البشائر

البشائر – الحلقة 8

اسلاميات

البشارة الثامنة:

شريحة من شرائح عباد الله الصالحين أطلق القرآن عليهم اسم (الأولياء) وقال تعالى (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)) هؤلاء الأولياء كما جاء ذكرهم في الحديث هم المصلّون الذين يؤدون زكاة أموالهم طيّبة بها نفوسهم هذه البداية ثم يكون لهم في كل شأن تقوى خاصة إذن هذه الشريحة من عباد الله تعالى شريحة مفتوحة يستطيع أي عبد من عباد الله أن يدخل اليها حتى يصير من أهلها وما عليك إلا أن تكون مصلّياً ممتازاً محافظاً على الصلاة ومداوماً عليها في مكانها في مكان الدوام الرسمي لها أي المساجد ثم هناك صلوات لا بد من أدائها مكمّلة (صلاة الليل والضحى والأوابين وقيام الليل) لمن يريد أن ينضم لهذه الشريحة المكرّمة التي وعد الله تعالى أن يرزقها البشرى في الحياة الدنيا والآخرة  بالاضافة الى الذكر وبتلك العبادات والذكر الذي يترقى بالعبد حتى يصير ولياً من أولياء الله تعالى وتكون موالاته لله تعالى وموالاة الله تعالى له متشابهتان من حيث أحدهما مرتبط بالآخر.

هذه الشريحة يقول الله تعالى أن لها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة: في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصالحة ومنها ما هو منامي وهذه الرؤيا قد تكون يقظة أو مناماً أو بين بين أو خارقاً أو قد يرى ما يراه غيره حينئذ هذه البشرى في الحياة الدنيا جزاء لمن دخل في هذا العالم والدخول لهذا العالم بالرغم من صعوبة شروطه إلا أن الله تعالى يسّرها عليه لكي يكون من أولياء الله عز وجل وهذه الشروط هي أن يكون قلبك سليماً لا تجد فيه بغضاء لأحد ولسانك ذاكراً وأن يكون قلبك خالياً إلا من الله عز وجل وكل أعراض الدنيا لا يشكل لك مشكلة ولا تذكر منها شيئاً ويكفيك من هذه الدنيا لقمة تسد جوعك وخرقة تستر عورتك وليكن أحدهم أو بعضهم وليس كلهم من النوع الذي قال r فيه: رُبّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه.

هذه الشريحة شريحة متنوعة فيها العلماء والقادة والسياسيون والمجاهدون والفقراء المجهولون فإذا أردت أن تكون من هؤلاء فابدأ بالبداية بتنقية قلبك وتسهر على عمله وفعله ولا يكون بينك وبين الناس خصومة وأنت مع المذنبين ألطف مما أنت عليه مع الصالحين تتآلفهم حتى تجعل أقدامهم على الطريق وأن لا تشغلك الدنيا عن ربك ولا تساوي عندك شيئاً.هذه الشريحة من اهل العِلم وهناك علم يُعطى وعلم يُكتسب وعلم يوهب. هذه الشريحة ملأت الأرض بكراماتهم وبركاتهم وفتوحات الله تعالى عليهم بالعلم والاشارات وما من عصر من زمن النبي r خلا من هؤلاء القوم الذين قال تعالى فيهم (ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) وإن من أصحاب النبي r من كتب لنا التاريخ عنهم وعن حياتهم ما جعلهم على رأس الأولياء وهم كثيرون وأصحاب الكرامات منهم من كان له في الحروب شأن عظيم من حيث أن الله تعالى سخّر لهم الخوارق نتيجة الاتّباع الصحيح وانشغال قلوبهم بالله تعالى صفاؤها من كل عوارض الدنيا فلا يحبون إلا لله تعالى ولا يبغضون إلا لله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة) أكرمهم الله تعالى بالرؤى وهي عالم عظيم جليل وهي رسائل مباشرة من الله تعالى ولذلك شدد الاسلام النكير على من يدّعي الرؤيا (يقول رأى ولم ير) أو من يؤل الرؤى وهو لا يعلم هذا العلم لأن في ذلك تلاعب برسالة الله تعالى لهؤلاء.

هذا باب يمكن أن تصل إليه وأول الطريق سلامة القلب وأوسطه ذكر الله وآخره أن تخفف علاقتك بالدنيا فتكون علاقتك بها علاقة زائر يوشك أن يرحل. (ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) ولهذا فهذه شريحة تستجاب دعواتها وتنصر بها الثغور على امتداد التاريخ الاسلامي كانوا حجر الزاوية في محنهم وسلمهم وحربهم وتربيتهم وعبادتهم وكثير من هؤلاء حموا الأمة من الضلال وجادوا فيها وجادوا بها وجادوا لها ولقد سلّط الله تعالى على هذه الشريحة بعض السفهاء الذين أرادوا أن يكون هذا الدين ديناً جافاً علمانياً ليس فيه روح ولا حياة وإنما مجرد أحكام قانونية لا روح فيها ولا حياة.

(ألا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون) هؤلاء تجدهم في كل يوم إذا أردت وفي كل منحدر ومنحنى وإذا وفقك الله تعالىلأن تكون منهم فالطريق واسع والفرصة متاحة ويجعل الله تعالى في قلبك حبهم كما يجعل حبك في قلوبهم فإذا فعل الله تعالى ذلك أدركت مبتغاهم ويُحشر المرء مع من أحبّ.