البشارة الثالثة والعشرون:
من البشائر قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) طه) إذن من هؤلاء الذين سوف يأذن لهم الرحمن فيشفعون للآخرين حتى يدخلونهم الجنة؟ أنت تستحق النار ولكن بشفاعة معينة تدخل الجنة وأنت لا تستحقها. والاستحقاق جاءك عن طريق وساطة أحد الناس فشع لك عند الله تعالى فأدخلك الجنة يا لها من بشارة عظيمة! صاحب الشفاعة العظمى هو الرسول r كما ذكرنا في حلقة سابقة (فبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) وشفاعته هي لأهل الكبائر من أمته وكما يقول r في الحديث:” لا أرضى وواحد من أمتي في النار” ولكن هناك آخرون يأذن الله تعالى لهم أن يشفعوا للآخرين والهدف من الشفاعة أنها رحمة من رحمات الله تعالى التسع والتسعون فمن رحمة الله تعالى أن يشفع أحد الناس الصالحين للطالحين وما أكثر هذه الشفاعة، وعندما يكون الأمر على ذلك الهول وذلك الفزع الأكبر ثم يقوم أناس على مشهد من الناس فيقول لهم الله تعالى اشفع لمن تحب فيسمي فلاناً وفلاناً فينقذهم من العذاب ويذهب بهم الى الجنة. في هذا المشهد يحدد تعالى سمات الملوك في الجنة وسبق أن قلنا أن فيها ملايين الملوك وسعتها شيء لا يدركه العقل وفيها الدول والزعماء والقادة والحكام والملوك ولكي تسعد بملكك وقائدك يشفع لك على ملأ من الناس ويتلذذ الناس بالانتماء الى ملوكهم. وشفاعة الأنبياء معروفة ولكل نبي شفاعة لقومه وشفاعة الرسول r متجلية. وهناك شفاعة العلماء الصالحون الأتقياء ويقول تعالى لهم قم فاشفع لهم كما أحسنت تأديبهم. وكذلك شفاعة الشهداء وكل من مات شهيداً سواء كانوا شهداء دنيا (في الحروب) أو شهداء الآخرة (كل من مات بحادث أو بمرض أو غرق أو هدم أو موت غير اعتيادي) هؤلاء يشفعون لأهل بيتهم وفي رواية يشفعون لعشرة من أهل بيتهم كلهم وجبت لهم النار. إذن الشفاعة هي لمن وجبت لهم النار فتأمل هذا الموقف الهائل حُكِم عليك بالنار ثم يأذن الله تعالى لأحد أن يشفع لك فتدخل الجنة. ومن الذين يشفعون حملة القرآن يشفعون لأهلهم وكذلك لكل صديق شفاعة وكل من عملت له معروفاً يشفع لك في الآخرة وفي الحديث أن رجلاً كان على الصراط ذاهب الى الجنة وآخر مقيّد الى النار فناداه ألا تعرفني فقال لا فقال له أنا الذي وهبتك وضوءاً يوماً من الأيام فيطلب منه أن يشفع له عند رب العالمين فيشفع له فيقول تعالى خذ بيد أخيك الى الجنة. ولهذا مصانع المعروف تقي مصارع السوء. وكذلك ممن يؤذن لهم بالشفاعة يوم القيامة كل مسلم تجاوز التسعين من عمره يُشفّعه رب العالمين في أهل بيته جميعاً ممن وجبت لهم النار وسمي عتيق الرحمن في الأرض. وإذا شهد لك سبعة من جيرانك يوم القيامة إلا شفّعهم الله تعالى فيك حتى على ما كان منك وبهذه الشهادة تنجو من النار. وكذلك إذا صلى عليك أربعون في الجنازة وشهدوا لك بالخير شفّعهم الله تعالى بك على ما كان عليك من الذنب. وكذلك القرآن يشفع لصاحبه والبقرى وآل عمران تشفعان يوم القيامة وعلى كل مسلم أن يستظهرهما وكذلك الصوم يشفع لصاحبه. وهناك بعض الناس وبعض العبادات رب العالمين إذِن لهم أن يشفعوا فعلينا أن نُحسِن الى الناس ونقضي حاجاتهم ونحسن علاقتنا مع الجيران وأن ندعو الله تعالى أن يوفقنا لحفظ القرة وآل عمران وأن يجعلنا من أهل الشفاعة يوم القيامة اللهم آمين.