُمْ) بيان الحجج التي يقيمها ويحاجُّ بها هؤلاءالمشركين الذين كذبوا بالتوحيد وكذبوا باليوم الآخر وكذبوا برسول الله

(بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه) يكشف الشيء الذي نزل بكم من البلاء والضُرّ والعذاب (إِنْ شَاءَ) علّقها بالمشيئة

(فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون) من رحمة الله بعباده أن يؤدبهم بالنوازل لعلهم يرجعون عن الضلال والتكذيب والكفر والإباء والاستكبار

(وزين لهم الشيطان) من أعظم وسائل الشيطان في إضلال بني الإنسان تزيين الباطل فيجعله في صورة طيبة على غير حقيقته الخبيثة

(فلما نسوا ما ذكروا به) مما وعظناهم به (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) من لذائذ الدنيا ومتعها الزائفة استدراجا لهم

إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد مايعطيه ويفتح عليه من النعم وهو مقيمٌ على معصيته فاعلم أنه استدراج وهو من مكر الله بأولئك المُعرضين المكذّبين

(فقطع دابرالذين ظلموا والحمدلله رب العالمين) من هذه الآية أخذ بعض العلماء أن الله ينبغي أن يُحمد عندماتنزل عقوبته بمن يستحق العقوبة

(يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون) القرآن عندما يذكرالعقوبة على المعاقبين يبين سببها لايقول هؤلاءسيعذبون ويسكت فلا نعرف لماذا عُذّبوا؟

(إن أتبع إلا مايوحى إليّ) ما أتبع إلا مايوحى إلي وينبغي للمؤمن أن يكون متبعا الاتّباع بالمعرفةوالاعتقاد وبالعمل والسلوك وحسن القصد

(وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا) الذي يخاف من مقام الله ويخاف من حشره هو الذي إذا أنذرته بالقرآن قبِلَ النذارة وعَمِلَ بالحقّ

(ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) أمر الله نبيه أن يمكث ويبقى مع أهل الحق ولو كانوا فقراء (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)

أيهاالداعية إياك أن تُخرج من مجلس الدعوة والتذكيرومجالس القرآن الفقراء أومن تسميهم سوقة أوعمالة لأن الأغنياء يأنفون من الجلوس معهم!

(أليس الله بأعلم بالشاكرين)الذي يعلم الشاكرويهديه هوالله ولاعبرة لمن يظن أن من كان غنياهو حريّ بالهداية ومن كان فقيرا فحري به أن لايكون مهديا

(قل إني على بينة من ربي) اتضح لي الحق من ربي ووقر في قلبي لست متخبطا أو متخرصا أو باحثا عن دليل أستدل به أو بينة أستمسك بها

(ما عندي ما تستعجلون به) أنتم تطلبون العذاب وهذا ليس عندي ولست مسؤولاً عنه أنا مسؤول عن شيء واحد أن أُنذِر وأبشِّر

 

#سورة_الأنعام مكية نزلت في المرحلة الثالثة من العهد المكي وهي مرحلة المحاجَّة والمجادلة وهي أوسع سور القرآن في مجادلة المشركين والرد عليهم

موضوع #سورة_الأنعام تَقرير التَّوحيد (توحيد الرُّبوبية، وتوحيد الأُلوهية) والاستدلال لِذَلك، والرَدّ على المُنكرين لذلك

(وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) مشهد من مشاهد مجادلة إبراهيم لقومه وناسب ذكره لأن مشركو مكة يزعمون الانتساب إليه وأنهم على دينه

في #سورة_مريم دعاإبراهيم أباه بتلطف(ياأبت) و #سورة_الأنعام نزلت بعد مريم خاطبه بشيء من الشدّة(أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين)

ولم يخلو خطاب إبراهيم لأبيه من البرّ فقدّم ذكره على قومه (إني أراك وقومك) لأنه هو الذي يهمه أمره أكثر من قومه نتعلم منه أدب الخطاب رغم الشدة

(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض) ملكوت هو المُلكُ الـواسع وهو من الصيغ القليلة في اللغة على وزن (فعلوت) تدل على العظمة

معنى الآية أن الله تعالى قد أرى إبراهيم من عظمته في ملكه ماوصل به إبراهيم إلى مرتبة اليقين وهذا معنى قوله (وليكون من الموقنين)

تعلمنا محاجة إبراهيم لقومه أسلوبًا من أساليب محاججة الآخرين التدرج والتنزل مع الخصم شيئا فشيئا حت تقيم عليه الحجة

(وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) ولم يقل(على نفسه) لأنه مؤمن ومصدق فقوله (هذا ربي) من باب الحيلة على قومه حتى يجذبهم إليه

(وكيف أخاف ماأشركتم) تخوفونني بآلهة لم يقم دليل واحدعلى استحقاقها للعبادة وأناأخوفكم بإله قامت كل الأدلة على استحقاقه للألوهية

(ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) سياق الآيات في محاجةإبراهيم لقومه في الشرك والتوحيد تدل أن المقصود بالظلم هو الشرك(إن الشرك لظلم عظيم)

من فوائد محاجّة إبراهيم لقومه: مسألة الدِّين مسألة لا علاقة للقرابة فيه وأن القرابة الحقيقية هي قرابة الدِّين والعقيدة

ومن الفوائد: أن حُجُج الكافرين والمبطلين حُجَج باطلة وضعيفة وتحتاج فقط إلى شخصٍ عندَهُ قدرة على المُجادلة بالتي هي أحسن.

(وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه)حجتك يامحمد وكل من سار على نهجك وشرف عظيم للمسلم أن يتبع نهج الصفوة يذكر الله في #سورة_الأنعام 18 نبيًا

(نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) فيه إشارة أنّه إذا آتاك الله سبحانه وتعالى علماً وآتاك حجة في دينه فإنَّه قد رفعكَ بها درجة

(إن ربك حكيم عليم) قدم وصف نفسه بالحكمة على العلم للإشارة إلى أن الحجج التي أقامها لإبراهيم من كمالِ حكمته سبحانه ومن كمال علمه

(ووهبنا له اسحق ويعقوب) يذكرُ الله تعالى ما أكرَمَ به إبراهيم وعادة ما يذكره في مواضع إثبات الألوهية وتقرير التوحيد

(ونوحا هدينا من قبل (ومن ذريته)) ذريته قد تعود إلى نوح وهوأقرب مذكور وقد تعود إلى إبراهيم لأن السياق في الحديث عنه وكلاهما صحيح

(وكذلك نجزي المحسنين) ليس الجزاء الذي ناله هؤلاء مختص بهم وإنما هو لكل من عمل عملهم فهؤلاء من المحسنين

(واليسع) اختلف فيه هل هو إلياس أم هو إدريس، أم هو اليسع؟ هو نبي قد خُص بهذا الاسم والراجح أنه من أنبياء بني إسرائيل

#سؤال_للمتدبرين قَـرنَ الله عز وجل ذِكرَ إسماعيل مع اليسع في موضعين في القرآن الكريم، فما الحكمة في ذلك؟ ذكر الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: فصل ذكر إسماعيل عن عده مع أبيه إبراهيم وأخيه إسحاق لأن إسماعيل كان جد الأمة العربية ، أي : معظمها فإنه أبو العدنانيين . وجد للأم لمعظم القحطانيين لأن زوج إسماعيل جرهمية فلذلك قطع عن عطفه على ذكر إبراهيم وعاد الكلام إليه هنا. عطف اليسع على إسماعيل فلأن اليسع كان مقامه في بني إسرائيل كمقام إسماعيل في بني إبراهيم لأن اليسع كان بمنزلة الابن للرسول إلياس إيليا وكان إلياس يدافع ملوك يهودا وملوك إسرائيل عن عبادة الأصنام ، وكان اليسع في إعانته كما كان إسماعيل في إعانة إبراهيم ، وكان إلياس لما رفع إلى السماء قام اليسع مقامه كما هو مبين في سفر الملوك الثاني الأصحاح 1 – 2 .

(ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده) الله عزوجل قد وفَّق هذه الصَّفوة من الأنبياء إلى التوحيد وإلى الهداية هداية التوفيق

الحديث عن الأنبياء الذين يدعون إلى التوحيد لكن لو أشركوا لو وقع أحد منهم في الشرك- وحاشاهم (لحبط عنهم ما كانوا يعملون)

(الذين آتيناهم الكتاب) النبوة والكتب المقدسة لا تأتي بالحظوظ ولا بالنَسَب وإنما يؤتيها الله من يشاء تفضَلا وتشريفا وإكراما

(فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) إذا ضعف قوم عن حمل أمانة الدين فإن الله ينصر الدين بقوم آخرين

(الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة) الحكم يدخل فيه المُلك لكن المفسرين يقولون أنه بمعنى العقل عن الله والفهم وإقامة الحجة

(قل لا أسألكم عليه أجرا) تأسي الدعاة بمنهج الأنبياء في عدم أخذ أجر على الدعوة أدعى للقبول وأبعد عن الشبهات

(وما قدروا الله حق قدره) تعظيم الله حق تعظيمه لايكون إلا بمعرفته سبحانه حــق المعرفة والأنبياء هم أشد الناس تعظيما وتقديرا لله

#سورة_الأنعام أكثر آياتها تبدأ إما: بـ(قل) أسلوب تلقين الحجّة على منكري التوحيد والألوهية أو بـ(هـو) يأتي بعده أوصاف كمال اتصف الله بها

(تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا) وفيها قرآءة (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا)

(قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) إشارة أن تكذيب هؤلاء هو تكذيب عناد وكِبر وجحود وليس تكذيبا سببه الجهل ولو علموا لاستجابوا

سمى الله مكة أم القرى قيل لأنها هي التي بني فيها أول بيت في الأرض:الكعبة، فكانت مجمعًا للناس ومقصدا لهم حتى اليوم

(والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون) إشارة إلى أن الإيمان باليوم الآخر هوالذي يدفع إلى الإيمان وإلى العمل لأنه يوم الحساب والجزاء

(وهم على صلاتهم (يحافظون) تلازمٌ بين أعمالِ القلوب والإيمان بالغَيب وبين العمل وليس في الإسلام إيمان بالقول دون العمل

(ولقد جئتمونا فرادى) إذا مات الواحد دفنَ بمفرده وبُعِث بمفرده وحوسب بمفرده وهذا يدعو الواحد منا إلى المحاسبة الشديدة لنفسه

(يخرج الحيّ من الميت ومخرج الميت من الحي) لا أحد يفعل ذلك غير الله سبحانه تعالى هو الخالق

(ذلكم الله ربكم فأنّى تصرفون) احتجاج بالربوبية على الألوهية فمادام هو الذي يخلق وهو القادر فهو أحق أن يُفرَدَ بالعبادة

(إن الله فالق الحب والنوى…) الآية أدلة الألوهية والله تعالى يستدل بأمور يعرفها كل الناس لا بأمور دقيقة لايعرفها إلا المتخصصين

(فالقُ الإصباح) وقرأ البصري (فالقُ الأَصباح) جمع (صُبْح) والإصباح مصدر: أصبحَ، يُصبِحُ، إصباحًا فيشير إلى بُزُوغ الفجر

(ذلك تقدير العزيزالعليم) كل المخلوقات قبل القيامة منتظمة تسير بحسبان دقيق لاتتقدم ولاتتأخر ومن علامات القيامة أن تفقد انضباطها

(فمستقر ومستودع) خلاصة كلام المفسرين أن لكلِّ واحدٍ منّا مكان يَستقِرُّ فيه في رحم أمه ويتنقل فيه وقبرٌ يُستودَعُ فيه

(مشتبها)في شكله (وغيرمتشابه)ثمره مختلف الشجرةالواحدة أحيانا تختلف في ثمرها لاختلاف الماء وأحيانا تختلف في ثمرها مع اتحادالماء

(إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون) بعد أدلة الألوهية وقدرة الله، تصور الآيات ماذا يفعل هؤلاء المشركون (وجعلوا لله شركاء الجن)

(ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو)توحيد (خالق كل شيء)استدلال بالربوبية (فاعبدوه)هو المستحق للعبادة (وهو على كل شيء وكيل)

(ولنبينه لقوم يعلمون) دليل على أنه لا ينبغي للداعية أن يملّ من بيان الحقيقة وإقامة الدلائل عليها وعرضها بأكثر من طريقة

(اتبع ما أوحي إليك من ربك) أمر الله تعالى نبيه أن يتَّبع، ومن باب أولى أن يكون الخطاب مُتَّجهًا لأتباعه أيضا: لا تَبتدع

(وأعرض عن المشركين) تثبيت لقلب النبي. #سورة_الأنعام من أعظم السور التي وردت فيها التثبيتات للنبي لأنَّه كان في موقف يحتاج فيه إلى الثبات

(وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل) تحديد لوظيفة النبي: أنت مجرد مبلّغ لست بحفيظ ولست برقيب فلا تذهب نفسك عليهم حسرات

(ولا تسبوا..) قاعدة في التعامل: إذا كانت الوسيلة التي تتبعها سوف تفتح عليك شرا أعظم من الخير الذي ترجوه فإنها تحرُم بذلك

(ماكانوا لِيُؤمنوا إلا أن يشاءالله ولـكن أكثرهم يجهلون) إشارة إلى سعة علم الله يعلم ماكان وماسيكون ومالم يكن لوكان كيف كان يكون

(ولكن أكثرهم يجهلون) الجهل سبب عظيم من أَسباب الكفر والإعراض عن الله سبحانه والعلم سبب من أسباب الهداية وأسباب التوفيق للحقّ

(ولو شاء ربك ما فعلوه) (ولو شاء الله ما أشركوا ) كل شيء مرتبطٌ بمشيئة الله سبحانه وتعالى وتقديره

(ولتصغى إليه أفئدة ) ذكر إصغاء الأفئدة لا الآذان لأن العبرة بالفؤاد والقلب إذا صَدَّق القلب أو إذا كذَّب القلب

(ولِيقترفوا) الاقتراف هو الكسب الذي يظن صاحبه أنه مكسب له (ومن يقترف حسنة نزد له فيها) جاء العَمل الحسن وهو مُحبّ له حريص عليه

(وتمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقاً وعدلاً) كلمة ربك المقصود بها هنا القرآنُ الكريم . صِدقاً: بأخباره وَعَدلاً: في أحكامه

(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) عليك بطريق الحق ولو كنت وحدك ولا تغتر بكثرة الهالكين ولا تستوحش لقلة السالكين

التوحيد طمأنينة لايعرفها إلا من ذاقها (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وأعلى أنواع الذكر هي لا إله إلا الله

(إن ربك هو أعلم) ليس المقصود بها التفضيل لأنَّه لا يُفاضَل بين الله وبين أحد من خلقه والعرب تستخدم صيغة أفعل مع عدم وجود تفضيل

سبب تسمية #سورة_الأنعام لأنه ذكر فيها الشرك في الذبح وفي الأنعام وفي الأَكل وغيرها فنَصَّ الله على هذهِ المُخالفات (الذَّبح لغير الله)

(فمن اضطر) (غيرَ باغٍ) متجاوز لحدّ الحاجة والضرورة (ولا عَادٍ) وجدَ حلالا فتَركَه وأكل من الحَرام يأكل بقدر ما يقيم به صلبه

(وذروا ظاهر الإثم وباطنه) من أجمع الآيات في القرآن الكريم على قِصَرها فيها نهي عن كل الذنوب والمعاصي الظاهرة والباطنة

(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) شياطين يجادِلُون بالشُّبهات لِكَي يُحلِّلوا للنَّاس ما حرَّمه الله عليهم

(أومن كان ميتا فأحييناه) انتقل إلى الحديث عن الإيمان وضرب الله تعالى له مثلا في غاية القوة فمثّل المشرك بالميت والمؤمن بالحيّ

(أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا) الميِّت هنا المقصود بها ميِّتُ القلب وموت القلب بالشِّرك والكفر

لو تتبعنا آيات القرآن نجد أن النور مقترن بالله وبرسله وأنبيائه وأوليائه والظلمة مقترنة بأعداءالله والمكذبين والمشركين

(يمشي به في الناس) كأن النور هذا يشمله كله وهو كأنه ظرف داخل هذا النور ينشره بين الناس في وسط الناس

(جعلنا في كل قرية) سميت قرية لاجتماع الناس فيها في اللغة: قَرى معناها جَمَعَ (قَرَى، يَقري، قَرية قِرىً)

(فمن يردالله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) انشراح الصدر هوقبوله للحق قال موسى(رب اشرح لي صدري) وامتن الله على النبي(ألم نشرح لك صدرك)

(ومن يردالله أن يضله يجعل صدره ضيقا) (حَرَجًا)الضيق الشديد (كأنه يصّعد في السماء)الآية فيها اعجاز علمي كلما ارتفعت قل الأكسجين

الكافر المشرك الذي لا يهتدي بهدى الله يضيق صدره من الشك ومن التكذيب ولذلك يكثر الانتحار في الكفار ويقلّ جدا عند المسلمين

(يامعشر الجن قد استكثرتم من الإنس) أرهبتم الإنس حتى جرفتُمُوهم عن الحق ووقع كثير من الإنس في الشرك بسببكم أيها الجنّ

(إن ربك حكيم عليم) قدّم الحكمة على العلم للإشارة إلى أنه سبحانه حكيم في كل ما يحكم به فإن ما يفعله سبحانه هو عن علم وعن حكمة

(دار السلام) تطمين للمؤمنين أنهم يعيشون ذلك اليوم في سلام وفي طمأنينة في الوقت الذي يكون غيرهم في خوف وفي وَجَل، وفي قلق

(يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم..)إشارة إلى أن الله تعالى قد أرسل الرسل إلى الجن والإنس يبلغونهم وينذرونهم

النبي صلى الله عليه وسلم هو النبي الوحيد الذي أرسل إلى الجن والأنس جميعا (وكان النَّبي يبعث إلى قومه خاصة، وبُعثتُ إلى النَّاس عامَّة)

رسالة عيسى ليست رسالة عامة ومايقوم به النصارى المنصّرين باطل وضد دينهم فالنصرانية واليهودية دين خاص لبني إسرائيل وليس ديناعاما

(وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ) أيّ من أهل الخير وفي الجنَّة، وأيضاً تَدُلّ بدلالة المخالفة على الدَّرَكات

(وربك الغني ذو الرحمة) العجب كل العجب ممن يتكبَّر ويَظُنّ أنه يستغني عن الله وهو الغني سبحانه! (تدبر)

(وما أنتم بِمُعْجِزِينَ) أي وما أنتم بِخَارجين عن حُكمِ الله، ولا عن سيطرته ولا عن قوَّته ولن تُعجزون الله هَرَبا

(اعملوا على مكانتكم..) ما دمتم مكذبين افعلوا ما تشاءون وسترون العاقبة وهذا غايةُ ما يكون من التَّهديد

 

 

 

ورديات الجزء السابع – الختمة الثانية

سورة الأنعام كاملة

سورة المائدة سورة العقود والمواثيق وأهمها عقد الإيمان مع الله وسرة الأنعام تعرّف بالله لتهز قلوب المعرضين وتجدد إيمان المؤمنين بالله

تناسب خواتيم سورة المائدة ومفتتح سورة الأنعام د. فاضل السامرائي https://pbs.twimg.com/media/Cr4sFqwUsAAds8E.jpg

سورة الأنعام مكية تعالج موضوع العقيدة من خلال رحلة مع براهين وأدلة ألوهية الله في كونه الجميل الباهر البديع https://pbs.twimg.com/media/Cr4tEojUsAA5vAU.jpg

ثاني السور المفتتحة بالحمد (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض) وكل آياتها تفصل في استحقاق الله عزوجل للحمد https://pbs.twimg.com/media/Cr4tc9HVIAIjQBv.jpg

سورة الأنعام تعلّمنا كيف نتعلم الإيمان ونجدده في قلوبنا، تخاطب وجداننا وعواطفنا وفطرتنا السليمة التي فطرت على التوحيد وتخاطب عقولنا

قبل أن نشرع في قرآءة سورة الأنعام علينا استحضار عظمةمعانيها التي لأجلها نزلت السورة دفعةواحدة فيها يشع نور التوحيد ليبدد ظلمات الكفر

سورة الأنعام تبرز: صفات الله وأفعاله ملك الله في السموات والأرض قدرة الله وعظمته وبديع خلقه قصة إبراهيم إمام الموحدين الوحي والهداية

يعلمنا أسلوب التلقين(قل) وأسلوب التقرير(هو) في سورةالأنعام كيف نحاجج المعرضين بالأدلة والبراهين الحق محاجة بلا براهين جدال عقيم!

تفردت سورة الأنعام بذكر أسماء 18 نبي ورسول في 4 آيات لنتعرف على تناسب ترتيب أسمائهم كماذكره د.فاضل السامرائي http://islamiyyat.3abber.com/post/188776 

تسمية السورة بالأنعام يتناسب مع تثبيت العقيدة في النفوس لتعلم أن الأنعام لا تُذبح إلا لله عزوجل وحده لا لصنم ولا لقبر ولا لبشر!

خاتمة سورة الأنعام فلله الحجة البالغة وهذاكتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله

لايمكن لقلب فيه ذرة من فطرة سليمة يستمع آيات سورة الأنعام فيعيها إلا أن يلهج طائعا: (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)

عظمةالله التي أبرزتها سورةالأنعام لا تمنع سعة رحمته ومغفرته وفضله كتب على نفسه الرحمة وإنه لغفوررحيم من جاءبالسيئة فلايجزى إلا مثلها

تكرر في سورة الأنعام عدد من الألفاظ منها: الأنعام، الظلمات، الكتاب، هدى، صراط مستقيم، فصّل فلنتأملها! https://pbs.twimg.com/media/Cr45AfhVYAAezTT.jpg

في سورةالأنعام الحمد لله رب العالمين فضلنا على العالمين ذكرى للعالمين أمرنا أن نسلم لرب العالمين …ومحياي ومماتي لله رب العالمين

الله عزوجل التي أثبتت سورة الأنعام دلائل قدرته وعظمته وتفرّده بالألوهية هو الذي يفصّل الآيات إن الحكم إلا لله يقص الحق خير الفاصلين

(وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلا هو..) آية محورية إذا استقرت في قلوبنا والله ما جزعنا ولا قلقنا لا على رزق ولا على مستقبل! الحمد لله

وهذاصراط ربك مستقيما وأن هذاصراطي مستقيما فاتبعوه قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم فلنُخلص في طلبه:اهدنا الصراط.. ولنخلص في اتّباعه

لمزيد من العيش في ظلال سورة الأنعام أدعوكم لقرآءة كتاب تفسيرسورة الأنعام د.طه جابرالعلواني رحمه الله للتحميل http://alwani.org/wp-content/uploads/2016/07/%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B9%D8%A7%D9%85-_2012.pdf …

نسق الآيات في سورة الأنعام على شكل موجات متتالية في كل موجة: آيات عن قدرة الله آيات تقرير للماديين المنكرين يتخللها تثبيت للنبي ﷺ

تعلمنا سورة الأنعام من أراد أن يصل بموعظته إلى القلوب فليذكر بآيات الله الكونية وبقرآنه ﴿وأوحي إلي هذا القرآن (لأنذركم به) ومن بلغ﴾

الوصايا في ختام سورة الأنعام وصايا عظيمة لمن امتلأ قلبه إيمانًا وتوحيدًا لله الذي أوصى بها وبقدر إيماننا به يكون التزامنا بتطبيقها

سورة الأنعام وسورة الكهف بينهما موافقات عديدة واليوم الجمعة ونحن نقرأ سورة الكهف فلنتأمل في هذه الموافقات https://pbs.twimg.com/media/Cr4_f8YUMAEI-zr.jpg

 

3 آيات تلخص محاور التوحيد في سورة الأنعام

أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض

أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصّلا

أغير الله أبغي ربًا وهو رب كل شيء

تدبر سورةالأنعام بقلب واعٍ يورثه معرفة بالله عزوجل وتعظيمه ممزوجة بمحبته وتسليم وطاعة له ورجاء بماعنده واستشعارنعمه وبغض للشرك وأهله

مثلث العبودية:خوف ومحبة ورجاء مع براهين عظمة الله في سورة الأنعام فهو سبحانه: ذو رحمة واسعة الغني ذو الرحمة كتب ربكم على نفسه الرحمة

 

في الأنعام 3مواضع (نصرف الآيات)عدا موضع وحيد (نفصل الآيات)آية55

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) الأنعام)

(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام)

(وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) الأنعام)

(وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) الأنعام)

وفي الأعراف موضعان (نفصل الآيات) عدا موضع وحيد (نصرف الآيات) آية58

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) الأعراف)

(وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) الأعراف)

(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الأعراف)

 

يتدارسونه سورة الأنعام / سمر الأرناؤوط

مقدمة عامة في رحاب السورة:

سورة الأنعام واحدة من السبع الطوال وواحدة من السور الخمس المفتتحة بالحمد وأول سورة مكية طويلة في ترتيب المصحف

ومن خصائصها أنها نزلت جملة واحدة شيّعها سبعون ألف ملك ذلك أن مقصدها العام يتعلق بالتوحيد عقيدة والتوحيد تطبيقا وهما لا ينفصلان عن بعضهما ولا يصح أحدهما بغير الآخر فالتوحيد كلٌ لا يتجزأ وهذا الذي تدعو إليه آيات السورة “عقيدة التوحيد وأدلته ومقتضياته” لخّصتها خاتمتها بأوجز عبارة وأبلغ بيان:

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165) الأنعام)

 

السورة دعوة إلى قوام الدين كله وقوام الفرد والأسرة والمجتمع والأمة والإنسانية جمعاء لخصتها آيات الوصايا العشر التي افتتحت بالتوحيد الاعتقادي وأتبعته بالتوحيد العملي التطبيقي (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153))

 

ولخصتها أيضا محاورة إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه فقد تسلّح بالتوحيد الاعتيادي (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض) فأرّقه أن يتخذ قومه أصناما آلهة فتدرّج معهم بأدلة الحق حتى أعلن برآءته من الشرك وأعلن توحيده العملي (إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين)

 

سورة الأنعام كما وصفها د. صلاح الخالدي رحمه الله سورة “تعليمية تربوية حركية جهادية” تعلم المسلمين الحق وتعرّفهم بالله الحق – وقد تكرر لفظ الحق فيها ١١مرة – وتربيهم عليه وتدعوهم إلى الحركة به وتحثهم على الجهاد به وتأمرهم بتحدي الباطل ومواجهته بالحق وإقامة الحجة والبراهين والأدلة العقلية التي لا تقبل الشك ولا يرفضها إلا جاهل!

(فقد كذبوا بالحق لما جاءهم)

(وكذّب به قومك وهو الحق)

(إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين)

(ثم ردوا إلى مولاهم الحق ألا له الحكم..)

(وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق)

(قوله الحق وله الملك)

(والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزّل من ربك بالحق)

 

سورة تشحن القلب بالإيمان والتوحيد الخالص لله عزوجل من خلال ما تعرضه من أسماء الله الحسنى وصفاته وعظمته في الخلق وتحكمه في الكون وقدرته فلا رب ولا إله سواه ولا شريك له. وحين يتعرف العبد على الله ربه لا يسعه إلا عبادته وحده (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل)

 

والعبد الذي امتلأ قلبه بالتوحيد وأدلته البينة مطالبٌ أن يدعو للتوحيد مقتديا بهدي أنبياء الله ورسله (فبهداهم اقتده) كما عرضته السورة من خلال نموذج إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم.

 

وتسمية السورة “الأنعام” له ارتباط وثيق بمقصدها تمثل نعم الله الكثيرة الظاهرة في الأنعام التي أحلّها الله عز وجل للناس تُذبح بذكر اسم الله عليها توحيدا لله خالقها ومسخِّرها لهم وهم ينتفعون بكل شيء فيها حلالا طيبا: لحمها وشحمها ولبنها وجلدها وصوفها وعظمها ورَوْثها وهي وسيلة للانتقال وحمل المتاع وغيره كثير.

فارتبط التوحيد الاعتقادي بالتوحيد التطبيقي والتحليل والتحريم، وقد تكرر ذكر الأنعام في السورة ٦مرات.

فتتاحها بالحمد يتناسب مع ما ورد فيها من النعم

🏷ابتداء بنعمة الخلق والإيجاد (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض)

 

🏷ثم نعمة الإمداد بما سخّره الله تعالى في الكون لحياة الإنسان (خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور) (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو…) (فالق الحب والنوى) (فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا) (وهو الذي أنزل من السماء ماء فاخرجنا به نبات كل شيء…) (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات…) (ومن الأنعام حمولة وفرشا)

 

🏷ثم نعمة الهداية إلى صراط الله المستقيم من خلال رسله وكتبه التي فيها بصائر تنير سبيل السالكين (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه) (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده) (وهديناهم إلى صراط مستقيم) (فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة) (قد جاءكم بصائر من ربكم..)

 

🏷ثم نعمة الاستخلاف في الأرض (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض)

 

🏷ثم نعمة المعاد للحشر والحساب حيث توفى كل نفس ما عملت بالعدل والحق الذي قامت عليه السموات والأرض (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)

 

وسور الحمد كلها: الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر يبرز فيها التوحيد الاعتقادي والتوحيد العملي ونعم الله تعالى على الخلق بشكل واضح فلنُعِد قرآءتها بتدبر باحثين عن هذه المعاني.

 

📮المتدبر لسورة الأنعام يقرأ رسالتها التي تدعوه إليها فيربط التوحيد بالنعم وبالعمل وبالآخرة:

(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16))

 

📮”كن إنعاميا ولا تكن أنعاميا”

النعم كالأدلة والبراهين والحجج أنزلها الله تعالى على الناس ليبتليهم ما هم فاعلون بها؟ فكُن عبدا حامدا لله تعالى على إنعامه عليك بتوحيده أولاً بقلبك وعقلك وعقيدتك ثم اشكره على نعمة التوحيد عبادة وعملا في سائر أمور حياتك ودلّ الخلق على الله وحذار أن تكون كالأنعام أو أضل تأكل وتشرب من نعمه وتعيش في أرضه ثم تتبع كل ناعق يدعوك لترعى في حقول شبهاته وباطله!

 

هذه مقدمة لسورة الأنعام العظيمة وسيأتي الحديث عن الأعمال التي تدعو إليها السورة ووقوفنا يوم القيامة بين يدي الله للحساب.

هذا والله أعلم.

✍️ سمر الأرناؤوط

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الأول

الآيات 1-3

 

سورة الأنعام اسمها رمز للإنعام من الله عز وجل على عباده، والإنعام يستوجب شكر المنعم وشكر المنعم يكون بتوحيده والالتزام بشرعه وحكمه فهو الذي خلق السموات والأرض وهو الذي خلق الخلق وهو مالك وملك السموات والأرض وهو العليم بالسرائر والظواهر لا يخفى عليه شيء، كمال الخلق وكمال القدرة وكمال العلم، هو الله لا إله إلا هو سبحانه فالحمد لله…

أطلق عين بصيرتك وانظر لترى أدلة وبراهين وآيات عظمته وقدرته وعلمه وحكمه في ملكوته ليعود إليك البصر قائلا: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين…

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الأول

الآيات 1-3

 

معاني الحمد

 

سورة الأنعام واحدة من خمس سور افتتحت بالحمد في القرآن الكريم وكل سورة منها افتتحت بحمد الله عز وجل على ما يناسب مقصدها ومحاورها ومواضيعها:

 

🌴فسورة الفاتحة كمال الحمد لله تعالى على ألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلا.

 

🌴وسورة الأنعام كمال الحمد لله على كمال الخلق وطلاقة القدرة وكمال العلم وعلى أدلة وبراهين ذلك في آيات الكون وآيات القرآن.

 

🌴سورة الكهف كمال الحمد لله على إنزال الكتاب على عبده ليكون قيما على حياة العباد يعتصمون به للثبات في مواجهة الفتن ويأوون إلى كهفه ليجدوا الأمان والهدى والرشد.

 

🌴سورة سبأ كمال الحمد لله على ملكه لما في السموات وما في الأرض وعلى ملكه للدنيا والآخرة وعلى علمه الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة علمه بالغيب وعلمه بالشهادة..

 

🌴سورة فاطر كمال الحمد لله على طلاقة قدرته في الخلق وعلى سعة رزقه ورحمته بالخلق وعلى تنوع خلقه وعظيم تدبيره لكونه وعلى كمال علمه بالغيب وبذات الصدور وعلى غناه عن خلقه وعلى حلمه بعد علمه وإمهاله خلقه لعلهم يؤمنوا..

هذا والله أعلم

 

الورد الأول

الآيات ١-٣

#للحفاظ

 

(الحمد لله) افتتحت بها ٥ سور: الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر

(الحمد لله الذي) اشتركت فيها سورة الأنعام والكهف وسبأ

(الحمد لله رب العالمين) انفردت الفاتحة بهذا الافتتاح

(الحمد لله فاطر..) انفردت بها سورة فاطر.

 

💡تكرر فعل خلق في المقطع مرتين: خلق – خلقكم الأولى في خلق السموات والأرض والثانية في خلق الناس

 

💡تكرر فعل (يعلم) مرتين في المقطع:

يعلم سركم وجهركم – ويعلم ما تكسبون

 

💡تكرر ذكر السموات والأرض مرتين:

الأولى: السموات والأرض (عطفت الأرض على السموات)

الثانية في السموات وفي الأرض (بتكرار حرف الجر “في” الذي يفيد الظرفية)

 

💡تكرر لفظ “أجل” في المقطع مرتين:

أجلا – وأجل مسمى

الأولى تدل على الموت والثانية تدل على يوم البعث.

(أجل مسمى) ورد في القرآن في ٢٠ موضعا اثنان منها في سورة الأنعام

وكلمة (أجل) وردت في السورة ٥ مرات: أجلا – أجل مسمى (٢)- أجلنا – أجّلت

 

💡تكرر حرف العطف (ثم) ٣ مرات في المقطع:

يدل على التوبيخ في موضعين وكأن الله تعالى يوبّخ المشركين أبعدما تبين لكم أدلة قدرة الله في الخلق تعدلون وتمترون؟!

ثم الذين كفروا بربهم يعدلون

ثم أنتم تمترون

 

💡وموضع (ثم قضى أجلا) تدل على الترتيب والتراخي وكأنها تشير إلى مدة حياة الإنسان من خلقه إلى أن يحين أجله الذي قضاه الله تعالى.

 

💡أفعال الله عز وجل في المقطع:

خلق – جعل – قضى – يعلم

 

💡أسماء الله الحسنى في المقطع:

الله – رب

 

💡الجمع والإفراد

وردت السموات والظلمات بصيغة الجمع

وردت الأرض والنور بصيغة الإفراد

 

(خلقكم من طين)

الخلق من طين ورد في القرآن في ٧مواضع:

في الأنعام الآية ٢ (هو الذي خلقكم من طين)

في الأعراف الآية ١٢ (وخلقته من طين)

في المؤمنون الآية ١٢ (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) وحيدة في القرآن بلفظ سلالة

في السجدة الآية ٧ (وبدأ خلق الإنسان من طين)

في الصافات الآية ١١ (إنا خلقناهم من طين لازب) وحيدة في القرآن بوصف الطين ب “لازب”

في ص الآية ٧١ و٧٦ (إني خالق بشرا من طين) (وخلقته من طين)

 

💡تكرر ضمير الشأن “هو” في المقطع مرتين بداية آية:

(هو الذي خلقكم)

(وهو الله في السموات وفي الأرض)

فكأن الآية الأولى هي البداية وكل الآيات التي بعدها في السورة المفتتحة ب(وهو) معطوفة عليها.

