هدايات قرآنية

هدايات قرآنية – 15 – سورة الشمس

اسلاميات

برنامج هدايات قرآنية – الحلقة 15

سورة الشمس

د. يوسف العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعي الكرام إلى هذا اللقاء في برنامجكم “هدايات قرآنية” أرحب بكم وأدعوكم للتنقل معي في أفانين القرآن العظيم مع نخبة من أهل العلم من ضيوفنا في هذا اللقاء فمرحباً وأهلاً وسهلاً بكم.

******************

هدايات قرآنية يسعدنا تواصلكم عبر الرسائل النصية على هاتف البرنامج 0541151051 بانتظار اقتراحاتكم وأسئلتكم حول العلوم القرآنية وهدايات السور.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام وإلى هذه الفقرة.

******************

الفقرة الأولى: “في أفياء السورة” يقدم هذه الفقرة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار حيث يستعرض فيها مع التعريف بالسورة شيئاً من علومها.

******************

الشيخ مساعد الطيار: سورة الشمس وهي سورة مكية بالاتفاق. والاسم الشهير لها هو هذا الاسم “سورة الشمس” وهذه قد وردت في كثير من المصاحف وكتب التفسير وغيرها من كتب السُنّة وقد تسمى أيضاً بسورة “والشمس” وقد تسمى أيضاً بسورة “والشمس وضحاها” حكاية لأول السورة، لكن الاسم الأشهر هو “الشمس”. وقد ذُكر في مناسبة ستأتي إن شاء الله في سبب لطافة هذا الاسم مع ذكر ثمود الذين لم يُذكر قوم غيرهم في هذه السورة ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن لثمود الهدى وصاروا يرونه رأي العين ولكنهم ضلّوا وتركوا الهدى بعد أن رأوه ،فناسب أن تُذكر الشمس وضحاها تشبيهاً بالهدى الذي حصل لهؤلاء القوم ولكنهم لم يؤمنوا بالله سبحانه وتعالى.

أما موضوعات هذه السورة فهو كما نلاحظ إقسامٌ بالشمس وبضحى الشمس وبالقمر وبالنهار وبالليل وبالسماء وما بناها والأرض وما طحاها وبالنفس وما سواها، فهذه الإقسامات. وأما قوله (وَمَا بَنَاهَا (5))، (وَمَا طَحَاهَا (6))، (وَمَا سَوَّاهَا (7)) فللمفسرين فيها قولان: إما أن تكون(ما) بمعنى (من) يعني ومن بناها، ومن طحاها، ومن سواها وهو الله سبحانه وتعالى، أو يكون إقسام بالمصدر يعني وبنائها وطحيها وتسويتها فسواء كان هذا أو ذاك فهو في النهاية قسم إما بالخالق سبحانه وتعالى أو بفعله الذي فعله.

ثم أخبر الله سبحانه وتعالى بعد ذلك في قوله (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)) وهذا تخلّص إلى ذكر أمر هذه النفس وما يحصل منها لما قال (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)) فبيّن لها طريق الخير وبيّن لها طريق الشر فمن زكّاها فقد أفلح ومن دسّاها بالذنوب فقد خاب. ثم ذكر مثالاً لمن دسّا نفسه بالذنوب وهم قوم ثمود الذين رأوا وأبصروا الحق ولكنهم لم يؤمنوا فكذبوا بسبب طغيانهم وذكر الله سبحانه وتعالى ما حصل من أشقاهم وهو قدار بن سالف كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم لما عقر الناقة فصبّ الله سبحانه وتعالى عليهم العذاب صباً وسوّاهم جميعاً فلم يخرج منهم أحد عن هذا العذاب والله سبحانه وتعالى قادر لا يخاف عقبى ما فعله سبحانه وتعالى، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا التدبر في كتابه.

******************

الفقرة الثانية: “هدايات السورة” مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام وإلى فقرة الهدايات حول هذه السورة سورة الشمس حيث أرحب هنا بالشيخ الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، فمرحباً بكم دكتور محمد وأدعوكم لتأخذنا أيضاً في هدايات هذه السورة.

