هدايات قرآنية

هدايات قرآنية – 17 – سورة الضحى

اسلاميات

برنامج هدايات قرآنية – الحلقة 17

سورة الضحى

د. يوسف العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم مستمعي الكرام إلى هذا اللقاء في برنامجكم “هدايات قرآنية” أرحب بكم وأدعوكم للتنقل معي في أفانين القرآن العظيم مع نخبة من أهل العلم من ضيوفنا في هذا اللقاء فمرحباً وأهلاً وسهلاً بكم.

******************

هدايات قرآنية يسعدنا تواصلكم عبر الرسائل النصية على هاتف البرنامج 0541151051 بانتظار اقتراحاتكم وأسئلتكم حول العلوم القرآنية وهدايات السور.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام وإلى هذه الفقرة.

******************

الفقرة الأولى: ” في أفياء السورة” يقدم هذه الفقرة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار حيث يستعرض فيها مع التعريف بالسورة شيئاً من علومها.

******************

الشيخ مساعد الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم. سورة “الضحى” هكذا سميت في كثير من المصاحف وفي كتب التفسير وقد وردت أيضاً في بعض الآثار وقد تسمى سورة “والضحى” وقد تسمى سورة “والضحى والليل” ولكن هذا الاسم قليل جداً وهو وارد عند بعضهم ولكن الأشهر هو سورة “الضحى”. وهي سورة مكية بالاتفاق وسبب نزولها يوضح ذلك وهو أنه تأخر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى اشتكى صلى الله عليه وسلم فقال المشركون ما نظن ربك إلا قد قلاك أي أبغضك وهذا من باب الهزؤ والسخرية بالرسول صلى الله عليه وسلم حتى إنهم اختاروا اللفظ الدالّ على شدة الكره وهو البُغض يعني ما نظن ربك إلا قد قلاك ولهذا رد الله سبحانه وتعالى عليهم قال (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)) أي ما أبغضك.

وهذه السورة من السور المختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن أراد أن يعرف منزلة محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين عند ربه سبحانه وتعالى فيتأمل هذه السورة، فإن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه من الوعد وأيضاً بيّن له ما أعطاه من النعم ما يجعل العبد المسلم إذا قرأ هذه السورة يعرف محبة الله ومنزلة محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه. فأعطاه هذا الوعد المطلق (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)) فالآخرة بالنسبة له صلى الله عليه وسلم خيرٌ من هذه الدنيا ولهذا لم يطلب فيها ثراء ولا غنى بل كان صلى الله عليه وسلم كأفقر رجل قد يمر كما تقول عائشة الشهر والشهران لا يوقد في بيت محمد صلى الله عليه وسلم نار.

ثم قال سبحانه وتعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)) ففتح له المجال في هذا في أن يعطيه حتى يرضى. ومن عجيب الأمر أنه لا يرضيه صلى الله عليه وسلم إلا أن يخرج جميع أمته من النار ولهذا في الشفاعة يقول: أمتي، أمتي. يوم القيامة لا يسأل إلا عن أمته حتى يُدخل أمته الجنة فيرتاح صلى الله عليه وسلم.

ثم بيّن بعض نعمه عليه في أول عمره لما كان يتيماً فأوجد له مأوى عند جدّه ثم عند عمه وأيضاً أنه كان صلى الله عليه وسلم ضالاً عن تفاصيل الشرائع كما قال الله سبحانه وتعالى (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ) [الشورى:52] فهداه الله سبحانه وتعالى بالنبوة إلى تفاصيل الشرائع وأيضاً كان صلى الله عليه وسلم عائلاً ليس ذا مال فأغناه الله سبحانه وتعالى بزوجه خديجة. ثم أمره الله سبحانه وتعالى بأن يشكر هذه النعم بما يقابلها فلمّا كنت يتيماً فلا تقهر هذا اليتيم، ولمّا كنت ضالاً عن تفاصيل الشرائع فإذا جاءك سائل يسأل عن الدين فلا ترده وعلّمه تفاصيل الدين، وأيضاً إذا جاءك سائل يطلب مالاً فلا ترده فلا تنهر السائل فيشمل سائل الدين وسائل المال. ثم ختم الله سبحانه وتعالى بهذا بأن يحدّث صلى الله عليه وسلم عن النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها عليه ليتبصر الناس بمنزلة هذا النبي الكريم عند ربه وما أعطاه من النعم. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم من أتباع هذا النبي وممن يأخذ بيدهم إلى الجنة إنه سميع مجيب.

