لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 23 – الفاتحة

اسلاميات
الحلقة 23

 

إهدنا الصراط المستقيم:

 

الصراط هل قراءة (سراط) بالسين هي خلاف الرسم؟

 

القراءة المشهورة جمهور القراء قرأوها بالصاد. هو أصل الفعل بالسين (سرط) هذا الأصل، لكن بسبب الطاء النطق العربي حوّل السين إلى صاد فصاروا يقولون الصراط. فقراءة السراط وإن كان الذين قرأوا السراط أقل ممن قرأ الصراط ولكن هي قراءة سبعية أجازها رسول الله r بأمر من ربه. من شروط القراءة الصحيحة موافقة رسم المصحف فلما يرى الإنسان الصاد رسمها غير رسم السين يمكن أن يقول أن هذه خلاف الرسم. لكن بعض الأصوات تختلف في السمع وحتى في الرسم أحياناً وهي في حقيقتها صوت واحد. نوضح الكلام قليلاً: حاولت أن أصطنع جملة إنجليزية والعبارة سهلة ميسورة، الحرف الذي بين t و r في ألف باء الإنجليزية. S ماذا يقابل في أصوات العربية؟ حرف السين. لكن إسمع نطق هذه الجملة: as you know this is for us نجد هنا الرسم s قد لُفِظ بصور: (as) لا هو زاي ولا هو سين ولا هو صاد لكن رسمه بهذه الصورة المعقوفة s لكن الإنجليزي ينطقه (آز) مثل كلمة ظلم وظالم الذي يعبّر عنه علماؤنا أنه الزاي المطبقة أو الصاد المجهورة يهتز معها الوتران. (this) هذه السين ورسمها هو هو لم يتغير. (is) خرجت زاياً والرسم هو هو، (us) صاد. هذه أصوات الصفير يمكن أن الرسم يكون بصورة والنطق يكون بصورة أخرى متفقة مع ما جرى عليه العرف في النطق ولا يكون هذا مخالفة للرسم بمعنى أنه عندما يقرأ عبد الباسط (لست عليهم بمسيطر) (لست عليهم بمصيطر) بالسين والصاد وقرأها بالزاي المطبقة التي هي كالضاد العامية في مصر. هو رسم واحد لكن نطقه بأكثر من صورة تماماً كما أن رسم s الإنجليزية واحد لكن أهل لغتهم ينطقون به بأكثر من صورة فهذا لا يدخل في إختلاف الرسم. كذلك مثلاً اللام ممكن أن تأتي مفخمة ويمكن أن تأتي مرققة: هي صوتان مفخمة ومرققة فلما يقرأ ورش (الصلاة) مفخمة لا يقال هذا مغاير للرسم لأن هذا الرسم ينطق بطريقتين (الصلاة مفخمة) و(الصلاة مرققة) فإذن لا نقول قراءة السين مخالفة للرسم لأن هي رسمت هكذا لكن تتحمل هذا النطق. كما أنه رسم s واحد لا يقال لمّا تقول is هذا مخالف للرسم أو كيف ترسم سين وتنطق زاي؟ هو هذا الصوت يُنطق بأكثر من طريقة. المعنى لم يتغير (مسيطر أو مصيطر) فإذا تغيّر المعنى نقول تغير الرسم لأنه عند ذلك تكون كلمة أخرى مغايرة مثل سعد وصعد والسعادة غير الصعود تغيرت الدلالة. تغير الدلالة يشير إلى أن هذا الصوت كما يعبر عنه الآن (فوني) لكن لما لم تتغير الدلالة يقال له (ألافون). الدلالة لم تتغير وإنما هو تنويع مثل تنويع النون: إظهار، إخفاء وغيرها. يجوز قول السراط لأنه وردت فيه قراءة سبعية فإذا لم ترد فيه قراءة سبعية التغيرات الصوتية عند ذلك ينبغي أن نحافظ فيه على النطق السليم . أحياناً وجود صوت الدال المجهورة وقبلها الصاد يؤدي إلى تحول الصاد إلى الضاء العامية (ظ). لو جئت لشخص وقلت له إقرأ: حتى يصدر الرعاء يقرأها يظدربسبب الدال. هذا إذا لم ترد فيه قراءة سبعية متواترة يُمنع. ننظر هل وردت قراءة (يظدر)؟ إذا وردت قراءة سبعية نقول على تلك القراءة وإذا كنت أنت تقرأ برواية حفص ينبغي أن تظهر الصاد خالصة ما دمت إلتزمت قراءة حفص عن عاصم. هذا فيما يتعلق بالفرق بين السراط والصراط طبعاً والقراءة المتداولة هي بالصاد (الصراط). لكن إذا سمعنا أحداً يقرأ برواية أخرة بالسين لا نثور عليه وإنما هي قراءة سبعية أقرها رسول الله r بأمر من ربه وليس من عند نفسه r.

