سورة الطور تبدأ بالقسم بخمسة أمور, دليل على أهمية الموضوع وهو أهوال الآخرة وما يلقاه الكافرون في ذلك الموقف الرهيب, وأقسمت أن العذاب واقع بالكفار لا محالة ولا يمنعه مانع. والسورة تطرح اختياراً جديداً هو: ماذا نختار؟ عذاب أهل النار أو نعيم أهل الجنّة؟ تبدأ السورة بوصف جهنم وأهلها (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) آية 11 ثم تنتقل إلى وصف الجنّة وأهلها من المتقين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) آية 17 . وفي السورة آية محورية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) آية 21.
وقد سميّت الطور لأن الله تعالى بدأ بالقسم بجبل الطور الذي كلّم الله تعالى عليه موسى, وقد نال هذا الجبل من الأنوار والتجليات الإلهية ما جعله مكاناً مشرّفاً على سائر الجبال في الأرض.
أقسم بالطور وما إلى ذلك (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)) وفي آخرها (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)) هذا الذي ذكر عذاب ربك لواقع هذا ذكره في الأول فذرهم حتى يلاقوا يومهم فيه يصعقون اليوم الذي ذكره في الأول (يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)) (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)).
خاتمة الذاريات: (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)) وفي الطور:(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8) يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11))،(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60))مقابل(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)) المشهد هوواحد،كلاالمشهدين في الآخرة.المكذبون طائفةمن الذين كفروا.
ختم سورة الطور بقوله سبحانه:(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)) ما بعدها في سورة النجم قال: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)). إدبار النجوم والنجم إذا هوى أي إذا سقط وغرب، إدبار النجوم هو النجم إذا هوى. في خاتمة الطور (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) وأوائل سورة النجم في المعراج (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10))، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) لأنه بداية للذهاب إلى موطن التسبيح والتحميد وهو السماء العُلا. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) ستذهب إلى الملأ الأعلى وهو المملوء بالتسبيح والتحميد. هذا ارتباط ظاهر: إدبار النجوم – والنجم إذا هوى، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) كأنه توجيه له للاستعداد للذهاب إلى السموات العُلا.