هدايات قرآنية

هدايات قرآنية – 4 – سورة عبس

اسلاميات

برنامج هدايات قرآنية – الحلقة 4

سورة عبس

د. يوسف العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي نزل القرآن على عبده بشيراً ونذيرا وهادياً إلى صراطٍ مستقيم والصلاة والسلام على الرحمة المهداة سيدنا وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله من اتبعه هداه إلى جنات النعيم أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة المستمعون الكرام إلى هذه الحلقة في حلقات هذا البرنامج هدايات قرآنية.

******************

هدايات قرآنية يسعدنا تواصلكم عبر الرسائل النصية على هاتف البرنامج 0541151051 بانتظار اقتراحاتكم وأسئلتكم حول العلوم القرآنية وهدايات السور.

******************

د. يوسف العقيل: يسعدنا أيها الإخوة الكرام أن تكونوا معنا في برنامج يضم ثُلةً من أهل البحث في الدراسات القرآنية وفي علوم القرآن نسأل الله عز وجل أن يوفق ضيوفنا الكرام، مرحبا بكم مستمعي هدايات قرآنية وأهلاً وسهلاً ومع الفقرة الأولى من حلقة هذا اليوم.

******************

الفقرة الأولى: في أفياء السورة يقدم هذه الفقرة الدكتور مساعد بن سليمان الطيار حيث يستعرض فيها مع تعريف بالسورة شيئاً من علومها.

******************

الشيخ مساعد الطيار: بين يدينا الآن سورة عبس وهذا هو الاسم المشهور لهذه السورة وعلى عادة كثير من الناس أن يسموا السورة بمبدئها فيقولون (عَبَسَ وَتَوَلَّى). وهذه السورة سورة مكية ولم يرد فيها فضائل وأما عدد آيات هذه السورة فهي اثنين وأربعين آية على العد الكوفي.

يكاد يكون الموضوع الأساس الذي تركز عليه الآيات مرتبط بالإنسان من حيث هو إنسان وما يحصل له من كرامة إن تبع الهدى أو كأن نقول المقصد الأساس الإنسان والهداية ولهذا نجد أن بداية السورة تبرز هذا الجانب. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على هداية رجل ورجل أعمى جاء يطلب التزكّي والعلم من النبي صلى الله عليه وسلم. ولو تأملنا موضوعات السورة سنجد أنها تعود إلى هذا المعنى.

فتبدأ السورة بالعتاب الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في قصة عبد الله ابن أم مكتوم المشهورة ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)) وهو عبد الله ابن أم مكتوم بلا خلاف عند المفسرين وهذا هو سبب نزول هذه السورة، يعني مطلع هذه السورة سبب نزوله هو مجيء عبد الله بن أم مكتوم لطلب التزكي من النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه النبي رجاء أن يُسلم ذلك الكافر الذي كان يدعوه.

وبعد ذلك قال الله سبحانه وتعالى (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12)) ثم ذكر بعد ذلك أوصاف القرآن فمعنى ذلك أن هذه الهداية وهذا التزكي إنما يكون بماذا؟ في هذا الكتاب. فعبد الله بن أم مكتوم جاء يطلب التزكية والله سبحانه وتعالى نبّه على موطن التزكية وهو يكون في الكتاب ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16))

بعد ذلك انتقل الحديث إلى موضوع آخر وهو موضوع مرتبط بالإنسان فقال الله سبحانه وتعالى (قُتِلَ الْإِنْسَانُ) والإنسان في الغالب في القرآن المكي يراد به الإنسان الكافر وما ذُكر هنا واضح أن المراد به الإنسان الكافر لأنها كلها من الأعمال التي لا يقوم بها إلا الكافر.

ثم ذكّر الله سبحانه وتعالى بنعمه التي أنعم على عباده وأن التفكّر بهذه النعم التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24)) أنها تهدي الإنسان إلى معرفة هذا الخالق وعبادة هذا الخالق والإيمان بالبعث والجزاء والنشور لأنها أيضاً أشارت إلى هذا.

ولهذا ختمت هذه السورة بما يتعلق بالبعث فقال (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33)) وذكر الفريقين الفريق الأول الذي قال الله عنهم سبحانه وتعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38)) والفريق الثاني الذي قال عنهم (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40)) وبهؤلاء ختمت هذه السورة وكأن فيها تنبيهاً إلى أن من فضّله الله سبحانه وتعالى في أول السورة ونبّه على أنه أعلى من الذي أعرض الرسول صلى الله عليه وسلم عليه من أجله مآله وخاتمته كما في خاتمة هذه السورة والله أعلم.