المستقيم:

في الهندسة يقولون أن الخط المستقيم هو أقصر بُعد بين نقطتين. فكأن المسلم يدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله في أقرب الطرق (الصراط المستقيم) الذي هو أقرب الطرق. والمستقيم لا يكون متعباً معوجاً لأن يكون طويلاً إذا لم يكن مستقيماً. وهذه الإستقامة التي يروى في الأثر ولا أعلم صحة الحديث أن الرسول rr قال: شيبتني هود لأنه فيها (فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك) هذه الإستقامة أن يكون الإنسان على الطريق,.

لما قال إهدنا الصراط المستقيم يُفترض أن ينتهي عند هذا القول لكن كأن الصراط المستقيم كلام عام وأريد له أن يُبيّن ما المقصود بالصراط المستقيم للتفصيل. الصراط المستقيم هو دين الله تعالى لكن كأنما أريد له أن يفصل: الصراط المستقيم: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين. علماؤنا هنا يقولون البشر في الأصل صنفان: مُنعم عليهم (مؤمنون) وغير مؤمنين، غير المؤمنين صنفان: علماء لم يتبعوا الدين (علموا الدين ولم يتبعوه) وأناس لم يعلموا هذا الدين. فالذين أنعمت عليهم من المؤمنين، من الصالحين من أتباع هذا الدين، غير المغضوب عليهم العالم الذي ينحرف عن دين الله يُغضِب الله سبحانه وتعالى فهذا فريق (فرق الذين علموا الحق ولم يتبعوه) (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) البقرة) هو يعلم الحق. الوليد بن المغيرة كيف وصف القرآن؟ قال إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة.. وصفه حتى قيل له أصبأت؟ قال لا. (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فصلت) لو فتحوا قلوبهم لآمنوا لكنهم يعرفون وينحرفون فهؤلاء يُغضبون الله سبحانه وتعالى فهم مغضوب عليهم لأنهم علماء إنحرفوا.

الفريق الآخر: الضالون الذين لم يعرفوا شيئاً. فالمسلم يدعو الله عز وجل أن يرزقه الصراط المستقيم لا صراط هؤلاء ولا صراط هؤلاء فهذه قسمة حاصرة كما يقولون. هم ثلاثة أصناف لا مجال لرابع. لا يكفي الصراط المستقيم هذا موضع إيضاح وتفصيل. رب العزة يعلّمنا أن نقصد بالصراط المستقيم (صراط الذين أنعمت عليهم) على مر العصور فالمسلم ضمن قافلة طويلة ممتدة. صراط الذين أنعمت عليهم هذا توضيح للصراط المستقيم وبيان له كما يقول الشاعر (أقسم بالله أبو حفص عمر) أبو حفص معروف أنه عمر لكنه حاول أن يبيّن لعلّ هناك أبو حفص آخر. (إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) لا توهم بأن هناك صراطاً آخر. هؤلاء لا يكون لهم صراط مستقيم لأنه بين نقطتين لا يكون إلا خط واحد لأن الخط عبارة عن مجموعة مقاط.

