الحروف في القرآن الكريم, حرف الخاء

حرف الخاء – منظومة الخلع (خلع)

اسلاميات

منظومة الخُلع (خلع)

خلع– نزع  – قلع- وضع– سلخ –

هذه منظومة الخُلع عندما نخلع الاشياء أو ملابسنا وغير ذلك لها منظومة وكل كلمة من كلمات هذه المنظومة تشير الى معنى بحيث لا تغني عنها كلمة أخرى وهكذا استعملها القرآن الكريم.

خلع: خلع الشيء بسهولة ولطف وسرعة (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) طه) يخلع النعل بسهولة بدون الحاجة للعنف أو القوة. وقوله تعالى (فاخلع نعليك) رب العالمين أمر موسى عليه السلام بهذا الامر لأن الوادي مقدس ونعل موسى عليه السلام كان من جلد حمار ميّت أي ليس طاهراً وعلى ما يبدو لم يكن مدبوغاً. والخُلع هو كل شيء تريد أن تنحّيه أو غير مرغوب فيه ومنه خلع الزوجة وهو أسهل من طلاقها ليس لها حقوق ولا مهر ولا نفقة وسُمي الخُلع خُلعاً لسهولته بالنسبة للطلاق فالخُلع خلع النعل والحذاء وغير ذلك يتم بسهولة كخلع الحاكم هناك حاكم يُخلع بسهولة وهناك حاكم يُخلع بصعوبة فالذي يتم بسهولة يسمى خلعاً والذي يتم بصعوبة يقال له نزع.

نزع: عكس خلع والنزع هو الخلع بصعوبة وعنف وبطء. تخلع نعليك بسهولة لكنك تنزع ملابسك الداخلية التي تستر عورتك ببطء شديد وعنف شديد. قال تعالى (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) الحجر) وقال تعالى (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) النازعات) الملائكة تنزع ارواح الناس ببطء ( سكرات الموت، وشخير وغيره). (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) الشعراء) (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ) (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) القمر) (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) الاعراف)  (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) مريم)

قلع: هو خلع كلي كما تفعل عندما تدخل الحمام للاستحمام تقلع ملابسك بالكامل. قال تعالى (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي (هود)).

وضع: للشيء الثقيل كملابس الشتاء الثقيلة (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الشرح) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) النور) عندما يريد أحد أن ينام عند الظهيرة يضع عنه ملابسه الخارجية ينزعها برفق ويضعها في مكان معدّ لها والثياب الخارجية لها قيمة وغالية وثقيلة في وزنها وقيمتها. الثياب الثقيلة لا يقال اقلعها ولا يقال اخلعها او انزعها وانما يقال ضعها بتانّي واحترام.

سلخ: للغلاف الثابت. كل شيء عنده غلاف ثابت الطير عنده ريش والخروف عنده صوف والانسان عنده جلد. الاصل في الدنيا الظلام  والضوء طارئ حتى في الآخرة (نورهم يسعى بين أيديهم) هذا النهار إطار وجلد للليل فعندما يأتي الليل يسلخ هذا النهار عن الليل كما يسلح الجلد عن الحيوان او الانسان. قال تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) التوبة) الاشهر الحرم هي القمة وهي غلاف ورأس الأشهر كلها (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ (التوبة)) فهي سيدة الشهور وعندما تنتهي الاشهر الحرم فكأنها انسلخت عن بقية الشهور. (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) يس) (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الاعراف)

هذه هي كلمات هذه المنظومة فالخلع بسهولة وسرعة والنزع بصعوبة وبطء والوضع للاشياء الثقيلة والقلع بالكامل والسلخ للغلاف الثابت سواء كان اطاراً مادياً أو معنوياً وكل كلمة في هذه المنظومة لا تغني عن الأخرى في الاستعمال.

تحدث الله تعالى عن كلمة خلع في القرآن الكريم واستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد البلغاء في الحديث الشريف استعمالاً مميزاً مع كلمة نزع. والله تعالى أعطى كل الانبياء بلاغة (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) ابراهيم) واللسان اي الادب الرفيع (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) الاحقاف) (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الشعراء).