******************

الفقرة الثانية: هدايات السورة مع الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

الشيخ محمد الخضيري: سورة عبس سورة نزلت لمناسبةٍ حدثت في العهد المكي وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوماً ما مشغولاً بدعوة صناديد قريش فجاءه الصحابي الجليل عبد الله ابن أم مكتوم يستهديه ويستفتيه في أمرٍ أشكل عليه فكَرِهَ النبي صلى الله عليه وسلم مجيئه إليه في ذلك الوقت وودّ لو أن عبد الله ابن أم مكتوم لم يأتي ولذلك عَبَس بوجهه وقطّب عليه الصلاة والسلام وكان ذلك اجتهاداً منه وإيثاراً لمصلحة الدعوة في نظره عليه الصلاة والسلام فأنزل الله هذه الآيات عتاباً لرسوله في أمر يجب على المسلمين أن يعوه وهو أن هذه الدعوة تقدّم لمن أقبل عليها ولمن رغب فيها وأما من أعرض عنها فإننا لسنا مسؤولين في أن يقبل رغماً عن أنفه أو يستجيب لزاماً ما دمنا قد بلّغناه وعرضنا عليه. يقول الله عز وجل (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)) أي بسبب أن جاءه الأعمى. وعبوس رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما حدث لعلمه بأن عبد الله ابن أم مكتوم لا يرى ما على وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام من آثار التقطيب ولكن الله سبحانه وتعالى عاتبه على ما وقع منه وقال كيف تفعل ذلك؟ (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)). ثم بيّن له السبب (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)) ليس عليك شيء إذا لم يتزكى هذا الذي استغنى عنك وأعرض عن دعوتك ولم يقبلها. (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8)) مقبلاً مع أنه أعمى والطريق عليه شاقّ وجاء راغباً فيما عندك من الخير والهداية والوحي (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)) علماً بأنه يخشى أي يخشى الله سبحانه وتعالى!. فكانت هذه تذكرة من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ألا يعود لمثل ذلك ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يُكرم عبد الله إكراماً شديداً ويفسح له في المجلس ويقول أهلاً بمن عاتبني فيه ربي.

والفائدة العظيمة التي نستفيدها من هذه القصة أن هذه الدعوة تقدَّم لكل من يأتي إليها ولا يُنظر إلى المستويات التي عليها أهل الدنيا والرتب التي يضعها أهل الأرض لأنفسهم، هذا أمير وهذا مأمور وهذا وزير وهذا مستوزر وهذا موظف وهذا صغير وهذا فقير وهذا حقير وهذا إلى آخره. هذه الاعتبارات وهذه المنازل الدنيوية ليس لها أيّ اعتبار في تقديم العلم والهدى والوحي وفي أمر الآخرة. ولا يظننّ الداعية أنه عندما يؤثر هذا الكبير من الناس أنه بذلك يخدم الدعوة لأننا لا ندري من هو الذي يخدمها حقاً. فنحن يجب علينا أن نقوم بدين الله كما ينبغي ونقدّمه لكل راغب فيه بغض النظر عن مستواه وعن طبقته وعن لونه ولغته وجنسه وعِرقه.

ومن اللفتات الجميلة في بداية هذه السورة أن الله قال (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)) لأن هذه العبارة كانت قوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم آثر فيها أسلوب الغيبة فلم يقل “عبست وتوليت” لأن هذا قد يشقّ على قلب رسول الله فتلطف في العبارة معه لئلا يستوحش ولتتعلم الأمة كيف تخاطب نبيها محمداً صلى الله عليه وسلم ولتعلم مقامه عند الله جل وعلا. هذه بعض هدايات هذه السورة الكريمة وإلى لقاء.

******************

الفقرة الثالثة: من المكتبة القرآنية مع الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.

******************

د. يوسف العقيل: إذاً نصل إلى هذه الفقرة مستمعي الكرام ومع المكتبة القرآنية وضيفنا الدائم فيها فضيلة الشيخ د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود نرحب بك دكتور عبد الرحمن وماذا أعددت لنا في هذه الحلقة؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله دكتور يوسف، حيا الله الإخوة المستمعين الكرام كتابنا في هذه الحلقة هو كتاب “دعاوى الطعانين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها” ومؤلفه هو صديقنا الدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت. وهذا الكتاب من الكتب القيمة التي أنصح الإخوة المستمعين الكرام بالإطلاع عليها وقد طبع في مجلد واحد عن دار البشائر الإسلامية في بيروت، وأصل الكتاب هو رسالة دكتوراه لأخي د. عبد المحسن تناول فيها أبرز الشبهات التي يطرحها الطاعنون في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر على وجه الخصوص.

