البشائر

البشائر – الحلقة 18

اسلاميات

البشارة الثامنة عشرة:

من البشائر العظيمة قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج) والله سبحانه وتعالى يدافع عن الذين آمنوا سواء كانوا جماعات أو أفراد أو دولً ما داموا من الذين آمنوا ويعملوا الصالحات وهذا من نسق منصنع الله تعالى منذ خلق آدم الى أن تقوم الساعة. فقد نجّا الله تعالى الأنبياء ومن آمن معهم وأهلك أعداءهم ومناوئيهم وعندما تكون هناك مدافعة فالأمر فيه حرب أو خصومة وأن جميع الدعوات والأنبياء والرسل الذين أرسلهم لبيلّغوا عن ربهم رسالاته تعرضوا لعداءات غير منطقية وكانت شرسة يعجز عنها النبي المعني ومن آمن به حينئذ يتصدى الله تعالى للدفاع عن الذين آمنوا (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) يوسف) (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) حقاً تعني أمر ثابت وقانون من قوانين الله تعالى ثابت لا يختلف. كلنا يعرف ماذا قال تعالى بقوم نوح حيث أغرقهم وقوم صالح وقوم هود وقوم فرعون وهكذا (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت) هذا النسق استمر ولم يختلف يوماً واحداً وقد نجى الله موسى وابراهيم وصالح وهود ونوح وهكذا هي سُنة الله تعالى في خلقه يدافع عن الذين آمنوا وفي بدر قال تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) الانفال) وقد دافع تعالى عن رسوله r وصاحبه في الهجرة في غار ثور واستمرت الحالى الى يومنا هذا ما كان المؤمنون مؤمنين يتعرضون لأذى شديد أو حرب ضروس أو فرق ضالّة يتدخل تعالى بأسباب وبدون أسباب وكلنا نعرف ماذا حدث يوم حنين (ويوم حنين) هذه الخوارق التي تدل على نصرة الله تعالى ودفاعه عن المؤمنين متواترة ولا تقبل التخلف والخطأز ثم استمر الحالة بعد ذلك (سارية الجبل، اليرموك، وغيرها من المعرك الضروس التي كان فيها المؤمنون قِلّة وضعفاء والكفر مستشرياً حيث أنزل الله تعالى سكينته وأنزل جنوداً لم تروها.

هذا في حالة الحروب أما في حالة الخصومة فما من فترة من فترات التاريخ تعرّض فيها الاسلام الى تضليل وبِدَع وانحراف من أعداء كان لهم قوة في جزء من الأزمنة إلا اضمحلت تلك الفرق المعادية وبقي الاسلام نقياً صافياً لا يقل قيمة ومناعة عن التقدم ولو استعرضنا تاريخ الاسلام نجد ان فترات طويلة منه استحكم فيها أعداء الاسلام من حكومات ملحدة أو دهرية أو مبتدعة نصبت المشانق للعلماء والصالحين والملتزمين وكذلك لما استولى الشيوعيون على جمهوريات اسلامية شرّدوهم ثم زالت تلك القوة وبقي الاسلام ناصعاً.

هذه السُنّة مضطردة الى يوم القيامة بشرط واحد وهو إذا كان المؤمنون مؤمنين وحتى يكونوا مؤمنين لهم علامة اساسة وهي أن لا يسمحوا بظهور المعاصي واستشراؤها حتى تستحكم فيهم علانية كم قال r: “إذا شاع الخمر والربا والزنا رفع الله يديه عن الخلق فلا يبالي بأي واد هلكوا” إن الله يدافع عن اذين آمنوا إذا كانوا من المؤمنين حقاً وليس من شأن المؤمن أن تستبد بمجتمعاتهم الذنوب والمعاصي والكبائر حتى تصبح حالة مستقرة ورسمية يدافع عنها وهم صامتون ساكتون ولذها فليس من شأن المؤمنين وإن كان هناك مؤمنون من أي نوع من الايمان ثم لا يقفون سدّاً أمام استشراء الباطل وفي الحديث الشريف يقول r: كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر فقالوا أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال r وأشدّ منه كائن. كيف أنتم إذا رأيتم المنكر وعروفاً والمعروف منكراً فقالوا أوكائن ذلك يا رسول الله؟ قال r وأشدّ منه كائن قال ميف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟

نحن نسمع في بعض المجتمعات الاسمية حكومات تمنع الحجاب والصلاة وهذه مجتمعات لا تستحق أن تطبق عليها القوانين الالهية من حيث أن الله تعالى تكفّل أن يدافع عن المؤمنين من أفراد وجماعات ودول وينصرهم فإن في ذلك خروجاً على القاعدة التي تستدر ذلك القانون. ومن هنا نعلم أن مصيبة المسلمين في ضعفهم وقهرهم وتخلفهم ليس ناتجاً عن عدوهم وإنما أسبابه كامنة في مجتمعاتهم فالمسلمون يؤخذون من حصونهم فهم يُقهرون في بلادهم في أنفسهم فيتجرأ عليهم العدو حيث يرفع الله تعالى يديه عنهم فلا يبالي بأي واد هلكوا. من أجل ذلك إذا أردنا أن ننتهي من الذل فعلينا أن نكون مؤمنين مؤمنين ولا نسمح بأن يكون الباطل المستشري حالى مستقرة ثابتة تخرجنا من دائرة الايمان وتلحقنا بمن ليس من هذا الوصف من دول العالم الأخرى وعلينا أن نتولى أنفسنا بأنفسنا من غير أن نطمع في أن يدافع عنا الله تعالى أو ينصرنا عز وجل لأنه يجافع عن الذين آمنوا . فأسأله تعالى أن يجعلنا من الذين آمنوا ونكون من المؤمنين حقاً لكي يدافع الله تعالى وهذا الأمر آت لا محالة لأن الأمة دائماً تمر بضعف وقوة ولا بد أن القوة آتية بعد الضعف.