وفي الاحاديث الشريفة توجيهات من الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا نلبس بعض الملبوسات فينبغي على المرأة أن لا تلبس كل ما يحدد معالم بشرتها أو تقاطيع جسمها لأن هذا لا يجوز

“يكون في أمتي رجال يركبون على سُرُج كأشباه الرِحال ينزعون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البُخت العِجاف إلعنوهن فإنهن ملعونات”

“لو كان وراءكم أمة من الأمم خدمتهنّ نساؤكم كما خدمتكم نساء الأمم من قبلكم” كل أمة غالبة تفرض حضارتها وطقوسها على الأمم المغلوبة.

“لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة” وقال تعالى (ولباسهم فيها حرير)

” إنما يلبس الحرير من لا خَلاق له” أي المخنّث. وقال صلى الله عليه وسلم: ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريراً ولا ذهباً”.

“لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء والمتشبهين من الرجال بالنساء” لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبسة المرأة والمرأة تلبس لِبسة الرجل كما لعن المتخنثين من الرجال والمسترجلات من النساء.

السمت الاسلامي هو أن تلبس لباساً نظيفاً لكن ليس غالي الثمن “إن الله يحب العبد المتبذّل الذي لا يبالي ما يلبس”

هناك محبطات وهناك مكفّرات ومن ضمن الأشياء التي تحبط العمل ولا يدخل صاحبها الجنة ولا يكون مسلماً إذا كان يعبد الله تعالى بعنوان غير العناوين التي سمّانا الله تعالى بها : المسلمون، المؤمنون، أمة محمد، أمة الاسلام وكل عنوان غير هذا العنوان هو خروج عن الجماعة.

أخبرنا القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم أن أمتنا أمة واحدة أياً كان المسلم صالح أو غير ذلك فهو أخوك في الدين على أن لا يكون بينهم تمايز ولا يرتاب بعضهم ببعض تحت عنوان المذهبيات والطاءفيات والحزبيات وهذا ما دمّر الامة هذه الأيام منذ التطاحن منذ ايام الخوارج الذين خرجوا عن الجماعة واصبحت لا تكاد مجموعتان من المسلمين يلتقيان على أمر أبداً.

الرسول صلى الله عليه وسلم شبّه المسلمون بالسفينة في بحر كلهم ركابها وكلهم متساوون في مهامهم وليس لأحد أن يعبث بها أو يخرقها وإذا أراد أحد أن يخرقها إن أخذ الباقون على يديه نجوا وإن تركوه هلكوا. هذا ما جرى من أيام سيدنا علي بن أبي طالب.

يقول صلى الله عليه وسلم أنه من خرج تحت عنوان آخر فقد نزع يده من الطاعة وعندما ينزع يده من الطاعة فإنه ينزع ربقة الاسلام” والربقة هي الحلقة التي يشد اليها الجواد لكي ينتظم مع بقية الجياد. “الخيل معقود بنواصيها الخير الى يوم القيامة” الجواد الذي يضعف ويموت ولا يعود له فائدة يخلعون ربقته فيخرج من الجماعة لآنه لا يليق بهم.

كل من يعبد الله من هذه الامة تحت عنوان مفرِّق طائفي أو مذهبي أو حزبي بحيث من لوازم العنوان أن تكره الآخر كما هو حاصل اليوم (شيعة، سنة، صوفية، سلفية، وهابية) كل واحد لا يعبد الله تحت هذا العنوان وينظر للآخرين بريبة وكراهية ويكفّر الآخر ويعتتقد نفسه أنه على حق وأنههو من الصالحين فهذه الامة لا تستحق الا النار وبئس المصير. كان هذا الانر موجوداً في التاريخ ولكنه محدود انما الآن صار هناك عداء بين المسلمين ” لاتقوم الساعة حتى يكون فيكم التمايز”