هل كلمة الصراط توحي بالإستقامة؟

كلا، الصراط هو السبيل الواسع لأن كلمة (فعال) فيها معنى الإشتمال يشتمل على كل ما فيه لا يضيق بما فيه بغض النظر عما إذا كان مستقيماً أو متعرجاً. ولذا لا بد من قول المستقيم لعدة معاني: مستقيم حتى يبيّن إستقامته ليس فيه إعوجاج وليبيّن أنه لا يوجد طريق مستقيم آخر بين نقطتين بينك وبين النهاية التي يريدها الله عز وجل لك لا يوجد إلا طريق واحد بخط واحد بمستقيم واحد وهذا فعله الرسول rr خطّ خطاً في الأرض وقال هذا صراط الله المستقيم وخط خطوطاً على جانبيه وقال: هذه السبل وعلى راس كل سبيل شيطان يدعو إليه. لا يوجد إلا دين واحد، طريق واحد يوصل إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى خط مستقيم لا يحتمل التعدد، يقولون خطي أو منهجي لا يتعارض مع الإسلام، يوازي الإسلام هذا الكلام كله لا ينفع، منهجك الإسلام ولا يكون بين نقطتين إلا مستقيم واحد يمكن أن يكون بينهما أكثر من خط متعرج أو منحني لكن هناك مستقيم واحد.

ما دلالة استخدام صيغة الماضي في (أنعمت عليهم)؟

حينما يقول تعالى (أنعمت عليهم) أولاً معناها هناك تجربة سابقة لمن أنعم الله عز وجل عليهم. هذا شيء والشيء الآخر حتى يحسّ المسلم أنه جزء من قافلة فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على أناس وجعلهم على هذا الصراط من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً. فهو أولاً طريق قديم أنعم الله سبحانه وتعالى على هؤلاء منذ آدم ِu. لو قال : تنعم عليهم سيكون الكلام على الحال والإستقبال يقطعه عن السابقين الماضين. لما نقول: أنعمت عليهم تعني نحن ستنعم علينا فالذين يأتون من بعدنا يدعون أن يكونوا على حالنا فالإنعام دائماً متجدد. كلما تأتي أمة تدعو الله أن ينعم عليها كما أنعم على من سبقها.

هل بالإمكان في غير القرآن قول: صراط المنعَم عليهم؟

لما يقول أنعمت: هذه التاء خطاب الباري عز وجل، أنت يا رب فيها ذكر الله عز وجل وأنه هو المنعم بينما لو قال في غير القرآن صراط المنعم عليهم تغيب هذه الصورة ويسأل القارئ من قِبَل من هذا الإنعام؟ فالإسناد المباشر إلى الله تعالى فيه هذه اللمسة على قلوب المؤمنين. لما يقول صراط الذين أنعمت عليهم: ماضي الخطاب مع الله سبحانه وتعالى.

هل بالإمكان قول غير المغضوب عليهم وغير الضالين أو غير المغضوب عليهم والضالين؟

لو قال في غير القرآن غير المغضوب عليهم والضالين سيجتمع الفريقان كأنه شيء واحد بصفتين: مغضوب عليهم وضالين. هناك فريقان غير المغضوب عليهم هذا فريق والضالين فريق آخر. ولو قال غير المغضوب عليهم والضالين كأنه يعني مغضوب عليهم وضالين هم نفسهم. ليس شرطاً أن العطف يفيد المغايرة: نحن نقول: زيد كريم وفاضل أي فيه صفتنا وهو نفسه. هؤلاء غضب الله عليهم وضلوا فيكونون فريقاً واحداً والله تعالى يريد أن يبيّن أن الناس هنا غير المؤمنين فريقان صنفان فتفوت حينئذ فكرة أنهم على صنفين.

لكن ممكن أن يتحصل هذا المعنى (معنى الصفتين) بغير (لا) أن يقول (وغير الضالين) وتكون مناسبة (غير وغير) أو(و ليس الضالين) غير وغير أحسن من ليس لأن غير وغير تبقى محافظة على الغيرية. علماؤنا يقولون: لما يقول غير المغضوب عليهم تكوينهم غير تكوين الضالين وحسابهم غير حساب الضالين وجرمهم غير جرم الضالين. المغضوب عليهم قلنا أنهم الذين علموا وانحرفوا (والبعض يقولون أنهم المغضوب عليهم هم اليهود والضالين النصارى ونحن ى نخوض في هذا ولكن نأخذ النص من حيث اللغة على عمومه. المغضوب عليهم هم الذين عرفوا الطريق ولم يتبعوه وانحرفوا وحساب هذا العارف بالطريق ولم يتبعه غير حساب الذي لم تبلغه الدعوة أو لم يعرف فالضالّ أقل جُرماً من الذي يعرف الطريق وينحرف. الآن لو قال (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) سيجعلهم بمنزلة سواء (غير وغير). إستعمل لهم الحرف (لا) لم يستعمل الإسم (غير) والإسم أقوى من الحرف. (غير المغضوب عليهم* لهؤلاء الذين عرفوا وإنحرفوا ثم إستعمل الحرف (لا) الذي هو أقل شأناً وفيه معنى التوكيد (ولا الضالين). لكن هؤلاء هم أقل منزلة في الجرم، أقل جرماً من هؤلاء العارفين هذا المعنى أقل جرماً وصنف ثاني يكون لما نقول (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) يقرّبهم كأنهم في نفس المستوى. كلا، العارف المنحرف غير الجاهل في حكمه وفي حسابه. من حيث الدلالة: الغيرية تكون شاملة و (لا) تكون مؤكدة للنفي (أكّدت نفي (غير) الأولى لكنها أقل رتبة لأنها حرف والحرف أقل من الإسم ثم هو أقل من الفعل (ليس) ولذا لم يقل (و ليس من الضالين) أيضاً كانت في مرتبة أدنى. أما لماذا قدّم المغضوب عليهم على الضالين فلأن مصيبتهم أكبر فلا بد أن يبدأ بهم.