ويتكرر الضمير “هو” في السورة ٣٢ مرة وهذا يدل على أسلوب التقرير الذي هو من خصائص سورة الأنعام كما يدل الفعل (قل) الذي تكرر فيها ٤٢ مرة على أسلوب التلقين وهما أسلوبان عظيما في محاجّة المعاندين المشركين وأمثالهم.

 

💡التعبير بصيغة الفعل المضارع (يعدلون- تمترون) يدل على التجدد والحدوث فكأن هذا ديدنهم مع براهين الحق يشكّون فيها.

 

💡تقديم الظلمات على النار لأن الظلام هو الأصل والنور طارئ

وارتبطت الظلمات والنور مع السموات والأرض لأنهما يحدثان من تأثير الكواكب في السموات على الأرض بحركة الشمس والقمر.

والظلمات والنور تشيران أيضا إلى ظلمات الشرك والكفر المتعددة التي يبددها نور الحق والتوحيد.

 

(كفروا بربهم) هم يؤمنوا بالله الخالق كما ورد في مواضع أخرى (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) لكنهم لجحودهم نعمة الخلق كفروا بربهم الذي خلقهم وخلق لهم الكون وسخّره لهم فما أشنع صنيعهم وكان الأولى أن يشكروا الله على إنعامه لا أن يكفروا به!!

 

هذا والله أعلم

 

الورد الأول

الآيات ١-٣

 

أسرة سور التوحيد:

 

سورة الأنعام سورة التوحيد الطولى

سورة الإخلاص سورة التوحيد القُصرى

سورة الزمر سورة التوحيد الوسطى.

والسور الثلاث مرتبطة بسورة الفاتحة التي تعّرف العباد برب العباد ليوحّدوه ويقرّوا له بالعبادة والاستعانة (إياك نعبد وإياك نستعين)

 

فإن حاجّك أحد في ربك فتلك سورة الأنعام تسلّحك بالأدلة والبراهين والآيات البينات الدالة على توحيد الله عز وجل المستحق للعبادة وحده فهو الله الخالق الرب الحكيم العليم المالك للسموات والأرض وما فيهن ومن فيهن. وهي سورة التوحيد الخالص لله في الاعتقاد وفي ما يتبعه من السلوك والعمل.

 

وإن أردت التعريف بالله عز وجل بما اختصّ به سبحانه من صفات فتلك سورة الإخلاص تنفرد بالتعريف بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وهي سورة التوحيد الخالص لله في الاعتقاد والأسماء والصفات.

 

وإن أردت التعريف بالله عز وجل من خلال إخلاص التوحيد والعبودية له فتلك سورة الزمر توضح لك طريق التوحيد بمعرفة سبل النجاة في الدنيا والآخرة لسلوكها ومعرفة سبل الخسران لتجنبها.. وهي سورة التوحيد الخالص لله في السلوك عبادة وصدقا وتعاملا وعملا بالمنهج.

هذا والله أعلم

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الثاني

الآيات ٤-٦

 

بعد المقدمة وبيان بعض الآيات التي تستوجب شكر الله عز وجل يأتي بيان حال الكافرين المعاندين مع الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى وربوبيته وإحاطة علمه وتناقشهم وتحذرهم:

 

-إعراض عن الآيات

-تكذيب بالحق رغم أدلته وبراهينه

-استهزاء

-عدم اتعاظ بمصائر الأمم السابقة المكذبة الهالكة.

 

فجاءت آيات المقطع:

-تهددهم وتتوعدهم على تكذيبهم بالحق (فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون)

-تعظهم بالدعوة للتفكّر بمصائر المكذبين قبلهم وتحذّرهم من أن يصيبهم العذاب كما أصاب من قبلهم (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن..)

-تحذرهم من استدراج الله لهم بالنعم كما استُدرج مَنْ قبلهم (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تختهم)

وتهددهم بعاقبة ذنوبهم: الإهلاك (فأهلكناهم بذنوبهم) والاستبدال (وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين)

 

كم يظلم الناس أنفسهم باستكبارهم وتكذيبهم للحق وبراهينه الساطعة واستهزائهم بآياته الواضحة! يختارون بأنفسهم طريق هلاكهم!!

ولو أنهم كانوا من أهل البصائر والتفكر لرأوا الآيات وعقلوها فقادتهم إلى توحيد الله فأنقذوا أنفسهم من العذاب والهلاك.

 

شرط التمكين الحقيقي في الأرض: التوحيد فمن انحرف عنه انحرف عن شرط الاستخلاف وعرّض نفسه للإهلاك والاستبدال.

 

#للحفاظ

 

تكرر في المقطع:

تأتيهم – يأتيهم

تكرر (من) ٦مرات: من آية- من آيات – من قبلهم – من قرن – من تحتهم – من بعدهم.

أهلكنا – فأهلكناهم

مكنّاهم – نمكّن

 

أفعال الله عز وجل في المقطع مما يتناسب مع مقصد توحيد الله:

أهلكنا – مكّناهم – نمكّن – وأرسلنا – وجعلنا – فأهلكناهم – وأنشأنا

 

تحول الخطاب من الخطاب المباشر في ختام المقطع السابق (يعلم سرّكم وجهركم) إلى الغيبة (وما تأتيهم من آية) تهوينا لشأنهم على قبيح صنائعهم.

 

#لطائف_وفرائد

(وجعلنا الأنهار) لم ترد إلا في سورة الأنعام أما باقي القرآن ففيه تسخير الأنهار أو جريانها.

وهي تتناسب مع ورود الفعل جعل في بداية السورة (وجعل الظلمات والنور)

 

(فأهلكناهم بذنوبهم) وردت في القرآن مرتين في سورة الأنعام وفي سورة الأنفال الآية ٥٤.

 

(كم أهلكنا من قبلهم من قرن) وردت في موضعين في القرآن:

في الأنعام وفي سورة ص الآية ٣

ووردت في السجدة الآية ٢٦ بلفظ القرون بصيغة الجمع (كم أهلكنا من قبلهم من القرون)

 

(وأرسلنا السماء مدرارا) من آيات الله في السموات

(وجعلنا الأنهار) من آيات الله في الأرض.

 

(من آيات ربهم) التعبير بلفظ ربهم يتناسب مع بداية السورة (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)

 

تكرر الفعل (جعل) في السورة ١٩ مرة

وتكرر فعل (خلق) في السورة ٦ مرات

وتكرر فهل (أنشأ) في السورة ٤ مرات

 

#متشابه

في الأنعام: (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين)

وفي الشعراء  (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين)

 

في الأنعام (فقد كذبوا بالحق إذ جاءهم فسوف ياتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون) فيها تفصيل وذكر الحق يناسب ورود آيات وأدلة الحق.

وفي الشعراء (فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون) فيها إيجاز يناسب أسلوب السورة.

 

هذا والله أعلم

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الثالث

الآيات ٧-١١

 

سبب كفر الكافرين ليس مرتبطا بقلة الآيات وإنما مرتبط بهم هم فهم يعرضون عنها عنادا واستهزاء وتكذيبا ولو أنهم لمسوا الآيات بأيديهم ورأوا بأعينهم حق اليقين لظلوا على إعراضهم ولأطلقوا الحجج الباطلة:

فيقولوا عن الآيات سحر

ويستهزئوا بالرسل..

 

وبعد تفنيد حال الكافرين المكذبين يأتي تلقين الحجة للرد عليهم وتحذيرهم من عاقبة استهزائهم وعاقبة تكذيبهم.

وهذا أسلوب السورة:

-تقرير الآيات الدالة على وحدانية الله (هو)

-حال المكذبين معها

-تلقين الحجّة (قل)

 

في المقطع وما سبقه من بداية السورة بيان لبعض سنن الله عز وجل الكونية:

-سنّة إرسال الرسل والكتب والآيات وإقامة الحجة

-سنة إرسال الرسل من جنس المرسل إليهم

-سنّة الإمهال للمكذبين

-سنة الاستبدال

-سنّة إهلاك المكذبين بعد مجيء الآيات

-سنّة عقوبة المستهزئين وعقوبة المكذبين

-سنة السير في الأرض للاتعاظ والتفكر

-سنة أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله

 

#تدبر

(ولو نزّلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)

[كتابا، قرطاس، فلمسوه بأيديهم] أشد الكفر أن تعاين الحق وتراه عين اليقين وحق اليقين فتُعرض عنه وتكفر به!

ونحن نحتاج أن نتدبر حالنا مع هذه الآية: القرآن بين أيدينا في المصاحف نقرأها بأعيننا ونلمسه بأيدينا فماذا نقول؟! قد لا نقول “إن هذا إلا سحر مبين” وإنما يوجد من بيننا من يقول: نهجره والله غفور رحيم!! “لا وقت لدينا لقرآءته” “القرآن يتكلم عن زمن مضى وأقوام مضوا ولا يناسب عصرنا” وغيره وغيره من الردود التي يندى لها الجبين!!

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(نزّلنا – أُنزل – أنزلنا) ورد الفعل بالتضعيف بصيغة الماضي وورد مبنيا لما لم يسمى فاعله وورد مخففا بصيغة المضارع. والفعل يوحي بمصدر التنزيل.

وكذلك يدل عليه تكرار حرف الجر (عليك – عليه – عليهم)

 

(لقال – وقالوا – قل) تكرار يدل على المحاورة والمحاجّة.

 

(ملك – ملكا – ملكا)

تسمية الأشياء بمسمياتها وتكرار ذكرها أسلوب في المحاججة.

 

(الذين كفروا – الذين سخروا) من أساليب القرآن إظهار الفعل الذي يبرز صفة المتحدَّث عنهم وعاقبته، الكفر دفعهم لإلقاء الشبهات (إن هذا إلا سحر مبين) وسخريتهم واستهزاؤهم كانت سببا في هلاكهم.

 

(ولو نزّلنا – ولو أنزلنا – ولو جعلناه) تكرار (لو)

 

(ولو جعلناه ملكا – لجعلناه رجلا) الجعل فيه صيرورة من حال إلى حال فلو جعل الله الرسول ملكا لجعله رجلا لأنه الرسول لا بد أن يكون من جنس المرسل إليهم وبلسانهم أيضا ليكون أدعى للقبول.

 

التعبير بلفظ (قرطاس) من فرائد السورة لم يتكرر في غيرها. ورد مرتان فيها: مرة بالإفراد (قرطاس) ومرة بالجمع (قراطيس)

والقرطاس: رَقٌّ ينبسط ممتدًّا يُخْرق بسهم أو يُؤَثَّر فيه بما يشبه ذلك وهو الكتابة بقلم له سن دقيق يرسم فيه. وقد نشأت الكتابة نقشًا في الحجارة، وخَدْشًا في الطين، ورسمًا على العُسُب إلخ. {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام: 7]، {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} [الأنعام: 91] أي صُحفًا. [المعجم الاشتقاقي لألفاظ القرآن الكريم]

 

ولعل التعبير بلفظ (قرطاس) يتناسب مع ما في السورة من الآيات البينات التي بها تقام الحجة على كل مكذّب معاند!

 

(ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون)

٣ سور في القرآن افتتحت ب(ولقد استهزئ برسل من قبلك)

مرتان آية متطابقة في سورة الأنعام وفي سورة الأنبياء آية ٤١

واختلفت آية سورة الرعد ٣٢ في ختامها (ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب)

 

(قل سيروا في الأرض “ثم” انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)

من انفرادات سورة الأنعام مجيء “ثم” وباقي المواضع وردت بالفاء (فانظروا) في ٣ مواضع:

النمل ٦٩

العنكبوت ٢٠

الروم ٤٢

والتعبير بحرف العطف “ثم” يدل على أن السير المأمور به في الأرض سير يأخذ زمنا للاتعاظ والاعتبار والتفكر في الآيات المبثوثة ليس مجرد سير سريع عابر في الأرض لا يُرجى من ورائه فائدة!

وقد تكرر استعمال “ثم” في المقطع مرتين:

(ثم لا يُنظرون – ثم انظروا)

 

(استهزئ – سخروا – يستهزئون)

الفرق بين السخرية والاستهزاء:

🔹معنى السخرية الاستهانة والتحقير، والتنبيه على العيوب والنقائص، على وجه يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في القول والفعل، وقد يكون بالإشارة والإيماء.

🔸الاستهزاء هو: ارتياد الهزء من غير أن يسبق منه فعل يستهزأ به من أجله.

 

ويُفرّق بين السخرية والاستهزاء باعتبار الدافع لكلٍّ منهما؛ فإن كان الدافع للقيام به مذلّة الطرف الآخر فهو سخريةٌ؛ لأن الأصل في التسخير هو التذليل، وإن كان الدافع له مجرّد التقليل من شأن الطرف المقابل فهو الاستهزاء.

 

هذا والله أعلم

 

 

 

 

الورد الرابع والخامس

الآيات 12 – 16

 

بعد ختام المقطع السابق بأول تلقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجج من خلال الالتفات إلى الماضي والاتعاظ بمصير الأقوام والأمم المكذبة السابقة وعاقبتهم انتقلت الآيات للمزيد من أدلة الوحدانية من خلال أسئلة تقريرية تحمل في طياتها الإجابات حتى لو يُجب السائل.

فمن بداية السورة وآياتها تقدّم أدلة كمال قدرة الله تعالى في الخلق والعلم وإحكامه للكون ويأتي الاستدلال في هذا المقطع بما سبق تقريره:

فبعد (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض) يأتي السؤال: قل لمن ما في السموات والأرض؟ لا شك أن الإجابة (الله)

ومن أعظم التعريف بالله الخالق أنه (كتب على نفسه الرحمة) على عظمته وقدرته وسعة علمه وإحكامه للكون بمن فيه وما فيه فقد كتب على نفسه الرحمة والمتأمل في الآيات السابقة كلها يتجلى له صور الرحمة الإلهية العظيمة:

فبرحمته سبحانه خلق السموات والأرض

وبرحمته جعل الظلمات والنور

وبرحمته خلق البشر من طين

وبرحمته قضى آجال الخلق

وبرحمته قضى أجلا مسمى يجمع فيه الخلق جميعا يوم القيامة

وبرحمته يعلم السر والجهر ويستر ويُمهل

وبرحمته أنزل الآيات بيّنة هادية للخلق

وبرحمته مكّن لبعض خلقه في الأرض

وبرحمته أرسل السماء عليهم مدرارا

وبرحمته جعل الأنهار تجري من تحتهم

وبرحمته بالمؤمنين أهلك المكذبين وجعلهم عبرة لمن يأتي بعدهم ليتعظوا ويؤمنوا

وبرحمته شرع التوبة ليتوب الخلق

وبرحمته استبدل الكافرين المكذبين

وبرحمته أرسل الرسل

وبرحمته دافع عن رسله من استهزاء المستهزئين

وبرحمته جعل الأرض مكان سير واعتبار

وبرحمته جعل القيامة يوما للجزاء والحساب

وبرحمته جعل الليل والنهار

وبرحمته فطر السموات والأرض

وبرحمته رزق الخلق وأطعمهم

وبرحمته يصرف العذاب عمن أسلم وجهه له ولم يشرك به أحدا

فالحمد لله على رحمة الله التي كتبها سبحانه على نفسه..

إله رحمن رحيم حليم على خلقه لطيف بهم سميع لهم عليم بحالهم خلقهم ورزقهم وهداهم أيُتخذ من دونه أولياء؟!

لا إله إلا هو وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وله الفضل والمنّة.

 

#للحفاظ

تكرر في الآيات:

أسلوب التلقين باستخدام الفعل (قل) 5 مرات، افتتحت بها 3 آيات في المقطع وتكررت مرتين في آيتين:

قل لمن ما في السموات والأرض؟

قل لله

قل أغير الله أتخذ وليّا

قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم

قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم

 

قل “إني أُمرت” أن أكون أول من أسلم – قل “إني أخاف” إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم

دليل تكليف النبي صلى الله عليه وسلم (أُمرتُ) ودليل أمانته صلى الله عليه وسلم في التبليغ ودليل بشريته خوفه من معصية ربه ومن عذابه يوم القيامة.

من أسلم وجهه لله ولم يشرك به أحدا خاف من معصيته ليقينه بأن ربه سيحاسبه.

 

ليجمعنّكم إلى “يوم: القيامة – عذاب “يوم” عظيم – من يُصرف عنه “يومئذ”

تذكير مكثّف بالآخرة وما فيها من الحشر والحساب والجزاء.

 

كتب على نفسه “الرحمة” – من يُصرف عنه يومئذ فقد “رحمه”

من رحمة الله تعالى أن يصرف عن عباده المؤمنين العذاب يوم القيامة وذلك الفوز المبين.

 

قل لمن ما في السموات والأرض – فاطر السموات والأرض

 

يُطعم ولا يُطعم

صفات الإله الحق لا يحتاج ما يحتاجه المخلوقين من طعام وشراب (وهو الذي يطعمني ويسقين) أما الآلهة المزعومة فيقدّم لها القرابين والطعام من عابديها فيا لها من آلهة تحتاج من يُطعمها!

 

(الذين خسروا أنفسهم) تكرر أسلوب التعبير باسم الموصول وصلته في السورة منذ بدايتها: الذين كفروا، بالذين سخروا، الذين خسروا. إظهار المعصية التي استحقوا بها الإهلاك والعقوبة.

 

الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون  خسروا أنفسهم يوم القيامة باختيارهم الكفر على الإيمان– يقابلهم الذي يخافون إن عصوا ربهم عذاب يوم عظيم فهؤلاء يُصرف عنهم العذاب ويكونوا من الفائزين فوزا مبينا لا من الخاسرين.

 

(وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم) السكون يعقب الحركة وكلاهما دليل على وجود الخالق الذي خلق الليل والنهار وجعل الليل سكنا والنهار معاشا وهو السميع لكل موجود سواء كان ساكنا أو متحركا عليم لا يخفى عليه شيء في كونه كله. وفي الآية تحذير غير مباشر للخلق بأن يتقوا الله السميع العليم في سرهم وجهرهم في سكونهم وحركتهم في ليلهم ونهارهم فإنهم سيُجمعون يوم القيامة ويحاسَبون.

 

(“وهو” السميع العليم) – (“وهو” يُطعم ولا يطعم) أسلوب التقرير باستخدام الضمير (هو)

 

(فاطر السموات والأرض) تكررت في القرآن 6 مرات: في الأنعام 11، يوسف 101، إبراهيم 10، فاطر 1، الزمر 46، الشورى 11.

 

(ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه)

(لا ريب فيه) ورد في القرآن 14 مرة في سياق الحديث :

عن الكتاب (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)

وعن يوم القيامة (فكيف إذا جمعناهم ليوم القيامة لا ريب فيه) (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه)

وعن الأجل (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه)

وعن الساعة (وأن الساعة لا ريب فيها)

 

(قل أغير الله أتخذ وليا) انفردت بها سورة الأنعام

 

(ولا تكونن من المشركين) وردت في القرآن في 3 مواضع: في الأنعام 14، يونس 10 (وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين)، القصص 87 (وادعُ إلى ربك ولا تكونن من المشركين)

 

(ليجمعنّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) وردت في القرآن في موضعين: في النساء 87 (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) وفي الأنعام 12 (كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه)

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد السادس والسابع

الآيات 17 – 24

 

#للحفاظ

(وإن يمسسك الله بضرّ – وإن يمسسك بخير) تكرر فعل المسّ

(وإن يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له إلا هو) تكررت في القرآن في افتتاح آيتين: في سورة يونس 107 وفي سورة الأنعام 17 [بين سورة الأنعام ويونس أكثر من موضع متشابه]

في الأنعام ورد فعل المسّ مع الخير وورد في سورة يونس (وإن يُرِدكَ بخير فلا رادّ لفضله)

ختام آية الأنعام (وهو على كل شيء قدير) تناسب سياق السورة في سوق الأدلة على عظيم قدرة الله تعالى وكمال علمه، يكشف الضر ويجلب الخير بقدرته سبحانه.

وختام آية يونس يتناسب مع ما ورد فيها من تكرار لفظ فضل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا، إن الله لذو فضل على الناس، فلا رادّ لفضله).

 

(وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)

لم يرد اسم القاهر في القرآن إلا مرتين في سورة الأنعام في الآية 18 وفي الآية 61 (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة..)

 

(وهو الحكيم الخبير) وردت في القرآن في 3مواضع، إثنان في الأنعام في هذه الآية 18 وفي الآية 73 (وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) وفي سورة سبأ الآية 1 (الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير)

ووردت صيغة (حكيم خبير) مرة واحدة في الآية الأولى من سورة هود (من لدن حكيم خبير).

 

الفعل (قل) تكرر 4 مرات في آية واحدة في هذا المقطع (“قل” أي شيء أكبر شهادة “قل” الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى “قل” لا أشهد “قل” إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون)

وتكرر في الآية لفظ شهد ومشتقاته 4 مرات أيضاً: شهادة، شهيد، لتشهدون، أشهد. وقد تكرر لفظ شهد ومشتقاته في السورة 11 مرة.

 

(الله شهيد بيني وبينكم) وحيدة في القرآن في سورة الأنعام.

 

تكرر في المقطع لفظ “شرك” ومشتقاته 4 مرات من مجموع 28 في السورة: تشركون، أشركوا، شركاؤكم، مشركين.

 

(إنما هو إله واحد) وردت في موضعين اثنين في القرآن فقط: الأنعام 19 والنحل 51 (لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون)

 

(بريء مما تشركون) وردت في 3 مواضع في القرآن، اثنان منها في سورة الأنعام 19 (“وإنني” بريء مما تشركون) و78 (:إني” بريء مما تشركون) وفي سورة هود 54 (واشهدوا أني بريء مما تشركون)

 

تكرر لفظ “كذب” في المقطع 3مرات: كذبا، كذّب، كذبوا. وتكرر لفظ “كذب” ومشتقاته في السورة 20 مرة.

 

(أظلم – الظالمون) تكرر في السورة لفظ “ظلم” ومشتقاته 17 مرة. وهو يتناسب مع تكرار لفظ الشرك ولفظ الكذب.

 

(الذين آتيناهم الكتاب “يعرفونه” كما “يعرفون” أبناءهم) وردت في القرآن في موضعين اثنين فقط: في سورة البقرة 146 وفي الأنعام 20 مع اختلاف ختام الآيتين.

 

(الذين خسروا أنفسهم فهو لا يؤمنون) تكرر هذا الختم للآية مرتين في سورة الأنعام في الآية 12 وفي الآية 20.

(الذين خسروا أنفسهم) وردت في القرآن في 7 مواضع من بينها موضعي سورة الأنعام مع اختلاف في ختام الآيات يتناسب مع كل موضع [الأنعام 12 و20، الأعراف 9، هود 21، المؤمنون 103، الزمر 1 والشورى 4]

 

(ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا) افتتحت بها آيتان في القرآن كله: الأنعام 22 (“ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا” أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) ويونس 28 (“ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا” مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون)

 

(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذّب بآياته) وحيدة في القرآن ابتدأت بحرف العطف الواو ووردت مرتين بالفاء (فمن أظلم) في سورة الأعراف 37 ويونس 17.

 

(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) وردت في القرآن في 4 مواضع مفتتحة بالواو: الأنعام 21 و93 وهود 18 والعنكبوت 68

ووردت بالفاء (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) في 4 مواضع: الأنعام 144، الأعراف 37، يونس 17، الكهف 15.

 

(إنه لا يفلح الظالمون) وردت في القرآن في 4 مواضع اثنان منها في سورة الأنعام: 21 و135 وفي سورة يوسف 23 وسورة القصص 37.

ومناسبة تكرارها في سورة الأنعام كثرة الحديث فيها عن الشرك والمشركين ومعلوم أن الشرك ظلم عظيم (إن الشرك لظلم عظيم) (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) ولذلك ناسب أيضا ختام الآية 24 (وضل عنهم ما كانوا يفترون)

 

القسم (والله ربنا) لم يرد في القرآن إلا في سورة الأنعام 23.

 

(كذبوا على أنفسهم) لم ترد إلا في سورة الأنعام 24.

 

(وضلّ عنهم ما كانوا يفترون) ختمت بها 6آيات في القرآن: الأنعام 24، الأعراف 3، يونس 30، هود 21، النحل 87، القصص 75.

 

#لطائف

لفظ (القرآن) لم يرد في السورة على طولها إلا مرة واحدة.

ولفظ “الكتاب” تكرر في السورة 9 مرات.

 

#تأملات_قرآنية

في المقطع السابق من بداية السورة إلى الآية 17 تجلّت مظاهر وآثار رحمة الله عز وجل كما ذكرنا في التعليق على المقطع السابق فكانت الآيات مفصّلة لقوله تعالى (كتب على نفسه الرحمة)

وفي المقطع الحالي المفتتح بقول الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير) والآيات التي تليه سوف يأتي التفصيل عن آثار قهره عز وجل وحكمته وعلمه.

ومن آثار اسمه القاهر إقامة الحجة على المشركين وتهديدهم بيوم الحساب يوم يحشرهم الله جميعا ويفضح كذبهم وافتراءهم ومزاعمهم وظلمهم لأنفسهم بالشرك واتخاذ آلهة من دون الله.

ومن آثار اسمه القاهر واسمه الخبير فضح مزاعمهم في الدنيا وافتراءاتهم وإخفاءهم ما في كتبهم من بشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ووصفه وتكذيبهم بالآيات الواضحات.

ومن آثار اسمه الحكيم إرسال الرسل والكتب إنذارا للناس وبلاغا لهم ليؤمنوا بالله ويوحّدوه فيفلحوا في الدنيا والآخرة.

 

#تدبر

(وضلّ عنهم ما كانوا يفترون) التعبير بـ(ما) لغير العاقل تحقيرا للشركاء الذين اتخذهم الكافرون آلهة وأولياء من دون الله بزعمهم أنهم يشفعون لهم أو ينفعونهم، أين ما كانوا يفترون؟!!

 

في المقطع السابق (كتب على نفسه الرحمة ليجمعنّكم إلى يوم القيامة) بشارة ونذارة، بشارة للمؤمنين برحمة الله تعالى ونذارة للمشركين عسى أن يثوبوا ويتوبوا لتنالهم رحمة الله قبل فوات الأوان.

وفي المقطع الحالي (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) تهديد للمشركين الذين خسروا أنفسهم فلو يؤمنوا وافتروا على الله الكذب وكذبوا بآياته واستمروا بالكذب حتى يوم الحساب (والله ربنا ما كنا مشركين) أيّ ظلم للنفس أكبر من أن يقسم هؤلاء كاذبين وقد رأوا الآخرة بأم أعينهم؟!!

 

(ثم لم تكن فتنتهم) التعبير بـ(ثم) من خصائص أسلوب سورة الأنعام فقد تكرر فيها 21مرة من مجموع 338 مرة في القرآن كله تسبقها سورة البقرة التي تكرر فيها (3م) 28 مرة.

والتعبير بـ(ثم) الدالة على الترتيب والتراخي يوحي بأنهم يوم الحساب وبعد أن سُئلوا عن شركائهم لم يجيبوا مباشرة وكأنهم أخذوا وقتا للبحث عن حجة يحتجون بها أو مبرر لشركهم فلم يجدوا بعد ذلك القوت غير الحلِف الكاذب!!

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الثامن والتاسع

الآيات 25 – 32

 

#للحفاظ

(ولو ترى إذ وقِفوا على النار) – (ولو ترى إذ وقِفوا على ربهم)

وقوفان: أحدهما على شفير النار والآخر بين يدي الله سبحانه وتعالى

 

وفي الوقوف الأول تمنّوا (يا ليتنا نردّ ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين)

وفي الوقوف الثاني تحسّروا (يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها)

 

تكرر في المقطع فعل القول بمشتقاته وذلك ليتناسب مع مشهد الحوارات يوم القيامة بين الله تعالى والمشركين:

يقول – فقالوا – وقالوا – قال – قالوا – قال – قالوا.

 

تكرر فعل كذّب ومشتقاته: ولا نكذّب – وإنهم لكاذبون – الذي كذّبوا

(ليتنا نردّ ولا نكذّب): أمنية المكذبين يوم القيامة

(وإنهم لكاذبون): فضحهم وتوصيف حالهم

(قد خسر الذين كذّبوا): خسارتهم يوم القيامة بسبب كذبهم

 

تكرر لفظ الربوبية:  ربنا – ربهم – ربنا –

تكرر: نردّ – ولو رُدّوا

 

حتى إذا جاؤوك – حتى إذا جاءتهم الساعة

(حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) وحيدة في سورة الأنعام وفي باقي المواضع: تأتينا الساعة، أتتكم – تأتيهم. والفرق بين جاء وأتى أن المجيء فيه مشقة والإتيان أيسر.

 

(ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) [الأنعام: 30]

تتشابه مع آية سورة الأحقاف (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)

 

(يا حسرتنا) فريدة في سورة الأنعام ووردت في غيرها (يا حسرة على العباد) [يس: 30] و(يا حسرتا) [الزمر: 56]

 

(لعب ولهو) وردت في القرآن بهذا الترتيب في 3 مواضع: آية سورة الأنعام (32)، محمد (36)، الحديد (20).

 

(وللدار الآخرة خير) لم ترد بهذه الصيغة إلا في سورة الأنعام.

 

(ألا ساء ما يزرون) وردت في موضعين في القرآن في آية الأنعام وفي سورة النحل (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون) [النحل: 25]

 

افتتحت آيات المقطع بالحديث عن بعض الجوارح (قلوبهم، آذانهم، اللسان (من قوله يجادلونك، وختم المقطع بـ(أفلا تعقلون) إذ ما نفع وسائل الإدراك إن لم تقد العقل للإقرار بعظمة الخالق والقلب ليؤمن به؟!

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد العاشر

الآيات 33 – 35

 

#للحفاظ

(“قد” نعلم) – (“ولقد” كُذّبت رسل) – (“ولقد” جاءك من نبأ المرسلين) “قد” تفيد التحقيق

 

“أتاهم” نصرنا – “جاءك” من نبأ المرسلين – “فتأتيهم” بآية

 

(قد نعلم) تكررت في القرآن في 3 مواضع كلها في سياق تسلية النبي صلى الله عليه وسلم

في الأنعام (قد نعلم إنه ليحزنك الذين يقولون) انفردت بصيغة (قد نعلم)

في الحجر الآية 97 (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) بإضافة الواو واللام (ولقد نعلم)

في النحل الآية 103 (ولقد نعلم أنما يقولون إنما يعلمه بشر) بإضافة الواو واللام (ولقد نعلم)

 

(بآيات الله يجحدون) وردت في موضعين في القرأن:

في الأنعام 35 (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)

وفي سورة غافر الآية 63 (كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون)

 

(كُذّبت رسل من قبلك) وردت في موضعين في القرآن بصيغة التأنيث (كُذّبت)

في الأنعام (ولقد “كُذّبت رسل من قبلك”)

وفي فاطر الآية 4 (وإن يكذبوك فقد “كُذبت رسل من قبلك” وإلى الله ترجع الأمور)

ووردت بصيغة المذكّر (كُذّب) في سورة آل عمران 184 (فإن كذبوك فقد كُذّب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير)

 

(أتاهم نصرنا) انفردت آية سورة الأنعام بالفعل “أتاهم” مع النصر

وفي يوسف 110 (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) التعبير بالفعل جاء مع النصر

وكذلك في سورة النصر (إذا جاء نصر الله والفتح) وفي العنكبوت 10 (ولئن جاء نصر من ربك ليقولنّ إنا كنا معكم..)

 

(لا مبدّل لكلمات الله) انفردت آية الأنعام 36 بذكر اسم الجلالة (الله)

بينما وردت في سورة الأنعام 115 (..لا مبدّل لكلماته)

وفي سورة الكهف 24 (..لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا)

 

(وإن كان كبُر عليك إعراضهم) في سورة الأنعام في سيااق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

في يونس 71 (يا قوم إن كان كبر عليك مقامي وتذكيري) على لسان نوح عليه السلام مخاطبا قومه.

في غافر 3 (كبُر مقتا عند الله)

في الشورى 13 (كبُر على المشركين ما تدعوهم إليه)

في الصف 3 (كبُر مقتا عن الله أن تقولوا ما لا تفعلون)

 

(ولو شاء الله) وردت 3 مرات في سورة الأنعام من مجموع 11 مرة في القرآن كله

في الأنعام 36 (ولو شاء ربك لجمعهم على الهدى)

في الأنعام 107 (ولو شاء الله ما أشركوا)

في الأنعام 137 (ولو شاء الله ما فعلوه)

 

(من الجاهلين) وردت في 4 مواضع في القرآن

في البقرة 67 (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) على لسان موسى عليه السلام مخاطبا قومه

في الأنعام 36 (ولا تكونن من الجاهلين) خطاب من الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم

في هود 46 (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) خطاب من الله عز وجل لنوح عليه السلام حين سأل ربه إنجاء ابنه

في يوسف 33 (وأكن من الجاهلين) على لسان يوسف سائلا ربه أن يصرف عنه كيد النسوة.

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

تأملات تدبرية في الآيات 25 – 35

من إعجاز القرآن الكريم حديثه عن القيامة ومشاهدها والحوارات التي تدور بين الخلق فيها: حواراتهم مع الله عز وجل، حواراتهم فيما بينهم أتباعا ومتبوعين، حوارات مع الملائكة. لا يمكن لأي مخلوق أن يصف لك بالتفصيل ماذا سيقول بعد ساعة أو بعد يوم أو أكثر أو أقل قد يستعد إنسان لإلقاء محاضرة بعد يوم أو يومين أو شهر ثم حين يأتي موعد المحاضرة تجده يغيّر في كلامه ولا يقول ما كان قد أعدّه حرفيا! لكن الله عز وجل بعلمه الغيب يقيم على الناس الحجة ويذكر لهم ما سيقولونه بالحرف وهذا من آثار قهره سبحانه فوق عباده! والله من تفكر في هذه المسالة وحدها آمن بالله وآمن بالغيب دون تردد، فكيف قرأ مشركو العرب هذه الآيات ولم تتحرك قلوبهم؟!

