سور القرآن الكريم

سُوَرِة النمل

هدف السورة: التفوق الحضاري مع تذكر الله تعالى
سورة النمل سورة مكيّة وهي سورة خطيرة عن التفوق الحضاري لتثبت أن الدين ليس دين عبادة فقط وإنما هو دين علم وعبادة ويجب أن تكون الأمة المسلمة الموحّدة متفوقة في العلم ومتفوقة حضاريًا لأن هذا التفوق هو سبب لتميّز أمة الإسلام كما حصل في العصر الذهبي للإسلام الذي انتشر من الشرق إلى الأندلس بالعلم والدين الحنيف وقد تميّز فيه العلماء المسلمون في شتى مجالات العلوم.

وفي سورة النمل خطة محكمة لبناء مؤسسة أو شركة أو مجتمع أو أمة غاية في الرقي والتفوق من خلال آيات قصة سيدنا سليمان مع بلقيس ونستعرض عناصر قوة هذه المملكة الراقية التي يعلمنا إياها القرآن الكريم:

أهمية العلم: ابتداء القصة من الآية 15 :(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) فقد كان عند داود وسليمان تفوق حضاري بالعلم الذي آتاهم إياه الله تعالى وهم مدركين قيمة هذا العلم.

توارث الأجيال للعلم:(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِوَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) آية 16 والاهتمام باللغات المختلفة (لغة الطير) وأهمية وجود الإمكانيات والموارد والعمل على زيادتها (وأوتينا من كل شيء)

وجود نظام ضبط وربط ووجود تعدد في الجنسيات والكائنات(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّوَالْإِنسِوَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) آية17.

أهمية التدريب الميداني للأفراد:(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) آية 20 بدليل أن الهدهد كان في مهمة تدريبية

تفقد الرئيس ومتابعته لعمّاله(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) آية 21

إيجابية الموظفين في العمل الاستكشافي وتحري المعلومات الصحيحة: فالهدهد كان موظفًا غير عادي وكان عنده إيجابية وجاء بأخبار صحيحة ودقيقية:(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) آية 22

مسئولية الموظفين تجاه الرسالة:(وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) آية 24 فالهدهد استنكر أن يجد أقوامًا يعبدون غير الله وهذا حرص منه على رسالة التوحيد.

أهمية تحرّي الأخبار والتأكد من صحتها وتحليلها:(قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) آية 27لم يصدق سليمان الهدهد بمجرد أن أخبره لكنه أراد أن يتحرى صدقه فيما أخبر به وهذا حرص المسئول على صدق ما يصله من معلومات من عمّاله.

تجربة تحرّي الأخبار:(اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) آية 28 إرسال الكتاب مع الهدهد إلى بلقيس وقومها.

أهمية الشورى:(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) آية 32 مشاورة بلقيس لقومها.

سياسية جس النبض:(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) آية 35 بلقيس أرسلت هدية لسليمان لترى ردة فعله.

امتلاك قوة عسكرية هائلة:(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) آية 37 وهي ضرورية لأية أمة تريد أن تنشر دين الله في الأرض وتدافع عنه.

التكنولوجيا الراقية:(قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) آية 38 إلى آية 40 نقل عرش بلقيس في زمن قياسي من مكانه إلى قصر سليمان وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بانتقال المادة

الذكاء والدبلوماسية في السياسة:(فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) آية42 أجابت بلقيس كأنه هو حتى لا يظهر أنها لا تعرف.

الاستسلام أمام تكنولوجيا غير عادية:(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) آية 44 جعل الزجاج فوق الماء كانت تكنولوجيا غير عادية في ذلك الزمان فلم تستطع بلقيس إلا أن تسلم. وهنا نلاحظ الفرق بين ردّ بلقيس التي كانت تقدّر العلم فقد بهرتها هذه التكنولوجيا التي رأتها بأم عينها فأسلمت مباشرة بلا تردد، أما في الآية :(فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) آية13 في قصة سيدنا موسى  اعتبر قومه الآيات المعجزة التي جاء بها سحر لأنه لم يكن لديهم علم أو تكنولوجيا.

نلخّص عناصر التفوق الحضاري بالنقاط التالية:

1. الهدف السامي:(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) آية 19

2. العلم:(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) آية 16

3. التكنولوجيا:(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) آية 44

4. القوة المادية والعسكرية:(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) آية 37

5.إيمان أفراد الأمة بغايتهم (قصة الهدهد)

تتحدث الآيات بعد هذا التفصيل عن عناصر التفوق الحضاري عن قدرة الله في الكون من الآية 59 إلى آية 64 (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) وكأن هذا الانتقال يحذّر من أن يلهينا التفوق الحضاري عن تذكر الله تعالى وقدرته في الخلق والكون وفي ملكه فهو الذي سبب الأسباب لكل عناصر التفوق فلا يجب أن ننشغل بالأسباب عن المسبب، فنلاحظ تكرر كلمة (ءإله مع الله) بمعنى إياكم أن تنسوا رب الكون أو أن تجعلوا له شركاء في تفوقكم.

وتختم السورة بنموذج من نماذج التفوق الحضاري ألا وهي النملة هذه الحشرة الصغيرة قد أودع الله تعالى فيها من مقومات التفوق ما لا نحصيه فالنمل يعيش في أمة منظّمة تنظيماً دقيقاً وعندهم تخزين وعندهم تكييف في أجسادهم وعندهم جيوش وإشارات تخاطب وعنده تكنولوجيا لا نعلمها والعلماء يكتشفون يومًا بعد يومًا أشياء لا يمكن للعقل تصورها عن هذه الحشرة الصغيرة الحجم. فعلينا أن نتعلم من هذه الحشرة التفوق الحضاري فهي التي قالت مخاطبة النمل:(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) آية 18 حفاظًا عليهم من خطر قادم وكأن لديها جهاز إنذار، وقولها :(وهم لا يشعرون) دلالة وإشارة واضحة أنه حتى النمل يعرف أن عباد الله المؤمنين لا يمكن أن يظلموا غيرهم أو يحطمونهم حتى ولو كان مجموعة من النمل. ولهذا تبسم سليمان ضاحكًا من قولها ثم دعا ربه وشكره لأنه فهم معنى ما قالته النملة.

وسميّت السورة بـ(النمل) دلالة على أن النمل هذه الحشرات نجحت في الأداء وحسن التنظيم والتفوق فكيف بالبشر الذين أعطاهم الله تعالى العقل والفهم فهم أحرى أن ينجحوا كما نجح النمل في مهمتهم في الأرض وفيها دلالة عظيمة على علم الحيوان.

تناسب فاتحة النمل مع خاتمتها
في أولها قال تعالى:(طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)) هذه أوائل السورة وقال في أواخرها:(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)). قال في الآخر:(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ) وفي الأول ذكر العبادة (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)،وأمرت أن أعبد رب هذه البلدة، بماذا يعبدون ربهم؟ ذكر جزءًا من العبادات (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) هذه عبادة. ثم قال في أول السورة: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) وفي آخرها (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ)الذي يتلقاه في البداية يتلوه في النهاية. من حيث العبادة في أول السورة ذكر العبادة وذكرها في النهاية وذكر القرآن في بداية السورة (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)وآخرها (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ) وهذا تناسب طيب.

تناسب خواتيم الشعراء مع فواتح النمل
في آخر الشعراء ذكر الذين آمنوا وعملوا الصالحات: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (227) استثنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً ثم هدد الذين ظلموا (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). وقال في أول النمل ذكر المؤمنين:(تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)) ذكر هناك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وذكر القرآن الذي هو رأس الذكر إذن وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة يوقنون هذا العمل الصالح فهناك أَجمَل العمل الصالح وهنا فصّل يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وذكر الاعتقاد. هو هدد غير المؤمنين في النمل والشعراء، قال في الشعراء: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) وقال في النمل :(أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)) كأنما الآيتان متتاليتان فهي مرتبطة من أوجه مختلفة.