لمسة نطقية:

كيف ننطق المغضوب عليهم ولا الضالين؟ هذا الصوت: المغضوب عليهم (بالضاد) والضالين (الضاد) وأهل العراق والخليج ويقرأوها بـ(الظا). لو جئنا إلى كلام علمائنا القدماء: علماؤنا وصفوا الأصوات وصفاً دقيقاً في غاية الدقة بحيث الغربيون هناك مستشرق إسمه أي شاده كتب بحثاً قيماً في العشرينيات: “الأصوات اللغوية عند سيبويه وعندنا” ونقل كثيراً منه الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه “الأصوات اللغوية”، يُبدي بالغ إعجابه بعقلية علماء العربية القدماء بوصف الأصوات يقول : الآن نحن وصلنا إلى هذه الدقة بالأجهزة وهم وصلوها بالتجربة الذاتية. فلما ننظر في وصفهم لهذا الصوت (الضاد) نجد أنه مخالف مخالفة كلية لنطقنا الحالي. كيف؟ لم أسمع من ينطق الضاد كما وصفه علماؤنا الآن في أي لغة من اللغات.

أولاً مقدمة يسيرة: فكرة التحول في الصوت ليست غريبة وليست بدعة، الأصوات تتحول وهذا قانون لغوي عام لكن بسبب القرآن الكريم وعلماء التجويد حرصت الأمة على المحافظة على أصوات العربية كما وضعت قديماً وإلا نحن الآن القاف تنقلب همزة في بعض اللهجات (قلم – ألم) والجيم تنقلب قاف إلى كاف مجهورة بل إن الجيم لدى فصحاء بلد معين (مثل مصر) تحولت إلى كاف مجهورة حتى من يقرأ قصيدة أو أخبار في التلفزيون أو الإذاعة إلا من رحم ربي يقرأون (جمهورية، جمال) حتى إذا أرادوا أن ينطقوا الجيم جيماً يضعون تحتها ثلاث نقاط مثل (چيهان) لأنه لو كتبوها بالجيم تقرأ (جيهان). يكذب صارت يكزب، كزاب، كزب، هيثم صارت هيسم يُُكتب بالثاء وتنطق بالسين وفي المغرب العربي تُلفظ هيتم، الذال صارت دالاً والثاء صارت تاء والظاء صارت دالاً مطبقة عند الفصحاء إلا من يتقصد الفصاحة. الأصوات تتحول فليس غريباً أن يتحول صوت الضاد. الجيم الآن يعاني سيتحول وهو يتحول: في بلاد الشام صار (ج) وفي عموم بلادنا في العراق والخليج صار جيماً مركباً يبدأ شديداً وينتهي رخواً بحيث تحول من قمري إلى شمسي. الآن. بقراءتنا الإعتيادية نقول الحالة الجوية بدون لفظ اللام، من أين جاء هذا؟ الجيم شرب من الشين فصار مختلطاً، الشين شمسي فتحول اللام إلى جنسه (اجو). حرف الجيم ينازع وقد يموت وقد نحافظ عليه ونبقيه بسيطاً كما يُسمع من بعض أهل السودان (يخرجونه من وسط اللسان وسقف الفم).