******************

الفقرة الثانية: “هدايات السورة” مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: حياكم الله مستمعي الكرام إلى هذه الفقرة مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري وهدايات سورة الضحى، دكتور محمد مرحباً بك ولندخل في هذه الهدايات العظيمة لهذه السورة.

الشيخ محمد الخضيري: أحسنتم، سورة الضحى سورة تتحدث عن نعم الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً أنها نزلت بعد أن قذفت إحدى المشركات رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها ما أرى ربك إلا قد هجرك أو أبغضك أو قلاك فأنزل الله عز وجل هذه السورة رداً على زعمها وافترائها الباطل وطمأن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه في المحل الأعلى من القرب والحظوة عند ربه سبحانه وتعالى ولذلك قال (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)).

ثم بعد ذلك ذكرت السورة نعماً أنعم الله بها على محمد صلى الله عليه وسلم وقابلت هذه النعم بما ينبغي من رسول الله من شكرها وهذا يعطينا أن كل نعمة ينعم الله بها عليك ينبغي لك أن تبحث عن سبيل لشكر تلك النعمة من جنس ذلك العطاء. انظروا معي إخوتي الكرام قوله سبحانه وتعالى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)) أي قد وجدك يتيماً فآواك، (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)) أي وجدك غير عالمٍ بهذا الوحي ولا عارفٍ بهذا الدين فهداك إليه، (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)) عائلاً أي فقيراً ذا عيال فأغناك الله عز وجل أول الأمر بعمّك ثم بعد ذلك بزوجك خديجة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ثم بما أفاء الله عز وجل عليك من النعم ثم بيّن له سبيل الشكر فقال (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)) ألم يجدك يتيماً فآواك إذاً ينبغي لك إذا وجدت يتيماً ألا تقهره وأن تكرمه وترعاه ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بالأيتام ولهم عنده حظوة عظيمة ومكانة رفيعة حتى قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)) سبحان الله هذه من بلاغة القرآن قال (السَّائِلَ) ولم يقل “وأما الفقير” من أجل أن تشتمل على شكر نعمتين لأنه قال في الآيات التي ذكّر بها بالنعم قال (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) هذا من ناحية العلم (وَوَجَدَكَ عَائِلًا) هذا من ناحية المال فقوله (وَأَمَّا السَّائِلَ) يشمل هذا وهذا فإذا جاءك طالب العلم فلا تنهره وإذا جاءك طالب المال فأعطه ولا تنهره.

د. يوسف العقيل: يدخل في هذا صاحب الحاجة عموماً؟

الشيخ محمد الخضيري: ويدخل في هذا صاحب الحاجة عموماً وكل سائل، فانظر كيف جاء بكلمة (السَّائِلَ) ولم يذكر الفقير ولم يذكر الجاهل ليبين كيف تُشكر تلك النعمة وتشكر تلك النعمة بأخصر عبارة.

ثم قال (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)) هذا فيما يتعلق بحديث الإنسان عن نعم الله عليه لأن هذا من أعظم ألوان الشكر أن تتحدث بنعمة الله عليك فإذا سُئلت عن صحتك أو عن حالك تقول أنا بخير الحمد لله، أنا في سعة، أنا في رحمة وفضل من الله سبحانه وتعالى ولا تكن كأولئك الذين يجحدون نعمة الله فهم دائماً يتشكون ويتسخطون ويتذمرون من قدر الله ودائماً يرون أنفسهم في المحل الأسفل وفي المحل الأدنى. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوزعنا وإياكم جميعاً شكر نعمه علينا.

د. يوسف العقيل: اللهم آمين وأن ينفعنا بهذا الكتاب العظيم، شكر الله لكم دكتور محمد وأدعوكم مستمعي الكرام للفقرة التالية.

******************

الفقرة الثالثة: “من المكتبة القرآنية” مع الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: نرحب بكم دكتور عبد الرحمن في هذه الفقرة ماذا أعددتم لنا وللإخوة المستمعين الكرام من المكتبة القرآنية؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله دكتور يوسف وحيا الله الإخوة المستمعين الكرام والأخوات المستمعات. كتابنا في هذه الحلقة كتاب مشهور جداً وهو كتاب “الإتقان في علوم القرآن” للسيوطي رحمه الله المتوفى سنة تسع مئة وإحدى عشر للهجرة. هذا الكتاب هو أشهر كتاب في علوم القرآن إذا قيل “الإتقان في علوم القرآن” أشهر من نار على علم. ومؤلفه الإمام جلال الدين السيوطي متوفى تسع مئة وإحدى عشر هجرية له قبل هذا الكتاب عدة مؤلفات في علوم القرآن، صنّف رسالة صغيرة في أصول التفسير ثم وسّعها بعد ذلك في كتاب سماه “التحبير في علوم التفسير” ذكر فيه مئة واثنين من أنواع علوم القرآن. ثم اطلع بعد ذلك على كتاب الزركشي “البرهان في علوم القرآن” فتاقت نفسه إلى توسيع التأليف في علوم القرآن فصنّف كتابه هذا “الإتقان في علوم القرآن” وضمّنه ثمانين نوعاً من أنواع علوم القرآن جمع فيه الكتب المتقدمة ورجع فيه إلى موارد كثيرة جداً جداً من كتب الحديث وعلوم القرآن والتفسير والقراءات وغيرها وأتقنه إتقاناً وسماه “الإتقان في علوم القرآن” والعجيب يا دكتور يوسف ولعل الإخوة المستمعين أيضاً يعجبون من أنه صنف كتابه الأول وعمره في الثامنة عشرة حسب تقديري ثم صنف كتابه هذا وهو في الثامنة والعشرين من عمره.

