البشائر

البشائر – الحلقة 10

اسلاميات

البشارة العاشرة:

آية تحار فيها العقول ومهما تدبرنا فيها وفي معناها ومحتواها وما تومئ اليه فليس في وسع عقولنا وهي على قواني الأرض أن تحيط بها من قريب أو بعيد وهي قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) في الآية: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) (32) النجم).

(إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ):  من له عقل يحيط بسعة مغفرة الله تعالى لعباده في الدنيا والآخرة؟ إن هذا أمر لا يُحاط به مهما حاولت أن تفعل فلنستعرض جانباً يسيراً جداً مما وصلنا من أخبار وآيات صحيحة من سعة رحمة ومغفرة الله تعالى وإن سعة مغفرة الله تعالى كسعة رحمته لا تحيط بها العقول مطلقاً.

مثلاً قوله تعالى: (إن الله لايغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) تأمل هذه الآية: ما عدا الشرك كل ذنب يُغفر وفي آية أخرى (إن الله يغفر الذنوب جميعا) بدون استثناء وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى) وغفار تعني كثير المغفرة.

ولكي نفهم لا لكي نصل الة سعة ومغفرة الله تعالى التي لا نحيط بها هناك لنأخذ دعاء السوق مثلاً وهو دعاء صحيح ورد فيه حديث صحيح فما عليك إلا أن تتجه الى السوق وتقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. دعء لا يتجاوز قوله الدقيقة الواحدة  جزاؤه أن يحط الله تعالى عنه ألف ألف سيئة ويكتب له ألف ألف حسنة بأقل من دقيقة. تقول كلاماً وأنت مؤمن به تقوله في قلبك والناس حولك غافلون في الاسواق عن دينهم وربّهم وأنت تذكر الله تعالى بين الغافلين واللاهين فإذا كلن قول هذا جزاء قول الدعاء مرة واحدة فما بالك إذا ذهبت الى السوق عشر مرات في اليوم فكم من السيئات تحط عنك وكم من الحسنات تكتب لك؟ من زمن آدم الى زمن قريب كان في كل مدينة سوق واحد أما الآن فقد أصبحت الاسواق منتشرة والمدن كلها سوق فما ان تنزل من بيتك حتى تدخل الى السوق فتأمل لو أن الله تعالى نبّهك من غفلتك وكلما ذهبت الى السوق قرأت هذا الدعاء تأمل كم سيغفر لك من الذنوب وهذا معنى من معاني (إن ربك واسع المغفرة). وقس على هذا ما تعرف وتستطيع ان تخيّل ما لا تعرف.

يوم القيامة ليرحمنّ الله الناس رحمة يتطاول لها ابليس. إذا كان دعاء السوق يفعل هذا فما بالك بأصحاب التهجد والعلماء والمجاهدون الصابرون وأصحاب المشاق والهمم العالية والعبادات الصعبة والحكام العادلون والمنفقون وقس على ذلك مما تتخيل.

مثال آخر على سعة مغفرة الله تعالى: ففي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي والبيهقي وأحمد: من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة (وفي رواية مئة مرة وفي رواية مئتي مرة) غفر الله ذنوب خمسين سنة. فإذا أخذنا بأيسر هذه الروايات على مبدأ أن الرسول r ما خُيّر بين أمرين إلا اختار ايسرهما “من قرأ قل هو الله أحد في اليوم خمسين مرة غفر الله له ذنوب خمسين سنة” فماذا تريد بعد ذلك؟ هؤلاء يغفر الله تعالى لهم ذنوب خمسين سنة وفعلاً كما قال r: لا يدخل النار إلا شقي. مع كل هذه الرحمات يدخل عبد النار فهذا عبد لا يعرف أن له رباً ولم ينتبه أن عليه واجباً تجاهه. يقول r: بعُد عبد أدرك رمضان فلم يغفر له. الصلاة الى الصلاة كفارة لما بينهما والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان ويوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده والحُمّى من فوح جهنم وذلك نصيب المؤمن منها.

إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة، وان البلاء لا يزال بالعبد حتى يذره يمشي بين الناس ما عليه خطيئة. والبلاء قد يكون في المال أو الولد أو النفس مثل خسارة في تجارة أو ولد معوّق أو مرض أو بلاء هذا لا يُبقي عليه ذنب اضافة الى الأجر من الله تعالى . يقول r: يتمنى أهل العافية يوم القيامة لو أن جلودهم قُرِضت بالمقاريض عندما يرون ما يُصبّ على أهل البلاء من الأجر. حتى الشوكة يشاكها المسلم تكفّر الخطايا.

العمى أو أي مرض يصاب به الانسان في عينيه من عمى أو رمد أو مرض فإذا أصيب أحد بعينيه يخيّره الله تعالى أن يدخل من أي أبواب الجنة يشاء.

علّمنا الاسلام أن الدعاء في ظهر الغيب من الأدعية المستجابة ومن دعا للمؤمنين في ظهر الغيب يصبح ممن تستجاب دعوته وتُغفر ذنوبه فإذا قال العبد في اليوم خمس وعشرون مرة : “رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات” يصبح مستجاب الدعوة وتغفر ذنوبه.

وكل يوم وكل دقيقة هناك آلآف المسلمين يدعون بهذا الدعاء في ظهر الغيب (رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات) هؤلاء يصبحون ممن تستجاب دعوتهم وتغفر ذنوبهم.

أحمد الله تعالى على فضله ونِعم الربّ هو وإن لم يخلق جنة ولا ناراً فإنه يُستحق أن يُعبد.