د. يوسف العقيل: الاسم مرة أخرى يا شيخ.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: “دعاوى الطعانين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها” للدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري الذي دعاه لتأليف هذا الكتاب وكتابة هذا البحث هو كثرة المطاعن على القرآن الكريم وخاصة في هذا الزمن واتهامه بالتناقض سواء من المستشرقين أو من أعداء الدين أو ممن ينتسبون للإسلام وأيضاً تأثر بعض المسلمين بهذه الشبه التي تثار فكان لزاماً على طلبة العلم الكشف عن هذه الشبه وبيان فسادها وأيضاً خاصة بعد انتشار شبكة الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة أصبحت الشبهات التي كانت في بطون الكتب والحواشي والتقارير انتقلت إلى وسائل الاتصال وإلى الشبكات وأصبح يطلع عليها كل أحد وقد قسم بحثه إلى عدة مباحث:

أولاً: في التهميد تحدث عن الطعن ومعناه والمصطلحات التي ترادف الطعن وتحدث عن التعريف بالطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري والحقيقة أشار إلى فوائد مهمة وهي أن الشبهات التي تثار في القرن المعاصر هي نفس الشبهات التي كانت تثار حول القرآن الكريم وقت نزول الوحي وأن القرآن الكريم قد تولى بنفسه الرد على هذه الشبهات.

تناول في الباب الأول الحديث عن نشأة الطعن في القرآن الكريم وأسبابه وكيفية مواجهته فتحدث عن تاريخ الطعن في القرآن والتأليف فيه وأول من تكلم فيه وأول من ألّف فيه من العلماء ثم ناقش اتجاهات العلماء في التأليف في هذا الموضوع، أهم الكتب المؤلفة فيه، أسباب الطعن في القرآن الكريم وناقش في هذا المبحث لماذا هذه الحرب على القرآن الكريم؟

ثم أيضاً تحدث عن الحكمة من وجود المتشابه في القرآن الكريم وناقش ذلك بتفصيل ثم ذكر أنواع المطاعن ودعاوى الطعن في القرآن الكريم، ثم أيضاً خصص فصلاً لتنزيه كلام الله عن المطاعن وموقف السلف رحمهم الله ممن يثيرون المطاعن حول القرآن الكريم وهذه مهمة لطالب العلم وللمثقف المسلم لكي يعرف كيف واجه سلفنا الصالح رضي الله عنهم هذه الطعونات التي كانت تثار من الفرق المخالفة.

ثم في الباب الثاني وهو باب تطبيقي قيّم توقف مع عدد كثير من الطعانين في آيات القرآن الكريم ورد عليها أولاً رد عليها ردوداً إجمالية فتحدث عن أدلة صدق القرآن وإعجازه والتحدي به وشهادة الكفار وأهل الكتاب وأعدائه وصدقه ثم ناقش الوحدة الموضوعية لكل سورة وأشار إلى عدم التناقض ثم وقف على ردود تفصيلية لبعض الطعون مثل التشكيك في نسبة القرآن إلى الله تعالى، دعوى أن القرآن من عند النبي صلى الله عليه وسلم وهذه من أشد الشبهات وأكثرها رواجاً قديماً وحديثاً، دعوى أن القرآن نقل من غيره بعضهم يقول من التوراة، من الإنجيل وهذا كلام فارغ لا قيمة له لكنه موجود ومنتشر في كتب الطاعنين فتوقف معه المؤلف، أيضاً دعوى جواز نقد القرآن وجواز مخالفته أيضاً رد عليها، أيضاً تحدث عن زعم أنه غير محفوظ وأن هناك نقص في القرآن أو زيادة وأيضاً هذه رد عليها برد رائع، تحدث عن النسخ في القرآن الكريم والطعن فيه من هذا الباب وأنه لا يوجد نسخ أو بعضهم يبالغ في وجود النسخ، أيضاً تكلم في مبحث مهم جداً عن اتهام القرآن بمعارضة الحقائق أن القرآن الكريم فيه معارضة للحقائق الشرعية أو بعض الوقائع التاريخية أو الحقائق الكونية وأثبت أن هذا كله غير صحيح وأسلوب الكتاب أسلوب سهل ميسر ويستطيع أن يقرأه المثقف العادي بسلاسة وبسهولة الكتاب في مجلد كما قلت لك طبع في دار البشائر في بيروت أربع مئة وثمانين صفحة تقريباً أكرر عنوان الكتاب للإخوة المستمعين الكرام “دعاوى الطعانين في القرآن الكريم في القرن الرابع عشر الهجري والرد عليها” تأليف الدكتور عبد المحسن بن زبن المطيري من دار البشائر الإسلامية كتاب قيّم ومفيد لمن يريد أن يتعرف على الشبهات المثارة حول القرآن الكريم وكيفية الرد عليها في أسلوب سهل ميسر.