تناسب خواتيم النمل مع فواتح القصص
قال تعالى في أواخر النمل:(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92))، (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ) هذا قصص (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) القصص) القرآن هو الكتاب المبين. (فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)) وذكر من اهتدى ومن ضلّ وهم موسى ومن آمن به وفرعون من اتبعه.

مقاصد سورة النمل

مقاصد سورة النمل
سورة النمل هي السورة السابعة والعشرون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الثامنة والأربعون بحسب ترتيب النزول، نزلت بعد سورة الشعراء، وقبل سورة القصص، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهي سورة مكية بالإجماع، نص على ذلك كثير من المفسرين. وعدد آياتها ثلاث وتسعون آية.

تسميتها

أشهر أسمائها “سورة النمل”، وكذلك سُميت في “صحيح البخاري”، و”جامع الترمذي”. وتسمى أيضاً “سورة سليمان”، وهذان الاسمان اقتصر عليهما السيوطي في “الإتقان” وغيره.

وذكر ابن العربي في “أحكام القرآن” أنها تسمى “سورة الهدهد”؛ ووجه الأسماء الثلاثة أن لفظ (النمل) ولفظ (الهدهد) لم يُذكرا في سورة من القرآن غيرها. قال المهايمي: “سميت بها؛ لاشتمالها على مقالتها -أي مقالة النمل لقومها- الدالة على علم الحيوان بنزاهة الأنبياء وأتباعهم، عن ارتكاب المكاره عمداً، وهو مما يوجب الثقة بهم، وهو من أعظم مقاصد القرآن”. وقد قيل: سميت النمل؛ لأن قصة سليمان مع النمل أخذت حيزاً كبيراً منها.

وأما تسميتها “سورة سليمان”؛ فلأن ما ذُكر فيها من مُلك سليمان مفصلاً، لم يُذكر مثله في غيرها.

مقاصدها

مقصود السورة الرئيس -كسائر السور المكية- هو العقيدة: الإيمان بالله، وعبادته وحده، والإيمان بالآخرة، وما فيها من ثواب وعقاب. والإيمان بالوحي، وأن الغيب كله لله، لا يعلمه سواه. والإيمان بأن الله هو الخالق الرازق واهب النعم، وتوجيه القلب إلى شكر أنعم الله على البشر. والإيمان بأن الحول والقوة كلها لله، وأن لا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم يأتي القصص لتثبيت هذه المعاني، وتصوير عاقبة المكذبين بها، وعاقبة المؤمنين.

وتسلط السورة الضوء على العلم، حيث تبرز صفة العلم في جو السورة، تظللها في سياقها كله من المطلع إلى الختام، ويمضي سياق السورة كله في هذا الظل؛ علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة. وآياته الكونية التي يكشفها للناس.

ومن مقصود السورة وصف القرآن الكريم بالكفاية لهداية الخلق أجمعين، بالفصل بين الصراط المستقيم، وطريق الحائرين، والجمع لأصول الدين، لإحاطة علم منزله بالخفي والمبين، وبشارة المؤمنين، ونذارة الكافرين بيوم اجتماع الأولين والآخرين، وكل ذلك يرجع إلى العلم المستلزم للحكمة.

ومن مقاصدها أيضاً: الاعتبار بملك أعظم ملك أوتيه نبي، وهو مُلك داود ، وملك سليمان عليهما السلام، وما بلغه من العلم بأحوال الطير، وما بلغ إليه ملكه من عظمة الحضارة.

ومنها: الإشارة إلى ملك عظيم من العرب، وهو ملك سبأ، وفي ذلك إيماء إلى أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم رسالة تقارنها سياسة الأمة، ثم يعقبها ملك، وهو خلافة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومنها: محاجة المشركين في بطلان دينهم وتزييف آلهتهم وإبطال أخبار كهانهم وعرافيهم، وسدنة آلهتهم. وإثبات البعث وما يتقدمه من أهوال القيامة وأشراطها.

ومنها: موادعة المشركين وإنباؤهم بأن شأن الرسول صلى الله عليه وسلم الاستمرار على إبلاغ القرآن، وإنذارهم بأن آيات الصدق سيشاهدونها، والله مطلع على أعمالهم.

ومنها: بيان فضله سبحانه على عباده بإجابة دعوة المضطر إذا دعاه، وكشفه السوء عنه، وجعل الإنسان خليفة في الأرض. وتذكيره سبحانه عباده بهدايته لهم في ظلمات البر والبحر، وإرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته.

ومنها: تذكيره سبحانه بذاته العلية؛ إذ يبدأ الخلق ثم يعيده، وبرزقه سبحانه وتعالى من السماء والأرض.

ومنها: تنبيهه سبحانه عباده أنه لا يعلم من في السماء والأرض الغيب غيره، وأن أكثر العباد غافلون عن الحقائق الإيمانية التي جاءتهم بها الرسل، وعن الحقائق الكونية التي بثها سبحانه في هذا الكون، وأنهم يتداركون جهلهم عندما يبعثون، ويعلمون ما لم يكونوا علموه من قبل بالعِيان، لا بالأفهام.

ومنها: أمره سبحانه وتعالى عباده أن يسيروا في الأرض؛ ليعلموا مكانهم فيها، والعبر من أهلها، إذ طغوا، وأكثروا فيها الفساد.

ومنها: تذكير العباد بعلامة من علامات قيام الساعة، وهي خروج دابة من الأرض، التي تُظْهِر حقيقة المؤمن من الكافر.

ومنها: بيانه سبحانه بالإشارة الواضحة حال الناس يوم الحشر، يوم الهول العظيم يوم البعث، وحالهم يوم الحساب والثواب والعقاب، وحالهم وهم يقدمون على العذاب.

ويأتي ختام السورة بأمر العباد بعبادة الله وحده، الذي بيده الأمر كله، والأمر بحمده سبحانه على ما أعطاهم من نعم لا تُعدُّ ولا تحصى، وإنذار العباد بأنه سبحانه سيريهم آياته القاهرة والباهرة، فيعرفونها، ويومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً، وأنه سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يعمل عباده، بل يعلم كل صغيرة وكبيرة، فيجازي كلاً بما عمل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
(مقالات من موقع إسلام ويب)

من لطائف سورة النمل

من لطائف سورة النمل
د. أحمد نوفل
إعداد وتصميم صفحة إسلاميات

– قصة موسى عليه السلام في سورة الشعراء وسورة القصص جاءت مفصلة وافتتحت بـ (طسم) بينما جاءت موجزة في سورة النمل فافتتحت بـ (طس).

– سورة النمل ثاني أكثر سورة تتكرر فيها كلمة (قرآن) حيث وردت 4 مرات بعد سورة الإسراء حيث وردت فيها 11 مرة.
سورة الإسراء
1. (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿٧٨ الإسراء﴾)
2. (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٩ الإسراء﴾)
3. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴿٤١ الإسراء﴾)
4. (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴿٤٥ الإسراء﴾)
5. (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿٤٦ الإسراء﴾)
6. (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِيالْقُرْآنِ ﴿٦٠ الإسراء﴾)
7. (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴿٧٨ الإسراء﴾)
8. (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٢ الإسراء﴾)
9. (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴿88 الإسراء﴾)
10. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴿89 الإسراء﴾)
11. (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ ﴿106 الإسراء﴾)

سورة النمل
1. (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ﴿1 النمل﴾)
2. (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴿6 النمل﴾)
3. (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿76 النمل﴾)
4. (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ﴿92 النمل﴾)

– في سورة النمل تكلمت النملة وتكلم الهدهد وتكلم الجنّ وستتكلم الدابة.
(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٨﴾)
(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾)
(قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿٣٩﴾)
(وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴿٨٢﴾)

– سورة النمل تتكلم عن ممالك عديدة: مملكة النمل ومملكة الطير ومملكة سليمان ومملكة سبأ.