إن القلوب إذا أُغلقت وغلظت وقست أحاطتها الظلمات من كل جانب فما عاد لشعاع النور أن يخترق تلك الجدران! انظر لحال المشركين الكافرين المكذبين المعاندين جاءهم الرسول بالآيات البيّنات “القرآن” وهو أعظم آية جاءهم بعلم اليقين فلم يؤمنوا ثم في مشهد وقوفهم على النار رأوها بأعينهم عين اليقين فلم يؤمنوا واستمروا على تحايلهم وكذبهم ثم لما وُقِفوا بين يدي ربهم وقيل لهم ذوقوا العذاب وهو حق اليقين تحسّروا!! ألا ما أشد ظلمهم لأنفسهم وخسارتهم وجهلهم! ولو أنهم أعملوا عقولهم واستمعوا للآيات لآمنوا لكنهم تعلّقوا بالدنيا الفانية على حساب الآخرة الباقية واستبعدوا البعث وكذّبوا به وكأنهم مخلّدون في الدنيا! أما فكّر هؤلاء بمن سبقهم أين هم؟ هل خُلّدوا؟

الآيات 33 – 35 رسالة تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم أنك لست بدعا من الرسل فكل رسول قد تعرض إلى نوع من الأذى والسخرية والتكذيب والاستهزاء والطرد ومحاولات القتل ورسالة لكل داعية من بعده أن الهداية بيد الله تعالى وحده لو شاء أن يهدي الناس جميعا لهداهم فهو القاهر فوق عباده لكن سنّته في الخلق هي سنّة الاختلاف اقتضت أن يكون فيهم المهتدي وفيهم الضالّ وفيهم المنافق وفيهم المؤمن وفيهم الكافر ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة على ملّة واحدة. فلا تذهب نفسك حسرات على من لم يهتدي، قم بإبلاغ رسالة ربك ودع أمر الهداية له وحده ولا تحزن من تكذيب الناس ولا من استهزائهم فهؤلاء مشكلتهم ليست مع شخص الداعية وإنما مع تصديق الرسالة لأنهم لا يريدون أن يلزموا أنفسهم باتّباع المنهج الإلهي فجحدوا بالرسالة فما أشد خسارتهم وظلمهم لأنفسهم وجهلهم!!

الآيات فيها تقريع لكل كافر مكذّب بآيات الله وبرسله ولا يؤمن بلقاء الله عز وجل وفيها توبيخ لهم وتهديد بما سيلاقونه من العذاب والعاقل من اتعّظ فتاب وأناب قبل أن تقوم قيامته بالموت أولا ثم القيامة الكبرى التي لا ريب فيها آتية لا محالة لن يفلت منها أحد!

(وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهم وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) “أفلا تعقلون” سؤال يختصر كل الكلام عن الفرق بين الدنيا والآخرة سؤال يحرّك العقول لتعلم الحق وتحرك القلوب لتتعظ قبل أن تعاين العذاب وتذوقه!

(لا مبدّل لكلمات الله) هو الحق سبحانه كلامه حق ورسله حق وآياته حق والساعة حق ولقاؤه حق والجنة حق والنار حق وسننه في كونه ماضية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول فاللهم ارزقنا إيمانا بك لا يتزعزع وخشية من لقائك وحسابك يقودنا لتقواك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 11

الآيات 36-39

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع الحديث عن الحشر والبعث والرجوع إلى الله عز وجل:

(والموتى يبعثهم الله ثم إليه يُرجعون) الموت، البعث، ثم الرجوع إلى الله

(ثم إلى ربهم يُحشرون) الحشر

في الآية 36 (ثم إليه يُرجعون) لم يذكر اسم الجلالة “الله” أو “الرب” لأنه سبقها (يبعثهم الله)

وفي الآية 38 أظهر اسم “الرب” لعدم وروده فيما سبق (ثم إلى ربهم يُحشرون)

وعبّر عن الرجوع والحشر بصيغة الفعل المبني لما لم يسمّى فاعله (يُرجَعون) (يُحشّرون)

 

3 آيات في المقطع تفتتح بحرف الواو: (وقالوا – وما من دابة – والذين كذّبوا)

 

(وقالوا لولا نُزّل عليه آية من ربه) اقتراح جديد من المشركين إضافة لما اقترحوه سابقا في السورة (وقالوا لولا أُنزل عليه ملك)

 

(وقالوا لولا نُزّل) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 36 وفي الزخرف 31 (وقالوا لولا نزّل هذا القرآن)

ووردت (لولا نُزِّل) في 4مواضع في القرآن: موضعا الأنعام والزخرف والفرقان32 وفي سورة محمد وردت بصيغة (لولا نزّلت)

 

تكرر في المقطع: نُزِّل – ينزِّل

 

(وما من دابة في الأرض) وردت في القرآن في موضعين: الآية 38 سورة الأنعام والآية 6 في سورة هود.

 

(ما فرّطنا) وردت في القرآن في موضعين في سورة الأنعام:

في الآية 31 على لسان أهل النار (قالوا يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها)

وفي الآية 38 كلام الله عز وجل (ما فرّطنا في الكتاب من شيء)

 

(ولكن أكثرهم لا يعلمون)

وردت في 9مواضع في القرآن: الأنعام37، الأعراف 131، الأنفال34، يونس55، القصص: 13 و57، الزمر 49، الدخان39 والطور17

 

(والذين كذّبوا بآياتنا) وردت في 5مواضع في القرآن: الأنعام 39 و49، الأعراف: 36 و147 و182

 

(في الظلمات) تكررت في سورة الأنعام في موضعين: الآية 39 والآية 122 ولعل في هذا مناسبة لما افتتحت به السورة (وجعل الظلمات والنور)

وورد لفظ (الظلمات) في 13 موضعا في القرآن

 

(من يشأ الله يضلله) (ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)

المشيئة لله تعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهذا من آثار اسمه القاهر ولو شاء الله لجمع الناس على الهدى لكن سنّة الله تعالى في الخلق أن يكون منهم الضالّ والمهتدي.

 

(صمٌ وبكم) لم ترد في القرآن معطوفة بالواو إلا في الآية 39 من سورة الأنعام وفي باقي المواضع (صمٌ بكمٌ عُمي) وهما موضعان في سورة البقرة (18، 171)

 

(صراط مستقيم) وردت في سورة الأنعام 3مرات من مجموع 29 مرة في القرآن كله. ووردت بصيغة “صراط مستقيم” 23مرة و”الصراط المستقيم” مرتان و”صراطا مستقيما” 4 مرات

 

#تدبر

في المقطع آثار لاسم الله القاهر سبحانه فقد قهر الخلق بالموت والبعث والحشر

غريب أمر المشركين! لماذا يصرّون على طلب الآيات وهم لا يؤمنون بها؟! ما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين، إنما هو العنَت ومحاولة التحدي والتعجيز لرسول الله صلى الله عليه وسلم! وجهلٌ بعظمة الله عز وجل ما قدروه حق قدره فظنّوا أن بإمكانهم أن يقترحوا ما يشاؤون وأن الله جل جلاله يجيبهم لما أرادوه هم ورغبوا به! أما علموا أن الله هو القاهر فوق عباده لا يكون إلا ما أراده هو سبحانه فهو الحكيم الخبير وهو العليم وهو القادر على أن ينزّل من الآيات ما شاء على من يشاء وقد آتى كل رسول ما شاء من الآيات التي تناسب أقوامهم واختار للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم الآية البيّنة الباقية إلى يوم الدين في حين كل الآيات السابقة كعصا موسى وفلق البحر وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى كلها آيات رآها أهل زمانها ثم صارت قَصصا تروى للأجيال التالية..

ولو أن هؤلاء ساروا في الأرض سير عبرة واتعاظ كما أمرهم الله لعلموا أن سنّة الله عز وجل في الأمم أن من طلب آية فأنزلها الله عليهم ثم كفروا بها فقد استحقوا الهلاك!؟

ولو أن هؤلاء نظروا في ما حولهم في الأرض وفي السماء لو نظروا إلى الطير ذاك المخلوق الصغير كيف يطير ويحلّق في السماء بجناحين من ريش يقبضها ويصفّها بمشيئة الله الخالق، أليس هذا الطير آية؟! لو فتحوا أبصارهم وأسماعهم وتفكروا لرأوا الآيات الدالة على الخالق سبحانه شاخصة أمامهم تقول: للكون ربٌ فاعبدوه (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) الله خالقها وخالقكم ابتداء وإليه يحشركم جميعا.

 

(والموتى) (صُمٌ وبكمٌ في الظلمات) من لم يستجب للحق وآياته البينات فهو في عداد الموتى إذ أنهم عطّلوا وسائل الإدراك التي أعطاهم الله عز وجل إياها ليستدلوا بها عليه فيؤمنوا به لكنهم ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا كالأنعام بل هم أضل، لهم قلوب لا يعقلون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها فأيّ حياة يعيش هؤلاء؟! ألا ما أجهلهم!!

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 12

الآيات 40-45

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(“أتاكم” عذاب الله) – (“أتتكم” الساعة)

(أغير الله “تدعون”) – (بل إياه “تدعون”) – (فيكشف ما “تدعون” إليه)

(وتنسون) – (فلما نسوا)

(يتضرعون) – (تضرّعوا)

(“فأخذناهم” بالبأساء والضراء) – (“أخذناهم” بغتة)

افتتح المقطع بـ(قل)

3 آيات في المقطع افتتحت بحرف الفاء (فلولا جاءهم) – (فما نسوا) – (فقُطع دابر القوم..)

(حتى إذا فرحوا) تكرر منذ بداية السورة صيغة “حتى إذا” 3مرات: (حتى إذا جاؤك يجادلونك) (حتى إذا أتتهم الساعة بغتة) (حتى إذا فرحوا)

(أغير الله) وردت في سورة الأنعام 3مرات من مجموع 4 مرات في القرآن كله، وردت في الأنعام: 14، 40، 164 وفي الأعراف 140 كلها مسبوقة بالفعل (قل) إلا الآية 40 (أغير الله)

(فأخذناهم بالبأساء والضراء) “بالبأساء والضراء” وردت في القرآن في موضعين: في الأنعام 42 وفي الأعراف 94 (إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء)

(إذ جاءهم بأسنا) وردت في القرآن في موضعين: الأنعام 43 والأعراف 5 (فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا)

(ولكن قست قلوبهم) “قست قلوبهم” وردت في القرآن في موضعين: الأنعام 43 والحديد 16 (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)

(وزين لهم الشيطان) وردت في 3 مواضع في القرآن: الأنعام 43 (وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) وفي النمل 24 والعنكبوت 38 (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل)

(ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 42 وفي النحل 63 (تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك)

(فتحنا عليهم) وردت في القرآن في 4 مواضع: الأنعام 44 (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) وفي الأعراف 96 (لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) وفي الحجر 14 (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء) وفي المؤمنون 77 (ولو فتحت عليهم بابا ذا عذاب شديد)

(أخذناهم بغتة) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 44 وفي الأعراف 95 (فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون)

(فإذا هم مبلسون) انفردت بها سورة الأنعام

(فقطع دابر القوم) انفردت بها سورة الأنعام

(والحمد لله رب العالمين) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 45 والصافات 182

 

#تأملات

افتتح المقطع بتلقين النبي صلى الله عليه وسلم سؤالا يوجهه للكافرين ويقيم عليهم الحجة في أن الله عز وجل هو المتصرف في خلقه بما يشاء القاهر فوق عباده وهو الله لا إله إلا هو ومن مظاهر توحيده وقهره أن الكافرين يلجأون إلى الله وحده مستغيثين من العذاب ينسون من كانوا يدّعون أنهم شركاء وتتجه فطرتهم إلى الله خالقهم.

وفي المقطع تقرير لبعض سنن الله عز وجل في الخلق منها:

سنة إرسال الرسل للأقوام فإن لم يستجيبوا لهم يبتليهم الله تعالى بالبأساء والضراء من فقر وضيق عيش وأمراض وأسقام من أجل أن يرجعوا إلى الله ويتضرعوا له.

فإن لم يتضرعوا ويرجعوا لقسوة قلوبهم وتزيين الشيطان لهم فإنه تجري عليهم سنة أخرى من سنن الله تعالى ألا وهي سنة الاستدراج والإملاء فيفتح الله تعالى عليهم أبواب الدنيا من الجاه والرزق حتى إذا فرحوا بهذا العطاء أخذهم الله تعالى بغتة وهذا من آثار اسمه القاهر فيصبحوا آيسين من كل خير.

ومن سنن الله تعالى في الخلق إهلاك القوم الذين ظلموا هلاك استئصال تام (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) وهذا أيضا من مظاهر قهره عز وجل للمكذبين الكافرين.

وختم المقطع بـ(والحمد لله رب العالمين) الحمد لله على إهلاك الظالمين والحمد لله على شفاء صدور قوم مؤمنين والحمد لله على إنزال الآيات التي أخبر بها عباده بمصير الأمم السابقة ليتعظوا ويتوبوا قبل فوات الأوان ولا يحلّ عليهم العذاب كما حلّ على من سبقهم. والحمد لله الذي طهّر الأرض من الظالمين المفسدين.

القرآن يعلمنا أن نحمد الله عز وجل بعد إهلاك الظالمين كما أمر نوحا عليه السلام بعد إغراق الكافرين من قومه (وقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين)

 

اشتمل المقطع على بعض أفعال الله عز وجل وردت كلها بضمير التعظيم (نا): (ولقد أرسلنا – فأخذناهم – فتحنا عليهم – أخذناهم) (بأسنا) لإيقاع المهابة من الله عز وجل في القلوب ما عدا موضع واحد جاء بالإفراد (فيكشف) في الآية (بل إياه تدعون فيكشف) إياه بالإفراد ويكشف بالإفراد ذلك لأنه سبحانه وحده من يلجأ إليه الكافرون ساعة الشدة والعذاب وهو وحده سبحانه الذي يكشف ما يدعون إليه إن شاء. وهذا يتناسب مع دعوة السورة لتوحيد الله عز وجل (أغير الله تدعون) (بل إياه تدعون) (فيكشف) (إن شاء).

 

(فقطع دابر القوم الذين ظلموا) التعبير باسم الموصول وصلته (الذين ظلموا) لبيان العلّة من استحقاقهم للهلاك وقطع دابرهم وهو: الظلم. وقد تكرر هذا الأسلوب في السورة 37 مرة كما ورد من بداية السورة: (الذين كفروا – الذين خسروا – الذين سخروا – الذين آتيناهم الكتاب – الذين كذّبوا بلقاء الله– الذين يسمعون – الذين كذبوا بآياتنا)

 

#تدبر:

إن رجوع الإنسان إلى الله عز وجل ساعة الشدة وافتقاره إليه ولجوؤه متضرعا إليه بالدعاء لهو دليل حقيقي على الإيمان به إلهًا وربًا وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها لكنها تنطمس حين تقسو القلوب وتستكبر وتظن أن بإمكانها الاستغناء عن ربها!

 

(فيكشف ما تدعون إليه إن شاء) فالمشيئة له وحده في إجابة الدعاء إن شاء كشف ما يدعون إليه وإن لم يشأ لم يكشف، وقد سبق في السورة أن المشيئة له وحده في كشف الضر (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) وأن المشيئة له وحده في الهداية (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) (من يشأ يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم).

 

قاعدة قرآنية: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون) وفي الحديث: “إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج”.

 

الاستدراج قد يكون لفرد وقد يكون لأمّة وقد يكون لقوم وقد يكون لدولة فليحذر الإنسان سخط الله عز وجل وليحاسب نفسه فقد يكون ذنبه ومعصيته سببا في استدراج مجتمعه وأمّته فيحق عليها العذاب.

 

(فقطع دابر القوم الذين ظلموا) من غير الله عز وجل القاهر فوق عباده الحكيم الخبير قادر على قطع دابر القوم الذين ظلموا؟! لا إله إلا هو سبحانه.

 

(فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون) من أسباب عدم التضرع إلى الله عز وجل: قسوة القلوب وتزيين الشيطان للأعمال فيُعجب الإنسان بعمله ولو كان سيئا قبيحا فيزداد قسوة وعتوا وضلالا وعُجبا يحول بينه وبين التضرع إلى الله ربه.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 13

الآيات 46-50

 

#للحفاظ

3 آيات في المقطع افتتحت بالفعل (قل) إثنتان منها تبعه فعل الرؤية:

قل أرأيتم – قل أرأيتكم – قل لا أقول لكم

وآيتان افتتحت بحرف الواو: (وما نرسل المرسلين – والذين كذبوا بآياتنا)

 

تكررت أفعال الرؤية في المقطع:

(أرأيتم – أرأيتكم – انظر) وفيه أيضا أداة الرؤية: (أبصاركم) وهذا من خصائص سورة الأنعام فهي سورة التعريف بالله تعالى الخالق من خلال الآيات الكونية ولذلك تكررت فيها ألفاظ الرؤية والنظر والمشاهدة التي بها ترى هذه الآيات في الكون. ففيها (بصر) (نظر) (رأى) (شاهد) 41 مرة.

 

تكررت (إن) الشرطية: (إن أخذ الله سمعكم..) (إن أتاكم عذاب الله)

 

في المقطع 4 استفهامات لإثارة الذهن وتحريك العقول والقلوب للتفكّر:

(قل أرأيتم – من إله غير الله يأتيكم به – أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله – هل يُهلك إلا القوم الظالمون)

 

تكرر استعمال الفاء: (فمن آمن وأصلح – فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

 

(كيف نصرّف الآيات ثم هم يصدفون) اربط فاء يصرّف بفاء يصدفون

تذكّر أن في سورة الأنعام يكثر استعمال (ثمّ) فناسب ختم الآية (ثم هم يصدفون)

 

تكرار ضمير الفصل (هم): (ثم هم يصدفون) (ولا هم يحزنون)

 

تكرر العذاب في موضعين: (إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) (يمسّهم العذاب بما كانوا يفسقون) في الآية الأولى مضافا إلى اسم الجلالة ليوقع المهابة والخوف في قلوب الظالمين المكذبين وفي الثانية جاء بالتعريف (العذاب) وكأنه العذاب المعروف الذي خصّه الله بالقوم الفاسقين والله أعلم.

 

(إن أخذ الله سمعكم) انفردت بها سورة الأنعام

(وختم على قلوبكم) انفردت بها سورة الأنعام وقد ورد الختم على القلوب في القرآن بصيغ أخرى: (ختم الله على قلوبهم)[البقرة:7]، (فإن يشأ الله يختم على قلبك) [الشورى: 24]، (وختم على سمعه وقلبه)[الجاثية: 23]

 

(بغتة أو جهرة) انفردت بها سورة الأنعام

تكرر لفظ (بغتة) وحده في القرآن في 13 موضعا 3 منها في سورة الأنعام (الآيات: 31، 44، 47) وعادة ما يأتي مع الساعة أو العذاب

وتكرر لفظ (جهرة) في 3 مواضع في القرآن: البقرة 55، النساء 153 كلاهما في سياق رؤية الله والأنعام 47 اقترنت ب(بغتة) في سياق عذاب الله.

 

(فمن آمن وأصلح) انفردت بها سورة الأنعام.

(فمن آمن وأصلح) الإيمان عكسه الكفر والتكذيب بآيات الله فناسب يعدها (والذين كذّبوا بآياتنا)

 

(فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) تكررت في القرآن الكريم في 5مواضع: البقرة 38، المائدة 69، الأنعام 48، الأعراف 35، الأحقاف 13.

 

(هل يُهلك إلا القوم الظالمون) انفردت بها سورة الأنعام

 

(بما كانوا يفسقون) وردت في القرآن في 5مواضع: في البقرة 59، الأنعام 49 والأعراف 163 و165 والعنكبوت 34

 

(قل لا أقول لكم) – (ولا أقول لكم)

(قل) تكرر في المقطع 4مرات، اثنتان منها في الآية 50 نهاية المقطع.

 

(خزائن الله) وردت في القرآن في موضعين اثنين فقط: في الأنعام الآية 50 (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك) وفي سورة هود الآية 31 على لسان نوح عليه السلام وهو يخاطب قومه (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك..) بزيادة (قل) و (لكم) في آية الأنعام.

 

(إن أتّبع إلا ما يوحى إليّ) وردت في 3مواضع في القرآن: في الأنعام الآية 50 وفي يونس 15 وفي الأحقاف 9.

 

(قل هل يستوي الأعمى والبصير) وردت في القرآن في موضعين: الأنعام الآية 50 والرعد 16

 

#تأملات

#تدبر

من بداية السورة تكرر الحديث عن وسائل الإدراك التي أعطاها الله تعالى للإنسان ليهتدي بها إليه:

(ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها)

(إنما يستجيب الذين يسمعون)

(والذين كذّبوا بآياتنا صمٌ وبكمٌ في الظلمات)

(ولكن قست قلوبهم)

(قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم)

(قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون)

 

(يمسّهم العذاب بما كانوا يفسقون) من بداية السورة والآيات تبيّن سبب عقوبة وهلاك الأقوام حتى لا يقول قائل لماذا أهلك الله هؤلاء الأقوام وعذّبهم؟ فسنّة الله تعالى أن يُمهِل الأقوام فإذا أصروا على التكذيب حقّ عليهم العذاب والهلاك. (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) (فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) (ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)

 

السورة منذ بدايتها تعرض الأدلة الدامغة على أن الله تعالى هو القاهر فوق عباده وهو القادر على كل شيء وهو خالق كل شيء ويملك التصرف فيه كيف شاء وختم هذا المقطع بتلقين النبي صلى الله عليه وسلم إثبات بشريته فلا هو يملك خزائن الله ولا هو يعلم الغيب ولا هو ملك إنما هو بشر يتّبع ما أوحاه الله تعالى إليه فهو رسول من رسل الله الذين أرسلهم مبشرين ومنذرين. وفي هذا رد حاسم على كل من يطلب من النبي المعجزات أو تأخير العذاب عنهم أو تقديمه لا ليؤمنوا إنما تعنّتا منهم واتّباعا لشهواتهم ورغباتهم وشتّان بين من يتّبع رغباته وبين من يتّبع ما أوحي إليه من ربه!.

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 14

الآيات 51 – 55

 

#للحفاظ

افتتحت آيات المقطع بأمر للنبي صلى الله عليه وسلم (وأنذر به) تلاه نهيٌ (ولا تطرد الذين يدعون ربهم)

وفي المقطع آيتان افتتحت بـ(وكذلك) وقد تكرر لفظ (كذلك) في السورة 13مرة من مجموع 124 مرة في القرآن.

 

تكرر في المقطع:

فعل الطرد: ولا تطرد – فتطردهم

 

(الذين يخافون – الذين يدعون – الذين يؤمنون) وذكرنا أكثر من مرة أن من خصائص سورة الأنعام الأسلوبية التعبير بصيغة اسم الموصول (الذي) وصِلته.

(كتب ربكم على نفسه “الرحمة”) – (فأنه غفور “رحيم”)

(ما عليك من حسابهم من شيء) (وما من حسابك عليهم من شيء)

اسم “الربّ”: (يحشروا إلى ربهم) – (يدعون ربهم) – (كتب ربكم على نفسه الرحمة)

(الذين يؤمنون بآياتنا) (نفصل الآيات)

الأفعال في حق المؤمنين وردت بصيغة المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار: (يخافون – يتقون – يدعون ربهم – يريدون وجهه – يؤمنون)

(ليقولوا) – (فقُل)

 

(“وأنذِر به”) لم ترد هذه الصيغة إلا في سورة الأنعام وتتناسب مع سبق في سياق الإنذار (وأوحي إليّ هذا القرآن “لأنذركم به”) الضمير (به) عائد على القرآن بينما ورد في مواضع أخرى في القرآن إطلاق الإنذار دون ذكر المنذَر به (وأنذر عشيرتك الأقربين) (وأنذر الناس) (وأنذرهم يوم الحسرة) (وأنذرهم يوم الآزفة)

 

(يخافون أن يحشروا إلى ربهم) لم ترد إلا في سورة الأنعام، ورد في سورة النحل (يخافون ربهم).

 

(وليّ ولا شفيع) ورد في القرآن في 3مواضع، اثنان منها في سورة الأنعام (الآية 51 و70) والثالث في سورة السجدة الآية4 (ما لكم من دونه من وليّ ولا شفيع أفلا تتذكرون)

 

(لعلهم يتقون) وردت في القرآن في 6موضع إثنان منها في سورة الأنعام (الآية 51 والآية 69) وفي البقرة 187 والأعراف 164 وطه 113 والزمر 28.

 

(ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والهشي يريدون وجهه) انفردت بها سورة الأنعام وآية سورة الكهف تشبهها إلا أنها افتتحت بأمر لا بنهي (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)

 

(بالغداة والعشي) لم يرد هذا التعبير إلا في سورة الأنعام 52 والكهف 28

 

(فتكون من الظالمين) انفردت بها سورة الأنعام

(وكذلك فتنّا) لم ترد هذه الصيغة إلا في سورة الأنعام ووردت في مواضع أخرى صيغة (ولقد فتنا – قد فتنا) في العنكبوت وص والدخان

 

(أليس الله بأعلم بالشاكرين) انفردت بها سورة الأنعام.

 

(سلامٌ عليكم) وردت في 6مواضع في القرآن: في الأنعام 54 وفي الأعراف 46، الرعد 24، النحل 32، القصص 55، والزمر 73

 

(كذلك نفصّل الآيات) وردت في القرآن في 5 مواضع: الأنعام 55، الأعراف 32 و174، يونس 24، الروم 28

 

(ولتستبين سبيل المجرمين) انفردت بها سورة الأنعام.

 

احتوت السورة على:

أسلوب الأمر (وأنذر به)

أسلوب النهي (ولا تطرد الذين يدعون ربهم)

أسلوب الشرط وجوابه (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم) (أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)

أسلوب الترغيب (من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم)

أسلوب الخبر (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) (وكذلك نفصل الآيات)

أسلوب الاستفهام (أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) (أليس الله بأعلم بالشاكرين)

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

#تأملات_ وتدبر

تحول السياق من الحديث من بداية السورة عن المشركين الخاسرين الظالمين إلى الحديث عن المؤمنين الذين استجابوا لدعوة رسل الله واتّبعوهم وهو توجيه للنبي صلى الله عليه وسلم والدعاة من بعده يرسّخ قاعدة التعامل مع المدعويين الضعفاء والفقراء وهي القاعدة الأسمى في احترام حقوق الإنسان والابتعاد عن العصبيات والتصنيفات الجاهلية للبشر  وهذا المعنى اشتركت فيه سورة الأنعام (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) وسورة الكهف (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم)

 

آفة بعض البشر الاستكبار والاستعلاء على خلق الله الضعفاء والفقراء (أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) مشكلتهم أنهم يرون أنفسهم أحقّ بكل خير من غيرهم، أهم يقسمون رحمة ربهم؟! تارة يقترحون على الله عز وجل على من ينزل رسالته، وتارة يعترضون على اختيار الله لرسله وتارة يعترضون على مكانة المؤمنين الاجتماعية والمادية! أنسي هؤلاء أن الله عز وجل هو الحكيم الخبير وهو العليم بخلقه لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون؟!. هذه الآفة ما زالت للأسف موجودة في مجتمعاتنا وهي آفة قلوب قست فعميت عن الحق أحسنوا الظن بأنفسهم وأساؤوا الظن بربّهم وبالمؤمنين الضعفاء الفقراء من خلقه!

 

يعلّمنا المقطع أن الإنذار طريق التقوى (وأنذر – لعلهم يتقون)

ويعلّمنا أن الدعاة إلى الله عليهم أن يعطوا المستجيبين لدعوة الله حقوقهم فلا ينصرفوا عنهم إلى أهل الدنيا مهما ضعف شأن المستجيبين وعلا شأن أهل الدنيا المعاندين.

ويعلمنا أن العباد خطاؤون وخير الخطائين التوابون والله عز وجل يقبل التوبة بل كتبها على نفسه سبحانه رحمة بعباده ووضع شروطا للتوبة لمن عمل السوء بجهالة: توبة وإصلاح لما أفسد بمعصيته ووعد الله عز وجل بالمغفرة لأنه هو الغفور الرحيم.

ويعلّمنا أن سبيل المجرمين هو الاستعلاء والترفع على أهل الإيمان وفي المقابل فإن سبيل المؤمنين هو التواضع لأهل الإيمان، والقرآن الكريم يوضّح السبيلين حتى لا تكون للناس على الله حجّة بعد الرسل (وهديناه النجدين) والعاقل من سلك سبيل المؤمنين وأعرض عن سبيل المجرمين.

 

(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فأنه غفور رحيم)

تشريف للمؤمنين بوصفهم (الذين يؤمنون بآياتنا)

تكريم لهم بالسلام (سلامٌ عليكم) تكريم يمنحهم الأمن والسلام من ربهم

تشريف بالإضافة (ربكم)

بشارة بالرحمة (كتب ربكم على نفسه الرحمة)

إعذار (من عمل منكم سوءا بجهالة)

رحمة بفتح باب التوبة (ثم تاب من بعده)

بيان لطريق التوبة المقبولة (ثم تاب من بعده وأصلح)

ترغيب بالتوبة باختيار اسمين من أسماء الجمال لله عز وجل (فأنه غفور رحيم)

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 15

الآيات 56 – 58

 

#للحفاظ

#تأملات_وتدبر

آيات المقطع كلها تبدأ بفعل الأمر (قلّ) تلقين للنبي صلى الله عليه وسلم للرد على شبهات المشركين المكذبين وتكرر (قل) 4مرات في المقطع.

الله عز وجل يرسم خارطة طريق للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل الدعاة إلى الله للتعامل مع شبهات المشركين كما حكم الله تعالى الحكيم الخبير العليم وهي تثبت بشرية الرسول وتحدد صلاحياته وتؤكد أن الله تعالى وحده المتحكم بها:

(“قل” إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله “قل” لا أتّبع أهواءكم) الكل منهيٌّ عن عبادة غير الله عز وجل، الأنبياء أولًا وكل من تبعهم ومن جاء بعدهم إلى يوم الدين. الطريق الصحيح يبدأ من إعلان التوحيد وعدم اتّباع الهوى والشبهات والضلال.

(“قل” إني على بينة من ربي) الدعوة إلى الله والاتّباع لا يكون عن جهل وإنما عن علم وحقائق وأدلّة وبيّنات وكل هذا البيان هو في القرآن المبين الذي أنزله الله تعالى على رسوله الخاتم صلى الله عليه وسلم. والدعاة إلى الله موقنون واثقون من البيّات التي جاءتهم من ربهم.

(“قل” لو عندي ما تستعجلون به) صلاحيات النبي صلى الله عليه وسلم محدودة فهو ليس بيده تقديم ولا تأخير العذاب ولا إيقاعه بأحد من البشر فهذا بيد الله تعالى وحده لا يتحكم فيه نبي ولا رسول ولا ملَك.

 

(لا أتّبع أهواءكم قد ضللت) انفردت بها سورة الأنعام

 

(وما أنا من المهتدين) تكرر ذكر الهدى ومشتقاته في السورة 20مرة ولعل هذا يتناسب مع كثرة براهين وأدلة السورة التي يُهتدى بها إلى توحيد الله عز وجل ويبتعد بها عن الضلال وسبيل المجرمين.

 

(ما “عندي ما تستعجلون به”) – (قل لو أن “عندي ما تستعجلون به”)

 

(على بيّنة من ربي) وردت في القرآن في 4مرات إحداها في الأنعام 57 على لسان النبي صلى الله عليه وسلم و3منها في سورة هود: الآيات 28، 63 و88 على لسان نوح وصالح وشعيب عليهم السلام جميعا.

 

(إن الحكم إلا لله يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين)

(إن الحكم إلا لله) وردت في 3مواضع في القرآن: في الأنعام 57 وفي يوسف الآية 40 و67

(يقصّ الحق) انفردت بها سورة الأنعام

(وهو خير الفاصلين) انفردت بها سورة الأنعام ومن اللافت تكرر فعل (فصل) ومشتقاته في السورة في 7 مواضع: نفصّل، فصّلنا، مفصّلا، فصّل، الفاصلين،

 

(والله أعلم بالظالمين) وفي المقطع السابق (أليس الله بأعلم بالشاكرين) علم الله عز وجل يشمل الجميع: الشاكرين والظالمين لا يخفى عليه شيء من أمرهم لا في سرّهم ولا في جهرهم.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 16 و17

الآيات 59 – 67

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

العلم: (لا يعلمها إلا هو – ويعلم ما في البر والبحر– وما تسقط من ورقة إلا يعلمها – ويعلم ما جرحتم بالنهار)

ظلمات: (ظلمات الأرض – ظلمات البر والبحر)

وهو: (وهو الذي يتوفاكم بالليل – وهو القاهر فوق عباده – وهو أسرع الحاسبين – وهو الحق) (هو القادر)

قل: (قل من ينجّيكم – قل الله ينجّيكم – قل هو القادر – قل لست عليكم بوكيل)

التوفية: (وهو الذي يتوفاكم – توفّته رسلنا)

ثمّ: تكررت في المقطع 4 مرات 3 منها في آية واحدة (الآية 60) (ثم يبعثكم – ثم إليه مرجعكم – ثم ينبئكم)

الإنجاء: (من ينجّيكم – لئن أنجانا – قل الله ينجّيكم)

الحق: (مولاهم الحق – وهو الحق)

(ثم يبعثكم فيه– ويرسل عليكم حفظة – يبعث عليكم عذابا) البعث فيه شدّة أكثر من الإرسال وقد ورد في سياق البعث يوم القيامة وسياق العذاب المادي (من فوقكم أو من تحت أرجلكم) والعذاب المعنوي (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) أما الإرسال فورد في سياق إرسال الملائكة الحفظة.

 

إنفرادات في السورة:

(مفاتح الغيب) – (وما تسقط من ورقة) – (ظلمات الأرض)

(حفّظة) (لا يفرّطون)

(وهو أسرع الحاسبين)

(حى إذا جاء أحدكم الموت) – (توفّته رسلنا)

(ثم أنتم تشركون)

(قل هو القادر)

(لعلهم يفقهون)

(لست عليكم بوكيل)

(لكل نبأ مستقر) (وسوف تعلمون)

 

متشابهات:

(إلا في كتاب مبين) وردت في القرآن في 4 مواضع: الأنعام 59، يونس 61، النمل 75 وسبأ3

(يتوفاكم) وردت في القرآن في 4مواضع 3 منها بنسبة الفعل إلى الله تعالى: في الأنعام 60 (وهو الذي يتوفاكم بالليل) في يونس 104 (ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم)، في النحل 70 (والله خلقكم ثم يتوفاكم) وبنسبة الفعل لملك الموت في السجدة 11 (قل يتوفاكم ملك الموت)

(مولاهم الحق) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 62 ويونس 30

(وهو القاهر فوق عباده) انفردت بها سورة الأنعام في موضعين: الأنعام 18 و61

(ظلمات البر والبحر) تكررت في القرآن في 3 مواضع: إثنان في الأنعام: 63 و97 وفي النمل 63

(تضرّعا وخفية) تكررت في موضعين في القرآن: في الأنعام 63 وفي الأعراف 55

(لنكونن من الشاكرين) تكررت في القرآن في 3 مواضع: الأنعام 63، الأعراف 189 ويونس 22.