******************

الفقرة الرابعة: مناهج المفسرين مع الدكتور خالد بن عثمان السبت عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام.

******************

الشيخ خالد السبت: سيكون حديثنا في هذه الحلقة عن تفسير القرآن لابن المنذر وهو الإمام الحافظ الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه الشافعي نزيل مكة وصاحب التصانيف ولد في حدود سنة إحدى وأربعين ومائتين وكان جامعاً بين الحديث والفقه مع التمكن في ذلك كله يقول عنه الإمام النووي رحمه الله: له من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه فيه أحد وهو في نهاية من التمكن من معرفة الحديث وله اختيار فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه بل يدور مع ظهور الدليل. انتهى كلامه رحمه الله، وقد أرخ بعضهم وفاته في سنة ثمانية عشرة وثلاث مئة رحمه الله رحمة واسعة ويعد هذا الكتاب من المصنفات الكبار في التفسير بالمأثور قال عنه الذهبي رحمه الله: ولابن المنذر تفسير كبير في بعضة عشر مجلداً يقضي له بالإمامة في علم التأويل. كما اعتبره الحافظ ابن حجر رحمه الله  أحد التفاسير الأربعة التي قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين وقال عنه الداودي: لم يصنف مثله. وطريقته في هذا التفسير أنه يورد الروايات متتابعة بالأسانيد غالباً من غير تعليق أو تقسيم مرتب على الأقوال في الآية كما يصنع أبو جعفر ابن جرير رحمه الله وهذه الروايات تتنوع فمنها المرفوع وغير المرفوع وبعضها من الإسرائيليات وهي متضمنة إضافة إلى التفسير للقراءات وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والأخبار والقصص إلى غير ذلك مما نجده في كتب التفسير بالمأثور غالباً كما أنه يكثر الرواية عن محمد بن إسحاق كما يروي عن جمع من أهل اللغة كالفراء وأبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي عبيد القاسم بن سلام وقد يذكر بعض الأقوال معزوه إلى أصحابها من غير إسناد لكن ذلك قليل إذا قُورِن بما يرويه بإسناده، والكتاب يعد من الكتب المتوسطة في التفسير بالنظر إلى ما تضمنه من المرويات فعندما نقارن عدد المرويات التي حواها الكتاب مع ما في تفسير ابن جرير نجد أن ذلك يقرب من النصف مما في تفسير ابن جرير رحمه الله وهذه المقارنة إنما هي بالنظر إلى القطعة التي وصلتنا من الكتاب وذلك من الآية الثانية والسبعين بعد المئتين من سورة البقرة إلى الآية الثانية والتسعين من سورة النساء وقد بلغ مجموع الروايات فيه بحسب ترقيم المحقق ألفين ومئة وتسع روايات بينما نجد في تفسير ابن جرير في هذا الجزء ما يربوا على الضعف من هذا العدد، هذا ويعد ما سوى هذا الجزء من الكتاب في عداد المفقود وما يريده بعض المتأخرين كالحافظ ابن حجر في العجاب والسيوطي في الدر المنثور من الروايات المنقولة عن هذا الكتاب يدل على أنهما وقفا عليه والله أعلم، كما يوجد على حاشية المجلد الثاني من النسخة الخطية لتفسير ابن أبي حاتم نقولات منتخبة من تفسير ابن المنذر كما هو الشأن بالنسبة لتفسير عبد بن حميد وقد مضى الكلام على ذلك ولو قارنا بين تلك المنقولات المنتخبة من تفسير ابن المنذر وبين التفسير نفسه أعني القدر الذي وقفنا عليه فإن ذلك يعطينا تصوراً أكثر دقة لحال تلك الحاشية سواء ما نقل فيها من تفسير ابن المنذر أو تفسير عبد بن حميد والله أعلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

******************

د. يوسف العقيل: إلى هنا أيها الإخوة الكرام نصل إلى ختام هذه الحلقة لنا بكم لقاء قادم بإذن الله تعالى نسعد بتواصلكم على هاتف البرنامج 0541151051 وإلى لقاء مقبل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.