” قال صلى الله عليه وسلم :” آمركم بالجماعة والسمع والطاعة فإنه من خرج من الجماعة قيد شبؤ فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه الا أن يرجع، قالوا يا رسول الله وإن صلّى وإن صام قال صلى الله عليه وسلم وإن صام وإن صلّى وزعم أنه مسلم فادعوا المسلمين باسمائهم بما سماهم الله عز وجل المسلمين والمؤمنين وعباد الله عز وجل (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج). ما من مسلم ينتمي الى طائفة او جماعة او طائفة او حزب يحقد ويكره ويرتاب من غيره عليه أن يسرع في التوبة والاستغفار ويقول قبل ان يدركه الموت: تُبت اليك يا ربي فكل مسلم يصلّي للقبلة فهو أخي. نحن جماعة لا تفرق بين مسلم ومسلم نقرأ كلنا قرآناً واحداً بدون هذه النظرة لن ترى الجنة الا بعد عذاب شديد.

“خيار أئمتكم من تحبونهم ويحبونكم وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم وشاؤ أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنوكم قالوا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة” الفيصل بين أن تثور على الحاكم أولا تثور أن يُسمح لك بالصلاة أو يمنعك، ألا من ولي عليه أمير فرآه يأتي شيئاً من معصية فلُنكر ما فيه من معصية ولا ينزعنّ يداً من طاعة.

ما فيه وحدة الأمة قال صلى الله عليه وسلم (خلع) أما هنا فقال صلى الله عليه وسلم (نزع) أي بصعوبة فالذي يقوم بمؤامرات يحتاج لسنوات حتى ينفذ ويخطط ولا يُعرف من وراءه. الذي لم يمنعك من الصلاة يمكن نصحه بطريقة معينة عن طريق اهل الحلّ والعقد ووجهاء البلد.

“قالوا يا رسول الله أي المجالس أحبّ؟ قال مجلس إمام تعزّره وتوقّره” أي تحترمه وتليّن قلبه بشيء من المديح ثم تظهر له الخلل كاملاً حتى تأمن بطشه. رب العالمين أمرنا أن نكون أمة واحدة بلا عناوين وإن كان هناك من عنوان ضروري فيجب أن يكون بدون حقد على أحد من المسلمين. نحن مسلمون فقط هذا عنواننا وما نحن فيه هو فرقة بين المسلمين. جماعة تآمروا وقتلوا سيدنا عمر وجماعة تآمروا تحت عنوان فقتلوا عثمان وجماعة تآمروا تحت عنوان آخر فقتلوا علي بن ابي طالب رضي الله عنهم جميعاً قتلوا جميعاً ولم يتحرك أحد وكل الخروجات على الأمة وهي ساكتة أدّى بها الى الخراب الذي صار في الامة منقطع النظير بحيث أصبحنا مزبلة العالم وأمثولة في الضعف ونحن نستحقه المسلمون اليوم يصلون في صف واحد ويلعن بعضهم بعضاً.

النزع: بصعوبة أن تنزع يدك من الطاعة والخلع من رقة الاسلام أي لم يعد في صف المسلمين.

هذه الفوضى العارمة لا بد ان يعقبها هوان وفرقة (حتى اذا فشلتم وتنازعتم) وقال صلى الله عليه وسلم ” من جاءكم يريد أن يفرّق جمعكم فاضربوا رأسه بالسيف كائناً من كان” وقال صلى الله عليه وسلم “لا تخزوني عند ربي” . ولهذا فقد خلع ربقة الاسلام كل من يندرج تحت طائفة أو حزب وأدّى به الى أن يكره المسلم الآخر فقد هلك ويُبعث ملعوناً يوم القيامة.

“لا يحلّ  لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاث فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صِرامهما فإن ماتا على صِرامهما لم يدخلا الجنة جميعاً أبداً” لا بد للأمة من أن تخرج من هذه الفرقة القاتلة وكان صلى الله عليه وسلم ألطف ما يكون بالمذنبين الخطّائين “شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي” “لا تحاسبوا الناس وكأنكم أرباب”.

“من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار إلا أن يتداركه الله برحمته”

بُثّت الحلقة بتاريخ 8/7/2005م