الشيخ محمد الخضيري: سورة الشمس سورة عظيمة أقسم الله عز وجل فيها بأقسام متعددة وأكثر فيها من القسم لبيان حقيقة عظيمة وهي حقيقة أن الفلاح مقرون بتزكية النفوس فقال (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)) هذه أحد عشر قسماً يقسمها ربنا سبحانه وتعالى وما يجتمع هذا القَسَم الكثير إلا لأمر عظيم فما هو يا ترى ذلك الأمر العظيم؟ قال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)) هذا الفلاح لا يمكن أن يكون بالنَسَب، ولا أن يكون بالحظّ والصدفة، ولا أن يكون بالغنى والمال، ولا أن يكون أيضاً بمجرد أن يكون الإنسان في بيئة معينة أو من قبيلة محددة وإنما هو بتزكية هذه النفوس.

د. يوسف العقيل: وهو أمر متاح لكل أحد.

الشيخ محمد الخضيري: وهو أمر متاح لكل أحد وبه يتفاضل الناس لا يتفاضلون بأنسابهم ولا بأموالهم ولا بأي شيء مما يستمتعون به في هذه الحياة قال (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)) ما هي التزكية؟ التزكية في أصل اللغة تدل أو لها معنيان:

1.      زكّى الشيء أي نمّاه

2.      وزكّى الشيء أي طهّره،

فالتزكية حقيقتها مبنية على ركنين عظيمين: تخلية وتحلية فإذا أردت أن تزكي نفسك فأنت عليك أن تُخلّي هذه النفس من أخلاقها الفاسدة من ذنوبها ومعاصيها، من الشرك بالله عز وجل، من اللهو واللغو وغير ذلك مما ينبغي أن تطهر منه النفس، ثم يجب عليك بعد ذلك أن تحلّيها بالعمل الصالح، بالإيمان الصادق الصحيح، بهذين الأمرين تتم التزكية وبهما يرتفع الإنسان. الأصل أن الإنسان هابط وأن الإنسان ينزل في السفول إذا ترك نفسه على هواها ولا يمكن أن يعود إلى المحل الذي جاء منه وأُهبط منه وهي الجنة إلا بالتزكية. والتزكية يمكن أن نشبهها بصعود السلم، فصعود السلم شيء شديد على النفس وقوي عليها وهذا يلاحظه كل واحد منا إذا أراد أن يصعد سلماً فإنه يجد من حبس النَفَس الشيء الكثير ومن المشقة في الوصول إلى أعلى السلم الشيء الواضح الذي لا يخفى على أحد. وهكذا عندما تريد أن تصعد إلى الجنة وتصعد إلى رضوان الله عز وجل تحتاج إلى أن تجاهد نفسك، تجاهد نفسك بالصوم، بتلاوة القرآن، بقيام الليل، ببر الوالدين، بصلة الرحم، بالأمر بالمعروف، بالنهي عن المنكر، بالجهاد في سبيل الله، بإصلاح القلب. أيضاً تجاهد نفسك في جانب آخر وهو التخلية وذلك بتخلية قلبك من الرياء، بتخلية قلبك من الحسد، بتخلية قلبك من الكِبر، بتخلية بدنك وشهواتك من كل ما يُغضب الله عز وجل كشرب الخمر، الزنا، النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، كل هذه الأمور تعتبر تزكية للنفس. وبداية التزكية إنما تكون في القلب فإذا زكى القلب سهل على الإنسان تزكية بدنه، أما إذا زكّى الإنسان بدنه وهو لم يلتفت إلى قلبه كما يفعله مع الأسف كثير من الناس فيغفلون عن قلوبهم مع أن جوارحهم تعمل أعمالاً من التزكية كالصوم والصلاة ونحوها فإن هؤلاء يتعبون وقد يتعثرون في نصف الطريق. الأصل أن تبدأ بالقلب ثم البدن يأتي تبعاً وهذه سُنّة معروفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».

ثم ذُكر في بقية السورة نموذج لمن لم يزكّوا أنفسهم وهم قوم ثمود الذين كانت عندهم نِعَم الله وقامت عليهم حُجة الله ومع ذلك تركوا أنفسهم على ما هي عليها وأتبعوا أنفسهم هواها قال الله (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)) لم تكذّب بأي سبب إلا لأجل الطغيان (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12)) وهو الذي قتل الناقة (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ) أي احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء (وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ) ربنا سبحانه وتعالى (عُقْبَاهَا (15)) أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن زكى نفسه فأفلح وأنجح.