هذا تحول طبيعي فلا نستغرب. نأتي الآن إلى كلام علمائنا: هذا كلام سيبويه وكتاب سيبويه نُقِل بالتواتر في شرحه يعني لا شك فيه وحُقق ونُشِر أكثر من مرة وموجود نسخ مخطوطة في المغرب ونسخ مخطوطة في المشرق مئات النسخ ويقال عنه قرآن النحو. هو كتاب مشهور ومطبوع ومحقق الآن ومنشور أكثر من طبعة وسيبويه توفي على الأرجح عام 175 للهجرة فكان مشافهاً للعرب واصفاً لأصواتهم ثم من جاء بعده نقل هذا الوصف بعلم وبمشافهة أيضاً ولا يقول أخطأ سيبيويه فأخطأ من جاء بعده من علماء اللغة وعلماء التجويد هذا الكلام ظلم. علماؤنا ما زالوا ينقلون منه: أحدث كتاب وهو ينقل من كتاب سيبويه يقول من أين مخرج الضاد؟

من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس الجانبية (يعني أن الضاد يخرج من الجانب وليس من الأمام) ومن الحروف: الشديدة التي يمنع الصوت أن يجري فيه، الدال مثلاً لما تقول (قد) ينغلق لا تستطيع أن تخرج دالاً طويلة، ومنها الرخوة وهي : … والضاد.. وذلك أنك إذا قلت أطـــــــس وانقض وأشباه ذلك أجريت الصوت إن شئت. لما تقول يشرب للتعليم تستطيع أن تُخرج شيناً طويلة لكن إذا أردت أن تقول يضرب لا تستطيع أن تخرج ضاداً كالشين لأن المجرى ينغلق فهذه إذن غير هذه. فهذا الضاد التي ينطقها بعض العرب أو المجودين هذه ليست ضاد العرب. إذا أردنا أن ننطقها ينبغي أن نتكلّفها ونتعلمها لأنهم كانوا يقولون من القديم: مكي إبن أبي طالب القيسي وأبو عمرو الداني وغير هؤلاء من علماء التجويد يقولون: وليس أعسر على اللسان من الضاد. الآن هو ليس عسراً إذن ما ننطق به ليس هو الضاد. تحتاجإلى لتدريب أن تجعل اللسان في الداخل، هم يقولون يمتد به الصوت إلى مخرج اللام: تجعل اللسان في الداخل وتحاول أن تخرج الصوت من الجانب. مكي إبن أبي طالب القيسي توفي عام 437 للهجرة يعني منذ ما يقارب الألف عام وهو من القُرّاء ممن أخذ القرآءة بالسند، ترك الأندلس وجاء إلى مصر وفي مصر أخذ القراءة بالإسناد إلى رسول الله r، يقول الضاد صعب لكن إجتهد أن تنطقها. فيقول: ” فلا بد للقارئ المجوّد أن يلفظ بالضاد ويعطي وصفها فيُظهر صوت خروج الريح عند ضغط حافة اللسان بما يليها من الأضراس عند اللفظ بها. هذا صعب ولكن نتدرب عليه. لا أقول له أي جزي الصوت قيقول جرى الصوت في داخل المخرج هذا ليس جرياناً. مكّي آخذ القراءة بالسند منذ ألف عام هو يقول: يجب أن يظهر صوت خروج الريح.

كيف ننطق الضاد؟ الآن ننطق الضاد أمامية شديدة وهي في لغة العرب جانبية رخوة فالمخرج والصفة مختلفان. إذا قرأنا (فإذا أفضتم من عرفات) أو (اضطررتم إليه) الضاد التي هي دال مطبقة هي أخت التاء وما دامت أخت التاء ينبغي أن يكون هناك إدغام فأنت هنا إما أن تُدغِم إدغاماً ناقصاً وهذا لم يقل به أحد لا من الأولين ولا من الآخرين، وإما أن تقلقل وما قال أحد لا من الأولين ولا من الآخرين أن تقلقلها. هذا مشكل والمَخْلَص أن نحاول أن نتكلّف او نعلّم التلامذة كيف ينطقون الضاد الصحيحة بخروج الريح من أحد الشدقين. فإن لم نستطع نأخذ بفتوى الإمام فخر الدين الرازي (604هـ): حتى نتخلص من مشكلة (أفضتم) و(اضطررتم) وا أشبه ذلك. هو يُفتي بنطقها ظاء ويقول: “المختار عندنا أن إشتباه الضاد بالظاء لا يُبطل الصلاة لأن المعنى معروف والتمييز عسر. المشابهة من وجوه: الأول أنهما من الحروف المجهورة والثاني أنهما من الحروف الرخوة والثالث أنهما من الحروف المطبقة والرابع أن الظاء وإن كان مخرجه من بين طرفي اللسان وأطراف الشفة العليا ومخرج الضاد من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس إلا أنه حصل في الضاد إنبساط لأجل رخاوتها وبهذا السبب يقرب من مخرج الظاء. التمييز عسر يين هذين الحرفين ليس في محل التكليف.”.