(نصرّف الآيات) وردت في 4مواضع في القرآن 3 منها في الأنعام: 46، 65، 105 وفي الأعراف 58

(انظر كيف نصرّف الآيات) انفردت بهما سورة الأنعام في الآيتين: 46 و55

(وهو الحق) تكررت في القرآن في 3 مواضع: البقرة 91، الأنعام 66، محمد 2

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 16 و17

الآيات 59 – 67

 

#تأملات_وتدبر

بعد أن بيّن المقطع السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم له صلاحيات محددة محدودة يأخذنا هذا المقطع في جولة بديعة مع البراهين والأدلة البيّنة عى تفرّد الله عز وجل بالعلم والقدرة المطلقتين، ويبرز فيه من مظاهر اسم الله القاهر ما ينبغي أن يؤمن به المعاندون المشركون إلا أنهم يظلمون أنفسهم باستكبارهم عن رؤية آيات ودلائل الحق التي صرّفها الله تعالى من حولهم وفي أنفسهم لكنهم لا يفقهون! بل ويتجرأون على تكذيب الحقّ لكن سيأتي اليوم الذي يدركون فيه فداحة تكذيبهم وعاقبة كفرهم وجحودهم!

ويتنوع الأسلوب في آيات المقطع بين التهديد والوعيد وبيان القدرة الإلهية في الكون وفي النوم والتوفّي والموت والبعث والحساب والعذاب ومنّة الله تعالى على عباده بإنجائهم في ساعة الشدّة في مقابل جحودهم وإعراضهم عن الله بعد الإنجاء!

  • من آيات ومظاهر قدرة الله تعالى وعلمه المحيط في الكون:

عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو

يعلم ما في البر والبحر (أطلق عنان مخيلتك في سعة دلالة (ما))

ما تسقط من ورقة إلا يعلمها، لا يمكن لعقل بشري أن يستوعب قدرة الله تعالى في معرفة كل ورقة تسقط من كل شجرة في أي بقعة من الأرض!

ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس، كمال علم الله وطلاقة قدرته سبحانه!

  • ومن مظاهر قدرة الله تعالى في ما يتعلق بالبشر:

التوفية بالليل (نعمة النوم)

علمه بما يعمله البشر في النهار وفي الليل

بعثه إياهم في الأجل الذي قضاه أزلًا سبحانه

رجوعهم إليه يوم القيامة ثم إنبائهم بما عملوا ثم حسابهم ولا يظلم ربك أحدا

إرسال الملائكة الحفظة التي تحفظ العباد وتكتب أعمالهم ومنهم الملائكة الموكلة بنزع أرواحهم

إنجاء الخلق من ظلمات البر والبحر ومن كل شدّة يتضرعون بها إلى الله لكشفها عنهم

طلاقة قدرته في عذاب المشركين المعاندين عذابا ماديا أو معنويا بالتفرّق والتشرذم.

كيف لعاقل أن لا يؤمن بالله عز وجل بعد كل هذه البراهين على عظمتع وقدرته وتحكمه في كونه ومخلوقاته؟! كيف يكذّب بالحق عبدٌ مملوك هو كالهباءة في ملك الله عز وجل؟!

يختم المقطع ببيان أن ما على الرسول إلا بلاغ الآيات وليس هو وكيل على العباد إنما أمرهم لله وعليه بالصبر فلكل نبأ مستقر.

 

(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) مفاتح الغيب خمسة ذكرت في ختام سورة لقمان (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿٣٤﴾ لقمان).

 

(تدعونه تضرّعا وخفية) من مظاهر قهر الله للمشركين أنه يُلجئهم إليه وحده حين الشدة رغم أنوفهم لا يجدون من يتضرعون إليه إلا الله عز وجل. حين يحيط الرعب بالعبد ويستولي الخوف والجزع على مجامع قلبه تصرخ فطرته السليمة متضرعة إلى الله ربها لإنجائها! لماذا إذن نعاند الفطرة السليمة وهي تقودنا إلى الله؟! أيّ داء أصاب القلوب حتى غطّى بذور الخير فيها فعميت عن فطرتها؟!

 

(لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين) جُبلت النفوس البشرية حين تتعرض للشدائد أن تلجأ لربها طوعا واضطرارا لكن هذا الحال لا يلبث أن يزول والوعود المؤكّدة لا تلبث أن تُنكث بعد ان يكشف الله عز وجل عنها الشدة والكرب تعود لتنطمس من جديد وبدل الشكر يحلّ الجحود والشرك (ثم أنتم تشركون).

 

(قل من ينجّيكم من ظلمات البر والبحر) استفهام تقرير وإنكار وتوبيخ لهم على سوء معتقدهم باعتمادهم على الأصنام فالله عز وجل هو وحده المنجي من الكروب والشدائد.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 18

الآيات 68 – 70

 

#للحفاظ

آيات المقطع الثلاث افتتحت بحرف الواو: (وإذا رأيت – وما على الذين – وذرِ الذين)

تكرر فيه:

(يخوضون – يخوضوا)

(الذكرى – ذكرى – وذكّر)

(تبسل – أبسلوا) لم تتكرر في غير سورة الأنعام

(بما كسبت – بما كسبوا)

تكرار اسم الموصول كما سبق في آيات السورة من بدايتها: (الذين يخوضون – الذين يتّقون – الذين اتخذوا – الذين أُبسلوا)

(وإن تعدِل – كل عدل) العدل هنا بمعنى الفداء.

(وما على الذين يتقون – لعلهم يتقون)

 

#متشابه

(وإذا رأيت) افتتحت بها 3 آيات في القرآن، اثنان بصيغة (رأيت) في الأنعام 68 وفي الإنسان 20 (وإذا رأيت ثمّ رأيت) وبصيغة (أرأيتهم) في المنافقون 4

(الذين يخوضون) انفردت بها سورة الأنعام

(حتى يخوضوا في حديث غيره) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 68 وفي النساء 140

وورد الخوض مقترنا باللعب في موضعين في القرآن آية متطابقة تماما (فذرهم يخوضوا ويلبعوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) في الزخرف 83 والمعارج 42.

وسيأتي في المقطع في الآية 70 حديث عن اللعب بعد الحديث عن الخوض في الآية 68

(فأعرض عنهم) وردت في القرآن في 4 مواضع: النساء 63 (فأعرض عنهم وعظهم) و81 (فأعرض عنهم وتوكل على الله)، الأنعام 68 (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) والسجدة 30 (فأعرض عنهم وانتظر)

(الذكرى) معرّفة وردت في 6مواضع في القرآن: الأنعام 68، الدخان 13، الذاريات 55، عبس 4، الأعلى 9، الفجر 23.

(ذكرى) نكرة وردت في 5 مواضع في القرآن: الأنعام 69 و90، هود 114، ص46، المدّثر 31

(وما على الذين يتقون “من حسابهم من شيء”) سبق ووردت في الآية 52 (ما عليك “من حسابهم من شيء”)

(لعلهم يتقون) وردت ختام 6 آيات في القرآن: البقرة 187، الأنعام 51 و69، الأعراف 164، طه 113، الزمر 28.

(وَذَرْ) انفردت بها سورة الأنعام بصيغة الإفراد، ووردت في 4 مواضع بصيغة الجمع (وذروا)

(اتخذوا دينهم) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 70 وفي الأعراف 51 (الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا)

(لعبا ولهوا) اللعب واللهو سبق ورودهما بنفس الترتيب في الآية 32 في السورة (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو)

(وغرّتهم الحياة الدنيا) وردت في 3مواضع في القرآن اثنان منها في الأنعام: الآية 70 و130 وفي الأعراف 51 (الذين اتخذوا دينا لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا)

(ولي ولا شفيع) تكررت في السورة في الآية 51 (ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع) وفي الآية 70 (ليس لها من دون الله وليّ ولا شفيع) وفي السجدة 4 (ما لكم من دونه من وليّ ولا شفيع) بإضافة (من) قبل (وليّ)

(بما كسبت) وردت في القرآن في 8مواضع و(بما كسبوا) وردت في 5مواضع في القرآن

(لا يؤخذ منها) وردت في الأنعام 70 (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) بتقديم “عدل” وفي البقرة 48 بزيادة الواو وتأخير “عدل” (ولا يؤخذ منها عدل)

(لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) وردت في موضعين في القرآن ختام آيتين: الأنعام 70 ويونس 4

 

#تأملات_ وتدبر

يستمر في هذا المقطع الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم من خلال توجيهات لصيانة إيمان المؤمنين وصيانة مجالسهم من المستهزئين فكان التوجيه بالإعراض عن المستهزئين العابثين المكذبين الخائضين في دين الله وآياته حتى يغيّروا الحديث ولا يجالسوهم فلا يليق بمؤمن أن يجلس معهم فمن نسي فعليه بترك المجلس أول ما يذكر. ولهذا التوجيه في الإعراض عنهم فوائد:

-فهو تنبيه للخائضين وتذكرة لهم علّهم يتوقفوا

-فإن لم يتوقفوا فهو إقامة للحجّة عليهم

-وذكرى للمؤمنين بواجبهم نحو آيات الله ودينهم ورسولهم.

– وصيانة لمجالس المؤمنين من أن يتسلل إليها مثل هؤلاء المشككين المستهزئين فيتزعزع إيمان المؤمنين أو تثار الشكوك في قلوبهم تجاه دينهم خاصة إن كان في إيمانهم ضعف. ولهذا أمرنا أن نجالس الصالحين فمجالستهم تزيد التقوى لأنهم يعظّمون القرآن ويعتصمون به ويتّبعون ما فيه فيزدادوا إيمانا بالله عز وجل.

إن كان المكذبين المستهزئين قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا لأنهم لا يتقون الله عز وجل ولا يحسبون للآخرة حسابا فإن المؤمنين أعمارهم وأوقاتهم أثمن من أن يضيّعوها مع هؤلاء المضيّعين العابثين فالدنيا سرعان ما تنقضي ويحين وقت الحساب فريق المؤمنين في الجنة وفريق المستهزئين الكافرين يحبس في جهنم ليس لهم ولي ولا شفيع من دون الله ولا يؤخذ منهم فداء ولو كان ملء الأرض ذهبا وعذابهم أليم بسبب كفرهم وإعراضهم عن الآيات والبراهين البيّنات التي جاءهم بها رسول الله المبلّغ عن ربه!

الآيات بين أيدينا تذكرة وحجّة فماذا نحن فاعلون؟!

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 19

الآيات 71 – 73

 

#للحفاظ

#متشابه

يبدأ المقطع بكلمة (قل) وتكررت مرتين (قل أندعوا – قل إن هدى الله) وورد لفظ القول بصيغة: (ويوم يقول) (قوله الحق)

(أندعوا من دون الله) لم ترد بهذه الصيغة إلا في سورة الأنعام وقد ورد في الآية 56 (تدعون من دون الله) و في الآية 108 (يدعون من دون الله)

(من دون الله) وردت في القرآن في 70 موضعا، 4 منها في الأنعام.

الدعاء: (قل أندعوا – يدعون من دون الله)

الهدى: (هدانا الله – إلى الهدى – إن هدى الله – هو الهدى)

الحق: (خلق السموات والأرض بالحق – قوله الحق)

ضمير الفصل “هو”: (هو الهدى – وهو الذي إليه تحشرون – وهو الذي خلق السموات والأرض – وهو الحكيم الخبير)

اسم الجلالة: تكرر في الآية الأولى من المقطع 3 مرات (من دون الله – هدانا الله – هدى الله)

(إن هدى الله هو الهدى) وردت في موضعين في القرآن: البقرة 120 والأنعام 71

(لرب العالمين) وردت في 4 مواضع في القرآن: في البقرة 131 (أسلمت لرب العالمين)، الأنعام 71 (وأمرنا لنسلم لرب العالمين)، غافر 66 (وأمرتُ أن أُسلم لرب العالمين) وفي المطففين 6 (يوم يقوم الناس لرب العالمين).

(إليه تحشرون) وردت في 7مواضع في القرآن: (الذي إليه تحشرون) 3 مرات، (وإليه تحشرون) مرتان، (أنكم إليه تحشرون) مرة، (وأنه إليه تحشرون) مرة.

(واتقوه) ورد مقترنا بـ(أقيموا الصلاة) في موضعين: في الأنعام 72 بتقديم (واقيموا الصلاة) وفي الروم 31 بتقديم (واتقوه)

(واتقوه) وردت في 4مواضع في القرآن: الأنعام 72، العنكبوت16، الروم 31 ونوح 3.

(وهو الذي خلق السموات والأرض) وردت في موضعين في القرآن: في الأنعام 73 وفي هود 7.

(بالحق) وردت في 75 موضعا في القرآن منها 5 في سورة الأنعام، وتكرر لفظ الحق في سورة الأنعام وحدها: 10 مرات.

يوم: (ويوم يقول – يوم ينفخ في الصور)

(كن فيكون) وردت في 8 مواضع في القرآن

(يوم ينفخ في الصور) وردت 4مرات في القرآن: الأنعام 73، طه 102، النمل 87 بزيادة الواو (ويوم ينفخ في الصور)، النبأ 18

(عالم الغيب والشهادة) وردت في 12 موضعا في القرآن أولها الأنعام 73 وآخرها سورة الجمعة 8.

(وهو الحكيم الخبير) وردت في 3مواضع في القرآن، اثنان منها في الأنعام 18 و73 وآية سبأ 1 وورد (وهو الحكيم العليم) مرة واحدة في الزخرف 84.

 

#انفرادات

(أندعوا من دون الله)

(ما لا ينفعنا ولا يضرنا)

(ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله)

(استهوته الشياطين في الأرض)

(حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى)

(لنسلم لرب العالمين) بصيغة الجمع

(وأن أقيموا الصلاة)

(وهو الذي إليه تحشرون)

(ويوم يقول كن فيكون)

(قوله الحق)

(وله الملك)

 

#تأملات_وتدبر

ما زالت الآيات تلقّن الرسول صلى الله عليه وسلم الردود بالموعظة والحوار على المشركين الذين يحاولون ارتداد بعض المسلمين عن دينهم فجاء الرد تيئيسا للمشركين من فتنة المؤمنين وتثبيتا للمؤمنين. يبين لهم أن من يدعو من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره هو كمن استهواه الشيطان فحمله على اتّباعه على غير هدى وترك اتّباع هدى الله عز وجل وهو الهدى الحقيقي. كيف لمن هداه الله وأمره أن يُسلم له وهو رب العالمين أن يترك الحق ويتبع الضلال؟!

في الآية 71 تكرر فعل (قل) مرتين ولكل منهما رسالة:

(قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرّنا) إعلان التبرؤ من الشرك

(قل إن هدى الله هو الهدى) تقرير أن الهدى الحق هو هدى الله وما سواه ضلال وباطل.

 

الآية 71 ترسم مشهدا تصويريا للمؤمن يتنازعه طرفان: طرف الشيطان وأتباعه يريدون أن يبعدوه عن طريق الهدى وطرف إخوانه المؤمنين يتمسكون به ليثبتوه على الهدى وعلى قدر إيمان العبد يكون ثباته ولا يجعل الله عز وجل للشيطان عليه سبيلا.

 

هدى الله عز وجل هو الاستسلام لرب العالمين وعبادته وذكر أعظمها وأول ما يحاسب عليه العبد (وأقيموا الصلاة) وتقوى الله (واتقوه) لماذا؟! لأنه (وهو الذي إليه تحشرون) يحشرهم ليحاسبهم ويجزيهم على إيمانهم وعبادتهم وعملهم.

 

وعلى عادة القرآن كثيرا ما يقرن بين الأمر بتقوى الله وعبادته مع بيان استحقاقه لذلك فذكر بعدها (وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) أفلا يستحق أن يُعبد إله هذه بعض صفاته؟! سبحانه هو أهل التقوى وأهل العبادة وأهل الاستسلام لأمره وطاعته يقينا بعظيم قدرته وملكه في الدنيا والآخرة وعلمه وحكمته.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 20

الآيات 74 – 79

محاجة إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(فلما) افتتحت بـها 3 آيات (فلما جنّ عليه الليل – فلما رأى القمر بازغا – فلما رأى الشمس بازغة)

فعل الرؤية: تكرر 5مرات (إني أراك – وكذلك نُري – رأى كوكبا – فلما رأى القمر – فلما رأى الشمس)

فعل القول: 7مرات (وإذ قال إبرهيم – قال هذا ربي (3مرات) – قال لا أحب الآفلين – قال لئن لم يهدني ربي – قال يا قوم إني بريء مما تشركون)

(هذا ربي) تكرر في المقطع 3 مرات

الأفول: (فلما أفل) مرتين بصيغة المذكّر مع الكوكب والقمر ومرة بصيغة المؤنث مع الشمس (فلما أفلت) – (لا أحب الآفلين)

(إنّي): 3مرات: (إني أراك وقومك – إني بريء مما تشركون – إنّي وجهت وجهي)

قوم: 3مرات (إني أراك وقومك – من القوم الضالين – قال يا قوم)

(السموات والأرض) مرتان: (ملكوت السموات والأرض – للذي فطر السموات والأرض)

بازغ: مرتان (القمر بازغا – الشمس بازغة)

الشرك: مرتان (بريء مما تشركون – وما أنا من المشركين) وورد (أتتخذ أصناما آلهة) ويعني الشرك.

ضلال: (في ضلال مبين – لأكونن من القوم الضالين)

 

#متشابه

(ملكوت السموات والأرض) وردت مرتين في القرآن: في الأنعام 75 (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض) وفي الأعراف 185 (أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض)

ووردت (ملكوت كل شيء) في موضعين: المؤمنون 88 (قل من بيده ملكوت كل شيء) وفي يس 83 (فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء)

(في ضلال مبين) وردت في القرآن 18 مرة إحداها في الأنعام 74

(بريء مما تشركون) وردت 3مرات، إثنان منها في الأنعام: 19(وإنني بريء مما تشركون) و78 (يا قوم إني بريء مما تشركون) ومرة في هود 54 (واشهدوا أني بريء مما تشركون)

ووردت (بريء مما تعملون) في يونس41 والشعراء 216 و (بريء مما تجرمون) في هود 35.

(وما أنا من المشركين) وردت في موضعين في القرآن ختام آية: الأنعام 79 ويوسف 108

(حنيفا) وردت 10 مرات في القرآن اثنان منها في الأنعام: الآية 79 و161

 

#انفرادات

(لأبيه آزر) لم يرد اسم آزر إلا في سورة الأنعام

(أتتخذ أصناما لآلهة)

(من الموقنين)

(أفل) من انفرادات السورة

(لئن لم يهدني ربي)

(القوم الضالين)

(إني وجهت وجهي)

(فطر السموات والأرض)

 

#تأملات_وتدبر

تنتقل الآيات للحديث عن قصة إبراهيم عليه السلام ومحاجّته لأبيه وقومه في قضية الشرك بالله واتخاذ الأصنام آلهة من دونه وذلك من خلال تقديم الأدلة والبراهين الدامغة على أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو المستحق للعبادة وحده.

وفي اختيار قصة إبراهيم تحديدا بعد الحديث عن معاندة مشركي قريش للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته إياهم لتوحيد الله تعالى تثبيتا لقلب النبي ومواساة له فهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام واجه أباه وقومه الذين لم يؤمنوا رغم الأدلة وأنت أيها النبي لا تبتئس بإعراض قومك وإن أعرض أقرب الناس إليك فلك في إبراهيم أسوة حسنة دعا أباه فلم يؤمن!

سياق قصة إبراهيم في السورة يأتي بعد آيات من التقرير بعظمة الله تعالى وكمال قدرته وسعة علمه وإحاطته بكونه فيغلب عليه طابع القوة في الحِجاج وسوق الأدلة الحاسمة التي يواجه بها المدعويين بكل شجاعة وجرأة وثبات على الحق وهكذا ينبغي أن يكون الداعية ما دامت أدلة الحق بين يديه فلا يخشى في الحق لومة لائم ولا يساوم عليه ولو أقرب الناس.

قصة إبراهيم في السورة تعلمنا أن الإنسان وإن كان يعيش في بيئة غير مؤمنة، بيئة مشركة إلا أن هذا لا يمنعه من الصدع بالحق والمواجهة بالحق بشجاعة طالما الإسلام هو العقيدة الراسخة في قلبه لا يتزحزح عنها أبدا، ونحن اليوم في عصر صار للشرك صورا أخرى فقد لا يكون بيننا من يتخذ صنما إلها ولكن أليس بيننا من صار يتخذ المال أو السلطة أو الجاه أو الشهرة أو الشهوات أو غيرها آلهة تعلّق بها تعلقا شديدا فبذل كل شيء في سبيلها حتى أضحى عبدا مملوكا لها؟!

ماذا كان سلاح إبراهيم عليه السلام الذي واجه به أباه وقومه؟ أراه الله ملكوت السموات والأرض فصار يقرأ كل شيء في الكون دليلا على وحدانية الله تعالى خاضع لله وحده ولهذا نحن مأمورون بعبادة التفكر في الكون وفي أنفسنا لنرى دلائل الحق فنخضع لخالقها. فإذا كان الكون كله يخضع لله فأيّ سلطة يملكها صنم أو بشر عليك؟!

وحين تستعرض الأدلة والبراهين بحق وبيقين فإنها تقودك إلى أن تقول كما قال إبراهيم عليه السلام معلنا البرآءة من الشرك وأهله (إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين). وبعد تقديم الأدلة إن لم يقتنع المدعوون فلا جدوى من استمرار النقاش.

قد أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قرآنا مبينا كل آية فيه دليل وبرهان وما علينا إلا أن نحسن اختيار الآيات التي ندعو بها غيرنا تماما كما أحسن إبراهيم عليه السلام في محاجّة قومه بما يناسبهم وتنزّل معهم في الخطاب وتدرج به خطوة خطوة مقيما الحجة عليهم ومبينا لهم سفههم بعبادة أصنام لا تملك من أمرها شيئا!

 

(وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) مباشرة دون نداء التودد كما ورد في سور أخرى (يا أبت) فسياق السورة يستدعي الحسم في مسألة التوحيد والأدلة عليه هي الأولوية لإقامة الحجة على المدعويين.

(لا أحب الآفلين) كل ما يأفل لا بد وأنه خاضع لمن يتحكم به وهو أحق بالعبادة من مخلوق متغيّر لا يملك من أمره شيئا!

(لا أحبّ) ولم يقل لا أعبد لأن العبودية الحقة منبعها محبة من تعبده وكيف لا تحبه وهو الذي خلقك وخلق الكون كله وسخّره لك؟! وكأني بإبراهيم عليه السلام حريص على أن يجنّب لسانه مجرد التلفظ بكلمة العبودية المنسوبة لغير الله تعالى!

(لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) الهداية بيد الله تعالى وحده وكل من لم يهده الله فهو ضالّ لأنه أعمى بصيرته عن رؤية دلائل الحق وآياته البينات فما عاد يفكّر بمنطق وما عاد يتأمل ويتفكّر فلا يلومنّ إلا نفسه!

إبراهيم عليه السلام كان موحّدا في بيئة الشرك والنبي صلى الله عليه وسلم كان موحّدا لله في بيئة الشرك وكما وجّه إبراهيم وجهه للذي فطر السموات والأرض فأكرمه الله تعالى برفع قواعد البيت الذي يتوجه إليه كل مسلم موحّد في الأرض فإن الله تعالى سيكرم نبيه صلى الله عليه وسلم بتوجيه القبلة لبيت الله الحرام رمز التوحيد وسيعود إلى فاتحا يحطم الأصنام في مكة كما حطّمها إبراهيم متحديا قومه ويعلن طهارة المكان من الشرك ورموزه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 21

الآيات 80-83

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

الحِجاج: ( وحاجّه قومه – أتخاجّونّي في الله – وتلك حجتنا)

 

الشرك: (ما تشركون به – ما أشركتم – أنكم أشركتم بالله)

 

الأمن والإيمان (فأيّ الفريقين أحق بالأمن – الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم – أولئك لهم الأمن)

توسط الإيمان بين السؤال والإجابة فكأن الإيمان الخالص من أي شائبة شرك هو سبيل الأمن في الدنيا وفي الآخرة، المؤمن أحق بالأمن وله الأمن والأمان والهداية من ربهم..

 

الخوف: (ولا أخاف – وكيف أخاف – ولا تخافون)

 

الهدى: (وقد هدانِ – وهم مهتدون)

 

القوم: (وحاجّه قومه – آتيناها إبراهيم على قومه)

 

شيء: ( إلا أن يشاء ربي شيئا – وسع ربي كل شيء علما)

 

شاء: (إلا أن يشاء ربي شيئا – نرفع درجات من نشاء)

 

أسماء الله الحسنى في المقطع:

اسم الجلالة الله: (أتحاجوني في الله – أشركتم بالله)

رب: (إلا أن يشاء ربي – وسع ربي كل شيء علما – إن ربك)

حكيم عليم (إن ربك حكيم عليم)

 

الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى:

الهداية (وقد هدان)

المشيئة (إلا أن يشاء ربي)

العلم (وسع ربي كل شيء علما)

التنزيل (ما لم ينزّل به عليكم سلطانا)

إيتاء الحجة (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم)

الرفع (نرفع درجات من نشاء)

 

آيتان من آيات المقطع افتتحت بحرف الواو (وحاجّه قومه) (وكيف أخاف)

 

#انفرادات

(وقد هدان) بصيغة المفرد ووردت في إبراهيم ١٢ بصيغة الجمع (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا)

 

(ولا أخاف) (ولا تخافون) (وكيف أخاف) لم ترد إلا في الأنعام

 

(وسع ربي كل شيء علما)

 

(إلا أن يشاء ربي) وفي باقي المواضع وعددها ٧ (إلا أن يشاء الله) الأنعام ١١١، الأعراف ٨٩، يوسف ٧٦، الكهف ٢٤، المدثر ٥٦، الإنسان ٣٠، التكوير ٢٩

 

(ما لم ينزّل به عليكم سلطانا) بإضافة (عليكم) وفي باقي المواضع (ما لم ينزّل به سلطانا) في آل عمران ١٥١، الأعراف ٣٣ والحج ٧١.

 

(يلبسوا) انفردت بها سورة الأنعام في الآية ٨٢ (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) و١٣٧ (وليلبسوا عليهم دينهم)

 

(إن ربك حكيم عليم) بإضافة (ربك) وردت في موضعين في الأنعام: ٨٣ و١٢٨ وقدّم فيها

“حكيم” على “عليم” وفي باقي المواضع (إنه حكيم عليم) بالضمير فقط (إنه) في الأنعام ١٣٩ والحجر ٢٥ والنمل ٦ (من لدن حكيم عليم)

 

#متشابه

(أفلا تتذكرون) ختمت بها ٣ آيات في القرآن: الأنعام ٨٠، السجدة ٤، غافر ٥٨

 

(إن كنتم تعلمون) وردت في ١٠ مواضع في القرآن، في البقرة ١٨٤ و٢٨٠، الأنعام ٨١، التوبة ٤١، النحل ٩٥، المؤمنون ٨٤ و٨٨، العنكبوت ١٦، الصف ١١ والجمعة ٩.

 

(الذين آمنوا) افتتحت بها ٧ آيات في القرآن: النساء ٧٦، الأنعام ٨٢، التوبة ٢٠، يونس ٦٣، الرعد ٢٨ و ٢٩، الزخرف ٦٩

 

(وهم مهتدون) ختمت بها آيتان في القرآن: الأنعام ٨٢ و يس ٢١ (اتّبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون)

 

(نرفع درجات من نشاء) وردت في موضعين في القرآن في الأنعام ٨٣ ويوسف ٧٦ (نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم)

 

هذا والله أعلم

✍️ سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 22

الآيات 84 – 90

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

الهدى ومشتقاته 7مرات: (كلّا هدينا – ونوحًا هدينا من قبل – وهديناهم إلى صراط مستقيم – ذلك هدى الله يهدي به من يشاء – أولئك الذين هدى الله – فبهداهم اقتده)

(كلّ): 3مرات اثنان منها بالنصب وواحدة بالضمّ (كُلّا هدينا – كلٌ من الصالحين – وكُلّا فضلنا)

تكرر صيغة اسم الفاعل: المحسنين – الصالحين – العالمين (مرتان) – بكافرين

ذرية: (ومن ذرّيته – وذريّاتهم وإخوانهم)

 

#انفرادات

(وكلٌ من الصالحين)

(وكُلّا فضّلنا على العالمين)

(ولو أشركوا)

(لحبط عنهم)

(وهديناهم إلى صراط مستقيم)

(يهدي به من يشاء “من عباده”) بإضافة “من عباده”

(أولئك الذين آتيناهم الكتاب)

(فقد وكّلنا بها)

(أولئك الذين هدى الله)

(فبهداهم اقتده)

(إن هي إلا ذكرى للعالمين)

 

#متشابه

(وهبنا له) وردت في 8مواضع في القرآن، 3 منها (ووهبنا له إسحق ويعقوب) في الأنعام84، الأنبياء72 والعنكبوت7 وفي مريم49 (وهبناله إسحق ويعقوب). و3 منها (ووهبنا له) في مريم53، الأنبياء90 وص43 وواحدة بصيغة الجمع (ووهبنا لهم) في مريم50

(وكذلك نجزي المحسنين) وردت في 3مواضع: الأنعام84 ويوسف22 والقصص14، واللافت أن في الترتيب المذكور في الآية ورد يوسف  قبل موسى بنفس ترتيب السور يوسف قبل القصص.

(من الصالحين) وردت في 11 موضعا في القرآن: آل عمران 39 و114، الأنعام85، التوبة75، الأنبياء 75 و86، القصص27، الصافات110 و112، المنافقون10 والقلم50.

(إلى صراط مستقيم) وردت في 12 موضعا في القرآن

(ذلك هدى الله) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام88 والزمر23

(يهدي به من يشاء) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام88 والزمر23

(هدى الله) وردت في 5مواضع في القرآن: البقرة120، آل عمران73، الأنعام71 و88، الزمر23

(الذين آتيناهم الكتاب) وردت في 5مواضع: البقرة121 و14، الأنعام20 و89، القصص52

(لا أسألكم عليه أجرا) وردت في 3 مواضع في القرآن: الأنعام90، هود51 والشورى23

(ما كانوا يعملون) وردت في 31 موضعا في القرآن، 5منها في سورة الأنعام: الآيات43، 88، 108، 122 و127

 

#تأملات_وتدبر

من خصائص هذا المقطع وخصائص سورة الأنعام ذكر اسم 18 نبيّ وكأني بالترتيب يتبع في الغالب ترتيب المذكورين في الآية (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم) فإبراهيم ذكر في آخر المقطع السابق (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم) ثم بعده ذكر ابناه: إسحق ويعقوب. ثم ذكر نوح عليه السلام ثم من ذريته: داوود وسليمان (أب وابنه) ثم أيوب ويوسف، ثم موسى وهارون (أخوان)، ثم زكريا ويحيى وعيسى (أب وابنه، ثم ابن الخالة) وبعده إلياس، ثم إسماعيل واليسع وختم بيونس ولوط عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام. البداية مع إبراهيم والختام مع لوط وهو ابن أخيه وكلاهما هاجر إلى ربه.

وكأن ختام كل مجموعة من الأسماء تذكر الصفة التي عليها تم اجتباؤهم: المحسنين، الصالحين، فضّلنا على العالمين.

المقطع يرشدنا أن الهداية بيد الله عز وجل وأن الاصطفاء للأنبياء والمرسلين هو من عند الله تعالى وأنهم قد آتاهم الله تعالى الكتاب والحكمة والنبوة وعليهم أن يؤمنوا بالله وحده لا يشركوا به شيئا وإلا حبطت أعمالهم فالشرك محبط للعمل لا يشفع الاصطفاء والنبوة وحاشا لأنبياء الله أن يُشركوا وإنما الآيات تذكّر العالمين بخطورة الشرك بالله عز وجل.

الأنبياء والرسل إخوان في الرسالة والإيمان بهم واجب وهم مبلّغون عن ربهم لا يطلبون من المدعويين أجرا على دعوتهم وإنما أجرهم عند الله ربهم الذي اجتباهم واصطفاهم للنبوة وهداهم (أولئك الذين هدى الله) والمطلوب من المدعويين اتّباع نبيهم صلى الله عليه وسلم بما أمره الله تعالى به (فبهداهم اقتده) الاقتداء لا يكون بالأشخاص وإنما بهداهم لأنهم سائرون على الصراط المستقيم الذي هداهم الله تعالى إليه.

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

إضافة مستفادة من كتاب التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم – د. عبد العظيم المطعني بتصرف يسير

(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٨٠﴾ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿٨٢﴾)

في المقطع 4 أساليب استفهامية:

أتحاجّوني – أفلا تتذكرون – وكيف أخاف – فأيّ الفريقين

(أتحاجوني) استفهام يراد منه الإنكار، إنكار الواقع منهم فعلًا وهو الجدال الفارغ في شؤون المعبود الحق وهو الله تعالى. وهذا الإنكار يتبعه الزجر

(أفلا تتذكرون) استفهام يراد به إنكار عدم التذكّر والتوبيخ عليه ويتبعه التوبيخ والحثّ على التذكر

(وكيف أخاف) استفهام يراد به إنكار الوقوع أي لا أخاف أصناكم لا الآن ولا بعد الآن، ويتبعه التسفيه

(فأيّ الفريقين) استفهام يراد به الإلجاء للجواب الصحيح ويتبعه الاستعطاف.

 

(وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) تكرار لفظ (ربي) إظهارا لكمال الإنابة والتفويض.

(تحاجّوني) إيثار صيغة المضارع تصوير لتوالي جدالهم وبيان لحرصهم على الباطل.

وإيثار صيغة المضارع في (ولا أخاف) إشارة إلى توالي عدم الخوف من آلهتهم.

(ما تشركون به) عدم التصريح بلفظ “الأصنام أو آلهتهم” تحقيرا لها فهي أقل من أن تُذكر وتعريض بهم أنهم أشركوا به زورا وبهتانا.

(أفلا تتذكرون) إيثار التذكر على التفكّر – ما قال أفلا تتفكرون – للإيذان بأن الكمال القدسي ظاهر يكفي مجرد التذكر لمعرفته وحضوره في القلب، أما التفكر فلما كان موضوعه استجلاء الحقائق التي فيها خفاء أو عمل فكر عميق فلم يصحّ أن يكون فاصلة لهذه الآية.

(ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزّل به عليكم سلطانا)

تقديم (به) على (عليكم) إعلام بعموم النفي أي أن الله تعالى لم ينزّل به سلطان قطّ لا عليهم ولا على غيرهم. ولو قيل: ما لم ينزل عليكم به سلطانا لجاز أن يكون قد نزّل ذلك السلطان على غيرهم ولكان لهم عذر في الإشراك.

(فأيّ الفريقين أحق بالأمن) هذا الأسلوب يسميه علماء البلاغة “الكلام المُنصِف” وهو فن من فنون أساليب الدعوة فيها حكمة بليغة وتليين للنفوس واستمالة للقلوب إلى الحق والصواب ثم الاهتداء إلى سواء السبيل.

(إن كنتم تعلمون) تهييج وإلهاب المشاعر يساعدهم على التغلب على العناد والميل إلى سماع صوت الدعاة والمصلحين.