من لطائف سورة النمل – 2

لطائف في سورة النمل – 2
د. أحمد نوفل
تصميم صفحة إسلاميات

– تفكَّر في سورة النمل جاءت ما بين طسم قبلها وطسم بعدها وهي طس كأن الميم تشير الى موسى وفي النمل (الطاء) دليل الطير وعددها سبع وعشرين و(السين) عن سليمان وعدد تكرار الحرف هو 93…..اكمل واستمع

– في قصة موسى عرض مشهد رؤية النار في ثلاث سور خلا ما في النمل منها من قوله لأهله (امكثوا) وتعليلي أنه كان يتوقع العودة بالنار أو الأخبار بلا إبطاء.

(إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴿١٠﴾ طه)
(قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ (29) القصص﴾
(إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴿٧﴾ النمل)

– في قصة موسى في سورة النمل قال (سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ) وفي طه والقصص قال (لَعَلِّي آتِيكُمْ) وهذا من دقة العرض القرآني في تصوير الحالة النفسية.

– ورد اسم العزيز في سورة الشعراء 9 مرات وأولها في الشعراء في الآية رقم 9 وأول مرة ورد فيها اسم العزيز في سورة النمل تاليتها في الآية رقم 9 فتأمل!

(العزيز) في سورة الشعراء:
1. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٩﴾ الشعراء)
2. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦٨﴾ الشعراء)
3. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٠٤﴾)
4. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٢﴾)
5. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٤٠﴾)
6. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٥٩﴾)
7. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٧٥﴾)
8. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٩١﴾)
9. (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٢١٧﴾)

(العزيز) في سورة النمل:
(يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٩﴾ النمل)
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴿٧٨﴾)

تقرير الهدهد في سورة النمل


لحكم والعبر المستفادة من قصة هدهد سليمان عليه السلام وربطها بالواقع
درس الفجر للدكتور أحمد نوفل
السبت 2014/10/18

تفريغ وتصميم صفحة إسلاميات

(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾)
الهدهد لم يكن مراقَبًا في مملكة سليمان، الهدهد كان مبادِرًا ولم يكن مكلَفًا وإنما كان مؤمنًا متطوعًا متبرّعًا وهذا دليل أنه كان حُرّا في مملكة سليمان.
الأصل في المواطن أن يعيش في بلده مرفوع الرأس آمنًا لا خائفًا يترقّب!!
(وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) نبأ متيقن منه لا مجرد خبر غير موثّق.

تقرير الهدهد لسليمان عليه السلام:

(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ) تقرير عن النظام السياسي وهو أخطر ما يكون في أي بلد إن صلح صلح البلد وإن فسد فسد البلد كله.
ثم أتبعه بتقرير عن النظام الاقتصادي (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)
ثم معلومات تفصيلية (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)
ثم تقرير ديني (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾)
ثم بيّن موقفه (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩﴿٢٦﴾) إن كان لملكة سبأ عرش عظيم فالله عز وجل هو رب العرش العظيم (العرش بأل التعريف أما عرش ملكة سبأ فجاء بالتنكير عرش).

الطير في سورة النمل


الطير في سورة النمل
سورة النمل فاتحتها (طس) وورد فيها كلمة (الطير) 3 مرات وليس هذا في سورة أخرى (منطق الطير) (والإنس والطير) (وتفقد الطير).
وفيها فحسب (اطيرنا) وفيها (طائركم) هي ويس فحسب.
د. أحمد نوفل
إعداد وتصميم صفحة إسلاميات
——————————-————-
الآيات في سورة النمل:
– (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴿١٦﴾ النمل)
– (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿١٧﴾ النمل)
– (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ﴿٢٠﴾ النمل)
– (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴿٤٧﴾ النمل)
في سورة يس
– (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴿١٩﴾ يس)
********
كلمة (طير) في القرآن الكريم
(وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿٢١ الواقعة﴾)
(قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ﴿٢٦٠ البقرة﴾)
(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ﴿٤٩ آل عمران﴾)
(فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴿٤٩ آل عمران﴾)
(وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ﴿١١٠ المائدة﴾)
(فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ﴿١١٠ المائدة﴾)
(إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ﴿٣٦ يوسف﴾)
(وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ﴿٤١ يوسف﴾)
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ ﴿٧٩ النحل﴾)
(وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ﴿٧٩ الأنبياء﴾)
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ﴿٣١ الحج﴾)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴿٤١ النور﴾)
(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ﴿١٦ النمل﴾)
(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ ﴿١٧ النمل﴾)
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ﴿٢٠ النمل﴾)
(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ﴿١٠ سبإ﴾)
(وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴿١٩ ص﴾)
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ﴿١٩ الملك﴾)
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣ الفيل﴾)

العلم والإسلام في سورة النمل

العلم والإسلام في سورة النمل

إعداد موقع إسلاميات

تأمل هذا النسق من سورة النمل (وأتوني مسلمين) (قبل أن يأتوني مسلمين) (وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين) (وأسلمت مع سليمان) (فهم مسلمون) (وأمرت أن أكون من المسلمين). د. أحمد نوفل.

تكرر لفظ (مسلمين) ومشتقاته في السورة في ست آيات أربع منها في قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ:

  1. (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿٣١﴾)
  2. (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿٣٨﴾)
  3. (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴿٤٢﴾)
  4. (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٤﴾)
  5. (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ﴿٨١﴾)
  6. (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩١﴾)

يقول سيد قطب في الظلال: التركيز في هذه السورة على العلم، علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة وآياته الكونية التي يكشفها للناس، والعلم الذي وهبه لداود وسليمان، وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم. ومن ثم يجيء في مقدمة السورة: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴿٦﴾). ويجيء في التعقيب (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴿٦٥﴾ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ﴿٦٦﴾)،.(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿٧٣﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴿٧٤﴾ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٧٥﴾) ويجيء في الختام: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا). ويجيء في قصة سليمان:( وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٥﴾). . وفي قول سليمان: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ). وفي قول الهدهد:( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾). وعندما يريد سليمان استحضار عرش الملكة , لا يقدر على إحضاره في غمضة عين عفريت من الجن , إنما يقدر على هذه: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ).

ومن محاولة تدبرية لمعرفة ارتباط العلم الذي ركزت عليه السورة بتكرار التعبير (مسلمين) فيها أقول والله أعلم أن العلم النافع إنما هو العلم الذي يقود العبد للاستسلام لله عز وجل والتسليم له تسليمًا مطلقًا بأنه هو سبحانه العليم الخبير وهو العلم الذي يورث الخشية من الله تعالى وأيّ علم لا يصل بالإنسان إلى ربه فهو ليس من العلوم النافعة في الآخرة. وكلما ازداد الإنسان معرفة بالله سبحانه وتعالى ازداد تعظيمه له وازداد شعوره بضعفه أمام هذه العظمة الإلهية والقدرة والقوة فلا يسع هذا العارف بربه إلا أن ينصاع له ولأوامره طائعًا مخبتًا خاشعًا منكسرًا بين يديه مسلمًا أمره إليه مستسلمًا له في كل أمره. ويقول ابن رجب: فالعلم النافع ما عرّف العبد بربه ودلّه عليه حتى عرفه ووحّده وأنس به واستحيا من قُرْبِه وعَبَدَه كأنه يراه.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

براهين العقل والإيمان في سورة النمل

براهين وأدلة الإيمان في خمس أسئلة في سورة النمل (أمّن)

د. أحمد نوفل
تفريغ وإعداد موقع إسلاميات حصريًا
(أمّن) وردت خمس مرات، استفهام وكل واحدة وراءها قضية تنبه العقل إلى براهين وأدلة الإيمان:

1- (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴿٦٠﴾) السموات والأرض من حولك، خصص أسئلة عن الخلق، الله هو الخالق الخلاق ليس هناك خالق غيره سبحانه. قد يصنع البشر أشياء لكنهم لا يمكن أن يخلقوا حياة، فالذي يخلق الحياة هو الحيّ سبحانه. (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ) انظر إلى المناظر الطبيعية لتسبح الخالق، نباتات وأشجار متنوعة (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا) البعض يقولون الطبيعة ولا يقولون الله حتى لا يقروا بالإيمان. القرآن هو الحق المطلق.
2- (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٦١﴾) الله سبحانه وتعالى هو الذي حجز البحار، هذا خلق معجز محسوب حسابا دقيقا خلقه الله سبحانه وتعالى ولكنهم يقوم يعدلون، ينحرفون عن الله أو عن منهج الله تعالى أو يعدلون يسويّ بالله من لا يتساوى مع الله!3- (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴿٦٢﴾) كل مضطر مسلم وغير مسلم، لا تتحدى الخالق في قوانينه في الخلق.