لا تقول كلمة (عين) لا يجوز أن تُستعمل إلا للباصرة، فإذا قلت شربت من عين باردة، تقول كيف وهذه العين التي نبصر بها؟ كلا فالسياق يبيّن المعنى. بل قُرِيء (وما هو على الغيب بضنين) (وما هو على الغيب بظنين) بالظاء وهي قراءة سبعية والرسم واحد بالصاد المنقوطة. ويقول الرازي: والتمييز عسر يين هذين الحرفين ليس في محل التكليف. تغير الأصوات يكون بمئات السنين حتى تتغير. فالمخلَص ليس بنطقه دالاً مطبقة لكن بالأصل أن ننطقه كما وصف جانبي رخو وهو أقرب إلى الظاء. ننطقه جانبياً رخواً ويمكن أن نمد به الصوت قد يكون هذا وقد لا يكون ولكنه أقرب من الضاد التي نلفظها أمامية شديدة. ويقولون من الشدق الأيسر أسهل ويحتاج إلى تمرين وإن لم نستطع ننطقه ظاء أخذاً بفتوى الإمام فخر الدين الرازي لأنه يختلف المخرج والصفة واحدة. الدلالة لا تتغير لأن السياق يشير إلى ذلك. كما قلنا العين: ربما العين تعني عين باصرة وعين ماء نعرفها حسب السياق. هم يقولون ليس أعسر على اللسان من نطق الضاد. في الوقت الحاضر بعض الكتّاب المعاصرين بعض الدراسات تنطقها هكذا (الضالين) يقولون نضيف إلى حروف القلقلة الضاد فتصبح الحروف (قطب جد ض) وهذا ليس من حقهم لكن هذا مقترحهم ما داموا ينطقونه هكذا.

بُثّت الحلقة بتاريخ 18/2/2006م

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 18/2/2006م:

الضال هم من لم يعرف فكيف نفهم قوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23 الجاثية)؟

ما أصل كلمة آمين التي نختم بها الفاتحة على أنها دعاء وهل لها بديل في لغة العرب؟

ما دلالة استخدام صيغة المضارع في قوله تعالى (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) الصافات) مع أن المنام من الماضي؟

ما سبب الإختلاف بين قوله تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)) و(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)) في سورة التوبة؟

(فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) الأعراف) (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة) (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) السجدة) كيف ينساهم الله تعالى؟

ما الفرق بين يتقون (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187))، تتفكرون (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266))، يتذكرون (وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221))، تعقلون (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)) في خواتيم الآيات في سورة البقرة؟ وكيف نميز بينهم في الحفظ؟

ما الفرق بين معنى الضلال في الفاتحة (ولا الضالين) و قوله تعالى (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) الشعراء) و(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) الضحى)؟

معنى الضلال في الآيات الثلاث واحد وهو عدم معرفة شرع الله سبحانه وتعالى. فموسى u فعل هذا قبل النبوة فهو لا يعرف شرع الله، والرسول rr لما يقول له الله عز وجل تعالى (ووجدك ضالاً فهدى) يعني لم تكن عارفاً شرع الله تعالى فهداك إلى معرفة شرع الله بالنبوة. فاضللال هنا عدم معرفة شرع الله وليس الضلال معناه الفسق والفجور وعمل المنكرات وإنما هو الجهل بشرع الله سبحانه وتعالى: غير الضالين، وموسى u قبل النبوة فعل هذا فكان جاهلاً بشرع الله ومحمد r لم يكن يعرف شرع الله تعالى قبل النبوة فالمعنى واحد 2009-01-30 19:15:58