د. يوسف العقيل: عشر سنوات.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثمان وعشرين سنة وصنف كتاب “الإتقان في علوم القرآن” الذي ما زلنا إلى اليوم نعتبره عمدة في هذا الباب. كُتب السيوطي رحمه الله مشهورة بأنه يجمع فيها ما أُلّف في عديد من العلوم.

د. يوسف العقيل: يحشد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فقد صنف في التفسير بالمأثور وبالدراية وصنف في علوم القرآن في صورة مجموعة وأفرد بعض المباحث في علوم القرآن في كتب مستقلة مثل “المعرّب في القرآن”، “فضائل القرآن”، “المبهمات في القرآن”، “أسباب النزول”، “تناسب الآيات والسور”، “الناسخ والمنسوخ”، “المتشابه اللفظي”، “أحكام القرآن”، “المجاز” كلها مؤلفات مفردة له لكنه في كتابه الإتقان جمع كل هذه العلوم كما يقول في كتابه “أسرار التنزيل” يقول عنه وعن مؤلفاته التي سماها يقول فإذا تم هذا الكتاب وانضم إلى تلك الكتب استغنى بها محصّلوها عن جميع التفاسير، فهو كان يسعى إلى

د. يوسف العقيل: ثقة يعني؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم كان يسعى إلى أنه يغني القارئ في تخصصات كاملة في علوم القرآن وأنا أشهد أنه قد أبدع في تأليفه “الإتقان في علوم القرآن” إبداعاً لا مزيد عليه وأنه يعتبره أهم تآليفه ولذلك يقول: فأجلُّ ما وضعت من ذلك هو له كتاب في كتابه “التحدث بنعمة الله” يقول: فأجلُّ ما وضعت من ذلك كتاب “الإتقان في علوم القرآن” وهو كالمقدمة لمن يريد التفسير وأكثره قواعد كلية وفيه من الفوائد ما لم يجتمع في غيره. ولما سرد مؤلفاته ذكر الإتقان والقسم الأول منها وهو كما يقول: ما أدّعي فيه التفرد ومعناه أنه لم يؤلَّف له نظير في الدنيا فيما علمت وليس ذلك لعجز المتقدمين عنه معاذ الله ولكن لم يتفق أنهم تصدوا لمثله وأما أهل العصر فإنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثله. رحمة الله على السيوطي كان لديه نوع من الادّعاء!.

زيادات السيوطي في علوم القرآن أضاف إضافات كثيرة في كتابه “الإتقان” على من تقدمه ونحن ذكرنا تذكر يا دكتور يوسف في حلقات ماضية ذكرنا كتاب “المرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي” وذكرنا ربما أيضاً كتاب “البرهان للزركشي” جاء السيوطي فأضاف إضافات في أنواع مثل “الأرضي والسمائي” مثلاً ما نزل في السماء وما نزل في الأرض، فيما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة، ما أنزل منه على بعض الأنبياء وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك، ما تأخر حكمه عن نزوله وما تأخر نزوله عن حكمه ونحو ذلك فهذه من الأشياء التي سبق إليها السيوطي وانفرد بها.

د. يوسف العقيل: ويستدل أيضاً على دقة ملاحظته

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك وسعة اطلاعه رحمه الله. أصّل كثيراً من العلوم في كتابه هذا أضاف السيوطي تسعة وعشرين نوعاً من أنواع علوم القرآن على ما ذكره المتقدمون فذكر على سبيل المثال تحت كلمة فصل أو فائدة أو تنبيه ذكر أشياء جديدة مثل الحضري والسفري والنهاري والليلي وما تكرر نزوله من القرآن الكريم، أيضاً هناك بعض الكتب أو الموضوعات القديمة ولكنه أضاف فيها إضافات جديدة في كتابه. والكتاب يعتبر عُمدة في علوم القرآن لا يحتاج إلى أن أطيل الحديث فيه، أجمل وأجود طبعاته هي الطبعة التي قام على تحقيقها نخبة من الباحثين في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وطبع في سبعة مجلدات وهو موجود ومتوفر للباحثين، أسأل الله أن ينفع به.