4- (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٣﴾) في ساعة الاضطرار يدعو الإنسان الله، فادعُ الله دعاء المضطر موقنًا بالإجابة منكسرًا بين يدي ربك خاضعًا فهذه دعوة لا تُردّ إن شاء الله. اقرأ على مكان الوجع وادعُ دعاء المضطر جرّب وثق بالله تعالى. (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

5- (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٦٤﴾) بدأ بالخلق وختم بالخلق، الختام يناسب الختام ذكر بدء الخلق وإعادته وفي الآية الأولى ذكر بدء الخلق (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) تناسق!
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ ﴿٦٧﴾) لم يقل (مبعوثون) وإنما (مخرجون) السورة تركز على الخروج لم ترد إلا في سورة النمل وسورة المؤمنون (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35)).
هناك مجاعات في العالم ولكنها من ظلم الإنسان للإنسان ومن استعباد الإنسان للإنسان ومن نهب ثروات الشعوب المظلومة في الجمهوريات الهالكة تحت يدي الاستعمار مثل جمهوريات افريقيا الوسطى.

الدخول والخروج في سورة النمل

الدخول والخروج في سورة النمل

– أنساق القرآن أحد أسرار الجمال، وتأمل من سورة النمل: (أإذا كنا تراباً وآباؤنا أإنا لمخرجون) ولاحظ النسق (تخرج بيضاء) (يخرج الخبء) (ولنخرجنهم منها) (أخرجوا آل لوط) (أخرجنا لهم دابة).
– تأمل هذا النسق من سورة النمل (وأدخل يدك في جيبك) هي الوحيدة في القرآن (ادخلوا مساكنكم) (إذا دخلوا قرية أفسدوها) (ادخلي الصرح) (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)
د. أحمد نوفل
تصميم موقع إسلاميات

وقفات تدبرية رمضان 1442هـ-سورة النمل /أ سمر الأرناؤوط

ثم تأتي سورة النمل بإبراز بعض مقومات الاستخلاف والتمكين في الأرض: العلم من مصدره الحق، آيات القرآن وكتاب مبين (من لدن حكيم عليم) والتواضع والتفوق الحضاري القائم على الحق والعدل وحسن الإدارة والتدبير والحكمة في القرارات.

 

أما صفات دعاة الحق فهي جمعت صفات عباد الرحمن صالحين في أنفسهم مصلحين وصفات إمام الدعاة (وتوكل على العزيز الرحيم* الذي يراك حين تقوم* وتقلبك في الساجدين) وصفات المؤمنين (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون) المعترفين بنعم الله وفضله (الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه).

 

أقرآنٌ هذا منهجه وهذه تعاليمه وتوجيهاته وهداياته يُهجَر ويُترك ويُتخذ من دونه مناهج الباطل التي لا تقيم حضارات عادلة ولا ترعى حقوق أمم ولا أفراد ولا مبادئ لها إلا حطام دنيا يباع لأجله كل شيء؟!

 

📮أيها العبد حامل الفرقان لواء الحق لا تبِع دينك بعَرَضٍ من الدنيا، بِعْ دنياك كلها مقابل موضع قدم لك في الجنة فهذا والله بيعٌ رابح..

هذا والله أعلم.

 

وما الرحمن؟

إن سألوك: وما الرحمن؟

قل هو الذي أثر رحمته في عين فاضت من خشيته ومحبته في لحظة صفاء روحي في سجدة في جوف الليل عرجت بك إلى السموات العلا فأدركت معنى القرب (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما)…

وفي مشية على الأرض هونا وسلاما على خطاب الجاهلين..

وفي توبة فتح لك الرحمن أبوابها مرة بعد مرة رغم إسراف على نفسك ومعاودتك للذنب وتلوثك بالمعاصي (إلا من تاب وآمن وعمل عمل صالحا)

وفي حسنة تطرق بابك يريد الرحمن أن يبدل بها سيئاتك (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)

وفي شعاع أمل ينساب عبر ظلمات الحزن والهمّ في قلبك فيبددها فاتحا نوافذ الأمل والثقة بالله من جديد

وفي انصرافك عن مجلس لهو أو لغو سالما من الخوض فيما لا يحبه الرحمن (وإذا مروا باللغو مروا كراما)

وفي دعوة صادقة يصرف بها الرحمن عنك عذاب جهنم..

وفي توسطك في إنفاقك بين إسراف وتقتير

وفي إقرارك بالتوحيد وتجنبك للكبائر خشية غضب الرحمن

وفي استماعك وإنصاتك لآيات ربك توقيرا لكلامه…

وفي تضرع بصلاح الأزواج والذرية تقر عينك بهم في الدنيا والآخرة ورغبة بإمامة المتقين إخوانك في الله…

وفي غرفة في الجنان وتحية هي السلام وعدك أن تكون جزاؤك إن أحسنت أن تكون عبدا له

وفي صبر جميل على الدنيا وما فيها رغبة بما أعده للصابرين…

كل هذه لن تستطيعها إلا لو مسّتك نفحة رحمة من الرحمن…

فكُن عبدا لله، كُن عبدا للرحمن فأنت بين عزة جلاله وسعة رحمته عبدٌ فائز بإذن الله (وإن ربك لهو العزيز الرحيم)

 

 

#رمضان_١٤٤٢

#وقفات_تدبرية

#الجزء_٢٠

 

لا زلنا مع مجموعة السور المكية التي تتحدث عن موضوع التمكين للأمة مقوماته وعوائقه.

سورة الشعراء والنمل والقصص نزلت في مرحلة الجهر بالدعوة في مكة ولكل منها دور في تأسيس مرحلة بناء الدولة في المدينة لاحقا.

فسورة الشعراء: وسائل التأسيس، الإعلام الهادف البنّاء، افتتحت بالإنذار لمن لم يستجيبوا.

وسورة النمل: الإسلام والعلم ركيزة بنيان الأمة (علم شرعي وعلم كوني) افتتحت بالبشارة لمن استجابوا

