البشارة التاسعة والعشرون:
(وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) البقرة) ربما تقول لِمَ يختص الله تعالى هذه الأمة برحمة لم يختص بها أمة أخرى؟ هذا سؤال ليس من حقك أن تسأله فهو تعالى لا يُسأل عما يفعل. اختص الله تعالى هذه الأمة برحمات لم ينزلها على أحد من قبل ولهذا قال لرسوله r (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) وهذه الرحمات منها ما أنزله تعالى على النبي r كالفاتحة وخواتيم سورة البقرة فقال فيها r الفاتحة وخواتيم البقرة لم تنزل على أمة من قبل لِعِظم أثرها في العبادة. وهناك رحمات فوّض أمرها اليه r ففوض ربا العالمين رسوله r بهذه البشائر التي لا حصر لها لهذه الأمة كما قال r” بشّروا ولا تنفّروا. وبشّرنا r بأنواع الذكر والعبادات وبالشفاعة والمغفرة العامة وبكثير من البشائر التي لا تملكها أمة أخرى.
كما اختص تعالى هذه الأمة اجمالاً اختص شرائح محددة معينة بفضل عظيم منها الأسخياء وأهل الليل وأهل البلاء وما الى ذلك من الشرائح الكثيرة التي يجعل الله تعالى لهم امتيازاً خاصاً عن رحمة ونفحات خاصة من نفحاته أمر يعلمه هو سبحانه وجاء في الحديث: إن لله تعالى نفحات فتعرضوا لنفحات الله.
ومن اختصهم الله تعالى برحمته هم أحب الناس اليه وهم الصائمون وأحب الصائمين الصائمون في رمضان وأحب الصائمين في رمضان الذين يُحييون ليلة القدر إذن رب العالمين (يختص برحمته من يشاء) وإنّ من عباد الله تعالى من يرزقهم ويعافيهم ولا يبتليهم وإذا ماتوا أدخلهم الجنة وإنّ منهم من خصهم برحمته التي لا تشمل غيرهم (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة) فعلينا أن نتلمس مواطن هذه الرحمات التي تسع كل شيء ونتخصص بمناط من هذه المناطات ونحسنه احساناً جيداً لنبعث عليه كما قال تعالى في زمرة من الزمر الخاصة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر)
علينا أن نختص بزمرة من الزمر كالعلماء المخلصين أو المجاهدين أو التجار الصادقين أو البارّين بآبائهم وأمهاتهم وأهل الليل أو الذاكرين او غيرهم من الذين اختصهم الله برحمة معينة لكي ننال هذه الرحمات. إذن كما قال تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) الانعام) وعلينا أن نكون دائماً حريصين على التوحيد ثم على أداء الفروض ثم نتخصص بعبادة معينة نتقنها من جميع جوانبها من تلك العبادات التي اختصها تعالى برحمة معينة لا تلقاها عبادة أخرى.