د. يوسف العقيل: آمين، أحسن الله إليكم دكتور محمد هذا العرض لهذه الهدايات وإن كانت السورة حقيقة وكل سور القرآن عظيمة ويمكن الحديث عنها طويلاً لكن ما أشرتم إليه فيه تذكير الحقيقة لنا جميعاً بالالتفات لهذه المعاني العظيمة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها.

الشيخ محمد الخضيري: آمين.

د. يوسف العقيل: شكر الله لكم، شكراً لكم أنتم مستمعي الكرام وأدعوكم إلى الفقرة التالية.

******************

الفقرة الثالثة: “من المكتبة القرآنية” مع الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: إذاً نصل إلى هذه الفقرة مستمعي الكرام وهي المكتبة القرآنية حيث ينتقي لنا الدكتور عبد الرحمن ما يتيسر له فماذا لديكم دكتور عبد الرحمن؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله دكتور يوسف وحيا الله الإخوة المستمعين الكرام والأخوات المستمعات. كتابنا في هذه الحلقة هو كتاب “التيار العلماني الحديث وموقفه من تفسير القرآن الكريم، عرض ونقد” من تأليف الأستاذة منى محمد بهي الدين الشافعي وقد طبع هذا الكتاب في دار اليسر بمصر. هذا الكتاب من الكتب القيمة المفيدة للباحث والمثقف المسلم لكي يطلع على تيار عمّ شرّه كثير من فروع المعرفة الإسلامية في التفسير، وفي الحديث، وفي العقيدة، ولكن في التفسير ظهر بشكل واضح جاءت هذه الباحثة الأستاذة منى الشافعي جزاها الله خيراً فتعرضت لهذا الموضوع وهو موقف هذا التيار العلماني الحديث من تفسير القرآن الكريم.

تحدثت في الباب الأول عن التعريف بالتيار العلماني والمقصود به وبيان هدف العلمانيين من الخوض في التفسير وناقشت المقصود بالعلمانية وذكرت أن الهدف الحقيقي لخوض العلمانيين في التفسير هو الترويج للعلمانية ودسّ مبادئ العلمانية في كتب التفسير وفي كتب الحديث حتى ينطلي على من يقرؤه من القراء. أيضاً تحدثت عن هدف من أهداف العلمانيين في الخوض في التفسير وهو هدف نزع القداسة عن النص القرآني والدعوة إلى نقضه والعمل على تحلل المجتمع من عرى الدين بمثل هذا الخوض في كتب التفسير، وأيضاً هدم مبدأ المرجعية للنصوص عند المسلمين وإبطال مرجعية كتب التفسير التراثية عند المفسرين ونحو ذلك من هذه الأهداف التي يقصدها العلمانيون، وهناك هدف من أهدافهم أبرزته المؤلفة وهو التجديد يأتونك بحجة الرغبة في تجديد التفسير ويدخلون من هذا الباب فيهدمون التفسير وأصول التفسير بطريقتهم. أيضاً تحدثت عن هذه الدعوى وهي دعوى التجديد عند العلمانيين في التفسير وأبطلتها وردت عليها وناقشتها ناقشات قيّمة جديرة بالقراءة. في الباب الثاني تناولت شبهات العلمانيين حول تفسير القرآن الكريم، شبهاتهم