محاضرة – تفسير سورة النمل: نعمة الله الخالصة الخاصة- د. محمد الربيعة

محاضرة د. محمد الربيعة

تفريغ الشيخ د. ماهر الفحل
تفسير سورة النَّمل 
نعمة الله الخالصة الخاصَّة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنعم علينا بالقرآن، وخصنا به وشرفنا وفضلنا، ورفعنا به في الدنيا والآخرة، مع سورة : النمل .
سورة النمل خاصة للأنبياء ، هذه السورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، في حال كان يلاقي من المشركين مايلاقي من الضِّيق والتَّكذيب ولذلك جاء قوله فيها
” وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) “
كانوا مكذبين جاحدين ، كما قال الله عنهم :  ” وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ – لَقَدْ وُعِدْنَا هَٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ “.
هذه السورة جاءت في أولها أولاً : الحديث عن القرآن
” طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) “
كأنها انتصار وكل الحروف التي ذُكِرَ فيها بعدها القرآن هي إنتصار للقرآن ، وللنبي صلى الله عليه وسلم.
 فالله تعالى هنا يؤكد للنبي صلى الله عليه وسلم عظمة هذا القرآن ، في سبيل أو في مواجهة هؤلاء المكذبين الجاحدين ، ثم يقول عنه ” كِتَابٍ مُبِينٍ ”
مهما جحدوا فهو كتاب مبين ،
” وهدى وبشرى للمؤمنين” فإن كان هؤلاء لم يستمعوا له ولم يهتدوا به فإنه هدى وبشرى للمؤمنين، ” الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ “. يعني مستجيبين لأمر الله ” وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ “.
 لكن الذين لا يؤمنون
 ” إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ – أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ  “.
ثم تأتي الآية العجيبة العظيمة التي تسلِّي النبي صلى الله عليه وسلم وتذكره بنعمة الله الخالصة الخاصة له ” وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ “. يكفي يكفيك يامحمد – صلى الله عليه وسلم – أنَّك تلقَّى القرآن من لدن حكيم عليم ، مهما كان حال هؤلاء المشركين وجحودهم وإعراضهم وغير ذلك يكفيك هذه النعمة استحضرها ، فإنت على أعظم نعمة منحها الله للعبد ، وإنك لتلقَّى القرآن من لدن حكيم عليم.
إذاً السورة هنا جاءت لتذكير النبي صلى الله عليه وسلم بنعمة القرآن.
ولذلك تكرر لفظ القرآن فيها ” تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ ” ، ” وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ ” ، ” إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي “
يقصُّ على بني إسرائيل ” وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ” ، يعني فيها الحقيقة بالتذكير في النعمة الخاصة للنبي صلى الله عليه وسلم لتسلية له ، وتقوية له ، وإكراما له.
لكن السؤال جاءت قصة موسى في تقريبا أقل من وجه ؛ ثم جاءت قصة سليمان في وجهين أو ثلاثة ؛ ما المناسبة ؟
المناسبة أنَّ الله عزوجل يُذَكِر نبيه صلى الله عليه وسلم بحال الأنبياء قبل الذين خصَّهم الله بنعمةٍ عظيمة وكيف كانوا فيها.
كل نبي منح نعمة خاصَّة ؛ بل ربما لم يُعطى غيره فيها .
مثلاً : النبي صلى الله عليه وسلم أعطي خير أمة ، وأُعطي خير كتاب ، وكان خير الأنبياء ؛ هذه خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يخصُّه الله يوم القيامة بالمقام المحمود ، لكن هنا في قصة موسى ” إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ” . الشاهد من قصة موسى هي قوله تعالى الآية العظيمة التي تبين لنا مكانت موسى عليه السلام ؛ قال : ” يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” . يعني يكفيك ياموسى أني أنا أُكلمك ياموسى إنه أنا الله – إنه أنا الله – هذه الكلمة ؛ إنه أنا الله . هذه من أعظم الكلمات في القرآن ، تصور حال موسى – عليه السلام – هذا البشر يقول له ربُّ العالمين ربُّ السماوات والأراضين – إنَّه أنا الله – أُكلمك مباشرة ، وهذا الذي فُضِّلَ به موسى – عليه السلام – على الأنبياء جميعاً في أنَّ الله تعالى كلَّمهُ مباشرة في أولِ تكليفه بالرسالة ، نبينا صلى الله عليه وسلم كلمه الله ، لكنه لم يكلمه في بداية الوحي وإنما لمَّا عُرجَ به إلى السماء عند سدرة المنتهى كلمه الله ؛ لكن موسى – عليه السلام – كلَّمه الله تعالى أول وحيه ، وكلَّم الله موسى تكليما ، ولذلك يسمى كليم الله، فلذلك النعمة الخاصة هنا لموسى -عليه السلام- هي تكليم الله لكنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فُضِّل عليه لأنَّه كلَّمهُ وأعطاه نعمة القرآن التي هي أعظم نعمة ، وأعظم كتاب ، وأعظم هداية ، منه سبحانه وتعالى .
ثم تأتي قصة سليمان -عليه السلام – لاحظ أولها ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ “. إذاً هي تذكير بالنِّعم وهنا تذكير كأن الله سبحانه وتعالى يقول : قُل الحمدلله ، ولذلك ختمت السورة بقوله : ” وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ” . وأيضا قول الله تعالى بعد ذلك بآيات : “قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ “.
إذاً هي مقابلة النِّعمة مع الخاصة للحمد الخالص لله عزَّوجل.
من أُعطي نعمة خالصة خاصَّة واستشعرها استشعارا صادقاً بحمد الله وشكره، فإنه والله في عبادةٍ خاصَّة خالصة واصطفاءٍ من ربه عزَّوجل عظيم.
وهذه النِّعمة التي هي من أعظم النِّعم قربتاً إلى الله تعالى، استشعار نعمته سبحانه وتعالى.
ولو أنَّك جلست بين يدي ربِّك في بيته متكئً على أريكتك ولم تفتح فمك ولا مصحفك وإنَّما فقط تستشعرُ نعمة الله الخالصة الخاصة لك .
 أنت مهدي أنت مؤمن أنت صالح من بيئة مسلمة تعلمت العلم الشرعي، زادك الله توفيقا محبة أُستشعر كل النعم التي خصها لك الله ، هذه النعم كلها حقيقة قد لا تحصل لكثير من الناس.
خلاصة سورة النَّمل هذه ، سليمان – عليه السلام – نرجع إلى قصته أتدرون ماهي قصته التي استشعر فيها النِّعمة ، هذه النِّعمة الخالصة لسليمان -عليه السلام- منطق الطَّير ، لماذا سميت سورة النَّمل ؟
لأن سليمان -عليه السلام – استشعر فيها النعمة الخاصة له ، وهي منطق النَّمل .” حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ” نطقت ” ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ “. تأملوا سليمان -عليه السلام – تبسم ضاحكا من قولها ، هو الآن استشعر نعمة الله الخالصة الخاصة له ، مع أنه بين يديه الجنود والطيور والهدهد وغير ذلك ، لكن سبحان الله الإنسان أحيانا تمر عليه مواقف يستشعر فيها النعمة الخالصة الخاصة لله عزَّوجل ، مع أنه يعيش في نِعم لكن تأتي بعض المواقف التي فعلا تدمع عينه حمداً لله على هذه النِّعمة وعلى ماهو عليه من نِعَمْ فيستشعر كل النِّعم التي هو فيها يقف بين يديه ربِّه متأملاً حامداً.
هنا سليمان -عليه السلام – استشعر بمنطق النَّمل نعمة الله عزَّ وجل عليه وجلس مبتسماً ، هل مرةً من المرات ابتسمت تذكرت نِعم الله عزَّوجل وأنت تبتسم فرحاً بنعمة الله واستشعاراً لفضله وتحميداً له سبحانه وتعالى ؟!
هكذا كان سليمان -عليه السلام – فتبسم ضاحكاً من قولها ، وقال :” رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ “. الله …
 هنا أيها الإخوة الإنسان إذا استشعر نعمة الله الخالصة ينبغي أن يقول : ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي .
كل ماتجددت لك نعمة خصوصا النعم الخاصة أرى أن من السُّنة وأرى من هدي الأنبياء الذي بهداهم اقتد أن تقول : رب أوزعني أن أشكر نعمتك. أو كما قال الله تعالى لنبيه أن الحمد لله.
هذا من أعظم مايكون حال العبد في العبودية ، إي وربي إنه لأعظم من قيام طويل بالليل وصيام طويل بالنهار ، لأنك بحالة خاصة من الاستشعار والعبودية لله سبحانه وتعالى،  عبودية القلب ، عبودية الرضا ، عبودية الشكر ، عبودية الحمد لله تعالى ، ولاشك أنَّ الحمد يعني محمد صلى الله عليه وسلم المحمود في اسمه المحمود في مقامه في الدنيا والآخرة،  ومقام الحمد عظيم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه : الحمدلله تملأُ الميزان .
” تملأ الميزان ” لاحظ ماهي بكثير صلاة وصيام ، استشعار نعمة وحمد لله سبحانه وتعالى،  وأن أعمل صالحا ترضاه ؛ يعني ليست المسألة فقط حمد واستشعار لا لا بُدَّ أن يُتبِعَ ذلك بمزيد من الحمد ؛  ” إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ () فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ “.
إذاً إذا ظهر لك من آثار نعمة الله عزَّ وجل عليك استشعارك ثم عملك الصالح ، فذلك حقَّا من الصِّفات العبودية الصادقة .
 ثم تأملوا أيها الإخوة بعد ذلك في ختام السورة  أنتقل إلى أنه قال :
“إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ۖ “. محمد صلى الله عليه وسلم يعيش في مكَّة يعيش في بلد الله الحرام ، هذه الكعبة المحرَّمة التي ينبغي ويجب أن يُتقرب إلى الله ، فإذا بهؤلاء المشركين يقيمون فيها الشرك وعبادة الأصنام ، ماهو دوره ؟ يعني وكان يقول هذه البلاد ماوضعت إلا للتوحيد فكيف تقيمون الشرك ، فهو يقول : ” إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ “.
كأنه يقول أنا مقيم بهذه البلدة على التَّوحيد مهما كان الأمر ، ومهما تغيرت الأوضاع ، ومهما تغيرت الأحوال ، ومهما غيرتم وبدلتم ، فإنِّي مقيم على التوحيد مقيم لأمر الله عزَّ وجل ولو كنت وحدي . ولهذا قال : ” وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ “.
التفسير المباشر – رمضان 1431 هـ – سورة النمل