وحذف مفعول (تعلمون) لقصد التعميم أي كل ما يُستطاع من معلوم نافع، أو القصد تحقق العلم في نفسه أي إذا كنتم علماء.

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 23

الآيات 91-92

 

مقطع جديد في بيان أن الوحي حقّ أنزله الله تعالى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور على رسوله خاتم موكب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يهدي به الناس إلى صراط مستقيم.

 

#للحفاظ

المقطع آيتان فقط افتتحتا بحرف الواو (وما قدروا الله حق قدره) (وهذا كتاب أنزلناه)

(قدروا – قدره)

فعل القول: “قل” مرتان (قل من أنزل الكتاب) (قل الله ثم ذرهم..) (وقالوا ما أنزل الله على بشر من شيء)

الإنزال: (ما أنزل الله على بشر من شيء – من أنزل الكتاب – وهذا كتاب أنزلناه)

اسم الجلالة تكرر في الآية الأولى 3 مرات (وما قدروا الله حق قدره – ما أنزل الله على بشر من شيء – قل الله)

يؤمنون: (الذين يؤمنون بالآخرة – يؤمنون به)

وصفان لكتاب موسى وللقرآن: كتاب موسى (نورا وهدى لناس) والقرآن (مبارك مصدّق الذي بين يديه)

ختمت الآيتان بفعل مضارع (يلعبون – يحافظون) يفيد التجدد والاستمرار، المذكبون مستمرون في خوضهم ولعبهم والمؤمنون مستمرون في المحافظة على صلاتهم.

المقطع فيه ثنائيات ولعل ذلك يتناسب مع الفريقين المذكورين في آية سابقة (أيّ الفريقين أحق بالأمن): فريق الذين لا يؤمنون أن الله تعالى أنزل شيئا على بشر وفريق المؤمنين بالآخرة المؤمنون بالكتاب الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم.

 

#متشابه

(وما قدروا الله حق قدره) وردت في 3مواضع في القرآن، اثنان منها بالواو (وما) الأنعام 91، الحج 74 والزمر 67 بدون الواو (ما قدروا الله حق قدره)، مع اختلاف في نهايات الآيات كلٌ يتناسب مع محور السورة وسياقها العام.

(نورا وهدى) تقديم النور على الهدى وفي باقي المواضع قدّم الهدى على النور (هدى ونور)

(ما أنزل الله على بشر من شيء) في الأنعام ووردت (ما أنزل الرحمن من شيء) في سورة يس15 ووردت (ما نزّل الله من شيء) في سورة الملك9

(تجعلونه قراطيس) بصيغة الجمع وورد قرطاس بصيغة المفرد في الأنعام7 ولم ترد الكلمة في غيرها.

(كتاب أنزلناه مبارك) تكررت في سورة الأنعام في موضعين: الآية92 و155

(ولتنذر أم القرى ومن حولها) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 92 والشورى 7

(يؤمنون بالآخرة) وردت في 12 موضعا في القرآن، 3 منها في سورة الأنعام 92، 113 و150.

(يؤمنون به) وردت في 8مواضع في القرآن: البقرة 121، الأنعام92، هود17، الحجر13،

الشعراء 201، العنكبوت47، غافر7، الشورى18.

(على صلاتهم يحافظون) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 92 والمعارج 34.

(وهذا) افتتح به 3 آيات في سورة الأنعام: (وهذا كتاب أنزلناه)، الأنعام12 (وهذا صراط ربك مستقيما)، الأنعام155 (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه). وافتتح به الآية50 من سورة الأنبياء (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) والآية 3 من سورة التين (وهذا البلد الأمين)

 

#انفرادات

(ما أنزل الله على بشر من شيء)

(الكتاب الذي جاء به موسى)

(نورا وهدى للناس)

(تجعلونه قراطيس)

(وهم على صلاتهم يحافظون)

 

#تأملات_ وتدبر

(تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) (وعُلّمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم)

قيل الأولى خطاب لليهود فهذا عملهم: جعل التوراة قراطيس، إبداء شيء منها وإخفاء أشياء بحسب ما يناسب أهواءهم.

والثانية خطاب لمشركي العرب لم يكن لهم ولا لآبائهم علم قبل نزول القرآن.

 

(وما قدروا الله حق قدره) ومن أمثلة عدم تقديرهم لله عز وجل حق قدره قولتهم الشنيعة (ما أنزل الله على بشر من شيء) بل هي جريمة قولية نكراء من هؤلاء الجاهلين الخائضين العابثين اللاهين!

 

(في خوضهم يلعبون) ليس مجرد لهو عابر وإنما هم في الخوض كمن هو غارق في بحر لجّي إشارة لشدة انغماسهم في اللعب الذي لا جدوى منه ولا يقوم به إلا الأطفال عن غير فهم ولا إدراك!

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

t.me/islamiyyatchannel

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 24

الآيات 93 – 94

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

الوحي: (أو قال أوحيَ إليّ ولم يوح إليه شيء)

أنزل: (ومن قال سأُنزِل) – (مثل ما أنزَل الله)

الظلم: (ومن أظلم ) (ولو ترى إذ الظالمون)

كنتم: (بما كنتم تقولون على الله غير الحق) (وكنتم عن آياته تستكبرون) (وضل عنكم ما كنتم تزعمون)

الزعم: (الذين زعمتم) (وضل عنكم ما كنتم تزعمون)

فعل القول: (أو قال أوحي إليّ) (ومن قال سأُنزل مثل ما أنزل الله) (بما كنتم تقولون على الله غير الحق)

 

الأيتان في المقطع افتتحتا بحرف الواو (ومن أظلمُ) – (ولقد جئتمونا فرادى)

 

#متشابه

(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) وردت في القرآن في 4مواضع، إثنان منها في الأنعام بداية آية: 21 و93، وفي هود 18 والعنكبوت 68.

ووردت بصيغة (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) في 4مواضع إثنان منها بداية آية: الأعراف 37 ويونس 17 واثنان منها ختام آية: الأنعام 144 والكهف 15

ووردت بصيغة (فمن أظلم ممن) في 6 مواضع منها ما ذكر سابقا إضافة إلى (فمن أظلم ممن كذّب بآيات الله) الأنعام157 والزمر 32( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذّب بالصدق)

وورد بصيغة (ومن أظلم ممن) في 9مواضع منها ما ذكر سابقا إضافة إلى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) البقرة114، (ومن أظلم ممن كتم شهادة) البقرة 140، (ومن أظلم ممن ذُكّر بآيات رب) الكهف 57، (ومن أظلم ممن ذكّر بآيات ربه) السجدة 22

 

(ولو ترى إذ الظالمون) وردت في موضعين: الأنعام 93 (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) وسبأ 31 (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم)

 

(غير الحق) وردت في 12 موضعا في القرآن، 3 منها بصيغة (غير الحق) إحداها في الأنعام 93 (بما كنتم تقولون على الله غير الحق) وباقي المواضع (بغير الحق)

 

(فرادى) وردت مرتين في القرآن: في الأنعام 94 (ولقد جئتمونا فرادى) وفي سبأ 4 (أن تقوموا للناس مثنى وفرادى)

 

(اليوم تجزون) وردت في 3مواضع في القرآن، إثنان منها (اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم) في الأنعام 93 والأحقاف 20 (فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون..) بإضافة الفاء “فاليوم” وموضع الجاثية 28 (اليوم تجزون ما كنتم تعملون)

 

(عذاب الهون) ورد في موضعين في القرآن الأنعام 93 والأحقاف 20 وورد معرّفا (العذاب الهون) في فصّلت 17 (صاعقة العذاب الهون.

 

(كنتم تزعمون) وردت في 4 مواضع إثنان في الأنعام: 22 و94 وإثنان في القصص 2 و74

 

#انفرادات

(في غمرات الموت)

(والملائكة باسطو أيديهم)

(أخرجوا أنفسكم)

(عن آياته تستكبرون)

(جئتمونا فرادى)

(وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم)

(وراء ظهوركم)

(تقطّع بينكم)

(وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون)

 

 

#تأملات_وتدبر

(ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا..)

الآية تعدد 3 نماذج من الكفر:

افتراء الكذب على الله (افترى على الله كذبا) وقدّم في الآية لأنه أشنع أنواع الكفر.

ادّعاء النبوة بادّعاء تلقي الوحي (أو قال أوحي إليّ ولو يوحى إليه شيء) وهو نوع من افتراء الكذب على الله.

ادّعاء القدرة على الإتيان بمثل القرآن (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)

وصدّرت الآية باستفهام يُنكر وينفي هذه الصور كلها (ومن أظلم) لا أحد أظلم من هذا الذي يدّعي هذا الكلام!

 

(ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) مشهد مخيف مهول وكأن الظالمين ساعة الاحتضار يغمرهم الموت غمرا فتشتد وطأته عليهم

 

(أخرجوا أنفسكم) يا من كنتم تدّعون القدرة وتستكبرون وتستهزئون، إن كانت لكم قدرة فأخرجوا أنفسكم مما أنتم فيه! ما أهونكم على الله وما أشد حشرتكم وقد أيقنتم أنكم لا تملكون لأنفسكم شيئا ولا من كنتم تدّعون أنهم آلهة يملكون لكم شيئا!

 

التعبير بصيغة المضارع في (تجزون) (تقولون) (تستكبرون) (تقطّع) (تزعمون) لاستحضار المشهد وكأنه ماثل أمام الأعين ليكون أثره أوقع في الأنفس.

 

(ولقد جئتمونا فرادى..) هذه الحقيقة التي ينبغي أن لا تغيب عن قلب وذهن أي إنسان، جاء إلى الدنيا فردا وسيعود إلى خالقه فردا لكنه يعود حاملا كل ما كسب واكتسب في عمره فيحاسبه الله تعالى ولن يجد أحدا ليحمل عنه ولا ليلقي عليه اللوم ولا يحمّله مسؤولية ما جناه على نفسه!

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 25 و26

الآيات 95 – 103

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(وهو الذي) افتتحت به 3 آيات متتالية (وهو الذي جعل لكم النجوم) (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) (وهو الذي أنزل من السماء ماء)

(وهو) 7 مرات (وهو الذي) 3مرات، (وهو بكل شيء عليم) (وهو على كل شيء وكيل) (وهو يدرك الأبصار) (وهو اللطيف الخبير)

(قد فصّلنا) مرتان: (قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون) (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)

(لقوم) 3مرات: (لقوم يعلمون – لقوم يفقهون – لقوم يؤمنون)

(الآيات) 3مرات (قد فصلنا الآيات) مرتان، (إن في ذلكم لآيات)

(فالق) مرتان، (فالق الحب والنوى – فالق الإصباح) وقد انفردت سورة الأنعام بهذا اللفظ (فالق)

(أنّى) مرتان: (فأنّى تؤفكون) (أنّى يكون له ولد)

(جعل) مرتان: (وهو الذي جعل لكم النجوم) (وجعلوا لله شركاء الجنّ)

(أخرج) 5مرات: (يُخرج الحي من الميت – مخرج الميت من الحيّ – فأخرجنا به نبات كل شيء – فأخرجنا منه خضرا – نخرج منه حبّا متراكبا)

(خلق) 3مرات: (وخلقهم) (وخلق كل شيء) (خالق كل شيء)

(كل شيء) 5مرات: (نبات كل شيء – وخلق كل شيء – وهو بكل شيء عليم – خالق كل شيء – وهو على كل شيء وكيل)

(الحيّ) مرتان – (الميت) مرتان

(الأبصار) والإدراك مرتان: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)

(ذلكم) مرتان: (إن في ذلكم لآيات – ذلكم الله ربكم)

(علم) 3مرات: (ذلك تقدير العزيز العليم – بغير علم – وهو بكل شيء عليم)

 

#انفرادات

(ومخرج الميت من الحيّ) انفردت بها سورة الأنعام وفي غيرها (ويخرج الميت من الحي) في يونس 31 والروم19

(ذلكم الله) انفردت الأنعام95 بصيغة (ذلكم الله) ووردت في غيرها (ذلكم الله ربكم) (ذلكم الله ربي)

(وجعل الليل) ووردت بدون الواو منفردة في الفرقان62 (وهو الذي جعل الليل) وباقي المواضع (جعل لكم الليل) يونس 67، الفرقان47، القصص73، غافر61

(وجعل لكم النجوم)

(والشمس والقمر حسبانا)

(أنشأكم من نفس واحدة) وفي باقي المواضع (خلقكم من نفس واحدة) في النساء 1، الأعراف 189، الزمر 6

(لقوم يفقهون) لم ترد في غيرها أبدا

(فأخرجنا منه) وفي باقي المواضع (فأخرجنا به) في الأنعام 99، الأعراف 57، طه 53، فاطر27.

(خضِرا) (متراكبا) (مشتبها)

(إن في ذلكم لآيات) وفي باقي المواضع (إن في ذلك لآيات) في يونس67، الرعد3 و4، إبراهيم6، الحجر75، النحل 12و79، طه 54و128، المؤمنون 30، النمل 86، العنكبوت24، الروم21 و22 و23 و24 و37، لقمان 31، السجدة26، سبأ 19، الزمر 42 و52، الشورى33 والجاثية14.

(سبحانه وتعالى عما يصفون) وفي الإسراء موضع منفرد (سبحانه وتعالى عما يقولون) وفي باقي المواضع (سبحانه وتعالى عما يشركون) في يونس 18، النحل1، الروم 40، الزمر 67.

(شركاء الجن)

(وخلقهم)

(وخرقوا له بنين وبنات)

(أنّى يكون له ولد) (ولم تكن له صاحبة)

 

#متشابه

(فالق الحب والنوى) (فالق الإصباح)

(يُخرج الحي من الميت) وردت في 3مواضع: الأنعام 95، يونس 31 والروم19

(ذلكم الله) وردت في القرآن في 9مواضع، انفردت الأنعام95 بصيغة (ذلكم الله) ووردت بصيغة (ذلكم الله ربكم) في الأنعام 102 ويونس3 و 32(فذلكم الله ربكم) وفاطر13 والزمر6 وغافر62 و64 وانفردت سورة الشورى 10 (ذلكم الله ربي)

(فأنّى تؤفكون) وردت ختام آية في 4مواضع: في الأنعام 95، يونس 34، فاطر3 وغافر62

(ذلك تقدير العزيز العليم) وردت في 3مواضع: الأنعام 96، يونس 38 وفصلت 12

(ظلمات البر والبحر) وردت في 3مواضع اثنان منها في الأنعام:63 و97 وفي النمل 63

(النجوم) وردت في 9مواضع في القرآن

(لقوم يعلمون) وردت في 8مواضع إثنان منها في الأنعام:97 و105، وفي البقرة 230، الأعراف32، التوبة11، يونس5، النمل 52، فصلت3.

(وغير متشابه) وردت في الأنعام مرتين: 99 و 141

(لآيات لقوم يؤمنون) وردت في 6مواضع : الأنعام 99، النحل79، النمل86، العنكبوت24، الروم37، الزمر52، ووردت (لقوم يؤمنون) وردت في 13 موضعا منها الأنعام 99

(وجعلوا لله) وردت في 4مواضع في القرآن اثنان منها في الأنعام 100 و136، الرعد33،إبراهيم30.

(بغير علم) وردت في 11 موضعا في القرآن، 5منها في الأنعام: 100 و108 و119 و140 و144، وفي النحل25، والحج3 و8، وفي الروم29، لقمان6 و20، الفتح 25

(بديع السموات والأرض) وردت في موضعين فقط: في البقرة 117 والأنعام 101

(صاحبة) وردت في موضعين فقط: في الأنعام 101، والجنّ 3 (ما اتخذ صاحبة ولا ولدا)

(وخلق كل شيء) وردت في موضعين: الأنعام 101 والفرقان 2

(وهو بكل شيء عليم) وردت في 3مواضع: البقرة29، الأنعام101 والحديد3

(لا إله إلا هو) وردت في 29 موضعا في القرآن، اثنان منها في الأنعام 101 و 106

(خالق كل شيء) وردت في 4مواضع: الأنعام102، الرعد16، الزمر62، غافر62

(وهو على كل شيء وكيل) وردت مرتان فقط في الأنعام 102 والزمر62 ووردت (وهو على شيء قدير) 7مرات (وهو على كل شيء شهيد) مرة واحدة فقط في سبأ47.

(وهو اللطيف الخبير) وردت في موضعين فقط: في الأنعام 104 وفي الملك14

(فاعبدوه) وردت في 5مواضع: آل عمران51، الأنعام 102، يونس 3، مريم 36، الزخرف 64.

 

#تأملات_وتدبر

هذا المقطع اشتمل على مقدمة القسم الثاني من السورة والذي يتحدث عن مظاهر قدرة الله عز وجل وأدلة توحيد الألوهية والربوبية بالخلق والتسخير.

من الآية 95 إلى 99: تعريف بالله عز وجل وما فعله للإنسان من خلق وتسخير.

آيات الله تعالى في الخلق: (فالق الحب والنوى) (يخرج الحي من الميت)

وفي الكون (فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا) (وهو الذي جعل لكم النجوم)

وفي الأنفس (وهو الذي أنشاكم من نفس واحدة)

وفي الماء (وهو الذي أنزل من السماء ماء)

وفي الإنبات (فأخرجنا به نبات كل شيء..)

ثم موقف الكافرين (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون) الله عز وجل خلق الخلق جميعا إنسهم وجنّهم فكيف يجعل هؤلاء الكافرون لله شركاء من الجن الذين خلقهم؟! هو خلقهم وهم اختلقوا كذبا وافتراء وبهتانا ونسبوا لله بنات كالملائكة وبنين كعيسى ابن مريم وما هذا الاختلاق إلا جهل وضلالة!

ثم تأتي الآيات من 101 إلى 103 تقيم الحجة على الكافرين وتبين مظاهر عظمة الله تعالى وقدرته. وتأمل في تكرار (كل شيء) ليتضح هذا المعنى دون الحاجة لإعمال فكر ولا طول تأمل: فالله عز وجل خلق كل شيء، فالكون كله بما في من أجناس ومخلوقات على أنواعها يدخل تحت (كل شيء) وهو سبحانه بكل شيء عليم وهو خالق كل شيء وهو على شيء وكيل، وقد سبق بيان تفصيل أنه خلق كل شيء في الكون في السموات وما فيهن والأرض وما فيها من النبات والزروع وفي الأنفس وسبق سعة علمه بكل شيء ألا يستحق إله هذه بعض صفاته أن يُعبد ولا يُشرك به شيئا؟!

(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) ليست هذه إلا لله عز وجل وحده سبحانه هو اللطيف الخبير.

 

#فائدة_من_كتاب

(بديع السموات والأرض) إيثار (بديع) في هذه الآية وفي نظيرتها في سورة البقرة 117 على (خالق) لأن بديع صفة مشبّهة باسم الفاعل فالوصف بها متمكن أمكن لا ينقطع. [من كتاب التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم – دز عبد العزيم المطعني]

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 27

الآيات 104 – 107

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(قد جاءكم بصائر من ربكم)– (فمن أبصر فلنفسه) وعكس الإبصار العمى (ومن عميَ فعليها)

حفيظ: (وما أنا عليكم بحفيظ) – (وما جعلناك عليهم حفيظا)

ربّ: (بصائر من ربكم) (اتّبع ما أوحي إليك من ربك)

ما: (وما أنا عليكم بحفيظ) (اتّبع ما أوحي إليك) (ولو شاء الله ما أشركوا) (وما جعلناك) (وما أنت عليهم بوكيل)

على: (فعليها) (عليكم) (عليهم) مرتان

آيتان في المقطع افتتحت بالواو (وكذلك نصرّف الآيات) (ولو شاء الله)

 

#انفرادات

(قد جاءكم بصائر من ربكم)

(وكذلك نصرّف الآيات) وفي غيرها بدون واو (كذلك نصرّف الآيات) الأعراف 58

(وليقولوا درست )

(ولنبّينه لقوم يعلمون)

(اتّبِع ما أوحي إليك) وفي غيرها (واتّبِع ما يوحى إليك) يونس 109 والأحزاب 2

(وما جعلناك عليهم حفيظا) منفردة في الأنعام وفي غيرها (فما أرسلناك عليهم حفيظا) النساء 80 والشورى 48

 

#متشابه

(بصائر من ربكم) وردت في موضعين: الأنعام 104 والأعراف 203 ووردن كلمة (بصائر) في الإسراء 102 ووردت (بصائر للناس) في القصص 43 والجاثية 20

(فلنفسه) وردت في 4مواضع في القرآن: الأنعام 104 (فمن أبصر فلنفسه)، الزمر 21 (فمن اهتدى فلنفسه)، فصلت 46 والجاثية 15 (من عمل صالحا فلنفسه)

(فعليها) وردت في 3مواضع: في الأنعام 104 (ومن عميَ فعليها) وفي فصلت 46 والجاثية 15 (ومن أساء فعليها) أما في الزمر 41 (ومن ضل فإنما يضل “عليها”) بدون الفاء

(وما أنا عليكم بحفيظ) وردت مرتان في القرآن: الأنعام 104 وهود 86

(نصرّف الآيات) وردت في 4 مواضع في القرآن، 3 منها في الأنعام: 46، 65، 105 وفي الأعراف 58

(ما أوحي إليك) 3مرات: في الأنعام 106 (اتبع ما أوحي إليك) وفي الكهف27 (واتل ما أوحي إليك) وفي العنكبوت 45 (اتل ما أوحي إليك) ووردت في الأنعام 145 (قل لا أجد فيما أوحيَ إليّ)

(لا إله إلا هو) وردت 29 مرة منها مرتان في الأنعام102 و106

(وأعرض عن المشركين) وردت مرتان في الأنعام 106 وفي الحجر 94

(ولو شاء الله) وردت 11 مرة في القرآن، 3 منها في الأنعام: 35، 107، 135 (لهداهم، ما أشركوا، ما فعلوه) وورد في الأنعام 112 (ولو شاء ربك)

(وما أنت عليهم بوكيل) وردت 3 مرات: الأنعام 107، الزمر 41، الشورى 6

 

#تأملات_وتدبر

في المقطع تقرير لحقيقة أن الله عز وجل كما اختص الله تعالى إبراهيم بأن أراه ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين،أعطى البشر أيضًا البصائر ليبصروا بها آياته المبثوثة في الكون وفي الأنفس والتي سبق ذكر تفصيلها في المقطع السابق وكذلك في آيات القرآن البيّنات التي تدعو للنظر والتأمل والتفكر في أدلة وبراهين التوحيد الواضحة. كم نحتاج أن نفتح بصائرنا وأبصارنا وأسماعنا لرؤية الحق وسماع الحق وقبول الحق بيقين إبراهيم عليه السلام وكوكبة الأنبياء من بعده إلى خاتمهم صلى الله عليه وسلم.

وتقرر الآيات حقيقة أن الإنسان إن أبصر الحق فإنما فائدة ذلك تعود عليه وحده وإن أعمى بصيرته عنه فلا يلومن إلا نفسه!

لكن الكافرين يصرّون على شبهاتهم وهاهم من جديد يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم أن الكتاب الذي جاء يدعوهم به ليس وحيا وإنما نتيجة دراسة ومدارسة فيأتي التوجيه الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم بأن إعراض المشركين من سنن الله تعالى في كونه ولو شاء لهدى الناس جميعا كما سبق وورد في السورة (ولو شاء الله لهدى الناس جميعا) المؤمنون يؤمنون بأن ما أنزل إليه وحي من ربه والكافرون يختلقون الشبهات! ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتّبع ما أوحي إليه ويعرض عن أمثال هؤلاء المشركين بالعفو والصفح وتحمل الأذى منهم فإنما هو مبلّغ عن ربه لا يملك هدايتهم ولا هو حفيظ عليهم ولا وكيل.

 

#فائدة_تفسيرية

في القرآءات

(وليقولوا درست) فيها 3 قرآءات

دَرَسْتَ – دارستَ – دَرَسَتْ

الأولى معناها واضح والثانية من المدارسة والثالثة معناها: مضت هذه الآيات وانتهت وانمحت وتقادمت وهي من باب الأساطير

وكلٌ من الأقوال الثلاثة تسمعه من الكافرين في عصرنا، الأول والثاني يقوله أهل الكتاب والثالث يقوله الملاحدة: إن الدين كله مرحلة من مراحل الحياة البشرية انتهت وانقضت.

(الأساس في التفسير – سعيد حوّى)

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 28

الآيات 108-110

 

#للحفاظ

آيات المقطع الثلاث تبدأ بحرف الواو (ولا تسبّوا – وأقسموا بالله – ونقلّب)

تكرر في المقطع:

(ولا تسبّوا – فيسبّوا)

(عملهم – يعملون)

ليؤمننّ – يؤمنون – كما لم يؤمنوا

آية – الآيات

جاءتهم – جاءت

(يدعون من دون الله – وأقسموا بالله – إنما الآيات عند الله)

 

#انفرادات

(إلى ربهم مرجعهم فينبّئهم) وفي غيرها (فننبئّهم) في لقمان 23

(إلى ربهم مرجعهم) وفي غيرها (إلى ربكم مرجعكم)

 

#متشابه

(بغير علم) وردت 12 مرة في القرآن، خمس منها في سورة الأنعام وحدها: 100، 108، 119، 140، 144

(من دون الله) وردت في الأنعام 4مرات في الآيات: 56، 70، 71، 108 وردت كلها في سياق الدعوة من دون الله ما عدا الآية 70 (ليس لها من دون الله وليّ ولا شفيع)

(لكل أمة) وردت 6مرات في القرآن: الأنعام 108، الأعراف 34، يونس 47 و49، الحج 34 و67

(ثم إلى ربهم) وردت مرتان في الأنعام: 38 و108

(مرجعهم) تكررت 5 مرات: الأنعام 108، يونس 46 و70، لقمان 23 والصافات 68

(بما كانوا يعملون) وردت في 10 مواضع في القرآن، إثنان منها في الأنعام 108 و127

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) وردت في 4مواضع في القرآن: الأنعام 109، النحل38، النور 52 وفاطر 42

(قل إنما الآيات عند الله) وردت مرتان: في الأنعام 109 والعنكبوت 50

(أول مرة) وردت في 9مواضع في القرآن إثنان منها في الأنعام: 94 و109

(أول) وردت في سورة الأنعام في 4 مواضع(أن أكون أول من أسلم (14))، (كما خلقناكم أول مرة (94))، كما لم يؤمنوا به أول مرة (110)) وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين (163))

(في طغيانهم يعمهون) وردت خمس مرات في القرآن: البقرة 15، الأنعام 110، الأعراف 186، يونس 11، المؤمنون 75.

 

#تأملات_وتدبر

آيات المقطع مع الآيتين في نهاية المقطع السابق من قوله تعالى (اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين) في بيان كذب دعاوى المشركين وكيفية التعامل معهم.

نهي المؤمنين عن سب المشركين أدبٌ قرآني عالٍ يرتقي بالمؤمنين في أخلاقهم وتعاملهم مع المشرك فالأصل في التعامل بُغض فعلهم وهو الشرك لا بغض ذواتهم فماذا ينفع المؤمن إن شتم مشركًا؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن يسب أحدنا أباه بسبّه أبا أحد آخر فإن سب مشرك قد يتسبب في سبّه لله عز وجل وهذا لا يليق! ولا يمكن لمسلم أن يسمح لنفسه أن يكون سببا في ذلك! والدعاء على المشركين كما نسمع من بعض الخطباء على المنابر يدخل في السباب والشتم ويعترض إن ردّوا على ذلك بشتم الدين وأبناء الدين وقد يتطور الأمر لشتم النبي صلى الله عليه وسلم وشتم الله عز وجل؟! أين نحن من مهمة الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن وإلانة القول للمشركين المعاندين؟!

القرآن العظيم هذّب ألسنتنا من سبّ أو شتم المشركين فما بال أقوام من المسلمين أطلقوا ألسنتهم بشدة على إخوانهم المسلمين فمن المؤسف أن نرى ونسمع من صار السبّ والشتم على لسانه سهلا يسيرا يشتم هذا ويسبّ ذاك بدون سبب وكأنه صار محط كلامه لا يهتز له جفن! وقد وصل الأمر في بعض الحالات أن تجد مسلما يسبّ الله عز وجل والعياذ بالله!!

(كذلك زيّنا لكل أمة عملهم) عادة التزيين أن يكون من الشيطان (وزين لهم الشيطان أعمالهم) أما في آية سورة الأنعام فنسب التزيين إلى الله تعالى، الله عز وجل أقام عليهم الحجج وأمهلهم فلم يؤمنوا واختاروا سبل الشيطان فحال بينهم وبين قلوبهم وهذه سنة من سنن الله تعالى في خلقه.

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) حين لا يجد المشرك المعاند حجة منطقية يدافع بها عن كفره يلجأ إلى الأيمان والحلف بأنه إذا جاءته آية كما طلب سيؤمن لكن الله تعالى عليم بما في صدره وما خفي من شركه فلا يجيب طلبه لأنه إن جاءت الآية ولم يؤمن بها استحق الهلاك وهذه سنة أخرى من سنن الله تعالى في الكون.

وأيّ آية يطلبها المشركون أعظم من القرآن؟! إنه الآية الخالدة التي لا تزول بموت النبي صلى الله عليه وسلم، هي الآية الباقية الخالدة إلى قيام الساعة!

في الآية تحذير: لا يمكن لأحد أن يفصّل دينا على هواه، ولا أن يطلب آيات توافقه، الدين منهج كامل عليه أن يأخذه كله لأن الذي شرعه حكيم عليم.

نسمع اليوم من أبناء جلدتنا من يطلب التجديد في الخطاب القرآني وحذف آيات وإضافة آيات تتناسب مع احتياجات العصر حتى وصل لمرحلة التشكيك في الآيات! وهؤلاء ما اختلفوا كثيرا عمن طلب آيات على هواه ليؤمن!

 

#فائدة

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها لو جاءت لا يؤمنون)

تضمنت الآية:

دعوى المشركين (لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها)

الرد على الدعوى (قل إنما الآيات عند الله)

التعقيب على الدعوى (وما يُشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون)

 

وتضمنت الآية أسلوبا بديعا في تحول الخطاب:

افتتحت بالحديث عن المشركين بضمير الغائب (وأقسموا، لئن جاءتهم، ليؤمنن بها)

ثم تحول الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتلقينه بالرد عليهم (قل إنما الآيات عند الله)

ثم تحول الخطاب إلى جماعة المؤمنين (وما يُشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون)

 

(وأقسموا بالله “جهد أيمانهم”) ليس مجرد قسم عادي فقد بالغ القرآن في وصفه إشارة إلى حرصهم الشديد على إقناع النبي والمسلمين بأنهم صادقون في دعواهم!

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 28 و29

الآيات 111-113 والآيات 114 – 117

 

#للحفاظ

آيات المقطع كلها تبدأ بحرف الواو: (ولو أننا نزلنا إليهم الكتاب – وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا – ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة)

(ولكن أكثرهم يجهلون) “يجهلون” لم ترد إلا في الأنعام ولعل في هذا مناسبة لما في السورة من الحديث عن العلم والجهل ضد العلم.

تكرر في المقطع:

العلم: يعلمون  العليم – أعلم (مرتان)

أنزل إليكم – منزّل من ربك

يضلّونك – أضلّ

كلمة ربك – لا مبدل لكلماته

أنزل إليكم الكتاب – آتيناهم الكتاب

 

#انفرادات

(نزّلنا إليهم) منفردة في الأنعام وفي غيرها (نزّلنا إلى) أو نزّلنا بدون حرف جر

(وكلمهم الموتى)

(وحشرنا عليهم)

(قُبُلا)

(ما كانوا ليؤمنوا) وفي غيرها (وما كانوا) في يونس13، (فما كانوا) في الأعراف 101 ويونس 74

(شياطين الإنس والجن) لم ترد إلا في الأنعام وفي غيرها وردت “الشياطين” أو “شيطاينهم”

(زخرف القول)

(ولكن أكثرهم يجهلون) في الأنعام وفي غيرها (ولكن أكثرهم لا يعلمون)

(ولتصغى إليه)

(فذرهم وما يفترون)

(وليقترفوا ما هم مقترفون)

(وهو الذي أنزل إليكم الكتاب)

(صدقا وعدلا)

(أكثر من في الأرض)

(أعلم من يضل عن سبيله) وفي غيرها (أعلم بمن ضلّ)

 

#متشابه

(ولو أننا نزّلنا) تكررت (ولو) في سورة الأنعام 6مرات: (الآيات 7 (ولو نزّلنا عليك كتابا)، 9 (ولو جعلناه ملكا)، 27 (ولو ترى إذ وقفوا على النار)، 30 (ولو تر إذ وقفوا على ربهم)، 107 (ولو شاء الله ما أشركوا)، 111 (ولو أننا نزّلنا إليهم الملائكة..))

(الموتى) وردت في الأنعام مرتين: (والموتى يبعثهم الله) (وكلمهم الموتى) وورد (الموتى) في القرآن  إما عن إخراج الموتى أو بعث الموتى ووردت مرة في الرعد (أو كُلّم به الموتى)

(وحشرنا عليهم) في الأنعام 111 وفي الكهف (وحشرناهم)

وغالب ورود فعل الحشر في القرآن بصيغة المضارع (نحشرهم، يحشرون، تحشرون، يحشرهم، لنحشرنهم، نحشر، يُحشر، نحشره،) وورد بصيغة الماضي (حشرت، وحُشر، حشرتني) وبصيغة فعل الأمر (احشروا) والمصدر (حشرُ) (الحشر)

(إلا أن يشاء الله) وردت 7مرات في القرآن: الأنعام 111، الأعراف 89، يونس 7، الكهف24، المدثر 56، الإنسن 30، التكوير 29

(ولكن أكثرهم) وردت 12 مرة في القرآن:  انفردت الأنعام بـ(ولكن أكثرهم يجهلون)، (ولكن أكثرهم لا يعلمون) وردت في الأنعام 37، الأعراف 131، الأنفال 34، يونس 55، القصص 13 و57، الزمر 49. (ولكن أكثرهم لا يشكرون) مرتان في يونس 60 والنمل 73.

(وكذلك) افتتحت بها 8 آيات في سورة الأنعام وحدها: الآيات 53،55،75، 105، 112، 123، 129، و137

(وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا) وردت مرتان في القرآن: الأنعام 112 والفرقان 31

(زخرف) وردت في 4 مواضع: الأنعام 112 (زخرف القول)، يونس 42 (الأرض زخرفها)، الإسراء 93 (بيت من زخرف)، الزخرف 35 (وزخرفا)

(غرورا) وردت في 5مواضع: النساء 120، الأنعام 112، الإسراء 6، الأحزاب 12، فاطر 40.

(يفترون) تكررت في السورة في 4مواضع: (وضل عنهم ما كانوا يفترون (24))، (فذرهم وما يفترون (112))، (وما يفترون (137))، (سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)

(ولو شاء ربك) وردت 3 مرات في الأنعام 112 (ختام آية) وفي يونس99 وهود 118 بداية آية.