حول مصدر القرآن، حول صياغة الواقع أن القرآن الكريم من صياغة الواقع وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم وهذه شبهة قديمة تتجدد بين الحين والآخر. أيضاً شبهة من شبهات العلمانيين التي يروجون لها أن آيات الأحكام ليست من كلمات الله تعالى وهذه أيضاً شبهة ردت عليها الباحثة. أيضاً من شبهاتهم أن آيات الأحكام ليست معجزة وإنما هي أشبه ما تكون بصياغة دستورية أو فقهية للأحكام ناقشتها المؤلفة نقاشاً قيّماً. أيضاً علم التفسير نفسه ومفهومه وقواعد التفسير هناك شبهات كثيرة يطرحها هؤلاء العلمانيون مثل على سبيل المثال استحالة الوصول إلى مراد الله من النصوص يقولون هذه النصوص نصوص إلهية ولم يوقفنا على معانيها بدقة ولذلك يستحيل أن يصل البشر إلى المعاني الحقيقة لهذه النصوص وبالتالي يصبح القرآن الكريم كتاباً معلقاً في الهواء لا نستطيع أن نستفيد منه ولا نطبقه، ردت المؤلفة على هذه الشبهة وناقشتها نقاشاً رائعاً جداً وشبهة أن التفسير يحوّل النص من الإلهية إلى البشرية أيضاً ناقشتها المؤلفة وغيرها من الشبهات المثارة حول التفسير عند العلمانيين. أيضاً علاقة علم التفسير بغيره من العلوم هناك شبهات كثيرة للعلمانيين حولها مثل على سبيل المثال شبهة انقطاع الصلة بين علم التفسير وبقية علوم الشرع، أيضاً شبهة أن العقائد ليس لها مصدر سماوي فوقي، أيضاً شبهة أن العقائد الدينية لم تُفهم من ظاهر القرآن وأن يجب أن تأوّل ونحو ذلك وهذه شبه قديمة متجددة، أيضاً شبهة أن التسليم للعقائد الموروثة وعدم الشك فيها هو استسلام للعقلية الأسطورية وهم يريدون أن يدخلون من هذا المدخل. أيضاً شروط المفسر ناقشها العلمانيون وحاولوا أن يلعبوا ويعبثوا بها ردت المؤلفة على هذا. المفسرون العلمانيون أو الذين ناقشوا التفسير من العلمانيين لهم موقف من التفسير بالمأثور، موقفهم من أسباب النزول، أيضاً ادعاء أن أسباب النزول لآيات الأحكام فقط وليست لكل الآيات، موقفهم من تفسير القرآن بالقرآن، تفسير القرآن بالسنة، الإعراض عن الاستدلال بالسنة عند التفسير في غالب الأحيان، لامنهجية إن صح التعبير عندهم في تفسير القرآن الكريم. أيضاً من الشبهات التي يثيرها العلمانيون اللغة لغة القرآن الكريم وتفسيرهم للآيات بعيداً عن اللغة ودلالاتها فعبثوا بآيات الحجاب، عبثوا بتفسير آيات القدر أو سورة القدر ونحو ذلك، التدليس والكذب بإطلاق ألفاظ على غير معانيها وقضايا كثيرة متعلقة باللغة. ثم ختمت بحثها بأسباب تهافت كلام العلمانيين في التفسير ومخالفتهم لأصول التفسير، فالكتاب قيّم جداً وهو رسالة جامعية وعميقة يصلح للمتخصصين الذين يدرسون القرآن الكريم ويدافعون عنه.