لحلقة 27

ضيف البرنامج في حلقته رقم (121) يوم الإثنين 27 رمضان 1431هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة الملك سعود.

وسيقدم الحلقة الأستاذ إبراهيم السلمي المذيع بقناة دليل جزاه الله خيراً .

وموضوع الحلقة هو :

– علوم سورة النمل .

– الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول السورة وحول الجزء السابع والعشرين من القرآن الكريم .

————————–

سورة النمل

إسم السورة، دلالة الإسم

د. عبد الرحمن: كان هدفنا في هذا العام أن نتحدث عن السور حديثًا عامًا موضوعيًا بحيث أن كل مشاهد يخرج من الحلقة وقد عرف السورة موضوعها أسماءها التي تحدثت عنها وكنت أتمنى من الزملاء الذين شاركوا أن نعرض في كل حلقة المؤلفات والكتب التي أفردت هذه السورة بالحديث، وأنا أحضرت اليوم بعض الكتب التي خصت سورة النمل بالحديث.

أما سؤالك عن إسم سورة النمل فالإسم التوقيفي الذي ثبت في كتب النفسير وفي المصاحف وفي كتب السنة هو إسم سورة النمل وذكر ابن عربي إسمًا لهذه السورة سماها سورة الهدهد وبعض العلماء يسميها سورة سليمان في كتب التفسير يسميها سورة سليمان. أما سورة النمل لأنه ذكرت النملة فيها والحديث مع سليمان، وأما سورة الهدهد لأنه لم يذكر الهدهد إلا في هذه القصة مع سليمان عليه السلام وسورة سليمان لأنه فصل في سورة سليمان في هذه السورة تفصيلًا طويلًا، فهذه أسماء ثلاثة النمل والهدهد وسليمان لكن الإسم المشهور التوقيفي لها هو سورة النمل.

وقت نزول النزول:

د. عبد الرحمن: هذه السورة سورة النمل سورة مكية بالإجماع نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المرحلة الثالثة من مراحل العهد المكي. المرحلة الأولى هي مرحلة عدم المبالاة بالنبي صلى الله عليه وسلم وتركه وتربص وفاته والمرحلة الثانية كانت مرحلة المداهنة التي أرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكت عنهم ويسكتوا عنه ونزلت (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) القلم) نزل في هذه المرحلة سورة القلم وغيرها من السور قل يا أيها الكافرون نزلت في هذه المرحلة، ثم المرحلة الثالثة لما بدأ المشركون يحاججون النبي صلى الله عليه وسلم ويذهبون لأهل الكتاب يبحثون عن أدلة يردون بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت سورة النمل وهي مليئة بالحجج التي تكذب المشركين وترد عليهم وتبين صدق النبي صلى الله عليه وسلم وإثبات نبوته بأدلة لعلنا نستعرض بعضها إن شاء الله

المقدم: وقوله (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)) ما يشعر بأنها مدنية

د. عبد الرحمن: لا طبعًا تحدثنا في الحلقات الماضية وأيضًا أشير في هذه الحلقة إلى أن قريش كانت على صلة ببني إسرائيل يعرفونهم ويعرفون أخبارهم.

المقصد الرئيسي للسورة

د. عبد الرحمن: سورة النمل دعني أمزج الحديث في هذا بعرض الكتب هنا كتاب بعنوان المعجزة والإعجاز في سورة النمل كتاب للأستاذ عبد الحميد طهماز رحمه الله توفي في هذه السنة رحمه الله وغفر له والشيخ عبد الحميد له كتب على هذا المنوال كتب صغيرة (110 صفحات) يتناول كل سورة من سور القرآن الكريم ويحدد المقصد الأساسي للسورة فهذا الكتاب سماه “المعجزة والإعجاز في سورة النمل” وهذه الكتب سلسلة، الشيخ يرى أن موضوع سورة النمل هو المعجزة والإعجاز لأنه ورد فيها الحديث عن القرآن الكريم في أولها وهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء الحديث عن موسى وذكر تسع آيات ثم ذكر صالح ثم ذكر سليمان وقصة سليمان كلها معجزة ثم جاء في النهاية الاحتجاج لهذا القرآن والدفاع عنه فرأى أن المعجزة والإعجاز هو البارز في السورة. البقاعي من قبله رحمه الله رأى أن سورة النمل في إظهار العلم والحكمة كما أن سورة الشعراء التي سبقتها كانت في إظهار البطش والقوة فجاءت سورة النمل في العلم والحكمة والذي أميل إليه ما ذكره البقاعي والأدلة على ذلك -قبل أن أنتقل إليها- هذا كتاب بعنوان “سورة النمل دراسة وتحليل” للأستاذ عبد الله الجوالي، هذه رسالة دكتوراة في جامعة عراقية خصصها الباحث للحديث عن سورة النمل كاملة. وأنا أقول أن كل سورة من سور القرآن الكريم جديرة أن يكتب فيها مصنف مستقل يتناول أطرافها وتفاصيلها بشكل تستحقه هذه السورة. أنا أميل إلى رأي البقاعي رحمه الله بأن سورة النمل في إظهار العلم والحكمة وقد جمعت الآيات التي تؤيد هذا المحور محور العلم والحكمة في سورة النمل، إظهار العلم في سورة النمل واضح جدًا سواء كان علم الله سبحانه وتعالى أو علم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو علم المخلوقات. نأخذها من بدايتها في قوله (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) في قوله (آيات القرآن) القرآن الكريم لا شك أن يمثل المصدر الأول للوحي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والوحي بصفة عامة في حياة الأنبياء. أيضًا في قوله سبحانه وتعالى (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)) أنا لاحظت ربطت بين تقديم الخبر هنا فقدم الخبر على الشهاب والخبر هو العلم الذي يطلبه ويبحث عنه وكان هو الوحي وتكليم الله. أيضا عندما ذكر قصة فرعون (فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً (13)) قال مبصرة وهذا هو العلم، وأيضًا لما ذكر قصة داوود وسليمان (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)) لاحظ أنه ذكر العلم وقدّمه مع أنه آتاه غير العلم. أيضًا قوله (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ (16)) هو ورث العلم وورث الملك أما النبوة فلا تورث وإنما هي توهَب. (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ) فذكر العلم وأبرزه. أيضًا قصة النملة قال (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)) ما فعلت هذا إلا لعلمها فتميزت على سائر جنسها بهذا. وأيضًا في قوله (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)) لعلمه. وأيضًا في قوله (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)) أنا أرى أن التفقد هنا نوع من العلم. وأيضًا عندما جاء الهدهد بماذا نجى من عقوبة سليمان؟ نجا بالعلم (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)) هذا العلم. ثم لما قال مستغربًا من صنيع قوم سبأ أنهم يسجدون للشمس من دون الله قال (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)) أشار إلى علم الله سبحانه وتعالى. وأيضًا لما قالت بلقيس تشير إلى عادة الملوك (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)) هذا دليل على علمها واطلاعها. أيضًا لما قال سليمان لعفريت عنده (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ (40)) فغلبه لعلمه. أيضًا لما ذكر الله تعالى لوطًا فعابهم فقال (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)) فذمّهم بالجهل الذي هو نقيض العلم أي لو كنتم على علم لما فعلتم هذا لأنه لا يمكن أن يفعله من هداه الله. ثم بقي الآيات في آخرها (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)) علم الله سبحانه وتعالى، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74)) (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (75)) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)) هذا من العلم. ثم قال (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)) فذكر العلم. ثم ذكر (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84)) ثم ختمها بالحديث عن القرآن (وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ (92)) وقال في آخر آية (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)) هذا محور العلم.