(ربك/ربكم) وردت 23مرة في الأنعام/ (ربك) بالإفراد 16 مرة و(ربكم) بالجمع 7مرات

(ما فعلوه) وردت 3مرات: في النساء 66، الأنعام 112 والأنعام 137

(فذرهم) وردت في 6مواضع: الأنعام 112 و137، المؤمنون54، الزخرف83، الطور45، المعارج42

(الذين لا يؤمنون بالآخرة) وردت في 10 مواضع، 2 منها في الأنعام 113 و150 والذين لا يؤمنون) بإضافة الواو

(أفغير الله) 3مرات، الأنعام 114، النحل 52 والزمر 64 (مسبوقة بـ(قل))

(الكتاب) تكرر في سورة الأنعام 9مرات، إنزال الكتاب وإيتاء الكتاب.

(بالحق) وردت في القرآن 75 مرة منها 5 في الأنعام: الآيات 5، 30، 73، 114، 151

(فلا تكونن من الممترين) وردت 3مرات: في البقرة 147، الأنعام 114، يونس 94 ووردت في آل عمران 60 (ولا تكن من الممترين)

(وتمت كلمة ربك) 3مرات: الأنعام 115، الأعراف 137، هود 119

(لا مبدّل لكلماته) مرتان: الأنعام 115 والكهف 27

(وهو السميع العليم) وردت مرات، اثنان منها في الأنعام: 13 و115، وفي البقرة 137، الأنبياء 4، العنكبوت 5 و60

(إن يتّبعون إلا الظنّ) 4مرات: الأنعام 116، يونس 66، النجم 23 و28

(إن ربك هو أعلم) 5مرات: الأنعام 117 و119، النحل 125، النجم 30 والقلم 7

(عن سبيله) وردت في 8مواضع في القرآن وتكررت في الأنعام 117 و151

(وهو أعلم بالمهتدين) 4مرات: الأنعام 117، النحل 125، القصص 56، القلم 7

 

#تأملات_وتدبر

تستمر الآيات في إبطال دعاوى المشركين الذي يطلبون آية حتى يؤمنوا، سبق وطلبوا آية (وقالوا لولا نُزّل عليه آية من ربه) فجاءهم الرد من الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم (قل إن الله قادر على أن ينزّل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون) ختمت الآية بنفي العلم عن أكثرهم هم لا يتأملون في آيات الله حولهم فما الفائدة في إنزال ما طلبوه؟!

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) والله تعالى يعلم أنهم لا يؤمنون!

ثم تأتي الآية في هذا المقطع (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) الملائكة كلهم وليس آية واحدة، (وكلمهم الموتى) آية أخرى (وحشرنا عليهم كل شيء قُبُلا) قُبُلا أي قبيلة قبيلة، لو نزّل الله تعالى كل هذه الآيات ما كانوا ليؤمنوا لأن الإيمان متعلق بمشيئة الله تعالى، وختمت الآية هنا (ولكن أكثرهم يجهلون) وكأن الجهل فطريٌ متأصل فيهم فالجاهل هو الذي يعرض عن الآيات ولا يؤمن بها!

والجهل عدو العلم (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) وتأتي الوصية الربانية للنبي صلى الله عليه وسلم (فذرهم وما يفترون)

(ولو شاء الله) تأتي في سياق عظيم تجرؤ المشركين على مقام الإلهية

(ولو شاء ربك) تأتي في سياق الرأفة والرحمة الربانية بالنبي صلى الله عليه وسلم

(ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون)

(لتصغى) بمعنى تميل ميلا قويا تُعرِض به

قال أبو حيان: هذه الجُمل على غاية الفصاحة؛ لأنه أولا يكون الخداع فيكون الميل فيكون الرضى فيكون فعل الاقتراف.

الله تعالى أنزل الكتاب بالحق ومفصلا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ولا مبدل لكلماته وهو السميع العليم فلا ينبغي لعاقل أن يشك في ذلك ومن فعل فإنما ضلّ عن سبيل الله باتباع الظنون لكن الله تعالى يعلم الضالّ من المهتدي.

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 30

الآيات 118 – 121

بيان أحكام الأطعمة والذبائح

 

#للحفاظ

4 آيات افتتحت الأولى بحرف الفاء (فكلوا) وثلاث بحرف الواو (وما لكم ألا تأكلوا) (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) (ولا تأكلوا)

وختمت 3 آيات في المقطع باسم الفاعل (مؤمنين – بالمعتدين – لمشركون) وآية ختمت بصيغة الفعل (يقترفون)

 

تكرر في المقطع:

الأكل: (فكلوا – ألا تأكلوا – لا تأكلوا)

(مما ذكر اسم الله عليه) مرتان (مما لم يذكر اسم الله عليه) مرة

العلم: (بغير علم – هو أعلم)

الإثم: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) (إن الذين يكسبون الإثم)

خطاب بصيغة الجمع (فكلوا – كنتم – مؤمنين– لكم – تأكلوا – لكم – عليكم –  اضطررتم – وذروا – ولا تأكلوا – ليجادلوكم – أطعتموهم – إنكم لمشركون)

وردت إنّ المشددة 5مرات: (وإنّ كثيرا ليضلون) (إنّ ربك هو أعلم بالمعتدين) (إن الذين يكسبون الإثم) (وإنّه لفسق) – (إنكم لمشركون)

ووردت إن المخففة مرتان: (إن كنتم مؤمنين) (وإن أطعتموهم)

 

#انفرادات

(إن كنتم بآياته مؤمنين)

(وقد “فصّل” لكم) سورة الأنعام وقد تكرر فيها كلمة “فصل” ومشتقاتها.

(اضطررتم) انفردت سورة الأنعام بهذه الصيغة وفي باقي المواضع (اضطر) ومنها في الأنعام 145 (فمن اضطر) وفي البقرة 126 (أضطره)

(وإن كثيرا ليضلّون بأهوائهم)

(بالمعتدين) بإضافة الباء انفردت بها الأنعام وفي غيرها (المعتدين) بدون باء في 4مواضع: (لا يحب المعتدين) في البقرة 190، المائدة 87، الأعراف 55 وفي يونس 74 (عاقبة المعتدين)

(وذروا) مفتتح آية لم ترد إلا في الأنعام 120 وفي غيرها وسط آية في 3 مواضع: البقرة 278، الأعراف 180 والجمعة 9

(ظاهر الإثم وباطنه)، أما “الإثم” وحده ورد في 13 موضعا في القرآن.

(يكسبون الإثم) بصيغة الجمع وفي غيرها (يكسب إثما) بالإفراد في النساء 111 وورد الإثم مقترنا بالسيئة أو بالخطيئة في غيرهما.

(بما كانوا يقترفون) وانفردت الأنعام بـ(وليقترفوا ما هم مقترفون) وفي التوبة (أموال اقترفتموها)

(وإنه لفسق)

(وإنّ الشياطين) وردت الشياطين معرّفة بالألف واللام في 14 موضعا إثنان منها في الأنعام 71 و121 ووردت نكرة “شياطين” في الأنعام 112 وفي البقرة 14 (شياطينهم)

(إنكم لمشركون)

 

 

#متشابه

(اسم الله) ورد في 9مواضع في القرآن في سورة المائدة مرة وفي الأنعام 4 وفي الحج 4 وارتبطت كلها بالذكر:

(ذُكِر اسم الله عليه) لم ترد إلا في سورة الأنعام الآيات 118، 119 وفي الآية 121 بصيغة (يُذكَر)

ووردت بصيغة: واذكروا/ ليذكروا/ لا يذكرون/ فاذكروا/ يُذكر فيها

(وإن كثيرا) وردت في القرآن في 7مواضع كلها متبوعة بحرف الجرّ (من) “من الناس، من الأحبار، منهم” إلا آية الأنعام اتبعت بفعل (وإن كثيرا ليضلّون بأهوائهم)

 

#تأملات_وتدبر

بعد الأدلة والحجج والبراهين الدامغة على عظمة الله تعالى وتوحيده تأتي آيات هذا المقطع لبيان أحكامه عز وجل في الذبائح والأطعمة فالأحكام مرتبطة بالعقيدة ارتباطا وثيقا، وكلما كانت عقيدة الإنسان راسخة كان إذعانه لأحكام الله تعالى أسرع.

والآيات توضح الفرق الشاسع بين أحكام الله تعالى العليم الحكيم العزيز الذي خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم وبين أهواء الضالين المضلّين الجاهلين!

 

آيات المقطع تميزت بأسلوب بديع:

  • أمر إباحة بالأكل (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم مؤمنين)
  • حضّ على الأكل مما ذكر اسم الله عليه بأسلوب الاستفهام الذي غرضه العتاب والإنكار اللطيف ليحثّهم على الإذعان والطاعة (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه) ما قال “لماذا لا تأكلوا”، أو “لمَ لا تأكلوا” لأن فيهما شدة.
  • أمرٌ فيه تهديد مؤكد للمبالغة: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون)
  • نهيٌ صريح وتهديد مؤكّد للمبالغة (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)

 

(وإن كثيرا ليضلّون بأهوائهم بغير علم إن الله هو أعلم بالمعتدين)

ثلاثية المعتدين على أحكام الله تعالى: إضلال، هوى ، وجهل.

 

(وقد فصّل لكم ما حُرّم عليكم)

فصّل “لكم” النفع عائد لكم إذا التزمتم الأكل مما أحلّ الله

حرّم “عليكم” ضرر الأكل مما حرّم الله يقع عليكم، “عليكم” ترسم صورة حمل ثقيل على ظهر من يأكل مما حرّم الله ينوء بحمله!

 

المقطع حافل بالتوكيد كيف لا وهو يتحدث عن حكم الله تعالى فيما أحلّ وحرّم من الأطعمة!

(وإنّ كثيرا ليضلّون بأهوائهم بغير علم إنّ ربك هو أعلم بالمعتدين)

الآية مليئة بالتوكيدات للمبالغة في تحذير المؤمنين من هؤلاء المضلّين المتّبعين أهواءهم

التوكيد بإنّ المشددة واستعمال (كثيرا) واللام في (ليضلّون) وصيغة المضارع في (يضلّون) وذكر سبب إضلالهم: اتباع الهوى والجهل

وفي المقابل فإن التوكيد في ختام الآية تثبيت لقلوب المؤمنين فالله تعالى هو أعلم بالمعتدين. جاء التعبير بـ(إنّ) المشددة وضمير الفصل (هو) والجملة الاسمية (أعلم بالمعتدين) وتقديم (ربك) للحصر فهو سبحانه وحده العليم بهم.

 

(وذروا ظاهر الإثم وباطنه) العليم سبحانه مطّلع على الظواهر والبواطن لا يخفى عليه شيء!

 

(وإنّه لفسق) توكيد للمبالغة أن اكتساب الإثم بعدم الالتزام بحكم الله فسقٌ وأيّ فسق! الفسق خروج عن أحكام الله التي ارتضاها لعباده.

 

(فكلوا مما ذكر اسم الله عليه)

ذكر اسم الله على الذبائح ليس مجرد كلمة تقال ولكنه إعلان لربوبية الله عز وجل وتفرّده بالأحكام وإظهار لعبودية العبد لربّه واذعانه لأحكامه.

وفي التسمية تذكير للعبد بنعم ربه عليه أن أحلّ له الذبائح وجعل الحلال كثيرا وما حرّم قليلا وهو 11 صنفا كما ذكرت آية المائدة (حرّمت عليكم الميتة والدم…) فيحمد الله ربه على ما سخّره له أولا من الأنعام ثم ما أحله له ثم ما رزقه إياه ليكون طعاما حلالا طيبا.

 

(ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) “مما” أصلها “من ما” فيها معنى التبعيض فالمذبوح لا يؤكل منه إلا اللحم أما الجلد والعظم فلا يؤكل.

 

(وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) وقد سبق في السورة الحديث عن شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا وسيأتي لاحقا في السورة حديث عن الشياطين أيضًا فأحكام الله تعالى وشرعه مسرحٌ للشياطين يحاولون خداع المؤمنين فيه واستدراجهم لعدم الطاعة لله فيما أمر به ونهى عنه.

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 31

الآيات 122 – 127

دعوة للتفكّر في آيات الله الدالة على قدرته سبحانه وتعالى لتحقيق التوحيد والإخلاص له.

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

كل آيات المقطع ختمت بصيغة فعل (يعملون – لا يشعرون – يمكرون – لا يؤمنون – يذّكّرون – يعملون)

وختام أول آية وآخر آية في المقطع (يعملون)

جعل: 4مرات (وجعلنا له نورا) (وكذلك جعلنا) (حيث يجعل رسالته) (كذلك يجعل الله)

كذلك: 3مرات: مرتان في ختام آية بدون واو (كذلك زُيّن للكافرين) (كذلك يجعل الله الرجس) وبالواو في مفتتح آية 123 (وكذلك جعلنا في كل قرية)

اسم الجلالة (الله) 5مرات واسم (الرب) مرتان

المكر: 3مرات (ليمكروا فيها) (وما يمكرون إلا بأنفسهم) (بما كانوا يمكرون)

صيغة (ما كانوا) 3مرات: (ما كانوا يعملون) (بما كانوا يمكرون) (بما كانوا يعملون)

(مجرميها) (أجرموا)

(حتى نؤتى) (مثل ما أوتي)

(عند الله) (عند ربهم)

(لن نؤمن) (لا يؤمنون)

(ما): ما كانوا – وما يمكرون – وما يشعرون – ما أوتي – بما كانوا (مرتان)

(فمن يُرد – ومن يُرد)

(يشرح صدره) – (يجعل صدره ضيّقا)

وفي المقطع مقابلات عديدة:

ميتا، فأحييناه – نورا، الظلمات – يهديه، يضلّه – يشرح صدره، بجعل صدره ضيقا حرجا.

 

#انفرادات

(أومن كان) في الأنعام فقط وفي غيرها (أفمن كان)

(يمشي به)

(زُيّن للكافرين) في الأنعام فقط وفي غيرها (زُيّن للذين كفروا)

(أكابر مجرميها) – (ليمكروا فيها)

(وما يمكرون) وفي الأنفال (ويمكرون)

(لن نؤمن حتى)

(رُسل الله) في الأنعام فقط وفي غيرها (رسل ربنا) أو (رسل ربك)

(صغار)

(وعذاب شديد بما كان يمكرون)

(وعذاب شديد) بإضافة الواو وفي غيرها (عذاب شديد) غالبها مسبوق بـ(لهم)

(يشرح صدره) فقط في الأنعام وفي غيرها بإضافة كلمة بين الشرح والصدر (شرح الله صدره) (ألم نشرح بك صدرك) (من شرح بالكفر صدرا) (اشرح لي صدري)

(يصّعّد) بالتضعيف لم ترد إلا في الأنعام وورد (إليه يصعد الكلم الطيب) فاطر 10

(يجعل الله الرجس)

(على الذين لا يؤمنون)

(صراط ربك مستقيما) في الأنعام فقط وفي غيرها (صراط مستقيم) وفي الحجر 41 (قال هذا صراط عليّ مستقيم)

 

#متشابه

(ليس بخارج منها) (بخارج) وردت في الأنعام بصيغة المفرد وبصيغة الجمع مرتين في البقرة 167 (وما هم بخارجين من النار) وفي المائدة 37 (وما هم بخارجين منها)

(ما كانوا يعملون) وردت في 18 موضعا في القرآن، 3 منها في الأنعام:  الآية 43 (وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون)، الآية 88 (لحبط عنهم ما كانوا يعملون) والآية 122 (زُين للكافرين ما كانوا يعملون)

(وجعلنا له) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 122 والإسراء 18 (جعلنا له جهنم)

(في كل قرية) وردت مرتان في القرآن: الأنعام 123 والفرقان 51 (ولو شئنا بعثنا في كل قرية نذيرا)

(وما يشعرون) وردت 6مرات في القرآن، اثنان منها في الأنعام: الآية 26 (وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون) والآية 123 (وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) ووردت في البقرة 9 وآل عمران 69 ، النحل 21 والنمل 65.

(جاءتهم آية) وردت في الأنعام مرتين: الآية 109 (لئن جاءتهم آية) وفي الآية 124 (وإذا جاءتهم آية)

(الله أعلم حيث يجعل رسالته) تكرر العلم في سورة الأنعام 31 مرة

(أعلم) تكرر 6مرات في السورة (أليس الله بأعلم بالشاكرين، والله أعلم بالظالمين، إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين، إن ربك هو أعلم بالمعتدين، الله أعلم حيث يجعل رسالته)

(رسالته) وردت في موضعين في القرآن: المائدة 67 (وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته) والأنعام 124 (الله أعلم حيث يجعل رسالته)

(الرجس) وردت في 4 مواضع في القرآن، مع الجعل في الأنعام 125 (يجعل الله الرجس) وفي يونس 100 (ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون)، وفي الحج 30 (واجتنبوا الرجس من الأوثان) وفي الأحزاب 33 (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)

صراط مستقيم: ورد في سورة الأنعام 4مرات: الآية 39 (ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم)، الآية 87 (وهديناهم إلى صراط مستقيم)، الآية 161 (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم) والآية 126 (هذا صراط ربك مستقيما)

(قد فصّلنا الآيات لقوم) وردت فقط في الأنعام 3مرات: الآية 97 (قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون)، في الآية 98 (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) وفي الآية 126 (قد فصلنا الآيات لقوم يذّكرون)

(دار السلام) وردت في موضعين في القرآن: الأنعام 127 (لهم دار السلام عند ربهم) وفي يونس 25 (والله يدعو إلى دار السلام)

(عند ربهم) وردت في 19 موضعا في القرآن واحدة في الأنعام 127

(وهو وليّهم) في الحديث عن الله تعالى في الأنعام 127 وفي الحديث عن الشيطان في النحل 63 (فزيّن لهم الشيطان أعمالهم فهو وليّهم) ووردت في آل عمران 122 (والله وليّهما)

 

#تأملات_وتدبر

(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس)

شبّه الكافر بالميت لأنه مات عهده مع الله عز وجل وخرج من دائرة الاستخلاف وفرّط بالأمانة الإلهية (تفسير سورة الأنعام  أ. د. طه جابر العلواني)

(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) مقابل من سبق ذكرهم في المقطع السابق (وإن كثيرا منهم ليضلّون بأهوائهم بغير علم) الوحي نور والضلال والكفر والجهل ظلمات بعضها فوق بعض!

في الآية بيان فضل الله عز وجل على كل من كان ميتا فأحياه الله بنور الوحي فالحمد لله على عظيم فضله.

لا يستوي ميت معدوم النفع مع حيّ يمشي بالنور في الناس يضيء لهم الطريق!

التعبير بصيغة المضارع في (يمشي به في الناس) إشارة إلى التجدد والحدوث، المشي في الناس بنور الوحي هو الدعوة ولا يفتر الداعية عن دعوته!

(وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) (له) وكأن تقديم (له) تخصيص يوحي بأن لكل حيّ نورا خاصا به وحده.

(وكذلك زُيّن للكافرين ما كانوا يعملون) حين تفسد الفطرة وتفسق فما أسهل أن يزيّن لها سوء عملها فتراه حسنا وترى النافع ضارا والضرّ نافعا!

الكفر من الظلمات، والموت هو الضلال والنور هو العلم والإحياء هو الإيمان

(وكذلك جعلنا لكل قرية أكابر مترفيها ليمكروا فيها) من سنن الله تعالى في الكون أن الترف والفسق قرينان (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) الترف والفسق قرينان!

(وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله) نقضوا دعواهم السابقة بأنفسهم، هم قالوا من قبل بل وأقسموا جهد أيمانهم (لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها)

(سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون)

استكبارهم استحقوا عليه الذلّ والصغار

ومكرهم استحقوا عليه عذابا شديدا

الله أعلم حيث يجعل رسالته والله أعلم من يستحق الهداية فيهديه ومن يستحق الضلال فيضلّه.

الضالّون يسلكون سبل الشياطين أما المهتدون فيسلكون صراط ربهم المستقيم يحقق لهم السلامة من الشرك والسلامة من الضلال والسلامة من اتّباع الأهواء ومن الاستكبار على دين الله وآياته وأحكامه وعلى ذلك يكافئهم الله تعالى بدار السلام (لهم دار السلام عند ربهم) فما أعظمه من جزاء: دار السلام وأعظم منه العندية (عند ربهم)

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 33

الآيات 128 – 131

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

(يا معشر الجنّ) (يا معشر الجنّ والإنس)

(استكثرتم من الإنس) (أولياؤهم من الإنس) (يا معشر الجن والإنس)

في الآية الأخيرة من المقطع السابق (هو وليّهم بما كانوا يعملون) وفي بداية المقطع التالي (وقال أولياؤهم) (وكذلك نولّي)

(استمتع بعضنا ببعض) (وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا)

(وكذلك نولّي) (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى وأهلها غافلون)

(بلغنا أجلنا) (الذي أجّلت لنا)

(ويوم يحشرهم) (يومكم هذا)

(شهدنا على أنفسنا) (وشهدوا على أنفسهم)

(وقال أولياؤهم) (قال النار مثواكم) (قالوا شهدنا على أنفسنا)

(“ربنا” استمتع بعضنا ببعض) (إن “ربك” حكيم عليم) (ذلك أن لم يكن “ربك”)

(بما “كانوا” يكسبون) (أنهم “كانوا” كافرين)

 

#انفرادات

(قال النار مثواكم)

(خالدين فيها إلا ما شاء الله) وفي غيرها (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض) في هود 107 و108 فقط

(وأهلها غافلون)

 

#متشابه

(ويوم “يحشرهم” جميعا) بياء الغائب وردت مرتان في القرآن: الأنعام 128 (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجنّ) وسبأ 40 (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة)

وردت في الأنعام 22 (ويوم “نحشرهم” جميعا) بنون المتكلم وفي يونس 28 (ويوم “نحشرهم” جميعا ثم نقول للذين آشركوا)

(إلا ما شاء الله) وردت 4مرات في القرآن: الأنعام 128، الأعراف 188، يونس 49، الأعلى

(إن ربك حكيم عليم) فقط في الأنعام: 83 و128

(يا معشر الجن والإنس) وردت في الأنعام 130 وفي الرحمن 33 (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا..)

(ألم يأتكم رسل منكم) وردت مرتان في القرآن: الأنعام 130 (يقصّون عليكم) والزمر 71 (يتلون عليكم)

(رسل منكم يقصون عليكم) وردت في الأنعام 130 (ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي) وفي الأعراف 35 (إما يأتينّكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي)

(يقصّون عليكم) ورد فعل (قصّ) مرتان في الأنعام: 57 و130 وورد في الأعراف35 و202، وورد في النمل (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل..)

(وغرّتهم الحياة الدنيا) وردت في 3 مواضع: الأنعام70 (وغرتهم الحياة الدنيا أن تبسل نفس…) وفي الأنعام 130 والأعراف 51 (وغرتهم الحياة الحياة فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا)

(أنهم كانوا كافرين) وردت في موضعين: الأنعام 130 والأعراف 37

(ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم) في الأنعام 130 وفي هو 117 (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون)  وفي القصص 59 (وما كنا مهلكي القرى وأهلها ظالمون)

(مهلك القرى): في الأنعام 131 (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى وأهلها غافلون) والقصص 59 (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا)

 

#تأملات_وتدبر

(يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض..) العلاقة بين الجن والإنس لا تتعدى الوسوسة والتزيين وليس للجنّ أيّ سلطان أو تأثير على الإنس وهذا باعتراف إبليس في خطبته يوم القيامة (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) وقد أدخل بعض المسلمين أنفسهم في متاهة من هذا الباب وادّعوا ما لم يرد فيه! فالقرلآن قصر العلاقة بينهما بأنهم يروننا من حيث لا نراهم (إنه يراكم وقبيله من حيث لا تورنهم)[الأعراف: 27] وأن بعضهم يوحي إلى بعض زخرف القول غرورا كما ورد في آية الأنعام.

(قال النار مثواكم خالدين فيها) قضوا أعمارهم معرضين مستهزئين بالدعوة ورسولها فاستحقوا الخلود في النار لا يتوقف عنهم عذابها!

(يا معشر الجن والإنس) نداء تخويف وترهيب

(ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي ويتذرونكم لقاء يومكم هذا) سؤال تقرير غرضه التوبيخ والتقريع والتحسير

(يقًّصون عليكم) التعبير بالفعل (يقصّون) يناسب وروده في السورة الآية 57 (إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين) ويدل على أن الرسل بلّغت ما أنزل الله بكل أمانة ودقة كما يقصّ الأثر لإقامة الحجّة على المشركين المعرضين عن قبول الرسالة.

النبي صلى الله عليه وسلم هو النبي الوحيد الذي أرسل إلى الجن والأنس جميعا (وكان النَّبي يبعث إلى قومه خاصة، وبُعثتُ إلى النَّاس عامَّة)

رسالة عيسى ليست رسالة عامة ومايقوم به النصارى المنصّرين باطل وضد دينهم فالنصرانية واليهودية دين خاص لبني إسرائيل وليس دينا عاما

(وغرتهم الحياة الدنيا) علّة ضلالهم أنهم اغتروا بالحياة الدنيا

(يقصّون عليكم) في الدنيا الرسل كانوا يقصّون عليهم آيات الله فأعرضوا ولم يؤمنوا ويوم القيامة هؤلاء المعرضين يشهدون على أنفسهم أنهم كانوا كافرين والتعبير بالجملة الإسمية (إنهم كانوا كافرين) تأكيد على ثبوت صفة الكفر فيهم!

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد 34

الآيات 132 – 135

 

#للحفاظ

4 آيات في المقطع افتتحت الأولى والثانية بالواو (ولكلٍ درجات) (وربك الغني ذو الرحمة) والآية الأخيرة افتتحت بـ(قل)

ختمت الآية الأولى بفعل (يعملون) وختمت الآيات الأخرى بـ(آخرين، بمعجزين، الظالمون)

تكرر التعبير بصيغة الفعل المضارع في المقطع: (يعملون، يشأ، يذهبكم، ويستخلف، يشاء، توعدون، تعلمون، تكون) وهي تدل على التجدد والحدوث ولاستحضار الصورة واقعا للعبرة.

 

#انفرادات

(وما ربك بغافل عما يعملون) وفي غيرها (وما ربك بغافل عما تعملون) في هود 123 والنمل 93

(إن يشأ يُذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء)، في النساء133 (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بـآخرين) (وإن يشأ يذهبكم ويأت بـخلق جديد) في إبراهيم 19 وفاطر16

(من بعدكم)

(كما أنشأكم من)

(فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار) وفي غيرها (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) هود 39، (سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب) هود 93

 

 

#متشابه

(ولكلٍ درجات مما عملوا) وردت في موضعين: الأنعام 132 والأحقاف 19 وكلاهما بداية آية.

الأنعام 130 (وربك الغني ذو الرحمة) وفي الكهف 58 (وربك الغفور ذو الرحمة)

(ويستخلف من بعدكم ما يشاء) في الأنعام 130 وفي هود 57 (ويستخلف ربي قوما غيركم)

(أنشأكم) وردت 5مرات: في الأنعام 98 (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) و في الأنعام 132 (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) ووردت في هود 61 (وهو أنشأكم من الأرض) وفي النجم 32 (إذ أنشأكم من الأرض) وفي الملك 23 (وهو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة)

(قوم آخرين) في المائدة 41 (سماعون لقوم آخرين) وفي الأنعام 132 (من ذرية قوم آخرين)

(إن ما توعدون لآت) في الأنعام 133 وفي غيرها: ((إنما توعدون لصادق) الذرايات 5 و (إنما توعدون لواقع) المرسلات 7. ووردت (ما توعدون) في الأنبياء 109، المؤمنون 36، ص 53، ق 32، الذاريات 22 والجنّ 25.

(لآت) مرتان في القرآن: في الأنعام 134 (إنما توعدون لآت) وفي العنكبوت 5 (فإن أجل الله لآت) وفي باقي المواضع (لآتية) في الحديث عن الساعة (الساعة لآتية) في الحجر 85 وغافر 59.

(وما أنتم بمعجزين) وردت في 5 مواضع في القرآن: أولها الأنعام 134، يونس 53، هود 33، كلها خواتيم آية ووردت بداية آية في العنكبوت 22 والشورى 31

(قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إن يعامل فسوف تعلمون) في الأنعام 135 والزمر 39 آية متطابقة تماما، ووردت في هود 93 (ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون) وفي هود 121 (قل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون)

(من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون) في الأنعام 135 و (ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون) في القصص 37.

(إنه لا يفلح الظالمون) وردت في 4 مواضع في القرآن: الأنعام 21 و135، يوسف 23، القصص 37.

 

#تأملات_وتدبر

(وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ) أيّ من أهل الخير وفي الجنَّة، وأيضاً تَدُلّ بدلالة المخالفة على الدَّرَكات

(وربك الغني ذو الرحمة) العجب كل العجب ممن يتكبَّر ويَظُنّ أنه يستغني عن الله وهو الغني سبحانه! (تدبر)

(وما أنتم بِمُعْجِزِينَ) أي وما أنتم بِخَارجين عن حُكمِ الله، ولا عن سيطرته ولا عن قوَّته ولن تُعجزون الله هَرَبا

(اعملوا على مكانتكم) ما دمتم مكذبين افعلوا ما تشاءون وسترون العاقبة وهذا غايةُ ما يكون من التَّهديد.

 

(إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) هَذه قاعدةٌ من قواعد القرآن العظيمة. فالظَّالِم نفى الله عنه الفَلاح في الدُّنيا والآخرة، ولابُدّ أن يَخسر في الدُّنيا والآخرة

 

 

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد

الآيات 136 – 140

ضلالات المشركين وتجرؤهم على تحكيم أنفسهم من دون الله في بيان الحلال والحرام

 

#للحفاظ

بداية المقطع (وجعلوا لله ) وهو الموضع الثاني في السورة الذي يفتتح بها بعد الآية 100 (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم)

تكرر في المقطع:

الأنعام: (من الحرث والأنعام، هذه أنعام، وأنعام حرّمت ظهورها، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها، ما في بطون هذه الأنعام) تكرر لفظ الأنعام 3مرات في الآية 138 وحدها.

حرث: (من الحرث والأنعام، هذه أنعام وحرثٌ حجرٌ)

شركاء: (لشركائنا، لشركائهم، إلى شركائهم، شركاؤهم، فهم فيه شركاء)

فعل القول: (فقالوا هذا لله بزعمهم، وقالوا هذه أنعام، وقالوا ما في بطون هذه الأنعام)

اسم الإشارة (هذا) بالتذكير والتأنيث: (هذا لله  بزعمهم، وهذا لشركائنا، هذه أنعام وحرث حجر، في بطون هذه الأنعام)

بزعمهم: (وقالوا هذا لله بزعمهم – لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم)

سيجزيهم: (سيجزيهم بما كانوا يفترون) (سيجزيهم وصفهم)

افتراء: (يفترون – افتراء عليه – يفترون – افتراء على الله)

(ما): (مما ذرأ – فما كان لشركائهم – وما كان لله – ما فعلوه – وما يفترون – بما كانوا يفترون – ما في بطون – ما رزقهم الله – وما كانوا مهتدين)

كانوا: (كانوا يفترون – كانوا مهتدين)

(حُرّمت ظهورها – ومحرّمٌ على أزواجنا – وحرّموا ما رزقهم الله)

(قتل أولادهم – الذين قتلوا أولادهم)

 

#انفرادات

(مما ذرأ لكم)

(وكذلك زَيّن) وفي غير هذا الموضع الفعل مبني لما لم يسمى فاعله (وكذلك زُيّن)

(حُرِّمت ظهورها) وفي غير الأنعام (حُرِّمت عليكم)، في النساء 23 (حُرّمت عليكم أمهاتكم) وفي المائدة 3 (حُرّمت عليكم الميتة…)

(سيجزيهم) لم ترد إلا في الأنعام في آيتين متتاليتين 138 و139 (سيجزيهم بما كانوا يفترون) (سيجزيهم وصفهم) وورد فيها (سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا) في الأنعام 157، وفي غيرها وردت بصيغة: سيجزي، يجزي، يُجزى، تُجزى

(قتلوا أولادهم) في هذا الموضع في الأنعام ووردت (ولا تقتلوا أولادكم) في الأنعام 151 وفي الإسراء 31

(سفها بغير علم)

(حرّموا ما رزقهم الله)

(افتراء على الله) وفي غيرها (يفترون على الله) (افترى على الله)

 

#متشابه

(وجعلوا لله) في الأنعام 110 وفي الأنعام 136 وفي الرعد 33 وفي إبراهيم 30 كلها بداية آية ما عدا آية الرعد

(ذرأ) في موضعين: الأنعام 136 (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث) وفي النحل 13 (وما ذرأ لكم)

(فذرهم وما يفترون) وردت في الأنعام ختام آية مرتان: الآية 112 و137

(فذرهم) في 6 مواضع في القرآن، ختام آية في موضعي الأنعام وبداية آية في 4 مواضع: المؤمنون 54 (فذرهم في غمرتهم حتى حين)، الزخرف 83 (فذرهم يخوضوا ويلعبوا)، الطور 4 (فذرهم حتى يلاقو) والمعارج 42 (فذرهم يخوضوا ويلعبوا)

(ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون) ذكر اسم الجلالة يتناسب مع وروده قبلها وبعدها (وجعلوا لله، لا يصل إلى الله، وما كان لله، لا يذكرون اسم الله، رزقهم الله، افتراء على الله)

ووردت في الآية 112 (ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون) ذكر اسم الرب يتناسب مع وروده في الآيات قبلها وبعدها (ذلكم الله ربكم، بصئر من ربكم، أوحي إليك من ربك، ثم إلى ربهم مرجعهم، منزّل من ربك، وتمت كلمة ربك، إن ربك هو أعلم..)

(خالصة) وردت في  مواضع: في البقرة 94، الأنعام 139، الأعراف 32، الأحزاب 50، ص 46

(ميتة) في الأنعام 139 (وإن يكن ميتة) وفي الأنعام 145 (إلا أن يكون ميتة) ووردت (الميتة) بالتعريف في سياق التحريم في البقرة 173 والمائدة 3 والنحل 115 ووردت في يس في اوصف الأرض (وآية لهم الأرض الميتة)

(حكيم عليم) في كل مواضع سورة الأنعام تقدّم حكيم على عليم وهي 3 مواضع: 83، 128، و139 وفي آية الحجر 25 والنمل 6 وباقي المواضع يتقدم عليم على حكيم.

(قد خسر الذين) وردت في 3 مواضع في القرآن، إثنان بداية آية في الأنعام 31 (قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الآخرة) والأنعام 140 (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) وموضع سورة يونس ختام آية 45 (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين)

(قد ضلّوا) وردت في 4 مواضع: في النساء 167، المائدة 77، الأنعام 140، الأعراف 149

(وما كانوا مهتدين) وردت في 3 مواضع في القرآن: البقرة 16، الأنعام 140 ويونس 45.