د. يوسف العقيل: آمين، آمين وجزاكم الله خير دكتور عبد الرحمن هذا العرض الموجز عن هذا الكتاب القيّم “الإتقان في علوم القرآن للحافظ السيوطي”.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بارك الله فيكم.

د. يوسف العقيل: شكراً لكم وعلى الخير نلتقي.

******************

الفقرة الرابعة: ” مناهج المفسرين” مع الدكتور خالد بن عثمان السبت عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام.

******************

الشيخ خالد السبت: أيها الإخوة المستمعون والمستمعات حديثنا في هذه الحلقة سيكون متمماً لما قبله من الحلقات التي كنا نتحدث فيها عن تفسير ابن جرير رحمه الله. فمن طبعات هذا الكتاب الطبعة التي أصدرتها دار هجر وأشرف عليها الدكتور عبد الله التركي وتقع في ستة وعشرين مجلداً. ففي هذه الطبعة تم مقابلة الكتاب على النُسخ الخطية مع ضبط النص ولما كان ابن جرير رحمه الله من عادته أنه قد يستطرد في الكلام مما يوقع بعض القراء في إشكال فلا يستطيعون الربط بين آخر الكلام وأوله فهنا يأتي التعليق في الحاشية على بداية الكلام المعترِض ونهايته. كما قاموا بتخريج الأحاديث والآثار والحكم على أسانيدها بالصحة أو الضعف مع توثيق القراءات ونسبة الشعر إلى قائله وشرح الألفاظ الغريبة كما جعلوا آخر مجلدين للفهارس المتنوعة كفهرس الآيات والأحاديث والآثار والأشعار والأعلام والبلدان والأماكن والوقائع والأيام والقبائل والأمم والكتب ففي الجملة فهذه طبعة كاملة للكتاب وقد بُذِل فيها جهد مشكور في تحقيقه.

وبعد ذلك انتقل إلى الكلام على بعض مختصرات هذا الكتاب فقد اختصره محمد التُّجَيْبي الأندلسي المتوفى سنة أربع وثمانين وأربع مئة في مجلد واحد وهذا الاختصار لا يمثل الكتاب بحال من الأحوال وكأن المختصِر قصد بذلك استخراج تفسير الغريب من تفسير ابن جرير رحمه الله. وهناك مختصر للدكتور صلاح الخالدي ومحمد العلي مطبوع في سبعة مجلدات قصدا فيه الاقتصار على الصحيح مع حذف الأسانيد. وهناك مختصر ثالث وهو تفسير الطبري من كتابه “جامع البيان عن تأويل آي القرآن” للدكتور بشار بن عواد معروف وعصام الحرستاني وقد قصدا من هذا المختصر تقديم تفسير الطبري وحده بعيداً عن الآراء والاستشهادات الكثيرة في التفسير فقاموا بحذف التفاسير التي نقلها ولم يرضها كما قاموا بحذف عامة الشواهد الشعرية واللغوية وهكذا الخلافات الفرعية في الدقائق النحوية. وكذلك حذف من هذا المختصر عامّة ما أورده الطبري رحمه الله من الأحاديث والآثار إلا في القليل النادر لكن تم الإبقاء على استشهادات المؤلف من آي القرآن الكريم كما أبقوا على الآراء والأقوال التي أوردها ابن جرير عن كبار المفسرين في تأويل كل آية من غير ذكر لأسانيدها ورواتها. وكذلك أبقوا على عامة كلامه على قضايا الناسخ والمنسوخ وفي الجملة فإن هذا المختصر يعنى بالدرجة الأولى بالإبقاء على عبارة ابن جرير فمن أراد أن يقف على كلام ابن جرير نفسه من غير زيادة ويتعرف على ترجيحاته فإن ذلك يتحقق له بقراءة هذا المختصر. هذا ما قصدنا إيراده في الكلام على تفسير ابن جرير فاكتفي بهذا القدر وأسأل الله تبارك وتعالى لي ولكم علماً نافعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

******************

د. يوسف العقيل: إلى هنا أيها الإخوة الكرام نصل إلى ختام هذه الحلقة لنا بكم لقاء قادم بإذن الله تعالى نسعد بتواصلكم على هاتف البرنامج 0541151051 وإلى لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.