الآيات التي تدل على الحكمة:

د. عبد الرحمن: الحكمة ظاهرة في هيه السورة في أول السورة (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)) ولذلك هذه الآية قد تكون هي التي تشير إلى موضوع السورة. أيضًا الحكمة تظهر في تصرف سليمان عليه السلام سواء عندما جاء إلى واد النمل كان حكيمًأ وعندما أرسل الرسالة لملكة سبأ وفي دعوته وفي تعامله مع الموضوع بصفة عامة. أيضًا الحكمة ظاهرة في تصرف النملة عندما حذرت قومها من جيش سليمان أن يحطمه. وأيضًا الهدهد كان حكيمًا في تخلصه من العقاب لأنه جاء بما يدل على حكمته وعلمه. وأيضًا السورة ظاهرة فيها إشارة لحكمة الله عز وجل في إرسال الرسل وفي إنزال الكتب وفي خلق المخلوقات. وإضافة في هذا الجانب نحن قلنا العلم والحكمة لاحظ أن الله سبحانه وتعالى أظهر علمه سبحانه وتعالى ثم ذكر علم أنبيائه وذكر موسى وذكرثم ذكر علم المخلوقات ثم ذكر علم الحشرة وهي النملة ثم ذكر الهدهد وهو من الطير ففي هذا إشارة ثم ذكر في النهاية أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى وأن سليمان لا يعلم الغيب فدل على أن علم الإنسان وعلم المخلوقات من علم الله الذي علمها ويبقى علمه لا يحيط به شيء

المقدم: نتكلم عن السورة ومحورها الأساسي بداية السورة فيها ذكر لقصة موسى عليه السلام لكنها مختصرة هل من إشارة لهذا؟

د. عبد الرحمن: من الملاحظات التي لاحظتها أن كل السور التي تبدأ بـ(ط) تبدأ بقصة موسى (طه والشعراء طسم والنمل طس والقصص) لذلك يمكن أن تربط بينها وبين الطور، (ط) تربطها بالطور. فموسى عليه السلام قدمت قصته هنا مع أنه متأخر عن صالح الذي ختمت به السورة لأن موسى عليه السلام هو أكثر الأنبياء ذكرًا في القرآن الكريم. ذكر موسى عليه السلام في القرآن 136 مرة وذكر في 34 سورة وليس هناك سورة  في القرآن الكريم بإسم موسى لو كان هناك سورة تستحق أن تسمى سورة موسى لكانت سورة القصص أو سورة طه أو الأعراف. نقطة أخرى أنبياء آخرون أقل ذكرًا وسميت سور باسمائهم مثل هود ويونس ويوسف هذه واحدة، والأمر الثاني موسى عليه السلام أكثر الأنبياء معاناة من قومه وهذه ذكرها المشايخ في أكثر من حلقة وكان مجال الاقتداء به عليه السلام واضحًا للنبي صلى الله عليه وسلم فتقدم قصته كثيرًا

المقدم: داوود وسليمان وسليمان بالذات بسطت قصتهم في هذه السورة أكثر من غيرها.

د. عبد الرحمن: سبحان الله داوود وسيلمان في هذه السورة الله تعالى يقول (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)) بنو إسرائيل لو تقرأ قصة داوود وسليمان في التوراة لوجدت أن سيرتهم في غاية القبح قبّح الله هؤلاء المحرّفين! في حين أنه في القرآن الكريم نبي ملك ولذلك القرآن الكريم يرد هذه الاتهامات. والآن قرأت في بعض اتهامات النصارى أنهم يقولون ما جاء في سورة النمل عن سليمان غير صحيح يردّ عليهم أن هذا الكلام غير صحيح لأن علماء أهل الكتاب الذين كانوا في زمن الني صلى الله عليه وسلم وهم كانوا أشد عداوة للنبي من اليهود ما أنكروا ما جاء في سورة النمل مما يدل على أن التحريف قد طال هذه التوراة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم

المقدم: عندنا طريقة الصرح وما بناه سليمان لبلقيس يدور حول هذا بعض القصص الإسرائليات أنه كان يقصد وأنه كان يشاع عنها أنها كانت بأظلاف حمار فهل هذا له سند؟

د. عبد الرحمن: هذه من الإسرائيليات وبلقيس رضي الله عنها كانت امرأة تامة الخِلقة وتامة العقل والحكمة وهذا واضح (وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)) هي إنسانة عاقلة لكنها كانت تعيش مع قوم كافرين فنشأت تقليدًا فهذه الروايات غير صحيحة وأما الصرح فهو من تمام ملك سليمان عليه السلام حتى أنها هي ملكة عظيمة الملك لكنها ما رأت مثل هذا

المقدم: ومن تمام عقلها أنها كانت تستشير قومها.

المقدم: في قوله (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)) يقولون أن النملة صنعت من زجاج وتتحطم

د. عبد الرحمن: بعض الذين يكتبون في الإعجاز العلمي أن تعبيره بقوله (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) فيه إعجاز علمي لأن الحطم يكون للزجاج وهي من الزجاج وقد يكون هذا مقبولا لكن أقول الحطم والكسر كلها تصح في النملة.

—————–

إتصال من الأخت أم محمد من السعودية: أي تفسير نستخدم؟

الإجابة: أنا أنصح دائمًا – ويبدو لي من سؤالها أنها ليست من المتخصصين – أنا أنصح بهذا التفسير الميسر الذي أصدره مجمع الملك فهد وهو تفسير سهل مكتوب على هامش المصحف تستطيع أن تقرأ المعاني بوضوح وسالم من أي مخالفة عقدية.

إتصال من أم عبد العزيز من السعودية: أقرأ في التفسير الموضوعي للقرآن وهذا فتح لي عالم روحاني آخر وصرت أشعر ماذا يقصد الصحابة “قرآن يمشي على الأرض” وأنا أجاهد نفسي وأقترح ثلاثة اقتراحات أول اقتراح أن التفسير الموضوعي يجب أن يفعّل في مدارس الأطفال بطريقة محببة لأنه هو الذي سيزرع في الطفل القيم والمبادئ. ثانيًا عندي صديقة عندها دكتوراة في التفسير ولكنها تشكو من مشاكل الحياة ووضعت الدنيا في قلبها فقلت لها العلم هل أُخذ إلا لنتلذذ به ولنجلس مجالس العلم ونستمتع به وكل يدلي بدلوه هذا العلم نزل لنا لنضع كلام الله في قلوبنا والدنيا في يدنا، أنا لي خبرة في دخولي في حلاوة الإيمان منذ 15 سنة والإيمان عندي يزيد وينقص وليس عندي دكتوراة والاقتراح الثالث من نظري للقنوات أستغرب لماذا وصل مجتمعنا إلى هذا الجهل؟ نحن لا نحتاج لشهادات حتى نسأل أسئلة تافهة، نحن في السعودية أكثر ناس ترفهين وعندنا فراغ لا نعلم أين نضعه فنذهب إلى الأسواق ونتكلم في أعراض الناس والعالم الآخر يتطور!