د. يوسف العقيل: واسمه مرة أخرى؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كتاب “التيار العلماني الحديث وموقفه من تفسير القرآن الكريم” للأستاذة منى محمد بهي الدين الشافعي.

د. يوسف العقيل: شكراً لكم دكتور عبد الرحمن على هذا العرض السريع لهذا الكتاب، نسأل الله عز وجل أن ينفع بجهد المؤلفة وبما ذكرتم يا دكتور.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اللهم آمين.

******************

الفقرة الرابعة: “مناهج المفسرين” مع الدكتور خالد بن عثمان السبت عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام.

******************

الشيخ خالد السبت: حديثنا في هذه الحلقة سيكون متمماً للحلقات السابقة التي كان الحديث فيها عن تفسير ابن جرير رحمه الله وهذا الحديث سيكون مختصاً بطبعات هذا الكتاب. فأول طبعة لهذا الكتاب كانت في المطبعة الميمنية سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة بعد الألف في تسعة مجلدات وبهامشه تفسير النيسابوري، والطبعة الثانية هي طبعت مصطفى الباب الحلبي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة بعد الألف في ثلاثين جزءاً في اثني عشر مجلداً. وطبعة ثالثة وهي طبعة بولاق سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة بعد الألف في ثلاثين جزءاً في أربعة عشر مجلداً وبهامشه تفسير النيسابوري وقد اكتملت هذه الطبعة سنة ثلاثين وثلاث مئة بعد الألف. وطبعة رابعة في المطبعة الأميرية سنة خمس وعشرين وثلاثة مئة بعد الألف في ثلاثين جزءاً في اثني عشر مجلداً وبهامشه غريب القرآن للنيسابوري. وطبعة أخرى لمكتبة الباب الحلبي في ثلاثين جزءاً صدرت سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة بعد الألف وهي من أجود طبعات هذا التفسير وقد روجعت على عدد من النُسخ الخطية مع ضبط النص قام بذلك بعض العلماء وقد شرحوا الشواهد الشعرية وصنعوا فهارس لكل جزء من الآيات المفسرة والموضوعات والقوافي. ثم أصدرت مطبعة الباب الحلبي نشرت مصورة من هذه النشرة عام ثمان وثمانين وثلاث مئة بعد الألف وهذه الطبعة هي التي أُثبتت أرقام صفحاتها على جانب صفحات الطبعة الجديدة التي أصدرتها دار هجر. وهناك طبعة لدار الفكر متوافقة تماماً مع هذه الطبعة مع حذف المقدمة والخاتمة من غير إشارة إلى أنها طبعة الباب الحلبي. وأما أشهر طبعات الكتاب فهي التي قام على تحقيقها وإخراجها العالمان المحققان الشيخ محمود شاكر وأخوه الشيخ أحمد شاكر رحمهما الله تعالى ابتداءً من سنة أربع وسبعين وثلاث مئة بعد الألف وقد صدرت هذه الطبعة في ستة عشر مجلداً أصدرتها دار المعارف بالقاهرة، فقام الشيخ محمود شاكر رحمه الله بتحقيق الكتاب بالاشتراك مع أخيه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى. فالشيخ أحمد شاكر رحمه الله يقوم بدارسة الأسانيد والحكم عليها من حيث الصناعة الحديثية والشيخ محمود يقوم بالباقي من مقابلة النُسَخ وتحقيق النص وتخريج الأقوال والشواهد الشعرية ووضع علامات الترقيم وضبط النصّ وما يتعلق بذلك من شرح غريب ونحو ذلك، كما قام بمراجعة ما في هذا التفسير من الآثار على كتاب الدر المنثور للسيوطي وفتح القدير للشوكاني وتفسير ابن كثير والبحر المحيط والقرطبي لكنه رأى أن الاستمرار على هذا النهج يطيل الكتاب ويكثّر حواشيه فبدأ منذ الجزء الثاني يُغفل ذكر المراجع إلا عند الاختلاف أو التصحيح، كما قام بمراجعة كثير مما في التفسير من الآثار على سائر الكتب التي هي مظنّة لروايتها وبخاصة تاريخ الطبري ومن في طبقته من أصحاب الكتب التي تروي الآثار بالأسانيد، أما مسائل اللغة والنحو فقد راجعه على أصوله كمجاز القرآن لأبي عبيدة ومعاني القرآن للفرّاء وغيرهما. وأما الشواهد التي تزيد على ألفي شاهد من الأبيات الشعرية فقد تتبعها من دواوين العرب ونسب ما لم يكن منها منسوباً وشرحها وبيّن معناها كما أنه بيّن مراد الطبري رحمه الله في بعض المواضع التي أخطأ بعضهم في فهم مراده منها ولربما اعترض بعضهم عليه في بعض كلامه أو استغلق عليهم بعض عبارته. كما قام بتتبع مصطلحات النُحاة القديمة التي استقر الاصطلاح على خلافها مما كان يعبّر به الطبري رحمه الله وجعل لها فهرساً خاصاً في آخر كل جزء من الأجزاء التي قام بتحقيقها، كما أنه أفرد لكل جزء فهارسه الخاصة في نهايته فوضع فهرساً للآيات التي استدلّ بها الطبري في غير موضعها من التفسير وفهرساً آخر لألفاظ اللغة وثالث لمباحث العربية ورابع للرجال الذين تكلّم عنهم أخوه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله عند كلامه على الأسانيد،. ثم وضع فهرساً عامّاً اقتصر فيه على ما سوى ما ذكر في الفهارس المتقدمة. وقد استمر العمل في تحقيق الكتاب من سنة أربع وسبعين وثلاث مئة بعد الألف وتم إصدار ثلاثة عشر جزءاً إلى سنة سبع وسبعين وثلاث مئة بعد الألف حيث توفي الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تلك السنة ثم صدر الجزء الرابع عشر سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة بعد الألف وتبعه الجزء الخامس عشر سنة ثمانين وثلاث مئة بعد الألف ثم صدر الجزء السادس عشر وهو الأخير سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة بعد الألف وتوقف عند الآية السابعة والعشرين من سورة إبراهيم. أكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة وأسأل الله تبارك وتعالى لي ولكم علماً نافعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

******************

د. يوسف العقيل: إلى هنا أيها الإخوة الكرام نصل إلى ختام هذه الحلقة لنا بكم لقاء قادم بإذن الله تعالى نسعد بتواصلكم على هاتف البرنامج 0541151051 وإلى لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.