 

#تأملات_وتدبر

آيات المقطع تبين سفاهة وضلال المشركين في أحكامهم التي أتوا بها فيما يتعلق بالأطعمة والذبائح، أحكام غير منطقية وجائرة ولا تخضع لأسس صحيحة إنما هي مجرد أهواء ومنافع لفئات دون فئات! ولو قارناها بالأحكام الواردة في سورة المائدة والأحكام التي وردت في سورة الأنعام لتبين فيما لا يقبل الشكّ أن الحكم لله تعالى وحده فهو الحكيم العليم العدل وهو المالك الحقيقي للأنعام وهو وحده الذي يحق له أن يحدد الحلال منها والحرام لكن أنّى لعقول لا تقدر الله حق قدره أن تنصاع لأحكامه وهي لم تؤمن ولم تستجب لتوحيده؟!

حين تفسد العقول وتضل القلوب لا عجب إن جارت الأحكام! وعجبا لمستخلَف في الأرض يتجاوز حدوده مع مالكه ومالك الأنعام وخالقها فيخصص له نصيبا جائرا ثم يسترده منه إن شاء (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله وهذا لشركائنا فما كان لله فهو يصل إلى شركائهم وما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله ساء ما يحكمون)!!

ومن انحرافات أمثال هؤلاء أنهم يحرّضون بالآباء على قتل الأولاد وجعلهم قرابين لآلهتهم المزعومة “القرابين البشرية” وهذا من وسوسة وتزيين شياطين الإنس والجن لهم! والبعض توحي لهم شياطينهم بقتل أولادهم خشية إملاق وسيأتي النهي عن هذا في الوصايا العشر في ختام السورة. وتأتي التوصية للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده بترك هؤلاء السفهاء وافتراءاتهم (فذرهم وما يفترون)

(قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرّموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) آية لخّصت حكم الله فيهم وبيّنت خسارتهم وافتراءهم على الله الكذب وأكّدت ضلالهم وبعدهم عن الهداية، فما أشد خسارتهم لو كانوا يعلمون!!

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد

الآيات 141 – 147

النعم بأصناف الزروع والحرث والأنعام التي خلقها الله تعالى للناس وأحلّها لهم

 

#للحفاظ

في المقطع 4 آيات مفتتحة بالواو (وهو الذي أنشأ، ومن الأنعام حمولة وفرشا، ومن الإبل اثنين، وعلى الذين هادوا حرّمنا)

وفيه آية افتتحت بـ(قل)

اختتمت 4 آيات بصيغة اسم الفاعلين للدلالة على ثبوت هذه الصفات في الفاعلين (المسرفين، صادقين، الظالمين، لصادقون)

واختتمت آية في المقطع بأسماء الله الحسنى (فإن ربك غفور رحيم)

واختتمت آية بوصف عداوة الشيطان (إنه لكم عدو مبين)

يبين أن اتباع خطوات الشيطان يقود إلى التجرؤ على التحليل والتحريم وفق الأهواء بينما اتباع منهج الله تعالى يقود إلى الالتزام بحكمه في التحليل والتحريم وفي كل أمر فالحكم له وحده وعلى العباد السمع والطاعة.

 

تكرر في المقطع:

معروشات – غير معروشات

ثمره – إذا أثمر

مختلفا أُكُله – كلوا من ثمره – كلوا مما رزقكم الله

لا تسرفوا – المسرفين

اثنين تكررت 4 مرات

الأنثيين تكررت 4 مرات

آلذكرين: مرتان

البقر: مرتان

صادقين – لصادقون

فمن أظلم – الظالمين

(أمّا اشتملت عليه أرحام الأنثيين) مرتان

حّرم – حرّم – محرّما – حرّمنا – حرّمنا

غير معروشات – غير متشابه – بغير علم – لغير الله

بعلم – بغير علم

يهدي – هادوا

(قل آلذكرين – قل آلذكرين – قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرما)

(أو): أو دما مسفوحا – أو لحم خنزير – أو فسقا – أو الحوايا – أو ما اختلط بعظم

كنتم: ( إن كنتم صادقين – أم كنتم شهداء)

(أم): (أم الانثيين ) مرتان – (أمّا): (أما اشتملت) مرتان،

(ما): (كلوا مما رزقكم – في ما أوحي – إلا ما حملت ظهورهما – أو ما اختلط بعظم)

(إنّ) المشددة: (إنه لا يحب المسرفين – إنه لكم عدو مبين – إن الله لا يهدي القوم الظالمين – فإنّه رجس – فإنّ ربك غفور رحيم – وإنّا لصادقون)

 

#انفرادات

(كلوا من ثمره) في الأنعام وفي غيرها (ليأكلوا من ثمره) يس35، (كلوا من رزقه، كلوا من طيبات، من الطيبات، من رزق ربكم، مما في الأرض)

(وآتوا حقه) في الأنعام وفي غيرها (وآتوا الزكاة، وآتوا اليتامى، وآتوا النساء)

(مختلفا أُكله) في الأنعام وفي غيرها (مختلفا ألوانه)

(فإنّ ربك غفور رحيم) في الأنعام وفي غيرها (فإن الله غفور رحيم)

(وصّاكم الله) في الأنعام وفي غيرها (يوصيكم الله) في النساء 11

(ليضِلّ الناس) في الأنعام وفي غيرها (ليضلّ عن سبيل الله) في الحج 9 ولقمان 6، (ليضل عن سبيله) الزمر 8، (ليضلّ قوما) التوبة 11

(ذو رحمة واسعة)

(ولا يُردّ بأسه) في الأنعام وفي غيرها (ولا يُردّ بأسنا) يوسف 110

 

#متشابه

(وهو الذي أنشأ) وردت مرتان: في الأنعام 141 وفي المؤمنون 78 (وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة)

(والزيتون والرمان) الأنعام 99 و141

(لا تسرفوا – إنه لا يحب المسرفين) وردت مرتان: الأنعام 141 والأعراف 31

(ولا تتبعوا خطوات الشيطان) وردت في 3 مواضع، اثنان في البقرة 168 و208 وفي الأنعام 142، اثنان في سياق الأكل الحلال الطيب وواحدة في سياق الدخول في الإسلام كافة. ووردت (لا تتبعوا خطوات الشيطان) بدون واو في النور 21.

(إنه لكم عدو مبين) وردت 5مرات: البقرة 168 و208، الأنعام 142، يس 60، الزمر 62

(إن كنتم صادقين) وردت في 28 موضعا في القرآن، اثنان منها في الأنعام 40 و143

(أم كنتم شهداء) مرتان: في البقرة 133 وفي الأنعام 144

(فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) 4مرات، الأنعام 144، الأعراف 37، يونس 17 والكهف 75

(بغير علم) وردت 12 مرة في القرآن، 5 منها في الأنعام: 100، 108، 119، 140، 144

(إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وردت 4مرات: المائدة 51، الأنعام 144، القصص 50، الأحقاف 10

(فمن اضطر غير باغ ولا عاد) وردت 3 مرات: في البقرة 173 (وحيدة تأتي بعدها “فلا إثم عليه”) الأنعام 145، النحل 115

(ذلك جزيناهم) مرتان: الأنعام 146 (ببغيهم)، سبأ 17 (بما كفروا)

(القوم المجرمين) 4مرات: الأنعام 147، يونس 13، يوسف 110، الأحقاف 25

(وإنا لصادقون) 4مرات: الأنعام 146، يوسف 82، الحجر 64، النمل 49

(فإن كذبوك) مرتان: آل عمران 184 والأنعام 146

(عن القوم المجرمين) مرتان: الأنعام 147، يوسف 110

 

#تأملات_وتدبر

افتتح المقطع بامتنان الله تعالى على الناس بما خلقه لهم من الزروع والحرث والأنعام وما أحلّه لهم منها وهو كثير مقابل ما حرّمه عليهم. والإنسان حرّم بعضها بغير علم وما علم أن كل من حرّم ما أحلّه الله فهو كافر لأنه مكذّب بالله وبما حكم به وشرع.

التحريم إنما يثبت بوحي الله عز وجل وبشرعه لا بهوى النفس، سواء ما جاء في القرآن من آيات أو ما جاء في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

بيان الواجب في ما أُحلّ من الزروع والحرث:

  • الأكل من ثمره إذا أثمر
  • إيتاء حقه يوم حصاده
  • عدم الإسراف

في المقطع أوامر ونواهي:

الأوامر:

  • كلوا من ثمره إذا أثمر
  • وآتوا حقه يوم حصاده
  • كلوا مما رزقكم الله
  • نبئوني بعلم
  • فقل ربكم ذو رحمة واسعة

النواهي:

  • ولا تسرفوا
  • ولا تتبعوا خطوات الشيطان

 

ذكر في المقطع نموذج لمن يتبع خطوات الشيطان فيحلل ويحرّم على هواه ولا يلتزم بأحكام الله عز وجل الذي له وحده الحكم. ومن مخالفات بعض الأقوام في التحليل والتحريم ما يفعله الهندوس من تحريم ذبح البقر وأكل لحمه وما فعله العرب في الجاهلية من تحريم بعض ذكور وبعض إناث الأنعام وهناك طوائف تحرّم لحم الإبل وغيرها.

وفي المقطع بيان لما أحلّه الله عز وجل وحرّمه في القرآن وبيان ما أحلّه وحرّمه في التوراة وقد شدد على الذين هادوا من قوم موسى عقوبة لهم على بغيهم ومخالفتهم لا لضرر فيما حرّمه عليهم.

من جرأة المشركين على شرع الله عز وجل وحكمه في الحلال والحرام أنهم يدّعون أن ما حرّموه هم على أنفسهم إنما هو بأمر الله، وهذا أشد الكذب والافتراء فهل جاءهم وحي مباشر بذلك أنهم لا يؤمنون بنبي الله ولا بآياته؟!

(فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يُردّ بأسه عن القوم المجرمين)

(ذلك جزيناهم ببغيهم) من عدل الله عز وجل حين يذكر في القرآن العقاب يذكر العلّة والسبب سبحانه أن يعاقب أو يُهلك أحد بدون سبب! وهؤلاء الذين يتجرأون على حكم الله تعالى قد بغوا فاستحقوا العذاب.

ذو رحمة واسعة لا يعني ترك المجرمين بلا عقوبة، يمهلهم برحمته لكن إذا أصروا على عنادهم وكفرهم وإعراضهم فإنه يأخذهم أخذ عزيز مقتدر بسبب إجرامهم. فإذا حقّ عليهم العذاب فإنه لا يمنعه عنهم أحد ولا يردّ حكمه عليهم أحد.

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد

الآيات 148 – 150

حجة الله البالغة وعلمه في مقابل ظنون وأوهام وجهل المشركين وادّعاءاتهم الباطلة.

 

#للحفاظ

آيات المقطع افتتحت بفعل القول، اثنان منها بصيغة الأمر: قُل) وواحدة بصيغة المضارع (سيقول) وورد (قل) في وسط إحدى آياته

تكرر في المقطع

(قل) 3 مرات (قل هل عندكم – قل فلله الحجة البالغة – قل هلّم شركاءكم) وورد (سيقول الذين أشركوا)

الشرك: (أشركوا – أشركنا)

(شهداءكم – يشهدون – شهدوا – لا تشهد)

(كذلك كذّب – الذين كذّبوا بآياتنا)

(ولا حرّمنا – أن الله حرّم هذا)

إن تتّبعون إلا الظنّ – ولا تتّبع أهواءهم

إن المخففة: إن تتّبعون – إن أنتم إلا تخرصون – فإن شهدوا

اسم الجلالة، 3مرات: ولو شاء الله – قل فلله الحجة – أن الله حرّم هذا/ وورد اسم الربّ مرة واحدة (بربهم يعدلون)

 

#انفرادات / #متشابه

(إن أنتم إلا تخرصون) بضمير المخاطب وفي باقي المواضع (إن هم إلا يخرصون) بضمير الغائب وردت في الأنعام 116، يونس 66 والزخرف 20

(قل فلله الحجّة البالغة)

(فلو شاء) وفي باقي المواضع (لو شاء) في 5 مواضع أحدها في الأنعام 148 – (ولو شاء) في 16 موضع منها 4 مواضع في الأنعام: 35، 107، 112، 137

 

#تأملات_وتدبر

 

 

فوائد وهدايات من محاضرة ( الوصايا العشر المحكمات ) الشيخ خالد السبت

مقدمة

1- نزلت سورة الأنعام جملة واحدة في مكة .

2- موضوعات السور المكية : تقرير قضية التوحيد والإيمان بالله تعالى ، وانفراد الله بالتشريع، وتقرير الإيمان باليوم الآخر ، وهي القضايا التي يشغب حولها المشركون .

3- جاءت هذه الوصايا العشر في ثنايا هذه السورة ، حينما رد الله عليهم ، وبيّن جهالات هؤلاء في التحريم والتحليل .

4- هذه الوصايا العشر جاءت في ثلاث آيات

5- قيل لها المحكمات ؛ باعتبار أنها أصول يرجع لها غيرها، وهي ام تُنسخ ، ولا يتطرق لها النسخ ، لأن النسخ لا يتطرق للأصول الكبار

6- ذكر أهل العلم أن هذه الوصايا العشر المحكمات هي في شرائع جميع الأنبياء ، ومما اتفق عليه الرسل في شرائعهم

7- جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه ” من سره أن يقرأ وصية محمد (رسول الله ﷺ ) التي عليها خاتمه ، فليقرأ هذه الآيات ( قل تعالوا أتلُ ما حرّم عليكم ربكم ) إلى قوله ( لعلكم تتقون )”

 

الآية الأولى :

﴿قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ﴾ [الأنعام: ١٥١]

8- اشتملت أول آية على خمس وصايا

9- {قل تعالوا } :السورة مكية ، فالخطاب لجميع الناس، ويدخل فيهم المشركون

10- {قل تعالوا }

هذا الأمر موجه للنبي ﷺ باعتبار أنه المبلغ عن ربه ، وهذا دليل على أن الرسول ﷺ عبد لله ، يمتثل أمره ، وينقاد له كل الانقياد ، وليس مشرعا من عند نفسه ، بل يوحى إليه

11- في قوله {تعالوا } عدة معان ٍ:

فهو يدعى به من كان بعيدا ، فلما كان هؤلاء في حال من البعد لأنهم على الإشراك ، كأنهم في ناحية بعيدة عن الهدى

12- يؤخذ منها أن الهداية إنما تأتي لمن أقبل عليها ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ، أي كان له قلب وقاد ، وألقى السمع ، فهو يقصد الاستماع مع حضور القلب، أما الذين يعرضون وينأون بأنفسهم فقد أصم الله أسماعهم ، وأعمى أبصارهم ، وجعل على قلوبهم أكنة وأقفالا ، فلا يصل إليها من الهدى شيء

13- أيضا تدل على الارتفاع والعلو ، فمن يأتي للهدى يصعد ويرتفع ، فإذا كان الإنسان متبعا لهوى نفسه والشيطان ، فإنه ينسفل ، لذلك قال الله تعالى ( قد أفلح من زكاها ) فالزكاء فيه معنى النماء ، ( وقد خاب من دساها ) فالدّسّ والتدسية يدل على هبوط وانخفاض وضعة ، وهكذا تفعل الذنوب والآثام والجرائم والشرك تدسّ صاحبها ، فمن أراد أن يرتقي ويعلو ويسمو ، فإن عليه أن يقبل على هذا الهدى الكامل .

14- {أتلُ } التلاوة هنا بمعنى القراءة ، لأن القارئ يتبع الألفاظ ، وهي في مواضع أخرى تكون بمعنى التلاوة والاتباع { واتلُ ما أوحي إليك من كتاب ربك }

15- لاحظ في هذه الآية ( أتل ما حرم ربكم عليكم ) وفي دعاء إبراهيم عليه السلام ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ) فذكر التلاوة أولا ، لأنها أول درجة ومرحلة وممارسة ، التلاوة التي يحصل بها البلاغ .

16- الوصية تقال لما يكون من الأمر والنهي المؤكد .

17- (أتل ما حرم ربكم ) ينبغي على الإنسان أن يقبل على كتاب الله فيتلوه ، ويكون له ورد في يومه وليلته لا يفرط فيه

18- ينبغي على الدعاة أن يتلوا على الناس كتاب الله تعالى ويبينوا لهم ما حرم عليهم وما شرع

19- تأمل التعبير بقوله ( ربكم ) ذكر اسم الرب في غاية المناسبة ، لأن من معانيه الذي يتصرف بخلقه ، فيأمر وينهى ويشرع ، ويحلل ويحرم . وهم يقرون بالربوبية ، فكان إلزاما لهم بما وراء ذلك من الانقياد لكونه هو المشرع وحده

،المعبود وحده دون سواه

20- التعبير بقوله ( حرم ربكم عليكم ) قال بعض أهل العلم : لما قُصد به الذين يعبثون بالتحريم والتحليل ، ويشركون به غيره ، جاء في هذا السياق ( حرم ربكم ) ، وفي سورة الإسراء كان المقصود أهل الإيمان فجاء التعبير بقوله ( وقضى ربك ) أي حكم ووصى .

هذه الوصايا العشر في سورة الأنعام كلها من قبيل المنهيات ، إلا الوصية الثانية ( وبالوالدين إحسانا ) والأخيرة ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه )

 

الوصية الاولى :

21- تأمل بداية الوصايا ( ألا تشركوا به شيئا ) : بدأ بقضية التوحيد لأنها أصل الأصول ، وعليها مدار الفلاح ، وكل ما يذكر بعدها فهو متفرع عنها

22- جاء الحديث عن التوحيد بالنهي عن الشرك ، وهذا يستلزم الأمر بضده وهو توحيد الله تعالى ، بينما جاء الأمر بالتوحيد في وصايا سورة الإسراء صريحا ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )

23- {ألا تشركوا به شيئا } شيئا : نكرة في سياق النهي ، تدل على العموم ، أي لا تشركوا به شركا قليلا أو كثيرا ، ويدخل فيه كل أنواع الشرك : الأكبر والأصغر والخفي ، وشرك الربوبية والألوهية والأسماء والصفات

24- إذا كان التوحيد من أهم المهمات وأول المطالب وأول دعوة الرسل ، فينبغي أن يكون هو الأول فيما يوجه للناس ، وما يُدعون إليه

 

الوصية الثانية :

 

25- {وبالوالدين إحسانا }

لم يقل لا تعقوا الوالدين ، كما في الوصايا ، فجاء بصيغة الأمر لا النهي ، وهذا له دلالة والله أعلم لأنه وضع في موضع الأمر للمبالغة ، وللدلالة على أن ترك الإساءة في شأنهما لا يكفي ، بل لابد من كف الأذى بأنواعه وإن قلّ، مع البر والحفظ وامتثال الأمر

{إحسانا } عبر بالمصدر وأطلقه ، فلم يقل إحسانا بالقول أو الفعل أو المال ، ليشمل كل أنواع الإحسان . فيدل على كمال الإحسان وأنه إحسان عظيم .

26- الأمر بالإحسان للوالدين يستلزم ترك الإساءة لهما ، فصار ذلك بدلالة اللزوم

جاء الأمر بالإحسان للوالدين بعد التوحيد ، وهذا يتكرر في القرآن ، فالله هو الذي أوجدنا من عدم ، والوالدان هما سبب الوجود في هذه الحياة ، وهذا الحق متقرر ثابت وإن كان الأبوان غاية التقصير

27- {وبالوالدين إحسانا } عداه بحرف الباء ، وقد يعدّى بإلى ، والتعدية بالباء أبلغ ، وكأن ذلك الإحسان قد تغلغل في نفسه ، وكان أعمق وألصق ، فلم يكتف أن يوصل الإحسان إليهما .

 

الوصية الثالثة :

{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق }

28- لما ذكر ﷻ حق الله ثم حق الوالدين ، ذكر حق الأقرب إلى الإنسان وهم أولاده

29- هذا النهي يفيد التحريم ، وجاء بعده فعل مضارع ، فهذا التركيب يفيد العموم ، أي لا يحل قتلهم بحال من الأحوال

30- الأولاد لفظ يشمل الذكور والإناث ، والمعروف أن العرب كانوا يقتلون الإناث

31- ذكر علة القتل { من إملاق } ، وهو الفقر ، يقال :أملق أي افتقر ، كأنه لم يبقَ معه إلا الملقات وهي الصخور والحجارة الملساء التي ليس فيها شيء

32- الله تعالى ذكر العلة وهي الفقر ، والمعروف أن العرب كانوا يقتلون بناتهم خشية العار ، فهل هناك منافاة ؟

الجواب لا ، لأنهم كانوا يقتلون بناتهم خشية أن تفتقر فتضطر بسبب الفقر أن تبيع عرضها ، وتواقع الفاحشة، وهي غيرة جاهلية مذمومة

33- لما كان سبب القتل { من إملاق } أي فقر واقع ، قدم الله ﷻ رزق الآباء { نحن نرزقكم وإياهم } وفي سورة الإسراء لما كان الفقر متوقعا { خشية إملاق } إذا كثر الأولاد ، قدم رزق الأولاد { نحن نرزقهم وإياكم }

وقد أخذ منه بعض أهل العلم أن الأبناء يكونون سببا للرزق

34- لما كان الخطاب في الآية للجميع ، ويدخل فيه الكفار ، دل ذلك على أن رزق الله لا يخلو منه أحد ، فالكفار تنالهم أرزاق الله عز وجل {وما بكم من نعمة فمن الله }

35- ذكر قتل الأولاد على وجه الخصوص لانه من أشنع الذنوب

36- في {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } ، بمفهوم المخالفة : هل يقال إذا كان قتلهم من غير إملاق فإن ذلك سائغ ؟ الجواب : لا

فهذا من المواضع التي لا يعتبر فيها مفهوم المخالفة ، فإن الآيات إذا نزلت على وفاق واقع معين ، فإن مفهوم المخالفة لا يكون حجة

مثل ذلك { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا } فلا يجوز إكراههن إن كن يردن البغاء

 

الوصية الرابعة

{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن }

37- الفواحش جمع فاحشة وهي الذنب العظيم ، وما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي

38- قيل الفواحش : الزنا

ما ظهر منها : الإعلان به ، وما بطن : الإسرار

وقيل

ما ظهر : الخمر ونكاح المحرمات ، وما بطن : الزنا

وقيل

ما ظهر : الخمر وما بطن : الزنا

وقيل عام في الفواحش المعلنة وما كان سرا

وقيل : ما ظهر من أفعال الجوارح ، وما بطن : من أفعال القلوب

وقيل : ما ظهر : البغاء ، وما بطن : اتخاذ الخلان

39- {ولا تقربوا } النهي للتحريم ، وهذا التركيب مع لا الناهية يفيد العموم ، والعموم يتوجه لأربعة أمور : عموم الأفراد، وعموم الأحوال ، وعموم الأمكنة ، وعموم الأزمنة

40- {ولا تقربوا } لم يقل : لا تأتوا أو تمارسوا ، فالنهي عن القربان يدل على المباعدة ، فهو نهي عن كل ذريعة توصل إليه

فما لا يتم الحرام إلا به فهو حرام وتركه واجب

41- قوله { ما ظهر منها } قد يحترز الإنسان من مقارفة الفواحش الظاهرة ، إما خوفا من الناس أو حياء منهم ، أو من أجل سمعة الأسرة والعائلة، أو خوفا على منصب ، ونحو ذلك ، لكنه يفعله سرا ، فهنا تربية إيمانية عميقة

42- {وما بطن } فيه دعوة لتطهير الباطن من كل الآفات ، كالرياء والسمعة ، وحب الظهور والشهرة ، والتوكل على غير الله ، وسوء الظن بالله

كل الأشياء المذكورة في الآية هي من الموبقات

 

الوصية الخامسة :

{ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق }

43- هذا أيضا نهي يدل على التحريم ، والتركيب يدل على العموم ، فلا يحل قتل نفس أي نفس ، على أي حال ، في أي زمان ، وأي مكان ، إلا ما استثناه الله ﷻ

قتل النفس داخل في عموم الفواحش ، فهو من الذنوب العظام ، وإنما خص لشناعته وشدته

44- {إلا بالحق } فلا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة

 

45- ملاحظة : المنهيات التي تميل لها النفس وتدخل فيها الأهواء والشهوات ، يأتي النهي عنها بتعبير { ولا تقربوا }

أما غيرها فالنهي فيه مباشرة { ولا تقتلوا }

 

46- {ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون } أي يكون سببا للعقل ، فمن خالف ذلك فهو سفيه

47- قاعدة : الحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه ، فدل ذلك على أن من راعى حدود الله عز وجل ، فهذا أتم وأكمل في عقله ، وبحسب عقل العبد يكون قيامه بأمر الله عز وجل ومراعاة حدوده

48- كلمة (لعل) في القرآن هي للتعليل ، إلا في موضع واحد { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } أي كأنكم تخلدون

 

 

الآية الثانية

﴿وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾ [الأنعام: ١٥٢]

 

 

الوصية السادسة

 

{ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن }

49- هذا نهي للتحريم ،، ولا الناهية مع الفعل المضارع تتوجه للعموم : عموم الأفراد والأحوال والأمكنة والأزمنة

 

50- {ولا تقربوا } جاء النهي بعدم القربان ، لأن ما فيه طمع جاء النهي عن قربانه ، فإذا كان النهي عن مجرد القربان فهو أبلغ ، وهذا يدل على رعاية وعناية الشارع بالضعفاء ، وسعة رحمته ، فلا يكون اليتامى عرضة لذوي النفوس الدنيئة

51- {إلا بالتي هي أحسن } مقال ” إلا بالحسن ” ليشمل ذلك الناحيتين الدنيوية والشرعية ، فما كان فيه تثمير للمال مع محرم أو شبهة فإنه يترك ويلجأ للحلال

52- في الآية دلالة على عناية الشارع باليتيم ، ومن ثمّ فإنه لا يلي مال اليتيم من كان ضعيفا سواء كان الضعف في العقل والتفكير ، أو كان الضعف في القدرات باعتلاله ومرضه ، أو ضعف في الوازع الديني

 

الوصية السابعة

{وأوفوا الكيل والميزان بالقسط}

53- الوفاء بمعنى التكميل ، وقد يدل على معنى الزيادة ، وهذا يدل على النهي عن ضده ، وهو النقص

54- المكاييل والموازين هي التي يكون بها قوام حياة الناس ومعايشهم ، فإذا حدث التطفيف فإن ذلك ترتفع معه الثقة في التعاملات ، ويكون سببا لتعريض مصالح الناس للضياع والبخس ، ويؤثر في مروءات الناس

55- {لا نكلف نفسا إلا وسعها}

هذه الشريعة ليس فيها تكليف بما لا يطاق ، فالله دفع عن هذه الأمة الآصار والأغلال ، وهذا يدل على سعة الشريعة ورحمة الله بالخلق ، وأنه كلفهم بما يطيقون ، فينبغي للعبد أن يبادر بالقيام بشرائع الدين ، وألا يستثقل ذلك ، فقد كلفه الله أمورا تدخل في وسعه ، وما كان خارجا عن وسعه فهو معفوّ عنه

 

 

الوصية الثامنة

{وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى }

56- هذا الأمر للوجوب ، وليس من التفضل والإحسان للناس

57- إذا ذكر الله العدل في الأقوال ، كان العدل في الأفعال والمزاولات من باب أولى

58- {ولو كان ذا قربى } لو يقال عنها وصليّة ، تفيد المبالغة في الحال التي من شأنها أن يظن السامع عدم شمول الحكم إياها ، لاختصاصها من بين الأحوال

 

الوصية التاسعة

{وبعهد الله أوفوا }

59- أي بوصية الله التي أوصاكم بها ، وهي أن يطيعوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه ، وأن يعملوا بكتابه ،، وسنة رسوله

60- هذا الوفاء بالعهد يشمل جميع ما عهده الله لعباده ، ويدخل فيه ما يقع بين الناس من عهود فهم مأمورون بحفظها ،وكذلك ما أوجبه الإنسان على نفسه من النذور

 

 

الآية الثالثة

﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾

[الأنعام: ١٥٣]

 

الوصية العاشرة

61- صفة المستقيم للصراط هي صفة كاشفة وليست مقيدة ، لأن الصراط في اللغة لا يقال إلا لما كان مستقيما

62- أضاف الله ﷻ الصراط إلى نفسه ( صراطي ) لأنه هو الذي رسمها وشرّعها

المستقيم : هو القويم الذي لا اعوجاج فيه ، وهو دين الإسلام واتباع الكتاب والسنة

63- { وأن هذا صراطي } فهو صراط واحد ، فالطريق الموصل لله واحد ، وهي التي شرعها ، فلا يجوز للإنسان أن يبتدع لنفسه طريقا يعبد الله بها ، أما السبل فجاءت مجموعة

64- {فاتبعوه} هذا الأمر للوجوب ، فلا نجاة لهم بغيره

65- {ولا تتبعوا السبل } هذا النهي للتحريم ، فيدخل فيه الأديان والملل غير الإسلام

66- {فتفرق بكم } التعبير بالفاء يدل على ترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وعلى التعقيب المباشر ، وعلى التعليل ، فمن شأن اتباع هذه السبل أن تؤدي بمتبعها إلى التفرق عن سبيل الله ، والنأي عنه والانحراف والضلال

67- {لعلكم تتقون } أي من أجل أن تتقوا ، وإذا فسرت بالترجي فيكون ذلك بمعنى ” من فعل ذلك وبذل جهدا لعله يكون من المتقين ” ، فكيف لمن لم يرفع به رأسا أن يرجو أن يكون متقيا

 

ما سبب ختم الوصايا العشر المحكمات في سورة الأنعام بقوله { لعلكم تعقلون } ( لعلكم تذكرون ) { لعلكم تتقون } ؟

68- {لعلكم تتقون } علل بعض أهل العلم هذا الختم لأن الحديث عن الصراط المستقيم ، فيشمل الشريعة كاملة ( الأوامر والنواهي ) ، فإذا اتبعها السالك صار متقيا

69- وقيل :

الآية الأولى اشتملت على أمور عظيمة ، والوصية فيها أبلغ من غيرها ، فختم بأشرف ما في الإنسان وهو عقله { لعلكم تعقلون } ، والآية الثانية اشتملت على أربع وصايا يقبح ارتكابها ، والوصية بها تجري مجرى الوعظ والزجر ، فختمها بـ {لعلكم تذكرون } ، والآية الثالثة عن الصراط المستقيم واتباعه وترك ما يخالفه ، فختمت بالتقوى التي هي ملاك العمل وخير الزاد

70- وقيل : الآية الأولى اشتملت على خمس أمور ظاهرة يدركها العقل ، ويدرك قبحها ، ويدل عليها النقل ، فختمت بقوله ( لعلكم تعقلون ) ، أما القضايا الأربعة في الآية الثانية فهي قضايا غامضة ، لا بد لها من الاجتهاد والفكر ، حتى يقف المرء على موضع الاعتدال فيها ، فهي تؤثر في الأهواء والشهوات والغرائز ، وهذه تعمي وتصمّ ، فاتبعت بترجي التذكر ، لأن من تذكر أبصر ، فعقل وامتنع

ولما كانت هذه الوصايا العشر مما اتفقت عليه الشرائع ، ولم تنسخ في ملة من الملل ، وأن من أخذ بها كان سالكا للصراط المستقيم ، عقّب ذلك بقوله ( لعلكم تتقون )

71- وأسهل من ذلك وأوضح أن يكون ذلك على سبيل التدرج ، فالإنسان يعقل أولا عن الله ، ثم يحصل له التذكر ، فإذا حصل له التذكر اتقى الله في نفسه ، فجاءت متدرجة حسب الوقوع

 

72- كل الآيات ختمت بتكرار {ذلكم وصاكم به } تأكيدا للوصية ، وتجديدا للعهد

(منقول من موقع مثاني القرآن)

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد

الآيات 150- 154

آيات الوصايا العشر

 

#للحفاظ

 

 

#انفرادات و #متشابه

 

(ولا تقربوا الفواحش) وفي باقي المواضع: (ولا تقربوا مال اليتيم) في موضعين: الأنعام 152 والإسراء 34 (ولا تقربوا الزنا) موضع واحد في الإسراء 33

(ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) وفي الأعراف 33 (قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن)

(ولا تتّبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا) وفي باقي المواضع: (ولا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون) في الجاثية 18 / (ولا تتبع أهواءهم) في المائدة 48، 49 وفي الشورى 15

(تعالوا أتلُ) وفي باقي المواضع: (تعالوا إلى) / (تعالوا ندعُ) / (تعالوا قاتلوا) / (تعالوا يستغفر لكم)

(من إملاق) وفي غيرها (خشية إملاق) في الإسراء 31

(ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) في موضعين: الأنعام 151 والإسراء 33

(ذلكم وصّاكم به) انفردت بها سورة الأنعام في 3 آيات متتالية: 151، 152، 153

(وإذا قلتم فاعدلوا) انفردت بها سورة الأنعام

(ولو كان ذا قربى) وردت في 3 مواضع: المائدة 106، الأنعام 152، فاطر 18

(وبعهد الله أوفوا) انفردت آية سورة الأنعام بتقديم (بعهد الله) على الفعل (أوفوا) وفي النحل 91 (وأوفوا بعهد الله)

(وأوفوا الكيل والميزان بالقسط) منفردة في الأنعام وفي الأعراف 85 (وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم) وفي هود 85 (أوفوا المكيال والميزان بالقسط) سبقها (ولا تنقصوا المكيال والميزان)

(لا نكلف نفسا إلا وسعها) في 3 مواضع: الأنعام 152، الأعراف 42، المؤمنون 62

(هذا صراطي مستقيما) انفردت بها آية سورة الأنعام بإضافة الصراط إلى ضمير المتكلم (صراطي) وفي الأنعام 126 (وهذا صراط ربك مستقيما)

(فتفرّق بكم عن سبيله) وفي باقي المواضع (يضلّ عن سبيله، ليُضلوا، ضلّ، ليُضِلّ، فصدّوا عن سبيله) ووردت (عن سبيله) في 8 مواضع في القرآن: الأنعام 117، 153، التوبة 9، إبراهيم 30، النحل 12، الزمر 8، النجم 30، القمر 7

(إلا بالتي هي أحسن) 3 مواضع: الأنعام 152، الإسراء 34، العنكبوت 46

(حتى يبلغ أشده) موضعان: الأنعام 152 والإسراء 34

 

 

#تأملات_وتدبر

 

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد

الآيات 154 – 159

 

#للحفاظ

تكرر في المقطع:

الكتاب (ثم آتينا موسى الكتاب – وهذا كتاب أنزلناه – إنما أُنزل الكتاب – لو أنا أنزل علينا الكتاب)

(أن تقولوا – أو تقولوا – قل انتظروا )

(وهدى ورحمة) تكررت مرتان

هدى: (هدى ورحمة – لكنا أهدى منهم – هدى ورحمة)

صدف: (وصدف عنها – الذين يصدفون – بما كانوا يصدفون)

كنا وكانوا: (وإن كنا عن دراستهم لغافلين – لكنّا أهدى منهم – بما كانوا يصدفون – وكانوا شيعا – بما كانوا يفعلون)

(تأتيهم الملائكة – يأتي ربك – يأتي بعض آيات ربك (مرتان))

(هل ينظرون – فانتظروا – إنا منتظرون)

(لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون – لا ينفع نفسا إيمانها – لم تكن آمنت من قبل – أو كسبت في إيمانها خيرا)

(بلقاء ربهم – بينة من ربكم – يأتي ربك – بعض آيات ربك (مرتان))

 

 

#انفرادات و #متشابه

(ثم آتينا موسى الكتاب) في الأنعام وفي غيرها (وإذ آتينا/ ولقد آتينا / وآتينا موسى الكتاب) ولعل هذا لكثرة ورود (ثم) في سورة الأنعام وردت 18 مرة

(واتقوا الله لعلكم ترحمون) في الأنعام وفي غيرها (واتقوا يوما/ واتقوا الله/ واتقوا النار/ واتقوه/واتقوا فتنة/ واتقوا الذي)

(جاءكم بينة من ربكم) بتذكير الفعل “جاءكم” في الأنعام وفي غيرها (جاءتكم بينة من ربكم) بالتأنيث

(هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) في الأنعام وفي غيرها (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك) في النحل 33

(هل ينظرون إلا) وردت في 7 مواضع في القرآن: 5مرات (البقرة 210، الأنعام 158، الأعراف 53، النحل 33، الزخرف 66) بداية آية وبصيغة (فهل ينظرون إلا) مرتان: مرة بداية آية في سورة محمد 18 ومرة وسط آية فاطر 43

 

(قل انتظروا) في الأنعام وفي غيرها (فانتظروا / وانتظروا) وهذا يتناسب مع تكرر (قل) في السورة

(بما كانوا يفعلون) وردت مرتان: الأنعام 159 وهود 36 (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون)

(إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا) في الأنعام وفي غيرها (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا) الروم 32

(إنما أمرهم إلى الله) لم ترد في غير سورة الأنعام

 

#تأملات_وتدبر

بعد أن أثنى الله تعالى على القرآن (وهذا كتاب مبارك أنزلناه) وأمر باتباعه وتقوى الله (فاتبعوه واتقوا لعلكم تُرحمون) ناسب أن يثني على التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام فكل الكتب من عند الله عز وجل والرسل هو الذي اصطفاهم وأرسلهم للأمم والرسل وتبلّغ رسالة الله عز وجل للخلق وهي رسالة مفادها: توحيد الله وعبادته. فكما أن القرآن مبارك فإن التوراة هدى ورحمة وفيها تفصيل كل شيء.

(لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون) الكتب المنزلة من الله عز وجل تدعو الخلق للإيمان بالآخرة فهي الدار الباقية ودار الجزاء على ما قدموا في الدار الفانية.

أثبتت الآيات الحجة على مشركي العرب فإنهم قد يعترضوا أنهم ليسوا أهل كتاب وأنهم لا علم لهم بالتوراة التي أنزلت على موسى فهم أميّون وبنو إسرائيل كانوا أهل كتاب، أو أنهم سيقولون لو أُنزل علينا كتاب لكنا أهدى من بني إسرائيل! ولكنهم في الحالين مدّعون لا حقيقة لكلامهم، فهم أهل الفصاحة والبلاغة وقد أُنزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفصح الكلام ولم يحتاجوا للإيمان به أن يتعلموا علوما لا يعرفونها، فهم ليسوا أميين في فهم اللغة العربية وفصاحتها وحسن بيانها بدليل أنهم لم يسألوا عن معنى كلمة واحدة في القرآن أشكلت عليهم! لكن الإنسان هو الإنسان إن كان مستكبرا عن قبول الحق معاندا لأجل العناد فقط فإن حججه كلها واهية! هؤلاء يظلمون أنفسهم أشد الظلم لإعراضهم عن آيات الله!

فماذا ينتظر هؤلاء ليؤمنوا؟ أن يروا بأعينهم علامات القيامة؟! ألا يعلمون أنه لن ينفعهم إيمانهم وقتئذ؟!

إن سلوك سبيل الله هو الهدى وهو الموصل للفوز في الدنيا وفي الآخرة أما سلوك أي سبيل غيره فإن عاقبته في الدنيا تفرّق وتشرذم واختلاف وفي الآخرة عذاب.

وسيأتي في المقطع التالي نموذج لمن اتبع الصراط المستقيم وهو إبراهيم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم أُمر باتّباعه.

 

فوائد من كتاب التفسير البلاغي للاستفهام – د. عبد العظيم المطعني:

(قد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة) تنكير بينة وهدى ورحمة للتعظيم.

وتقديم بينة على هدى ورحمة لأنها الأصل فيهما

وتأخير رحمة على هدى لأنها من ثماره

وإضافتها إلى ربكم للترغيب والتفخيم

وإضافة (رب) إلى ضمير المخاطبين للتلطف في الخطاب واستمالة مشاعر المخاطَبين.

 

(وصدف عنها) هطف هذا الفعل (صدف) على (كذّب) للتشنيع والتغليظ لأن الجمع بين التكذيب بآيات الله والإعراض عنها من أقبح الآثام أو هو أقبحها.

(سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا..) إيثار المضارع والاستغناء به (يصدفون) عن التكذيب “يكذّبون” لأن الإعراض عن آيات الله يستلزم التكذيب بها ولاستحضار صورة الإعراض في الذهن لأنه ديدنهم.

 

(هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك)

استعملت (هل) بدل الهمزة في الإنكار لتحقيق ما بعدها من صور الترقّب والانتظار.

وإيثار التعبير بالفعل (ينظرون) على “ينتظرون” وهو المراد لتشبيه انتظارهم المعنوي لوقوع ما هُدّدوا به بالنظر الحسّي للإيذان بأن ما هُدّدوا به واقع لا محالة وكأنهم ينظرون إليه بالعين الباصرة قبل وقوعه.

(أو يأتيَ ربك) إسناد الإتيان إلى (ربك) مجازٌ عن عذابه وسرّه البلاغي: التهويل والتفظيع من شأن المنذَر به.

 

 

 

#يتدارسونه

#سورة_الأنعام

الورد الأخير

الآيات 160 – 165

ختام السورة تلخيص لموضوعاتها: إثبات الألوهية والرسالة ودحض دعاوى المشركين.

واشتمل المقطع على عدد من آيات التوحيد ففيه:

(ملة إبراهيم حنيفا) (وما كان من المشركين) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له) (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء) (ثم إلى ربكم مرجعكم)

 

#للحفاظ

في المقطع 3 آيات افتتحت بـ(قل): (قل إنني هداني ربي – قل إن صلاتي ونسكي – قل أغير الله أبغي ربا)

(من جاء بالحسنة – ومن جاء بالسيئة)

(أمثالها – مثلها)

(ربي – رب العالمين – أبغي ربّا – وهو رب كل شيء – إلى ربكم مرجعكم – إن ربك سريع العقاب)

(إنّني هداني ربي – قل إنّ صلاتي – إنّ ربك – وإنّه لغفور رحيم)

ضمير المخاطب: (ربكم – مرجعكم – فينبئكم – بما كنتم – جعلكم – رفع بعضكم – ليبلوكم – في ما آتاكم “كلها بالجمع” – إن ربّك “بالمفرد”)

 

#انفرادات و #متشابه

(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) وفي غيرها (من جاء بالحسنة فله خير منها) في النمل 89 والقصص 84

(قل إنني هداني ربي) لم ترد إلا في الأنعام وفي غيرها (وهداه إلى صراط مستقيم) في النحل 121

(رب كل شيء) لم ترد إلا في الأنعام

(لا شريك له) لم ترد إلا في الأنعام

(وبذلك أُمرت) لم ترد إلا في الأنعام وورد فيها (قل إني أُمرت أن أكون أول من أسلم) وفي غيرها (وأُمرت أن أكون من المسلمين) في يونس 72 (وأُمرت أن أكون من المؤمنين) في يونس 104، (إنما أُمرت أن أعبد الله) في الرعد 36، (إنما أُمرت أن أعبد رب هذه البلدة) في النمل 91، (قل إني أُمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين) في الزمر 11 (وأُمرت أن أكون من المسلمين) الزمر 12، (وأُمرت أن أُسلم لرب العالمين) غافر 66، (فاستقم كما أُمرت) الشورى 15.

(خلائف الأرض) في الأنعام وفي غيرها (خلائف في الأرض) في يونس 14 و 73 وفاطر 39

(سريع العقاب) في الأنعام بدون اللام وفي الأعراف 167 بإثبات اللام (لسريع العقاب)

 

(قل أغير الله) في الأنعام 14 و 164 كلاهما بداية آية. وورد في الأنعام 40 (أغير الله) وورد في الأنعام 114 (أفغير الله أبتغي حكما) وورد فيها (من إله غير الله) 46، (أو فسقا أُهلّ لغير الله به) 145

(غير الله) وردت هذه الصيغة في القرآن 17 منها، 6 منها في الأنعام وحدها وهي مناسبة تماما لما في السورة من حديث عن التوحيد ونبذ الشرك.

(ليبلوكم في ما آتاكم) وردت مرتان: في المائدة 48 والأنعام 165

(وإنه لغفور رحيم) وردت مرتان: في الأنعام 165 وفي الأعراف 167

(غفور رحيم) ختمت بها 3 آيات في سورة الأنعام: (فأنه غفور رحيم) 54، (فإن ربك غفور رحيم) 145، (وإنه لغفور رحيم) 165

 

#تأملات_وتدبر

تختم السورة بخاتمة بديعة رائعة في رسالة واضحة بيّنة وضوح البراهين والأدلة التي جاءت بها آيات السورة منذ بدايتها:

الرسالة: “التوحيد عقيدةٌ يتبعها عمل”

 

في المقطع:

ملخص قانون الجزاء الإلهي القائم على فضل الله وإحسانه: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يُظلمون) العدل يقتضي أن تكون الحسنة بمثلها لكن الإحسان والفضل يجعلها عشر أمثالها وقد تزيد عن ذلك إلى سبعمائة أو أكثر.

التوحيد العقدي: (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)

التوحيد العملي: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)

إقامة الحجة على من يعيش في أنعام الله وفضله ثم يبتغي رب غيره (قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء) وفي الآية توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية.

كمال العدل الإلهي: المسؤولية فردية (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى)

إثبات البعث والحساب والفصل بين الناس (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبكم بما كنتم فيه تختلفون)

سنّة من سنن الله عز وجل (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) فيها الإيمان بالقضاء والقدر وأن الاختلاف بين الخلق اختلاف تكامل لا اختلاف تنافر ونقص، ولا عمارة للأرض إلا بهذا الاختلاف ورفع البعض فوق البعض الآخر وجعل البعض للبعض سخريا.

مهمة البشر في الأرض (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) (ليبلوكم في ما آتاكم) من عهد الاستخلاف إلى الجزاء والحساب: ابتلاء واختبار.

ختام السورة بالترهيب والترغيب (إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم) والتوكيد في الترغيب أكثر منه في الترهيب، إن ربك سريع العقاب لمن أعرض عن آياته وكفر بها وغفور رحيم لمن آمن به ووحّده واتقاه واتّبع الكتاب الذي أنزله وسلك صراط الأنبياء القدوة المستقيم وقام بشكر أنعام الله وإنعامه. والتوكيد في الترغيب (وإنّه لغفور رحيم) يناسب تكرار الرحمة في السورة.

(إن ربك سريع العقاب) تناسب ما في السورة (إن ما توعدون لآتٍ) وكل ما هو آتِ قريب.

افتتحت السورة بالحمد لله واختتمت باسم الله رحيم والرحمة تشع من آيات السورة (قل لله كتب على نفسه الرحمة) (كتب ربكم على نفسه الرحمة) (وربك الغني ذو الرحمة)

 

(قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)

إبراهيم عليه السلام هو ذلك الفتى الذي حطّم الأصنام التي كان يعبدها قومه هو الذي رفع قواعد البيت الذي يتجه إليه المسلمون في صلاتهم أينما كانوا، هو الذي دعا ربه بعد فراغه من رفع قواعد البيت (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتل عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) فاستجاب الله تعالى دعاءه وبعث رسوله الخاتم على ملة أبيه إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين) هذا هو الصراط المستقيم الذي هداه ربه تعالى إليه، (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه)

 

افتتحت السورة (الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذي كفروا بربهم يعدلون) إشارة إلى جعل الكفار لله ندّا

وختمت (أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء) إنكار شديد لمن يجعل لله ندّا، كيف يمكن لمخلوق أن يعدل عن الإيمان بربه ودلائل توحيده تملأ السموات والأرض؟!

 

(ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) “ثم” تحمل في طياتها عمر الإنسان على الأرض مهما طال فإنه سيرجع إلى ربه لا محالة.

والفاء في (فينبئكم) بعد الرجوع مباشرة يكون الحساب للخلق جميعا.

 

(قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء) افتتاح هذه الآية بفعل الأمر (قُل) إشارة إلى أهمية المقول وضرورة تبليغه فهو رسالة من رب العالمين إلى الخلق عبر نبيه صلى الله عليه وسلم.

 

سورة الأنعام حُقّ لها أن تفتتح بالحمد لله كيف لا وهي السورة التي سفّهت الكفر بالله وسفّهت صنيع أهله وفضحت كل مظاهره من خلال بيان أدلة التوحيد الباهرة وبراهينه الساطعة في خلق الله تعالى وفي أحكامه وتشريعاته وفيما أحلّ وفيما حرّم وفي كتابه الذين أنزله وفي أنبيائه الذين أرسل وفي صراطه المستقيم الذي أوضح وبيّن، فحريٌ بمن عرف الله عز وجل من خلال آيات سورة الأنعام أن يؤمن به ويتقيه ويوحّده ولا يعدل به أحدا ولا يُشرك في حكمه شيئا ولا يتعدّى أحكامه ولا يتجرأ على الإتيان بأحكام من عنده تبعا لهواه!

فالحمد لله على نعمة أن الله عز وجل هو رب العالمين

والحمد لله على نعمة التوحيد والإيمان بالله إلها وربًا وخالقا

والحمد لله على نعمة إرسال الأنبياء ونعمة إنزال الكتب وإنزال القرآن

والحمد لله على نعمه على البشرية كلها: نعمه المادية ونعمة المعنوية

والحمد لله على نعمة يوم القيامة ونعمة عدله وفضله وإحسانه

والحمد لله على نعمة الهداية إلى صراطه المستقيم على خطى أنبيائه ورسله

والحمد لله على إنعامه وأنعامه فهو المتفضل ابتداء بالخلق والتدبير والمتفضل انتهاء بالحساب والجزاء والمتفضل بالعفو والمغفرة والرحمة.

 

هذا والله أعلم

سمر الأرناؤوط

قناة إسلاميات

 

تمت الاستعانة بفضل الله تعالى بالمصادر التالية:

الأساس في التفسير – سعيد حوى، المجلد الثاني، تفسير سورة الأنعام

تفسير سورة الأنعام، أ. د. طه جابر العلواني رحمه الله

التفسير البلاغي للاستفهام في القرآن الحكيم، د. عبد العظيم المطعني

 

 

نسق السورة وموضوعها باختصار

إبراز رائق رقراق لبديع صنع الله وثناء عليه بأسمائه وصفاته يورث في القلب تعظيما ومهابة

ثم هجوم كاسح على هؤلاء الذين انتكست فطرتهم وعميت أبصارهم وطمست بصائرهم حين قابلوا كل هذا الجلال بالكفر والنكران

ونجد آية محورية في السورة تبين هذا المعنى بجلاء (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ( 104))

ونلاحظ أن أسلوب الهجوم في هذه السورة على الكافرين الجاحدين أشد من كثير من السور الأخرى التي تكلم الله فيها عن هذه القضية وذلك لبشاعة الجرم عند مقارنته بوضوح الآيات الكونية وإبهارها فنجد الأسلوب في الشق الهجومي يتميز بخصائص منها :

  • أسلوب الاستفهام الاستنكاري ومثاله ” أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى “
  • أسلوب اللوم والعتاب ومثاله ” فلولا إذ جاهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم
  • أسلوب التهديد والوعيد ” فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ” “وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ “
  • أسلوب التسفيه والتقليل من شأن هؤلاء الكفرة المجرمين “فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ”
  • أسلوب قطع الطمع عن هؤلاء المغرضين “بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ”

والمرتان الوحيدتان بين دفتي المصحف اللتان ذكر فيهما صفة القاهر فوق عباده في هذه السورة العظيمة

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير

وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ

فالسورة بكل ما فيها من إثبات لعظمة الله وجلال شأنه تقهر أي قلب سليم وتجعله يسلم بالعبودية للأعز الأكرم جل وعلا وتقهر كذلك المعاندين الجاحدين بالهجوم الكاسح الذي لا هوادة فيه على من استهان بمقام الله سبحانه وتعالى، وفيها الآية الجامعة التي تبين مقصدا من أهم مقاصد الشريعة يظهر في السورة بجلاء (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )

في صحبة القرآن
سورة الأنعام

الجنّ أول ما تلقى القرآن تفاعل معه وانفعل به ونحن علينا أن نتغير بالقرآن، نعيش بالقرآن لعلنا نكون ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم “اقرأ وارق ورتل فإن منزلتك عند آخر آية ” صاحب القرآن من صاحبه في الدنيا.
سورة الأنعام من أعظم سورة القرآن لأنها تتحدث عن معنى عظيم هو تعظيم الله سبحانه وتعالى، تعظيم الله الذي هو شعور إن وجد في قلب المؤمن تختلف مشاعره وعلاقته بالناس تختلف وعلاقته بالحلال والحرام تختلف لأنه معظّم لله سبحانه وتعالى. هذه السورة تغرس فينا هذا المعنى، هذا المعظِّم لله سبحانه وتعالى لا بد وأن يتفاعل مع من لا يعظّمون شرع الله جل وعلا لأن هناك أناس في الأرض لا يعظّمون الله سبحانه وتعالى فهذا الذي يعظّم الله سبحانه وتعالى لا بد أن يجد في قلبه شيئاً ممن لا يعظّمون الله، هذا ما ستبينه سورة الأنعام.
سورة الأنعام موضوعها يتلخص في الآية الأولى التي تبدأ بها هذه السورة. وهذه السورة لها مهابة من شدة العظمة في آياتها، ومن يفسرها يشعر بالمهابة إذ كيف يمكن له أن يوصل معاني العظمة المُبهرة في هذه السورة؟ كيف يمكن له بكلام البشر العاجز أن يشرح سورة بهذه العظمة. قال صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله تعالى عن هذه السورة حين شرع في تفسيرها: :” إنها في كل لمحة منها وفي كل موقف، وفي كل مشهد، تمثل ” الروعة الباهرة ” الروعة التي تبده النفس، وتشده الحس، وتبهر النفس أيضاً؛ وهو يلاحق مشاهدها وإيقاعها وموحياتها مبهوراً! نعم! هذه حقيقة! حقيقة أجدها في نفسي وحسي وأنا أتابع سياق السورة ومشاهدها وإيقاعاتها وما أظن بشراً ذا قلب لا يجد منها لوناً من هذا الذي أجد. إن الروعة فيها تبلغ فعلا حد البهر حتى لا يملك القلب أن يتابعها إلا مبهورا مبدوها! وهي في كل موجة من هذه الموجات المتدافعة المتلاحقة المتشابكة، تبلغ حد ” الروعة الباهرة “التي وصفنا – مع تناسق منهج العرض في شتى المشاهد كما سنبين – وتأخذ على النفس أقطارها بالروعة الباهرة، وبالحيوية الدافقة، وبالإيقاع التصويري والتعبيري والموسيقي وبالتجمع والاحتشاد ومواجهة النفس من كل درب ومن كل نافذة! ونحن – سلفاً – على يقين أننا لسنا ببالغين شيئاً في نقل إيقاعات هذه السورة إلى أي قلب إلا بأن ندع السورة ذاتها تنطلق بسياقها الذاتي، وإيقاعها الذاتي، إلى هذا القلب، لسنا ببالغين شيئاً بالوصف البشري والأسلوب البشري ولكنها مجرد المحاولة لإقامة القنطرة بين المعزولين عن هذا القرآن – بحكم بعدهم عن الحياة في جو القرآن – وبين هذا القرآن!”(انتهى كلامه رحمه الله)
كلام يعبر عن إحساس بهذه السورة، إحساس بهذا التعظيم!
سورة الأنعام لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كان لها جو خاص جداً، هي لم تنزل كباقي سور القرآن متقطعة، نزلت سورة الأنعام كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: ” نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح” رواه الطبراني وصححه العلامة أحمد شاكر. لنتخيل المشهد: سورة الأنعام تنزل حولها هذا الموكب الرباني السماوي من الملائكة يسبحون الله عز وجل والسبيح تنزيه لله، الملائكة تسبح الله جلّ وعلا، تنزه الله جلّ وعلا. وفي رواية أنس رضي الله عنه قال” نزلت مع موكب من الملائكة سدَّ ما بين الخافقين لهم زجل من التسبيح والأرض بهم ترتجّ “وليست الأرض وحدها التي ترتج بل كما في رواية أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن عظام الناقة التي كان يركبها النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه هذه السورة كادت أن تتكسر. هذا لعظمة هذه السورة كادت عظام الناقة أن تتكسر لشدة عظم وهول ومقام هذه السورة.
سورة الأنعام كان النبي صلى الله عليه وسلم يجأر بالتسبيح عندما نزلت عليه كما في بعض الروايات لما وجد كل الكون حوله يسبح والملائكة بهذا الكم الرهيب يجأرون بالتسبيح لله عز وجل يشعر أن الناقة تهتز به لم يسع النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يشارك هذا الموكب الكوني الذي يعظّم الله عز وجل (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (44) الإسراء) سبّح معهم النبي صلى الله عليه وسلم قال من روى هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم إجلالاً وتعظيماً لمعاني هذه السورة وهذا هو المعنى الذي تتكلم عنه هذه السورة التي من خصائصها جملة واحدة، دفقة بل دفقات متتالية من الآيات كلها تغرس في القلب هذا المعنى، أسلوب متوالي. ولذلك هي أكثر السور التي ورد فيها (وهو) اسم الإشارة، وتجد حرف العطف (الواو) متكرر باستمرار، متوالية وراء بعضها وتجد تكرار (قل) فتشده شعور الإنسان حينما يسمعها. كذلك تمثل هجوماً كاسحاً على من لم يتلقوا هذه العظمة ولم يتلقوا هذه الآيات لأن الإنسان فُطر على هذا. نضرب مثالاً بسيطاً ولله المثل الأعلى لما ترى مشهداً جميلاً أو لوحة جميلة أول ما تنطق به حيال جمالها (الله! ما هذا الجمال!) تلفظ لفظ الجلالة من غير أن تشعر، هذه فطرة في الإنسان حتى لو كان هذا الإنسان بعيداً كل البعد عن العلم الشرعي لكن الكلمة تخرج مباشرة من لسانه لأنه مفطور على حب الجمال وعلى عشق هذه المعاني فيستشعر بها ويتأثر بها فيقول (الله) مستشعراً بالتعظيم فما بالك بخلق الله عز وجل؟ (هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ (11) لقمان).
السورة تضعنا أمام هذه المشاهد المتوالية من العظمة الكونية والآيات الربانية المتتالية حتى لا يطيق أن تحبس هذا الشعور، لا تطيق أن تسكت عن تعظيم الله عز وجل. بل أحياناً تجد الإنسان يعظّم شيئاً من الجنّ لدرجة أنه يخاف منهم والأولى به أن يعظّم الله عز وجل فلا يعظّم كلام الله تعالى كما يعظّم الجنّ ولا تجده يتأثر عندما يتطاول أحد على الله عز وجل، هذا ليس تعظيماً حقيقياً لأن المعظِّم الحق الصادق لا يملك أن يسكت عمن يتطاول على من يعظّمه، ولا يملك أن يكتم هذا التعظيم في قلبه ولذلك غلام الأخدود لما عرف الله عز وجل بدأ يتكلم عنه سبحانه وتعالى فقال له – كما في حديث صهيب – عندما كان الراهب يعلم الغلام والغلام تعلم عن الله عز وجل وبدأ يدلّ الخلق على الله جلّ وعلا فقال له الراهب “أنت اليوم أفضل مني” لأنه بدأ يتكلم عن ربه سبحانه وتعالى ولم يكتم هذا التعظيم بل دلّ الخلق على الله عز وجل ويعرفهم بالله ويكلمهم عن الله جلّ وعلا.
هذه السورة توجه أنظارنا لذلك ويلخص موضوعها ودفقاتها المختلفة أول آية (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) كلام عن الله سبحانه وتعالى وخلقه وآياته خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور. والمقابلة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) عندما تستشعر خلق الله عز وجل تستشعر عظمة الله عز وجل ثم تجد من يفترض أن تكون ردة فعله عندما يعرف الله عز وجل ولما يرى آياته (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) يعدل به شريكاً، يعدل به مثيلاً لأنه لم يعرف الله عز وجل حق المعرفة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ). لما تجد آيات السورة تعظّم الله سبحانه وتعالى فترتفع عظمة الله تعالى في القلب تجد أن الذي يجحد هذه العظمة لا بد أن يكون الكلام في وجهه شديداً لأنه لا ينفع أن تواجه هذه العظمة بالسكوت، عندما تسمع (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) ثم (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) كيف استطاعوا أن يفعلوا هذا؟! (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ) تجادلون بعد كل هذا الخلق والملكوت؟! (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (3) وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4)) معرضين عن آيات الله عز وجل.
آيات السورة كلها تسير وفق هذا النسق: آيات ودفقات من الآيات تبدأ بعرض لهذا الجمال ولهذا الجلال وهذا العرض لقدرة الله عز وجل ثم تُذكر المقابلة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ).
السورة في إطارها العام عن تعظيم الله عز وجل وفي المقابل من لم يعرفوا هذه العظمة ومن لم يقدروا الله حق قدره (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (91))، هذه السورة تعرض هذه المقابلة وتضع الإنسان المؤمن أمام هذا الخيار الذي ليس له غيره وهو أن يسبح الله عز وجل وأن يعظّم الله سبحانه وتعالى وأن يوحّده قبل ذلك كما يدل عليه مشهد إبراهيم عليه السلام في السورة وهو يعرض للمشركين ويعرق لقومه هذا الملكوت الواسع ثم لا يجد إلا كلمة واحدة (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)) الذي فطر هذا الكون ولا يستطيع إبراهيم عليه السلام أن يسكت على محاججة قومه ويحاججهم.
السورة لها خصائص هي عبارة عن دفقات متتالية من الآيات كل مجموعة لها نسق معين تبدأ بكلام عن الله سبحانه وتعالى عن صفاته، عن أسمائه، عن نعمه وآلآئه ثم تأتي بعدها المفاجأة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) (ثم أنتم تمترون) كيف تواجهون هذه العظمة بهذا الجحود وهذا النكران عياذاً بالله تعالى؟!
نسق السورة شبيه جداً بنسق سورة النحل مع اختلاف أن سورة النحل تركّز على النِعم بينما تركز سورة الأنعام على معنى الخلق والملكوت الواسع في هذا الكون.
ثم أن أسلوب الكلام مع الكفار الذين لم يعظموا الله عز وجل ولم يقدروه حق قدره أسلوب هجومي فيه نوع من الاستنكار (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19)) (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ (43)) أسلوب فيه عتاب. وأسلوب فيه تهديد كما قال الله عز وجل (فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ (5)) (وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)) تهديد ووعيد لأنه عندما تعرض الآيات المبهرات في الكون الدالة على عظمة الله عز وجل لا يصح أن تقابل بما فعله أهل مكة وقوم النبي صلى الله عليه وسلم بالجحود والنكران.
عرض للدفقات المتتالية والموجات المتتالية من الآيات التي تسير بنفس النسق:
الدفقة الأولى من الآيات وتبدأ من أول السورة إلى الآية الثانية عشر حيث تستهل بالكلام عن الله وصفاته وأفعاله كما في قوله تعالى:
(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {6/1} هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ {6/2} وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) الكلام عن الخلق
ثم يأتي بعد ذلك ذكر الجاحدين والمنكرين
(وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ {6/4} فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ)
ثم يبدأ الهجوم الكاسح والتهديد والوعيد لهؤلاء المكذبين بسبب ما فعلوه من تكذيب بهذه الآيات وبهذا الخلق العظيم، قال الله عز وجل
(أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ {6/6}) أهلكناهم بجحودهم بهذا الخلق العظيم المبهر. (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ {6/7}) القضية قضية تكذيب حتى لو أنهم أمسكوا الكتاب الذي نزل من السماء في قرطاس سيقولوا إن هذا سحر مبين. (وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ {6/8}) هذه الموجة الأولى بداية الكلام عن تعظيم الله وعن خلق الله عز وجل ثم ذكر للجاحدين ذلك.
الدفقة الثانية من الآيات :وتبدأ من الآية الثانية عشر بذكر ملك الله عز وجل في السموات والأرض:
(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {6/12} وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ {6/17} وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {6/18}) كلمة (القاهر فوق عباده) لم تأت في القرآن إلا في سورة الأنعام في موضعين (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)) و (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (61))
أمام عرض هذه الآيات وأمام هذا الملكوت المطلق وهذا القاهر العظيم تكون النتيجة الطبيعية التسليم كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ) هل يعقل بعد هذا الملكوت وهذه العظمة أن أبحث عن وليّ آخر؟! أبحث عن آلهة من دونه سبحانه وتعالى وهو الذي يُطعم ولا يُطعَم؟! (قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ {6/14} قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {6/15} مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ {6/16}) هذه هي الإجابة السليمة لكن للأسف نجد أناساً لم يفعلوا ذلك بل جحدوا فتأتي الآيات التي تتكلم عن الجحود: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى) بعدما سمعت أنه هو القاهر فوق عباده وبعدما سمعت أنه هو الذي يُطعِم ولا يُطعَم وبعد ما سمعت أنه هو الذي يكشف عنك الضرّ؟! قولوا كما تقول الآية (قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {6/19} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {6/20}) ثم يبدأ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) كذب بالآيات التي يراها. (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ {6/29})
يبدأ بعدها التهديد: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {6/22} ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {6/23} انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ)
(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) كلما ينهى عن التوحيد كلما يبتعد ويزداد غيّاً في معاصيه (وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {6/26} وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {6/27})
(وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ {6/30} قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) لن ينفعهم شيء لأنهم جحدوا بآيات الله فهم موتى وصُمّ قال عنهم الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {6/36}) فهم كالموتى صمّ وعمي لا فائدة منهم ولا قيمة لتكذيبهم (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ {6/50})
ثم يأتي التسفيه لعقولهم الناقصة وفطرهم المنكوسة وقطع الطمع عنهم
(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ {6/33} وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ {6/34} وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ {6/35})
جزء جدالي من 33 الى 58
الدفقة الثالثة من الآيات يبدأ بكلام عن قدرة الله عز وجل وعظمته:
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) تأمل هذا المثال جيداً، تسقط ورقة في مكان ما في الليل لا يراها أحد في مكان لم تطؤه قدم بشر ولا حيوان ومع ذلك يعملها الله سبحانه وتعالى وهي في كتاب أنها ستسقط في هذا الوقت تحديداً وفي هذا المكان تحديداً.
(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) صفة القهر والقوة والجبروت والبطش.
(ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ (64)) بعد كل هذه الآيات يظهر الجحود (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)) هذا كله يفعله الله سبحانه وتعالى ومع هذا تأتي المفاجأة والتكذيب في نسق بديع في السورة بعد ذكر آيات العظمة:
(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (66) لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يخوضون ويكذبون في أمور واضحة لكل عين ترى ولكل أذن تسمع ومع ذلك يخوضون في آيات الله عز وجل (حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ (70) قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71))
الدفقة الرابعة آيات سيدنا إبراهيم عليه السلام واختلف العلماء هل سيدنا إبراهيم وهو يتأمل في آيات الكون (هذا ربي) اختلف العلماء على رأيين في هذه المسألة:
منهم من يقول أن هذا تدبراً من سيدنا إبراهيم عليه السلام وكان يتأمل في الكون ويتدبر ويصل إلى هذه الحالة من اليقين من خلال النظر وكلمة النظر وتوجيه المسلم أن ينظر ويتدبر في خلق الله عز وجل تكررت في السورة كما في قوله عز وجل (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ (99)) التوجيه للنظر في كون الله عز وجل
والرأي الثاني يقول أن إبراهيم عليه السلام لم يكن ناظراً وإنما كان يناظر قوه ويثبت عليهم الحجة من خلال هذا الكون، من خلق هذا الكون؟ (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (74)) وسواء كان إبراهيم عليه السلام يناظر أو يتدبر فالعرض والحجة كان من خلال آيات الله عز وجل في الكون نتعلم منه التأمل والنظر في آيات الكون (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78)) عندما عرف عظمة الله عز وجل تبرأ من الشرك (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ) المعظّم لا يمكن أن يسكت عمن يحاججه في الله الذي يعظّمه (وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) المعظِّم لله عز وجل لا يمكن أن يخاف (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)) الحجة والروية والنظر في الكون.
وتأتي المفاجأة:
(وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91))
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94))
الدفقة الخامسة من الآيات: الجمال والقدرة
(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَات لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99))
ثم تأتي المفاجأة:
(وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100))
الدفقة السادسة من الآيات:
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103))
ثم يأتي التكذيب على النسق الذي تميزت به السورة:
(قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (107) وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (108) وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113))
الدفقة السابعة: نعمة الوحي والهداية للخير
(أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ (120) وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (122))
ثم التكذيب والعصيان وسلسلة جرائم واجهوا نعمة الله بالهداية أن جعلوا لله شركاء إذا رزقوا نعمة من الله عز وجل يجعلون لله عز وجل شركاء
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ (124) فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (127) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاء عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (140))
الدفقة الثامنة من الآيات من الجمال والنعم
(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (142))
ثم تحرّم النعم وتستعمل في الشرك:
(ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144) قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (146) فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148))
ثم تأتي خاتمة توجيهية كاسحة:
(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150) قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ (157) هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (159) مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (160))
وتأتي الآيات الجامعة عندما تتلخص في قلبك عظمة الله عز وجل قُل:
(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) وحّد وجهتك وتوحد الله عز وجل وتنبذ كل شريك لا شريك له (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)) تخرج من سورة الأنعام بهذا التعظيم وهذا الإجلال لله عز وجل وهذا الإحساس المهول. تدبر سورة الأنعام واستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى وانظر إلى خلق الله عز وجل وإلى بديع صنع الله سبحانه وتعالى لعلنا نصل إلى هذه الدرجة من التعظيم.
والخاتمة الجميلة التي تلخص العظمة والجمال والجلال وعقوبة من كذّب
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165))
تدبر سورة الأنعام لتخرج منها بـ:
• تعظيم رهيب
• معرفة لله
• حب شديد واحساس بالنعم
• افتكار من ينجيكم (أرأيتم إن ذهب الله بسمعكم)
• غضب وبغض لمن اشرك واستهان
• توحيد عملي
• استسلام وطاعة