الإجابة: أشارت إلى مسألة العيش مع القرآن وهذا هدفنا من القرآن أن نقرب هذه المعاني للناس إما بالدلالة على كتاب وإما بالإجابة عن سؤال أو شيء من هذا القبيل لكن هذا لا يغني أن يبقى كل واحد مع نفسه يعيش مع القرآن ورمضان فرصة لهذا. وأشارت إلى صديقة معها دكتورة تعاني والدكتوراة ليس لها علاقة فالقرآن لنا جميعًا وعلينا أن نعيش معه ونحن جميعًأ مخاطبون به. وأما التفسير الموضوعي فأنا أؤيدها في أنه ينبغي أن يعتنى به بشكل تبسيطي للناس وكتاب الشيخ عبد الحميد طهماز الذي ذكرته لكم المعجزة والإعجاز وهذه السلسلة كان هدفه تقريب التفسير الموضوعي لعامة الناس وأنا أنصحها بهذه السلسلة وهي من مطبوعات دار القلم.

د. عبد المجيد من السعودية: عندي بعض الإشارات في سورة النمل أود من الدكتور أن يعلق عليها، الناظر في أسماء سور القرآن نجد عدة سورة سماها الله بأسماء بعض المخلوقات كالحيوانات البقرة والأنعام والنحل والنمل والعنكبوت والفيل فهل لهذه التسميات مغزى أو إشارة أو مجرد علامات على السورة فقط ليس إلا؟

الإجابة: لو تتبعت أسماء السور في القرآن هناك أسماء حيوانات البقرة والنحل والأنعام والنمل والفيل والعنكبوت هذه كل تسمية لها دلالة، البقرة لأنها ذكرت قصة البقرة وقصة البقرة كانت هي العبرة وليست البقرة نفسها لكن النبي صلى الله عليه وسلم سماها البقرة ونحن نتبعه في ذلك. وأيضًا سورة النمل النملة في الحقيقة وهذا الذي دعاني لاصطحاب هذا التفسير “الجواهر في تفسير القرآن الكريم هذا تفسير قديم بعض الناس لا يعرفوه وهو تفسير قديم صارت عليه ضجة الشيخ طنطاوي الجوهري كان مدرس علوم فأراد أن يفسر القرآن الكريم تفسيرًا علميًا، يأتي إلى سورة النمل لماذا سماها الله سورة النمل؟ قال النمل أمم وقبائل وشعوب ولو تتبعت النملة وبالمناسبة أدعو إلى سماع شريط الشيخ ناصر العمر بعنوان النملة تكلم فيه عن النملة ودقتها وعن أنها من الحيوانات الجادة جدًا وتعيش في شعوب في قرى النمل. هذا الكتاب تكلم عن النمل كلاما عجيبا وأنواع النمل وقرى النمل وكيف تبني النمل بيوتها وفيه تصوير لبيوت النمل وكيف تبني غرفها وفيه غرفة للضيوف وغرفة للعاملات الشغالات ولو تدخل على اليوتيوب وتبحث عن النمل تجد ما يدهشك في دقة النمل وانضباطها وأنك لا ترى نملة واقفة وإنما كل النمل يعمل ويذكرون قصة طريفة عن الكسائي وذكرها الجواهري قال “إن الإنسان تلميذ للحيوان فقال لا تعجب إن تسمى بعض سور القرآن بحيوانات فإن الإنسان تعلم من الحيوان كثيرًا فهو تلميذه في الدفن عندما تطور ابن آدم (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) المائدة) وتعلم من هذه النملة التي تعلم الصبر والانضباط والدقة وعدم الاستسلام وقد تعلم منها الكسائي ويقولون تيمورلنك عندما انهزم في أول أمره وانهزم جيشه أوى إلى منطقة وهو حزين كسير فرأى نملة تصعد إلى مكان أملس وتسقط، 17 مرة حتى صعدت فقال سبحان الله! نملة 17 مرة وأنا من أول مرة أنهزم؟! والكسائي طلب العلم على كبر واستفاد من النملة فتسميتها بالنملة فيها عبرة لكن لا نريد أن نفصّل.

والسؤال الثاني: ذكر الله في سورة النمل ذكر الدابّة ولم يذكر من صفاتها وماهيتها شيء البتّة سوى أنه تحشر الناس فهل هناك أقوال للمفسرين ما هي هذه الدابّة؟ وهل هناك فائدة من إخفاء ماهيتها؟

د. عبد الرحمن: الدابة المقصود بها هنا علامة من علامات الساعة الكبرى كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا لا أنسه قطّ قال أول علامات الساعة خروج الشمس من مغربها وخروج الدابة أيهما خرج أولا فالثاني فهو في إثر صاحبه فهي علامة من علامات الساعة، وهي دابة تكلم الناس أنت يا فلان مؤمن وأنت يا فلان كافر حتى أصبح يعيشون ويعرفون أن هذا مؤمن وهذا كافر. وهذا لا شك من العلامات الكبرى التي لا ينفع معها إيمان.

أبو محمد من السعودية: عندي فائدة في سورة النمل قال تعالى (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)) هل نستفيد من هذه الآية أن السجود لا يكون إلا لله مع أن هناك سجود الملائكة لآدم فهل يمكن أن نقول أن شرع سليمان هو نسف لما عليه شريعة آدم أم أن سجود الملائكة لآدم كان سجود شكر والموضوع في النية قد يكون الفعل واحد لكن النية تختلف هذا شرك وهذا غير شرك؟

د. عبد الرحمن: السجود هو علامة من علامات التعظيم والله سبحانه وتعالى عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم سجدوا فهم سجدوا استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى فهو ليس سجودًا للبشر، السجود الذي سجده الملائكة هو بأمر الله فليس مخالفًا لأمر الله لأنه استجابة لأمره وهو تكريم لآدم عليه السلام والأمر أن السجود تكريم لكننا قد نهينا عنه وأنا لا نسجد إلا لله سبحانه وتعالى والهدهد كان أعقل من كثير من الناس وكان حريصًا على العقيدة. والهدهد أشار إلى نقطتين: التقطة الأولى أنه لا ينبغي السجود إلا لله سبحانه وتعالى وهذا أمر مستقر حتى عند الحيوانات والأمر الثاني أنه استغرب أن قوم سبأ تملكهم امرأة فدل هذا على أن ملك المرأة أمر مستغرب حتى عند الحيوانات مع أن النمل الذين تديرهم ملكة والنحل كذاك.

المقدم: الطريف أن الهدهد حكى الله على لسانه أنه قال (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (25)) (الخبء) فكأنه هو يحتاج هذا.

أبو محمد: والفائدة الثانية مع أن الله أعطى سليمان الملك والتصرف بالريح وما إلى ذلك إلا أنه لا يعلم الغيب بدليل أن الهدهد قال له (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ (22)) قد يكون هذا مفيداً في طرح بعض المذاهب المنحرفة الذين يغالون في آل البيت، سليمان أعطاه الله عز وجل ما لم يعط علياً رضي الله عنه ومع ذلك لم يعرف الغيب.

إتصال من الأخ هادي من السعودية: سليمان إتخذ القرار في قضية الهدهد (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ (21)) والقرار الثاني (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)) فلماذا عملية الاستعجال في اتخاذ القرارات؟

الإجابة: أولًأ فيها إشارة أن سليمان عليه السلام قد أوتي ملكًا لم يؤته أحد من قبل وأن ليس هناك أحد سخر الله له الطير والإنس والجن يأتمرون بأمره اليوم نلاحظ اكتشاف الطائرة التي بدون طيار أفضل عتاد الجيوش لكن أين هو من الهدهد الذي ذهب وأرسل وأجاب! فسليمان عليه السلام كان حكيمًا في تعامله مع الهدهد (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21)) فلما جاءه الهدهد بالسلطان المبين جاء بتقرير مفصل حتى الهدهد ما قال سمعت وإنما جاء بتقرير مفصل (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24))

سؤال الحلقة

عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم. فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده فقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك -وهو يثب في الدرع- فخرج وهو يقول: …

فأي آية من آيات الجزء السابع والعشرين هي التي تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم؟