البشائر

البشائر – الحلقة 24

اسلاميات

البشارة الرابعة والعشرون:

ومن البشائر الجليلة في كتاب الله تعالى تلك الوظيفة التي أناطها الله عز وجل بحملة العرش ومن حوله وحملة العرش ومن حوله هم أقرب الملائكة الى الله تعالى فتأمل ما هي الوظيفة؟ وظّفهم تعالى بأن يستغفروا للذين تابوا من المؤمنين الخطائين المذنبين الين ملأت ذنوبهم الدنيا ثم تابوا، الملائكة يستغفرون لهؤلاء منذ أن خلقهم الله تعالى الى يوم القيامة. الذين يحملون العرض ثمانية (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) الحاقة) والذين حول العرش 120 صف من الملائكة. تخيل كم نحتاج من الملائكة لكي نرصّ 120 صفاً حول الكرة الأرضية؟ فما بالك بكم نحتاج لنرص 120 صفاً من الملائكة حول العرش والكرة الأرضية ما هي الا كحلقة بالنسبة للعرش فكم عظمة هذا العرش؟ حوله 120 صفاً من الملائكة فتخيل كم نحتاج من الملائكة وكم عددهم؟ لذلك يقول r في الحديث : أطّت السماء وحُقّ لها أن تئطّ. وأقرب الملائكة هم حملة العرش والذين حوله ومهمتهم فقط وتسبيحهم الاستغفار للذين تابوا من كل الموحدين من هذه الأمة ومن كل الأمم السابقة من عهد آدم الى أن تقوم الساعة كل من آمن بالله ومهما بلغت ذنوبه ثم تاب فالملائكة يستغفرون لهؤلاء التائبين (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر) والسيئات هنا هي العرض على الحساب فالملائكة يدعون ربهم أن يتوب على الذين تابوا ويغفر لهم ولا يحاسبهم لأنهم بالحساب يُعرضون على الله تعالى والعرض فيه خجل فإذا عُرِض العبد المذنب على ربه يشعر بألم شديد من شدة خجله من هذا الموقف لأنه بين كلمة من الله تعالى (خذه إلى الجنة أو الى النار).

هذا القلق النفسي هي السيئات التي تطلب الملائكة من ربهم أن يقيهم الحساب والعرض فلا يعذبهم ويغفر لهم. فماذا تقول بكَرَم الله تعالى وما هي ارادته إذا هذا معنى (والله يريد أن يتوب عليكم) وهناك فرق بين المشيئة والارادة فالارادة لا بد أن تتحقق (إن الله فعّال لما يريد) وهو تعالى يريد أن يتوب عليهم فيهيئ أسباب التوبة ومن اسبابها تسخير الملائكة العظام وحملة العرش وهم اقرب الملائكة أمرهم تعالى أن يستغفروا للتائبين. وما أمرهم بذلك إلا وهو يريد سبحانه أن يتوب على من تاب من هذه الأمة وكل تائب من أم التوحيد السابقة وهذه البشارة تدفعك للتفاؤل وإحسان الظنّ بالله تعالى كما قال r: “لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يُحسِن الظنّ بالله” هذا الظن بالله العظيم وهذا يجعلك تحبه وجعلك تعبده حتى لو لم يخلق جنة ولا ناراً ويقول تعالى في الحديث القدسي: هَبْ أني لم أخلق جنة ولا ناراً ألا أستحق أن اُعبَد؟. بهذا الكرم والعطاء والجمال (إن ربك واسع المغفرة) تأمل إذن كنت بدعاء السوق يحط الله تعالى عنك مليون سيئة ويعطيك مليون حسنة، تزور مريضاً فلا يبقى عليك ذنب تستغفر فلا يبقى عليك ذنب فعليك أن تتأمل أن هؤلاء الملائكة الذين هم أقرب الملائكة لله عز وجل وشغلهم الشاغل الذي كلفهم تعالى به أن يستغفروا للمؤمنين وأن يجمع الله تعالى هؤلاء التائبين مع كل أهلهم إذا كانوا صالحين للجنة (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم). بهذا الكرم وقد هيّأ تعالى أسباب التوبة لكي يتوب علينا (ويريد الله أن يتوب عليكم) وهيأ أسبابها ومن اسبابها هؤلاء الملائكة العظام.